هل هي مشكلة اقتصادية؟ هل تحل التنمية الاقتصادية مشكلات سوء الإدارة وتراجع المكانة الإقليمية والدولية التي نعيشها؟ وهل يمكن أصلًا تحقيق تنمية اقتصادية في ظل هذه الظروف؟
هل هي مشكلة ديمقراطية؟ هل تحل الديمقراطية هذه المشكلات أم تزيدها؟ وهل يمكن أصلًا التحول للديمقراطية وهذا هو حال المجتمع؟ ثم ألمْ تنجح نُظُم غير ديمقراطية في تنمية بلادها، فلِمَ لا تنجح عندنا؟
أم هي مشكلة ثقافية نابعة من ضعف التفكير العلمي وقِيَم الإنجاز وثقافة العمل الجماعي وبقية القِيَم اللازمة لتطور الدولة والمجتمع؟ وهل الحل يكمن في التعليم؟ لكن كيف نُقِيم تعليمًا يخالف ثقافة أغلبية المجتمع بما في ذلك القائمون على الدولة والتعليم؟
جربنا كل الأجوبة تقريبًا: من الحُكم الدستوري إلى الاستبداد المستنير، من الليبرالية إلى اشتراكية الدولة، من التحالف مع الاستعمار إلى مواجهته، من التحديث العلماني إلى خَلْط الدين بالسياسة، ومن الانصياع للحكام إلى الثورة. وما زالت المشكلة مستمرة، بل وتتفاقم. فهل نظل في هذه الحلقة المفرغة، أم أن هناك طريقًا يأخذنا نحو مصر التي نحلم بها؟
د. عزالدين شكري فشير؛ روائي مصري، يعمل أستاذًا بجامعة دارتموث بالولايات المتحدة. عمل قبلها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبمجموعة الأزمات الدولية، وسفيرًا بالخارجية المصرية، ومستشارًا سياسيًّا بالأمم المتحدة. كما كان كاتبًا بجريدة الشروق، والمصري اليوم، والواشنطن بوست. تَخرَّج في جامعة القاهرة، ثم حصل على درجتَي الماجستير والدكتوراه من جامعتَي أوتاوا ومونتريال.
د. عزالدين شكري فشير، كاتب مصري. صدرت له تسع روايات: "جريمة في الجامعة" (٢٠٢٣)، "حكاية فرح" (٢٠٢١)، "كل هذا الهراء" (2016)، "باب الخروج: رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة" (2012)، "عناق عند جسر بروكلين (2011)، "أبوعمر المصري" (2010)، "غرفة العناية المركزة (2008)، "أسفار الفراعين" (1999)، و"مقتل فخرالدين" (1995).
رشحت روايته الثالثة (غرفة العناية المركزة) لجائزة البوكر العربية عام ٢٠٠٨ ثم رشحت روايته (عناق عند جسر بروكلين) لجائزة البوكر في دورة 2012 (القائمة القصيرة)، كما لاقت روايته "باب الخروج" نجاحا جماهيريا كبيرا باعتبارها "كتاب الثورة المصرية". ترجمت روايته عناق عند جسر بروكلين الى الانجليزية والايطالية، كما ترجمت "ابوعمر المصري" الى الانجليزية" (وتم تحويلها الى مسلسل تليفزيوني) وترجمت "كل هذا الهراء" الى الفرنسية.
في ابريل 2011 عينته الحكومة الانتقالية أميناً عاماً للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، إلا أنه استقال من المنصب بعدها بأربعة شهور قائلاً إنه "يفضل مقعد الكتابة عن مقعد السلطة".
وللدكتور فشير العديد من المقالات حول الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر والعالم العربي، 1987. كما نشر كتاب بعنوان "في عين العاصفة" عن الثورة المصرية في 2012 يتضمن بعض مقالاته. وهو يعمل حالياً أستاذاً للعلوم السياسية بدارتموث كولدج بالولايات المتحدة الأمريكية.
تخرج فشير من جامعة القاهرة عام 1987، ثم حصل على الدبلوم الدولي للإدارة العامة من المدرسة القومية للإدارة بباريس في 1992، ثم ماجستير العلاقات الدولية من جامعة أوتاوا في 1995 عن رسالته في مفهوم الهيمنة في النظام الدولي، وبعدها حصل على دكتوراة العلوم السياسية من جامعة مونتريال عام 1998 عن رسالته حول الحداثة والحكم في النظام الدولي. كذلك عمل د. عزالدين شكري فشير دبلوماسياً بالخارجية المصرية وبمنظمة الأمم المتحدة وذلك حتى أغسطس 2007، حيث تفرغ للكتابة والتدريس.
الكتاب جيد جدا في تشريحه لأسباب التخلف، وأسباب فشل مشروعي النهضة الخاصين بمحمد علي وعبد الناصر، وأهم ميزة هي طرحه للحلول والتأكيد الدائم أن الخطوات ليست سهلة، وهناك الكثير من العثرات.
مشكلتي مع الطرح المقترح كحل ومتطلبات النجاح أن دكتور فشير لم يضع آلية لتنفيذ ذلك الحل، بمعنى أن الدولة لا زالت مستبدة، وأجهزتها لا زالت مهترئة، وأطياف المجتمع بتحلم بالقضاء على بعضها البعض.
لم يطرح الكتاب السبب الذي سيكسر تلك الحلقة المفرغة إلا إدراك الناس أن الفشل السابق سيتكرر في المستقبل، وأظن أن ذلك ليس كافيًا، لأن الأفكار راسخة وعميقة وعقائدية بالإضافة أن الاستبداد يسعى دائمًا لتعميق الخلاف بين الأفكار ليقدم نفسه دائمًا كبديل متزن يحمي الدولة من الانهيار.
كذلك فالكتاب لم يضع الشعب "الناس العاديين" في معادلة الحل، الأمر بشكل كبير متروك للنخب بتوجهاتها وميولها، والناس بشكل كبير عازفة تمامًا عن المشاركة السياسية والعامة لأسباب كثيرة، ويمكن يكون العمل المباشر على الناس بطرح الأفكار وتركها تأخذ دورتها في الحياة يكون هو السبب لخلخلة الوضع القائم.
يعيب الكتاب تكرار وإعادة الأفكار في أكثر من موضع، ومع ذلك بقيت مندهشًا من السماح بنشر كتاب مثل هذا في ذلك الوقت وداخل مصر. تجربة شجاعة من دار الشروق.
وبعد كثير من العناء والتساؤل والبحث فهمت ما كان يجب علي فهمه من البداية، ان العمل هو المهم لا النتيجة. عملي هو الشئ الوحيد الذي يمكنني السيطرة عليه، وهو الشئ الوحيد الذي يجب أن أحاسب نفسي عليه. أما أين يذهب العالم وما يفعله فهو أمر لا سيطرة لي عليه، ولا هو مسؤوليتي، وبالتالي لا يجوز لي اتخاذه معيار لتقييم جدوى عملي.
نظام المحاسيب الذى يدير مؤسسات الدولة و اجهزتها التنفيذية + ابتلاع الدولة للسوق + اخضاع الدولة للمجتمع + ثقافة شعبية معادية للديموقراطية
هذه هى اسباب فشل الدولة
الحل لا يكون بانتخابات نزيهة و لا بدستور محترم و لا حتى بثورة الحل "الطوباوى" الذى اقترحه المؤلف هو اجبار الحاكم - اما بضغوط شعبية أو خارجية او بسبب الفشل فى ادارة الدولة - بقبول الحاكم ان تشاركك القوى السياسية الرئيسية فى مصر فى رسم سياسات اصلاحية للسياسة و الاقتصاد و علاقة الدولة بالمجتمع و افراده.
عندما تقتنع القوى السياسية ان سياسة اقصاء الآخر لم و لن تجدى عندما تتوازن القوى السياسية فى الدولة و تصبح لها قوى متكافئة….
أن نبنى السفينة قبل الابحار (على حد قول المؤلف) و الا اصبحنا كالبريمة التى لا تدور حول نفسها فحسب بل تسحب الدولة لاسفل.
أعجبنى تفسير الكاتب لسبب فشل ثورة يناير و هو مصيب فى تفسيره.
الحلول التى اوردها د عز الدين فشير حلول صحيحة و بالقطع ستنقل مصر نقلة بعيدة فى مسار النهضة و الحكم الرشيد. بل و ستحقق التنمية بمواصفاتها الثلاثة: الاستدامة و العدل و الشمول. و لكنها تعد بمثابة احلام تشخيص دقيق و سليم للمشكلة و طرح حلول صعبة و ان لم تكن مستحيلة.
الكاتب ابدع فى طرح فكرته و تحليله السياسى الاقتصادى الادارى الاجتماعى تشريح دقيق لمشكلة فشل الدولة المصرية…. تحليل لا يصدر الا من متخصص واعى و عقل ذكى مثقف و قلب معجون بحب مصر.
دراسة جديدة لدكتور عز الدين شكري عبر مائتا عام من تهالك الدولة من عصر محمد علي و حتي حكم مبارك مقارنا من خلال ثلاثة محاور رئيسية أو للإجابة غلي ثلاثة اسئلة أساسية شكلت تطلع الشعب المصري عبر مختلف الحقب الزمنية خلال المائتا عام السابقة هم هل قامت السلطة الحاكمة بحماية أمن الوطن والمواطنين وحقوقهم وإدارة صراعاتهم السياسية سلميا ثانيا هل وفرت حياة اقتصادية قادرة علي الوفاء باحتياجات المواطنين ثالثا هل مكنت المجتمع من مواكبة التغييرات المستمرة التي تواجهه. يشرح د. عز الدين وبأسلوبه البسيط سبب تردي إدارة الدولة خلال تلك الفترات من خلال طرح اهم العوائق التي واجهتها حيث نظام تشغيل الدولة عبر المحاسيب و تهالك المؤسسات و ابتلاع الدولة للسوق و الاقتصاد و إخضاع قوي المجتمع و اخيرا تجذر الاستبداد. كل هذا بما يؤدي إلي إهدار الطاقات الإبداعية و ضعف قدرة الدولة علي حسم الصراعات الاجتماعية والثقافية وإدارتها سلميا. ليفاجئنا بسؤالين غاية في الأهمية هل مصر كانت علي استعداد لبناء نظام ديمقراطي بعد ثورة يناير ٢٠١١ ؟ لتجد أنه لم يكن الأمر سهلا و لا مهيأ لأسباب يشرحها مقنعه للغاية. بما يتضمن شكل المجتمع و تجمعاتهم و قدراتهم و وعيهم في مواجهة الاستبداد. ثانيا هل السلطة الاستبدادية لا يمكن أن يقوم معها اقتصاد قوي يجاوب د. عز علي السؤال متخذا كوريا الجنوبية كمثال للسلطة الاستبدادية و النمو الاقتصادي لتري الاختلاف في النهج بين الاستبداد المصري و الكوري. و اخيرا يطرح سؤالا عن الطريق للنهضة في مصر هل تستطيع مصر تحقيق العدالة الاجتماعية و النمو الاقتصادي و حياة ديمقراطية هذا ما يجاوب عليه في الفصل الأخير عبر طرح تحليل دقيق وليس حلا لما سنواجهة في محاولة تطوير أداء الدولة و إدارة الصراعات السياسية و النمو الاقتصادي.
دراسة من افضل الدراسات التي قدمت شرح لفترات الحكم في مصر و تاثيرها علي الاقتصاد و الحياة الاجتماعية، كما قدمت رؤية جيدة عن اسباب فشل ثورة يناير و مستقبلها القريب اعتقد سنحتاج بعد فترة قصرت أو طالت للاسف الي استكمال سردها
مش هاعرف أكتب مراجعة للكتاب الرائع ده لأنه ناقش مواضيع كثير وطرح أفكار هايلة أكثر... بس هاقتبس فقرات حسيتها لازم تتبروز
"وهنا يحسن التذكير ببعض البديهيات. أولها أن نجاح النهضة يتطلب ليس فقط نظاماً قادراً على تنفيذ سياسات الدولة بكفاءة، بل أن تكون هذه السياسات نفسها رشيدة"
"الابتكار يتطلب ما يسميه المجتمع التقليدي "بجاحة"؛ اعتقاداً من الفرد في قدرته على أن "يجد التائهة"، ثقةً في أنه لو "مشي بدماغه" فسيجد طريقة لصنع الأشياء أفضل ممن سبقوه"
"من الصعب تصور انتشار الابتكار في مجال واحد -الاقتصاد مثلاً- في حين يلتزم الناس بالقواعد والتقاليد في المجالات الأخرى؛ لأن روح الابتكار هذه تنمو في أثناء التنشئة وتقوم على نظرة الإنسان إلى ما يحيط به عامةً دون ارتباط بمجال معين"
في ظني أن ميزة الكتاب الرئيسية ليست في جدة مقولاته التحليلة للمأساة المصرية كما أسماها الكاتب بل في أنه وضع هذه المقولات داخل إطار أو سياق أوسع يكشف كيف تفاعلت وأنتجت الوضع الراهن أصبحت مشكلة مصر أو بشكل أدق وجهة النظر التي يعرضها الكاتب حول هذه المشكلة ليست فقط مفهومة بل جلية أمام القارئ كما لو أن الكاتب قد أدخلنا غرفة العناية المركزة التي تحوي الجسد المريض لدولتنا فعرض لنا تاريخها المرضي وأسباب تفاقم أمراضها وأرانا مؤشرات وظائفها الحيوية وإمكانات النجاة والموت على الشاشة٫ ينتقد الكتاب أيضا الوصفات الجاهزة مثل شعار الديمقراطية هي الحل التي قد تؤدي الا عدم استقرار ومحاصصة بين الأطراف السياسي علي غرار الوضع في لبنان والعراق ويستعرض ما يجب عمله لكي تتحول عملية التحول الديمقراطي إلى إطار لاحتواء الصراع الاجتماعي لا لتفاقمه ووسيلة لبناء المؤسسات لا تفكيكها وانهيارها. يتتبع أيضا مقولات عدم جاهزية الشعب لحكم نفسه والتي انتقلت من المستشرقين والمستعمرين مثل برنارد لويس وكرومر إلي ألسنة حكامنا من عبد الناصر وألسنتنا قد تكون خاتمة الكتاب مخيبة لأمل من كان ينتظر حلول للخروج فكما يشي العنوان المقترح في النهاية متطلبات النجاح وليس آلية أو حلول وإن وضعها الكاتب على عاتق القوي الاجتماعية والسياسية والقابضين على السلطة في الوصول لحلول وسط بشأن مصالحهم المتضاربة لا أن ينظر كل طرف للدولة على أنها غنيمته التي يجب أن يسحق الأطراف الأخرى في سبيلها أو في سبيل ما يسميه أو يراه أنه يحقق المصلحة الوطنية أو النهضة بهذا الاستئثار٫ يعول الكاتب علي عدم قابلية الوضع الحالي للاستمرار وأن تحت وقعه قد تصل الأطراف الذين هم بشر في النهاية إلي القناعة باقتسام السلطة كما أن يستبعد أيضا استمرار نفس النهج بوجوه أخرى ٫ يستهدف الكتاب شريحة كبيرة من القراء لذا جاءت لغته سهلة وأفكاره بعيدة عن الاصطلاحات الأكاديمية آلا فيما ندر لهذا يصلح كمدخل للقارئ غير المتخصص أو غير المطلع ويفتح له مجالا لقراءات فيما يحيل إليه من مصادر كما يملأ فراغات كثيرة في الصورة التي قد يكون كونها القارئ المتخصص أو ذلك الذي لديه قراءات سابقة في الموضوع
"في أغلب الأحيان يكون السقوط في العجز تدريجياً بحيث لا يلاحظ الناس أنهم قد غرقوا بالفعل " مش عارفة أقول الكتاب متشائم ولا واقعي و لكن قدم نظرة واسعة على وضع و ظروف مصر الحديثة في كتاب و تحليل دسم جداً. و لكن ألوم على الأستاذ عز الدين تجنبه تماما للجهر بالوضع الحالي و تسمية الأشياء بمسمياتها.
كتاب دسم..عميق..مبذول فيه الكثير من الجهد..يحتوي على فكر عميق و علم قوي.. يشرّح الجسد المصري و يحدد علته او لنقل علاته التي اوصلتنا لما نحن عليه الأن منذ عهد محمد علي باشا جذور مشكلة مصر و التي تجعلها تدور و ندور معها في حلقة مفرغة من الإستبداد و الديكتاتورية و غياب الديمقراطية مهما اختلفت و تعاقبت انظمة الحكم المختلفة.،! و على الرغم من انه كتاب هام و ممتع من الناحية العلمية و الأكاديمية الا انه ايضا كتاب يدعو للحزن و احيانا الغضب على ما فات و ايضا يدعو للإحباط مما هو قادم..! لماذا الإحباط؟! لأن الروشتة التي يضعها الكاتب عز الدين شكري فشير لخروج مصر من هذه الدائرة الجهنمية و الحلقة المفرغة تتطلب اجراءات و قبلها ارادة قوية من الأطراف الفاعلة في السياسة المصرية لتغيير الوضع القائم و هو ما يبدو لي (على الأقل انا) شيئا في عداد المستحبلات.. من الأخر كدة و بعدما انتهيت من هذا الكتاب القيم استطيع ان اقول اننا لن نشهد مصر ديمقراطية متطورة متقدمة في المستقبل القريب و لا بعد عدة اجيال ايضا شكرا يا استاذ عز الدين و لدار الشروق على اصدار هذا الكتاب وسط هذه الظروف الصعبة على مستوى الثقافة و النشر
الكتاب هو بحث قيم و ممتع في أحوال و مشاكل مصر الحديثة من الناحية السياسية والإقتصادية و الاجتماعية وهو تحليل قائم علي ما يعرف بالنظرية الإجتماعية التاريخية..يركّز البحث بشكل أساسي علي ٣ فترات يعتقد المصريون أنها فترات مرجعية عند الحديث عن نجاح الدولة و فشلها وهي فترة محمد علي- و الفترة الليبرالية - و حكم عبد الناصر..يبين الكتاب أسباب النجاح المحدودة و الفشل الضخم في أغلب هذه الفترات بشكل مفصّل ثم ينتقل في الفصل الأخير إلى الحلول المقترحة 'طريق النهضة و الحكم الرشيد'
كتاب ممتاز ، تحليل رائع لجذور مشكلة مصر و محاولة إيجاد الطريق للخروج من باب الخروج ان سمح بذلك.
الكتاب مقسم لاربع فصول يشرح اسباب وصولنا لتلك النقطة في مصر. في اول فصلين يتحدث عن تهالك الدولة و استبدادها و منابع كليهما. في الفصلين الأخيرين يحاول عز الدين فشير إيجاد الطريق لباب الخروج.
الكتاب أقرب ما يكون إلى ورقة بحثيه عن أحوال مصر، اتبع فيها المؤلف المنهج العلمي الأكاديمي بصفته أستاذ العلوم السياسيه و الإقتصاد في الولايات المتحده. بدأ بالمنهجية التي اتبعها في دراسته و الضوابط التي وضعها لهذا المؤَلف ، ثم انتقل إلي التحليل و التفنيد منتهيا إلي التوصيات و المخرج من التيه. جاءت رحله الكتاب عبر أربعة أقسام أو فصول: الفصل الأول هو تحليل أوضاع مصر السابقه بالمقارنه بين ثلاث حقبات إعتبرها المؤلف المعبره عن التحولات المصريه الرئيسيه و هي علي الترتيب:حقبة محمد علي ثم حقبة الحركه الليبرالية و أخيرا حقبة جمال عبدالناصر. الفصل الثاني تعرض الكتاب لما أسماه منابع تهالك الدوله و استبدادها و التي استعرضها الكاتب من خلال أربعة محاور أو محددات أساسية و هي: نظام تشغيل الدوله و أبرز سماته " المحاسيب" ابتلاع الدوله للسوق و التحكم الكامل بالاقتصاد إخضاع قوي المجتمع و تدجينها تجذر الإستبداد ثم جاء الفصل الثالث ملخصا الحاله المصريه حيث " لا الاستبداد نافع و لا الثوره نافعه " فكان تحليل الأحداث المعاصرة بفترة حسني مبارك و ما تلاها من ثورة يناير و محاولة التغيير ثم أختتم المؤلف هذا الفصل باستعراض تجربة كوريا الجنوبيه و التي تعرضت لظروف تشابه الحاله المصريه منذ تحرر الدولتين من الإستعمار في خمسينات القرن الماضي، و كيف صعدت كوريا لتصبح من القوي الاقتصاديه الاسيويه ثم تمكن الديمقراطية كنظام حكم تطورت و أستقرت عقب الحكم الإستبدادي العسكري. جاء الفصل الأخير بمقترح يناقش "طريق النهضه و الحكم الرشيد" كما أسماه المؤلف، حيث ركز علي ثلاث محددات للإصلاح و هي كالتالي: تغيير نظام عمل مؤسسات الدوله إلي نظام رشيد بديلا عن نظام المحاسيب. تمكين قوي السوق الإقتصاديه من العمل و التفاعل بحريه لإنتاج نظام إقتصادي متوازن قادر علي النمو. تمكين قوي و فئات المجتمع المختلفه من بناء كيانات خارج السلطه الحاكمه تُنتج آليات التفاعل مع مشكلات المجتمع و تحتوي الصراعات المختلفه بينها. و لكن السؤال الأخير و الأهم هو كيف تبدأ مصر هذا الطريق؟؟ جاءت إجابة الكاتب و يمكن إختصارها في كلمة واحده هي " الشراكه" بين القوي الفاعله و المهيمنه بالمجتمع سواء حكام أو محكومين. و لماذا تبدأ هذه الشراكه و كيف السبيل الي ذلك في ظل وجود سلطه حاكمه مسيطره!؟ رأي المؤلف أنها ستبدأ إضطرارا و إجبارا علي جميع الأطراف نتيجة الضغوط المتفاوته و تغير الملابسات و الظروف. إما نتيجة ضغوط داخليه سواء كانت إقتصادية أو إجتماعيه، أو فشلا يجب الخروج منه مع رغبة في النجاة من جميع الأطراف الفاعله. أو ضغوط خارجيه نتيجة إنتفاء الحاجه لهذه السلطه و فشلها في إدارة مصالح الأطراف الدوليه المعنيه. من يبحث عن الحلول التفصيلية لن يجدها، فالكتاب هو رؤيه فكريه تناقش حتمية التغيير و سلوك طريق النهضه عبر محاوره الرئيسيه. خاتمة الكتاب هي خلاصة هذه الورقه البحثيه الدسمه و التي قدم فيها الكاتب خلاصة فكره مصحوبا بخبرات و تجارب التحول من نموذج الدولة الفاشله الي الدوله الناجحه في العالم الحديث.
كتاب "على فين يا مصر؟" (دار الشروق) للكاتب والدبلوماسي عز الدين شكري فشير هو أحد أهم الأعمال الفكرية التي حاولت تحليل المشهد السياسي والاجتماعي في مصر خلال فترة ما بعد ثورة يناير 2011. صدر الكتاب في وقت حرج، وكان بمثابة محاولة لفهم التحولات العميقة التي شهدتها البلاد.
يتألف الكتاب من مجموعة مقالات كتبها عز الدين شكري في أوقات مختلفة، وجمعها في هذا العمل لتقدم صورة متكاملة عن رؤيته لمستقبل مصر. لا يقتصر الكتاب على تحليل الأحداث السياسية فقط، بل يتطرق بعمق إلى الجذور الاجتماعية والثقافية للمشكلات. يطرح الكاتب أسئلة جوهرية مثل: "هل نحن مستعدون للديمقراطية؟"، "ما هو دور الجيش؟"، و"كيف يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية؟".
أبرز ما يميز الكتاب هو أسلوب الكاتب الذي يجمع بين خبرته كدبلوماسي وأكاديمي، ورؤيته كمثقف ومفكر. هو لا يكتفي بوصف المشكلات، بل يقدم حلولًا واقتراحات جريئة، حتى لو بدت غير تقليدية. يتسم أسلوبه بالوضوح والجرأة، ويتجنب الانحيازات التقليدية، مما يجعله محايدًا قدر الإمكان في طرحه.
يقدم الكتاب تحليلًا معمقًا للأحداث، متجاوزًا السطح إلى الأسباب الحقيقية وراء الأزمات. وعلى عكس الكثير من التحليلات التي تركز على الماضي، يحاول فشير استشراف المستقبل وتقديم رؤية لما يجب أن تكون عليه مصر.
كما لا يخشى الكاتب من طرح قضايا حساسة ومختلف عليها، مثل دور المؤسسات الدينية أو العسكرية، بأسلوب صريح ومباشر.
وعلى الرغم من عمق الموضوعات، فإن لغة الكتاب سهلة ومناسبة لغير المتخصصين، مما يجعله في متناول شريحة واسعة من القراء.
كتاب "على فين يا مصر؟" ليس مجرد قراءة للأحداث، بل هو دعوة للتفكير والنقاش. يقدم عز الدين شكري فشير رؤية نقدية وبناءة في آن واحد، تدعو القارئ إلى التوقف والتأمل في المسار الذي سلكته البلاد. إذا كنت مهتمًا بفهم التحولات السياسية والاجتماعية في مصر خلال العقد الماضي، وكيف أثرت على الحاضر والمستقبل، فهذا الكتاب إضافة قيّمة لمكتبتك. ❤️📖