محكومةٌ بالخوف والعجز، تعيش أمل بونمر حياةً ريفيةً محافظةً في قريتها الدّرزية في جبل لبنان، حيث يهرب الجّميع من أسئلة الحياة إلى التديُّن والعزلة. يُمسك الأب، الذي ينتمي إلى طبقة المشايخ ويعمل حدادًا، بمطرقة سلطته على العائلة ليُشكّل مستقبل بناته الأربع بصورةٍ تتناسب مع عالمه المحدود. يقف الالتزام الدّيني لوالدَي أمل عائقًا في طريق التحاقها بالجامعة الأمريكيّة في بيروت. وفي هذه الأجواء، تعقد أمل صفقتها الكبيرة للانعتاق من خلال الزواج بسالم، بأحد أثرياء الطائفة الدرزية. فهل سيفي سالم بوعده؟ أم ستخوض أمل حربا جديدة من أجل تحقيق حلمها؟ هي روايةٌ عن الحرّية بمعناها الأكبر، وعن الأمومة كورطة وفرصة، وعن الحب الذي يتخطّى الحدود الجغرافية والدينية والثقافية. حنين الصايغ شاعرة لبنانية من مواليد جبل لبنان. حاصلة على ماجستير في تعليم اللغة الإنجليزية من الجامعة الأميركية في بيروت وصدر لها ثلاث مجموعات شعرية.
حنين الصايغ شاعرة وروائية لبنانية من مواليد جبل لبنان. حاصلة على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها، وشهادة ماجستير في تدريس مناهج اللغة الإنجليزية من الجامعة الأميركية في بيروت. تعمل في التدريس والترجمة الأدبية. صدرت لها ثلاث مجموعات شعرية: "فليكن" (2016)، "روح قديمة" (2018)، و"منارات لتضليل الوقت" (2021). روايتها الأولى "ميثاق النساء" (2023) صدرت عن دار الآداب ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025. صدر لها أيضا رواية "ثمرة النار" 2025 عن دار الآداب.
❞ المشكلة لا تكمن في الدين بحدِّ ذاته، بل في الرجال الذين يتقمَّصون دور الله، ويحكمون بالنيابة عنه، وفي النساء اللاتي يقبلن بالمنطقة الرماديَّة بين المعرفة والخرافة، ويقبلن بمسرح الدجاجة كبراحٍ آمنٍ يقيهنَّ مخاطرة التخطيط لحيواتهنَّ بأنفسهنَّ ❝
ميثاق النساء هو ميثاق الخوف، الخوف من الحرية في مجتمع الدروز الذكوري الذي يقهر النساء تحت عباءة الدين.
ميثاق النساء هو ميثاق الخوف من إعمال العقل في مجتمع دينه يمجد العقل.
ميثاق النساء هو ميثاق الخوف من الفضيحة وسط المشايخ والعشيرة قبل الخوف من رب الناس.
ميثاق النساء هو ميثاق الخوف، الخوف الذي يحيط بكل شيئ ليقيد الأفعال ويحبس الأنفاس.
ومع كل هذا، يظهر خيط من النور في عتمة الليل، وبريقه هو 'أمل' التي، مع أنها تعاني من اكتئاب مزمن، تجد في داخلها القوة لتتملك زمام حياتها، وتكافح ضد كل ما هو موروث لتحظى بأبسط الحقوق، حق أن تعيش حياة عادية وسط مجتمع يرى أن العادي للمرأة أن تحيا فقط بلا صوت ولا وجود.
جو عام من الكآبة والحزن يخيم على الرواية، وتختلط مشاعرك وأنت تقرأ بين مؤيد ومعارض لأمل، فالثمن غالي ولكن الجائزة أيضا غالية.
إذا ما أصابني هاجس كتابة رواية كما يصيب أغلبنا بين حين و حين فإني افكر في رواية تلضم كل المشاكل المعاصرة و تفندها و تنهيها تماما ، تفك الدين من العادات و تفك الأفكار الذكورية من المرؤءة و تظل تفكك الكثر لكن أعود لهدف واحد وهو أن تكون رواية اقدمها لنفسي الصغيرة لتنقذها ، رواية لو أني قرأتها و انا في مقتبل الشباب افهم منها نفسي و ما حولي و استطيع تحليل القرارات و الهرمونات و كل المتداخلات الكثيرة التي تهجم علينا في فترات العمر المبكرة و لا نعرف كيف نتصرف و لماذا تصرفنا كما تصرفنا إلا بعد عمر من الاطلاع و الكشف حتى يتضح لك ما هو بسيط و واضح من معلومات نفسية عن المراهقة أو عن عقد الطفولة و حقيقة أن كل تحرر للمر أة يحصل بأضرار نفسيه ومعنوية و اجتماعية و جسدية ايضا
هنا الكاتبة حققت هذا الغرض ، ياليتها كتبت الرواية مبكرا أربع سنوات لربما فهمت شيئا و انقذت نفسي مبكرا !
جمال التشبيهات و اللغة غير المتفزلكة و اعطاء الصوت النسائي هنا حقه في وصف مشاعره ، حتى تجربة الحقن المجهري لم تذكرها مرورا عابرا بل اعطتها حقها من مشاعر مررت بها بنفسي و تعاملت على إنها مبالغة مني ربما و علي السكوت عنها !
طائفة الدرز و سخاء الكاتبة في اعطائنا تفاصيل و رؤية كاملة من غير ملل عن هذة الطائفة كلن ممتعا ، كأنها تقص قصة خيالية ذكرتني ب( حكاية الجارية )
تطرق الكاتبة للمسكوت عنه و الإفصاح عن العادي من المشاعر و العادي من التصرفات و الأفكار التي عادة يبالغ في انكارها الناس و الكتاب
تشابهنا مع البطلة في كثير من الأمور رغم عدم انتمائنا لطائفتها و لا حتى بلدها ! كلنا في الوطن العربي نعاني من نفس القيود مهما اختلفت البيئات تتشابه الذكورية و مهما تحسنت شروط العبودية بتوفر التعليم مثلا تظل عبودية مبطنة مسكوت عنها و مهما ظهر من ان النساء تختار فلا اختيار و لا حرية
سأظل اكتب عن الرواية الكثير و أنصح بها بشدة ممتنة لمراعاة انها تصلح للقراءة في معظم الاعمار
لو لم يكن لها من فضل سوى بيان هذة القاعدة المهجورة ( يحق للمرأة الطلاق لعدم الحب ، لعدم قبول الآخر وعدم قبول معاملته الجنسية لها ) ببساطة هذا حقها و يقره كل شرع و دين و قانون ورغم ان الكل يعرف معنى الزواج المادي البحت ، معناه الحيواني اقصد إلا أننا نخشى الحديث عن هذا المعنى تحديدا ! سواء باسم الحب او باسمه الصريح
يقبلون طلبك للطلاق_على مضض _ إذا تحدثتي عن أي عيوب كبيرة من خيانة أو ضرب أو شح الانفاق او او لكن حين تطلبين الطلاق لأنك غير سعيدة و كاره له و لنفسك بسببه لا يقبلون بذلك ! و هذا أعظم
لكل فتاة قد تقرأ الرواية و تفهم أن من حقها الانفضال لأن من أول يوم زواج يتضح كل شيء فلا ترضخي للكلام العام من أن الشخص جيد و لا يعيبه شيء فنفسك و مشاعرك حقيقية و تستحق ان يسمع لها و إلا تدمرتي و دمرتي من حولك
هذا أهم درس و هدف و تصريح في الرواية يفند مشاكلنا الكثيرة مع عدم احترام مشاعرنا و لا مشاعر النساء عامة و تنميط الزواج و اسباب الطلاق باسباب ضخمة و معيبة ، الزوج هنا ربما افضل من كثييييير من رجالات العرب لكن هذا مهم ليفهم ان السر ليس فيه بل في الانثى حين لا تشعر بالسعادة و لا الحب مهما كان سلوك الآخر
مع كتاب ( ربما عليك أن تكلم أحد ) و معلومة ( لا تراتبية في الألم ) يرسخان مع بعضها فكر لابد تثبيته في عقولنا من أن وجعنا حقيقي مهما كان ترتيبه لدى المجتمع
كانت الكاتبة متحفظة في مشاعر الأمومة و تجنبت الإفصاح عن ورطة الأمومة و حتى ثقلها و الرغبة في التخفف منها و أن ترك الحضانة بعد الطلاق قد يكون نجدة لاعقاب ! وددت لو أنها اختارت للبطلة المسار الآخر ، استكمال الزواج للتواجد مع طفلتها لأن الوجود الجسدي مع صغارنا مهم مهما كان الوجود الروحي مشوه ، فلحظات الاطفال كثيرة و معقدة و بعدك عنهم يوم قد يحمل تغير كبير لهم و مواقف تحتاج لوجود أم تحضرني قصة الجارة التي توفت و تركت طفلتها التي كبرت حتى صارت مراهقة تعاني من الإمساك في صمت لم تعرف كيف تصف وجعها و لا ما هو الطبيعي اصلا حتى توفت بسبب كتمانها الأمر لمدة قاتلة !
يرعبني ترك الأم لطفلها ، لكني نظريا و عقليا اعرف ان الاطفال عالم منفصل و شخصيات مستقلة و ما يضرهم في غيابك قد يضرهم في حضورك و أكثر ! بل قد تضرينهم أكثر مما يضرهم الاغراب ، و على مر الزمن كانت النساء يتركن الاطفال مع المرضعة ثم مع الاعراب ليتعبموا اللغة و فنون القتال أو في مدارس داخلية أو او نحتاج مازلنا توعية اكبر لفك مشاعرنا المتداخلة حول ( الأم التي تتنازل عن حق الحضانة ) لمصلحة اطفالها و دراستهم
اختيار الاسم ( أمل ) و ما يحمله من دلاله و أجواء الرواية ذكرتني ب ) مكتبتنا الصغيرة في طهران )
اتمنى جزء تاني يسترسل في نقطة الابنة و كيف ستتقبل ما حصل من والدتها بعدما تكبر مع حالات اخرى تفضل الاستمرار لأجل التواجد مع ابنتها مثلا و كيف تصنع عالم منفصل يعالج شرخ عالم الزواج الذي فشل ، فبالتأكيد سيظل هناك حزناء يكملون الزيجة في حزن ، بعد خداع و براءة عدم فهم نظرية المساومة و تطبيقها حتى ، يضحون دون تفعيل حقهم في مساومة مشروعة و كيف يخدم الكون الحزينة المضحية كما يخدم التي تفك القيد و تختار السعادة و كيف يكون الفارق
الكتابة عن الذات عمل شاقّ.. و قراءة الكتابة الذاتية عمل أشقّ صراحةً. حنين الصايغ حاملة رسالة و مكلفة بمهمة و هذا من حقّها. هي أرادت الحديث عن أهل طائفتها الدروز و قواعد دينهم و هذا يُحسب لها. لعلّ الحسنة الوحيدة لهاته الرواية المهترئة هي تعريفنا بخبايا دينٍ باطنيٍّ سريٍّ مثل الدرزية. لكنّ للرواية قواعد تمّ ضربها بعرض الحائط. شخصيات الرواية لم يقع الاعتناء بها كما يجب.فكانت غير واقعية و ردود أفعالها غير منطقية. الأب الذي تحوّل بقدرة قادر من التزمت إلى التفهم التام. الأخت التي انهارت في نهاية المطاف لأمرٍ عرفته و عايشته من سنوات عديدة. الأمّ التي لم نفهم ما تشعر به فعلًا و كيف هي قادرة على كلّ هذا "التفلسف" في الدين رغم بساطتها. و حنين نفسها على لسان أمل: تخبرنا بما تريد و تخفي عنّا ما يحرجها و يزعجها. تتوقف عند حقنة الطبيب و تبني عليها صفحات و صفحات من الآلام و العقد و لا تتوقف دقيقة عند اغتصاب ليلة الزفاف و مئات الليالي التي تبعتها. هذا بدون الحديث عن كل التفاصيل و الشخصيات التي تظهر و تختفي حسب أهواء الكاتبة. النتيجة كانت عملا توثيقيا مهمًّا و عملاً روائيّا شديد التواضع.
حنين الصايغ اختارت أن تسرد الرواية على لسان البطلة، في سرد داخلي يجعلنا نعيش مشاعرها لحظة بلحظة. الأسلوب هادئٌ، بسيطٌ من حيث اللغة، لكنه مشحون بالعاطفة والانكسار، وفي أحيانٍ كثيرة، يحمل شحنة من التهكم الخفيف أو التساؤلات الفلسفية غير المباشرة. السرد الزمني غير خطي، يتنقل بين الماضي والحاضر، وهو تنقل وظيفي لا جمالي فقط، إذ يكشف آليات التكوين النفسي والوجداني للشخصية.
شخصية "أمل" هي محور الرواية دون شك، شخصية مرسومة بعناية لا كضحية فقط، بل كامرأة تمشي بين الحواف الدقيقة للمأساة والمقاومة. أما الأب، فليس كاريكاتيرًا للشر، بل تجسيد لسلطة مركّبة: الأب، الشيخ، حامل الأعراف، والمتحدث باسم "الحق الإلهي". يظهر أحيانًا كمن يؤمن فعلًا بما يمارس، مما يجعل القارئ يرى كيف تُمارس السلطة بحسن نية أحيانًا، فتغدو أكثر خطورة.
عنوان الرواية، "ميثاق النساء"، مستوحى من فصل في كتاب الحكمة الدرزي، مما يضفي على العمل بعدًا رمزيًا ثقافيًا شائكًا.
____________________
أسئلة موجهة لكاتبة العمل خطرت لي وانا أقرا:
- إلى أي مدى كانت أمل بو نمر صورة ذاتية أو إسقاطًا جزئيًا لتجربة شخصية مررتِ بها أو سمعتِها؟
- العنوان "ميثاق النساء" يحمل دلالة دينية حساسة، هل تلقيتِ ردود فعل من الطائفة أو من رجال الدين حول استخدام هذا المصطلح؟
- كيف تصفين علاقتكِ باللغة؟ فالأسلوب في الرواية متقشف لكنه عميق، هل هذه استراتيجيتك الدائمة في الكتابة؟
- هل تعتقدين أن الأدب قادر على تغيير واقع المرأة، أم أن أقصى ما يمكنه هو أن يُضيء عليه؟
_______________________
مشكلتي الوحيدة مع العمل ان ثيمته مشابهة لكثير من الأعمال التي طالعتها مسبقًا، أذكر بعضها هنا:
ميثاق النساء" × "حرمة" لعلي المقري : كلتا الروايتين تضعان امرأة بطلة في قلب مجتمع محافظ، تُحاصر فيه بالعرف والدين والتقاليد. في "حرمة"، البطلة تُروى بضمير المتكلم أيضًا، ويجري تفكيك علاقة المرأة بجسدها، بالحب، وبالقيود الاجتماعية والدينية.
"ميثاق النساء" × "بنات الرياض" لرجاء الصانع: هنا نجد اختلافًا في البيئة الاجتماعية (السعودية مقابل اللبنانية الدرزية)، لكن هناك تشابه في رصد تناقضات المجتمع المحافظ، والصراع الداخلي الذي تعيشه النساء بين الرغبة في الحرية والخوف من النبذ. "بنات الرياض" مكتوبة بأسلوب عصري، أقرب للبوح المباشر برسائل إلكترونية، بينما تعتمد حنين الصايغ على أسلوب روائي أدبي، داخلي التأملات، بعيد عن الإشهار أو الخطابية. اللغة في "ميثاق النساء" أكثر كثافة وغنائية، وأقرب إلى أدب السيرة
جازفتُ بالتوقع، ومُنيتُ بالفشل الذريع لما ترقبتهُ وما كنتُ له مُنتظرةً من هذا العمل. بدأً من الدار التي نشرتهُ، مروراً بعنوانه، وصولاً إلىٰ الإحتفاء الذي مُنيَّ بهِ (المراجعات علىٰ هذا الموقع تشهد بذلك!)، كان ذلك كفيلاً بأن يجعل يدي تمتدُ لتلتقطهُ من رف دار نشر الآداب في معرض الكتاب، مع تخلقُ ذاك الخاطر في رأسي في تلك اللحظة، نعم هذا عملُ سيُعجبكِ وهو مُستحقٌ بالتأكيد للفرصة التي مُنحت له.
حسناً طوال قراءتي للعمل توالت الخيبات عليّ، سأسهبُ الآن بالحديث عن الخيبة، الخيبة المريرة التي عايشتها أثناء قراءتي لهذا العمل، ونعم لا أبالغ فهي مريرة حقاً. وسأفصلُ فيها الآن:
العطب، العطب الأكبر كان في البناء الروائي، يا أيها الرفاق، أيها المحتشدون للتمجيد والتهليل لهذه الرواية ألم تجدوا بعضاً مما وجدته(لا أرغب حقاً بلعب الدور الذي يبدو للرائي من بعيد أنني أحاول لعبه، دور القارئ المتحذلق، ذاك الذي يجدُ ما يحتفي بهِ الآخرون محضَ هراءٍ، ولكني حقاً بحاجه للحديث والمناقشة مع من أعجبهم هذا العمل، أرغبُ بذلك حقاً!) تبدىٰ لي الخلل في هذا العمل عظيماً، ولا يمكنُ بأي حالٍ من الأحوال تجاهلهُ، أو غض الطرف عنه، أو الإلتفاف عنه بمدح عناصر أخرىٰ كانت جيدة في العمل، كاللغة مثلاً، والتي فعلاً كانت جيدة وفي مواضع من العمل كانتْ جيدة جداً وفي جملٍ بعينها كانتْ مُمتازةً أيضاً، ولكن مع بناءٍ روائي مُغالي في عطبهِ كالذي تواجدَ هنا! ما من شيء يُمكنهُ إصلاح كارثة كهذهِ.
من أين أبدأ؟ لنبدأ بالشخصيات؛ أصفُ دوماً الشخصيات في الأعمال التي لا تنال إستحساني بجملةٍ أجدها دوماً تصفُ ما أستشعرهُ وما يعتمل فيّ من موقفٍ تجاه شخصيات تلك الأعمال: شخصيات البعد الواحد. الأنكىٰ هو ما حدث هُنا: ما من بعد واحدٍ حتىٰ لشخصيات هذا العمل. لا، ليستْ السطحية في تركيب الشخصيات هي المشكلة، بل سيولتها. الشخصيات سائلة وهلامية، وما من موقفٍ واحد مُتبنىٰ من قبلها أو جملة تُنطق علىٰ لسانها يُمكن إعتبارهُ أو تخيلهُ كموقفٍ إنساني، أشتركُ معه أو أتعاطف أو أتخذ أي رد فعل حقيقي تجاههُ. والأحداث التي تزاداد سيولةً مع مرور العمل، لا الأحداث كانت واقعية ولا ما تتفوه بهِ الشخصيات، ردات الفعل لا تمتُ للمنطق بصلة، أم قصة الحب التي نشأت؟ ما هذا؟ حقاً ما هذا؟ عند ذهابه بعيداً قلت في نفسي، جيد، علىٰ الأقل لم تسقط الكاتبة في فخ قصة ساندريلا، فإذا بهِ يعود بعد حين لتُكلل القصة الفانتزية بالنهاية السعيدة المتوقعة. رُشح العمل لجائزة البوكر كذلك! أرغب حقاً بمعرفة معاير تلك الجائزة، إن كانت اللغة فقط، فلهم الحق، لغة الكاتبة واعدة، وأجدُ لها مستقبلاً باهراً في الساحة العربية إن عملت علىٰ إثراء باقي عناصرها الأدبية، ولكن في هذا العمل، فلا، لا إمكانية للتشرح لنيل اي جائزة (في رأي الشخصي البحت). عمل مخيب للآمال بكل ما تحمله الكلمة من معنىٰ.
وصلت هذه القصة الى قائمة الست كتب التي اختيرت للفوز بجائزة البوكر ٢٠٢٥! في الحقيقة لم افهم السبب في البداية إلى ان وصلت إلى النصف. رواية نسوية كتبتها امرأة وتحدثت عن النساء عند طائفة الدروز وفي لبنان ووو. وهذا يعني ان استحقاق القصة للفوز بالبوكر ممكن جدا. وقد فازت امرأة واحدة بالجائزة التي تأسست في عام ٢٠٠٨، وهي هدى بركات لقصتها بريد الليل. ولم استحسن تلك القصة أبدا. ولكن إذا فازت ميثاق النساء في هذا العام فسوف افرح كثيراً لانها حكت عما تعانيه النساء في بلداننا العربية كلها! من من النساء استطاعت ان تحصل على كل ما تريد مثل ما يحدث للرجال؟ هل تحققت أمنياتنا مثلما تتحقق امنيات الرجال؟ وهل هذا سبب ضعفنا؟ ام ان القرار لمن سيفوز يأخذه الرجال؟
بطلة القصة هنا مكافحة ولن اتكلم عن دينها فقد شرحته جيدا وتبين لي بأنه دينا ليس للنساء فيه اي انصاف. ولكنها استطاعت ان تحقق الكثير وبدل الكثير من الجهد. والكاتبة ليست فقط كاتبة بل شاعرة ايضا ، مثلا هذا البيت : ❞ «الحبّ هو أن نتجاذب كرة النار لا أن نتقاذفها» ❝جعلني ابكي كثيرا بعد هذه الفقرة
لابد ان اتحدث عن الاكتئاب هنا! كيف نستطيع ان نمنع هذا المرض! احسست بأنه مرض قاتل قد يدفع المصاب به إلى حافة العالم ليلقي بنفسه ويتخلص من الحياة. هل يوجد بيننا طبيب يستطيع تشخيص المرض قبل استفحاله ؟ وماذا عن الادوية التي تُعطى لمريض الاكتئاب ؟ هل هي مجدية؟ لا اعلم. فقط احس بأن المريض يدخل في دوامة الأطباء والصيدليات ويعاني ويتعذب بدون ان نعرف عما يجول في خاطره.
احببت طريقتها في كتابة رسائل لنفسها ! تعلمت هدا الشي منها. لان تفكيرنا اليوم سيذهب هباء منثورا إذا لم نكتبه ونحتفظ به في مكان ما. ربما هناك نصيحة لأبنتنا او لابننا عما سيفعلونه بعد عشر سنوات. ربما نحن سنصاب بنقص في الذاكرة بعد عشر سنوات وسننسى ما نريد قوله لهم.
وهذه نبذة عن الدروز كجماعة دينية ربما سنستفيد من معرفة شيئا ما عن كاتبتنا:
وعلى فكرة لقد زرت الجامعة الامريكية في سنة ١٩٧٩ وعجبتني جدا بدرجاتها المائة وحدائقها وقربها من البحر. لا أعرف إذا كنت سأرى لبنان عما قريب مع الأوضاع الراهنة.
وعلى فكرة تعلمت كلمة جديدة: مداميك يعني طريقة رص الطوب في البناء
اقتباسات (ارجو ان تعذروني لانها كثيرة):
❞ - يؤسفني أنَّك لا ترى كلّ هذا التعسُّف في قوانين ديننا. سأترك كلّ هذه القسوة ورائي ولن أعود أبدًا. ❝ ❞ ولكنْ كان هناك في مكانٍ ما في رأسي ما هو أشدّ خطورةً من ذلك كلّه. كان هناك توقُّع. ❝
❞ توصَّلت إلى نتيجةٍ أنَّ المشكلة لا تكمن في الدين بحدِّ ذاته، بل في الرجال الذين يتقمَّصون دور الله، ويحكمون بالنيابة عنه، وفي النساء اللاتي يقبلن بالمنطقة الرماديَّة بين المعرفة والخرافة، ويقبلن بمسرح الدجاجة كبراحٍ آمنٍ يقيهنَّ مخاطرة التخطيط لحيواتهنَّ
❞ كان من المفترض أن أنجب طفل أنبوب، فأصبحت أنا امرأة الأنبوب. ❝
❞ ماذا تريد أن تقول لي؟ لِمَ اخترتني أنا؟ هل صحيحٌ أنَّ الأطفال يختارون أمَّهاتهم؟ إن كانت هذه حقيقةً فهذا سيجعل الأمر أسهل، لأنَّني سأكون خيارك غير الموفَّق، وهذا سيقلِّل من شعوري بالذنب. كم ترعبني فكرة أن لا ذنب لك بكلِّ هذا❝
❞ كانت المشكلة بعيدةً جدًّا وعميقةً بعمق النوم الذي حظيت به على الفرش الوثيرة للصمت، متجاهلةً حبَّة الفول التي تبيَّن لاحقًا أنَّها حبَّة بلُّوط، فنَمَت وتشعَّبت أغصانها لتمزِّق طبقات الصمت وتخترق كياني كأسياخٍ من حديد. ❝
❞ ثم انتقل إلى موضوع حرِّيَّة المرأة وعلاقتها بحرِّيَّة الرجل، وقدَّم تحليلاً عميقًا خلاصته «لو كان الرجل حرًّا لما احتاج أن يفرض وصايته على المرأة». وذكر أنَّ الأديان في حدِّ ذاتها لا تضطهد المرأة، ولكنَّ المؤسَّسات الدينيَّة أمَّمت فكرة الحبّ وجعلته رهين العادات والتقاليد ❝ (الكاتب حامد عبدالسلام)
❞ فتِّشي عن معجزتك الخاصَّة، وفكِّري بها على أنَّها إيمان. ❝
❞ - المؤمن ينتظر أن تُستجاب دعواته، أمَّا أنتِ فبإمكانك أن تُضيئي الشمعة وتتمنِّي أمنيةً وكأنَّك تلعبين لعبة نرد. لا شيء مضمونٌ ولا خيباتٌ كبيرة في الطريق. افعلي هذا! ❝
❞ ربَّما أدركت في تلك اللحظة أنَّ هذا هو «ميثاق النساء» الحقيقيّ. ميثاقٌ من التضامن والفهم والوجع لم يخطّه أحدٌ في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاقٌ يجعلنا نتواصل ونترابط على بُعدٍ آخر. بُعدٍ لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا. ❝
❞ كانت وظيفتي هي أن أتماسك لأستوعب ألمها وأحتوي انفعالاتها. هممت بكتابة مجموعة رسائل لها حتى تقرأها حين تكبر، ولكنِّي عدلت عن الفكرة، لأنِّي أعرف أنَّ قلبي مليءٌ بالمرايا المكسورة، ولأنَّ الأشياء الحادَّة لا يجب أن تكون بمتناول الأطفال وإن كان ذلك فوق الورق ❝
❞ ليس هناك من ضمانةٍ ولا من عقدٍ مبرمٍ بيننا وبين الحياة يعدنا بأنَّنا سنكون بخير طوال الوقت، وأنَّ كلّ شيءٍ سيبقى على ما يرام ❝
❞ سرٌّ ما فيك أيقظ قداسة الأنوثة في ذاكرة كلِّ خليَّةٍ من خلايا رأسي وجسدي. ❝
❞ وأصبح التحديق في السقف نافذةً على حديقة الله. ❝
حياة الأقليات عادة ما تتشكل بروح خاص وطابع مختلف له خصوصية وتقاليد تستحق الغوص فيها ... في هذ�� الرواية المفعمة بالروح الحية والسرد الأنيق تشكلها بسرديتها المبدعة الى أنواع التشكيل المتنوعة والشيقة رواية جميلة
❞ ربَّما أدركت في تلك اللحظة أنَّ هذا هو «ميثاق النساء» الحقيقيّ. ميثاقٌ من التضامن والفهم والوجع لم يخطّه أحدٌ في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاقٌ يجعلنا نتواصل ونترابط على بُعدٍ آخر. بُعدٍ لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا. ❝
هذه الرواية هي محاولةٌ للغوص في المجتمع الدرزيّ المعاصر وتفكيكه اجتماعيًّا ودينيًّا وأسطوريًّا. هي روايةٌ عن الحرِّيَّة بمعناها الأكبر، وعن الأمومة كورطةٍ وفرصة، وعن الحبّ الذي يتخطَّى الحدود الجغرافيَّة والدينيَّة والثقافيَّة
مراجعة رواية #ميثاق_النّساء للشاعرة والكاتبة اللبنانية #حنين الصايغ 📝 : #البوكر2025
📝أوّل خاطر لمع بذهني إثر إنتهائي من قراءة الرواية أنّ حنين الصّايغ بهذا العمل المتقن والكامل وقّعت بينها وبين ذاتها وبينها وبين قرّائها 'ميثاقا' عفويّا تتعهّد فيه بإنتاج روائع أدبيّة أخرى مستقبلا ذات أبعاد هادفة لا تقلّ قيمة وإبداعا عن 'ميثاق النّساء'،ميثاقْ آسر لا يمكنّ نقضُه. كقارئة يمكن ان أقول أنّي وقعت في حبّ هذا القلم الفريد والمنفرد وفي حبّ هذا العمل الروائي الأولّ للشاعرة.
📝رواية نسويّة،إجتماعيّة،إنسانيّة. نَثْر شعريّ ذو طابع نفسيّ،فلسفي ووجودي كُتِب بكلّ شفافيّة وصدق وعذوبة. رواية مميّزة في معالجتها للقضايا المطروحة وخاصّة قضايا المرأة بحيث خرجت الصايغ عن النمطيّة و الرواية النسويّة الإجتماعيّة التقليديّة فراحت تستكشف عوالم وميادين أخرى ليست بالمستهلكة وتراها وتبسطها من زوايا مغايرة رغم حساسيّتها،إذ أنّ توغّلها في عالم الطائفة الدرزيّة اللبنانيّة وواقع المراة المسكوت عنه في البيئة الدرزية وتعرية حقائقه واسراره في حدّ ذاته يُعتبر إستثنائيا.
📝الروايٌة تتراوح بين الماضي والحاضر، تروي حكاية امل بونمر التّي هي نفسها الراويّة.امل تنشأ في عائلة ريفيّة، في قرية ،في ضيعة عينصُورة ،ضيعة نائية محصورة في نقطة منخفضة خلف الجبال في لبنان.عائلة امل متكوّنة من والديها واخواتها الإناث الثلاث.والدها حدّاد من المشايخ ووالدتها إمراة تحاول جاهدا الحفاظ على توازن عائلتها.أمل لها علاقة لا يمكن تحديدها بينها وبين والدتها ،علاقة معقّدة وتعلّق شديد سيفهمه القارئ حين يخوض في احداث الرواية،الأهم في الامر أنّ هذه العائلة ملتزمة جدّا بدينها ومتقيّدة جدّا بتعاليمه،فهم ينحدرون من عائلة مشايخ عريقة.تجد أمل نفسها تلك الفتاة المنكمشة على نفسها ببن ليلة وضحاها متزوّجة في سنّ الخامسة عشر من الدرزيّ سالم و من هنا تبدأ محاولاتها في مواصلة دراستها وهي تلك التلميذة المتفوقّة والتي املها الوحيد يتمثّل في الإلتحاق بالجامعة الأمريكيّة ومن هنا يبدأ دربها الشائك في تحقيق احلامها.هي امل تلك الفتاة الوحيدة التّي كسرت القاعدة وقرات الميثاق المحرّم عليها. سنتابع رحلتها الشاقة نحو الحياة ،نحو النجاة ربّما بنفسها. رحلتها من القرية إلى بيروت ولاحقا إلى ما وراء البحار. رحلتها نحو المجهول،نحو وجهة غير معلومة رحلتها في السّعي للتخلص من مخاوفها،كوابيسها وأشباحها،رحلتها في السعي للإنتقال من الخوف إلى الحريّة،من الصّمت إلى الصّراخ ،من الظلام إلى النور ،من العزلة إلى التواصل ،من عدم الثقةإلى الثقة،من الخوف إلى الشجاعة،من الرّضوخ إلى التمرّد،من السلبيّة إلى الإيجابيّة،من اليأس إلى الامل،من المرض إلى التّعافي،من الصّراع مع النٌفس إلى التّصالح معها،من الرٌفض إلى القبول،من الإنكار إلى الإعتراف ،من الشك إلى الإيمان،من الرّيب إلى اليقين،من الجهل إلى الإدراك،من الكره إلى الحبّ...ثنائيات لا متناهية تعكس شخصيّة أمل المعقّدة وتناقضاتها. رحلتها كانت في البحث عن وجدانها،عن روحها،عن نفسها التي طالما انكرتها وقزّمتها وإحتقرتها،عن نفسها التي تحسّها ناقصة ومشوّهة؟عن مشاعرها التي طالما دفنتها ونكرتها وكتمت صوتها. رحلتها في البحث عن نفسها ورحلتها في النبش في الدّين الذي منعها من حريّاتهاووضع لها ميثاقا تتّبعُه. فهل ستنعتق من شعورها بالذلّ والإهانة والخوف من الآخر ومن نظرة الآخر؟من الرعب والهلع الدائم؟هل ستنعتق من الألم والحزن والكبت والقهر ؟والأهم هل ستنعتق من البرانويا الدينيّة؟ فهل سيتحقّق ما تصبو إليه؟هل سيكون هذا دون عثرات وعقبات وإنكسارات وآلام وأوجاع وعذابات وتنازلات ؟ هل ستتجاوز كل الحواجز والمواجهات ؟هل ستجد أخيرا السعادة؟هل ستجد ما تنشده وتصبو إليه؟هل أنّها ستتغذّى بألمها لتنهض بنفسها؟هل هناك امل لأمل؟
📝"ميثاق النّساء" هو عنوان رمزيٌ للغاية، فهاتين المفردتين او بالاحرى هذا المصطلح مأخوذ من إحدى رسائل " كناب الحكمة" لدى طائفة الموحّدين الدروز.دين الإنغلاق على الذّات ورفض التّغيير،لا يؤمن بالتبشير والدعوى بل بالتقمّص.الديانة الدرزية التي أُسّست على يد الحاكم بأمر الله الفاطمي، الخليفة العباسي الذي حكم في مصر في القرن الحادي عشر الميلادي. المجتمع الدرزي مقسّم إلى عُقّال وجُهّال او جسمانيين وروحانيين.الجسمانيون ليسوا مطالبين بممارسة أيّ شعائر دينيّة وليس عليهم معرفة ما يوجد بكتابهم المقدّس "كتاب الحكمة" لكن عليهم أن يؤمنوا بالدّين وان لا يختاروا ازواجهم من خارج الملّة.اما الروحانيّون فهم من يجتمعون بمكان يسمّى الخلوة ويقومون بالشعاىر الدينية كلل خميس. في هذه الديانة محرّم على النّساء أن يعرفوا امورا جوهريّة عن الدّين لأنّهم جسمانيّون والمشايخ يعتبرونهم فريقا آخر
📝الميثاق هنا له أبعاد اخرى إلى جانب البعد الديني ،فالميثاق هو إلتزام وعهد وفرض ملزم على كلّ الأفراد. الميثاق بالنٌسبة للدوز مؤلّه ومُقدٌس,لكن ميثاق النّساء في الرواية له رموز أخرى،يمثٌل قداسة الوعود والعهود ببن نساء الطائفة الدرزيّة بصفة خاصّة ونساء المجتمعات العربيّة على مستوى أعلى ثمّ نساء العالم بصفة عامّة. الميثاق هنا هو ميثاق التضامن النسوي والإحساس بأوجاع بعضهنّ لبعض،ميثاق غير مرئيّ. ميثاق التّشابه في الحياة،في الالم،في الوجع،في الصّبر،في الصّراع،في المواجهة . ميثاق في الرّضوخ،في الصٌمت ،في الصراعات ميثاق في الحفاظ على الشّرف ومداراة الفضائح. ميثاق الصمت للبقاء والإستمرار.
📝أيضا فكرة التقمص هي فكرة يؤمن بها الدرزيين لكن يرمز ربّما إلى تقمّص النّسوة نفس الأدوار عبر الزّمن،نفس المصائر ونفس الحيوات فمتى ينتهي التقمصّ؟ومتى يُنقض الميثاق.؟
📝الكاتبة عرّفتنا على لبنان من قريب وعلى البيئة الدرزيّة بكلٌ دقة.تعرٌفنا على اللهجة والعبارات ك كلمة "مولاي العقل"الدرزيبن حين يتعجّبون او يستحسنون شيئا او وقت المناجاة وهذه العبارة نسبة لحمزة بن علي الذّي كتب كتاب الحكمة الذي يتّبعون.
📝الشخصيات دُرِست بذكاء وبكلٌ دقّة النسائيّة منها والذكوريّة وإحقاقا للحقّ تعاطفت كثيرا مع اغلب الشخصيّات الذكوريّة فهم أيضا ضحايا في هذه الرواية كسالم وجاد وخلدون وحامد وحتٌى والد وجدّ امل.
📝النصّ شاعري بدرجة عالية ،تأمّلي،وجودي ووجداني،احسست نفسي في بعض الفقرات كأنّني بصدد قراءة نصّ من التيّار الرومانسي لقوّة المشاعر والاحاسيس النابعة منه لإنصهار وإندماج وإنسجام الشخصيّة الرئيسية مع الطبيعة وتجاوبها معها. فأمل تعبّر عن المشاعر الشخصية، وخصوصًا عن الحزن والألم والوجع من خلال المشاهد الطبيعية وتُستخدمها كرمزية لتعبّر عن حالتها النفسية، فدمجت الطبيعة مع أحاسيسها الوجدانية وإستخدمت المناظر الطبيعية مثل الجبل، أو السماء،الغيوم.... لتعكس مشاعرها الباطنيّة ولتُعزز إحساسها بالوحدة والألم العاطفي الرّوحي،فهي في صراع مع محيطها وفي تناغم مع الطبيعة.
📝عناوين الفصول أُخْتِيرت أيضا بكل دقّة وشاعريٌة ورمزيّة للغاية.
📝الحوارات بين الشخصيّات عميقة جدّا وتبرز أهمّ القضايا المطروحة في الرّواية وكانت من نقاط قوّتها.
📝القضايا المطروحة عديدة ومختلفة منها النسويٌة والإجتماعيّة والنفسيّة لكنّها مرتبطة إرتباطا وثيقا ببعضها وأهمّها كيف أنّ تصاهر السٌلطة الأبويٌة والذكوريّة التي تواجهها النّساء في العالم العربي وتزاوج التّراث والدّين والنظام الإقتصادي جعل من تحرّر المرأة وإنعتاقها دون أضرار ومخلّفات نفسيّة وإجتماعيّة ومعنويّة أمرا يبدو مستحيلا. عن الإنتماء،عن الهويّة،عن الإستغراب،عن تحقيق الذّات. عن الظلم والقهر والكبت الممارس على المرأة. تسلّط الضّوء على المرض والإضطراب النّفسي،عن الإكتئاب،عن مخلّفات التّراكمات،عن أسباب الإنتح-ار،عن نوبات الهلع،البرانويا. عن الزّواج المبكّر،عن الحياة الزوجيّة،عن العلاقة الجنسيّة بين الزوجين،عن الإنتهاك الجسدي ،عن الطلاق. عن الأبوّة وعن الضغط الذّي يمارس على الرّجل في حالة العقم أو عدم الإنجاب. عن الأمومة باشكالها وماهيّتها،عن علاقة الأمّهات ببناتهنّ،عن الأخوّة،عن الحبّ. عن مفهوم السعادة عند المراة وعند الرّجل أيضا. عن الصٌمت وهي من أهمّ المواضيع المطروحة. من خلال الصّمت شهدنا تطوّر الشخصيّة وبلوغها التّواصل.فكم مرّة تكرّرت أداة النّفي وعبارات النّفي مصحوبة بالصّمت والقول ك "لم أقل،لن أقول،لم أتكلّم،تقف الكلمات في حلقي،إكتفيت بالصّمت،تمسّكت بالصّمت،آثرت الصّمت،لم أزعج احدا بكلام لا يهمّه،امل التي تختنق بصوتها ولا تقول شيئا..." اكيد لم يكن إعتباطيّا بالمرّة وبالتالي تطرح صعوبة التواصل للمرأة المكبوتة والمهمّشة. عن الجسد وإنتهاك الجسد وعلاقة المراة بجسدها وما يمثّله لها في مجتمع رجعيّ ودين متزمّت خاصّة. تسلّط الضوء على الديّن والإيمان،عن العادات والتّقاليد والموروث.
📝الجميل في الرواية أنّ الكاتبة كتبت بكلّ سلاسة دون تحامل او ضغينة على الدّيانة الدورزيّة ولا على الرّجل،هي فقط طرحت قضايا المراة في المجتمع بصفة عامّة،ثمّ الطائفة الدرزيّة بصفة خاصّة.
📝تفصيل آخر كان واضحا هو محاولة الكاتبة ربما في جعل القارئ يتوقّع أنّ امل إنّما هي حنين الصايغ في حدّ ذاتها حين أشّرت على ديوان "فليكن"في العمل،لكنّ لا أظنّ ذلك البتّة فقط هناك تقاطع بين الكاتبة وشخصيٌتها في تمكّنهما وحبّهما للعبارات والتراكيب الشعريّة وبذلك تبدو كإنعكاس فقط وربّما تلميحا من الكاتبة أنّ امل هي كلّ النّساء بما فيهم هي.الكاتبة بهذه الطريقة في ميثاق مع بطلتها وتتبنّى أفكارها او بالأحرى تطوّر أفكارها.
📝حنين الصايغ نقدت إيديولوجيات بالية،رجع��ٌة. الفصل الاوّل كان عنوانه "الجدار" وهو عنوان ذكيّ جدّا.هذا الفصل كان من اروع الفصول في الرواية واكثرها رمزيّة فهل سيُكسر هذا الجدار بكلٌ رموزه وبكلٌ ما يُمثّلُه؟
📝الرواية بها إقتباسات جميلة جدّا ويمكن الذّهاب بالقول أنّ الرواية في حدّ ذاتها إقتباس طويل من أوّل سطر لآخره.
📝حنين الصايغ تجعلنا نرى عن كثب الثقافة اللبنانيّة وتجعلنا نغوص في عوالم جديدة بسرد ممتع وشاعريّ جدّا.
احببت كثيرا الرواية وأتمنى وجودها في القائمة القصيرة البوكر
عن مجتمع ديني منغلق على نفسه، الدروز الموحدون، لا نسمع عنهم الشيء الكثير بل ولا نعرف عن دينهم سوى النزر اليسير.. لذلك هذه الرواية كانت مدخلا لفهم البعض من تقاليدهم وجوانب من إيمانهم. ومن العنوان نفهم أنها ستدور بشكل أساسي حول المرأة في المجتمع الدرزي، من خلال شخصية أمل، الفتاة التي زُوّجت صغيرة لسالم الشاب الدرزي، فحسب أعرافهم الزواج يكون بين الدروز فقط ولو خالفوا هذا القانون يخرجون من الملة.
لم تكن أمل في قراراتها مقتنعة بهذا الدين، رأت فيه استنقاصا للمرأة وحقوقها.. لم تفهمه ولم يناسب تفكيرها العقلاني. لذلك كالفراشة حاربت حتي خرجت من شرنقتها.
يا الله تعبت! كيف ممكن نقول، بسهولة يفهمها الجميع، إنه مش كل إشي يستحق الكتابة بالعالم، وإنه الواقع لا يعني الواقعية، وإنه الأدب شيء ثاني تماما، وإنه هاي الرواية، بأحسن أحوالها، بتحتاج تحرير مكثف حتى تصير قابلة للنشر، وإنه الكتاب العرب كلهم بحاجة لدروس تقوية باللغة العربية؟ مش عارف كيف وصلنا لنحكي بديهيات. بس ما بقول غير: يا كريم.
يتناول هذا العمل العظيم قضايا المرأة في المجتمع الدرزي المحافظ بجبل لبنان، حيث تفرض التقاليد الدينية والاجتماعية قيودًا صارمة تحدّ من حرية النساء وتكبل طموحاتهن. تسرد الرواية رحلة شخصية أمل، شابة تعيش في قرية جبلية تحت وطأة السلطة الأبوية التي يمثلها والدها، المنتمي إلى طبقة المشايخ. من خلال هذه الشخصية، تعكس الرواية معاناة المرأة منذ طفولتها ومرورًا بمراحل دراستها وعملها، وصولاً إلى الزواج والأمومة، في سياق مجتمع يهرب كثيرون فيه من أسئلة الحياة إلى التديّن والعزلة.
تعكس الرواية صراع أمل الداخلي والخارجي في محاولتها للتحرر من القيود الاجتماعية والدينية المفروضة عليها، حيث تبحث عن الحرية والاستقلال وتسعى لتحقيق ذاتها رغم التحديات التي تواجهها. تناولت الكاتبة موضوعات متعددة من خلال هذه الشخصية، أبرزها مفهوم الحرية كحلم إنساني عالمي، وصراع الأجيال بين جيل الآباء المتمسك بالتقاليد وجيل الأبناء الساعي إلى التغيير، وكذلك مفهوم الأمومة الذي يتراوح بين كونه ورطة وفرصة تمنح المرأة القوة لإعادة تعريف ذاتها. كما يتجاوز الحب في الرواية الحدود الجغرافية والدينية والثقافية، ليصبح قوة دافعة للتغيير والتحرر.
تميزت الرواية بلغتها الشاعرية التي اعتمدت على الصور والاستعارات الغنية، واستخدمت الكاتبة المونولوج الداخلي لتقديم الصراعات النفسية التي تواجهها أمل، مما منح النص عمقًا إضافيًا وجعل شخصياته أكثر قرباً من القارئ. ولم تكتفِ الكاتبة بتقديم نقد اجتماعي وديني للمجتمع الدرزي، بل تعمّقت في تفكيك البنية الاجتماعية والدينية لهذا المجتمع بأسلوب مليء بالمحبة والعتاب، دون تحامل أو إصدار أحكام. في مقابلة أجرتها الكاتبة، أكدت أن الرواية ليست محاولة لإدانة المجتمع الدرزي أو تقاليده، بل هي رسالة حب ممزوجة بزفرات عتاب، تهدف إلى تسليط الضوء على قضايا النساء ومعاناتهن في هذا السياق. أشارت إلى أن العديد من النساء الدرزيات تواصلن معها لشكرها على تناول هذه القضايا بصدق وواقعية، مما يعكس الأثر الذي تركته الرواية في تقديم صورة صادقة عن واقع المرأة في هذا المجتمع.
"ميثاق النساء" ليست مجرد رواية عن المجتمع الدرزي، بل هي عمل أدبي يحمل بين طياته رسالة إنسانية تتجاوز القيود الجغرافية والثقافية. عبر شخصية أمل، تسلط الكاتبة الضوء على معاناة النساء وأحلامهن، في محاولة لفهم واقعهن وتقديم صورة صادقة عن طموحاتهن في الحرية والكرامة. بأسلوبها الشاعري العميق ونصها المشحون بالعواطف، استطاعت حنين الصايغ أن تخلق عملاً أدبيًا يمسّ قضايا إنسانية جوهرية. وبعد دخول الرواية للائحة الطويلة لجائزة البوكر، لا شكَّ أنها مرشحة بقوة لنيل الجائزة. ولكن حقًا؛ "متى يتوقف الألم؟"
أسرتني الرواية منذ صفحاتها الأولى وأرغمتني على إنهائها رغم انشغالي في وقت قصير…
تحكي لنا بطلة الرواية اللبنانية الدرزية قصتها… قصة معاناتها الممتدة… بل قصة معاناة ممتدة لنساء كثر يشترك أغلبهن في انعدام الفرص أو كثرة القيود التي قد يفرضها فعم مشوه للدين أو انعواج قديم في المجتمع… ولكنها قيود على أية حال تجعل من المرأة -الحلقة الأضعف- في مجتمع مكبل كلّه بقيود كثيرة… ما أعجبني في الرواية حقا أنها عرجت على هذه النقطة بالتحديد فكانت دون أن تسلّط الضوء عليها جلية واضحة… فأنا مثلا تعاطفت بشدة مع شخصية سالم وشخصية والدها… ورغم أنني لا أبرر ما قد يفعله مثلهما ولكنني أتعاطف معهما عند رؤيتي للسياق الذي عاشا فيه …
تغوص الكاتبة في معتقدات الدروز وتطرح العديد من الأسئلة وتنقد بعض المعتقدات وترى أنها قد أودت بحياة الكثيرين… وتحمله كما المجتمع مسؤولية التشوه النفسي الذي قد يصيب المرأة فيجعلها غير قادرة على تقدير نفسها وغير مستحقة لمحبة غيرها… وتصل في نهاية الأمر أن طريق الوعي محفوف بالآلام… ولكنه طريق يستحق أن نخوض فيها فمهما كانت آلامنا كبيرة ما هي إلا معاول تمهد لنا طريق النور والمعرفة واليقين…
كان طريق الخلاص بالنسبة لأمل ممهدا بالوعي ثم الحب وقد يكون هذا صحيح إلى حد كبير ولكن وعيها كان مفتقرا إلى الإيمان الحق مغتربا عن نفسه، وربما أكملت علاقتها بحامد هذا النقص لأنه كان باحثا في مجال الديانات والمرأة ولكنني أتساءل ماذا إن انتهت علاقتها بحامد؟! هل ستعود إلى دوامة الاكتئاب والقلق أم هل مازال وعيها كافيا لتواجه كل الصعاب ذون أن تحصنه بالإيمان؟ وهل الإيمان والوعي كائنان منفصلان أم متكاملان أم متماهيان؟
كل هذه الأسئلة أثارتها النهاية التي توقعتها ولم أقتنع بها كنهاية أخيرة لحياة أمل..
تسقط نجمة لأني أعتقد أنها استعجلت النهاية أو حسمتها بسرعة أفقدت الرواية بعض ألقها…
ببساطة الحبكة وأحداث الرواية جدا عادية لحد التشابه ولكن مايجعلها رواية مختلفة هو اللفتات التعبيرية والعميقة بعين البطل إضافة لذلك التفصيل والتحليل للعقيدة الدرزية، ولا يمكن أيضا تجاهل أسلوب الكاتبة الأنيق والذي كان سهلا ممتنعا فتقرأ العبارات ببساطة تراكيبها وعمق معانيها بسهولة وسلاسة تشيد بقوة قلم الكاتبة، فلا يوجد "فرد عضلات" فيما يخص اللغة ولا افتعال مأساوي لأحداث البطلة وماتواجهه من أزمات، ولكن أحب أن أشير للسلبيات أيضا والتي تلخصت ربما في الحبكة ذاتها والتي كانت بسيطة ومملة ربما، فمثلا وصف الشخصيات الجانبية كان سطحيا وفجأة تختفي من الخلفية القصصية بلاوداع، كزوج البطلة الذي لم يشر إليه ولا مرة بعد الطلاق رغم أنه مازال يلعب دورا مهم في شخصية البطلة وما آلت إليه، وهذه البساطة لاتقتصر في الأحداث وحسب بل أيضا في الحوارات وفي التغييرات النفسية وردات الفعل، فكلها اتسمت بهذا الطابع السطحي المتوقع والبسيط، وحقيقة أنني توقعت وأردت رواية مختلفة عن باقي الروايات العربية التي تتحدث عن قضايا النساء، لأنني بدأت ألاحظ تشابها في الطرح والطريقة، ولكن، وبشكل عام أنصح بقراءة الرواية خصوصا أنها ترشحت لجائزة البوكر وأنها تطرقت لعدة مواضيع وتفاصيل تستحتق أن تقرأ.
رواية راقية، ممتعة تجعلك تحبّها وتتعلق بها من الصفحات الأولى ♥️♥️ رواية تتحدّث عن دروز لبنان، عن العقيدة، العادات والتقاليد .. رواية عن الثورة والغضب، ثورة النساء ضدّ العادات البالية، حيث تحدّثنا الروائيّة "حنين الصايغ" عن البطلة "أمل بونمر" التي تولد داخل عائلة درزيّة في إحدى القرى اللبنانية لتجد نفسها في مجتمع ذكوري متسلّط يحرم الأنثى من أبسط حقوقها ولتبدأ رحلة اكتشاف عميق للنفس البشريّة وماذا تريد تحديدا من هذه الحياة ♥️♥️ رواية عن الحبّ والكراهيّة، عن الفتور والشغف، عن الفرح والحزن، الألم والغضب ♥️♥️ "ميثاق النساء" ليست مجرّد سرد لقصص النساء أو نساء الدروز تحديدا، بل هي رواية شفّافة عن كلّ النساء وخاصة النساء العربيّات داخل المجتمعات الذكوريّة، وهي محاولة لنفهم كيف نحرّر أنفسنا من القيود التي فُرضت علينا سواء من أنفسنا أو من مجتمعاتنا ♥️♥️ أسلوب الكاتبة جميل جدّا وانتقالها بين الشخوص والأماكن في منتهى السلاسة وتجعلك تعيش الرواية بكلّ تفاصيلها في رحلة أدبيّة غنيّة بالحبّ، الألم، الثورة والحنين ♥️♥️
روايةٌ اجتماعيةٌ بامتياز، تغوصُ في أعماق المجتمع الدرزي تحديداً لتبحثَ في مداميكِه وتقاليده وعاداته وتعصباته التي تؤثرُ في حيوات أفراده، وتورثهم الصراعات والأزماتِ التي تنتقل من جيلٍ إلى جيل. هي حكاية مُحاولةِ البحثِ عن الذات بعيداً عن كُلّ ما تجذّر فيها على طول سنواتِ العمر، والتي تتركُ آثاراً وندباتٍ واضحةٍ، رُبما تجاهلناها لأننا نخاف مواجهتها، ونخافُ كسر تلك الشرنقةِ التي حُبِسنا فيها وتجذرنا. والسؤا�� هنا: كم من الجرأةِ نحتاج حتى نكسر تلك الشرنقة، وما هي الحدودُ المسموحة لنا بتخطّيها؟ ربما ليست كل الحدود!
أحببت كون الرواية تتحدث عن محتمع الدروز الذي لا أعرف عنه شيئاً سوى أخبار متفرقة تخص فلسطين وسوريا تذكرهم، وكان من الرائع التعرف على ثقافتهم ومعتقداتهم، والثابت في كل مجتمع في مشارق الأرض ومغاربها هو ألم النساء بكل أشكاله. كان الألم في هذا العمل شفيفاً وواضحاً ومفهوماً لدرجة لا تطاق لأن كل للنساء تعرف بسهولة هذا الوجع وقد جربته، صراحةُ هذا العمل كانت فجة أحياناً لكنها حقيقة مرغوبة، أما النهاية جاءت حالمة لكن أود أت أصدق أنها حقيقية أيضاً بقدر تصديقي للمعاناة. اللغة بديعة ورتم العمل مثالي.
فتحت الرواية دي صدفة وانا بقلب في أبجد بحثا عن عنوان يشدني وكانت أجمل صدفة، عمل آسر خطفني بلغته من أول كام فصل، اتعرفت فيه عن مجتمع الدروز وحكاية أمل اللي بتبحث عن ذاتها وحريتها، أمل منحدرة من بيئة متحكمة الأب فيه صاحب السلطة بيختار لبناته حياتهم طبقا لدينه وحفاظا على صورته الذاتية أمام زملائه المشايخ، اتولدت أمل تفاوض على اختياراتها بنفسها هتنازل عن جزء مني مقابل إني أتعلم هتنازل عن جزء مني مقابل جزء آخر وهكذا بتعيش أمل لحد ما تبدأ رحلتها للبحث عن أجزاءها المشوهة مبسوطة جدا إني اتكعبلت في العمل ده.
“ميثاق النساء” هي رسالة موجهة لكل امرأة في الوطن العربي، تدعوها للتمسك بآمالها وطموحاتها، وللتحرر من قيود المجتمع والعادات والتقاليد.
الرواية بشكل عام تتناول حياة الدروز في لبنان، وهي فئة تُعرف بصرامتها وتشددها، حتى على أفرادها أنفسهم. وتحديدًا، تسرد الرواية قصة “أمل”، الفتاة اللبنانية الدرزية التي تزوّجت في سن السادسة عشرة، لكنها ظلت متمسكة بحلمها في إكمال دراستها الثانوية، والالتحاق بالجامعة الأمريكية في بيروت، رغم كل ما واجهته من صعوبات نفسية، وجسدية، ومعيشية.
أنا أؤمن دائمًا بأن الكاتب كائن مكشوف، وأننا نحن القرّاء أقرب إليه من أهله وأصدقائه، لأننا نرى ما في داخله. أعماله دائمًا تعكس أعماقه، مهما حاول التخفّي. وفي هذه الرواية، أعتقد أنها أشبه بسيرة ذاتية لحنين الصايغ، أو على الأقل تحمل ملامح سيرتها. فالتشابه بين أمل وحنين واضح: بدءًا من أول ديوان شعر لها “فليكن”، إلى دراستها الجامعية في بيروت، وغيرها من التفاصيل. لكن الأهم والأوضح من كل ذلك هو الإهداء المرفق في بداية الرواية، بكلماته الشاعرية البسيطة التي تلامس أعماقك، وتجعلك تشعر بأن هذه هي الحكاية الأصل.
قد لا تكون الأحداث متطابقة تمامًا، لكن لا شك أن رحلة المشاعر واحدة. وهذا، في الحقيقة، أمر يدعو إلى الاحترام.
“ميثاق النساء” هي أول رواية لحنين الصايغ. حنين بدأت شاعرة، والآن تخوض عالم الرواية، وأحبّ حين يكون أول عمل لأي شخص عملًا رائعاً يعكس مجهود الشخص. بالتأكيد سأكون بانتظار أعمالها القادمة.
قلبي ممتلئ بسعادة لم أختبرها منذ مدة طويلة، سعادة أن أكمل كتابا في مدة قصيرة و أحبه بكل جوارحي لدرجة ألا أشك أبدا في رغبتي بمنحه كل نجومي و كل ما يحمله فؤادي من محبة يستطيع منحها لجماد حرك وجداني. أقف حائرة من أين أبدأ، هل أصف كيف شدتني الرواية من أول صفحة لدرجة أنها أزاحت شعور الرغبة في إيقاف القراءة عند نقطة معينة، هذا الشعور الذي بات يلازمني كثيرا في الآونة الأخيرة؟ هل أشرح كيف همت بأسلوب الكاتبة في رص الكلمات برشاقة تجعلها تصيب الهدف دون أن تثقل على الخاطر؟ أحببت كل شيء في الرواية من البداية حتى النهاية، لا أستطيع ايجاد عيب واحد أزعجني أو قلل من متعة قراءتها، ربما عتبي الوحيد هو أنني أردت أن أعرف مستجدات عن أخت البطل بعدما وقع ما وقع و لكن على العموم لم يكن الأمر مزعجا البتة. في الختام أود أن أقول أنني ممتنة لأنني قرأت هذه الرواية في وقت كهذا، و ممتنة لأنها كانت بوابة عرفتني على مجتمع الدروز الذي لم أكن أعرف عنه شيئا حرفيا غير اسمه، و كذا تعرفت على عاداتهم و تقاليدهم و دينهم (لم أكن أعرف أن للدروز دينا مختلفا لا أدري لم اعتقدت من جهلي أنهم مسلمون) و بشكل خاص أخذت فكرة عن وضع المرأة في هذا المجتمع و الذي لا تجده مختلفا عن وضعها في العالم العربي عموما.
رائعة جدا،فاقت توقعاتي و أفرحتني فأنا منذ مدة أعاني مع الرواية العربية التي باتت نصوصها بغالبيتها سطحية و باهتة.. لغة الرواية جميلةجدا، شاعرية و سلسلة..فقرات تأملية و عبارات استفهامية تغوص في داخل النفس و تخرجها من قوقعتها الضيقة الى آفاق اخرى. الكاتبة مجتهدة و العمل متقن .خمس نجوم حتما.