سحيم عبد بني الحسحاس الحر بروحه و العالِم ببياض قلبه و نفسه لم يكن يريد قصوراً و ملكاً بل كانت أقصى أحلامه هي:
"فيا ليتني من غير بلوى تصيبني * أكون لأجمالِ ابن أيمن راعيا و في الشرط أنِّي لا أباعُ وأنهم * يقولون غبِّق يا عيسفُ العذاريا"
وقد أحب إثنين بحياته: النساء و الشعر. و هما اللذان قتلاه و المميز في قصته كونه يرويها شعراً عذباً و أنه قاوم حتى آخر أنفاسه و ألقى شعراً في وقت مقتله -حرقه- لا زال يتردد إلى الآن و إحدى الأبيات التي رددها هي:
"شُدوا وثاق هذا العبدِ لا يُفلتكمُ * إن الحياة من المماتِ قريبُ فلقد تحدَّر من جبينِ فتاتكمُ * عرقٌ على ظهرِ الفراش و طيبُ"
و أيضاً
" إن تقتلوني فلقد أسخنتُ أعينكم * و قد أتيت حراماً ما تظنُّونا و قد ضممتُ إلى الأحشاء جاريةً * عذبٌ مقبَّلُها مما تصُونونا"
ديوان سُحيم عبد بني الحساس صنعة أبي عبد الله نفطويه سُحيم كان عبدًا لبني الحسحاس، وهو شاعر متقدِّم في الزمن، فقد قُتل في خلافة عثمان رضي الله عنه، وكان يرتضخُ لُكنةً أعجمية؛ فإذا أراد أن يقول: أحسنت يقول: أهسنك. وكان شاعرًا ماجنًا لئيمًا، شعرُه مليء بوصف ما لا يحسن وصفه، وكان يُشبب ويقذف نساء مواليه، حتى قتلوه، فقيل أنه أحرقوه بالنار وقيل أنهم أوثقوه بوتر قوسه ثم ضربوه حتى مات. من شعره:
دوائبَ حتى قلتُ لو جُنَّ مَرْكَبٌ من الحُسنِ جُنّا فاستُطيرا كِلاهُما
وقال في امرأة مريضة:
ماذا يريدُ السقامُ من قَمَرٍ كلُّ جمالٍ لوجهِهِ تَبَعُ
ما يبتغي! جارَ في محاسنِها أما له في القباحِ مُتَّسَعُ
غيّرَ من لونِها وصغّرَها فزيدَ في الجَمالِ والبِدَعُ
لو كان يبغي الفِداءَ قلتُ له ها أنا دونَ الحَبيبِ يا وَجَعُ
وقال:
فكم قد شققنا من رِداءٍ مُنَيَّرٍ ومن بُرْقُعٍ عن طَفلةٍ غيرِ عانِسِ