فلا يخفى على كل مهتم ما شهدته الأُمَّة الإسلامية بصورة عامة -وبلادنا العربية بصفة خاصة- من تغييرات، وأحداث، وثورات، وإخفاقات، وتضييق شديد عليها من الغرب، ووكلائهم، وما جرى في هذه العقود الأخيرة من تحولات فكرية، وثقافية كادت تودي بمستقبل كثير من الشباب الذي حُرِم من تنفس الحرية التي كان يطمح لها، ويأمل فيها. ومع موجات الهجرة إلى الغرب، وسيولة الثقافات، وحالة الإحباط لدى كثير من الشباب، ومع ضعف الوعي الديني، وغياب الوازع، واختلاط الأوراق، والأفكار. كان من السهل عليهم غزو هذه المجتمعات العربية بحمولة كبيرة من الأفكار، والقضايا الغريبة عن دينهم، وبيئتهم- المنكرة ذلك في أعرافها، وأصولها، وحياتها- فظهرت قضايا الإلحاد بأنواعه الباهتة، والمختلفة، والتقمت النسوية قلوب الفتيات، والنساء، وعقولهن. وجاءت الفردانية لتخرجهم من حيز أُمَّتهم؛ ليقبعوا في عالمهم الخاص، ويتمركزوا حول ذاتيتهم. ثم كانت السوءة السوءاء والداء العياء حين تسلل فِكر اللوطية المُشين تحت ستار الحرية، واختلاف الهوية، وحق الإنسان في اختيار هويته، وصورته.، وكل هذه المصطلحات الرنانة التي تشبه خبز الدجال وماءه، فما إِنْ يقوم الشاب أو الفتاة بالاستماع إليها وتصديقها حتى تتحول حياتهم إلى جحيم، ويتجرعوا من يد الدَّجال ماء الحميم. وتواكَب هذا مع التفكير في تناول حياة الأنبياء-عليهم السلام- في ظلال التربية الإلهية لهم، بعدما خُضْتُ تجربة الحديث عن الصحابة الكرام- رضوان الله عليهم- في ظلال التربية النبوية، ففكرت بالبدء بقصة سيدنا لوط عليه السلام، والذي تتضمن حياته معالجة هذه القضية من خلال مدافعاته مع قومه، إذ كانوا أول هذا الأمر ومنشأه، وهم بمثابة سَلف هؤلاء المعاصرين، الذين أعادوا القضية على مسرح الحياة المعاصرة بأسوأ مما كانت عليه من قبل. وقد جاء القرآن الكريم بقصص الأنبياء وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم، وأُمرنا بالاقتداء بهم كما قال جل وعلا: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وتأتي أهمية الكتابة في هذا الأمر لقلة الكتابات العربية المفردة في هذا الشأن، لا سيما التي تعالج تلك القضايا من خلال القصص القرآني، وهذا ما تسبب بدوره في جهل كثير من المتصدرين للدعوة بتفصيلات ما حدث في قصة قوم لوط، مما جعلهم لا يدركون وجه الشبه بين قوم لوط الغابرين والمعاصرين. ومن هنا كان العزم على البدء بالحديث عن قصة سيدنا لوط عليه السلام، وجعلتها بعنوان: «للقصَّة بقيَّة.. بين آل لوط وقومه» ليكون أدَّل على الفكرة التي نحن بصددها، وحرصتُ على أن تكون لطيفة الحجم يسيرة التناول أملًا في إفادة عموم المسلمين.
* باحـث دكـتوراه. * ماجـستير العقيدة، كلية العلوم الإسلامية- جامعة ميديو – ماليزيا * ليسـانس اللغة العربية العلوم الإسلامية - كلية دار العلوم- جامعة القاهرة.
* المؤلفات: - نظرية الدين والتدين، الفهم والوهم - أضغاث أوهام، قراءة في أفكار عبد الجواد ياسين. - الأمة وأسرار الابتلاء -خوّات في ظلال التربية النبوية. - كعب بن مالك في ظلال التربية النبوية - الرميصاء ظلال التربية النبوية - الخلاصة في علم مصطلح الحديث - جابر بن عبد الله ظلال التربية النبوية - حذيفة بن اليمان ظلال التربية النبوية - فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنها في ظلال التربية النبوية - سعد بن معاذ في ظلال التربية النبوية - للقصة بقية .. بين آل لوط وقومه - عثمان بن مظعون في ظلال التربية النبوية - خديجة بن خويلد في ظلال التربية النبوية - أبناء لقمان، بين زمان والآن (سلسلة جديدة)
معالجة حصيفة وذكية لقضية هامة، أجمل ما فيها العمق في تناول الأسباب والنتائج وتحليلها، أحب هذا الأسلوب الذي لا يمر فيه الكاتب على الحدث أو الفكرة مرورا عابرا ويتجاوزها، بل ينغمس فيها ويستقصيها ويحللها ويقلب باطنها للقارئ، كتابة تأخذ بيدك لتمرَّ معها على المعنى الجديد وتريكَ الأمور من زوايا مختلفة.
دراسة تحليلية عميقة للوطية من جميع جوانبها حتى أسمائها، كتاب جميل ومهم.
ترجع أهمية هذا الكتاب في بيان تفصيلات ما حدث في قصة قوم لوط عليه السلام، ومن أجل إدراك وجه الشبه بين قوم لوط الغابرين والمعاصرين.
فنهاية قوم لوط كانت من أسوء ما مر على الأمم الغابرة، فالله عز وجل لم يجمع على أمة من الأمم من أنواع العقوبات ما جمع على اللوطية، فإنه سبحانه طمس أبصارهم، وسوَّد وجوههم، وأمر جبريل عليه السلام أن يقتلع قُرَاهم من أصلها ثم يقلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، ثم خسف بهم، ثم أمطر عليهم حجارة من السماء.
وكلمة "لوطي" إنما هي نسبة إلى قوم لوط، وليس إلى نبي الله لوط عليه السلام، كمثل أن نقول قريشي نسبة إلى قبيلة قريش. وهذه التسميه الأثرية العابرة للشرائع يفر منها آل لوط المعاصرين، ويتداولون مسميات أخرى بدلاً منها، لأن قوم لوط معلوم ما حصل لهم في التوراة والإنجيل من قبل أن يتنزل القرآن الكريم، وهذا يذكرهم بما حدث لمن سبقم وفعلوا فعلتهم. ويخوفهم من عقاب كعقابهم.
(إذا كان دعوة ما أو فكرة بلا اتباع ينصرونها ويدفعون عنها ويدعون الناس إليها، فمآلها إلى الاستضعاف والخفوت والذل والفتنة على أيدي أعدائها. وهذا قانون عام في كل دعوة وكل قضية وكل فكرة لا يقوم لها من ينصرها ويدافع عنها ويدعو لها)
وهذا القانون هو الذى ساعد على تحول اللوطية من فاحشة شيطانية وخطيئة بحق الله وانحدار إنساني إلى ما وصلت إليه في وقتنا الحالي. ▪︎ففي البداية وصفت كمرض يمكن التعامل معه، فاُدرجت كمرض عقلي في الدليل العلاجي DSM - الدليل التشخيصي والاحصائي للأمراض النفسية - في مؤسسات علم النفس الأمريكي وعلى رأسها المؤسسة الأشهر الرابطة الأمريكية لعلم النفس. ▪︎ثم حدث انقلاب على ذلك كله حين تكونت جبهة مضادة بقيادة ناشط يهودي لوطي يُدعى فرانك كابي، وبدأ حملته على المؤسسة الأمريكية لتأسيس فترة جديدة من التحرر الجنسي في أوائل الستينيات. ▪︎لترضخ الرابطة فتقوم بإجراء تصويت عام ١٩٧٣م بين علماء النفس على اللوطية، أتبقى في المراجع كونها مرضا أم تُلغى منه؟ لينتهى التصويت بحذف اللوطية بوصفها مرضاً من المراجع العلمية لتخرج النسخة الثانية من المرجع معدلة (DSM-2) عام ١٩٧٤م وقد أُزيلت اللوطية من الأمراض لتدخل على استحياء ضمن قائمة تُدعى باضطرابات الميول الجنسية. ▪︎وتستمر التعديلات لتصل في النسخة (DSM-5) لحذف أي تشخيص يمكن تطبيقه على شخص بناء على ميوله الجنسية، وصار الأطباء والمعالجون مطالبين بالعلاج التثبيتي للّوطيين بدلاً من العلاج التحويلي. وهذه هي طبيعة الأفكار حين يتم تبنيها، وعمل الترويج والدعوة إليها.
كتاب عن قضية مهمة من قضايا العصر -وكعادة قضايا عصرنا لم تكن لها أهمية سوى لتسلط أعداء الله على الأرض والأمة- وهو ثاني كتاب قيم أقرأه عن هذه القضية وأول كتاب هو دين المؤتفكات -والكتابين قرأتهم في العيد- ولكن مع اختلاف أن الكتاب الأول أقرب للبحث العلمي الجامعي وهذا الكتاب يهتم -وبطريقة رائعة كعادة كتابات الأستاذ محمد حشمت المناقشة للأفكار المنحرفة- بالمناقشة الشرعية وتقريبها إلى الواقع وبذلك فالكتابان يكملان بعضهم البعض. وفي هذا الكتاب أفكار رائعة نسأل الله أن يستخدمنا لتنفيذ بعضها حتى تكون كالحصن أمام هذه الأفكار العفنة والمؤتفكة.
كتاب نفيس، مقابلتش كتاب بيتكلم عن الموضوع ده قبل كده فالبنسبة لي هو كتاب فريد، ده فضلًا عن أسلوب الدكتور اللي مبيختلفش عليه اتنين عاقلين.
الكتاب بيتكلم عن قصة لوط، كيف بدأت وإلام انتهت، وازاي ربنا جمع عليهم عذابات مكنتش لحد قبلهم ولا بعدهم، قابلت في نص القصة معلومات أذهلتني، كايه سبب هلاك النساء مع إن اللواط كان في الذكور بس؟ وغيرها كتير. وبيتكلم عن ازاي بدأت اللوطية تنتشر في عصرنا الحديث، وايه هي سبل اللوطيين لتجميل فعلتهم، وجعل العالم يتقبل اختلافهم المزعوم، بل والبعض يؤيدهم تحت مسمى الحرية. وفيه دحض الكاتب كل الدعاوى اللي أشاعوها لتبرير فعلتهم. وأورد بحث رد فيه على منكري نسبة هذا الفعل لسيدنا لوط عليه السلام، لغويًا ودينيًا وعقليًا.
الكاتب بيطرح فكرة إن قصة قوم لوط ما انتهتش، وإن ملامحها لسه موجودة في عصرنا بشكل واضح. بأسلوب عربي فصيح وسلس، بيجمع بين قوة الحجة وسهولة القراءة، وبيتناول القضية من منظور ديني وفكري معاصر. قصير، مركز، وبيوصل الرسالة بوضوح. ولكن في رأيي ينقصه أنه: الكتاب ما أعطاش مساحة كافية لعرض التحليل اللغوي للآيات المتعلقة بالقصة، وده كان ممكن يفتح زوايا فهم جديدة ويقوي الترابط بين النص القرآني والطرح المعاصر. كمان، الكتاب ما تطرقش لتجارب أو إحصائيات واقعية من العصر الحالي تدعم الربط بين الماضي والحاضر، وده كان هيخلي الرسالة أكثر إقناعًا وملموسية للقارئ.
الكتاب يناقش القضية بشكل أكثر عمقا من السطحية والعادية التي يروجون لها، ويتناول توعية بالمصطلحات المنتشرة التي ترتبط معها بشكل صريح وواضح أو خفي. يجب أن تتعلم وتعي -على الأقل- أن استخدام لفظ "gay" أو "مثلي" على مرتكب الفاحشة هو ميوعة وتمطيط يلغي بالتدريج خطورة الأمر داخلك، وأن فعل هذا الشخص ليس شيئا قابلا للتفاوض أو الرضا به؛ بل الحق فيه استئصاله من جذره، ومن هنا تكون صفته هي اللوطية، وتعرف بها في قرارة نفسك أنه معتدٍ شاذ قد خرج عن الفطرة، وتسأل الله لنفسك ولذويك السلامة.