عاشت الناشطة النسوية نولة درويش حياة عامرة بالأحداث، فقد نشأت في أسرة يهودية مصرية، لأم وأب اختارا الانحياز إلى قضايا الشعب المصري واعتنقا الإسلام، وكان والدها عضوًا في الحزب الشيوعي المصري ومحاميًا معروفًا بالدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وشاركته والدتها هذه الحياة عن اقتناع، فسُجن الأب عدة مرات لسنوات طوال، ودفعت الأسرة كلها ثمنًا باهظًا لهذا الاختيار. تشربت نولة درويش حب الوطن، وانحازت دائمًا إلى مَن يعانون من القهر والظلم، ومَن يواجهونهما بشجاعة. بعد حصولها على الليسانس في الآداب الفرنسية والتربية، تنقلت بين الوظائف، فعملت مُدرسةً للغة الفرنسية، وعاشت في القاهرة والجزائر وبراغ وموسكو، وتعرفت على مناضلين من بلاد عدة، وناضلت بصور مختلفة، وشاركت في الحياة الحزبية في مصر والعمل العام من خلال منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوق النساء، ونشرت مقالات تدافع عن حقوق الإنسان بصفة عامة، وعن حقوق النساء بصفة خاصة، وشاركت في تأسيس مؤسسة المرأة الجديدة. إنها سيرة نابضة وملهِمة لمناضلة مصرية على خلفية التغيرات الكبيرة التي حدثت للحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية في مصر منذ خمسينيات القرن العشرين وحتى ثورة يناير 2011.
"الواقع أن أسرتي الممتدة نموذج لما شبهته المخرجة نادية كامل في عنوان فيلمها التسجيلي عن أسرة والدتها بالسلطة البلدي، فالأصول اليهودية من جانب أبوي، ثم انتقال كليهما إلى الإسلام وهما ينتميان إلى ملل يهودية مختلفة، ثم زواج أخي من مسيحية، ثم زواج ابنة أخي من مسلم، كل ذلك جعل أسرتنا شبيهة بمجمع الأديان. لكن الأهم من ذلك هو أن هذه السلطة البلدي أنتجت نوعية من الناس المتفتحين على قبول الاختلاف، والرافضين بشدة لأي شكل من أشكال التمييز بين البشر".
طول عمري بحب تمثيل وثقافة الممثلة بسمة لكن بعد ما قرأت مذكرات والدتها النسوية والحقوقية السياسية نولة درويش ابنة المناضل الشيوعي اليساري يوسف درويش، فهمت إن هذا الشبل من ذاك الأسد. المذكرات دي شديدة الحميمية ومهمة جدًا لأبناء جيلي، مش بس لفهم فترة خطيرة في تاريخ مصر السياسي الحديث اللي لم نطلع على تفاصيلها في المدارس وفي السينما والدراما بما يكفي، بس كمان للدخول في خبايا أسر المناضلين وحياتهم الشخصية وزوايا بيوتهم وزوجاتهم وأطفالهم اللي تحرموا منهم بسبب اعتقالهم المستمر.
أكثر كتاب كنت متشوقة لشرائه لما أعلنت دار الكرمة عن صدوره. و من أول ٥٠ صفحة علمت أن أصبت باختيارى، لما يسألنى حد إيه نوعى المفضل من الكتب برتبك و دماغى بيقف عن التفكير لإنى مش من محبين التفضيلات الحصرية و بحب أقرأ أى شئ يقع أمامى و أهلى دايما كانوا يتريقوا عليا لما كانوا بيشوفوا طفلة صغيرة بتقرأ الجرايد بكل تركيز و يشبهونى ببابا و دا أحلى تشبيه. بس أسرع جواب بيجى على بالى السير الذاتية، فيها حميمية بتجذبنى، إنى أقرأ لشخص قرر الكتابة عن نفسه، عمر كامل،بيخلينى أحس بقرب من شخص لا أعرفه و مكنتش هعرفه فى حياتى و يحكيلى أفكاره و مشاعره و آرائه و ما مر بيه فى الحياة من تخبطات و أفراح و تحديات، بحسه كنز ملفوف على هيئة كتاب و خبرة تتعلم منها أفضل من كتب تعطيك النصائح و العلم بشكل مباشر. من آرائى إن فى كل حياة ما يستحق أن يروى، و حياة نولة درويش حياة حافلة، مغامرة و كنز بكل معنى الكلمة. أولا لازم أذكر دا بس إسم نولة جميل بشكل كان أول مرة يصادفنى. أظن إن نولة عاشت بكل معنى الكلمة و خابرت كل شئ، أن تولد لأبوان اعتنقا الإسلام بعد اليهودية و باقى أفراد أسرتها من اليهود، سفرها لدول كثيرة و عملها بها من الجزائر لبراغ و تونس و ليبيا و أيضا إنجلترا و فرنسا و موسكو و أكثر، عملها السياسى و نضالها النسوى لهو دليل على تفرد هذه الإنسانة. إستمتعت كثيرا بالرواية و لو أنى أخد عليها مأخذين، كثرة الأسماء و رصها فقط فهى لن تفيد القارئ و لكنى أتفهم أنها سيرتها و تود توثيق ماتريد و الآخر هوا إنى كنت حابه أقرأ عنها أكثر بحميمية و لكن زى ماذكرت ممكن إنها أرادت أن يكون توثيق و لكن فى الحالتين كانت تجربة متفردة ستبقى فى ذاكرتى.
كتاب متميز يعيدني إلى الحالة الممتعة التي عشتها أثناء قراءة كتب سير ذاتية مشابهة مثل كتاب المولودة وجبل الرمل حيث أعيش في رحلة تعكس تغيرات وتقلبات المجتمع المصري في جوانبه السياسية والإقتصادية والإجتماعية والنسوية والنضالية منذ الخمسينيات وحتى ما بعد ثورة يناير. ولكن ما يميز أيضًا هذه السيرة بالنسبة لي هو عمل السيدة نولة درويش في جوانب التنفيذ والمتابعة والتقييم الخاصة مشروعات تندرج تحت مجال التنمية وهو عمل يتشابه كثيرًا مع عملي مما أزاد اندماجي وارتباطي العاطفي بالكتاب والكاتبة. السيرة محكية بسلاسة وحميمية شديدة جعلتا تجربة القراءة ممتعة ومفيدة جدا.
مذكرات الناشطة اليسارية في مجال حقوق المرأة وهي مذكرات غنية نظرا لحياتها الشخصية والمهنية الغنية بالأحداث الكبيرة فهي مولودة لأبوين يهوديين اسلما وكان أبوها من اسهر مؤسسي الحزب الشيوعي في مصر وعاشت طفولتها في ظل ان والدها قضى اوقات صعبة في السجن وكان لظروف عملها وتنقلها ان عملت في دول كثيرة وغربية مثل تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفيتي وليبيا والجزائر وغيرها وعملت في منظمات نسائية كثيرة في مصر فهي سيرة ذاتية غنية