"... أما هذا الكتاب الذى يضعه مؤلفه ومترجمه وناشروه بين أيدى القراء اليوم فيتحدث بإفاضة عن حقبة هذا التاريخ– تاريخ الإنسانية الفكرى – وعن أثرهافى تطور المجتمع الإنسانى على الأجيال إلى عصرنا الحديث. وهو بهذه المثابة محاولة جريئة جديرة بالتقدير والإكبار، وجدارتها بالتقدير أكثر وضوحًا فى نظر الذين يعتقدون عن إيمان أن تاريخ الإنسانية يتلخص فى تطور تفكيرها؛ لأن هذا التطور هو المتصل على الزمان وكل حلقة من سلسلته باقية إلى اليوم قيد البحث والتمحيص من جانب العلماء والمفكرين ومن يعتقدون أن مصير الإنسانية رهن فى النهاية بمصير العقل الإنسانى يوم يبلغ كماله فتبلغ الإنسانية وحضارتها مثل هذا الكمال. فإذا ما قدر لهذا اليوم أن يكون ارتسمت أمام المؤرخ وأمام المفكر للخطوات التى قطعتها الإنسانية خلال العصور وفى مختلف أرجاء العالم كى تبلغ هذا الكمال ..." .
الكتاب من الكتب الجميلة التي تلخص عشرات الأفكار و الفلسفات التي شكلت العقل الأوربي الحديث، لو تخيلنا هذا العقل وعاء فإن ما يقوم به الكتاب بيان محتويات هذا الوعاء في سياقاتها التاريخية و تفاعل هذه المحتويات مع بعضها البعض.
تكوين العقل الحديث جون هرمان راندال ...................... ((هذا التعليق للجزئين معا)) هذا الكتاب يحكي قصة عظيمة جدا، هي قصة التطور الذي حققه الإنسان في حياته معتمدا علي قدراته العقلية، وجهوده التي بذلها علي مدي أجيال. مزيج معقد من العقائد والمثل العليا يحيا به العالم الحديث ويعمل بمقتضاه في عصرنا، هذا المزيج ليس هبة من الآلهة كما زعمت الأسطورة القديمة. بل هو مأثرة حية حققتها سلسلة طويلة من الأجيال البشرية _هكذا يقول المؤلف في مطلع كتابه. يركز المؤلف في هذا الكتاب علي أن يبين كيف توصل الأفراد إلي الإعتقاد بما يعتقدون به الآن. وينقسم الكتاب إلي أربع كتب، الأول: النظرة العقلية لمسيحية القرون الوسطي، والثاني: عالم النهضة الجديد، والثالث: نظام الطبيعة _ تطور الفكر في القرنين السابع عشر والثامن عشر، والرابع: عالم ينمو _ الأفكار والآمال في السنوات المائة الأخيرة، ويقع في مجلدين. ركز الكتاب الأول علي شرح أهم فكرة في العقيدة المسيحية، وهي ما جري بعد خلق آدم ونزول المسيح للتكفير عن خطايا الناس، بعد هذا الحدث الإلهي يصبح التاريخ البشري بكامله مجرد صراع يتخذ أشكالا مختلفة. فهو صراع بين مذهبين في الأخلاق، الواحد طبيعي والثاني إلهي. وبين فلسفتين، عقلية وسماوية. وبين نوعين من الجمال، جسدي وروحي. وبين مجدين زمني وأزلي.وبين مؤسستين العلم والكنيسة، كان العالم العقلي لهذا العصر يعيش في صراع بين ثنائية الروح والجسد ووجوب اللتضحية بعالم الجسد لضمان حياة جيدة في عالم ما بعد الموت، وفي هذا العصر لعبت الكنيسة دور جهاز الخلاص. بعد ظهور عدد من العلماء في مجال الفلك، وكشفهم لحقيقة أن الأرض ليست مركز الكون، وكشف علماء الأحياء حقيقة انحدار الإنسان من مخلوقات وسلالات سابقة عليه، كل هذه الكشوفات خلخلت من سيطرة الكنيسة، وفتحت شهية العامة للعلم وحرية الفكر، وكان للتطورات الاقتصادية دور مهم في الإسراع بهذه الثورة. جرت في عالم النهضة الجديد تطورات هائلة بين عهدين (قديم وجديد) بسبب التطورات الإقتصادية من النظام الإقطاعي إلي نظام حرية التملك. التطور الاقتصادي أدي إلي تطور نظام الحكم من الملكية المطلقة إلي نظم الديمقراطية والملكية الدستورية. وكذلك تطورت النظم العسكرية وإدارتها تبعا للتطورات الإقتصادية والسياسية. وكذلك ظهرت الدولة القومية بديلا عن نظام إقطاعات النبلاء، وكان ذلك بسبب التطورات الإقتصادية، وكان من أهم أهداف الدولة القومية الحفاظ علي مكتسبات التطور الإقتصادي. إستوجبت كل هذه التغيرات إعادة بناء وهيكلة الحياة الفكرية بكاملها. كان من نتائج إعادة هيكلة الحياة الفكرية أن تقوم الروح الجديدة علي إهتمام متزايد بالحياة الإنسانية كما يمكن أن نعيشها علي الأرض، دون ارتباط بالعالم الأخروي. وأصبح المثل الأعلي هو الإكتمال، وهو قيام جميع ملكات الإنسان وجميع إمكانيات الطبيعة البشرية بوظائفها قيما تاما كاملا. وحلت الحرية والمسئولية بتوجيه العقل محل الخضوع لإرادة الله، وأخذ البحث الفكري الجرئ يحتل بالتدريج مكان الإيمان. ولم يعد مجد الله غاية العلم بل أصبحت الغاية الجديدة توسيع سيطرة الإنسان علي الطبيعة. وهكذا مع توالي الكشوف العلمية التي هدفت إلي تمكين الإنسان من قوانين الطبيعة نظر الناس إلي القوانين الطبيعية كقوانين حقيقية بل أوامر يصدرها الله فتطاع بحرفيتها دون أي تمرد. كتاب ممتاز انتقل فيه المؤلف بين العصور دون أن يحدث قواطع زمنية أو فواصل فكرية بين عصر وعصر، بل انتقل بسهولة ويسر بين العصور صانعا تمهيدات قبل كل انتقال فجعل العصور متصلة ببعضها كانها طوابق في بناء واحد. بالكتاب الكثير من الفصول المملة، لكن الملل هنا مشكلة القارئ لا الكتاب، فالممل عندي ليس مملا عند غيري، لكن إجمالا الكتاب ممتاز.
"لا تنظروا من عل إلينا إذا ارتفعتم أكثر مما نرى . بل عليكم أن تعرفوا من الصورة التي رسمناها لكم مقدار ما جاهدنا بشجاعة وقوة لرفعكم إلى المستوى الذي أنتم فيه الآن ولتستطيعوا البقاء فيه. اعملوا الشيء ذاته لمن يخلفكم ،وكونوا سعداء "
كتاب عبقري الحقيقة يستاهل الخمس نجوم، بيحلل العالم الغربي بداية من القرن ال١٢ في العصر المسيحي، ميزة الكتاب الحقيقية إنه مش كتاب علم واحد لكنه مجمع الكلام عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والفلسفية والعلمية سوا، فبيديك نظرة شاملة عن أوروبا في الفترة دي كلها، ومليان تفاصيل واستشهادات من كتابات أهم الشخصيات في هذه الفترة، الجزء الأول بيتعرض للعصر الوسيط والنهضة والحداثة، وبيوضح فعلا إزاي التغير دا حصل بدون مبالغة في دوء شخص معين ودا بيخليه في الحقيقة شامل ومفيد جدا حاجة بس قد تكون مشكلة انه بسبب كترة جوانبه دا لو انت معندكش فكره خالص عن تاريخ الفكر الغربي أو أساسيات كدا في الوضع العام هتلاقيه صعب، فهو مش كتاب للمبتديء، لكنه لا يزال كتاب مفيد لازم تدخله في خطة قرائتك
الكتاب ملئ بالمعلومات ولكن يحتاج الى تنظيم صعب محتاج إلمام كبير بالتاريخ الغربي بداية الكاتب من القرن الثاني عشر غير مُوفقة امضي قسم كبير جدا في العصور الوسطي
الكتاب: تكوين العقل الحديث (1،2) الكاتب: جون هرمان راندال الصفحات: ج1 ( 575) ، ج2 (422) الطبعة: المركز القومي - 2013 . . التلخيص: "وعلى ذلك فلسنا نبالغ إذا قلنا أن بين العيوب الأساسية التي تشكو منها ثقافتنا العربية المعاصرة والتي تؤخذ على تفكيرنا العربي الحديث هو استعمال المفاهيم دون مضمونها الدقيق بحيث نجعلها فارغة جوفاء" جورج طعمة - المقدمة 15/1
هذا الكتاب يُعد تأريخاً لتشكل أفكار العالم الغربي الحديث وكيف تغيرت وتقلّبت على مدى القرون الأخيرة، حيث بدأ المؤلف في ذكر القرون الوسطى ونظرة الإنسان الغربي للعالم وأهم الأفكار التي شكلته، "فالعالم خاضع لحكم إرادة إلهية قادرة، ولعقل إلهي عالم بكل شيء، همه منحصر في الإنسان وتجربته وسقوطه وألمه ومجده" 84 حيث كانت الرؤية الدينية هي المسيطرة على العالم
ومن ثم ذكر عالم النهضة الجديدة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر حيث بدأ الاهتمام بالأفكار الإغريقية اليونانية الوثنية بحيث تم دراسة الفلسفة والفن والأدب الإغريقي بشكل أوسع مما جعل الأنظار تتجه إلى علوم أكثر دنيوية "وأصبح الدين شيئا خاصاً منعزلاً لا روحاً تملأ الحياة بكاملها.وأصبح الكثيرون لا يذكرونه إلا في صلاة يوم الأحد، بعد أن يكونوا قد صرفوا أيام الأسبوع كلها ساعين وراء النجاح والثروة" 233/1 ومع بدء بروز فكرة "الإنسانية" وأنّ الإنسان قادر على كل شيء مع ظهور نزعات التجديد الدين وتصاعد الفكر الدنيوي.
ثم جاء القرن السابع عشر والثامن عشر وهي القرون التي شهدت أهم الأفكار التي شكلت زمننا المعاصر "ولا يدين العقل الحديث للنهضة أو الإصلاح الديني مباشرة بالعالم الفكري الذي يعيش فيه الآن، بل إنه يعود إلى حركة علمية نشأت في القرنين السابع عشر والثامن عشر"242/1 ، حيث ظهرة فكرة ميكانيكية العالم وأنّه عبارة عن قوانين منتظمة تحكم العالم، وظهور ديانة العقلانية وأن الإنسان قادر على فهم كل شيء، وتأسس فكرة الوطنية التي يصعب الآن تخيل العالم بدونها هي لم تكن إلا فكرة حديثة "وهذا الشعور الوطني أو القومي هو على درجة من الشيوع بين الناس في هذه الأيام بحيث يصعب علينا أن نتصور أن جذوره ليست في الطبيعة البشرية"283/1 وظهور الأفكار السياسية الحديثة بشكلها الفلسفي كالديمقراطية والدستور وغيرها.
غير أن بعض هذهّ الأفكار لم تستمر بنفس القوة في القرن التاسع عشر، حيث تم زعزعة فكرة العقلانية وأن الإنسان ليس عقلاً فقط بل مشاعر أيضاً، فظهر العصر الرومانتيكي الذي انتقد هذه العقلانية الجافة ومحاولة لإرجاع الدين كذلك، بعد أن انتشرت الأفكار الإلحادية في القرن المنصرم، بينما تعززت أفكار أخرى مثل القومية والوطنية وكذلك ظهور فكرة التقدم وأن نسير خطياً للأمام ،وأن اكتشاف فكرة التطور الداروينية ساهمت في نشر هذه الفكرة، وذلك بعد النتائج المبهرة التي حققها العلم التجريبي الحديث، وتشكل المجتمع الصناعي.
ومع بداية القرن العشرين أفكار كثيرة أصبحت مركزية مثل القومية الوطنية "هي أكثر المثل الاجتماعية انتشاراً. انها ديانة العصر" 405 وهذه الديانة سببت أهم الحروب المدمرة، مما حدى بالكثير بأن يعيد التفكير في عقلانية الإنسان وفكرة أن التقدم التجريبي كل شيء ،كما ظهرت أفكار مهمة مثل نسبية أينشتاين التي غير التفكير العلمي وأظهر ضعف الإنسان وأنّه ليس بالقدرة العقلية التي تصورها وأنّه لن يستطيع فهم كل شيء.
على الرغم من أنّ الكتاب نشر في سنة 1926 وإعادة طبعه مع التنقيحات في 1940، إلا أنّه استطاع أن يبرز أهم الأفكار والتغيرات فيها، وفي رأيي من المهم الإطلاع على هذه التغيرات والتبدلات في الفكر الغربي وأنّه يتعامل مع أفكاره بالكثير من النقد بينما عندما تنتقل عندنا تحاط بحالة من التقديس، بل أننا ما تزال تسمع عن أفكار تعرضت للنقد الشديد من عدة قرون، وتجدها عندنا بشكل مقدّس مثل فكرة العقلانية وأنّ العلم التجريبي يكفي لحل كل المشكلات وغيرها الكثير، وكتاب نافع جدا يوصى به كل من أراد أن يطلع على الفكر الغربي وأهم الأفكار التي تشكلت فيه.وما ذكرته هنا هو جزء بسيط أما الكتاب فيحتوي على الكثير من الأفكار.