هو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عُبَيْد الله بن عبد الله بن حُمَّادَى بن أحمد بن جعفر وينتهي إلى أبي بكر الصديق. عاش حياته في الطور الأخير من الدولة العباسية، حينما سيطر الأتراك السلاجقة على الدولة العباسية. وقد عرف بأبن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بواسط ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى فرضة الجوز وهي مرفأ نهر البصرة. حظي ابن الجوزي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون، وبلغت مؤلفاته أوج الشهرة والذيوع في عصره، وفي العصور التالية له، ونسج على منوالها العديد من المصنفين على مر العصور.
وقد توفي أبوه وهو في الثالثة من عمره فتولت تربيته عمته، فرعته وأرسلته إلى مسجد محمد بن ناصر الحافظ ببغداد، فحفظ على يديه القرآن الكريم، وتعلم الحديث الشريف، وقد لازمه نحو ثلاثين عامًا أخذ عنه الكثير حتى قال عنه: لم أستفد من أحد استفادتي منه.
شيوخة وأساتذته تعلم ابن الجوزي على يد عدد كبير من الشيوخ، وقد ذكر لنفسه (87) شيخًا، منهم: أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر [ 467 ـ 550 هـ = 1074- 1155م ]: وهو خاله، كان حافظًا ضابطًا متقنًا ثقة، وفقيهًا ولغويًا بارعًا، وهو أول معلم له. أبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي [ 465- 540هـ = 1072م- 1145م ]: وهو اللغوي المحدث والأديب المعروف، وقد أخذ عنه اللغة والأدب . أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري المعروف بابن الطبري [ 435-531هـ =1043-1136م] وقد أخذ عنه الحديث . أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسين بن إبراهيم بن خيرون [ 454-539هـ = 1062-1144م ] وقد أخذ عنه القراءات .
منزلته ومكانته: كان ابن الجوزي علامة عصره في التاريخ والحديث والوعظ والجدل والكلام، وقد جلس للتدريس والوعظ وهو صغير، وقد أوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، وكان مع ذيوع صيته وعلو مكانته زاهدًا في الدنيا متقللا منها، وكان يختم القرآن في سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى المسجد أو المجلس، ويروى عنه أنه كان قليل المزاح . يقول عن نفسه: "إني رجل حُبّب إليّ العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها، ثم لا تقصر همتي في فن على بعضه، بل أروم استقصاءه، والزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى بعض الحسرات".
مجالس وعظه: بدأ ابن الجوزي تجربة موهبته في الوعظ والخطابة في سن السابعة عشرة، وما لبث أن جذب انتباه الناس فأقبلوا على مجلسه لسماع مواعظه حتى بلغت شهرته في ذلك مبلغًا عظيمًا، فلم يعرف تاري.
إذا أردت أن تقرأ للسلف وتستفيد من علمهم وحكمتهم، ولكنك تستصعب لغتهم وبيانهم فلست وحدك!... ولكن إن قرأت لابن الجوزي فلعلك تجد شيئاً من ذلك الجمال البياني والحكمة الربانية ~~~~~ وجدت هذا الكتاب وقلت لعلي أجد فيه مراناً وتسلية لغوية.. وجدت ذلك، ووجدت عظة بليغة في الاعتبار بالموت وسير أولئك العظماء الذين ذكرهم... وقد قسمه ابن الجوزي تقسيماً طيباً حيث يمكنك أن تعتبره جزئين الأول فيه كيف يمكن للإنسان أن يصبر عند المصائب وعند الموت، وهنا يحدثك بالعقل والنقل... والجزء الثاني فيه ذكر من ثبت عند الموت من الأنبياء والصالحين ~~~~~ لفت انتباهي أنه لا يذكر الأحاديث والأخبار إلا بالسند الواصل إليه.. ولو حُذف السند لأصبح الكتاب نصف أو ثلث ما هو عليه الآن... كتبه بلغة عربية جميلة يمكن فهمها للقارئ العادي إلا أن ذلك كان قليلاً في الكتاب الذي كان معظمه أسانيد ومرويات ~~~~~ الطبعة قديمة، ولكنها طبعة احترافية واضحة سهلة القراءة عكس الكثير من كتب هذه الأيام
كتاب رائع جدًا، ويبان فيه جمال أسلوب ابن الجوزي الجميل والمؤثر. يقسّم الكتاب تقريبًا إلى قسمين: الأول: يتناول الصبر عند الممات والمصائب، وأجاد ابن الجوزي في عرض المعاني وتثبيت القلب بكلام مؤثر. الثاني: يذكر من صبر الأنبياء عليهم السلام ثم الصحابه والصالحين رحمهم الله، القصص في هذا القسم مهذبه للنفس وجميله نسأل الله حسن الخاتمة.