تدخل الرواية قارئها في سردية تفصّل فترة زمنية طافت بمنطقتنا قبل مدة تربو على المئة عام. هي رواية تدخلك البيوت في قرى البحرين المندثرة، فتأنس مجالسة أصحابها، تسمع قصص النساء اللاتي ينتظرن رجالهن الغائبين، وأحاديث الرجال الذين يجوبون البحر، فتعيش معهم آمالهم، وتحدياتهم، وتدخل معتركات نسيجهم المجتمعي، متمعنًا في فروقات المدينة والقرية، وما يجمع ويفرق الأجراء والسادة، والغواصين والنواخذة. فتقلق معهم من السرقة والطمع، تستعرض الطرق، والعابرين فيها، وتريك الأسواق وما فيها حتى تجد نفسك في وسط محلاتها بالمنامة، تسمع حوارات الباعة والمشترين، وتحاور رواد المكتبات حديثة العهد بها والمتضادة فيالأهداف من إسلامية وتبشيرية، وتعرف ما يشوب أذهان الجالسين على دكاك المقاهي، وهم يعبرون عن خوفهم من التغييرات التي يدخلها عليهم الغرباء، وتفكر معهم في مناوأة حملات التبشير، وقد ترافق الغاصة إلى مصائد اللؤلؤ ومواجهة أهوال البحر.
يمسك عيسى مبارك بخيط السرد بشكل جيد، فالحلم الذي يفتتح به سيكون له صلة فيما بعد ... رواية لها ملامح التاريخ لكنها ليست تاريخية، إنسانية بما تحمله من أفكار حول (القوة وأنواعها)، (التسامح) .. وغيرها من الأفكار ... ستمر الرواية بأحداث مرت على البحرين بدايات القرن الماضي، وسترى انعكاساتها على الشخصيات ... تنقلنا للبيئة البحرية ومتعلقاتها وظروفها
رواية تحكي عن احداث عاصرها اجدادنا في حقبة زمنية صعبة في البحرين .. استخدم فيها الكاتب مصطلحات قديمة اضافت للحبكة نكهة غنية بعبق الماضي . ستعيش بين سطورها مع يعقوب تننقل معه للقرية تارة ولشوارع المنامة تارة اخرى .. ستبكي ستضحك وستتألم معه أيضا. انتقلت مع الكاتب الى البحر والاماكن ودخلت البيوت وتخيلت الشخصيات لأنه اختار ان يصف لنا كل شيء بالتفصيل.
وجدتني أسأل نفسي وأنا اقرأ رواية ( ولد الدفعة ) للبحريني عيسى مبارك ، إذا ما كان الكاتب قد وضع في اعتباره أثناء كتابتها القاريء المُستهدف لروايته ؟! فالرواية تتناول واقع البحرين المحلي في زمن قديم، ويذكر فيها العديد من الحوادث التي وقعت آنذاك ولا تخفى على معظمنا كأبناء لهذه الأرض ، ولكن ماذا عن القاريء الآخر ؟! أعتقد أن تناول حوادث تاريخية محلية في سياق أحداث الرواية، يُلزم الكاتب بأن يضع في حسبانه القاريء الذي لم تمر على أسماعه هذه الحوادث وقد يكسل عن البحث عنها ، ولعل ذكرها في هوامش بسيطة على صفحات الرواية قد يغني ويُسهم في انتشار الرواية وذلك أضعف الإيمان . الرواية جيدة، بسيطة في أسلوبها، شعرت بأن الكاتب لم يقدم شخصية " يعقوب " ولد الدفعة بعمق تستحقه خصوصاً وأنها الشخصية التي حملت على عاتقها عنوان الرواية.