لطالما يؤرقني أن المرء عندما يموت فهو مُرتهن في قبره ومُنقطع عن عمله....واتساءل ماذا عن الأثر الطيب الذي يجري فى الحياة الدنيا باقياً بينما العبد لم يعد هناك ؟... لما تتعرف على العشر الصالحات اللاتي يجري ثوابهن بعد الممات ستوقن من أن الله عز وجل لم يخلقنا إلا ليجري الخير على أيدينا ويرده إلينا أضعافاً مضاعفة بل هناك من جميل العوائد ما لا يعلم قدره إلا ربنا تبارك وتعالى... تعليم العلم النافع ، إجراء النهر ، حفر بئر ، غرس النخل ، بناء مسجد ، طباعة المصاحف ، ولد صالح ، بناء دار أو توقيف أرض كمقابر للمسلمين ، الموت مرابطة على الثغور في سبيل الله ، الصدقات الجارية وهى جامعة لذلك كله... ومن يتمعن في العشر على سبيل ضبط العلم وحفظه وليس الحصر لأنه قد ذكرت هذه الأعمال في عدد من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يجدها من المنافع المتعدية التى تصل للناس ، ليس منها ما هو يقتصر على نفسك.. ما أحوجنا أن نغتنم الشباب قبل الهرم ، الصحة قبل السقم ، الغنى قبل الفقر ، الفراغ قبل الانشغال ، والحياة قبل الممات... لا نتمهل...لا نتكاسل...لا نتهاون...ولا نحرم أنفسنا حلاوة الطاعات وسبحان ربنا من ييسر القلب لها وييسرها إليه.... ولندع قوله تعالى " وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَءَاثَارَهُمْ " نصب أعيننا دليل لنا ومُرادنا ولنعلم بأن الآثار الطيبة تُكتب كما السيئة فنسأل ربنا السلامة ولنحرص على تفقد القلب وضبط النية لتكون الأعمال ابتغاء مرضاة الله وحده ليس للناس منها شيء وليس للشيطان منها حظ ولا نصيب ، فالآثار ليست بأن يذكرك الناس بعد مماتك بالطيب من القول بل بانتفاعهم بما قدمت في حياتك.... وأخيراً....هنيئاً لك اثرك يا سيدي الكريم " عبد الرزاق البدر " بعد هذا الكتيب مفتاح الخير والدال عليه 🌿
من عظيم نعم الله عز وجل على عباده المؤمنين أن هيَّأ لهم أبواباً من الخير والإحسان، يقوم بها العبد المُوَفق في هذه الحياة، ويجري ثوابُها عليه بعد الممات .. منها:
(١) تعليم العلم قال ابن الجوزي: إذا عَلِمَ الانسان بأن الموت يقطعه عن العمل، عَمِلَ في حياته ما يدوم له أجرُهُ بعد موته، كأن يصنف كتاباً في العلم، فإنَّ تصنيفَ العالِمِ وَلَدُهُ المُخَلًّد. وكل من يساهم في طباعة الكتب النافعة، ونشر الرسائل والمؤلفات المفيدة، فله حظ وافر من ذلك الأجر العظيم في حياته وبعد مماته.
٢) إجراء النهر المراد بها شَقُّ جداول الماء من العيون والأنهار، لكي تصل المياه إلى اماكن الناس ومزارعهم. ويلتحق بها مد أنابيب المياه الى أماكن الناس ومواطن حاجتهم ووضع برادات الماء في أماكن احتياجهم، فعندما سُئل النبي عن أفضل الصدقه قال: سَقْيُ الماء.
٣) حفر الآبار ٤) غرس النخل ٥) بناء المساجد ٦) طباعة المصاحف ٧) تربية الأبناء على الصلاح
٨) بناء الدور ووقْفها لينتفع بها المسلمون، ويدخل في هذا العمل بناء المستشفيات العامة.
وهي آثار الخير وآثارُ الشرِّ التي كانوا هم السببَ في إيجادها في حال حياتِهِم وبعدَ وفاتِهِم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالِهِم وأفعالِهِم وأحوالِهِم؛ فكلُّ خيرٍ عمل به أحدٌ من الناس بسبب علم العبد وتعليمِهِ أو نُصحه أو أمرِهِ بالمعروف أو نهيِهِ عن المنكر أو علم أوْدَعَه عند المتعلِّمين أو في كتبٍ يُنْتَفَع بها في حياتِهِ وبعدَ موتِهِ أو عمل خيراً من صلاةٍ أو زكاةٍ أو صدقةٍ أو إحسانٍ فاقتدى به غيرُه، أو عمل مسجداً أو محلاًّ من المحالِّ التي يرتَفِقُ بها الناسُ وما أشبهَ ذلك؛ فإنَّها من آثارِهِ التي تُكْتَبُ له، وكذلك عمل الشرِّ
﴿إِنّا نَحنُ نُحيِي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآثارَهُم وَكُلَّ شَيءٍ أَحصَيناهُ في إِمامٍ مُبينٍ﴾ [يس: ١٢]
تفسير السعدي: ﴿إنَّا نحنُ نُحْيي الموتى﴾؛ أي: نبعثُهم بعد موتِهِم لِنُجازِيَهم على الأعمال، ﴿ونَكْتُبُ ما قَدَّموا﴾: من الخير والشرِّ، وهو أعمالُهم التي عملوها وباشَروها في حال حياتِهِم، ﴿وآثارَهُم﴾: وهي آثار الخير وآثارُ الشرِّ التي كانوا هم السببَ في إيجادها في حال حياتِهِم وبعدَ وفاتِهِم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالِهِم وأفعالِهِم وأحوالِهِم؛ فكلُّ خيرٍ عمل به أحدٌ من الناس بسبب علم العبد وتعليمِهِ أو نُصحه أو أمرِهِ بالمعروف أو نهيِهِ عن المنكر أو علم أوْدَعَه عند المتعلِّمين أو في كتبٍ يُنْتَفَع بها في حياتِهِ وبعدَ موتِهِ أو عمل خيرًا من صلاةٍ أو زكاةٍ أو صدقةٍ أو إحسانٍ فاقتدى به غيرُه، أو عمل مسجدًا أو محلاًّ من المحالِّ التي يرتَفِقُ بها الناسُ وما أشبهَ ذلك؛ فإنَّها من آثارِهِ التي تُكْتَبُ له، وكذلك عمل الشرِّ، ولهذا: «من سنَّ سنَّةً حسنةً؛ فله أجْرُها وأجْرُ من عَمِلَ بها إلى يوم القيامةِ، ومن سنَّ سنَّة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». وهذا الموضع يبيِّنُ لك علوَّ مرتبة الدَّعوة إلى الله والهداية إلى سبيله بكلِّ وسيلةٍ وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشرِّ الإمام فيه، وأنَّه أسفل الخليقة وأشدُّهم جرمًا وأعظمُهم إثمًا، ﴿وكلَّ شيءٍ﴾: من الأعمال والنيَّاتِ وغيرها ﴿أحْصَيْناه في إمام مُبينٍ﴾؛ أي: كتاب هو أمُّ الكتب، وإليه مرجِعُ الكُتُب التي تكون بأيدي الملائكة، وهو اللوحُ المحفوظُ.
كان يزيد الرقاشي يحاسب نفسه ويقول: يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟! يا يزيد! من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ يا يزيد! من ذا الذي يُرضي عنك ربك بعد الموت؟. وليتنبَّه المؤمنُ إلى أنَّه كما يجري ثوابُ بعضِ الأعمالِ الصالحة ما دام أثَرُها الطَّيبُ باقِيًا في الناس، فكذلك مِن الأعمال ما يكُون وِزرُها جاريًا، وإثمها يرجِعُ لمَنْ دعا إليها، ما دامَ شرُّها وأثرها الخبيثُ باقِيًا في النَّاس. اللهم أغفر لنا وتب علينا أنك أنت التواب الرحيم. قرأت الكتاب من موقع الشيخ الرسمي: https://www.al-badr.net/ebook/202