دعنا نقتل الوقت.. نعد حبات الأرز المضيئة وذرات السكر المصفرّة، نعد حروف أحاديثنا مع أسراب الطيور الكثيفة التي تحلق وتتركنا نتساءل مبتسمين بدهشة : كم نحن حمقى! نعد بلورات الملح الخشن وفتات الملح الناعم، درجات الألوان اللانهائية في لوحاتي والألوان المحدودة على أجساد سمك البساريا الفضية والشفافة، نعد حبات الرمال شديدة الملوحة المبتلة بعض الشيء التي تبتلع أمواج البحيرة على مهل كمريض يبتلع ريقه بصعوبة، نبتلّ وحيدين.. ينقصنا الحب.. قلبي رقيق مثل سمك الباساريا وجوفي مظلم كقاع البحيرة وعقلي مليء بالمربعات المتداخلة، كلما خرج مربع جديد من ضلع مربع قديم ينفد وقت.. ليتكِ هنا
طبعًا هذه ليست التجربة الأولى للكاتبة، سنعرف لاحقًا أن لها مجموعتان قصصيتان، وهذه فقط روايتها الأولى، الأكثر جمالاً وتماسكًا .. بلاشك بعض الأعمال يوقعك جمالها في حيرةٍ فلا تعرف كيف تتحدث عنها، عادة .. نتناول الحديث عن الحبكة والشخصيات واللغة، وكيف استطاع الكاتب أن يعبر عنها بشكل محكم، ولكن بعض الكتابات نتورط معها ومع عالمها بالكامل، فلا نعلم هل أحببنا اللغة أم الشخصيات أم طريقة التناول والبناء، وفي النهاية تبقى الكتابة الأدبية هي المعيار والجماليات التي نتحدث عنها لنؤكد هذا الأمر تبقى مختلفة وهامشية، كل ما في الأمر أن الكتابة الجميلة تفرض نفسها، وهذه كتابة جميلة وحقيقية .. تبدو من كل مشهد وكل فصل، مع كل انتقال وكل بيت، حكايات البطلة والناس من حولها، قدرتها الشديدة على التقاط تفاصيل العالم، واللعب بحرية بين الزمان والمكان، والإمساك بخيوط الحكاية لكي لا تنفلت .. كل ذلك وأكثر تقوله السيرة قبل الأخيرة وتفعله مريم باقتدار .. وشطارة .
رواية أو سيرة ذاتية لن أهتم بالتصنيف، لكنها بالتأكيد كتابة صادقة، رأيت نفسي في تفاصيلها حتى أنني توقفت كثيراً لقراءة سطر أو وفقرة أو صفحات كاملة أكثر من مرة، حكاية بطلها الحقيقي هي البيوت، البيوت التي تركناها أو تركتنا هي، البيوت الحية بجدرانها الشاهدة على تفاصيلنا التي لم يراها سواها، بنوافذها التي نطل منها على حيوات الآخرين وحكاياتهم ونسمح لهم بالتلصص على حكاياتنا. " اللحظة التي يعلن فيها اسم من فقدت في العلن، تكون أول مواجهة للحقيقة التي ترفضها تماماً. ليس فقط الرفض، بل إن عقلك لم يتسنّ له استيعابها بعد." رحلة الأب التي تتشابه كثيراً في بيوتنا .. التخلي عن الحلم من أجل لقمة العيش، الغربة و الهروب منها لحضن البيت الضيق، المرض المنهك، الفراق المفاجئ، وقرية صغيرة يربطنا بها قبر."
أجادت مريم صنع التفاصيل فعشنا معها فيها وربطناها بتفاصيل حكايتنا فتوحدت الحكايات.
أقتبس من الرواية: " منذ مايقرب الخمسين عاماً اضطر أبي الطفل إلى توديع منزل جده في السيدة زينب، وكانت مشكلته هي أنه لا يملك كاميرا لتصوير المنزل للذكرى فأخذ يرسم كل مقطع فيه بتفاصيله وكتب في ذلك قصة. الوضع الآن أسهل. سهولة تضاءلت معها هيبة الموقف. بضغطة زر واحدة سجلت فيديو طويل فيه كل شبر وكل تفصيلة في بيت الشوربجي."
رواية السيرة قبل الأخيرة للبيوت احيت المكان ومنحته قدرة تفاعلية هائلة تجعل حضوره طاغيا.فهو يفتقد ساكنيه، يحزن معهم، يشاركهم ضيقهم وعجزهم، افراحهم و همومهم… هي رواية المكان التي تطرح " البيت" كمفهوم نفسي اجتماعي يتأثر بالساكن ويؤثر فيه في حالة من التشابك العاطفي والحياتي العميق… أتقنت الكاتبة لعبة التشظي المكاني والزماني، فراحت تنقلنا داخل عوالمها وبيوتها المتنوّعة فترانا نعيش مشهدية واقعية مع شخوصها واحداثها وتنوّع تنقّلاتها… الرواية بوح صادق من كاتبة شفافة ابتعدت عن لعبة شيطنة الشخصيات او حتى تمجيدها… تعاملت مع شخوصها بمنحى انساني بحت دون احكام مسبقة،… روت الواقع بتجرّد وموضوعية… أغدقت تفاصيل يومياتها ومشاعرها بكرم فائق!!! تبهرك الغزارة والانسيابية اللغوية التي تتقن الكاتبة فن التعامل معها… عيب العمل الوحيد هو الغرق في بحر من التفاصيل والاستطرادات الكثيرة خلال السرد وعشرات الاسماء والشخصيات التي تظهر وتختفي ، اسلوب يربك القارىء ويختبر صبره وقدرته على ملاحقة التفاصيل… للأمانة رواية تستحق القراءة .
يقول الكاتبان إليزابيث كوبلر وديفيد كيسلر في كتابهما عن الأسى والتأسي: "قص حكايتك؛ لأن ذلك يؤكد على أهمية ما فقدت"، يؤكدان أن قص الحكاية يساعد على تخفيف الألم فوجود الشهود يوزع الأسى ويساهم في التعافي. ولم تجد "ميمي" بطلة "السيرة قبل الأخيرة للبيوت" أصدق من الحكاية لاستيعاب ألم الفقد ولترميم عالمها الذي تداعى بمرض والدها ثم رحيله المبكر، نتابع كيف تجمع أجزاءه المتناثرة على مهل وتعيد بناؤه من الذاكرة، عبر سردها لسيرة بيوت تنقلت بينها في الفيوم وأحياء الجيزة: بولاق وبشتيل والهرم. فضاءات مكانية اختارتها مريم حسين بوعي لتكشف تحولاتها ولتنقل حكايات شديدة الواقعية من قلب الأحياء الشعبية، حيث التلاصق الذي يلغي الخصوصية ويبنى الألفة ويخلق الترابط، في مجتمع فريد تلتقط الكاتبة أدق خلجاته لتنسج لوحتها الغنية بالتفاصيل، ولنقرأ في النهاية سيرة أسرة مصرية من الطبقة الوسطى تسعى لأن تجد لنفسها مكانا في المدينة القاسية، في ظل ركود التسعينيات المطبق وتحول الألفية الجديدة العنيف.
بين ذكريات حنين بريئة وحاضر واقع باهت تتنقل نفسي من بيت إلى آخر تطمح في مستقبل جديد مستقبل يحمل ما للماضي من رائحة من براءة أحلامه وعنفوانها من روح أسرة شتت الحاضر أفرادها عالقين بوجدانهم جدران بيوت مهجورة لم يعد لوجودهم أثر سوى في مخيلتي أثرٌ فاتر فتور واقع أعايشه يدفعني أن أذكرهم تارة وأتعمد نسيانهم تارة أخرى لعلي أجد نفسي الحائرة وسط جدران قديمة لتلك البيوت المتهالكة..
"إلى الآن لم أجد إجابة.. ماذا تعني كلمة بيت؟ هل مجرد مكان أسكن فيه وليس مِلكي؟ متى أقدر على القول بأن هذا المكان هو بيتي؟ مكان تواجد أحبتي ليس بالضرورة بيتي، ولا المكان الذي أشعر فيه بالأمان". ربما تكون تلك هي الرواية الأولى التي أقرأها وتتناول البيوت بتلك الطريقة.
في رواية "السيرة قبل الأخيرة للبيوت" لمريم حسين (دار المرايا – 2024)؛ تبحث بطلة الرواية، مُدرسة الموسيقى ميمي في تنقلاتها عبر ثلاثة بيوت، بحثًا عن معنى الكلمة ذاتها. تتسم الرواية بروح دافئة ورقيقة، رغم أنها تحكي عن أزمات وتجارب صعبة في حياة شخصياتها، إلا أن بطلة الرواية تحكي كل ذلك بروحٍ ساخرة مُحبّة للحياة، وفيها شجن أصيل، لكن دون شعور بالكآبة أو القتامة.
تتخذ الكاتبة من البيت بطلًا أساسيًّا للرواية، تنشغل فصول روايتها، وعددهم 16، بثلاثة بيوت، وهي بيت "بشتيل" بمنطقة إمبابة وبيت "الشوربجي" بحي بولاق الدكرور وبيت "الهرم" الواقع في شارع العريش. ففي حياتها تنّقلت ميمي عبر البيوت الثلاثة، وفي كل بيتٍ تنقل للقارئ قصص جيرانها والعابرين بالمنطقة. كما أنها تطرح تشريحًا دقيقًا لكل منطقة شعبية سكنت فيها، وبدلًا من اعتبار تلك المناطق عارًا أو حديثًا خجولًا لا يجب مناقشته، تحكي عنه ميمي باستفاضة شديدة، بل بمحبة كبيرة لتلك المناطق الضيّقة على أهلها، والفقيرة في مواردها، لكنها رحبة في حكايات أهلها ومتناقضة في الآن ذاته.
ستأخذ ميمي القارئ من يده في رحلة عبر الثلاثة بيوت، وتبدأ في وصف كل بيت بدقة شديدة، رغم ضيقه ومحيطه الفقير، إذ أن بيت "بشتيل" مثلًا لا يوجد به مكان منفصل للحمام أو مكان للمطبخ، مع ذلك ستجعل ميمي من تلك المساحة الضيّقة لوحة حيّة بالتفاصيل، ومن شخوص كل بيت قصصًا متنوعة، أغلبها بائس صحيح، لكنها محكيّة بلسانٍ ساخر. مثلما حكت ميمي عن أبي أشرف الذي يعمل في ملء أسطوانات البوتاجاز في الدور الأرضي وهو يدخن السجائر.
ربما ذكّرتني هذه الرواية بروح فيلم "الكيت كات" (إخراج داود عبد السيد)؛ شخصيات متناقضة تعيش داخل منطقة شعبية خانقة، لكنك لا تملك إلا أن تحبها وتحب تفاصيلها وتتفاعل معها. فالكتابة عن التفاصيل اليومية الدقيقة بأسلوب سردي بديع، ربما يشبه في عاديته المتتالية القصصيّة "حجرتان وصالة" لإبراهيم أصلان، لكن مريم تمتلك أسلوبًا متفردًا يتسم بدِقة التفاصيل؛ ساعدها على ذلك دراستها للسيناريو، وكذلك لغتها التي تجمع بين الفُصحى والعامية. وهو مزيج تحبّه مريم وترى أن هذه اللغة هي الأقرب لها. فلا تستغرب حين ترى لفظةً عامية بين كلمات الفصحى، كأنها اللغة التي يتحدث بها شخصيات الرواية، إذ تنتصر مريم لغواية الحكي.. الحكي فقط.
لا توجد حبكة رئيسية في الرواية، بخلاف انتقال أسرة ميمي من بيتٍ لآخر، فالبيت هُنا هو البطل كما ذكرت، وبجانب البيوت الثلاثة الرئيسية، يوجد بيت "الفيوم" والذي تذهب إليه الأسرة في الإجازات، والمَدرسة التي تعمل فيها ميمي في منطقة "هضبة الأهرام"، ومكتب أبيها حسين المحامي في بولاق الدكرور.
السرد داخل الرواية ليس خطيًّا، بل الحركة فيه أشبه بالتموجات، فمن بيت الهرم، وهو آخر منزل سكنت فيه البطلة، إلى بيت الشوربجي، وهو ثاني منزل سكنت فيه، ثم إلى الهرم، وبعدها إلى بشتيل. فلا يوجد ترتيب منطقي هنا، بل كل حكاية تفرض نفسها، ونظل نتأرجح في الزمن هكذا. ربما كان ذلك الحل الأفضل، لأننا نعلم منذ البداية بموت الأب حسين، ثم تحكي لنا ميمي عنه بعد ذلك، وعن قرب علاقتها القريبة به.
"ماذا تعني كلمة بيت؟".. هو السؤال الرئيسي للرواية، وهو السؤال الذي سألته لنفسي أيضا خلال قراءتها، كان الانتقال من بيت لآخر خيارًا مفروضًا على ميمي وشقيقاتها رنا وريم، إذ أن أبيهم المحامي عشق الإقامة في المناطق الشعبية، بين ثراء شخصياتها، التي ينقلها إلى رواياته وقصصه، ولكن ذلك الخيار سيجعل العلاقة تتوتر بينه وبين زوجته سوسن التي أحبته وانصاعت لخياره ذلك.
ربما يظن البعض أن الرواية هي سيرة ذاتية لكاتبتها، خاصة أن البطلة اسمها ميمي، وهو كُنيّة -أو اسم الغنج - لمريم، كما أن والدها في الواقع اسمه حسين، ويعمل محاميًّا وروائيًّا، ومسقط رأسه هو الفيوم، لكن الرواية هنا أكبر من السيرة الذاتية، إذ أنها ضمّت شخصياتٍ عديدة متخيّلة، وتفاصيل كثيرة ليست حقيقية. كما نفت مريم بنفسها في حواراتٍ صحفية ولقاءاتٍ تلفزيونية أن تكون الرواية سيرة ذاتية.
تمتلئ الرواية بحيواتٍ كاملة، نرى ألعاب الأطفال وحيلهم، والأغاني التي تربت عليها ميمي ورنا في صغرهما "العيان أديه حقنة والجعان أديه لقمة، بدي أزورك يا نبي ياللي بلادك بعيدة، فيها أحمد وحميدة"، علاقتهم بوالدهما حسين، واللغة المختلقة بينهما. تشتاق ميمي لكل منزل عاشت فيه، رغم ضيقه وعشوائيته، ورغم كون أسرتها مختلفة تمامًا عن جيرانها. فهي كما تقول، يحبون القراءة والفن والموسيقى، بينما جيرانها ربما بالكاد "يفكوا الخط"، ومع ذلك يتآلفون مع تلك الحياة. ومع انتقال ميمي إلى بيت الشوربجي، تشتاق إلى بيت الطفولة في بشتيل، وبعد وفاة الأب وزواج الأختين الصغيرتين تنتقل ميمي ووالدتها إلى بيت الهرم، فتشتاق إلى بيت الشوربجي الذي قضت فيه فترة مراهقتها وشطرًا من شبابها، حتى أنها في البداية تخطئ وتعود بعد عملها إلى شارع "العشرين" في منطقة فيصل، وهو شارع في نهايته شارع الشوربجي، حينها تتذكر أنها انتقلت إلى منزل آخر.
قبل مغادرتها بيت الشوربجي قررت ميمي تصوير فيديو على هاتفها المحمول لتفاصيل المنزل الذي لم يكن أفضل بيت ولا الأكثر اتساعًا، لكنّه حمل أيامها وذكرياتها ومواقف عاشتها، لن تعود ثانية. تجيب ميمي في الفصل الأخير عن السؤال الذي يستمر طِيلة الرواية، فتقول: "أتعلم يا صالح متى أقدر على القول بأن البيت الذي أتواجد فيه هو بيتي؟ فقط عندما أقرر هدم حائط فيه ولا يعترض أحد أو حتى يتساءل. بل ربما يعرض المساعدة".
فى الحقيقة لم أستطع أن أصل بالضبط لما تريد الكاتبة إيصاله. هل نحن بصدد سيرة ذاتية أم كتابة واقعية تكاد تخلو من اى اسلوب فنى أم مزيج بين الاثنين معاً. الكتابة الواقعية جدا التى هى مجرد سرد أكثر منها كتابة ذات بناء فنى متماسك قد تكون مسلية إذا توافر فيها شرطان، أولهما أن تكون الحكاية بها حادث جديد ومختلف وثانيهما أن لا تتكرر بنفس النمط مرات كثيرة، وهذان الشرطان لم أجدهما هنا. أنا شخصيا وأنا لست بكاتب محترف ولكنى احب القراءة واقدر على الكتابه الجيده، أستطيع ان أملأ مئات الصفحات لحكاوى كثيرة واقعية جدا عشتها منذ طفولتى ومع انتقالى من مكان لمكان ومن بيت لبيت ولكن السؤال هنا، لو كتبت هذه الصفحات فماذا سوف تضيف لقارئ لا تهمه أحداث حياتى بالضرورة ، ناهيك أنه قد يكون عاش احداث أكثر دراما وتشويق من أحداث حياتى.
رواية دافئة بها الكثير من الود والعفوية وخفة الدم، ومهارة في السرد والوصف والحكي، حتى أي مشهد عابر تجعله حيا ومحببا بطريقة كتابتها، عين ترى الجمال في كل شيء وقلب ودود كما لو كان قلب صديق أو قريب وعشرة عمر والبطل هنا ليس الحبكة أو تصاعد الأحداث ولكن طريقة السرد العفوية المتدفقة.. ذكريات الراوية عن البيوت التي سكنتها، وعمرت بأحبابها وحزنت لفقدهم أحببت تصويرها للعلاقة بين الراوية وأبيها، فيض الشخصيات التي تملأ الرواية وتصفهم كما تصف كل شيء وكل مشهد ومكان بالتفصيل وبطريقة جذابة حتى تجعلني أراه شكرا على كل هذه الحكايات والذكريات الملونة والمشاهد والصور والشخصيات والشجن والهزار، ورحمات الله على الأب الجميل
كلمات بجانب كلمات تصنع جملا بجانب جملا لتنتهي بشئ في القلب لا أدري كنهة ولكني تعلقت بالصفحات. بدأت ب ( السيرة قبل الأخيرة للبيوت) وتوقفت بعد قليل منهكة بالمشاعر التي تفيض بين السطور فيزداد تعلقي بالجدران والأشخاص ... لماذا منهكة؟ سؤال ظل يطاردني كلما انتهيت من صفحة وبدأت أخرى... وأخيرا عرفت الإجابة ... أنا شخص يتعلق بالجدران والروائح والذكريات وكل منها يحمل ألما من نوع ما 😭 عذرا مريم حسين لقد توقفت ولم أستطع أن اكمل رائعتك 🥰🥰🥰🥰 ولكن لنا موعد آخر بعدما يهدأ الألم 🥰🥰🥰
▪️متذا تعني كلمة بيت ؟ هل مجرد مكان أسعد فيه؟ هل مكان أسعد فيه وليس ملكي؟ متى أقدر على القول بأن هذا المكان هو بيتي؟ مكان تواجد أحبتي ليس بالضرورة بيتي، ولا المكان الذي أشعر فيه بالأمان
طريقة ساحرة للسرد الواقعي الذي يحتوي وقائع الأيام وآثارها، خطوط سيرها وأطرها، مساراتها وحيطانها مربعات الكلمات المتقاطعة التي نسكنها وتحتوينا ونمنحها صورة في معارض الجمال العالم الضيق الخانق باتساع أحلام لا حدود لها، الصيغة الشعبية الجميلة لأماكن الاحتواء التي تضرب ملامحنا النفسية العميقة في خلاط الهوية فيكتسب الحكي مذاق الحواديت الشعبية إنها اللغة التي وصلت إليها مريم حسين لتغزل منها لوحة الرواية الناطقة بعربية مصرية جامعة بين العريق والعميق أسلوب قص تصويري يحدثك قبل أن يكتب لك، يتواصل معك قبل أن يغترب في الكتابة يجمع مفردات التفاعل الحيوي في قلب مصر عند انصهار الجنوب والشمال ستظل الرواية تتكلم معك عن قسوة البسطاء وامتزاج الطيبة بالدهاء، والضعف بالقوة كيف تصنع المجتمعات كتالوجات حياتها الخاصة بإصرار البقاء والمقاومة حفاظا على روحها الهائمة في البيوت المهجورة في الأرض العامرة في السرد تنتقل البيوت من الجغرافيا إلى الروايات تنكتب لها سيرة تتشخّص مثل البشر كل بيت حكاية كل بيت يشغل مجموعة وحدات سردية يحتفظ البيت بالعلاقة بين الراوية والشخصيات وبين الرواية والتاريخ يجمع الأحباب الأب الأديب المحامي الطفولة بصحبة العائلة احتياجات الأطفال والأم وحلم الأب بإبداع خالد يستمد مادة أدبه من قضايا الغلابة يدخلهم مكتبه يضعهم في بيته ندرك أن الرواية بيت سيرة للأحياء الأحياء التي تجمع البيوت والأحياء التي تعيش في البيوت رواية بحث عن الزمن الذي مر والأب الذي رحل والبيوت فصول الرواية فصول الحياة التي نتعلّم فيها ومنها ونصوّرها علامات في بيت السرد