حصريا من كتب العالم ، شاهد متجرنا لمزيد من الكتب العربية وأحدث الإصدارات في مختلف المجالات ، تصفح الصور لمعرفة المزيد عن الكتاب ، نوفر الكتب الأصلية للحفاظ على حق المؤلف والناشر والقارئ ، هدايا مجانية مع كل كتاب ، ابحث عن كتابتك باللغة العربية ، الرابط المباشر للمتجر
الكتاب جميل، هو ليس ردّا مجرّدا على كتاب "الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة"، وإنما إشارات في الردّ عليه، يخرج قارئه بنتيجة مذكورة في مقدمته:
ابن تيمية نموذج من نماذج الفكر الإسلامي، الذي استطاع تمثّل الحضارات السابقة دون أن يفقد هويته ثم قام بنقدها.
لقد أراد ابن تيمية للإنسان المسلم أن بفكر بعقله، ولا يدع أفلاطون أو أرسطو يفكرون له.
أراد ابن تيمية أن يكون الوحي هو منطلق العقل الإسلامي وأساسه لا الفسلفة والمنطق.
الكتاب تعليق على ما كتبه "سعود السرحان" في بحثه (الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة).. الذى جاهد لإثبات أن ابن تيمية الذي تحسبه السلفية أربح ورقة لها في التراث العقلي عامة، وفي الرد على الفلاسفة خاصة، ما هو إلا فقيهٌ حنبليٌّ احتاج في بعض ردوده إلى دراسة الفلسفة، فدرسها على كِبر، ملفقاً تارة، ونفعيّا تارة أخرى، وإننا خُدِعنا بقوله وصدقناه لأن نظرتنا التقليدية وجمودنا الفكري حال دون رؤية هذه الحقيقة، وأشبع بحثه بالعديد من المآخذه على ابن تيمية.
فأجاد الكاتب في الرد عليه، ودحض افتراءاته - والتى لم يُرِد لها أى نصوص يستشهد بها على ما ذهب إليه - وبيان تلفيقاته، بأسلوب غاية فى الحزم والثقة مورداً المصادر والأراء المؤيدة لردوده، موضحاً قيمة أراء ابن تيمية الفلسفية حتى عند مُخالفية.
رأي صاحبنا أبو خالد الهاشمي تعليقي الذي سطرته بالأمس على كتاب "ميراث الصمت والملكوت" للشيخ عبد الله الهدلق، فأرسل لي هذا الكتاب له أيضا.. شرعت فيه حتى أتممته، وهو كتاب صغير لطيف.
لئن كان "الهادي والهاذي" لا يبلغ شيئا من الجمال والمتعة التي لميراث الصمت والملكوت، فهو جدير أن ينبّه من جديد على سعة اطلاع صاحبه وعلى ذكائه، وعلى هذه الصفات التي طُبِع عليها من الخجل والملل والعزلة عن الناس.. إنه ليكتب ردًّا متينا نعم، ولكنه ردٌّ سريع متعجل، مكنوز بالعلم وبألفاظ من عميق المعاني ومن غريب الأدب لا ينتبه لها إلا من كان له حظ من ذلك.. فهو صاحب إشارات وتكنية وتورية وتلميح.
وانظر مثلا في الفارق بينه وبين إبراهيم السكران -فك الله أسره- في هذا.. فإن السكران رجل طويل النفس، متشابك مع واقع الناس، فهو يطعم قارءه عصارة الرد المفحم في ثوب سهل جميل ممتع، وانظر مثلا مآلات الخطاب المدني والتأويل الحداثي للتراث.. فثمة عقل متين وأدب سهل، وأما صاحبنا الشيخ عبد الله الهدلق فلا أحسب يصلح لفهم مرامي كلامه إلا من كان على قدر أعلى من عامة القراء في عصرنا الآن.. ولا أستبعد كذلك أن يكون في كلامه ما لم أفهمه، أو ما لم أدرك معانيه، فلست أراني على حظ من العلم، وعلم الله أني لست أتواضع.
هذا الكتاب ردٌّ كتبه الهدلق على سعود السرحان، وإنك إذا سألتَ السيد جوجل عن سعود السرحان فسيخرج لك أنه من ذوي المناصب الآن في العهد السلماني، ويمكنك أن تشنف أذنك بخطاب مبتذل ألقاه في مؤتمر لمكافحة التطرف والإرهاب إذ هو مدير مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامي.. هو رجل سلماني إذن!! وكفى بهذا أمرا تعرف به طبيعة صاحبه.
كتب سعود السرحان كتابا يتهم فيه ابن تيمة بأنه لم يفهم الفلاسفة، وأن تصوراته عنهم مشوهة، وأنه كان في رده عليهم نفعيا وتلفيقيا، وأمورا أخرى.. وهذا شيء يشبه قول محمد الغيطي في بديعته "الإخوان المسلمون هم من أسقطوا الأندلس".. إذ بينما ينتصب ابن تيمية جبلا عملاقا في دراسات الفلاسفة مهما كان يؤخذ منه أو يرد، إذ بمن يأتي فيقول بأن الرجل لا يفهم الفلاسفة.. كأنما كتب أحدهم يقول: أينشتاين لم يكن يفهم الفيزياء!!
ثم إن السرحان رأى في نفسه أن كتابه هذا سيمهد الطريق لفكر إسلامي جديد!!
وبعد أن كرَّ الهدلق عليه بعض الردود، ختم كلامه بهذا التشبيه الدُرِّي: يشبه أن يأتي أحدهم بخيمة قديمة لينصبها بين ناطحات السحاب، زاعما أنه سيعلم الناس مبادئ الهندسة المعمارية!
لئن كنتُ أوصي بقراءة "ميراث الصمت والملكوت" فلست أفعل ذلك في هذا الكتاب، هو كتاب قوي ومفيد نعم، ولكن باب الفلسفة هذا كله باب قليل الفائدة ضئيل المنفعة فيما أرى، وهو رياضة عقلية لا تكاد تُصْلِح دينا ولا دنيا، فمن لم يكن من أهل هذا الباب فلا أنصحه أن يدخل فيه.
وأسأل الله أن يوفق عبده عبد الله الهدلق، وأن يفتح عليه، وأن يمتع الناس بما عنده من العلم.
عبدالله الهدلق من الأدباء النقّاد الذين حين يكتبون تقول لنفسك: ليته لم يفرغ! بعد قراءتك له تتمنى أن تكون كل الردود بمثل هذه القوة والاختصار والتركيز الكتاب على صغر حجمه [ أقل من 120 صفحة ] هي ردٌ محكم على كتاب [ الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة] لسعود السرحان.
في هذا الكتاب تعلّمت أمرين مهمين: 1- إذا أردتَ أن تنقدَ قامة علمية عالية فعليك أن تكون خبيراً، أما المشاغبة فيحسنها كل أحد. 2- نحن لا نعرف عن ابن تيمية إلا القليل والله، وهو يستحق مزيداً من الاهتمام والاطلاع على تراثه وفكره.
أعرف أنّ كثيرين ينقدون عليه أشياء سمعوها من الإعلام ولم يطالعوها بنفسهم في كتبه، لكن العدل يقتضي مباشرة الأمر بنفسك.
في المرة القادمة حين تسمع من يطعن بابن تيمية في أي جانب من جوانب شحصيته تذكر هذا الكتاب. وابن تيمية ليس معصوماً وله هنات لكنها لا تجيء شيئاً في بحر علمه ودينه وعقله رحمه الله. استفدت أيضاً من أسماء الكتب التي أوردها الأستاذ عبدالله الهدلق في طيّات رده وهوامشه. قرأنه مرتين وسأعيد قراءته مرة ثالثة حتماً.
الهدلق كاتب وناقد وقارئ من الطراز العالي ، ومن المثقفين المحترمين ، في هذا الكتاب نقد أحد الكتاب العلمانيين المتجرئين على جناب إمام الملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .. ليحترم الإنسان عقله وقلمه إذا نزغه من شيطانه نزغ ليتحدث في أئمة الإسلام وأسياد العلم.. إن ابن تيمية من المجددين الذين حار في درك علومهم الموافق والمخالف .. وأنا أشهد أني ما قرأت كلام ابن تيمية رحمه الله إلا تحسست فيه أنوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ...ذلك فضل الله يوتيه من يشاء .. أسأل الله أن يرحم شيخ الإسلام فإنه والله من ورثة الأنبياء بحق..
الهدلق مميزٌ جداً في سرده، خلف كل جملة في كتابه تاريخُ اطلاع و ثقافة و معرفة، أحببتُ جداً الجلد "المؤدب" في ردّه لكنه مع أدبه موجع جداً ليس فقط لمن ردّ عليه و لكن لكل من تسوّل له نفسه التعالم والتناطح بقامته العلمية القزمة أمام شواهق قامات العلماء مثل ابن تيمية رحمه الله، ثمَّ إنه أجزل في تبيان براعة ابن تيمية رحمه الله و حذاقته في الردّ على شبهات الفلاسفة المتصوفة و نقل من بعض رده قبسات مدهشة دالّة على ذكاء متوقد و فهم واسع. رحم الله شيخ الإسلام، و أثاب الهدلق عنه خيراً.
تمنيت لو أن سيد قطب وعبد الوهاب المسيري - رحمهما الله - قد عرفا تراث ابن تيمية وأفادا منه، لا أكاد أجد له ذكراً ولا أثراً فيما كتباه.. لو كانا توافرا على تراثه؛ لرأيت نقلة رائعة في كتابات هذين الكبيرين، ولقرأت إضافة ثرية في فهم بعض نصوصه، وقراءة جوانب من شخصيته.
احزن أن الشيخ عبدالله الهدلق مختفي لا يكتب ولا يحاضر موسوعة والية عمل عقل عظيمة
الحمد لله وحده .. فهذا كتاب لـ عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق، سمَّاه مؤلفه: الهادي والهاذي ابن تيميَّة.. جلَّاد الحِكمةِ المصلوبة
قال في صـ 12: ..قرأتُ ما كتبه سعود السرحان في بحثه «الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة»، ومع أَنَّي تهيَّبتُ أوَّلَ أمري ولوجَ «مدخل مظلم» عُلِّقتْ على بابه «حكمة مصلوبة» تقطر دماً! إلا أني اتخذتُ شيئاً يشبه ذاك الذي يضعه مرتادو الأغوار والكهوف على رؤوسهم فينير لهم الطريق.. ودخلتُ. أهـ
الكتاب يقع في 106 صفحة.
- استهلَّ المؤلف كتابَه بنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب (الرد على المنطقيين)، تحت عنوان: قصورُ العَقْل. - قَبْل البَدْء: إضاءةٌ لمدخلٍ آخر صـ 9 - ثم قال صـ 14: ثمَّ ستة محاور رئيسة في هذا البحث سأقرأها مع صاحبنا، ثم أعرض بَعْدُ لشيءٍ من مثل ما نحن بسبيله.
المحور الأول: النظرةُ التقليديَّةُ الجامدة التي تعامل بها السلفيُّون مع تراث ابن تيمية في الفلسفة. صـ 17 - العقلُ الفرد صـ 19 المحور الثاني: تأخُّر دراسة ابن تيمية للفلسفة. صـ 29 - أعانك الله على عقلك صـ 34 المحور الثالث: اعتمادُ ابن تيمية على مصادر غير دقيقة في حكايته لمقالات فلاسفة اليونان. صـ 39 - اللهمَّ كثِّر في الثَّالبي تُراثِ ابنِ تيميَّة من أمثاله صـ 41 المحور الرابع: بناءُ ابن تيمية دراستَه للفلسفة على «التلفيق» و«النفعية». صـ 55 - الحر��ةُ الدَّيالكتيّة صـ 57 المحور الخامس: مآخذُ أخَذها الباحثُ على ابن تيمية. صـ 67 - الحَوَلُ الفِكْرِيُّ صـ 69 المحور السادس: موقفُ ابنِ تيمية من المنطق. صـ 85 - لِمَ أغَذَّ صاحبُنا السَّيْر؟ صـ 87
وهذه الفوايد قد أفدتها من الكتاب: صـ 7: "وأما سائر الصِّفات المشتركة فقد لا يمكن الإحاطةُ بها، ولا ريب أنه كُلَّما كان الإنسانُ بها أعلم كان بالموصوف أعلم، وأنه ما من تصوُّرٍ إلا وفوقه تصوُّرٌ أكمل منه، ونحن لا سبيل إلى أن نعلم شيئا من كل وجه، ولا نعلم لوازمَ كُلِّ مربوب ولوازم لوازمه إلى آخرها.. فإنه ما من مخلوق إلا وهو مستلزم للخالق، والخالق مستلزم لصفاته التي منها علمه، وعلمه محيط بكل شيء. فلو علمنا لوازمَ لوازمِ الشيءِ إلى آخرها.. لزم أن نعلم كلَّ شيءٍ وهذا ممتنعٌ من البشر. فان الله - - هو الذي يعلم الأشياءَ كما هي عليه من غير احتمال زيادة، وأما نحن فما من شيء نعلمه إلا ويخفى علينا من أموره ولوازمه ما لا نعلمه". ابن تيمية،الرد على المنطقيين، صـ 117 صـ 11 أما ابن تيمية فإنه نموذج من نماذج الفكر الإسلامي، الذي استطاع تمثُّل الحضارات السابقة دون أن يفقد هويته؛ ثم قام بنقدها. ...
لقد أراد ابن تيمية للإنسان المسلم أن يفكر بعقله ولا يدع أفلاطون أو أرسطو أو أفلوطين يفكرون له."
[محمود ماضي، جذور علم الاستغراب، وقفة مع الرد على المنطقيين لابن تيمية، ص5، 6.] صـ 12 - 14
تكمُنُ مشكلة بعض زملائنا الذين تسرّبوا من مدرستنا السلفية في تَوَهُّمه أنه حين يكتب شيئاً ثقافياً؛ إنما يؤسس لمرحلة مهمة من تاريخ حياتنا الثقافية، وتظلُّ تُداعب خيالَه أسماءُ: الطهطاوي، والأفغاني، وقاسم أمين، ومحمد عبده، وعلي عبدالرازق، وأحمد لطفي السيد، وطه حسين... فيلقي في "شيئه الثقافي" هذا بعض الكلمات؛ عسى أن يهتدي إليها دارسو تراثه في المهرجان الذي سيقام بمناسبة الاحتفال بالمئوية الأولى لولادته! وذلك كقول صاحبنا في مقدمة بحثه: "تتجاوز أهمية هذا البحث مجرد كونه عرضاً لموقف ابن تيمية من الفلسفة إلى توضيح آثار هذا الموقف على الواقع العلمي والثقافي في السعودية"، وقوله: "وحسبي أن أكون مهدت الطريق أمام هذه الدراسات، التي سيكون لها الأثر الكبير ليس على الفكر السلفي فقط، بل وعلى الفكر الإسلامي بصورة عامة".
[هامش صـ 13: في: الإمتاع والمؤانسة، لأبي حيان التوحيدي، 1/66: "..أول من أفسد الكلام أبو الفضل[ ابن العميد]، لأنه تخيّل مذهب الجاحظ وظن ّ أنه إن تبعه لحقه، وإن تلاه أدركه، فوقع بعيداً من الجاحظ، قريباً من نفسه؛ ألا يعلم أبو الفضل أن مذهب الجاحظ مدبَّرٌ بأشياء لا تلتقي عند كل إنسان، ولا تجتمع في صدر كلِّ أحد: بالطبع والمنشأ والعلم والأصول والعادة والعمر والفراغ والعشق والمنافسة والبلوغ؛ وهذه مفاتح قلما يملكها واحد، وسواها مغالق قلما ينفك منها واحد". عن التوحيدي في بعض تراث ابن تيمية: عبد الأمير الأعسم، أبو حيان التوحيدي في كتاب المقابسات، صـ22. ]
هنا أسئلةٌ تتردد في ذهني كثيراً حين أرى بعض من فشلوا في مشروعهم السلفيِّ يعودون فيشغبون على مدرستنا: - ما بالهم لا يذهبون إلى المدارس المجاورة فيقذفون نوافذهم بالحجارة كما يفعلون معنا؟ - أهي نظرية الثَّأْر التي تملكُ على الإنسان عقلَه فتُحيلَه إلى مَوْتورٍ يحمل سلاحه ويمشي يترنَّحُ به في الطرقات على غير هدى؟ - أشعورٌ بالنقص ينتاب هذه الأنفس كحال كلِّ من عَجَزَ عن تحقيق كمالٍ كان ينشُدُه؛ يحملها على أن تعْمَدَ في تفكيرها إلى شيءٍ من الشذوذ، حتى يكون لها نوعٌ من خصوصية الذات وتفرُّدها؟ - أم هي نشوة المعرفة المُتوهَّمة تمشَّتْ في عقول هؤلاء؛ فأرادوا للطُّهْر أن يشاركهم اللذة الأثيمة، بكأس المخرج الإباحي فاديم، على ألحان اغتراب الوجودي كافكا، لنشيد نيرودا الذي ترنَّم به قيفارا مع الرِّفاق في أحراش بوليفيا؟
صـ 22: أعلم من قراءتي هذا البحث أن كاتبه يظن أن حجم الإبداع يقاس بمُطلق الجرأة على الثوابت، وليس بالقيمة الفكرية التي تحملها هذه الجرأة، لذا لن أنزلق معه في مهوىً خطابيٍّ يضادُّ هذه الخطابية التي أنشأها، وهو الذي يزعم أنه يؤسس لمرحلة عقلية مهمة في تاريخ حياتنا الثقافية.
صـ 31 -32: - ماذا لو علمنا أن ابن تيمية قد ألّف مصنفاً قديماً يردّ به على المتكلم الرازي وهو دون الثلاثين من عمره؟ فما دام أنه درس الفلسفة لتكون له عضداً عقلياً.. فيكون قد درسها في العشرينات من عمره لا ريب.
قال ابن تيمية: «وقد بسطنا الكلام على ما زعمه هؤلاء من أن الاستدلال بالأدلة السمعية موقوف على مقدمات ظنية، مثل نقل اللغة والنحو والتصريف ونفي المجاز والإضمار والتخصيص والاشتراك والنقل والمعارض العقلي بالسمعي، وقد كنا صنفنا في فساد هذا الكلام مصنفاً قديماً من نحو ثلاثين سنة».
[درء تعارض العقل والنقل، 1/22.]
قال محمود الكردي: «يذكر ابن تيمية في كتابه «درء تعارض العقل والنقل» أنه صنف مصنفاً قديماً من نحو ثلاثين سنة.. فإذا كان الدكتور محمد رشاد سالم يرجح أن يكون كتاب «درء تعارض العقل والنقل» قد كتب بين سنتي (713-717).. معنى ذلك أنه يمكن أن نفترض أن كتابه الأول وضع وعمره عشرون سنة». [أثر القرآن على منهج التفكير النقدي عند ابن تيمية، ص67. لو أخذنا سنة (717) على أعلى تقدير لوقت كتابته «الدرء»، وحذفنا من هذا التاريخ «نحواً من ثلاثين سنة»، يكون ابن تيمية المولود سنة (661)، قد ألف هذا الكتاب وهو دون الثلاثين بيقين. ]
صـ 36 - 37 - قال ابن تيمية: «وقد كنت في أوائل معرفتي بأقوال الفلاسفة بعد بلوغي بقريب، وعندي من الرَّغبة في طلب العلم، وتحقيق هذه الأمور، ما أوجب أني كنت أرى في منامي ابن سينا وأنا أناظره في هذا المقام، وأقول له: أنتم تزعمون أنكم عقلاء العالم وأذكياء الخلق، وتقولون مثل هذا الكلام الذي لا يقوله أضعف الناس عقلاً؟ وأورد عليه مثل هذا الكلام فأقول: العقل الأول إن كان واحداً من جميع الجهات فلا يصدر عنه إلا واحد، لا يصدر عنه عقل ونفس وفلك، وإن كان فيه كثرة، فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد، ولو قيل: تلك الكثرة هي أمور عدمية، فالأمور العدمية لا يصدر عنها وجود ..». [ قال الكردي: «لقد بدأ تحصيله للفكر الفلسفي بداية مبكرة جداً حتى كون لنفسه فكرة عن الفلاسفة والمتكلمين وهو صبي في عمر البلوغ.. وهذا واضح باعترافه هو في مصنفه عن رد المنطق [ص24] فهو يقول: « وأذكر أني قلت مرة لبعض من كان ينتصر لهم (الفلاسفة والمتكلمين) من المشغوفين بهم ـ وأنا إذ ذاك صغيرٌ قريب العهد من الاحتلام ـ كل ما يقوله هؤلاء ففيه باطل إما في الدلائل وإما في المسائل..». أثر القرآن، ص67.]
صـ 49 - لست أزعم أن ابن تيمية لم يتطرق إليه الخطأ في بعض كلامه على الفلسفة اليونانية وفلاسفتها، فهو كغيره من العلماء يصيبه ما يصيبهم، لكن فرقٌ بين أفراد الأخطاء التي لا يسلم منها مؤلف؛ وبين الاتهام: «بالمعرفة المشوهة» الذي يسقطه الاطلاع على مجموع كلام ابن تيمية في الفلسفة.
صـ 59 - هل يظن صاحبنا أني أجَّرتُ عقلي له، يقسمني مع القراء في فريقين: يقول لهذا الفريق: قل: كان ابن تيمية؛ فيردّ الفريق الآخر: ملفقاً نفعياً يأخذ من هذا فيردُّ به على هذا؟ إنه لم يورد في هذه المواضع كلها نصاً يستشهد به على ما ذهب إليه.
- الهدمُ أيسرُ من البناء لا شك، وأنا فأستطيع أن أُورد على صاحبنا شبهةً من الكلام يكلِّفه ردُّها ثلاث سنوات من البحث الجادّ، وحتى أكون صادقاً مع نفسي وصاحبي وقارئي؛ فإن الكلام في المنهج من أعقد مشكلات المعرفة، فكيف إذا كان عن ابن تيمية؟ بل كيف إذا كان عن منهج ابن تيمية في ردوده على الفلاسفة؟
فدراسة منهج ابن تيمية في ردوده على الفلاسفة تحتاج إلى: 1- دراسة تراث ابن تيمية في هذا الجانب بعناية. 2- دراسة ما يتّصل بهذا التراث من كتب ابن القيم فهي تشرحه وتتمِّمه. 3- دراسة ما يتصل بهذا المنهج من نظريات المعرفة. 4- دراسة المنهج في التراث الفلسفي خاصة. 5- دراسة مناهج أبرز الفلاسفة في ردودهم.
صـ62 - هل كان ابن تيمية إلا واحداً من العلماء؛ ليس ينفكُّ عن نظرية التراكم المعرفي وأثرِها في صياغة العقل الإنساني؟ وهذا المعنى هنا واحد من أعظم الفروق بين نتاج العقل التراكمي و «الوَحْي» المؤسِّس. هذا الوحي الذي كان ابن تيمية عظيمَ الاحتفاء به، حتى إنه صارع هذا الصراع العقليَّ العنيفَ ليخضع عقولَ الفلاسفة الآبقة ويردَّها لسلطته. أين هذا من عمل أذلِّ عقلٍ في تاريخنا الحضاري؛ ابن رشد، وهُوَ يقول عن متألَّهه أرسطو: «إن مؤلف هذا الكتاب هو أعقل اليونان، أرسطوطاليس بن نيقوماخس، الذي وضع علوم المنطق والطبيعيات وما بعد الطبيعة وأكمَلها، وقد قلتُ: إنه وضعها، لأن جميع الكتب التي أُلِّفت قبله عن هذه العلوم لا تستحق جُهد الحديث عنها، ولأنها توارتْ بمؤلفاته الخاصة، وقد قلت: إنه أكملها، لأن جميع الذين خلفوه حتى زمننا، أي في مدة خَمسَةَ عَشر قرناً، لم يستطيعوا أن يضيفوا شيئاً إلى مؤلفاته أو أن يجدوا فيها خطأً ذا بال، والواقع أن جميع هذا اجتمع في رجل واحد، وهذا أمرٌ عجيبٌ خارق للعادة، وهو إذ امتاز على هذا الوجه يستحق أن يدعى إلهيًّا أكثر من أن يدعى بشرياً، وهذا ما جعل الأوائل يسمُّونه إلهيًّا»! [ ولزينب الخضيري: «لقد فعل ابن رشد لأرسطو مالم يفعله المؤلفون المسلمون إلا للقرآن ». أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى، ص7.]
صـ69، 70 - الحول الفكري أعلمُ أن المؤلف حين يكتب فهو يقول: هاؤم عقلي فانظروا فيه، وأنا قد نظرتُ فوجدت شيئاً يشبه العقل وما هو به: لأنه من العقل إذا ما أردت أن تقوّض مدرسة من المدارس؛ أن تعمد إلى ضعيف ممن يمثِّل هذه المدرسة فتفترسه.. لا أدري ما الذي صرف صاحبنا عن هذه الخطة؟ أمّا أن يبتلى فيُجادِل في العلم واحداً من أكبر العلماء في تاريخ العلم، ويجالِده بعدُ في الفهم؛ فهذه والله ورطة ما أعدّ لها صاحبنا عدّتها. ومن أراد أن يجادِل ويجالِد ابنَ تيمية في العلم والفهم، فعليه أن يكون حذراً غاية الحذر من أن يجادَل ويجالَد، فيراجع علمه مرّات، ويعود على فهمه بالتهمة كرّات. والحقُّ أنه ليس «يَغُضُّ» من قيمة عالم متماسك البنيان المعرفي عندي؛ أَنْ جَهِل ونسي هنا، أو أخطأ هناك، لأن المعرفة المطلقة التامة مستحيلة، فأفراد العلوم لا تتناهى، ولأن الإنسان مهما بلغ من العلم والفهم فإنه يجري عليه من الخطأ والغفلة ما هو من لازم كونه إنساناً. فما جئتُ هنا لأقول: إن ابن تيمية لا يغلط كحال من لا أحبُّ له أن يقول ذلك، لكن جئتُ لأقول: إن شهوة النقد ضربتْ عقل صاحبنا فأصابته بالحَوَل الفكريِّ فلا حَوْل ولا قوّة إلا بالله!
صـ 79 - لو أن البحث الذي بين يديَّ عملٌ علميٌّ متماسك، فيه أصالةُ رأي، ودقة فهم، وسعة اطلاع؛ لما «غَضَّ» من قيمته عندي أن أخطأ كاتبه هنا، أو وهم هناك.. لكن أن يكون البحث بمثل هذه الضّحالة العلمية الفاضحة، وهذا العمل العقليّ المخ��ل، ثم يزيد صاحبه الطين بِلَّةً بهذه الجرأة على علم ابن تيمية وفهمه؛ فإن أخطاءه وأوهامه مما كان قال فيها الطناحي: «لا أقول كما يقول بعض المناقشين إن هذه الملحوظات لا تَغُضُّ من قيمة الرسالة، بل «تَغُضُّ وسِتِّين تَغُضُّ»!
صـ 81، 82 - [قال صاحبنا]: «نصير الدين الطوسي ...الفيلسوف الكبير». نصيرالدين الطوسي: «الفيلسوف الكبير»، وأما ابن تيمية فلم يكن يفهم في الفلسفة شيئاً. عبدالأمير الأعسم، الفيلسوف نصيرالدين الطوسي، مؤسس المنهج الفلسفي في علم الكلام الإسلامي، ص23، ص25. وفيه ص41: «ومن هنا اختصه هولاكو به فأكرمه «غاية الإكرام» كما يشير إلى ذلك البحراني والخوانساري، ولم يمر وقت طويل على هذه الصلة التي أثارت في نفس النصير سعادة المطمئن بعد أن لاذ بالوحش من الوحش نفسه، أن أعلن بشكل رسمي أنه شيعي (اثنا عشري)؛ فأزاح عن وجهه قناع التقيّة التي لازمته طوال ثمانية وعشرين عاماً في قلاع الإسماعيلية، وكان ذلك الإعلان المدهش في الرابع عشر من شوال سنة 654هـ.. ليصبح فيما بعد الزعيم العقلي للفكر الشيعي بلا منازع حتى يومنا هذا، والفيلسوف الشيعي الأول الذي يفخر به التراث الشيعي بكامله». وهذا يردُّ قولَ جمالِ الدِّين القاسميِّ - وهو غفر الله له ذو أغلاط تستغرب من مثله - في سانحة له: «لا عبرة برمي شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأمثالهما - تعالى - بالإلحاد مثل النصير الطوسي .. فالنصير قد علم أن له مؤلفات في فن الكلام، خدمت وشرحت وكلها مما يبرئه عن الإلحاد والزندقة، ودعوى أنه كان محرضا هولاكو على قتل العلماء، دعوى من لم يعرف سنة الملوك المتغلبين، المندفعين على البلاد للأسر والقتل. وأين نصير الدين من هولاكو، حتى يكون مستشارَه في القتل والسفك وعقيدته ومشربه؟ وترجمته المحفوظة تبرئه من مثل ذلك!». ظافر القاسمي، جمال الدين القامسي وعصره، صـ 273
صـ 94، 95 - قال ابن تيمية: «لما كنت بالإسكندريّة اجتمع بي مَنْ رأيتُه يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد، فذكرتُ له بعضَ ما يستحقونه من التجهيل والتضليل، واقتضى ذلك أني كتبتُ في قعدة بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ما علّقتُه تلك الساعة، ثم تعقّبتُه بعد ذلك في مجالس إلى أن تمّ. ولم يكن ذلك من همّتي، فإن همّتي إنما كانت فيما كتبتُه عليهم في «الإلهيات». وتبين لي أن كثيراً مما ذكروه في أصولهم في الإلهيات وفي المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات .. فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق، فأذنتُ في ذلك، لأنه يفتح باب معرفة الحق، وإن كان ما فُتح من باب الردّ عليهم يحتمل أضعاف ما علّقتُه تلك الساعة». [الرد على المنطقيين، ص45.] - «كتبتُ في قعدة بين الظهر والعصر .. ولم يكن ذلك من همّتي»... كان صاحبنا قد قال في مقدمة بحثه: «تتجاوز أهمية هذا البحث مجرد كونه ..» وقال: «وحسبي أن أكون مهدت الطريق أمام هذه الدراسات..»؛ زائرٌ ينصب خيمةً قديمةً وسط ناطحات السحاب في نيويورك، ثم يذهب يتحدَّث ـ بلا خَجلٍ ـ عن شيءٍ يشبه بداية تأسيس الهندسة المعماريّة! إنك فشلت في أن تكون مشروعَ شيخٍ في الإسلام، وتريد ـ ويْحَكَ ـ أن تَنْقُضَ شيخَ الإسلام كلِّه..
صـ 99 - كثُر حديث المتحدِّث عن: «الانفتاح العالمي» وأثرِه في الصحوة الإسلامية، لكن قلّ الحديث عن أثر هذا الانفتاح العالمي في: «انتكاسات الصحوة». .. وأما اليوم؛ فثمَّ ـ مع الشهوة ـ تلوُّثٌ فكريٌّ، وجماحٌ عقليٌّ غالب، وشططٌ بالغ السوء
صـ 100 - العقل الغربيّ بمنهاجه ليس أقدَرَ على الدَرْس الحضاري من عقلٍ بمنهاجٍ سَلفيٍّ. - ونحن، نعم نحن: متى ندرك أن سرعة تغيّر الأفكار من خصائص العقل الناشئ، وأننا إن لم نحرص على هذه العقول تخَطَّفتْها عصاباتُ المعرفة فأحدثتْ بها عاهاتٍ فكرية؛ ثم أعادتها لتتسوّل بها على حسابنا!
قرأته باستمتاع و تحفزّ مرتين وأريد إعادة قراءته ، يجمع بين رصانة المادة ومتعة الأسلوب أدار الهاذي على قلمه فآلمه ! وبين أنه باحث ولكنه باحث عن حتفه بظلفه
بدأتُ بقراءة كتاب على الرف لم أنوِ قراءته من قبل، ما إن انتصفت مقدمته حتى أثارت اهتمامي تعبيراته: "مدخل مظلم"، "حكمة مصلوبة تقطر دمًا"، "زملائنا الذين تسربوا من مدرستنا"، و"نشوة الثأر"، و"المعرفة المتوهمة"! قررت استكمال قراءة الكتاب، وكتاب المشار إليه في المقدمة "الحكمة المصلوبة" ثم أعيد قراءة "الهادي والهاذي" فالحديث عن ابن تيمية يستحق أن يُقرأ بتأمل.
تناول كتاب سعود السرحان "الحكمة المصلوبة" موقف ابن تيمية من الفلسفة عرضًا وتحليلاً –وقد كتبت تعليقي في صفحة الكتاب–، في حين رد عليه الهدلق بنقد منهجي ركز فيه على جانبين رئيسين: إبراز مكانة ابن تيمية وعمق اطلاعه على الفلسفة، والتشكيك في أهلية السرحان نفسه لنقد تراث ابن تيمية، من خلال بيان ضعف تخصصه وأخطائه المنهجية. وقد تراوح أسلوب الهدلق بين السخرية أحيانًا والتقويم العلمي أحيانًا أخرى، دون التوسع في مناقشة الأدلة تفصيليًا، بل اكتفى بتفكيك الفرضية العامة التي انطلق منها السرحان، مبرزًا ما تضمنه كتابه من أخطاء في النقل وسوء فهم للنصوص وتناقضات أضعفت من مصداقيته. استند الهدلق في دفاعه إلى الدليل النقلي والتحليل العقلي عبر تتبع نتاج ابن تيمية الفكري، مركزًا على دحض الصورة التي رسمها السرحان بعرض شواهد على اطلاع ابن تيمية العميق بالفلسفة واستيعابه لمقولاتها، ومستندًا إلى شهادات مختصين أثبتوا قدراته النقدية. ويختم الكتاب بربط قراءة السرحان بسياق أيديولوجي غير محايد ناقد للتراث الإسلامي، يرى فيه الهدلق خروجًا عن الموضوعية وضعفًا في التوازن العلمي.
في النهاية شتان بين الهادي والهاذي!
ولأن القارئ لا ينفصل عن معتقداته ومبادئه، ولأن الكاتب هو عبدالله الهدلق، ولأن الموضوع عن ابن تيمية، فقد كان تقييمي للكتاب 5 من 5
في هذا الكتاب ينقد الأستاذ عبدالله الهدلق كتاب (الحكمة المصلوبة) لـ سعود السرحان، وينقض أقواله من أصولها. سمعت من نقد البعض على هذا الكتاب أنه أكثر من النقول عن غيره وكان الأفضل أن يكتب هو من كلامه ما يسد هذه الفقرة، إلا أني لا أتفق مع هذا القول فمن الواضح أن المؤلف قد أحسن وأجاد في توظيف النقولات التي ذكرها علاوة على أنه ينقض كلام المؤلف السابق بكليماتٍ قليلة تكفيه ثم يذكر مستشهدًا كذب ما ادعاه عن ابن تيمية بهذه النقولات. في هذا الكتاب مادة نقدية رائعة بل فوق الرائعة تستحق القراءة والتأمل، إضافة إلى أسلوبٍ نقدي ساخر من على سبيل المثال يقول الهدلق : (إنك فشلتَ في أن تكون مشروعَ شيخٍ في الإسلام، وتريد -ويحك- أن تنقض شيخ الإسلام كله.
" ومن أراد أن يجادِل ويجالِد ابن تيميه في العلم والفهم، فعليه أن يكون حذرا غاية الحذر من أن يجادَل ويجالَد." "أما ابن تيميه فإنه نموذج من نماذج الفكر الإسلامي، الذي استطاع تمثل الحضارات السابقة دون أن يفقد هويته، ثم قام بنقدها." مفيد يستحق القراءه.
بحثت عنه مطبوعا ، فلم أعثر عليه ،ولا حتى صورة الكترونية منه ، حتى وفقت لصورة إليكترونية صعبة القراءة قرأته بشغف حتى وصلت إلى آخره كما توقعت ، أجاد فيه المؤلف وأفاد بأسلوبه الأخاذ الرصين،ودافع عن شيخ الإسلام ابن تيمية ببسالة وأبان عور كلام المخالف أتمنى أن يتم إعادة طباعته مرة أخرى ، فإن كثيرين يشتاقون لقراءته
الكتاب جاء ردًا على ما كتبه سعود السرحان في بحثه: "الحكمة المصلوبة: مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة"، والذي أراد أن يثبت من خلاله( أن ابن تيمية الذي تحسبه السلفية أربح ورقة لها في التراث العقلي عامة، وفي الرد على الفلسفة التي لا تفهمها على وجه الخصوص، هذا الذي تحسبه كذلك؛ ليس كذلك… فهو فقيه حنبلي احتاج في بعض ردوده إلى دراسة الفلسفة، فدرسها على كبر، مُلفقًا تارة، ونفعيا تارة أخرى….) وقد رد عليه من خلال ستة محاور: النظرة التقليدية الجامدة التي تعامل بها السلفيون مع تراث ابن تيمية في الفلسفة. تأخر دراسة ا��ن تيمية للفلسفة اعتماد ابن تيمية على مصادر غير دقيقة في إيراده مقالات فلاسفة اليونان بناء ابن تيمية دراسته الفلسفة على "التلفيق" و"النفعية". مآخذ أخذها الباحث على ابن تيمية. موقف ابن تيمية من المنطق. وطريقته في الرد يعرض مقتطفات من الكتاب ويرد عليها، وقد أجاد وأفحم… لكنه أختصر فالكتاب صغير جدًا في ٩٠ صفحة من الحجم الصغير والموضوع يستحق أكثر من ذلك خاصة إذا كان المؤلف مُجيد وقادر مثل الأستاذ عبدالله الهدلق..
ما لي و الفلسفة، بحثت عن كتب الهدلق فإذا بي وسط تراشق فلسفي خارت قواي في محاولة فهمه. لا أدعي اني استوعبت الحكمة المصلوبة فانتقلت الى جلاد الحكمة، اللهم شذرات من هنا و هناك انضمت الى زادي المتواضع. الهدلق لا يشق له غبار في اللغة و الاسلوب و المعرفة الواسعة، الا انه كان شديدا قاسيا في رده بل استعلى عليه حد التهكم فوصفه بالمتسرب من مدرسة السلفية الذي حاول استعمال عقله و باحث عن حتفه بظلفه و مصاب بالحول الفكري.. و يشبهه بزائر ينصب خيمة قديمة وسط ناطحات السحاب في نيويورك، ثم يذهب يتحدَّثُ - بلا خَجل - عن شيءٍ يشبه بداية تأسيس الهندسة المعمارية !
و يخاطبه: إنك فشلت في أن تكون مشروع شيخ في الإسلام، وتريد - ويحك - أن تَنْقُضَ شيخ الإسلام كلَّه..
إنَّ بلداً طيباً، دِثاره كلمة التوحيد، وشعاره منهج السلف الصالح؛ ليس يسمح بأن تُعرِّيَه منهما أقلام غِرَّةٌ مغرضة، لم تجد نفسها في الحق، فبحثت عنها في الباطل، ومن رام دَرْسَ الفلسفة الوثنية ففي تلك البلاد متّسع .. ما دام قد ضاق صدره عن لا إله إلا الله تعلو بها مآذن المساجد في جامعاتنا.
.... كيف لمن له مثل هذا القلم ان يزهد في الكتابة و يعتزل..
لله در الهدلق، ودر الحديث عن علم وفهم، ودر شيخ الإسلام قبل ذلك كله.
هي صفحات قليلة لا غير، لكنها رد قاصف عاصف من الشيخ الهدلق على هذر لا قيمة له ولا وزن سماه صاحبه -عبثًا- بحثًا. أراد به الاستنقاص من شيخ الاسلام -وأين هذا من هذا-! فنّد به جميع أباطيله بل و أبان عن ضعف معرفي هزيل جداً لا أعرف من أين تواتي صاحبه الجرأة ليستند عليه بنقد جبل أشم كشيخ الإسلام!
ختمه بهذا التشبيه البليغ :" زائرٌ ينصب خيمةً قديمةً وسط ناطحات السحاب في نيويورك، ثم يذهب يتحدث -بلا خجل- عن شيء يشبه بدية تأسيس الهندسة المعمارية"!
الكتاب جاء ردا على مزاعم من يدّعي قصور معرفة ابن تيمية بالفلسفة. ملقيا الضوء حول الكتب التي عنيت بدراسة إسهامات ابن تيمية في الفلسفة وحقيقة نقده للمنطق الأرسطي. أدهشني اتفاق ابن تيمية وفرنسيس بيكون وجان لاك في نقد جوانب من الفلسفة عينها، في أزمنة متفاوتة.
ثم أُخذت بتأثر ابن سعدي بعظيم فضل ابن تيمية وما سده من مسد في منهاج السنة دفع به أباطيل قوم فكفيناها. رحم الله شيخ الإسلام وجزاه عنا خير الجزاء.
بعد ميراث الصمت والملكوت أطالع على عجل الهادي والهاذي، وأسوق هنا تعليق الدكتور إلهامي على الكتاب:"لئن كان "الهادي والهاذي" لا يبلغ شيئا من الجمال والمتعة التي لميراث الصمت والملكوت، فهو جدير أن ينبّه من جديد على سعة اطلاع صاحبه وعلى ذكائه، وعلى هذه الصفات التي طُبِع عليها من الخجل والملل والعزلة عن الناس.. إنه ليكتب ردًّا متينا نعم، ولكنه ردٌّ سريع متعجل، مكنوز بالعلم وبألفاظ من عميق المعاني ومن غريب الأدب لا ينتبه لها إلا من كان له حظ من ذلك.. فهو صاحب إشارات وتكنية وتورية وتلميح."
أُشهد الله أني لا أبالي "بالحكمة المصلوبة" وفيم صلبت وعلامَ جلدت وجُلد معها قوم آخرون، لكني أحببت كتابات الهدلق التي تفيض من جانبيها الاقتباسات والاستشهادات المخبرة عن مطالعة كثيرة وقراءة فاحصة، ولم أهذّ الكتاب ليلتي هذه إلا طمعاً في المتعة العقلية وراءها. :)
أما النقد والسخرية والتهكم-حدّ الإسفاف أحياناً كقوله ص99-فإنها متعة أدبية أخرى، وما أجملها في عيني حين ينطق كاتبها بلسان الحق لا الهوى.
رد مناسب على ورقة تافهة. وفيه إلماحات حلوة. ولكن فيه عبارات أقرب إلى نفس المتعصب منها إلى هدوء الباحث. ولا يخلو من بعض الإطلاقات التي لا تُسلّم لصاحبها. ويبقى مولانا الهدلق قامة ثقافية وشخصية لطيفة فقدنا حضورها في المجال العام.
ظريف ممتع مفيد جداً، بودّي لو قلت أنه خفيف ولكن المؤلف الأديب ذكر أنه سهر لأجله الليالي لذا سأتجاوز هذا الوصف أو سأعدل عنه إلى وصفه بأنه خفيف على القلب