في هذه السيرة التي كتبها علمٌ من أعلام الثقافة العربية، وهو الأديب العملاقُ عباس محمود العقَّاد، نتعرف على ملامح عصر النهضة في أعظم تجلياتها من خلال شخصية الإمام المُجدِّد والمؤسس لما تلاه، عبقريّ الإصلاح والتعليم والتنوير، الإمام محمد عبده، وفيها يتتبَّع العقَّادُ سيرة الإمام منذ الطفولة في القرية والكُتَّاب، ودخوله الأزهر الشريف، ثم ينطلق إلى تفنيد أفكاره وفلسفته وصراعاته السياسية ومعاركه الإصلاحية. يؤرِّخُ العقَّادُ هنا سنواتٍ من عُمر الإمام، تروي نضالَه من أجل مُجتمع مُتعلِّم حُر، مُقاوِم للمُستعمِر، قادر على صياغة واقعه ومُستقبله. فأثناء نفيه أنشأ جريدة "العُروة الوثقى" التي قضَّت مضاجع الإنجليز. وحين عاد إلى وطنه وعُيِّنَ مُفتيًا للديار المصرية قاوم الظلام والتخلُّف والرَّجعيَّة بدعاويه الإصلاحية وفتاويه التقدُّميَّة التي قادت حركةً نحو عصر نهضةٍ. فهو مثلٌ أعلى وقدوة اقتدت بها أجيالٌ من المُناضلين والمُجدِّدين، وقد تتلمذ على يديه الكثير منهم، وعلى رأسهم: محمد رشيد رضا، وعبد الرحمن الكواكبي. ... عباس محمود العقاد 1889م – 1964 م أديبٌ مصريٌّ ولد في أسوان، من الأعلام الذين عرفهم الأُميُّ والعالِم، وهو خصم صعب المراس لأغلب مُعاصريه من المُفكرين والأدباء والسياسيين. صال وجال في مُعترك الحياة الثقافية المصرية مع أساطين الكتابة والسياسة والفكر على حدٍّ سواء. فهو موسوعيٌّ من الطراز الأصيل، يُحيط علمًا بفنون الكلمة والحكمة والرأي. بارز أمير الشعراء أحمد شوقي وعميد الأدب العربي طه حسين والدكاترة زكي مبارك والأديب مصطفى صادق الرافعي، على اختلاف مناهجهم، فكان خير مُبارز. وسُجن بعد سجالات سياسية بتهمة العيب في الذات الملكية سنة 1930م. قال عنه طه حُسين: "ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه".
ولد العقاد في أسوان في 29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889 وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب.
التحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطرإلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات. منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها، كما رفض الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة. اشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك والأديب الفذ مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ.
عبقري الإصلاح والتعليم الأستاذ الإمام محمد عبده العقاد ....................... كالعادة فإن العقاد أراد أن يتحدث عن واحد من عباقرة عصره وعصور أخرى قادمة، إنه الأستاذ الإمام محمد عبده، وكعادة العقاد فإنه لا يبدأ باقتحام أسرار الشخصية مباشرة، بل يدور حولها واصفا عصرها، وموطن ميلادها وحياتها الأسرية وحياتها التعليمية، وأهم ما أثر فيها من الأحداث التي ساهمت في صنعها؛ فإن العقاد قد تحدث أولا عن عصر الأستاذ الإمام، وأهم المشكلات التي واجهت مصر في أيامه، كما أنه تحدث عن القرية التي نشأ فيها، وكيف كان مقام عائلته بين عائلاتها، وتحدث عن عائلة الأستاذ الإمام في بعض خصائصها وأخلاقها، كما تحدث عن أهم محاور حياته التي تستغرق شخصيته وهي التعليم. تحدث عنه مع السيد جمال الدين الأفغاني وعن أثره في توجيه حياة الإمام وحياة الأمة بأسرها منذ أن ظهر فيها كالطوفان، وتحدث عن دور الإمام وموقفه من الثورة العرابية، وعن نفيه بعد فشل الحركة العرابية، وعودته من المنفي وعودته إلي الأزهر ومحاولات تطويره وتحديثه فكريا، وعن ما لاقاه من مقاومة شديدة من العلماء، كما لاقي مقاومة مثلها من الخديو عباس حلمي الثاني. تحدث العقاد عن واحدة من أهم خصال الإمام النفسية والخلقية وهي الإحسان، وضرب أمثلة لإحسانه حتي بأعدائه، كما تحدث عن دور الإمام في الإصلاح الاجتماعي، وأفكاره الإصلاحية من منظور فلسفي. العقاد تحدث عن الأستاذ الإمام محمد عبده حديث من عاش مع الشخصية، لا حديث من قرأ عنها، لذلك فكتابه عن الأستاذ الإمام يختلف عن باقي عبقرياته التي تحدث عنها دون معايشة. وفي هذا الكتاب نري من العقاد تبجيل وتعظيم للأستاذ الإمام بكلمات أعتقد أنها كافية للتعريف بقدر الإمام لمن لا يعرقه أو لمن يعرفه سماعا.
هو بداية قراءاتي عن الشيخ محمد عبده لذلك لا أظن أن كتابة مراجعة حقيقية عنه وعن محتواه مناسبا الآن لكن في الجملة سعدت بقراءة الكتاب، بداياته تبدو مملة لمن يصرف جل تركيزه على معرفة معلومات عن الشيخ لأن العقاد قد أسهب في تصوير الواقع قبل عصر الشيخ في تمهيد طويل ، لكنه مفيد.
بشكل عام لفت نظري القضية القديمة الحديثة والتي يبدو أنها ستظل حلقة مفرغة دائما ، وهي من أين يبدأ الإصلاح؟ من السلطة حسب ما كان يرى الأفغاني - بحسب الكتاب- أم من التعليم والوعي كما كان يرى محمد عبده
بدا لي منهج محمد عبده - في هذه النقطة - من خلال وصف العقاد له كمنهج وطرح الكثير من الدعاة والسلفيين هذه الأيام ، ينبغي أن يتعلم الناس أولا وينتشر بينهم الوعي والصواب كي يتم الإصلاح ، وهذا سيتطلب بالضرورة تعاونا مع ولي الأمر ، لأنك لن تملك - لا سيما في مسألة كمسألة إصلاح وتطوير الأزهر وهي قضية الشيخ الرئيسية - القيام بذلك بمعزل عنه، وما قرأته في الكتاب هو المعتاد والمتوقع دائما ، يتعاون ولي الأمر حين ينفعه التعاون ، ثم في اللحظة التي يريدها يقلب كل المنضدات على كل من تكلم عن الإصلاح ، وبنفس الوسائل بلا اختلاف ، من عزل أو ضغط للاستقالة وحملات الصحف واستخدام المنتفعين والتشويه وما شابه، لم أشعر بفرق القرن الذي مضى بيننا وبين هذه الأحداث وأنا اقرأها.
هذا ما يمكن التعليق عليه الآن
وعلى الهامش.. تجنبوا طبعة (دار اليقين) فقد اشتريتها من مكتبة واضطرتني لسوء اخراجها الشديد لتنزيل الكتاب إلكتروني وقراءته pdf بعد مضي ثلثه ورقيا
يكفي أن أقول لكن أن مخرج هذه الطبعة كان يتعامل كطالب في ثانوية عامة في موضوع التعبير ، يفصل الفقرات بenter وسط الكلام وكأنه ينظر إلى طول الفقرة لا محتواها ، بجانب عدم الفصل بأي أقواس بين كلام العقاد والنقل الذي ينقله فلا تدري كلام من تقرأ
الكتاب يتحدث عن نشأة الشيخ محمد عبده في القرية ثم الدراسة في المسجد الأحمدي بطنطا وضجر الشيخ من طريقة التدريس إلى ان اعتزل الدراسة وبعدها عاد اليها على يد قريب لأمه شيخ من الصوفية العاملين بالعقل لا صوفية الدروشة مع ان اسمه كان درويش ثم بعد ذلك الرجوع إلى الدراسة في المسجد الأحمدي ثم المسجد الجامع يعني الأزهر وبعدها تتلمذه على يد معلمه جمال الدين الأفغاني وموقفه من الإصلاح في الأزهر ثم نفيه لاشتراكه في الثورة العرابية وبعدها تعينه قاض ثم مفتي ويتعرض الكتاب لبعض الجوانب الشخصية للشيخ وبعض المشاكل مع الخديو عباس حلمي واعتزال الشيخ للأزهر ثم وفاته
الاستاذ عباس العباد من المعجبين بشدة بالإمام محمد عبده فكما يتحدث الشيخ محمد عبده بإعجاب واجلال عن معلمه الأفغاني كذلك يفعل العباد مع الإمام محمد عبده
رغم أهمية صاحب السيرة و المقام, الإمام المصلح محمد عبده الا انها المرة الأولى التي لم أستمتع بها بكتابة العقاد. مرات شعرت بزيادة غير نافعة و كثير شعرت بتعقيد لا يوصل النقطة الذي يريد الكاتب ايصالها.
أظنه من الكتب التي قد أحاول إعادة فرأتها لاحفا
Merged review:
رغم أهمية صاحب السيرة و المقام, الإمام المصلح محمد عبده الا انها المرة الأولى التي لم أستمتع بها بكتابة العقاد. مرات شعرت بزيادة غير نافعة و كثير شعرت بتعقيد لا يوصل النقطة الذي يريد الكاتب ايصالها.
كتاب عبقري الاصلاح والتعليم محمد عبده للكاتب: عباس محمود العقاد
من طبيعة الكاتب الإثراء في مجال بحثه، فإذا كان الحديث ذمًا أوجع، وإذا كان مدحًا أثرى وأكرم، وبرصانته المعهوة يخط الكاتب عدة صفحات في سيرة الشيخ القاضي محمد عبده، رحلة ماتعة ستضيف للقارئ معرفة بالمترجم له، نتطلع لمطالعة كتاب آخر للمؤلف.
This entire review has been hidden because of spoilers.
إذا جاز للقارئ العربي التغافل أو الغفلة عن كثير من سير الأعلام استغناء بما خلفوه من آثار أو تقليلاً من خطر تلك الحيوات، فإنه لا يحسن به إطلاقاً أن يمر-متجاوزاً-مرور اللئام على سيرة رجلين دار عليهما فلك الثقافة العربية الحديثة الدوار حتى كلّ عن دورانه واستقر كما نعرفه، هما حكيم الشرق جمال الدين الأفغاني ومريده الأستاذ الإمام محمد عبده.
علمان عالمان بقدر ما حظيا من شهرة وذيوع لفتهما ريبة وغموض، والوالج إلى حياتهما وإلى تلك الملابسات الكثيرة المتصلة بالعقيدة والمذهب والأصل والفكرة والتوجه والعمل لا يطمئن إلى رأي إلا ويفجأه نقيضه فيهما، لا سيما الأفغاني.
وكتاب العقاد هذا صفحته وببالي أسئلة وفرغت منه وببالي غيرها، لا لعوز في الكتاب أو فاقة في الأسلوب عند العقاد، بل لطبيعة حياة إنسان خاض في حياة الشرق بغير خوض أهله الذي تعودوه، فلقي عسفاً منهم ومن أعدائهم المستعمرين، وظلّ يتقلب بينهم قلقاً يسعى للإصلاح ما استطاع.
أحببت أسلوب العقاد في كتابة السيرة، يعرض قصصاً وأحداثاً ثم يعلق عليها ويحلل بعضها للقصد الذي يوافق هواه، ولا أجده يخفي حبه للأستاذ الإمام أو بغضه لأعدائه أجمعين، حتى تعسف أحياناً في سبيل الثناء عليه، لكنه بحق أسلوب في كتابة السير جميل مفيد وممتع، وقد رغبت في قراءة مزيد من تراجمه للأعلام.
اولا قرات هذا كتاب كمقدمة قبل البدء فى قراءة كتب محمد عبده لاعرف من هو وكيف عاش ومات ولماذا كل هذا المديح الذى يلاقاه من الوسطيين و عدم الاكتراث من المتشددين و الجامدين.
فى بداية الكتب كدت اتركه لاسهاب العقاد فى الكلام عن العصر الذى ولد فيه الامام لا انكر ان استفدت منه بالذات فى زوايته لحال الامة ايام الحملة الفرنسية لكنت كنت اشعر ان يطيل الكلام عن هذه الفتره حتى مللت
ينتقل العقاد فى الكتاب بين نشأه الامام و ذهابه للازهر ورفضه طريقة التعليم انذاك من التلقين بلا فهم وكيف انه لفظها ثم تحدث عن صحبته لجمال الدين لافغانى ثم دوره فى الثورة العرابية حتى نفيه من البلاد ثم بدأ بالنسبة لى اهم فصل فى الكتاب حيث يأس الامام محمد عبده من السياسة ورأى ان اصلاح الامة يبدأ بتعليم ابتاءها فعندما عاد الى مصر بعد النفى بدأ حركة اصلاح الازهر لادخال العلوم الحديثة فى المناهج التعليمه لكن تأتى الحقيقة المؤلمه وهى سبب تخلف هذه الامة حيث تصدى المقليدين والجامدين لهذه الحركة وادعو ان تعليم العلوم غير اليدنية انما هو اتباع للغرب الكافر و ان اتباع العلوم التى تقول بكروية الارض وخلافه انما هو كفر بين وهنا يظهر لنا دور طيور الظلام حيث انهم كانوا دائما عقبة فى تقدم هذه الامة وكيف انهم يغيرون جلودهم لكنهم ثابتون على نهج كره ورفض كل ماهو جديد
الكتاب كان فى مجمله رائع واعطنى فكره مجمله من هو الامام محمد عبده وماذا فعل لهذه الامة.
إعجاب العقاد بالإمام محمد عبده يتضح من ثنايا الكتاب وهو حقيق به رحمه الله وقد احسن العقاد باختيار العنوان اي عبقري الاصلاح والتعليم فقد استقر ت قناعة الامام ان اصلاح حال الامة ليس بالسياسة والصراعات مع الخصوم وليس بالثورات وانما بالتعليم واصلاح حال الامة من الشعب وليس من القيادة وكم نحن بحاجة الى هذه القناعة في عصرنا الحاضر بدلا من الصراعات السياسيةوالثورات الغوغائية التي لم تزد الامة الا هوانا ولو بذلت هذه المجهودات في الاصلاح والتعليم لتغيرت حال الامة
سأكتب مراجعة لهذا الكتاب في صيغة سؤال هل كتب كتابا العقاد عن جمال الدين الافغاني؟ وان كان لا ،لماذا؟ يفهم من كتاب عبقري الإصلاح الشيخ محمد عبده أن اثر جمال الدين الافغاني عليه وفيه عظيم،ويفهم من كلام الشيخ محمد عبده نفسه أن جمال الدين الافغاني كان من طراز فريد قل مثيله. لقد كتب العقاد سلسلة العبقريات،وكتب عن غاندي ؛واتبعه بكتاب عن جناح ثم سن ياتسن ثم سلسلة من عباقرة أوروبا وامريكا ارجو ان أجد إجابة شافية.
استمتعت جدا بقراءة سيرة الامام محمد عبده ، بالرغم من ان الكاتب لم يتعرض لحياته الشخصية الا قليلا ولكن حياته العملية مؤثرة جدا ودعوته لاصلاح التعليم ورؤيته في اهمية إصلاح المجتمع عن طريق العلم وتيسيره للناس من كافة الفئات ملهمة للغاية وبالذات في العقبات اللي واجهته في حياته وانه لم يستطع انه يبلغ كامل اهدافه لكن يكفيه انه سلك طريق ومهده لمن بعده ، طريق كان من المستحيل سلوكه لكثرة المعترضين علي التجديد ورؤيتهم انه ضد الدين
الكتاب جميل ومفيد واراه مناسبا للدراسة في المدراس بعد قليل من التصرف فطريقة التعليم التي تمرد عليها الامام وحاول اصلاحها مازالت موجودة الي الان ككل الكتاب اضاف الي الكثير عن حياة الامام وتلك الفترة من تاريخ مصر ولكن هناك بعض الفصول بها الكثير من الحشو وتكرار المعني والمضمون احيانا بدون فائدة تذكر
محبتهوش .. واللى صبَّرنى انى أكمله علّى أنول مرادى ف تسليط الضوء ع الفترة التاريخية وعلى ما يفيد من حياة الإمام بس خيب رجائى وتهت وسط الصفحات وكتير جدا حسيته بعد عن المقصود أو تناوله من زاوية بعيدة ومقدرش يجذب انتباهى وتركيزى أثناء قراءته .. بس يمكن أنا شاكرة انى قرأته لرسالة وجدتها موجهة ليا فى إحدى صفحاته .. بس عجبنى ما قال عن الثورات لكنى مش بارشَّحه لأحد
يتعرض العقاد لترجمة الأستاذ الإمام محمد عبده وما خالط سيرته من الحوادث العظام في نشأته وكبره .. عاش الامام في أسرة تعرف بالفروسية ورياضة البدن واستخدام السلاح فكان لهذا الأثر في جرأته وشجاعته في عرض آرائه ، كره التعليم في مقتبل عمره للطريقة التقليدية في المسجد الاحمدي من التلقين دون الشرح والافهام فهرب في البداية الي أخواله وهناك وجد الشيخ درويش خضر الذي اعاده الي جادة العلم مرة أخرى بعد أن كان أن يضل الطريق .. ذهب للأزهر وأخذ الشهادة العالمية ودرس بدار العلوم وكان عضوا في الأزهر الشريف .. كان له فكره الإبداعي الذي كره إليه التقليد والجمود في مناهج الأزهر فأخذ يسلك طريق الإصلاح ويتحين الفرص لضم العلوم الحديثة في تدريس الأزهر ما جلب عليه نقد واضطهاد أصحاب المصالح في الأزهر .. صاحب جمال الدين الافغاني وكان عنده بمنزلة المعلم والملهم إلا أنه اختلف في نهجه الإصلاحي بميله لتطوير العلم وإصلاح التعليم دون انتظار الإصلاح ان ياتي من مسالك السياسة .. كان ثائرا ولم يكن عرابيا وكان يرى في البداية أن الثورة ستكون سببا في دخول الاحتلال الإنجليزي لمصر وقد صدقت رؤيته اما وقد كان فقد اتخذ جانب الثورة لانه ما كان ليتخلى عن أبناء وطنه امام المحتل ما أدى الي نفيه الي بيروت ثم سافر الي باريس وانشا مجلة العروة الوثقى مع جمال الدين الافغاني وعندما عاد الى مصر تولى منصب الإفتاء وتوفى عن الثامنة والخمسين من عمره بعد جهاد في الإصلاح الطويل في ميدان التعليم .
يقول الامام محمد عبده رحمه الله في مسألة النقل والعقل ، اذا بدا ان النص لا يجري مع العقل في مضمار واحد فان اولوية الترجيح حينئذ تكون لمنطق العقل واحكامه ثو يؤول النص ويفسر بما يتفق والعقل في نهاية الامر ، فاذا لم يمكن التأويل بقى النص في منزلة متعالية فوق العقل وفوق احكامه وقضاياه وحينئذ يفوض فيه العلم الى الله تعالى ، على ان علو النص على العقل في أمثلة نادرة لا يعني بحال ان هذه الامثلة تضاد العقل او تصطدم مع اولوياته وثوابته ، فهذه المفارقة مرفوضة شكلا وموضوعا في دين الاسلام ، وسواء في ذلك ان النصوص التي تؤصل العقيدة أو النصوص التي تؤصل الشريعة وأحكامها في العبادات والمعاملات والاخلاق والاجماع منعقد كما يقول الامام " على ان الدين ان جاء بشئ قد يعلو على الفهم فلا يمكن ان يأتي بما يستحيل ضد العقل "
العقاد، العبقري الذي يكتب دائمًا عن العباقرة، يتحدث هذه المرة عن الإمام محمد عبده، وكعادته يبحث عن محفزات عبقرية عبده في البيئة التي نشأ فيها وفيما فطر عليه عبده من طبع وخلاف، ومفتشًا عن أصول بيئة عبده الحاضنة، نجده يعود منقبًا في التاريخ إلى أن يرضى عن تصوره عن كيف حفزت تلك البيئة عبده، ويقف متأملًا خلال عبده الفطرية، وكيف بلورتها البيئة، ثم يصحب العقاد قارئه في رحلة موازية لمسيرة حياة عبده، طالبًا ثم ثائرًا ثم منفيًا ثم مصلحًا ومعلمًا، ولا يفوت العقاد أن يقارن ما بين عبده وأستاذه الافغاني، مفسرًا ما اختلفا فيه من مواقف، ثم يتأمل مواقف عبده من الأحداث التاريخية التي عاصرها، ويناقش أفكاره التي بثها بين تلاميذه.
يسرد الكاتب حياة الامام محمد عبده مفتتحا بمقدمة عن الأزهر و الريف في ذلك الوقت ثم نشأة الشيخ و كرهه للتعليم في البداية فحمله لمنارة العلم و التعليم لبقية حياته موضحا اثر جمال الدين الافغاني عليه و علاقته به و موقفه من الثورة العربية و معاركه مع الأزهر و الخديوي خاتما بمقتطفات من انسانية الشيخ و فلسفته الدينية و الاجتماعية سيرة ثائر مناضل رافع راية الوطن متسلح بالعلم و الضمير علي الرغم من أسلوب العقاد السهل الممتنع الا أن كتابته ثرية لغويا و فكريا فهو ليس بالناقل لكن ناقل محلل لا يذكر حياة الامام بالتفصيل و لكنه يقودنا عبر أهم مواقف حياته التي ساهمت في تخليد اسمه راسما لنا صورة عامة عنه
"إن بلادنا ليست بلاد الجوع القتّال ولا بلاد البرد القارس المميت، ولا بلاد الشقاءالتي لا ينال الإنسان فيها قوت يومه إلا بالعذاب الأليم، بل نحن في بلاد رزقها الله سعة من العيش ومنحها خصوبة وغنى يسهلان على عائش فيها قطع أيام الحياة بالراحة والسعة، ولكنها ويا للأسف منيت مع ذلك بأشد ضروب الفقر، فقر العقول والتربية" محمد عبده. عباس العقاد
رحلة جديدة صعبة مع العقاد و عن شخصية فكرية و فلسفية كبيرة زي الإمام محمد عبده مش هتكون سهلة أبداً، الكتاب حلو كبداية لفكر محمد عبده ولكنه قاصر و يعتبر نبذة مختصرة عنه وعن فكره ولكن حمسني أني اقرأ عنه أكتر واكتر. خصوصا كتاب العلم والمدنية
This entire review has been hidden because of spoilers.
اولي قراءتي للعقاد معرفش ليه اخترت الكتاب ده بالذات يمكن عشان معرفش اي حاجة عن محمد عبده ودي اول مرة اسمع الاسم والكتاب عبارة عبارة عن سيرة الشيخ محمد عبده من اول ماكان طالب في الازهر لحد ما مات وبكل الاحداث البارزة في عصره والكتاب رائع جدا وان شاء الله اقرأ للعقاد تاني
قرب منتصف الكتاب انتابني شعور بالخجل لتأخري حتى هذا العمر في القراءة عن شخصية عظيمة مثل الشيخ محمد عبده، نعم قرأت مقالات متفرقة عنه لكنها أبدا لا تغني عن سيرة حياته تفصيلا، وبقلم من ؟ شخصية عظيمة اخرى مثل عباس محمود العقاد، كانت المتعة والفائدة مضاعفة.
تظل أمراض مصر كما هي منذ أكثر من مئة عام، الفقر والجهل والمرض والفساد، وستبقى العلاقات الملتبسة والمتوترة بين الحكام أصحاب السلطة، وأغلبهم ينظر تحت قدميه، والمفكرين أصحاب الفكرة، وقل من يعمل منهم لما بعد رحيله مثل الشيخ الإمام.
أن يدفعك القدر لملاقاة توأم روحك القادم من زمن غابر على صفحات كتاب يسكن مكتبتك المفضلة فتتناول الكتاب على نهم فى بضع ساعات دون أن تتركه من يديك لأنك تتحرق شوقا لمعرفة هذا الغريب الذى صار قريبا لك لكثرة ما تشبه طباعه طباعك وتشبه رسالته رسالتك التى تود أن تحمل ..كان هو محمد عبده الامام الذى سعى للاصلاح ما استطاع رحمه الله
كتاب جيد في مجمله، لكني لا أنصح به لمن يريد أن يقرأ عن الأستاذ الإمام أول مرة، فالكتاب صورة عن العصر وتتبع للمسار الفكري للشيخ محمد عبده في إطار معطيات العصر، كثير الاستطراد والتشعب، يتوه معه الناشئ.