من إحدى قرى حيفا إلى أحد مُخيَّمات لبنان ومنه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سيرة امرأةٍ ستِّينيَّة يُفترضُ أنها ماتت، بل ودُفنَت أيضًا، لكننا نكتشف أن هذا ليس دقيقًا تمامًا. في رواية أشجار ليست عمياء، تخوض أمٌّ لخمسة أبناء بطبائعٍ مختلفةٍ مواجهةً من نوعٍ خاص مع لصَّين طالما انتظرا موتها. يتحدث الجميع عن سيدة تدعى «حبَّهان» يزعم زوجُها أنها عادتْ إلى بيتها بعد دفنها بستِّ ساعاتٍ لتمارس حياتها الطبيعية، فهل يكون الموت مُعلنًا والحياةُ مستمرة؟ حكاية تنبتها الأرض، وتحفظُها الأشجار المعمِّرة، يظن الجميع أن بطلتها شبحٌ يطارد ظالميه، لكن الحقيقة أنها امرأةٌ كالوطن الذي جاءت منه؛ لا تموت بمجرد قتلها.
مع روايات شيماء هشام سعد على مدى أسبوع، هذا من أجمل أسابيع الكاتب الواحد التي مرت عليَّ!
ما هذه الكاتبة المدهشة!! اكتشاف حقيقي وجميل، عندما بدأت القراءة لها بهذه الرواية تخيلت أنها كاتبة مغمورة لأن اسمها لا يتردد في مجموعات القراءة التي أشترك فيها على الفيسبوك، لأفاجأ بأنها غير مغمورة على الإطلاق، على العكس يبدو من صفحات الروايات على جودريدز أنها مقروءة بكثرة وأكثر بمراحل من الأسماء التي تتكرر إلى حد الملل على الجروبات الأدبية! أتمنى ألا تحذو الجوائز حذو أوساطنا الأدبية المبجلة في التعامل معها، هذه كاتبة عبقرية ومتحققة، وهما شيئان لا يجتمعان في كاتب إلا نادرا.
أنا وفية جدا للكتاب الذين تعجبني كتاباتهم، صعب أن يدخل كاتب جديد حيز قراءاتي، ومستحيل إذا دخل أن أفوت عملا له، لذلك أقول لشيماء هشام سعد: تشرفت بكِ في دائرة قراءاتي وأنتظر جديدك بفضول.
"إن الأبناء هم السلاسل التي تُقيد أيدي وأقدام الأمهات في سجونٍ حريٌّ بهن الهرب منها"
كان اختلافهما في الصفات والطباع والأفكار جلياً لكل من يعرفهما .. ورغم ذلك استمر زواجهما سنين .. دأبت خلالها على رتق ثقوب هذا الزواج البالي لتُجنب أبنائها العيش في بيت مفكك، وأضحت تداري عيوب هذا الزوج الحقير ونقائصه حتى يكبروا معتقدين أن أباهم أفضل أب في الدنيا، وظنت أنها بهذا تُحسن صنعاً!
( تذكر الرواية مذبحة تل الزعتر والتى حدثت عام ١٩٧٦م خلال الحرب الأهلية اللبنانية في مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين، والذي كان يضم حوالى ٥٠٠٠٠ فلسطيني، والواقع شمال شرق العاصمة اللبنانية بيروت، وقد خلفت هذه المذبحة ما يزيد عن ٣٠٠٠ قتيل وسقوط مخيم تل الزعتر )
رواية آسرة ❤ أحب في حكايات شيماء أنها لا تشبه إحداهما الأخرى، كل قصة هي لون مختص بذاته. هذه المرة أرى ذكاء شيماء جليًا واضحًا ومعلنًا عن نفسه بقوة. أحببت رمزية القصة، رمزية مدهشة لدرجة أني كدتُ أنسى عن من تكتب أصلًا. أعتقد أنه قد آن الأوان أن أفيق من غرفة إسماعيل كافكا، تحفة شيماء الفنية، ما زلتُ مسكونة بسحر وذكاء هذه القصة. كتابة بديعة وحبكة عبقرية تُقرأ بهدوء. مرة أخرى شكرًا لشيماء، الكاتبة والإنسانة.
مع كل رواية بقرأها لـ -شيماء هشام سعد- بتأكد إنها كاتبتي العصرية المُفضلة والأقرب لقلبي♥️
"ربما من أجل ذلك علينا أن نكُف عن كتابة المراثي" رواية ذكية ومتكاملة وميتزهقش منها، ولا من حبهان وعيالها💕 أما بالنسبة لعبود وحنة ف لا صباح ولا مسا ولا كلمة كويسة.
"ربما ماتت أمي، لكنّ صوتها لم يزل هنا يُخبر سامعه بماضيها كله ويحمِلُه على جناحيه إلى بلادها الجميلة كَحلم، ربّما من أجل ذلك علينا أن نكفَّ عن كتابة المراثي."
عن حبَّهان التي لا تُنسى ولا تموت.. رواية جميلة وممتعة، تُقرأ على عدة مستويات.. قد يكتفي القارئ بالجانب الإنساني شديد الثراء والعمق، أو يفكر في تفسير رمزياتها التي جاءت مباشرةً إلى حد ما، ورغم ذلك كنت أندمج في الأحداث مع الشخصيات ناسيةً إلام يشيرون، لما وجدته من ذكاءٍ في استخدام الرمز، قمة الإتقان والإبداع ما شاء الله.
رواية عن فلسطين، قضيتنا الأولى التي تعيش فينا ونضبط عليها بوصلتنا ولا نحيد عنها. عن الأجيال المتعاقبة التي لا تنسى وإن توهمت فيها الإعراض والنسيان، وستعود حتمًا إلى أرضها التي ورثوها أبًا عن جد، وإلى ديارها وأشجارها وزيتونها.
"هل أردت حقًا أن أنسى؟ لا أعتقد هذا؛ يصبح التذكر طقسًا تعبّديًا يمارسه المَوْتور ليحتفظ بغضبه حيًا وطازجًا، هذا الغضب الذي يقطع به الأيام والشهور والسنوات إلى اللحظة التي يثأر فيها، ما من فلسطيني ذي ضمير حي توقف يومًا عن ممارسة هذا الطقس، حتى أنه يُمارس بشكل جماعي، فلا تجد فلسطينيًا يذكر قصته وحده، قصصُنا مع قصص أوطاننا السليبة عابرةٌ للأزمان والأمكنة، وتحيا بالتنقل من ذاكرةٍ لأخرى، إنه نوعٌ آخر من المقاومة، سلاح يتشبّث به الذين لا يملكون الدبابات والطائرات والرصاص، ويعيشون العمر يراهنون على أن الحقيقة لا يمكن تزييفها بالقوة ما داموا يذكرون الحكاية كاملةً ويُورثونها من جيل إلى جيل."
أحب كتابة شيماء ولُغتها، تعجبني اختياراتها الممتازة للكلمات وحُسن تطويعها لها، سردها شيّق بإيقاع منضبط لا يُمَلّ منه، تجيد دمج الخيال بالواقع وتمسك بخيوط الرواية والشخصيات كلها في بناء واحد محكم.
مأخذي الوحيد على الرواية هو العنوان، رغم جماله وبلاغته فإني لم أجده معبرًا عن الرواية، ولا يتم تفسيره إلا قرب النهاية، كنت أُفضّل أن يكون العنوان أكثر ارتباطًا بحبهان ذاتها.
بالطبع لم أكتب عن الرواية ما يوفيها حقها، تستحق القراءة بالتأكيد ومن أفضل قراءات العام.
بوسع المُحتل أن يفرض وجوده على الأرضِ بالقتل والتهجير، لكن ليس بوسعهِ مهما فعل أن يمحو ذاكرة الأرض
~ لا أعلمُ منذ كم من الوقت لم اقرأ رواية تجعلني افكر بها طوال اليوم؛ التهمها في ذهابي وفي عودتي من العمل. هل لأنني عطشى لماء الكلمات والأحرف؟ أم لأنها رواية تستحق؟
أعجبني السرد، وأن كل شخصية تروي الموقف على حدة، تمتعت كثيرًا بحنان "حبهان" وصفاء قلبها..
لم ترمز الرواية للأم، بل للوطن.. الذي يبقى عالقًا _في القلب_ العودة إليه الأم مثل سكان الأرض الأصليين..جذورها في الأرض..لن تُنسى ولن تموت. تمت.
نادراً لما بقدر أقول على رواية إنها متكاملة، لغة سليمة..حبكة قوية..توازن بين السرد والحوار..تقديم غير ممل للشخصيات، بالإضافة إلى إنها كمان تحمل رسالة. فدا اللي ضاف ليها كتير و محى بالنسبالي حاجة بسيطة معرفتش أتقبلها كسياق درامي للرواية: وهو فكرة إن حد يبقى ليه تأثير معنوي وفي مشهد من الرواية تأثيره يتحول لحاجة ملموسة.
دا أول عمل أقرأه للكاتبه وعلى الأرجح لن يكون الأخير .
أنا مُعجبة بالمشهدية العالية في هذه الرواية، مشهدية عبقرية أدمجتني تماما في الحدث، ورغم أنني انتهيت من قراءة الرواية منذ أكثر من أسبوع إلا أنني لا زلت أستحضر بكامل المتعة والتأثر مشهدَ عبود وهو يصحو من نومه مساء دفن زوجته ليراها تزيح ستائر النافذة ثم تجمع الغسيل وتطلب منه خلع ملابسه لغسلها، ومشهد المواجهة بين حبهان وزوجها؛ بذلك الحوار متصاعد التوتر الذي تقلب فيه المنضدة عليه وتستخدم حقيقة موتها التي يحاول إذلالها بها كي تُرعبه كشبح، مشهد اقتحامها الغرفة عليه ليلا وفي يدها مقص وما يقتضيه هذا المنظر في عقلها وعقل القارئ ثم إعلانها ببرود أعصاب وبمنتهى العادية أنها ستُهذب له شعره، كما لو كان من العادي أن تقص امرأة ميتة شعر زوجها وتؤنقه!
ثم هناك المشهد بالغ التأثير في نفسي لحبهان وأخواتها في مجاعة حصار تل الزعتر متحلقين حول لحم القط المطبوخ -حيوانها الأليف- ليتناولوا أول وجبة بعد أيام طويلة من الجوع، ومشهد رقص يوسف الزوج الأول عندما سمع صوتها لأول مرة، ومشهد النهاية العبقري والملحمي؛ حيث تسمع ابنتها ضحى، الابنة الهاربة من قصتها الصعبة والتي لا تصدق وجود أمها في البيت، صوت تلك الأم وهي تهدهد الحفيدين بالأغنية نفسها التي كانت تغنيها لها في طفولتها، والطفلان هادئان ومستسلمان على فخذيها. والكثير من المشاهد التي بلغ صدقها حد أنني شعرت بنفسي طرفا فيها، كما لو كنت أراقبها من ركنٍ في المكان نفسه، أرى الشخوص ولا يرونني!
كتابة عذبة وواعدة وممتعة، تعيد الأمل في أدب هذه الأيام وفي أقلام النساء، وأنا أحب الأقلام المهمومة بقضايا حقيقية. أول قراءة لشيماء هشام سعد وحمستني لالتهام بقية أعمالها.
" اعتادت ان تكرر على مسامعنا جميعًا أن الأخطاء لا تمتلك خاصية التصحيح التلقائي، و أن الخطأ هو خطأ مهما كان عمر من ارتكبه".
حبهان، امرأة عنيدة كالبلد الذي جاءت منه. مقاوِمة كما لو أن المقاومة تجري في جينات أي فلسطيني سواء عاش في فلسطين أو لم يعش. أم لخمسة أبناء. تعيش واقعًا مريرًا فُرض عليها. واجهت غربتين: غربة الوطن و غربة البيت، سُلب منها وطنها فعاشت غريبة في بلد أخرى و سُلب منها شعور الأمان في منزلها، سلبه زوجٌ دنئ لم يختلف كثيرًا عن المحتل الذي أخذ وطنها.
" و شغلتني الأمومة عن شعوري بالهوة بيني و بينه، فرحت أرتق ثقوب زواجنا البالي بدأب لأجنب أبنائي العيش في بيت مفكك، و أداري عيوبه و نقائص حتى يكبروا معتقدين أن أباهم أفضل أب في الدنيا، و بينما أفعل ذلك متخيلة أنني أُحسن صنعًا لم أنتبه إلى أنني لم أنجح معهم جميعًا، و أنني كنت أرتق بخيوط عنكبوت."
عن الأمومة و أشياء كثيرة أخرى، هكذا عادة شيماء و قلم شيماء، لا يبرح يتحدث عن المرأة و ما تعانيه في قالب درامي محكم. بمشاعر فياضة و الكثير الكثير من الألم.
الكتاب دة غالي أوي على قلبي مش بس لأنه من كتب شيماء كاتبتي المفضلة بس عشان كمان عليه توقيع خاص منها:)
من تونس تحية كبيرة لكاتبتى المفضلة وكتابتها العذبة، أنا فخورة أن أقرأ لكاتبة ذكية ومهمومة بقضايا حقيقية وتكتب أدب أصيل مثلك، وأتمنى ان أحظى يوما ما بتوقيعك على نسختى من الرواية ومناقشتك في أشياء كثيرة حول أدبك العالى.
المؤمن بقضية لايموت بمجرد قتله إنها قضية والقضية لا تموت ..ودائما سيظل لها أصحاب أوفياء لا يخونون ولا ينسون حتى وإن لم يروا الارض بأم عينيهم سيرثون من أمهاتهم الثأر كما يرثون لون البشرة والعيون صحيح ستختلف شخصياتنا وسيختلف تعاملنا مع القضية ، منا من لن ينساها كأنها تجري في دمه ،ومنا من سيظل خائفا حتى تحرره صيحات الآخرين به ، ومنا من سيظل يراها حتى وإن قال الجميع أنها قضية خاسرة ، ومنا من سيستسلم.. ، لكن كلنا تحت خيمة الإيمان بها وسيظل عدونا من ينكرها ، ومن يسلبنا حقنا فيها ، ومن ينظر لنا نظرة إشمئزاز ويعاون عدونا علينا وينسى القضية، وسنعرفه كما نعرف السوس في الأرز في أيام الصيف الحارة وسننظفه ونتخلص منه بنفس الطريقة ___ وأخيراً شكراً د.شيماء
هل حقاً تنسى البيوت أهلها ، و تنسى الأرض أصحابها ؟ هل بمرور السنين و الأعوام تُطمس الحقائق و تُزيف ، ينسي البشر أو يتناسوا ؟ بينما يبقى المكان حافظ لذاكرة أهله ، ثابت على عهده معهم ؟
ببداية خاطفة ذكية تبدأ شيماء الحكاية مع شبح حبهان الذي ظهر لزوجها بعد مرور ثلاثة شهور على وفاتها ، عبود الزوج و الأب الذي حتمًا سيثير نفورك بكل ما خطته الكاتبة من تفاصيل للشخصية ، تتوالي الأحداث و تتصعد الوتيرة بشكل نتعرف من خلاله على باقي شخصيات العمل من أبناء و أزواج ، شخصيات مرسومة ببراعة ، تفاصيل متقنة ، خطوط تترابط لتطرح الكاتبة أفكارها عن البيت ، الأسرة ، الأبوة ، الأمومة ، الهوية و الوطن . لتأتي النهاية بشكل يفسر الأحداث و يتناسب مع الفكرة الأساسية المطروحة بالعمل . جاءت الرواية بكتابة جميلة ، إسلوب معبر ، مشاعر مؤثرة ، يعيبها أحيانًا مباشرة الطرح لبعض الأفكار و المشاعر ، لكن ذلك لم يؤثر على استمتعي بالحكاية ، و ركضي خلف سطورها في محاولة لحل اللغز و فهم المغزى وراءها .
❞ قالت لي شجرةُ السنديانِ العتيقةُ أن بوسعِ المُحتلِّ أن يفرضَ وجوده على الأرض بالقتل والتهجير، لكن ليس بوسعه مهما فعل أن يمحو ذاكرة الأرض، ومهما حاول أن يكنس جريمتَه تحتَ سجادةِ التاريخ سيظلُّ هناك شهودٌ خلفَه لم يحسب لهم حسابا ❝
• "الأشجار ليست عمياء" • ٢٧٠ صفحة • للكاتبة: شيماء هشام سعد أول تجربة لقراءة عمل للكاتبة ولن تكون الأخيرة. منذُ أول صفحتين قررتُ ذلك، استطعتُ بسهولة تخيل صفات الشخصيات دون الحاجة للوصف الصَريح، اندمجتُ مع الأحداث سريعًا. كما أن مشهد البداية ليس غامضًا لدرجة تُرجعني عن إكمال القراءة. مدى سرعة الأحداث لم يكن بطيئًا فأمَل، ولا سريعًا غير وافٍ للفكرة والأحداث، استطاعت الكاتبة ضبط تلكَ النقطة بطريقةٍ مُتقنة. ولا يوجد وصفٌ تفصيليّ للأماكن والشخصيات مما يثير الملل، بل تركَت للقارئ قدرًا معقولًا للتخيل، ووصفت ما يلزم وبالاثنين معًا استطعتُ تخيل المشاهد والشخصيات كاملة، بل الآن بعد إنهائي الرواية أحسبُ أنني كنت أشاهد أحداثا واقعية مُصورة أمامي على التلفاز. كان اختيار نوع سرد الراوي المتحدث موفقًا والأنسب أيضًا، مع أنني في وَسط الرواية مع كثرة الشخصيات التي كانت تَروي أُصبتُ باضطراب طفيف أو كدتُ أمَل، لكن كلمَا فكرتُ أشعر أن إظهار مشاعر الجميع وتفكيرهم وروي الأحداث بطريقتهم ساعد كثيرًا في فهم إسقاطات الرواية. أسلوب الكاتبة لا يعتمد على كثرة التشبيهات البلاغية، ومع أنني كنتُ أظن أن أفضل الكُتاب هو الذي يستطيع استخدام تلك التشبيهات، إلا أنني أُغرمت بأسلوبك الصريح الواضح، ودقة اختيارك للتشبيهات في محلها. كجملة: "فخُيل إليّ أنني سمعت صوت انكسار الصمت المشحون". وبعض الجمل الأخرى التي قمتُ بتصويرها :) كانطباعٍ أولي عن العنوان والنُبذة المُرفقة وتفاصيل الغلاف توقعتُ أحداثًا معينة رسمتها في خيالي، وحين سألتُ أخريات أجابوا باجابةٍ مختلفة عمّا تخيلت، ولكن في الحقيقة وبعد القراءة اكتشفت أن ليس منّا مخطئ وأن كل ما قُلناه موجودٌ بالفعل ولكن الكاتبة دمجته في الرواية بشكلٍ متقن. والآن سأبدأ في التحدث عن أحداث الرواية، قد أتسبب في "حرق" بعض الأحداث لمن لم يقرأها بعد، وأنصح من سيرحل الآن بقرائتها لن يندم أبدًا ♥ "حبهَان" رمزُ فل.سطين الأبية، والتي لم ولن تتخلى عن مكانها أبدًا، حتى ولو تم قـ.تلها، ستظل في بيتها، ستنظف زواياه، وتهتم بأشجاره _التي ليست عمياء عمّا يحدث وستظل ترويه_ وتهتم بالدجاج وكل ما لهُ علاقة ببيتها، وفي النهاية استردت حقها حتى لو بعد مو.تها بل وعاقبت كل أعـ.دائها ببطيء وهي تراهم من على كرسيّها ومكانها، وعلى أرضها. "عبود" حقيقةً لم أفهم من هو بسهولة، ولكن بعد إنهاء الرواية فهمت، هو الداعم من العرب لأخذ الأرض وبيعها، الغير مبالٍ بالقـ.ضية وأنها جزءٌ منه، بل صار ضدها في سبيل بعض المال والسُلطة، وقد يحا.ربها بكل ما يملك، ولكنّه كُشف، مهما زُين في أعيننا.
يوسُف، إبراهيم، صفية، أمينة، ضحى. كل أبناء "حبهان" ما هم إلا نماذجٌ لأهل الأرض والقضية. منهم من ظل مؤمنًا بها ويسعى لأعلى درجات التضحية بنفسه في سبيلها كـ"يُوسف". والأشد حبًا لها ويتصرف بذكاء في استرداد حقه رغم قلة حيلته كـ"صفية". الذي آثر هجرها بعدما عُذِب فيها وظن أنه نسيها ولا يحتاج أرضه في شيء بل صنع أرضًا جديدة لنفسه، ولكن عند أول تهويدة يتدفق شلال ذكرياته ويحنُ ويغضب ويثأر كـ"ضحى". ومن يُآثر الصمت وتحمل الإهانة ظنًا أن ليس بيده حيلة كـ"أمينة". ولكن في النهاية اجتمعوا جميعًا على عدم بيع أرضهم وبيتهم وذكرياتهم، وأمهم.
في عقلي دائمًا تسائلتُ كيف ندمج الروايات والكتب في عملٍ واحد يجذب القارئ وفي نفس الوقت يُزوده بمعلومات دون أن يشعر أو يمل أو يظن أن هناك تركيبًا غريبًا. لكن مذكرات حبهان، وذكريات الشجرة التي همست بها لمارت، أجابوا سؤالي. أحببتُ مشاهد إلياس وأمينة سويًا، وإلياس وحده ببراعة تفكيره وملاحظاته. وعودة زوج زعتر وأولادهما كانت إضافة أدمعتني فعلًا. مشاعر الرواية رائعة، كل تفاصيلها غرقتُ فيه. صدقيني لقد حاولتُ الاختصار، ولكن ما باليد حيلة لم أستطع كتمان كل هذا، بارك الله في قلمك.
لازلت اذكر كيف هربت من كتاب الطنطورية قبل عام هربت منه هروب من يخشى أن يفتح على نفسه جرحاً لا يندمل فكيف لي وأنا حديثة العهد بجرح البلاد وبُعدها أن أقرا عن اسرة هُجرت ولم تعد
وبعد عام هاذي أنا من جديد أجدني مع حبهان ويوسف وعبود والجرح هو الجرح والألم كما هو ! كانت دوماً قصص فلسيطن وغربة أهليها وحكايا مفاتيح الدور التي تتوارثها الأجيال لها غصة في القلب لا تفنى ولكنها اليوم أقرب من هذا بكثير، لا أستطع حتى أن أدعي أني أفهم الحكاية كاملة ولكن معايشة صورة قريبة منها يجعل حكايا الجد سعيد حقيقة جداً وسؤاله وإنكاره لاستحالة العودة هو لعقلي وقلبي أقرب مما كان يوماً ما فيا جرح البلاد الاسلامية التي لم يعد في النفس به طاقة وياربي يا حبيبي أن تنتهي المآسي جميعها دون تكرار وأن يعود السودان وفلسطين الحبيبة وأن يرجع كل مهجر دياره وداره !
أما على الناحية الأخرى حبهان وزواجها من عبود، أمينة التي كنت أستطيع رؤية جرحها واضحاً وصفية التي اختارت الهرب حلا وضحى مَّن أعجابي بها يضاهي اعجاب حبهان بابنتها التي وجدتها قطعت سنينا من الوعي دون أن تدرك كيف ومتى رغم أن جرح باقي والحزن باق !!
"إن الأبناء هم السلاسل التي تقيد أيدي وأقدام الأمهات في سجون حري بهن الهرب منها" عتبي الوحيد على حبهان الذكية دوماً الا في الدفاع عن ابنائها الهادئة التي تختار بوعي الا يوم انكرت حدسها ووافقت على عبود ذاك الرجل الذي ترجاها أن تكون زوجة له !
شكراً شيماء فشخصياتك تعرف كيف تسكن المرء دون فكاك -هاذي رئيفة بجانبي لم ترحل من يوم تعرفت عليها- وأنتِ -بارك الله قلمك- لك سحر في جعلهم حقيقين جداً حتى تركيباتهم النفس��ة وقراراتهم في الحياة كيف أستطعتي ان تصوري اسرة واختيارات افرادها بهذه الدقة! كنت أتمنى أن أعرف عن صالح أكثر كيف قضى حياته وكيف كان حاله يوم عرف بوفاة حبهان ولكن يبدو اني لن أعرف أبداً يسلني فقط تصوره مع ابن أخيه حيث أحبا أن يكونا دوماً ")♥️🌿
كان زوجي يقرأ الرواية في المقعد المقابل لي ووجدت دمعة تفر من عينه، واحتلتُ كثيرا حتى أعرف أين دمعت عيناه بالضبط ولم أكن قرأت الرواية بعد (في مكتبتنا نسخة وحيدة من كل كتاب)، نجحت حيلتي دون أن ينتبه لي وقرأت رقم الصفحة (223) واحتفظت به في مذكرتي حتى أصلها عند القراءة.
ما هذا بحق ��لله! لقد بكيت في نفس الصفحة وكنتُ نسيتُها، لم أذكرها إلا عندما بكيت، ولا أعتقد أن هذه الجملة في رسالة انتحار إبراهيم، الفتى الفلسطيني الأصل الأمريكي المولد والنشأة الذي عانى من العنصرية البيضاء المقيتة، ستغادر ذاكرتي أبدا: «طلب أخير: أنزلوني من العارضة قبل أن تأتي أمي أو أختي أمينة، ستُحاول أختي تسلقها لإنقاذي فتؤذي نفسها، أما أمي فستقول دعوه سينزلُ وحدَه، وأخشى أنني ساعتَها سأنزلُ فعلا وأنسى الفكرة»!
إبراهيم الغائب الحاضر في ذاكرة الجميع وإلماحاتهم المرتبكة إليه، إبراهيم الذي لم يُمسك زمام السرد سوى في فصلٍ واحد من صفحتين وأربعة أسطر كيف لوجوده أن يكون مُزلزلا إلى هذا الحد! هذه براعة شيماء هشام سعد ومقدرتها الأدبية الفذة.
رواية بفكرة من أفكارها اللي بتتميز بها في كل مرة، وفكرة ومبدأ ومزج غير ممل بينهم.📖🩶
متأكدة إنها لو كانت بتكتب الرواية دي بدافع رواية بس كانت هتضيف سرد ووصف قلمها متميز بيه فعلا؛أي حد قرأ ل(شيماء سعد) هيعرف هي كتاباتها قد أيه بتبقى هادية وبتمرر أفكارها برشاقة وسرد وبتتخفى دايما وراء شخصياتها اللي لوهلة تتمنى تتعرف على صانعتهم. على عكس الرواية دي اللي ظهرت فيها الكاتبة كإنسانة مؤمنة بالقضية وازاي حاولت توظف كل الأفكار والرواسخ في عبارات وردود بين الشخصيات. رواية جميلة هضيفها لرف خاص بفلسطين❤️ وممتنة ليها إنها بتوظف قلمها وما تجيده في محاولة صغيرة لشيء هي مؤمنة بيه. مستنية رواية جديدة لشيماء الكاتبة بتفاصيلها الكثيرة وأفكارها الجديدة.
شكرًا شكرًا شكرًا على نهاية حبهان، المرضية الرائعة.. من أول سطر وأنا خايفة على مصيرها، لا تموت رغم أنف كل ما قتلها. وإن ضايقني الفتات عن مصير يوسف.. وزي ما قالت حنان صاحبتي، أنا قرأت روايات أشد قسوة من الرواية دي عن فلسطين، لكن تأثير الرواية دي مختلف تمامًا. ممتنة دائمًا للكتابة الحلوة. 💙
أجّلتُ قراءة هذه الرواية كثيرًا لإعطاءها حقها من الوقت و صفاء الذهن. كنتُ أعرف أنها رواية عن فلسطين، و لم أتوقع من شيماء إلا شيئًا مدهشًا.
رواية محمّلة بالرمزية و الدفئ. لم أُرد الخروج منها!
امرأة ستّينية فلسطينية مهجّرة تموت فجأةً في ولاية من ولايات أمريكا، ثم ما تلبث أن تعود بعد ستِ ساعات من دفنها لتبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة في بيتها. "حبهان" هي فلسطين برسوخها و عنادها و ذاكرتها العصية على النسيان و دفئ الأم و حنانها. يوسف -الأب و الابن- هو المقاوِم و المناضل، مرةً في صورة المجاهد بالقوة، و مرةً في صورة المجاهد بالمقالة و الصورة و التوثيق. عبود لا أدري حتى الآن من هو .. أهو أوروبا التي احتلت فلسطين فترةً ثم سلّمتها لليهود على طبق من ذهب؟ أم هو رمزٌ لحكام الدول العربية الخونة الجشعاء الذين لا يهمهم سوى مصالحهم حتى أنهم لا يمانعون الاستعانة بألد أعدائهم و قاتل إخوتهم بل و التقرب له و بذل قرابين المحبة له؟ عبود التي قضت حبهان عمرها معه تحاول تنظيف صورته في عيون أبناءها، و هو الرجل الكاذب الملتوي الجبان الجشع الذي تطغى سيئاته على حسناته. كم أكرهه.
ثم إن الكاتبة لم تُهمِل الجانب القصصي من الرواية على حساب الجانب الرمزي؛ وصفت بدقة و عمق شخصيات أبناء حبهان الأربعة و حيواتهم و مشاكلهم المختلفة. كيف استطاعت أن توصل كل هذه التفاصيل و العمق بين دفتي كتابٍ لا يتجاوز ثلاثمائة صفحة؟ كلما فكرتُ في الرواية أكثر كلما زاد إعجابي بدقة رمزيتها و تفاصيلها الصغيرة المُحكَمة! لا يسعني أن أُبين عن كل ما أعجبني فيها. يداهمني الآن نفس الشعور الذي شعرتُ به حال انتهائي من رواية السيدة - شعور مندفع بالدهشة و حب جارفٌ مخلوطٌ بعدم القدرة على البيان عن أسباب هذا الحب بالتفصيل.
لن تكون هذه قراءتي الأخيرة بإذن الله. أنوي قراءتها مرارًا. . . . اقتباسات:
"ألم يعرف بعد كل هذا العمر و أربعة أبناء أنني أنحدر من ناسٍ لا يتركون بيوتهم أبدًا حتى لو خرجوا لبعض الوقت؟"
"هؤلاء الفلسطينيون و إنني أعرفهم جيدًا؛ لا يموتون بمجرد أن تقتلهم."
"لكنني أطلقتُ أخيرًا زفرة ارتياح، مدركةً أن أفضل شيء لمواجهة الاحتمالات السيئة و المخيفة هو تركها تحدث."
"قالت لي شجرة السنديان العتيقة أن بوسع المحتل أن يفرض وجوده على الأرض بالقتل و التهجير، لكن ليس بوسعه مهما فعل أن يمحو ذاكرة الأرض، و مهما حاول أن يكنس جريمته تحت سجادة التاريخ سيظل هناك شهود خلفه لم يحسب لهم حسابًا."
الرواية ممتعة وحبكتها جيدة إلى أن وصلت إلى النهاية فلم أجد أنها على نفس المستوى المتوقع من خلال الأحداث، جاءت النهاية سريعة غير موضحة بشكل كافي وغير مرضية.
أسلوب الكاتبة جميل وتعرف كيف تجذب القارئ فقد عرفت كيف تجعلني أنهي الرواية بشكل سريع بدون ملل، ولكنني أرى أن هناك ما عليها أن تعمل عليه حتى يكون القادم أفضل..
ثم نأتي إلى الأخطاء التي وقعت... فمنذ بداية الرواية استغربت اسم حبهان لتحمله شخصية فلسطينية، فالاسم مصري بامتياز وإن لم يكن منتشرا، وعندما وصلت إلى جزء المذكرات الخاصة بحبهان طالعتني أول جملة به تقول: "أمي هي من سمتني حبهان، لأنها حين حملت بي توحمت على حساء دجاج منكه بحبهان..." وهنا أدركت أنه خطأ وقعت فيه الكاتبة، إذ أنها لا تعرف الثقافة الفلسطينية ولم تحاول أن تستشير من يعرف، فالفلسطينيون لا يطلقون على هذه التوابل اسم (الحبهان)، بل يطلقون عليه اسم (الهيل أو الهال). وبالتالي كان من غير الموفق أن تسمى هذه الشخصية بهذا الاسم.
وخطأ آخر ذكر في الرواية حيث تقول حبهان في مذكراتها "لكنه اتفق مع أحدهم على أن يحملنا في سيارته ذات الصندوق الضخمة التي تنقل الكيروسين إلى تل الربيع، والتي عرفت أن اسمها أصبح تل أبيب منذ سنوات طويلة." الفلسطينيون يعرفون وخصوصا الكبار منهم أن (تل الربيع) ليس اسما لقرية فلسطينية، ولكنه ترجمة عربية حرفية لاسم (تل أبيب)، فلم يكن هناك قرية في فلسطين اسمها تل الربيع قبل النكبة وتم تهجير أهلها... تل أبيب كان اسم حي في يافا يسكنه اليهود وقد توسع هذا الحي مع استيلاء الصهاينة على أراضي وقرى يافا ليتحول إلى مدينة، والحقيقة أن تل أبيب الحالية مقامة على أراضي يافا وقراها وليس على أنقاض قرية كانت تسمى (تل الربيع).
لذلك أظن أن الكاتبة عليها أن تبذل جهدا أكبر في البحث والتقصي في المرة القادمة التي تكتب فيها رواية، حتى تكون معلوماتها موافقة بشكل أكبر للحقيقة.
ولولا هذه الأخطاء والنهاية المكتوبة بشكل مستعجل لاستحقت الرواية 4 نجوم على الأقل
الأشجار ليست عمياء للكاتبه الموهوبة شيماء هشام سعد. أنهيت الروايه و بداخلى كم هائل من المشاعر المتضاربه، أحاسيس كثيره لا استطيع وصفها في بعض كلمات بسيطه. تأسرني شيماء كعادتها بأسلوبها الرائع و المميز في الكتابه، و طريقتها الساحره في سرد الأحداث، تجعلني برغم حزن الروايه الشديد لا استطيع تركها حتى انتهي من أخر صفحه بها. حكايه عن امرأه فلسطينيه عانت و تمسكت برغم ظروفها الصعبه و قله حيلتها بحقها في أرضها حتى النهايه. من أكثر ما اعجبني هو ربط احداث فلسطين المحتله بفكره الاحتلال بشكل عام و مدى تشابهه المحتلين و مدى تشابهه الشعوب المحتله المظلومه و المسلوب أرضها. أعجبني وجود الخير و الشر من نفس الجنس و الدين و العرق بمعنى إنه لا يوجد خير مطلق و لا شر مطلق و لا يمكنا وصف جماعه بأكملها بصفه معينه و تعميمها على كل أفرادها. عبرت الكاتبه عن القصه بمشاهد في غايه الجمال و الصعوبه في نفس الوقت، برغم ما أصابني من حزن شديد و لكنى احببت كل مشهد و كأني أراه بعيني، و كأن المشاعر و المعاني انتقلت من الورق و رأيتها أمامي. مشهد النهايه كان جميل بكل ما يحمله الجمال من معنى. أنا متحيزه تماماً للكاتبه بسبب حبي الشديد لجميع أعمالها السابقه، و لكن هذه روايه من مستوى أخر. هذه روايه توصف بعمل فني مكتمل. شكراً لكي على كل هذا الكم من الجمال.
رواية قرأتها بدون أي توقعات ولم أظن أنها ستعجبني رغم الزخم عليها ولكنها صارت من مفضلاتي 😍
مبدأيا كدة "حبهان" أنا بحبك.. أنا عارفة إنهاشخصية خيالية بس مش مهم 🙄 فيه حاجتين مهمين هانكمل بيهم المراجعة وهما عبود (الوضيع) وحنَّة (الصهيونية الحيزبونة) 👍
الرواية تبدأ باقتباس جميل لغسان كنفاني يعبر عن الرواية وعن القضية رغم إن الجزء الأول من الرواية اجتماعي بحت لدرجة أني ظننت أنها ستكمل بهذة الوتيرة.
الاقتباس : ❞ «وقلتُ لنفسي: لا بدَّ أن أكونَ موجودًا رغم كل شيء، لقد حاولوا أن يُذوِّبوني كقطعة سكر في فنجانٍ ساخن، وبذلوا -يشهد الله- جهدًا عجيبًا من أجل ذلك، ولكنني ما أزال موجودًا رغم كل شيء»
- أحداث غريبة تحدث لعبود (الوضيع) يرويها إلياس زوج ابنته بعد موت زوجته حبهان المُهجَّرة ذات الأصل الفلسطيني .. عبود يزعم أن شبح حبهان يطارده ويرفض أن يتركه لحاله وأنها مصممة أن تصيبه بالجنون وتنهي حياته. وهذة كانت أول صدمة وأخفهم. طبعًا سوف تعتقد أن هذة الشخصية مجنونة وتعاني من ألم الفقد أو لا تعرف كيفية التأقلم مع فقد الزوجة ولكن الأمر أكثر من هذا 😀
❞ كنت منفعلا لأن هذا أول تطور حقيقي في قصة عمي عبود، حماي العزيز، مع حماتي الشبح. ❝
-سأحاول قدر الإمكان ترتيب أفكاري.. شخصية حبهان الشخصية الرئيسية فلسطينية أصل عائلتها من قرية السنديانة التي احتلها الكيان الصهيوني وقتل وهجّر منها أهلها (أول كرة أسمع عنها) و طبعًا طمس الاحتلال معالم هذة القرية وقتل الكثير ف اضطر والد حبهان أن يأخذ عائلته ويحاول أن ينجو بها.. وهنا تنقل لنا الكاتبة معاناة أهل المخيمات الجوع والفقر والبرد وعدم الحصول على أقل القليل حتى بسبب استمرار الظلم الواقع عليهم وعدم التصدي له بأي شكل من الأشكال وللأسف الواقع المرير ما يزال يكرر حتى الآن ولا حياة لمن تنادي.. حبهان ولدت في المخيم لم ترى قريتها ولم ترى بيتهم في السنديانة ولم ترى عزّ أهلها.. لم تسمع عنها ولم تعرفها إلا من خلال حكايات جدها الذي عاش ومات وهو يحلم يحلم العودة لأرضه المغتصَبة.
❞ لم أرَ فلسطين إلا من خلال حكايات جدي، وُلدتُ في مخيم تل الزعتر عام ١٩٦٠، ووحده من عاش في مخيم لللاجئين سيدرك معنى أن تولد وتعيش لاجئا. ❝
❞ يتنهَّد جدي ويتحمس للحكاية من جديد ولكن هذه المرة عن خيرات البلاد، يعدنا بجولاتٍ ممتعة في مزرعته حين نعود، ويصف لنا لذة ثمارها وسعة دارنا في القرية وكيف تُحيط بها أشجار الزيتون والبرتقال والصنوبر وكروم العنب، يقول بمزيجٍ من الحسرة والأمل: «لا تنظروا إلى ضيق عيشنا الآن، لقد كانت لنا في دارنا غرفة مؤونة لا ينضب منها الخير؛ أجولة طحين وأرز وجِرار عسل وزيت زيتون والكثير من الزعتر المجفف واللحم المُملح» ❝
-تتوالى الأحداث ويلتقي الأب أثناء هروبه للنجاة بصديق قديم بعد مقتل زوجته وأطفاله وموت أبيه وكل عائلته.. لم يبق له غير حبهان التي تعاني من الصدمة والحزن.. ينصحه الصديق بالسفر لأمريكا حتى ينجو كل منهما بعائلاتهما وفكرة القهر في أنه لا سبيل للعودة!
الأب "صالح".. الأب المكلوم بفقد وطنه وتشريده بفقد والده ووفاته في المخيم من الجوع.. فقد عائلته كلها بطريقة بشعة على يد ميليشيات هاجمت المخيم وأبادته.. لم يكن معهم ولم تكن معهم حبهان.. شعور الصدمة والعجز والصمود رغم كل شيء. كل ذلك جعل الأب يحمل فوق أكتافه هموم الدنيا ويزهد في الحديث إلا بالضروري.
❞ إما الخروج أو القتل، فخرجنا؛ قلنا نمشي الآن بدل أن يقتلوا أبناءنا جميعا وسنعود حتما فيما بعد لأن هذه بلدتنا، أرضنا، بيوتنا، وليس معقولا أن يُخرجونا من بيوتنا في وضح النهار ويستولوا عليها ولا نستطيع العودة إليها "
❞ ولم أشهد أبي قبل لقائه بعمي صادق يحكي عن فلسطين قط، كان صموتًا كأن الكلام يجرح الطريق من حنجرته إلى شفتيه ويُدميه، لكن صديقه نجح في سحب كلامٍ قليلٍ بسلاسةٍ من قلبه، وجعلني أرى أبي الصامت ثابت الوجه أثناء حكايات البلاد يبتسم ويؤمئ دائمًا ويُدلي بشهادته من وقتٍ لآخر استجابة لطلب صاحبه.❝
-ننتقل للتعرف على أبناء حبهان (شخصيات الرواية) في المستقبل بعد موتها. .. نتعرف في البداية على ابنة حبهان "ضحى".. ضحى تمثل شريحة كبيرة من أبناء المهجرين الذين يبحثون عن الآمان وشعور الانتماء ولدوا وعاشوا في غربة وسط مجتمع عنصري مضطرين.. معاناة أن تعيش في مكان لا يتقبلك يدعي حرية الرأي والحفاظ على حقوقك وهو في الأساس الراعي الرسمي لتشريدك وانتزاعك أنت واجدادك عن وطنك.. تقرر ضحى الزواج والسفر من هذا المجتمع للعيش في بلد زوجها (المغرب) التي تشعر فيها بالاحتضان والانتماء والعائلة تعرف هناك معنى الوطن ومعنى أن تكون مقبول في الوسط الذي تعيش فيه. وأعتقد ان ضحى كان عندها عقدة الناجي.. دائمًا تعتقد أنها هربت للنجاة بنفسها وتركت عائلتها للمعاناة رغم أن هذا ليس صحيحًا.
❞ وكلما هاتفتني أمي لتطمئن عليَّ أخبرتُها أنني بخير في بلد لا عنصرية فيه، وأن يحيى رجل رائع وعائلته أروع منه، ولم تطمئنَّ فعلا إلا بعد أن قدمتْ إلى المغرب ورأتْ بعينيها ما كنت أُخبرها به، كان هذا بعد زواجي بعامٍ تقريبًا عندما ولدتُ طفليَّ ❝
-الشخصية الثانية والمهمة "صفية".. صفية تمثل شخصية المقاومة المتمردة القوية التي تنضج قبل الأوان عرفت أشياء في طفولتها هدمت ثوابت كثيرة لديها.. قررت البقاء والعمل والتحدث والتعريف بقضية وطنها.. قررت المحاربة لأجل عائلتها ولأجل أمها ولم ترضخ لأبيها وأطماعه كانت تكرهه وكان يستحق..
- أمينة الأخت الثالثة.. شخصية هشة وحساسة وطيبة وحنونة ومتفهمة وللأسف كانت عُرضة لأن يستغلها أباها وأن يصب عليها نوبات غضبه وسخطه كلما أراد التنفيس عن غيظه من حبهان.. هذا أدى لدخولها في نوبات هلع وضغط نفسي دائم وخوف مستمر من الثقة في الآخرين إلى أن تعرفت على إلياس فأصبح وطأ الحياة أخف قليلًا عليها.. في البداية لم أتقبل شخصيتها واستسلامها ولكن أحببتها مع تقدم الأحداث.
❞ عندما لا يكون إلياس هنا لا أتمكن من مواجهة أي شيء، ولهذا طالما انتظرته لأخبره عما أعانيه، طالبةً منه أن يرشدني كيف عليَّ أن أعيش حزني، في غيابه لا أفلح في اتخاذ أبسط القرارات وأكثرِها عادية، وحتى البكاء بطريقة صحيحة يغدو صعبا للغاية، وكأن وجوده شرط أساسي حتى لا تتخذ الدموع مجرى خاطئا، وحتى لا ينتهي بكائي بارتفاع الضغط. ❝
-الرواية ذات رواة متعددين كل منهم يروي الأحداث من وجهة نظره ويفسرها حسب مشاعره.. العائلة تعرضت للعنصرية وكانت نتيجة هذا الأمر مأساوية.. أعجبني أن الكاتبة تكلمت عن عنصرية الأمريكان واليهـ. ـود تجاه السكان الأصليين وتجاه العرب المسلمين خصوصًا طبعًا. الكاتبة أوضحت إن فيه صنف من البشر أسوأ من الصهاينة وطبعا ده متمثل في شخصية عبود (الوضيع).. شخصية لا يفرق معاها قضية ولا حتى عندها مباديء.. بعيض واستحقاقي بطريقة مستفزة.. يرى كل شيء يريده من حقه حتى لو لم يكن ملكه أو يتعب فيه ودون بذل أدنى مجهود وفي المقابل مستعد لفعل أي شيء ملتوي للحصول على ما يريد .. كان زوج سيء وأب أسوأ شخص أناني لا يهمه سوى نفسه فقط.. لا أعرف إذا كانت الكاتبة تريد إسقاط البلاد المطبّعة مع الكيان على هذة الشخصية أم لا.. لكنه سواء هذا أو ذاك فهو وضيع ✋
نتكلم بقى عن "حبهان" تاني معلش 😍😅 -طفولتها قاسية كمعظم طفولة من تعرض لأهوال الحرب ونجى أو حاول.. حبهان شبت قوية كالسنديانة (حبيت بسببها الشجرة) .. عاشت مع والدها في بيت صديقه (صادق وزوجته وابناه صالح ويوسف).. من صدمتها رفضت الكلام (نتيجة صدمة فقدها حيوانها الأليف وثم عائلتها بأكملها) واستمر الأمر حتى بعد ما وصلت لأمريكا واستقروا في بيت هاديء وأصبحت العائلتين عائلة واحدة كبيرة تكافح للنجاة في بلد غريبة وتصارع شعور الغربة والفقد. يكبر الأبناء يدرس صالح الطب وهو الابن البار الهاديء الطباع المتفوق أما يوسف فكان الابن الشقي العنيد بار بوالديه على طريقته تمرد على دراسة قانون بلد مستعمر واختار العمل بدلا من درس ذلك النفاق.. كان يريد العودة لفلسطين لتحريرها. وحبهان كانت درست وصارت معلمة.
❞ «كيف تريدونني أن أدرس قانون بلد ضيَّعَ بلادنا وما زال يحرص ألا نستردها؟ إنهم حفنةُ كذَبة أفَّاقين، أُدرك هذا كلما دخلتُ محاضرةً أو فتحت كتابا، عارٌ عليَّ إذا طلبت عندهم ذلك الهراء والعبث» ❝
-يتزوج يوسف وحبهان.. يقضيان السنة الأولى يحاولان التكيف تصير حبهان حاملًا في ابنهم يحاولون العيش في سلام ولكن يُقتل يوسف أثناء عمله من أشخاص عنصريين يكرهون المسلمين و العرب وطبعًا لم يهتم أحد.
❞ وفي الشهر السادس من الحمل مات يوسف، قتله أحد العاملين معه في المصنع، كانت جريمة كراهية لأنه مسلم، لكن لا القضاء ولا وسائل الإعلام ولا الصحف قالت ذلك، ووجدتُ نفسي فجأةً أرملة يوسف، الصعلوك المثقف الذي كان يُجهز نفسه للعودة إلى فلسطين وخوض حرب عصابات من أجل تحريرها. ❝
❞ إنه القدر؛ يسير نحوه الإنسان ظانًّا أنه سيد قراره حتى يكتشف أنه كان يسير معصوب العينين ويتخبط. ❝
- تتوالى الأحداث وتظل حبهان وأم صالح وحدهما.. تلد حبهان ابنها "يوسف" وتعيل نفسها وابنها وتتابع المطعم الذي تركه لها أبوها بنفسها من وقت لآخر.. وهناك تتعرف على(الوضيع) فقد كان يعمل مع والدها وطبعًا يرى فيها مشروع ثراء سريع لذلك أراد الزواج منها وأصر ولم ييأس إلى أن وافقت بعد ضفط. حبهان وعبود شخصين مختلفين تماما وفرق السماء والأرض بينها بين المبادئ والصمود والأصل وبين الوضاعو والخسة والاستغلالية.. سريعًا ما اكتشفت حبهان وضاعته فتركته طالبة الطلاق ولكن استعمل يوسف وأمينة كورقة ضغط عليها ف اضطرت أن تكمل حياتها معه حتى تضمن سلامة أولادها.
❞ لقد كان اختلافهما من النوع الذي لا يجرح حضور أيٍّ منهما في البيت، أو يمكن القول أنهما مَن حرصا على ألا تهتز صورتهما ككيان واحد بسبب اختلاف كل منهما عن الآخر، ولهذا كان بوسعنا كأبنائهما أن نعدد معًا الاختلافات الشاسعة والكثيرة بينهما، دون أن نتمكن من رصد ثغرة واحدة في بنيان زواجهما المثالي والمحكم ❝
❞ إن الأبناء هم السلاسل التي تُقيدُ أيدي وأقدام الأمهات في سجونٍ حريٌّ بهن الهرب منها. ❝
-حبهان كأم كانت عظيمة.. تركت مشاكلها مع الأب جانبًا ولم تجرح صورته أمامهم حاولت بكل قوتها أن تحافظ له على هيبة وشخصية في عيون بناته وابنه (لكن البعيد معدوم) رسخت بداخلهم فكرة الوطن حدثتهم عن فلسطين ونفذت وصية جدها بألا تنسى.. ربتهم على الفضيلة وأن يتحملوا المسؤولية و نتيجة أخطائهم إن وجدت وكانت صارمة في ذلك.. كانت حنونة تعرف ما يحتاجه كل منهم.
❞ اعتادت أن تكرر على مسامعنا جميعا أن الأخطاء لا تمتلك خاصية التصحيح التلقائي، وأن الخطأ هو خطأ مهما كان عمرُ مَن ارتكبه، ولم تكن تتنازل عن تحميلنا عواقب أخطائنا -حتى لو استلزم ذلك عقابنا- إلا عندما نبدي أسفنا ونتعهد بعدم التكرار ❝
-تعرفت حبهان أثناء عملها على صدوقتها الصدوقة ماري وعدوتها اللدودة حنَّة (الصهيونية الحيزبونة)..
ماري إسقاط لشخصية الغربي ذو الضمير الحيّ الغربي ذو الإنسانية الذي يبحث ويعرف ويتخلى عن تابوهات العنصرية التي نشأ عليها.. كانت شخصية لطيفة وجميلة وكانت تساعد الجميع ترى في التهاون مع أمثال حنّة مكسب وترى أنه لا فائدة من الإنحطاط لمستواها واختارت التجنب.. ماري حُرمت من إمكانية الإنجاب فقررت تبني طفل "مارت" ولكنه كان طفل أصله من السكان الأصليين الأمريكيين.. كانت تريد أن تكفّر عما فعله بني جنسها بتربية هذا الطفل ومنحه الحب والآمان والدف��ع عنه باستماتة لدرجة أنها قاطعت عائلتها ذات المكانة المجتمعية" المتعصبة" ..
❞ ومع كل كتاب تقرؤه عما ارتكبه الأوربيون من مجازر في السكان الأصليين كانت تبكي وتحتضن مارت وتعتذر له كأنها كن فعلت ذلك بأجداده.❝
❞ أما حنَّة فكانت تُدرِّس التاريخ، وهذه نكتة بذيئة أخرى تُضاف إلى قاموس مفارقاتها البذيئة؛ إذ كانت يهوديةً متعصبةً للصهيونية ترى التاريخ كله مجرد دوران حول اليهود أبناء الله وموضع حلوله، ولأن نسبةً كبيرة من طلاب المدرسة كانوا من اللاجئين العرب المسلمين فقد كانت كثيرةً التصادمات بيننا؛ لأنني أخذت على عاتقي دحض كل كذبة تُلقنها للطلاب، وشيئًا فشيئًا بدأت عداوتنا تتخذ طابعًا علنيًا لا نبذل جهدًا في إخفائه عن الطلاب والمدرسين. ❝
-ورغم ممارستها العنصرية على زملائها وطريقتها المتطرفة في التعامل معهم ومع الأطفال وشكاوي الأهل إلا أنها كانت تنجو من الشكاوي وتستمر في غلظتها وجرائمها التعليمية ( مثلث محكمة العدل واسرائيل وأمريكا وصورتها العادلة الزائفة) .
❞ ولا أعرف كيف نجحت رغم ذلك في النفاد من كل الشكاوى التي قُدمت ضدها -ليس مني فقط بل من مدرسين آخرين وطلاب- تتهمها بالحض على الكراهية وتُطالب باتخاذ إجراءات ضدها، لم يحدث لها شيء، بل كانت تعود بعد كل شكوى أشرس وأكثر إصرارًا على بث سمومها من ذي قبل. ❝
-طبعا ماري لم تسلم من الحيزبونة عندما تبنت مارت.. إزاي تهدمي ثوابت في العنصرية وتروحي تدافعي عن صحاب الأرض بتبنيكِ واحد منهم!
❞ تبنت ماري طفلا، هكذا فجأة ودون مقدمات، وكان ذلك الحدث ليمر عاديًّا مع سخافات حنة المعتادة لولا أن الطفل كان من السكان الأصليين، فأثار في عدوتنا اللدود ما تُثيره بقيةُ الشعب البائد في مُحتلِّه، وحنَّة كانت مُحتلةً بالنسبة لأمريكا باعتبارها أوروبيةً مُستوطنة ترى في إبادة السكان الأصليين ضريبة التحضر التي كان يجب دفعها لتحرير مصير الأرض الواعدة من الشعب البدائي المتخلف، ومحتلةً كذلك بالنسبة لفلسطين، بلدي، باعتبارها صهيونيةً تُنادي بحق اليهود في فلسطين ❝
- مهما نجت الحيزبونة من العقاب ومهما حاولت تزييف التاريخ وفرض سيطرتها إلا إنها مكروهة في كل مكان وستظل كذلك حتى من يدافع عنها أو يتعاون معها أحيانا مثل (الوضيع) لا يحبها ولا يأبه بها حقًا فقط مصالح مشتركة.. (طبعا كلنا عارفين في الاقتباس ده الحيزبونة هي مين).
❞ هل تدري حنة أن عزوف الرجال عنها ليس راجعًا إلى قلة حظها من الجمال -وإن لم تكن جميلةً كماري- بل إلى طباعها الحقودة التي جعلت معظم من يتعاملون معها يحرصون على تجنبها اتقاءً لشرها؟ يصعب تخيل أنها لم تكن تدرك ذلك. ❝
- الحيزبونة لم يسلم منها ومن عنصريتها أحد.. كان ضحية عنصريتها (إبراهيم) ابن حبهان.. كان طالب في صفها للأسف.. قصته قهرتني حرفيًا.. طفل يحاول النجاة وتحقيق أحلامه لكن لم يُسمح له لكونه عربي فلسطيني مسلم. لدرجة إنه اتقدم للمحاكمة!
❞ عندما ذهبتُ للمحكمة لأول مرة سألني القاضي: «هل تشعر بالكراهية تجاه الأمريكانِ كونَ عائلتك لاجئةً عربية؟» أجبتُه بأنني أحمل الجنسية الأمريكية وأنني وُلدتُ هنا ولكنني أكره المستعمرين أينما كانوا، فاعتبر إجابتي هي أنني أكره الأمريكان، قلتُ له: «هذا يعني أنك تتهم كل الأمريكان الآن بأنهم مُستعمرون» فأمرني ألا أتكلم إلا عندما يسمح لي. قلت لهم اسألوا عني زملائي في المدرسة سيخبرونكم أنني لم أضرب أحدًا من قبل قط، طلبتُ منهم أن يسألوهم عما حدث في ذلك اليوم، فقالوا أن لا مبرر للعنف وأن النتيجة واحدة وهي فقد مُدرِّستي لعينها اليسرى، وأن المجتمع الأمريكي مجتمع متحضر يرفض العنف والكراهية، فسألتُه عمَّن أفقدَ المجتمع الأمريكي ❝
-آخر أبناء حبهان اللي هاتكلم عنه هو "يوسف".. المقاوم الذي يعلم أن الأفعال أقوى وأبلغ من كل الشعارات والكلام يصمت ويصمت إلى أن يجد الفرصة ليدخل إلى بلدة والدته" السنديانة" الأرض الذي يزعم المحتل أنها كانت صحراء وهم (كتر خير أبوهم) عمروها.. كان مشهد راااااائع.
❞ ابتسمتُ شاعرةً بالغبطة؛ ثلاثة من أبنائي لم ينسوا إذًا، وواحدٌ منهم فعلها ودخل أرض أجداده، وإذا كان ابن يوسف وحبهان قد عاد إلى البلاد فقد عاد يوسف وحبهان إليها، لقد رأيت بلد أبي وجدي، قرية السِّنديانة من قضاء حيفا، بعيني ابني الذي حملتُه في بطني هذه، ثم ها أنا ذي أعرف أنه سيعيش في غزة كأي فلسطينيٍّ يعيش في وطنه، صحيح أنه سيفعل ذلك وهو يحمل جوازَ سفرٍ أمريكيًّا لكن فيمَ تهم بطاقة الهوية التي يدمغُها المحتل بختمه إذا كان صاحب الأرض يعرف القصة كاملة وأرضه تعرفُه؟ ❝ ❤️
-نهاية الحيزبونة و الوضيع بردت ناري ومن موقعي أحيي الكاتبة عليها 👏👏👏😃
-حبيت إنها اتكلمت عن الأشجار كالشاهد على الأرض يعرف الحقيقة مهما زيفوها.. وأعجبتني شخصية "مارت" وأنها ذكرت جانب السكان الأصليين او الأعراق الأخرى التي تتعرض للعنصرية في أمريكا.
❞ أشار أستاذ علم النبات إلى شجرة السنديان العتيقة وقال: «عمرُ هذه الشجرة ألفٌ وسبعمائة عام» تصاعدت همهمات الدهشة من الزملاء، قلتُ بصوتٍ مسموعٍ دون أن أوِّجه كلماتي لأحدٍ بعينه: «شجرةٌ أكبرُ من أمريكا ذاتِها!» ❝
❞ أول شيءٍ عليكم أن تتعلموه عن الأشجار هو أن تحترموها، كلُّ شجرةٍ تنظرون إليها قد تكون أكبرَ عمرًا منكم، هذه كائنات رأت ما لا ترونه، شهِدتْ على أشياء لا تعرفونها إلا من خلال الكتب، مرتْ بتجارب ربما لن يمرَّ بها أيٌّ منكم، ثم بقيتْ صامدةً حتى اليوم الذي تقفون فيه أمامها بغرورٍ معتقدين أنكم ستعرفون عنها كل شيء بما تمتلكونه من أدوات البحث العلمي وفحص النباتات ❝
❞ شعرت على نحو ساحر ومُعجز أن الشجرةً تنهرُني، عُدتُ لأنظر إليها فخطر لي، كأنما بإلهامٍ منها، أن وجودها في حد ذاته يعني أنهم لم ينحجوا في محوِ تاريخ هذه الأرض أو إنهاءِ شعبها، إن عمرها سبعة عشر قرنًا، كانت موجودةً هنا قبل أن يأتوا بقرون، وستظل هنا بعد أن يرحلوا، قالت لي شجرةُ السنديانِ العتيقةُ أن بوسعِ المُحتلِّ أن يفرضَ وجوده على الأرض بالقتل والتهجير، لكن ليس بوسعه مهما فعل أن يمحو ذاكرة الأرض، ومهما حاول أن يكنس جريمتَه تحتَ سجادةِ التاريخ سيظلُّ هناك شهودٌ خلفَه لم يحسب لهم حسابا.❝
-في النهاية تنتصر حبهان.. ينتصر صاحب الأرض الأصلي الذي مهما غاب سيعود وكلما طال الفراق كان للمّ الشمل طعمًا أحلى.. ربما الآن هذا حلم بعيد لكن يقين أنه سيكون واقع يومًا ما.. فقط علينا ألا ننسى كحبهان .. ربما راح الكثير ضحية العدوان ومازالت جرائمه مستمرة إلا أن تضحيتهم لم تذهب هباءً لن ينسى الأبناء يحملون ماضيهم وحكاياتهم يحملون الأرض داخل قلوبهم.. لن ننسى. إن شاء الله النصر قريب.
❞ ألم يعرف بعد كل هذا العمر وأربعة أبناء أنني أنحدر من ناسٍ لا يتركون بيوتهم أبدًا حتى لو خرجوا لبعض الوقت؟!❝
❞ ربما ماتت أمي، لكنَّ صوتها لم يزل هنا يُخبر سامعه بماضيها كلِّه ويحملُه على جناحَيه إلى بلادها الجميلة كحلم ، ربما من أجل ذلك علينا أن نكُفَّ عن كتابة المراثي.❝
مراجعة أطول من حياتي 😅 ولكنها رواية عظيمة شكرًا للكاتبة من كل قلبي إنها كتبتها ❤️
بداية أود الإشادة بقلم شيماء الذي لا يفتؤ يُبهرني ويُشعرني بعذوبة اللسان العربي وبهاء مفرداته بشكل مختلف ومُميز، تُجيد شيماء اختيار مفرداتها ببراعة؛ و بلغة أحس أنها عتيقة؛ وبألفاظٍ أشبه بالأشياء القديمة الكلاسيكية الثمينة -التي طالما سكن حبها قلبي- تُشكّل شيماء معاني تبقى متجذرة في القلب والذاكرة؛ وربما هذا ما يجعل ما تكتبه شيماء لا ينتهي من داخلنا ولا يغادرنا أبدا؛ لأنه يحملُ سِحر الماضي وأمجاده وأصالته، هكذا أحس وأنا أقرأ كلماتها ومع كل مُفردةٍ أتحسّس قلبي وكيف تتسرّبُ المعاني داخله بدفء وحنوّ، تزدادُ دهشتي وأحسّ بلدغة البهجة تسري في روحي مع ما تتركه كلماتها من ألم ممزوج بأمل، ودمعة تشق طريقها بين ضحكة مشوبة بحزن هادئ وقلبٍ ساكن، هذا ما يفعله حرف شيماء بقلبي وربما قلبِ كل من يقرأ لها.
الأشجار ليست عمياء تحكي قصة "حبّهان" المرأة الفلسطينية ذات الستين من عمرها، المُقاومة والصامدة بقلبها وروحها وفكرها التي عادت إلى الحياة بعد ست ساعات من دفنها، كانت عصيّة على المغادرة وبقيت جذورها راسخة في الأرض تمتد رسوخ أشجار السّنديان المُعمّرة، التي شهدت القصة كاملة وحملتها للأجيال القادمة، ولأنّ "حبهان" فكرة والفكرة لا تموت، ولأن الحقيقة وحدها من تننتصر في النهاية حتى لو كان شكل الانتصار حزينا وداميًا. هنا يتعرف المرء أن للمقاومة طرقا عديدة وأنّ السلاح أحد أوجهها، هنا المقاومة تأخذ شكلا مُختلفا، أكثر عُمقا وأكثر تأثيرا؛ أن تورث أبناءكَ حب الوطن والاعتزاز بالانتماء إليهِ والفخر به رغم أن قدمك لم تطأ أرضَه يوما، لم تشرب من مائه، ولم تستظلّ بأشجاره، ولم تأكل ثماره، ولم تعبُر رئتيك نسيم هوائه، ولا عبقَ أزهاره، ولا جلستَ تحت سمائه، لكن وحدها الحكايا التي كان يحكيها الأجداد تحمل صورة وطعم ولون ورائحة تلك الأرض، الذين سعوا حثيثا لغرسها في قلوب أبنائهم وأحفادهم حتى اختلطت بها دماءهم وامتزجت بها أرواحهم، وجد "حبهان" كان أحد هؤلاء الأجداد الذين ورّثوا أبناءهم وأحفادهم حبّ الأرض وعلّموهم أنهم وإن أُخرجوا منها سيعودون إليها يوما ما لأنهم أصحاب الأرض وأهلُها ولأن الأرض ستظل تخبر المحتل أنه محتل وأن التاريخ لا يُسرق، وأن الحق سيُسترد لأهله ولو بعد حين، وهذا ما علمته حبهان لأبنائها، الأم المغتربة التي عانت التهجير وعاشت حياة اللجوء، وعرفت معنى أن يبيت المرء لأيام عديدة ببطن فارغة، وأن الموت له أشكال مختلفة كان الجوع أحدها، وأن المخيّمات لا تمنع الموت ولا الفقد، ولا حتى تمنح حياة لائقة دون خوف أو تهديد، حبهان الطفلة الصغيرة التي فقدت قطها زعتر في تلك الليلة التي فرغ فيها الصحن من اللحم وامتلأت بطنها، لتفجأ أن أمها أطعمتها زعتر لأنهم لم يجدوا ما يسدون به رمق جوعهم ويدفعون به الموت بعيدا(بكيت كثيرا على زعتر وعلى حبهان وعلى أمها، بكيت كل القطط المضطهدة المشردة والجائعة والمريضة والتي لا يحس بها أحد، بكيت كل طفل يعاني الجوع والتشرد والبرد والمرض والحرب، بكيت كل أم تضحي ليعيش أبناؤها.. وما أقسى الحرب لتجعل عزيزين يفترقان بنهاية بشِعة كهذه! هذا المشهد وقفت عنده طويلا مجروحة القلب، مختنقة الأنفاس، دامعة العينين، متألمة الروح، وكلما تذكرته أصابنيَ الحزن وتكدّرت نفسي واعتصرني الألم وقفزتِ الدموع من عينيّ بلا استئذان..) لم يكتفي المحتلّ بسرقة زعتر من حبهان بل سرق جميع عائلتها إلا أباها..
تبدأ حبّهان فصلا جديدًا من حياتها بأمريكا تحملُ فيه ألم أرضها وألم اغترابها وغربتها، بعد وفاة زوجها يوسف صديق طفولتها الرجل الذي تمكن بشقاوَة روحه فكّ عقدة لسانِها وأطلق سراح صوتها بعد أن ظل حبيسا إثر صدمات الفقدِ المُوجِعة، مات يوسف الزوج ��لحنون لكنّه ترك ابنه يوسف ليكون امتدادا له، يُشبهه في شجاعته وطيبة قلبه، عزيز النفس، صَلب العزيمة، قويّ الإرادة، يوسف الذي يحمل ذاكرة أرضِه، ويحفظ تاريخ أجداده، ويتنفس حب وطنه، ويحلم بالعودة إلى أرض أجداده وأن يدخلها عزيزا لأنه صاحبُ الأرض، كان يوسف مقاومًا بالكلمة والفكر وما الكلمة إلا أحد أشكال المقاومة لا تقل أهمية عن السلاح!
تتزوج حبهان "عبود" رجل سليط اللسان، قاسي القلب، بارد النفس، سيء الأخلاق، كريه الطّباع، وكم أشفقت على حاله، ربما لم تُفلح شيماء في جعلي أكرهه، طوال الرواية لم أشعر إلا بالشفقة عليه وكم هو مسكين إذ أعماه الطمع والجشع ولم يُقدر ما كان يملكه بين يديه، لم يفهم معنى الحب، ولا معنى البيت ولا معنى العائلة، ولا معنى أن يكون أبا، ولا حتى فهم معنى الأرض! وكم حزنت على حبهان هذه المرأة الشامخة العنيدة التي لا يكسرها شيء، رغم أن أمومتها كانت نقطة ضعفها، وعرف عبود تماما كيف يستغل هذا الأمر لصالحه، لتظل حبهان رهينة زواج لم تشأ يوما المُضي فيه، لكنها الأقدار ولا يملك المرء سلطة على أقداره.
تُرزق حبهان بأمينة وصفية وضحى وإبراهيم، أبناء فلسطين المحتلة الذين لم يروا وطنهم يوما، وعاشوا غرباء في وطن لا ينتمون إليه وأرض لا تُشبه أرواحهم. استطاعت حبّهان أن تغرس في أبنائها جميعا حب أرضهم والاعتزاز بها، ولم تُفلح الغربة أبدا في سلخ قيمهم ومبادئهم ولا أن تُنسيهم حقيقة من هم؟ ومن أين جاؤوا؟ أو سبب وجودهم في أرض لا تنتمي أجسادهم إليها.
أحببت أمينة القلب الحنون الذي يتسع لآلام الجميع، وسُعدت جدا أنها أخيرا انتصرت على ضعفها واستطاعت مواجهة ألمها وما خلفه والدها من جروح في قلبها ونفسها، وأخيرا تحررت من سجن أبيها "عبود" الذي سجنت نفسها فيه لمدة طويلة، وكيف أنها أخيرا استسلمت برضا لقدر الله مريحة نفسها من قلق الانتظار ومريحة بذلك قلب زوجها إلياس؛ الزوج الوفي، الحنون، المتفهم، المحب، أحببت حبه لها وخوفه عليها وسعيه في راحتها، في علاقتهما يتجلى معنى السكن والمودة والرحمة.
صفية ذات القلب الشجاع والروح التي هي بقدر ما هي صلبة بقدر ما هي هشّة، التي أحبت والدتها كثيرا حتى أنها لم تتوانى من الانتقام لها من كل من سولت له نفسه يوما أذيتها حتى لو كان والدها عبود نفسه!
ضحى التي لم تعد تحتمل جو البيت بعد موت إبراهيم، لتقرر الزواج والاستقرار مع زوجها ببلده المغرب، لتعيش حياة مستقرة وهادئة، غير أن قلبها لا يسكن حنينه ولا يهدأ، لأن من يغادر أرضه مدفوعا لا يمكن أن يهدأ قلبه ولا أن يسكن إلا بالعودة!
إبراهيم آهٍ ماذا أقول، الفتى الشجاع الذي وقف في وجه الظلم وقال كلمة الحق، لم يخف ولم يهتز يقينه بما يؤمن به حتى آخر نفس، حاله حال الكثير من أبناء فلسطين، لكن عبود والده كسر قلبه وجرح مشاعره وحاول تشكيكه فيما يؤمن به، فكيف يسامحه!
انتحر إبراهيم وكسر قلبي بذهابه، قرأت رسالته فانفجرت ببكاء هيستيري لا أدري أين كان مختبئا، لكني أعرف سببه تماما ..
مارت صديق إبراهيم والابن المُتبنى لماري التي أرادت بتبنيها لمارت أن تريح ضميرها وتكفر عن خطيئة شعبها الذي سعى لإبادة شعب مارت وتطهيره من على أرض أمريكا، الذي لم يُفلح لأن الأرض ستبقى تحتفظ بأبنائها وستبقى ذاكرتها عصية على النسيان. لقد كان مارت أحد السكان الأصليين لأمريكا الذي اشترك مع حبهان في نفس المصير، تملك حبهان بيتا ورثته عن أبيها قررت في النهاية أن تعيده لصاحب الأرض-مارت- فهو أحق بأن يملك بيتا على أرضه!
الأشجار ليست عمياء تعرف جيدا ما حصل على أرضها وستظل شاهدة عليه وترويه للأجيال القادمة.
ستبقى حبهان، يوسف، أمينة، إلياس، إبراهيم، صفية، ضحى، ومارت في قلبي وذاكرتي، وستنضم رواية شيماء لأحب وأقرب الكتب وأشدها تأثيرا على نفسي.
شكرا شيماء على هذه التّحفة البديعة، بارك الله فيك وفي قلمك.
اقتباسات:
" كنت أمام شاب لم يرَ وطنه من قبل؛ وُلد وعاش في المنفى، لكنه كان مسكونًا بفلسطين التي لم يرَها إلى حد التماسِ كلِّ سبيل ممكن للعودة إليها"
" الشيء الوحيد الذي كان يتحرك فيَّ كان دموعي، فما الفارق في ثكل الأبناء بين أن تكون الأم إنسانًا أو دجاجة؟ أليس الألمَ الحارقَ نفسه؟ أليست مقتلةٌ جماعيةٌ بهذه القسوة محزنةً بالقدر ذاته أيًّا كان نوع القتلى؟ "
"للذاكرة أسباب غير مفهومة فيما تحتفظ به وما تتخلص منه."
"يصبح التذكر طقسًا تعبديًّا يمارسه الموتور ليحتفظ بغضبه حيًّا وطازجًا، هذا الغضب الذي يقطع به الأيام والشهور والسنوات إلى اللحظة التي يثأر فيها، ما من فلسطينيٍّ ذي ضمير حيٍّ توقف يومًا عن ممارسة هذا الطقس، حتى إنه يُمارَس بشكل جماعي؛ فلا تجد فلسطينيا يذكر قصته وحده، قصصُنا مع أوطاننا السليبة عابرةٌ للأزمان والأمكنة وتحيا بالتنقل من ذاكرة إلى أخرى، إنه نوعٌ آخر من المقاومة، سلاح يتشبث به الذين لا يملكون الدبابات والطائرات والرصاص، ويعيشون العمر يُراهنون على أن الحقيقة لا يمكن تزييفها بالقوة ما داموا يذكرون الحكاية كاملة ويورثونها من جيل إلى جيل"
" إنه القدر؛ يسير نحوه الإنسان ظانًّا أنه سيد قراره حتى يكتشف أنه كان يسير معصوب العينين ويتخبط"
" كل ركن في هذا البيت يعرفُك ويحتفظ بك في مسامه، ذاكرة المكان متخمة بكِ حتى وإن عبرتِ بوابة الموت، ألستِ من علمتِني أن قصة المرء مُقاوِمة للفناء وأن البيوت لا تخلو أبدًا من أصحابها؟"
" أحيانا ينبغي لحفظ خاطر من نحب من الكسر أن نلتف حول المعنى ولا نتلبَّس به، نُراوحَ قريبًا منه دون أن نمسَّه؛ لأننا ندرك أنه رصاصةٌ متفجرة لا يمكننا توقع آثارها المُخرِّبة في داخل من تُطلق عليه"
صفية وهي تحكي عن حقيقة مشاعرعا لوالدها:
«أنا أحبه بداعي البنوة التي تربطني به، لكن أفكاره هي أعدائي، طباعه وكل شيء سيء فيه، هذه المفارقة وهذا التمييز هما ما ساعدني على النجاة من آثاره المخربة»
«مرت خمسةٌ وسبعون عامًا وما زال الاحتلال يخاف من ذاكرة المكان، لأنه يُدرك جيدًا أن المكان لا ينسى أصحابه حتى وإن أُجبروا بالسلاح على تركه»
«قالت لي شجرةُ السنديانِ العتيقةُ أن بوسعِ المُحتلّ أن يفرضَ وجوده على الأرض بالقتل والتهجير، لكن ليس بوسعه مهما فعل أن يمحو ذاكرة الأرض، ومهما حاول أن يكنس جريمتَه تحتَ سجادةِ التاريخ سيظلُّ هناك شهودٌ خلفَه لم يحسب لهم حسابا، قالت لي شجرة السنديان: لقد رأيتُ كلَّ شيء، وراحت تقود يدي إلى ندوبها القديمة تُفصح لي عن علاّتها المُزمنة وأسباب صمودها العظيمة»
"الجميلة زينب نجاح سعدت برؤيتكِ وأتمنى لكِ قراءة ممتعة ووقتًا سعيدًا في عالم حبهّان وأبنائها" ثم كتبت مع محبتي واسمها الرائع شيماء هشام سعد بخطٍ حنون شعرتُ أنّ هذه الإمضاء من صديقٍ قديم أعرفه حقَّ المعرفة رغم أنني قابلته للتّو معرض القاهرة يناير ٢٠٢٤
ما هذا! أريد أن أقول لو لم أكن مصريًا لوددتُ أن أكون فلسطينيّا غزاويًّا ويتسنى لي الحصول على شرف الوصف ومشاعر المُحب بين دفات هذه الرواية') أشعر أنني لأول مرة أقترب من حياة المخيّم فلم تكن الشاشات كافية أبدًا لوصف ما فيه، حبّهان هذه الأم التي يمكن أن تعتبرها كنايةً عن صمود فلسطين ذاتها على مرّ القرون ويجوز أن تعتبرها كل نفسٍ عاشت في أرضنا الطاهرة ويمكن أن تعتبرها كل من عانى في المنفى وسُلب حقه الشريف في بلده عملٌ أقل ما يقال عنّه إبداع، يدهشني الكاتب الذي يقنعك بكل شخصية على حد ذاتها مع اختلاف أصناف البشر كيف لقلمٍ كتب حبّهان أن يكون نفسه الذي يكتب عن عبود وحَنّة جابرييل! الآن وأنتِ في مكانك عزيزتي شيماء وقد كتبتي من عامٍ مضى عن عودة يوسف إلى وطنه أخيرًا محققًا حلمه منتصرًا على المهجر، الآن بلادنا تحظى ببعض من الهدوء الحمدلله ولعل كل يوسف هناك يستطيع احتضان بلاده كما فعل.. علَّ الأرواح الشهيدة تفعل كما فعلت حبّهان، ونقول لكل جبان عبثًا تحاول لا فناء لثائرٍ أنا كالقيامةِ ذات يوم آتِ أشكركِ على كل الكلمات والعبارات، على الحبكة المُحكمة التي تجعل الواحد منّا فاغرًا فاه لا يعلم هل يقرأ الصفحات أم يلتهمها ويجري حول نفسه ليتذوق المزيد، على المشاهد التي أبكتني لكني شعرت بقربي منهم، على الفكرة التي وظفتيها كما ينبغي أن تكون
ظلت الرواية على إحدى رفوف المكتبة عامًا كاملًا لكنها الآن في إحدى رفوف قلبي الصغير كأحد أفضل الأشياء التي قرأتها في حياتي
حروب الأمة وقضاياها وأحوالها تاريخ يُقرأ من كتب التاريخ ولا غرو، بل لا غنى عنها لحفظ التاريخ وإحياء الماضي، لكن كتب التاريخ جامدة، تنظر من علٍ وتؤرخ دِولًا وتحصي أرقامًا والناس فيها جزء في طرف الصورة. والأدب لسان الناس المبين عنهم، عن حقيقتهم لغةً وفكرًا وعقيدة، نظرة للقضية من داخلها بكل تفاصيلها الصغيرة.
أُسرة فلسطينية أو ما تبقى منها، فتاة أبصرت أول ما أبصرت من الحياة مخيمًا تعيش فيه مع أسرتها موصومين باللجوء، لا تعرف موطنًا كما يعرف الناس إلا في حكايات جدها، يمنّي نفسه ويمنّيها بيوم يعودون فيه إلى قريتهم، لكن الأيام لا تزيدهم إلا بُعدًا حتى ترمي بهم الأمواج في قبضة مُحتلٍ آخر سرق أرضًا وبنى دولته على جثث أصحابها، ثم كانت له اليد العليا في سرقة أرض فلسطين وقتل أهلها، تعيش فيها بألم التغريب وألم أن تحيا في أرض بإذن مُحتلها فهي مُقِرة بحكمه.
عشت بعض ليالي المخيم مع حبهان وأهلها، الحياة لا تتوقف في المخيمات، لكنها أيضًا لا تستمر، الإنسان العادي يحيا حتى يدركه الموت لكنه في المخيم لا يحيا بل يموت ببطء لسنين، ربما مذ وُلد إلى أن تفيض روحه. يقضي جدها النهار يقص أقاصيص القرية وشجر الزيتون والكروم، والأم تقضي ليلها باكية ذكرى الدا�� وأهلها، والأب نهاره عمل يستجدي به الصخر رغيف خبز لعياله وليله نوم يسلمه ليوم عمل آخر، فلا يذكر قريته نهارًا ولا يبكيها ليلًا. بكيت سعدًا صاحب الزيتون والقمح الذي اعتصره الجوع، وحادثة زعتر أمرضتني فقطعت القراءة واستأنفتها بعد ليلة ليلاء.
الهرب ليس نجاة لكنه محاولة للرجوع ببعض القوة، والعدو ليس الغريب فقط، بل أشد العداوة تكون ممن يدعي القُربى.
الإنسان فكرة والفكرة لا تموت، وسيرث الفلسطينيون أرضهم جيلًا بعد جيل ولو اضطرتهم القوة إلى البعد قليلًا، لكن سيعود بهدوء ومن تحت اللثام، لذلك ترفض حبهان أن تموت وتأبى إلا أن تعود الدار لأهلها، أهلها الأُوَل. والشجرة السامقة تعرف التاريخ وتعرف الأرض وتعرف أهلها وتعرف القصة لأنها ليست عمياء.
الرواية مؤلمة، خيال كاتبة لكنها حقيقية إلى حد ينكره العقل بداية، حقيقية لأن فلسطين كلها سعد ولأن فيها ألف زعتر ولأن فيها ألف ألف حبهان، إننا نعرف الحقيقة لكن يؤلمنا أن نعيشها ولو في صفحات رواية، فكيف بمن لا يعرف غير هذه الحياة! رواية تسقينا من هَمِّ إخواننا وتُبقي جذوة الغضب في نفوسنا فلا ننسى.
تلك هي الرواية العربية، حكايتنا عن أنفسنا، عن حاضرنا وماضينا، لأنفسنا وللأجيال القادمة، ولكل أمة تريد أن ترانا فلا ترانا إلا بأعيننا.
أحببت رمزية "حبهان"؛ رمز فلسطين و جذورها المتشعبة في باطن الأرض. المعلومات أيضاً عن تل الزعتر و ماحدث في خيم اللاجئين كان مفيد ، و مكان السنديانة جديد على مسمعي .
مالم يعجبني ؛ كثرة الجمل الحوارية جداً جداً بين الشخصيات بدل وصف مشاهد ،تقسيم الفصول لشخصيات تحكي لنا من غير و لا مشهد 🎬 يحفر في الذاكرة ؛ أدى إلى رتابة إيقاع الأحداث ، أخذت أقلب في الصفحات لانتهي منها دون اي متعة قراءة و ملل اصطحبني خلال القراءة.