كان القائد حور يشعر بالذنب تجاه الكاتب بتكاس الذي يُعاني سكرات الموت في المعبد بعدما أرسل ولده تيمو لبلاد الخيتيين، وانقطعت أخباره هناك. وبينما يهم حور بالرحيل خرج المنجم منادياً: "يا قائد كيمت الحرب مؤجلة، والمرض قاتل، والغائب سيعود، والصبي سيموت، والولد لن يأتي، فلتقتل الكهل، وتنصر المظلوم، وتُعيد المجد". لم يُدرك حور فحوى الرسالة إلا أن القدر كان كفيلاً بشرح كل شيء.
"لا شيء يحميك في مصر إلا إذا كنت من ذوي الدم الملكي، غير ذلك سواء."
رواية "الدم الملكي" مستوحاة من التاريخ المصري القديم كما ذكرت الكاتبة "شيماء قاسم" في التمهيد، فلماذا تحديداً هذه الفترة؟ ولماذا نعود إلى التاريخ مراراً وتكراراً؟ إجابة السؤال الأول؛ لأن الفترة الفرعونية ذاخرة بالحكايات المُلهمة والمميزة الذي أشعر أنها تنقص بشدة في الأدب المصري ولا تُسعفني ذاكرتي لتذكر روايات فرعونية إلا ثلاثية نجيب محفوظ عن مصر القديمة، وأما إجابة السؤال الثاني؛ لأن النظر إلى التاريخ يجعلنا نرى الحاضر والمستقبل، ويُمكن أن نرى فيه رسائل وعبر وأحداث من حاضرنا فيه، وذلك ما شعرت به طوال أحداث الرواية، بعيداً عن أن القصة نفسها والحكاية مُمتعة، ذاخرة بالتقلبات والألعاب السياسية حتى في ذلك الوقت، وواضح أن الكاتبة لديها الإطلاع الكافي حول تلك الفترة وذلك كان واضحاً في إنتقاء الشخصيات والأحداث.
"كيف العزة والرفعة وأنا ذليل صاغر أمام الكهنة والملك."
يُمكن أن ترى الرواية من عدة زوايا، فهناك كما ذكرت الحكاية نفسها المُمتعة بتقلباتها، بالإضافة إلى الرمزيات المتواجدة طوال أحداث الرواية، التاريخ يُعيد نفسه؛ جملة اعتدنا عليها ولكنها حقيقية للغاية، تنظر للأحداث وتتعجب منها، هناك أحداث مُشابهة تكررت مراراً وتكراراً في الماضي القريب والحاضر وستتكرر في المستقبل، لأنه لا أحد يتعلم من التاريخ، وننظر إليه كأنه ماضي سحيق لن يُعاد، وتأتي هذه الرواية كتذكير لنا بأن لا ننسى التاريخ ولا نعتبره ماضي وولى بل هو جزء من حاضرنا ومستقبلنا. يبلغ طول الرواية 160 صفحة فقط ولكنني تمنيت أن تطول الرواية بعض الشيء، فهناك بعض الأحداث التي شعرت أنه يُمكن أن يُفرد لها أكثر من ذلك، وعلى الأخص النهاية، وبعيداً عن ذلك فهي رواية لكاتبة واعدة تعي وتستوعب التاريخ جيداً وتطوعه لتقول ما لا يُقال؛ واضحاً ومُلغزاً، في النهاية كلنا نعلم أن التاريخ وجهة نظر، حسب المكان الذي تنظر منه.