بدأ الأمر بحوار أجريناه مع الشاعرة نسمة شوقي، سألناها كيف خطرت لها فكرة ديوانها فقالت عندكم مينا أو سيد الشربيني فاسألوهما، وأضافت ساخرة، أو حتى مخايل وديع الله يرحمه، تغاضينا عن السخرية وسألنا الأولَيْن وأحسسنا أننا إزاء قصة لابد أن تُحكى، خاصة وواقعة تحرش الشربيني بها لم تغب بعد عن ذاكرتنا.
أسماء أخرى ترددت على أسماعنا لما سألناهما، أسماء مثل متولي وبهاء وحجازي ودميانة. تتسع خارطتنا، من مصر الجديدة لعين شمس والفيوم والكويت وبرلين. لصالح الدراما تدخّلنا في الوقائع، ولسد الثغرات استعنّا بالخيال والمنطق والبلاغة. لا ندعي تقديم الحقيقة بحذافيرها، فقط أدق النسخ عما حدث.
كاتب مصري, ولد عام 1978 في الكويت ثم انتقل إلى مصر في 1981, تخرج من كلية الآداب, قسم اللغة العبرية بجامعة عين شمس, القاهرة, عام 2000 .
صدر له: تغيرات فنية, 2004, مجموعة قصصية, عن سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلى للثقافة ليلى أنطون, 2006, رواية, عن دار نشر ميريت بابل مفتـاح العالم ، رواية، عن دار ميريت الألفين وستة، 2009، رواية عن دار ميريت نساء الكرنتينا، 2013،رواية عن دار ميريت الخروج من البلاعة، 2018، رواية عن دار الكرمة البريد الإلكتروني: naeleltoukhy@yahoo.com
عن رواية (ديوك وكتاكيت) للمبدع نائل الطوخي Nael Eltoukhy
في الكتابة عن مصر وليس عن ايجيبت نائل الطوخي في روايته ديوك وكتاكيت، يبرع في رسم ملامح شخصيات كلها من مصر، كلها من عمق معرفتنا الطبقية والاجتماعية والجندرية لشخصيات عايشناها وعايشتنا. لا يهم ان تجد نفسك في هؤلاء الشخصيات بالمرة، بس الاهم انك تعرفهم، تعقيدات اجتماعية وعلاقات مركبة كما عودنا نائل في كل اعماله. لا توجد اي شخصية تقع في محيط الابيض او الاسود من الاخلاق والمُثل العليا. لكنها جميعها شخصيات حقيقية، تتشكل وتتكون طبقا لظروف حولها، او كما نسميه في حقول العلوم الاجتماعية، الهندسة والبنية الاجتماعية والظروف البيئية التي تشكل الشخصيات ومساراتهم. "واحد مصاحب علي علوكة واشرف كخة، عايزاه يطلع ايه" كما عبر اللمبي في جملته الشهيرة والتي تعبر ببساطة عن فكرة المحيط والسياق في بناء الاشخاص. ما يتميز به نائل في ديوك وكتاكيت هو تسييس جميع الاشخاص، واظن ده بيعبر عن هّم عميق عند نائل بربط الاشخاص بالحياة الحقيقية، سواء تخص احداث سياسية بشكل مباشر او غير مباشر بالمرة.
رسم نائل شخصية للمثقف العضوي، من خلال احدي الشخصيات، بشكل بديع، لا اعلم هل احببت هذه الشخصية في الرواية ام لا، رغم حقيقيتها الشديدة، لكن مواطن الغل والانتقام لديها جعلتني اشعر ببعض الاشمئزاز منها، رغم ان هذا يعني نجاح نائل الهائل في رسمها ودمجها في الرواية. يكتب نائل ببراعة عن جيلين مرتبطين في الاماكن والسياقات، وغير مرتبطين تماما بشخصه وسنه، وهو شيء مفاجيء لي. رغم تخيلي لثراء نائل في التجربة الواقعية بين اجيال عدة. لكن رسم وتكوين ملامح الجيل الاكبر بكل مشاكله وتناقضاته، المزج ما بين حبهم وكرهم لبعضهم البعض، تفاهتهم الذكورية وعمقهم الفكري، ماركسيتهم الحمقاء المخلوطة بلمحة ناصرية قومية حقيرة ومغلقة على نفسها.
نائل ببراعة وتشويق يدخلنا عالم الرجالة، عالم الذكورة الهشة، وهو فعلا احسن ما قرأته عنها في رسم الشخصيات لكل الرجالة في ديوك وكتاكيت، رجالة بلا هدف، عدم الثقة بأنفسهم شعور طاغي، رغم تحججهم الدائم انهم احسن ما خلق ربنا. تفاهة منقطة النظير في الاهتمام بالتفاصيل، او رصد اشياء حواليهم، غيرة مستمرة انهم ازاي احسن من اصدقائهم، او التعليق على الاحداث. مفيش عمق رغم ادعاء التسييس والتأريخ لكل شيء. كلهم شخصيات مأزومة سواء (الديوك) او (الكتاكيت)، مش عارفين يعرفوا ماهية وجودهم او هويتهم في الحياة او اي ادوار فعالة، او حتى كأرباب بيوت او رعاة لعائلات. اما كأصدقاء، فالتفاهة محور اساسي لاحاديثهم، كما لخناقتهم. منظورهم للستات الحزين والبائس دوما، بشكل فيه صعبانيات، تحرشهم الجنسي بناءا على ان عقلهم فاضي، وبيشغلهم تفاصيل اجساد الستات بشكل مريض، ويشوبه الاستحقاق الدائم، بيمدوا ايديهم ياخدوا وبيتخيلوا بشكل مؤسف ان الستات شايفاهم من نفس المنظور .
حاجة بديعة، تشعر بالقرف اثناء القراءة، لكن لن تستطيع ترك الكتاب. اهتمام نائل برسم الشخصيات ببراعة من منظور نوعهم الاجتماعي (الجندر) شيء بديع وحقيقي يتدرس في فهم يعني ايه النوع الاجتماعي محور في الشخصية حقيقي ودال، زيه زي الطبقة او الدين.
يتتبع نائل الطوخي شلتين واحدة من عجائز المثقفين يشتهر أحدهم فيجن جنون البقية وصولا للتشرذم الكامل، وأخرى من الشباب، مثقفين في طور التكوين، تتقاطع مصائرهم معا في ملهاة من ثلاثة فصول. يجري كل من فيها وراء أوهامه وأشباحه وأمانيه المرتبطة بشكل ما بأوهام وأحلام الآخرين.. الجميع ساخط وغاضب ومرتبك يجري وراء سراب ويبحث عن تحقق وهمي حتى ولو على حساب الآخرين.. كبار وصغار ديوك وكتاكيت. جميعها نماذج مهزومة تائهة وضائعة ومشوهة، لكن الملاحظة الأبرز ربما تكون في تقوقع الكبار على أنفسهم، حيث لم يعد يجدي الاقتراب من مؤسسة لا تراهم ولا تقدم لهم شيئاً. فبمرور الوقت انقطعت العلائق تماما مع ذلك الكيان الرسمي وبقى المثقف وحيدا يجتر يوميات ثورته أو يحتال عليها بالمجاز. أجيال غارقة في أوهامها تحاول بما تبقى لها من قوة أن تمتص زهرة حياة الأجيال الأحدث وتورثها أمراضها في الوقت نفسه. حل الاستغناء بديلا عن الاستقلال وبات الصراع كله منحصر بين الديوك والكتاكيت المدجنة بالكامل فلم تعد هناك حاجة حتى لبناء الحظيرة.
جميلة جداً جداً. كاريكاتير طويل للوسط الثقافي وشخصياته في الرواية. فيها من الروايتين السابقتين كتير، دميانة مثلاً فكرتني في أوقات كتير بحرنكش، وبطشو فيه شوية من حمادة وهكذا. يمكن إللي ما عجبنيش هو تحديداً الكاريكاتيرية في تناول الشخصيات طول الوقت.. يعني باعتبار الرواية مش مدفوعة بالحبكة وإنما باستكشاف الشخصيات، فحسيت إن الشخصيات مختزلة طول الوقت للصفات إللي صوت الروائي عايز يتريق عليها أو يبرزها. كنت هحب أسمعهم بيتكلموا بجد شوية، وإن كنت ما إتضايقتش نهائي من كلامهم، أو يمكن برضه ده كلامهم الجد من وجهة نظر المؤلف، ديستوبيته الخاصة عن المجتمع ده. ضحكت كتير فشخ عموماً ولو حد بيحب نائل الطوخي زيي فالرواية دي هتعجبه جداً لأنه آخد راحته فيها جداً، وإللي لسّه هيبدأ يقراله متهيألي هيتبسط جداً برضه، على الأقل مقارنة بلو كان بدأ بالخروج من البلاعة.
رواية يتكتب عنها كتير اوي وهتاخد أبعاد مختلفة مع قراية أجيال تانية لها.
ميخائيل وديع بيغير من الناس كلها مع إنه معملش أي إنجاز يخليه يحس بالاستحقاقية..حسيته بيتخيل نفسه نسخة المسيح بتاع المثقفين لأنه بعيد عن الشهوات كلها ومش بيقربلها، وفي نفس الوقت حسيت ده نابع من لا وعيه في مشهد لما دميانه جابتله تمثال المسيح.
مينا وبهاء اتلاقت مصايرهم وهما صغيرين من شباب جواها غضب مكتوم وعايزه تصنع تغيير، لشباب بيتكيف مع الواقع وبينتحي على جنب ويتخذ كل واحد فيهم شكل من أشكال النفاق، يختفي غضبهم ويبقوا سعداء في عالم هما شخصياته الجانبية.
This entire review has been hidden because of spoilers.
تسلية ملهاش مثيل، ضحك متواصل، مع تعليق دائم "أنت بتجيب الأفكار دي إزاي". إذا كان ألبير كامو شرح لنا فلسفة عبثية الحياة فنائل رسم لنا العبثية في البني آدمين
"يواجه النباتيون سؤالًا دائمًا: لماذا تستحلون أكل النبات ولا تستحلون الحيوانات؟ لأن النباتات غير واعية، يشرح الدكتور، كائنات حية نعم، واعية لا. لا تملك كل الحيوانات نفس الدرجة من الوعي طبعًا، الكلب أوعى من الناموسة طبعًا، ولكن كلاهما يخاف على حياته، خذ التفاحة في مقابلهما، هل لدى التفاحة على الغصن أي غريزة بقاء؟ قالها مجهزًا نفسه للانتقال إلى السياسة، إذ أننا لا ننحاز للمظلومين، فقط لمن يقاوم ظلمه، إذا أبيد شعب كامل، دون أن يرفع صوتًا، فلن نتعاطف معه، الخروف يصرخ وهو يذبح والطماطماية لا تصرخ وهذا كل الموضوع."
رواية "ديوك وكتاكيت" للأديب نائل الطوخي، تتوصف بجملة واحدة هي: دكتور جيكل يبحث عن مستر هايد، كل مثقف ومبدع لديه جانب مظلم في حياته الشخصية. حين يكتشفه ماذا سيكون شكله؛ سنجد شخصيات مثل محمود حجازي المفتون باسمه أو بهاء المتلون علي حسب الموقف وتحولات سامر إلي بطشو إلي سانوس ثم ايجبشن سانوس الذي يعتبر مناضل ثم روائي تحوله إلي مبتكر فن جديد وجرئ وكاتب بيست سيلر وديلر في ٱن واحد ودميانة إلي محررة أو مرممة مثقفين أو تصليحه ومينا الي جليس مثقفين ونسمة الي فمنيست والشربيني الذي يبحث عن شخصيته الروائية ومتولي إلي مزيكاتي بهلوان.
نري شخصية أبو وردة المناضل، تقبل تحولاته الجسدية تحول من شخص وسيم إلي بقايا جسد منهك ومتهالك
نجد هذه الرواية تعتبر تحد حقيقي في مسيرة أدب نائل الطوخي، إذا قرأت رواياته السابقة، ستلاحظ أن السخرية. والتراجيديا في حالة صراع أثناء صناعة رواية نساء كرنتينا أو رواية الخروج من البلاعة، أما في روايته الأحدث نتفاجئ؛ امتزاج التراجيديا والسخرية صارا مادة كيميائية واحدة.
نائل ابتكر من قبل شخصية انجي وعلي بطلا روايته نساء الكرنتينا و حرنكش بطلة رواية الخروج من البلاعة، بينما رواية ديوك وكتاكيت خلق عشر شخصيات رئيسية.
من أمتع الروايات اللي ممكن أكون قريتها، لسه نائل الطوخي قادر على تقديم القدر الممتع ده من الشخصيات والحكايات العب��ية، من أيام نساء الكرنتينا لغاية ديوك وكتاكيت.
أجمل حاجة وأعتقد ده أساس جمال الرواية دي هي حرفة نائل في انه ياخدنا يورينا شخصيات كاريكاتورية تماما هو مش واخدها بجدية، بتتصرف تصرفات مش واقعية ولا منطقية، وعرف يديها طبقة أنسنة وحقيقية خفيفة كده خلتنا نتواصل معاها ونتعاطف مع أزماتها مهما كانت أزمات عبثية تماما. والجميل كمان ان الشخصيات دي كانت بتتفاعل في عصر ما بعد ٢٠١١ لغاية الكورونا، وفعلا دي من الكتابات النادرة اللي عرفت تهضم الحقبة دي وتطلع منا برؤية ساخرة وفي نفس الوقت ثاقبة عن شخصيات المرحلة دي وتحديدا جيلين من مثقفين وسط البلد، العواجيز والشباب، الصحفيين والروائيين.
٧٤٠ صفحة من المتعة والضحك الخام، لدرجة اني كنت بحكي لناس صحابي عن شخصية سامر/بطشو/سانوس المصري، ومزودتش أي حاجة من عندي، وكانوا ميتين من الضحك، فشكرا لنائل بجد ❤️
النفس الطويل اللى الواحد بياخده بعد رواية طويلة خلصت :) سرد عظيم ومنهمر لشخصيات مريضة ، وغلبانة ، وايجوهات حقيقية ، وايجوهات مزيفة صراع اجيال متداخل ما بين الديوك " العجائز" والكتاكيت " الشباب " وراء سراب لاثباث الذات وادعاء التفوق على الاخر أبطال تعيش على هامش وهم الشهرة والتفوق والجنون