إنّ تبعثر المعلومات في الذهن يسبب الضياع و يمنعنا من الوصول إلى أيّ هدف مطلوب. فأحد أهدافنا في هذه السلسلة من البحوث هي أن نبحث عن خيط يلمّ خرز الفضائل و الإرشادات و المعارف الدينية في سبحة واحدة. فلولا هذا الخيط لإنفرطت خرز هذه السبحة. فلابدّ أن نحصل على رؤية تجاه النظام القائم في معارف ديننا و إرشاداته.
لأنَّني لم أجد حتى الآن مَن يوقظُ فِكري وقلبي ويحدثُ هزةً في أعماقي كما يفعل الشيخ بناهيان، اخترته مجددًا ليرافقني في سفرٍ أحتاج فيه للثورةِ على نفسي وإصلاحها، وكما المرات السابقة، كان عند حسنِ ظني به.
كنتُ أنوي قراءة الكتاب في شهر رمضان الفائت -وأظنّه توقيتًا مناسبًا جدًّا لقراءته إذ أُلقيت المحاضرات المجموعة فيه خلال شهر رمضان- إلا أن المشيئة الإلهية اقتضت لي وقتًا أفضل.
التمستُ في صفحاتِه روحَ الشيخ بناهيان، وسمعتُ المحاضرات بصوتِه، فكان لوقع كلماته أثرًا أكبر، خاصةً وأنّي في الوقتِ ذاته كنتُ أستمعُ لسلسلة محاضرات بعنوان (كيف نعيش حياة أكثر طمأنينة؟) ألقاها الشيخ في أحد مواسم شهر محرم الماضية، وسبحان من قدَّرَ هذا التزامن، فما أشبه محتوى الكتاب بالسلسلة! وبهذا كان الكتاب يرسِّخ في ذهني بعضَ المفاهيم والأفكار التي استمعتُ إليها، وينمّيها ويقوّيها بالنظر إليها لا من جانب عيش حياة أكثر طمأنينة فحسب، بل كيف تجاهد نفسَك لتعيشَ حياةً أكثر طمأنينة.
يُلخَّصُ الكتابُ في عنوانِه، وأظنُّ أنَّ أغلبَ ما قد يتبادر إلى ذهنِ القارئ حول الموضوع قد ضمَّته فصولُ الكتاب، فهو شاملٌ من جهة، أو لئلا أجزمَ بذلك سأقولُ أنَّ محتواه إن طُبِّق سيكون كافيًا لأن يختصرَ على الإنسان مسيرًا طويلًا من خطواتٍ مبعثرة لا يدري أصحيحةٌ أم لا، ويوضِّح له سبيلَ الوصولِ إلى الله بجهادِه لنفسِه.
يُثقِلُ الكتابَ التكرارُ المستمر للمواضيع، ولولا أنَّني عرفتُ من خلال المحاضرات المسموعة أنَّ من عاداتِ الشيخ في بداية كل محاضرة العودةَ لما سبق وتلخيصه، لربّما كنتُ قد مللتُ الأسلوبَ وتركت الكتاب، رغم أنَّ ما يخفف وطء هذا التكرار هو أسلوب الشيخ المميز، فحتى في المرورِ على ما سبق لا بدَّ أن يضيء لكَ زاويةً جديدةً ما كنتَ تراها. ومع ذلك أظنُّ أنَّه كان باستطاعةِ دارِ النشر أن تنقِّحَ المحاضرات لئلا يكون للتكرار هذا النصيب الكبير من الكتاب، إذ لولاه لما جاوزَ مئتين وخمسين صفحة -حسب اعتقادي-.
زيادةً على التكرار الذي أساسه المحاضرات، أُخرج الكتاب بصورةٍ تزيد التكرار فيه، فيسبق كل فقرة في الفصل سطرٌ أو بضعة سطور تحوي الفكرةَ العامة للفقرة القادمة، وكان هذا أشدّ إزعاجًا من التكرار الأول، لأنَّك تقرأ السطر نفسه أو الفكرة نفسها مرَّتين في صفحةٍ واحدة! فامتنعتُ عن قراءة هذه السطور قدر الإمكان مذ لاحظتُ وفهمتُ فكرتَها. قد تكون مفيدةً لِغيري وقد يراه إخراجًا ناجحًا، لكنَّه بالنسبةِ لي لم يكن.
أما آخر ملاحظتين فحول كثرة الأخطاء اللغوية (وتشمل الإملاء والنحو وغيرها)، وفهرسة الكتاب غير المفيدة بل والمشتِّتة؛ إذ يحتوي الفهرس على كلِّ فكرةٍ عامةٍ لفقرةٍ في الكتاب! فمن الصعب أن تجدَ ضالتكَ إن حاولتَ البحث عن موضوعٍ معيَّن، كما أنَّني أرى عدم عنونة المحاضرات من كبرى سلبياتِ الكتاب.
بين ثلاث نجماتٍ ونصفٍ وأربع، فرغم أنَّ عقلي يرجح النجمات الثلاثة والنصف، قلبي يميل للأربع، ربما لأنّي أحسبُ أنّي وجدتُ فيهِ ضالّتي ويكفيني هذا رغم كل ما يؤخذ على الكتاب.
يعاني الانسان سواء جاهد نفسه ام لا ... لذا علينا ان نختار المعاناة التي نريد ان نعيشها ... انريد معاناة من اتباع اهوائنا ام من مجاهدتها ؟
الكتاب يتكلم عن جهاد النفس ... تعريفه ... كيف نوصل له ... و محاور مختلفة لها علاقة به بصراحة نظرتي و فهمي لجهاد النفس قبل الكتاب و بعده اختلفت ... حقاً على الانسان ان يتبع برنامج جهاد النفس الالهي و ليس برنامج جهاد النفس الذي تخطه له نفسه ...
الكتاب عبارة عن محاضرات ... حيث كان الشيخ بناهيان يلقي محاضرات عن جهاد النفس في شهر رمضان ثم جمعوها في كتاب ... هناك تكرار في بعض الاحيان ... و احياناً يصبح الاسلوب واضحاً بانه ليس اسلوب كتابة او سرد بل واضح بانه حديث مباشر لا اعرف كيف اشرح و لكن بالمجمل الاسلوب جيد و مفهوم ...
هذا هو ثالث كتاب أقرأه للشيخ علي بناهيان بعد العبد والمولى و أدب الصلاة. وكما اعتدت منه، كتاب يغيّر نظرتك لأمور كثيرة ويترك أثراً داخلك. يتناول فيه موضوع جهاد النفس بعمق، ويعرض فلسفته بأسلوب مستند على روايات أهل البيت عليهم السلام.
ستدرك أن الكتاب خلاصة محاضرات رمضان، لذلك ستجد بعض التكرار، وهو ما قد يراه البعض سلبية بينما يجده آخرون عاملاً يساعد على الفهم. أسلوب الشيخ مباشر وواضح، والكتاب سهل القراءة وسريع الالتقاط. أنصح به لمن يريد أن يعرف معنى جهاد النفس وأثره في بناء الإنسان.