لعل أقصى ما يخيف المرء أن يجد نفسه مكشوفًا أمام غيره ممن أجاد اختراق الجدران. حينها تتعرى النفس، تظهر أغراضها القبيحة دون مقاومة، وحينما يعي المراقَب الأمر، يدرك أن دافع الآخر كان ممارسة لعبة تغذي إحساس الهيمنة لديه، في هذه اللحظة ينكشف المراقِب، تتبدل المقاعد خلف النوافذ لتمنح التلصص -ذلك الوحش الأسطوري- حيوات متجددة لا تنتهي". الناشر
قاصة وروائية حاصلة على الدكتوراه في العلوم الزراعية الإصدارات قفص اسمه أنا.... رواية ... 2007 مسرودة.... رواية ... 2009 الفصول الثلاثة.... رواية ... 2010 فستان فرح.... رواية .... 2012 بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية ... مموعة قصصية... 2018 على جبل يشكر ... رواية .. 2021 الطبعة الثانية من فستان فرح 2021 لعبة النوافذ ... رواية ... 2024
خلصتها في أقل من ٣ ايام. بغض النظر عن حبي وتقديري الشخصيين للكاتبة رباب كساب، الرواية حلوة ولطيفة وقريبة من القلب. تدعو للابتسام في اوقات كتيرة. تفاعلت معها وحبيتها.. الشخصيات الرئيسية في القصة عميقة ومكتوبة كويس كأني شايفاهم او عارفاهم. الرواية هادئة جدا ودي من مميزاتها اللي تخليها تساعد على الاسترخاء.
"إلى هؤلاء الذين يسكنون خلف النوافذ والشرفات، إلى هؤلاء الموتى الأحياء الذين تخترق عيونهم الجدران، وأخيراً .. إلى كل امرأة مرَّ في حياتها مثل المدعو جهاد شُكر".
هكذا كان إهداء الرواية يبعث على التساؤل فما سر تسميتهم بالموتى الأحياء؟ وكيف يسكن أحد شرفته ولماذا؟وأخيراً ما سر هذا ال جهاد شُكر وماذا صنع؟ كأنثى آفتها الفضول جذبني الإهداء وبدأت رحلتي مع الرواية لأكتشف أنني أصبحت متلصصة كما الأبطال هكذا ببساطة كأرتكابهم نفس الفعل بلا تعقيد هم يتلصصون من الشرفات وأنا أتلصص من الصفحات وصفحة تلو الأخرى تجذبني الأحداث واتوه معها بلا شعور بالوقت أو ملل ومن حديث لآخر عفوي بين الأصدقاء تتسرب الصفحات لأجدني وصلت لكلمة "تمت" لأكتشف المغزى من الرواية ومن الحياة وما أجملها من رسالة.
خلال 35 فصل تروي لنا الكاتبة حكاية كل من سماء و بهجت وغيرهم من البداية للنهاية فبالرغم من إختلاف المنشأ إلا أن دروبهم تتقاطع في نقطة معينه لينطلقا معاً فيكتشف كل منهما حقيقته وذاته؛ فما الذي قد يجمع بين مهندسة زراعية في عقدها الثالث وملياردير في الستين من عمره، وكيف تتجاور ابنة الريف مع ابن المدينة في حي شعبي بسيط .
الرواية نفسية بإمتياز تطرح الكثير من التساؤلات والبحث داخل العقل والقلب معاً طريقة التفكير والعقائد التي ننشأ ونتربى عليها وكيف نصبح أسرى لنظرة المجتمع لنا فنعيش وفق منهج وخطة وأي كسر للقواعد تصبح متهم تستحق المحاكمة والعقاب حتى أننا نعاقب أنفسنا بأيدينا.
حكت سماء حكايتها من الطفولة ونشأتها في القرية وحبها للمركز ومدينة طنطا أحببت ذكرياتها وطريقتها في السرد جداً فجلست معهم عند أفران الخبيز وحضرت أفراحهم وليالي الحنه ونقش الكعك للعروسة وسمعت الكثير من الأغاني الشعبية ورأيت حبها ل جهاد وكيف تشبعت به وطعنني بخنجر الخيانة مثلها.
حكى بهجت كما حكت سماء عن حياته وكيف يراه الجميع مجرد مخزن للنقود وينتظرون موته حكى عن أمه وأبيه وفقدهم وعن الحب في حياته متى بدأ وكيف أنتهى وعن سر عزلته الإختيارية وكيف علمته الحياة ما لم تعلمه المدارس كما حكى أيضاً عن سماء جارته وسر بحثه وراءها وكيف تقاطعت دروبهم وكيف انتهت.
جاءت الرواية على لسان الراوي الأنا متمثلاً في كل من سماء و بهجت والراوي العليم والذي كان يشرح حالة كل منهم ودوافعه لتصرفاته وكيف كان يشعر في كل موقف وقد ساعد ذلك كثيراً في الإلمام بالشخصيات والتحولات التي كانت تحدث خلال الرواية.
ناقشت الرواية العديد من المشاعر والقضايا والتي كنت أشعر بالألفة معها إذ أننا جميعاً تعرضنا لها بدرجة او بأخرى فهنا تداعب الكاتبة بكلمات بسيطة الحس الوطني لدينا عن طريق فعل بسيط كسماع أغنية الست ولكنها في إذاعة قديمة قبل انتشارها اليوم في كل المحطات وهي "اورشاليم القدس" وكيف كانت الصدمة حينما وجدتهم يحتفلون بيوم النكسة فعل عادي عندهم ولكنه كان طعنة لها وغير متوقع، وهنا نرى الموت بعيونهم وكيف كان تصرفهم وقتها وكيف أنه يتغذى على ضعفنا ، وهنا نرى الخيانة وأثرها على الروح وكيفية المرور بمراحل الصدمة والحنين والتعافي، وكذا نرى أثر التغيير والفرحة على القلوب والوجوه بكثير من التفاصيل المُبهجة كأب ينقش كعك ابنته وجدة تتغنى في حنة وترقص وأغاني غريبه قد نعتقدها سُبة ولكن باطنها الفرح، وهنا نرى أثر الكلمة والبسمة على النفوس فتزهر بعدما ذبُلت، وهنا نرى النرجسية في أبهى صورها في كاتب ممل يتكرر ويدور في فلكه ويشعر بالظلم والإضطهاد طبعاً، وهنا نشعر بالشغف تجاه ما هو جديد وحب المغامرة.
أحببت طابع الريف جداً في الرواية فقد أجادت الكاتبة تصويره ببراعة كما أحببت انها أدخلت دراستها في الرواية بطريقة سهله ومشوقة ، كما أحببت جزء الحكايات والأساطير والتشويق الخاص بالغجر وبالطبع أحببت مناقشتها للفضاء الأزرق وتأثيره على حيواتنا وكيف شبهته بالنوافذ ولكن النوافذ الحقيقية أفضل من حيث واقعيتها عن هذا الوهم المسمى بالفيسبوك.
الرواية بها مصطلحات خاصة بالريف كانت جديدة على مسامعي كما كان بها وصف لبعض الأماكن الجديدة كمسجد الشيخه صباح وأيس كريم عبد الفتاح مرزوق والذي استغربته وبحثت عنه لأكتشف أنه تحول إلى "حلويات مصر" الآن.
جاء أسم الرواية والغلاف معبران جداً عن الأحداث والمحتوى العام للرواية، كما كانت الشخصيات مرسومة بحرفية والحبكة جيدة وسلسة جداً والنهاية كانت رائعة بحق وواقعية أحببتها.
كانت قراءة أولى للكاتبة وأحببت قلمها جداً أعطيتها خمس نجوم وقد تكون تكفيها أربعة ولكنها جاءت مناسبة لحالتي النفسية الآن كل التوفيق للكاتبة🥰
غلاف مشرق بالألوان البرتقالية حتى الصفراء، وبالأسفل لون أخضر فاتح تقف في وسطه تقف فتاة وظلها، على يمينها باب مفتوح، وأمامها سحابة تحمل نافذة مفتوحة وأخرى تحمل نافذة مغلقة، ويقع عنوان الرواية بين السحاب وكأنه يشدنا لنبدأ اللعبة بفتح نوافذ هذه الرواية.. وبالغلاف من الخلف فقرة عن سماء الفتاة التي أتت من قريتها إلى مدينة مختلفة، أهلها اتهموها بالغرور فابتعدت رغم أنها تحيا معهم.. ثم في الفقرة الثانية تتحدث عن المتلصص خلف النوافذ..
تهدي الكاتبة روايتها لكل الناس التي تعيش خلف النوافذ والشرفات، ولمن تخترق عيونهم الجدران، وهو ليس بإهداء بقدر ما هو تنديد بأفعالهم، وكذلك لكل امرأة ابتليت بشخص مثل المدعو جهاد شكر.. وتضع مقدمة عن المتلصصين..
سماء بطلتنا، وحيدة تكاد تكون مصابة بالوسواس القهري، تخاف أن تكون قد تركت منزلها وتركت الغاز مفتوحًا، أو نور غرفة ما، تحب كثيرًا الضوء والشمس ولكن الشمس تسبب لها مشاكل في بشرة وجهها فتسأل نفسها: "لماذا يضرها كل ما تحب"؟! أما بهجت فهو رجل أعمال معروف وعمله يأخذ منه يومه وعمره فيترك كل هذا وراء ظهره ويبدأ هو وسماء في التلصص من الشرفات والنوافذ..
بدأت الكاتبة العمل بالحديث عن تلك البطلة بصوت الرواي العليم الذي يدير الأحداث ويتلصص عليها، وفجأة تحول إلى صوت البطلة التي أمسكت منه الحوار لتتحدث -بفونت أو بخط سميك- عن نفسها وعن الجار المتلصص الذي يجلس في شرفته أو في المقهى يراقبها ويراقب الجميع في كل شاردة وواردة، حتى بدأت هي الأخرى تراقبه..
يتبادل الراوي والبطلة سماء والجار بهجت الحديث في نصف الرواية الأول، ليخفت صوت الراوي في النصف الآخر ويترك سما وبهجت ليتواصلوا سويًا بصورة سوية، حتى نصل لنهاية مفتوحة تثير أسئلة القارىء.
اسم بطلتنا جاء مناسب جدًا للعمل سماء، إذ جاء رحبًا واسعًا..
رواية تحدثنا عن العوالم الموازية التي يخلقها البعض منا هربًا من حياة ماضية أو مشكلة عاطفية..
رواية نوافذ البيوت ونوافذ الشاشة الزرقاء والفيس بوك..
من الفقرات التي أعجبتني في العمل قول الكاتبة: ❞وصل أتوبيسها، تنقد الكمساري ثمن التذكرة، وتنتقي كرسيًا إلى جوار الشمس وتغيب! ❝
لغة الرواية عربية سليمة مزجت فيها بعض الكلمات باللهجة العامية بالفصحى: الكنبة، الدرفة، بلكونتي والتي ذكرتها مرات هكذا ومرات شرفتي..
لعبة النوافذ التي يتقنها البعض إن لم يكن الجميع ، في حياتنا الواقعية أو حتى في سماء العالم الافتراضي ، فالتلصص متعته الخاصة .. يملىء الفراغ ، يفصلك عن واقعك بما فيه من مشاكل و منغصات ، يصنع لك حياة من حيوات الآخرين.
و هكذا كان بطلي القصة .. عشقا اللعبة و أجادها ، جمعهما المكان و الزمان ، مسن تقاعد بإراداته رغم حجم أعماله و نجاحاته الضخمة ، و امرأة قاربت الأربعين أتقنت الهروب بتغيير الأماكن ، غرقا كليهما في لعبة النوافذ ، المتابعة و الاستماع ، ربط الخيوط و بناء الاستنتاجات.
هو الفراغ ، الهروب ، أم محاولات النسيان ؟ و هل بتعارفهما قد يدركا أن بالحياة ما يستحق الحياة حقًا ؟
الرواية تعتمد على السرد مع التركيز على بطلي العمل الرئيسيين ، جاء السرد لطيفًا بتبادل الحكي بين كل بطل و الراوي العليم ، اللغة سلسة على جمالها ، أيضًا برعت الكاتبة في الحكي عن بيئة كل شخصية بأدق تفاصيلها و بواقعية شديدة ، لنرى تأثير ثقافة كل بيئة على شخصيات الأبطال . رسم الشخصيات كان مميز على اختلافهم ، و حتى الشخصيات الفرعية مكتوبة ببراعة .
رتم الأحداث هادىء خصوصاً بنصف الرواية الأول ، كما تطورت العلاقة سريعًا بين بهجت و سماء في نصف الرواية الثاني بشكل لا يتناسب مع حذر الشخصيات كما جاء بنصف الرواية الأول .
هي رواية عن الأماكن و الشخصيات ، عن طباع البشر و محاولات النجاة ، بنهاية غير تقليدية تُحسب للكاتبة .
"كان عليه أن يفهم أنه في لحظة نتوهم أننا نحن، أننا في شوق. نبدأ مراحل الرثاء لأنفسنا، ثم نتذكر ما كان، ثم ننصهر في تلك الذكريات كأنها هي كل ما نملك في الحياة، ينغلق ثقب المستقبل، ويتوقف الحاضر، ويصول الماضي ويجول كيفما يشاء، يأخذك منك وممن حولك، لكننا لا ننتبه أنها رقصات وداع ليس إلا، لحظات ما قبل الانهيار، لنحصل على الشفاء التام، يصاب الجسد بحمى وهو يتخلص من كل ما يمرضه."
وجدني هذا الكتاب وقتما احتجته، أعاد قدمي للأرض لربما لا توافقني الرأي في تقيمي فهو متحيز فعلًا، لكن الكتاب خاطبني وكلمته ولهذا أقيمه 5 نجوم.. لم أعبأ بالشخصيات ولا القصة، لكن بحوارات عقليهما والمواقف والنفس البشرية.