What do you think?
Rate this book
دانشمند
"دانشمند" أو عالم العلماء، هي سيرة الإمام أبي حامد الغزالي الشهير، الذي تفوق على مجايليه وصار إمام عصره وعالم زمانه. رواية وإن توسلت بالتاريخ، لا تسقط في فخاخ الصورة النمطية لأبي حامد، بل تقدم لنا ذاتاً إنسانية قلقة حية، وتصف أجواء عصره، من الفتن السياسية والخصومات المذهبية والدسائس في القصر، وفي قلعة الموت متربض آخر لا يقل خطراً عن تهديد الفرنجة الصليبيين. هي رواية إذ تستدعي علامة من الذاكرة الجمعية، فإنما تستدعيها لتغرس أسئلتها في تربة الحاضر، وتبرز قيمة المعرفة بوصفها طريقاً إلى الخلاص. ومن الأسئلة التي تطرحها الرواية: هل يكون التقرب إلى الله بغير جهاد النفس والصمت؟ ومن يحيي علوم الدين وقد صارت باباً مستباحاً؟
636 pages, Paperback
Published December 1, 2023
122 people are currently reading
1574 people want to read
About the author
أحمد فال الدين
6 books223 followersهو كاتب أديب وصحفي موريتاني يعمل مراسلا لقناة الجزيرة في جنوب إفريقيا. كان ولد الدين أهم صحافيي قناة الجزيرة الذين غطوا كأس العالم الذي نظم للمرة الأولى في إفريقيا عام 2010. يتميز بين مراسلي الجزيرة بلغته العربية الصقيلة المستقاة من ثقافة شنقيطية أصيلة. حيث درس ولد الدين في المدارس الأهلية المعروفة في موريتانيا بالمحاظر. ثم درس الأدب في جامعة نواكشوط ودرس اللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة الأميركية. يكتب ولد الدين في قضايا كثيرة مثل الأدب والسياسة وله مدونة خاصة تحمل اسم «كنّاشِ أحمد فال ولد الدين». اعتقل أحمد فال ولد الدين إثر تغطيته للأحداث الدائرة في ليبيا في مارس 2011، ثمّ أطلق سراحه ليعود إلى نواكشوط سالماً.
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 - 30 of 144 reviews
December 16, 2024
انسلخَت الأيام الأخيرة من رمضان وأيام العيد الأولى وأنا أنتهب صفحات رواية (دانشمند) والتي تعني المعلِّم أو الإمام باللغة الفارسية التي هي أول لغة افترَّت عنها شفَتا الإمام أبي حامد الغزالي حجة الإسلام، والتي تحكي سيرته في ٦٣٦ صفحة، صيغت أحداثها من عقل الأديب الأستاذ أحمد فال ولد الدين، وخرجت كلماتها من بين أنامله، فصارت كسلاسل الذهب، وعقود العنب شرابًا سائغًا للشاربين.
لقد كنت أتعمد السير مُتَّئدًا غير مستجيب لغريزة طي الصفحات، أتمهل الحبكة، وتسرُّب المفاهيم، وشرح النظريات، وأتذوق اللغة وأتنسم عبيرها، وأتنسك في محرابها قبل أن أتعرف على معلومات حياة الدانشمند الغزالي، فسيرته قد قرأتها مرات وكرات، لأنني واقع في حب هذا الإمام، وغارق فيه إلى أذنيَّ.
وليست حياة أحد بمعزل عن واقعه، ولا تُفهَم نوازعه دون التعرف على عالمه، ولا يجاب عن أسئلة ملحة دون النظر في دواخل النفس، والاطلاع على المعتقدات والمعتنقات، فقد بذل أحمد فال جهدًا مضنيًا وشاقًا في صوغ الحياة السياسية والاجتماعية في عصر الإمام الغزالي صوغًا يجعلك تخرج من واقعك لتعيش واقعهم وكأنك بينهم، فصراعات السلطان السلجوقي والخليفة العباسي، والوزير نظام الملك، وتاج الملك، وفخر الملك، وحروب الصليبيين واحتلال القدس، وكذا الفرقة الباطنية المجرمة التي احتلت مساحة كبيرة في الرواية، وعدد الروائح المذكورة في الرواية لا تكاد تنتهي، ووصف الشوارع والأماكن بين طابران، ونيسابور، وبغداد، ودمشق، والقدس.
لحظات الرغبة والرهبة في مناظرات الغزالي، وتفصيلات عقدية وفقهية وروحية بديعة،.
أتساءل إن مرَّ أحمد فال بشكوك كالتي عصَفَت بالغزالي جعلتْه يحسن التعبير عنها ذلك التعبير الساحر؟
أتساءل عن هذا المعنى لوقوعي فيه قديمًا فلم تطِب لي حياة، ولم يهنأ لي عيش.
وهي الحالة التي دخلها الإمام الغزالي التي يعرفها أطباء الطب النفسي بـ the lost of interest ، وهو الاكتئاب، بحيث لا يغريه طعام ولا شراب، ولا يجد سلوى في مجالسة رفاق، ولا معانقة قيان.
تألمت لجاريته (خلوب)، ولابنتيه، ولأمه قبل ذلك، وتألمت للوزير الأعظم نظام الملك، ولعنت الباطنية، وشعرت بالغزالي في كل مراحله، وعرفت الإجابة عن سكوته وسكوت علماء في حقبٍ مختلفة من التاريخ عن أحداث ووقائع هائلة وقعت في زمانهم، ليس في كتبهم إشارة إليها.
يتربع ابن الدين على روائيي العصر بلغة فاتنة، وذهن وقَّاد، وبحث جيد، وحبكة رائعة.
ولم أجد من الحسرة سوى انتهاء صفحات الرواية.
لقد كنت أتعمد السير مُتَّئدًا غير مستجيب لغريزة طي الصفحات، أتمهل الحبكة، وتسرُّب المفاهيم، وشرح النظريات، وأتذوق اللغة وأتنسم عبيرها، وأتنسك في محرابها قبل أن أتعرف على معلومات حياة الدانشمند الغزالي، فسيرته قد قرأتها مرات وكرات، لأنني واقع في حب هذا الإمام، وغارق فيه إلى أذنيَّ.
وليست حياة أحد بمعزل عن واقعه، ولا تُفهَم نوازعه دون التعرف على عالمه، ولا يجاب عن أسئلة ملحة دون النظر في دواخل النفس، والاطلاع على المعتقدات والمعتنقات، فقد بذل أحمد فال جهدًا مضنيًا وشاقًا في صوغ الحياة السياسية والاجتماعية في عصر الإمام الغزالي صوغًا يجعلك تخرج من واقعك لتعيش واقعهم وكأنك بينهم، فصراعات السلطان السلجوقي والخليفة العباسي، والوزير نظام الملك، وتاج الملك، وفخر الملك، وحروب الصليبيين واحتلال القدس، وكذا الفرقة الباطنية المجرمة التي احتلت مساحة كبيرة في الرواية، وعدد الروائح المذكورة في الرواية لا تكاد تنتهي، ووصف الشوارع والأماكن بين طابران، ونيسابور، وبغداد، ودمشق، والقدس.
لحظات الرغبة والرهبة في مناظرات الغزالي، وتفصيلات عقدية وفقهية وروحية بديعة،.
أتساءل إن مرَّ أحمد فال بشكوك كالتي عصَفَت بالغزالي جعلتْه يحسن التعبير عنها ذلك التعبير الساحر؟
أتساءل عن هذا المعنى لوقوعي فيه قديمًا فلم تطِب لي حياة، ولم يهنأ لي عيش.
وهي الحالة التي دخلها الإمام الغزالي التي يعرفها أطباء الطب النفسي بـ the lost of interest ، وهو الاكتئاب، بحيث لا يغريه طعام ولا شراب، ولا يجد سلوى في مجالسة رفاق، ولا معانقة قيان.
تألمت لجاريته (خلوب)، ولابنتيه، ولأمه قبل ذلك، وتألمت للوزير الأعظم نظام الملك، ولعنت الباطنية، وشعرت بالغزالي في كل مراحله، وعرفت الإجابة عن سكوته وسكوت علماء في حقبٍ مختلفة من التاريخ عن أحداث ووقائع هائلة وقعت في زمانهم، ليس في كتبهم إشارة إليها.
يتربع ابن الدين على روائيي العصر بلغة فاتنة، وذهن وقَّاد، وبحث جيد، وحبكة رائعة.
ولم أجد من الحسرة سوى انتهاء صفحات الرواية.
April 2, 2025
"غزلتُ لهُم غزلاً رقيقاً فلم أَجد
لغزلي نسّاجاً فَكسَّرتُ مِغزلي"
جمييلة ، سيرة الغزالي مؤنسة للنفس جدًا
اندمجت معاه لدرجة مكنتش عايزاها تخلص. جزء اعتزاله في الصحرا وتجربته للصوفية
من أروع وأعذب التجارب والمشاعر ال قرأتها في حياتي.
الإنسان ممتن.❤️
لغزلي نسّاجاً فَكسَّرتُ مِغزلي"
جمييلة ، سيرة الغزالي مؤنسة للنفس جدًا
اندمجت معاه لدرجة مكنتش عايزاها تخلص. جزء اعتزاله في الصحرا وتجربته للصوفية
من أروع وأعذب التجارب والمشاعر ال قرأتها في حياتي.
الإنسان ممتن.❤️
February 3, 2025
سيرة الإمام الغزالي بأسلوب روائي ساحر!
November 20, 2025
أحمد فال الدين لا يقدّم الغزالي في هيئته الجامدة كما نعرفه من كتب التاريخ أو الفقه، بل يُعيد خلقه عبر خيوط التخييل الفني، فيقدّم لنا شخصية تمور بالشّك، بالضعف الإنساني، بالصعود والانكسار، وبالحنين إلى المطلق.
منذ الصفحات الأولى، نواجه ذاتًا قلقة تُخاطب نفسها والعالم، ويتحوّل السرد من مجرد رصد لحياة الغزالي إلى تجربة داخلية فكرية وروحية، كأن الكاتب يستعير الغزالي ليحكي عن أزمة المثقف المعاصر، عن الغربة داخل السلطة، عن ضياع المعنى في زحمة الاجتهادات المتناقضة.
أسلوب السرد يغلب عليه النفس التأملي، تقاطع فيه الفصول بين حوارات داخلية ومشاهد خارجية، بأسلوب لغوي رفيع لكنه غير متكلّف. تتسرب الفلسفة في النسيج السردي من دون أن تتحول إلى "محاضرة"، وهذا تحدٍ نجح فيه الكاتب بجدارة. الشخصيات الأخرى، كأستاذ الغزالي وخصومه الفقهيين، مرسومة بشكل واضح كدعامات لحركته، لكنها لا تسرق الضوء من البطل، بل تعمّق صراعه الداخلي.
---------------------
مقارنة مع روايات من قائمة البوكر
1. "ما رأت زينة" لرشيد الضعيف :
الروايتان تشتركان في بنية التخييل السيري لشخصيات ذات طابع فلسفي/روحي. لكن بينما تختار "زينة" أن تحكي من زاوية معاصرة وبلغة يومية، "دانشمند" تتلبّس لغة التراث، وتتعمّق في الإحالات الدينية والفكرية. كلاهما يحاول إعادة تأويل الواقع من خلال الغوص في الروح، لكن دانشمند أكثر تقشّفًا، وأقرب إلى النفس الصوفي.
2. "كونشيرتو قورينا إدواردو" لنجوى شتوان:
هناك تشابه واضح في البنية الغنائية للسرد، والميل إلى الكتابة التأملية الذاتية. لكن "دانشمند" أكثر اتساقًا في محور التوتر الداخلي، بينما تميل بركات إلى التشظي وتعدد الأصوات. من ناحية البنية، "دانشمند" أكثر انغلاقًا على بطلها، بينما "كونشيرتو" تتوسع على مستوى الشخصيات والزوايا.
3. "التانكي" لعالية ممدوح:
كلا الروايتين تضع المثقف في مواجهة السلطة، مع اختلاف جذري في السياق والتاريخ. "دانشمند" تنظر من عدسة الفكر الديني في العصور الكلاسيكية، و"التانكي" من عدسة النفي والمنفى والاغتراب السياسي. ومع ذلك، كلاهما يستخدم أداة الذاكرة والحنين والتأمل لتوليد المعنى.
---------------
دانشمند" تقف بين الروايات المؤهلة لأن تصبح علامة فارقة في الرواية المعرفية العربية. إنها قريبة من "سمرقند" لأمين معلوف من حيث الموضوع، لكنها أكثر تركيزًا وتأملًا. في وجه روايات البوكر، تقدم نموذجًا مختلفًا: أقل ميلًا للدراما الظاهرة، وأكثر انجذابًا للدراما الداخلية التي تقلب النفس رأسًا على عقب.
---------------
أسئلة للكاتب:
- في "دانشمند"، نقترب من الغزالي كإنسان يشتبك مع ذاته لا كرمز فقهي أو ديني. إلى أي مدى كنتَ تحاول تحرير الغزالي من صورة المؤسَّسة وتقديمه كـ"ضمير تائه"؟
- الرواية تمزج بين التاريخ والتخييل، كيف حسمت التوتر بين الأمانة التاريخية والحرية الفنية في رسم شخصية الغزالي؟ وهل خفت من أن يُساء فهم العمل كمحاولة لإعادة "تفسير" الرجل؟
-تظهر الرواية سؤال السلطة المعرفية والدينية: هل يستطيع المفكر أن يكون حرًا داخل المؤسسة؟ وهل كان الغزالي ـ في تصورك الروائي ـ ضحية منظومة أم شريكًا واعيًا فيها؟
- يلحّ في الرواية سؤال الشك والمعرفة واليقين. هل ترى الغزالي تجسيدًا لحالة المثقف العربي المعاصر؟ أم أن قلقه الوجودي هو حالة إنسانية تتجاوز السياق التاريخي؟
- كتبت الرواية بلغة مشبعة بروح التراث، دون أن تفقد حساسيتها الأدبية. كيف عملت على ضبط إيقاع اللغة بحيث لا تسقط في "ماضوية لغوية" تبتعد عن القارئ المعاصر؟
- ما دلالة اختيارك لعنوان "دانشمند" الفارسي بدلًا من عنوان عربي؟ وهل يعكس ذلك انحيازًا لهوية معرفية تجاوزت القُطر العربي؟
- الغزالي في نهاية الرواية لا يصل إلى يقين صلب بل إلى ما يشبه الرضا بـ"اللايقين المنير". هل توافق أن الرواية تنتهي على نوع من الصوفية الوجودية؟
-كثير من القضايا التي يناقشها الغزالي فكريًا في الرواية، مثل النفس، العدم، الإرادة، تعيدنا إلى قلب الفلسفة الغربية أيضًا. هل كنت تسعى لربط إرثه بما بعده؟ وهل ثمة مشروع للتأسيس لـ"رواية فلسفية إسلامية"؟
- كيف ترى موقع "دانشمند" داخل تيار الرواية العربية المعاصرة، خاصة في ظل حضور متزايد للرواية "التحليلية" أو "المعرفية" مقابل السرد الاجتماعي التقليدي؟
- لو طُلب منك كتابة "دانشمند" من جديد، ما الجزء الذي قد تعيد النظر فيه اليوم؟
- أسلوبك اللغوي يجمع بين الفصاحة والوجدانية، بين فكرانية عالية وشاعرية كامنة. هل ترى اللغة نفسها أداة فلسفية في الرواية؟ وهل كنت تكتب من موقع "المفكر الراوي" أم "الروائي المفكر"؟
-الغزالي في "دانشمند" يظهر مأزوماً بين العقل والإيمان، بين المنطق والحدس. هل تعتقد أن هذه الثنائية ما زالت قائمة في تجربتنا الفكرية المعاصرة؟ أم أن تجاوزها أصبح ممكنًا؟
منذ الصفحات الأولى، نواجه ذاتًا قلقة تُخاطب نفسها والعالم، ويتحوّل السرد من مجرد رصد لحياة الغزالي إلى تجربة داخلية فكرية وروحية، كأن الكاتب يستعير الغزالي ليحكي عن أزمة المثقف المعاصر، عن الغربة داخل السلطة، عن ضياع المعنى في زحمة الاجتهادات المتناقضة.
أسلوب السرد يغلب عليه النفس التأملي، تقاطع فيه الفصول بين حوارات داخلية ومشاهد خارجية، بأسلوب لغوي رفيع لكنه غير متكلّف. تتسرب الفلسفة في النسيج السردي من دون أن تتحول إلى "محاضرة"، وهذا تحدٍ نجح فيه الكاتب بجدارة. الشخصيات الأخرى، كأستاذ الغزالي وخصومه الفقهيين، مرسومة بشكل واضح كدعامات لحركته، لكنها لا تسرق الضوء من البطل، بل تعمّق صراعه الداخلي.
---------------------
مقارنة مع روايات من قائمة البوكر
1. "ما رأت زينة" لرشيد الضعيف :
الروايتان تشتركان في بنية التخييل السيري لشخصيات ذات طابع فلسفي/روحي. لكن بينما تختار "زينة" أن تحكي من زاوية معاصرة وبلغة يومية، "دانشمند" تتلبّس لغة التراث، وتتعمّق في الإحالات الدينية والفكرية. كلاهما يحاول إعادة تأويل الواقع من خلال الغوص في الروح، لكن دانشمند أكثر تقشّفًا، وأقرب إلى النفس الصوفي.
2. "كونشيرتو قورينا إدواردو" لنجوى شتوان:
هناك تشابه واضح في البنية الغنائية للسرد، والميل إلى الكتابة التأملية الذاتية. لكن "دانشمند" أكثر اتساقًا في محور التوتر الداخلي، بينما تميل بركات إلى التشظي وتعدد الأصوات. من ناحية البنية، "دانشمند" أكثر انغلاقًا على بطلها، بينما "كونشيرتو" تتوسع على مستوى الشخصيات والزوايا.
3. "التانكي" لعالية ممدوح:
كلا الروايتين تضع المثقف في مواجهة السلطة، مع اختلاف جذري في السياق والتاريخ. "دانشمند" تنظر من عدسة الفكر الديني في العصور الكلاسيكية، و"التانكي" من عدسة النفي والمنفى والاغتراب السياسي. ومع ذلك، كلاهما يستخدم أداة الذاكرة والحنين والتأمل لتوليد المعنى.
---------------
دانشمند" تقف بين الروايات المؤهلة لأن تصبح علامة فارقة في الرواية المعرفية العربية. إنها قريبة من "سمرقند" لأمين معلوف من حيث الموضوع، لكنها أكثر تركيزًا وتأملًا. في وجه روايات البوكر، تقدم نموذجًا مختلفًا: أقل ميلًا للدراما الظاهرة، وأكثر انجذابًا للدراما الداخلية التي تقلب النفس رأسًا على عقب.
---------------
أسئلة للكاتب:
- في "دانشمند"، نقترب من الغزالي كإنسان يشتبك مع ذاته لا كرمز فقهي أو ديني. إلى أي مدى كنتَ تحاول تحرير الغزالي من صورة المؤسَّسة وتقديمه كـ"ضمير تائه"؟
- الرواية تمزج بين التاريخ والتخييل، كيف حسمت التوتر بين الأمانة التاريخية والحرية الفنية في رسم شخصية الغزالي؟ وهل خفت من أن يُساء فهم العمل كمحاولة لإعادة "تفسير" الرجل؟
-تظهر الرواية سؤال السلطة المعرفية والدينية: هل يستطيع المفكر أن يكون حرًا داخل المؤسسة؟ وهل كان الغزالي ـ في تصورك الروائي ـ ضحية منظومة أم شريكًا واعيًا فيها؟
- يلحّ في الرواية سؤال الشك والمعرفة واليقين. هل ترى الغزالي تجسيدًا لحالة المثقف العربي المعاصر؟ أم أن قلقه الوجودي هو حالة إنسانية تتجاوز السياق التاريخي؟
- كتبت الرواية بلغة مشبعة بروح التراث، دون أن تفقد حساسيتها الأدبية. كيف عملت على ضبط إيقاع اللغة بحيث لا تسقط في "ماضوية لغوية" تبتعد عن القارئ المعاصر؟
- ما دلالة اختيارك لعنوان "دانشمند" الفارسي بدلًا من عنوان عربي؟ وهل يعكس ذلك انحيازًا لهوية معرفية تجاوزت القُطر العربي؟
- الغزالي في نهاية الرواية لا يصل إلى يقين صلب بل إلى ما يشبه الرضا بـ"اللايقين المنير". هل توافق أن الرواية تنتهي على نوع من الصوفية الوجودية؟
-كثير من القضايا التي يناقشها الغزالي فكريًا في الرواية، مثل النفس، العدم، الإرادة، تعيدنا إلى قلب الفلسفة الغربية أيضًا. هل كنت تسعى لربط إرثه بما بعده؟ وهل ثمة مشروع للتأسيس لـ"رواية فلسفية إسلامية"؟
- كيف ترى موقع "دانشمند" داخل تيار الرواية العربية المعاصرة، خاصة في ظل حضور متزايد للرواية "التحليلية" أو "المعرفية" مقابل السرد الاجتماعي التقليدي؟
- لو طُلب منك كتابة "دانشمند" من جديد، ما الجزء الذي قد تعيد النظر فيه اليوم؟
- أسلوبك اللغوي يجمع بين الفصاحة والوجدانية، بين فكرانية عالية وشاعرية كامنة. هل ترى اللغة نفسها أداة فلسفية في الرواية؟ وهل كنت تكتب من موقع "المفكر الراوي" أم "الروائي المفكر"؟
-الغزالي في "دانشمند" يظهر مأزوماً بين العقل والإيمان، بين المنطق والحدس. هل تعتقد أن هذه الثنائية ما زالت قائمة في تجربتنا الفكرية المعاصرة؟ أم أن تجاوزها أصبح ممكنًا؟
January 26, 2025
بدأت صرعة تأليف روايات تاريخية عن الصوفية والتصوف برواية قواعد العشق الأربعون لإيليف شافاق عن جلال الدين الرومي تلتها روايات أخرى مثل موت صغير لمحمد حسن علوان عن حياة ابن عربي وهو كتاب جميل ورواية حارس العشق الإلهي لأدهم العبودي عن شمس الدين التبريزي وغيرها لكن هذه الرواية هي أضعف ما قرأت في هذا المضمار ولا زلت لا أفهم كيف شقت طريقها لقائمة البوكر ... دانشمند هي تخيل سيرة ذاتية لحجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي تتناول حياته منذ مرحلة الطفولة حيث الفقر والعوز واليتم المبكر ثم مرحلة الدراسة والقرب من السلطة والسلطان حتى قرار الرحيل لاكتشاف الغاية الحقيقية من الحياة والتصوف وقد تخلل سيرته العديد من الأحداث السياسية الفارقة والإشارة لحسن الصباح قائد فرقة الحشاشين الباطنية ... الكتاب فعلا ممل والتفاصيل أكثر مما ينبغي وهي من نوعية التفاصيل التي لا تضيف للحدث أو الشخصية من حيث بناء الرواية وهيكلها بل هي ثرثرة فارغة بلا أي داعي يستعرض فيها الكاتب حصيلته اللغوية وقدرته السخيفة على الإتيان بألفاظ غريبة وصعبة وغير مألوفة إلى جانب الكلمات الفارسية التي لم يتحمل حتى عناء شرحها في الحواشي للقارئ بما فيها عنوان الرواية حيث تعني كلمة دانشمند العالم الأكبر والكاتب لو يوفق إطلاقا في خلق مسحة إنسانية لشخصية الغزالي بل جاء التكرار الرتيب هو صراعاته الداخلية وحجة محدثيه حول أهمية الانغماس في حياة المسلمين ومساعدتهم بدلاً عن العزلة وجاءت الأجزاء التاريخية هي أيضا جافة وسطحية جدا في تناولها من حيث الشخصيات أو الأحداث .... خسارة فقد كان الكات�� يمتلك مادة ثرية لكنه أضاعها بالتكرار والحكي بلا طائل ... قراءة طويلة ومرهقة وبصراحة لا أرشح الكتاب فهو وقت مهدر ومجهود ضائع
October 22, 2025
تغوص "دانشمند" في رحلة الإمام الغزالي من قمة المجد في بغداد السلجوقية إلى هاوية الشك الوجودي. هي ليست مجرد سيرة، بل تأمل عميق في صراع المثقف مع إغراءات السلطة، وتصوير لرحلة العقل المضنية بحثاً عن حقيقة لا تسعها الكتب. رواية رصينة للمهتمين بالأسئلة الوجودية الكبرى وعلاقة الروح بالمعرفة والسلطة.
يغمر أحمد فال الدين قارئه في روايته "دانشمند" بمناخ فكري وروحي كثيف، حيث لا تعود المدن مجرد جغرافيا، بل تصبح مسارح لصراعات الروح، وتتحول النقاشات الفلسفية إلى معارك شخصية يخوضها البطل ضد ظلال ذاته. إنها ليست رواية تاريخية بالمعنى التقليدي الذي يسرد وقائع عصر السلاجقة، بل هي غوص عميق في نفسٍ قلقة، نفس الإمام الغزالي، التي وجدت في قمة المجد الدنيوي أعمق شعور بالاغتراب، وفي اليقين العقلي بداية الشك الأعظم.
يستلهم الكاتب لغة السرد من روح العصر الذي يكتب عنه، فتأتي الجمل مشبعة بالجزالة، لكنها محملة بقلق حداثي الطابع. هي رحلة ارتحال دائم، ليس فقط بين نيسابور وبغداد وأصفهان، بل بين قناعات تتهاوى وأخرى تولد، وبين العقل الذي يبني صروحاً من المنطق والقلب الذي يتوق إلى حقيقة لا تُدرَك إلا بالكشف. إنها رواية عن ذلك "القيض الذي لا يعرف المرء سببه"، وعن البحث المضني عن معنى في عالم مضطرب بالسياسة والشكوك.
في قلب عصر السلاجقة المضطرب، تقتفي رواية "دانشمند" الأثر الفكري والروحي للشاب الطموح محمد الغزالي، منذ انطلاقته كطالب علم نابغ في نيسابور، مروراً بصعوده المذهل في بغداد كأحد أبرز علماء عصره تحت رعاية الوزير نظام الملك، وصولاً إلى أزمته الوجودية العاصفة التي دفعته إلى هجر المجد والمناصب بحثاً عن يقين لا تمنحه الكتب ولا قصور السلاطين.
لا تكمن القيمة الحقيقية لرواية "دانشمند" في سردها لأحداث تاريخية معروفة، بل في الشبكة المعقدة التي ينسجها الكاتب من اللغة والبنية والشخصيات، والتي تجعل من التاريخ مرآة للذات الإنسانية في بحثها الأبدي عن اليقين في عالم محكوم بالسلطة والشك.
يستخدم أحمد فال الدين لغة تمزج ببراعة بين الجزالة الكلاسيكية التي تليق بالفترة التاريخية، والتدفق السردي الحديث الذي يغوص في أعماق النفس البشرية. لغته ليست مجرد أداة لنقل الأحداث، بل هي بطل قائم بذاته، تعكس بدقتها وكثافتها الصراعات الداخلية للشخصية الرئيسية. نرى ذلك جلياً في قدرته على توظيف الصور البيانية التي تربط بين الحالة النفسية للغزالي والعالم الخارجي، فوصفه لمدينة نيسابور عند دخوله إليها أول مرة: "كان يشعر منذ الصباح بضيقٍ لا يعرف سببه"، ليس مجرد وصف لحالة عابرة، بل هو تأسيس لمناخ القلق الذي سيلازم رحلته بأكملها. هذه اللغة الشعرية الكثيفة تخدم الأبعاد الفكرية والروحية للشخصية، وتعكس صراعه بين برهان العقل ونداء القلب.
تعتمد الرواية على بنية سردية خطية ظاهرياً، تتبع رحلة الغزالي منذ صباه حتى أزمته الكبرى، لكنها في العمق بنية "الرواية-الرحلة" التي تجعل من الارتحال الجغرافي انعكاساً للارتحال الروحي. يستخدم الكاتب تقنية الراوي العليم الذي لا يكتفي بسرد الأحداث، بل يكشف العالم الداخلي للغزالي وتناقضاته، مبرزاً دوافعه الخفية التي قد لا يعيها البطل نفسه، مثل رغبته في الفوز بالمركز الثاني في المسابقة العلمية طمعاً في المال الذي سيساعد والدته، وليس المجد الذي يجلبه المركز الأول. يتغير الإيقاع الزمني للرواية بتغير مراحل حياة البطل؛ فهو سريع متلاحق في فترة صعوده السياسي والعلمي، ثم يتباطأ ليصبح تأملياً في فصول أزمته وشكوكه، مما يخدم ببراعة ثيمة التحولات الكبرى التي تشكل جوهر العمل.
تطرح الرواية إشكالية المعرفة بين اليقين العقلي الذي تمثله الفلسفة وعلم الكلام، والذي يبلغ به الغزالي ذروته، والكشف الروحي الذي يمثله التصوف، والذي يبدو له المهرب الوحيد من أزمة الشك، كما تطرح أيضا تحليلا عميق العلاقة المثقف بالسلطة، حيث يجد الغزالي نفسه جزءاً من لعبة سياسية أكبر منه بكثير، تضعه في قلب صراعات البلاط السلجوقي وتكاد تبتلعه.
كما تتجلى ثيمة الغربة على مستويين: غربة جسدية في ترحاله الدائم بين المدن، وغربة روحية أعمق، حيث يشعر بأنه غريب حتى في قمة مجده، مما يدفعه للبحث عن وطن حقيقي للروح.
لم تكن المدن في "دانشمند" مجرد خلفية للأحداث، بل كانت فضاءات رمزية تعكس المراحل النفسية والفكرية للبطل. نيسابور كانت فضاء الطموح العلمي والانطلاق، وبغداد كانت مسرح المجد والسلطة والسقوط في دوامة الشك، بينما طرق السفر الطويلة أصبحت فضاءً للتأمل والعزلة ومواجهة الذات. كما وظف الكاتب رمزية عميقة في بعض الأحداث، مثل مقتل الشيخ الصوفي الذي يهز يقين الغزالي حول جدوى الصلاح في عالم تحكمه القوة الغاشمة، ويدفعه للتساؤل: "فأيُّ يدٍ امتدت إلى ذلك الصوفي المنقطع لله؟". وكذلك شخصية الأحدب الذي يجسد بساطة الحقيقة الروحية في مقابل تعقيدات الفلسفة. كل هذه العناصر تتضافر لتخلق تجربة قراءة فريدة تتجاوز حدود الرواية التاريخية.
لا تترك "دانشمند" قارئها كما كان. إنها ليست مجرد سيرة روائية ممتعة، بل هي تجربة تأملية عميقة حول رحلة الإنسان الأزلية في البحث عن المعنى في عالم مضطرب بالسياسة والشكوك. تغادر الرواية وأنت محمّل بأسئلة أكثر من الإجابات، وهو دأب الأدب العظيم الذي لا يقدم حلولاً جاهزة، بل يفتح نوافذ الروح على أفق أوسع.
في النهاية، "دانشمند" هي عمل أدبيّ رصين ومُجزٍ للقارئ الصبور، يثبت قدرة الرواية العربية على خوض أعقد الأسئلة الفكرية والروحية بلغة فنية عالية، ويؤكد أن رحلة الشك، مهما كانت مؤلمة، قد تكون هي الطريق الوحيد إلى اليقين الحقيقي.
يغمر أحمد فال الدين قارئه في روايته "دانشمند" بمناخ فكري وروحي كثيف، حيث لا تعود المدن مجرد جغرافيا، بل تصبح مسارح لصراعات الروح، وتتحول النقاشات الفلسفية إلى معارك شخصية يخوضها البطل ضد ظلال ذاته. إنها ليست رواية تاريخية بالمعنى التقليدي الذي يسرد وقائع عصر السلاجقة، بل هي غوص عميق في نفسٍ قلقة، نفس الإمام الغزالي، التي وجدت في قمة المجد الدنيوي أعمق شعور بالاغتراب، وفي اليقين العقلي بداية الشك الأعظم.
يستلهم الكاتب لغة السرد من روح العصر الذي يكتب عنه، فتأتي الجمل مشبعة بالجزالة، لكنها محملة بقلق حداثي الطابع. هي رحلة ارتحال دائم، ليس فقط بين نيسابور وبغداد وأصفهان، بل بين قناعات تتهاوى وأخرى تولد، وبين العقل الذي يبني صروحاً من المنطق والقلب الذي يتوق إلى حقيقة لا تُدرَك إلا بالكشف. إنها رواية عن ذلك "القيض الذي لا يعرف المرء سببه"، وعن البحث المضني عن معنى في عالم مضطرب بالسياسة والشكوك.
في قلب عصر السلاجقة المضطرب، تقتفي رواية "دانشمند" الأثر الفكري والروحي للشاب الطموح محمد الغزالي، منذ انطلاقته كطالب علم نابغ في نيسابور، مروراً بصعوده المذهل في بغداد كأحد أبرز علماء عصره تحت رعاية الوزير نظام الملك، وصولاً إلى أزمته الوجودية العاصفة التي دفعته إلى هجر المجد والمناصب بحثاً عن يقين لا تمنحه الكتب ولا قصور السلاطين.
لا تكمن القيمة الحقيقية لرواية "دانشمند" في سردها لأحداث تاريخية معروفة، بل في الشبكة المعقدة التي ينسجها الكاتب من اللغة والبنية والشخصيات، والتي تجعل من التاريخ مرآة للذات الإنسانية في بحثها الأبدي عن اليقين في عالم محكوم بالسلطة والشك.
يستخدم أحمد فال الدين لغة تمزج ببراعة بين الجزالة الكلاسيكية التي تليق بالفترة التاريخية، والتدفق السردي الحديث الذي يغوص في أعماق النفس البشرية. لغته ليست مجرد أداة لنقل الأحداث، بل هي بطل قائم بذاته، تعكس بدقتها وكثافتها الصراعات الداخلية للشخصية الرئيسية. نرى ذلك جلياً في قدرته على توظيف الصور البيانية التي تربط بين الحالة النفسية للغزالي والعالم الخارجي، فوصفه لمدينة نيسابور عند دخوله إليها أول مرة: "كان يشعر منذ الصباح بضيقٍ لا يعرف سببه"، ليس مجرد وصف لحالة عابرة، بل هو تأسيس لمناخ القلق الذي سيلازم رحلته بأكملها. هذه اللغة الشعرية الكثيفة تخدم الأبعاد الفكرية والروحية للشخصية، وتعكس صراعه بين برهان العقل ونداء القلب.
تعتمد الرواية على بنية سردية خطية ظاهرياً، تتبع رحلة الغزالي منذ صباه حتى أزمته الكبرى، لكنها في العمق بنية "الرواية-الرحلة" التي تجعل من الارتحال الجغرافي انعكاساً للارتحال الروحي. يستخدم الكاتب تقنية الراوي العليم الذي لا يكتفي بسرد الأحداث، بل يكشف العالم الداخلي للغزالي وتناقضاته، مبرزاً دوافعه الخفية التي قد لا يعيها البطل نفسه، مثل رغبته في الفوز بالمركز الثاني في المسابقة العلمية طمعاً في المال الذي سيساعد والدته، وليس المجد الذي يجلبه المركز الأول. يتغير الإيقاع الزمني للرواية بتغير مراحل حياة البطل؛ فهو سريع متلاحق في فترة صعوده السياسي والعلمي، ثم يتباطأ ليصبح تأملياً في فصول أزمته وشكوكه، مما يخدم ببراعة ثيمة التحولات الكبرى التي تشكل جوهر العمل.
تطرح الرواية إشكالية المعرفة بين اليقين العقلي الذي تمثله الفلسفة وعلم الكلام، والذي يبلغ به الغزالي ذروته، والكشف الروحي الذي يمثله التصوف، والذي يبدو له المهرب الوحيد من أزمة الشك، كما تطرح أيضا تحليلا عميق العلاقة المثقف بالسلطة، حيث يجد الغزالي نفسه جزءاً من لعبة سياسية أكبر منه بكثير، تضعه في قلب صراعات البلاط السلجوقي وتكاد تبتلعه.
كما تتجلى ثيمة الغربة على مستويين: غربة جسدية في ترحاله الدائم بين المدن، وغربة روحية أعمق، حيث يشعر بأنه غريب حتى في قمة مجده، مما يدفعه للبحث عن وطن حقيقي للروح.
لم تكن المدن في "دانشمند" مجرد خلفية للأحداث، بل كانت فضاءات رمزية تعكس المراحل النفسية والفكرية للبطل. نيسابور كانت فضاء الطموح العلمي والانطلاق، وبغداد كانت مسرح المجد والسلطة والسقوط في دوامة الشك، بينما طرق السفر الطويلة أصبحت فضاءً للتأمل والعزلة ومواجهة الذات. كما وظف الكاتب رمزية عميقة في بعض الأحداث، مثل مقتل الشيخ الصوفي الذي يهز يقين الغزالي حول جدوى الصلاح في عالم تحكمه القوة الغاشمة، ويدفعه للتساؤل: "فأيُّ يدٍ امتدت إلى ذلك الصوفي المنقطع لله؟". وكذلك شخصية الأحدب الذي يجسد بساطة الحقيقة الروحية في مقابل تعقيدات الفلسفة. كل هذه العناصر تتضافر لتخلق تجربة قراءة فريدة تتجاوز حدود الرواية التاريخية.
لا تترك "دانشمند" قارئها كما كان. إنها ليست مجرد سيرة روائية ممتعة، بل هي تجربة تأملية عميقة حول رحلة الإنسان الأزلية في البحث عن المعنى في عالم مضطرب بالسياسة والشكوك. تغادر الرواية وأنت محمّل بأسئلة أكثر من الإجابات، وهو دأب الأدب العظيم الذي لا يقدم حلولاً جاهزة، بل يفتح نوافذ الروح على أفق أوسع.
في النهاية، "دانشمند" هي عمل أدبيّ رصين ومُجزٍ للقارئ الصبور، يثبت قدرة الرواية العربية على خوض أعقد الأسئلة الفكرية والروحية بلغة فنية عالية، ويؤكد أن رحلة الشك، مهما كانت مؤلمة، قد تكون هي الطريق الوحيد إلى اليقين الحقيقي.
October 14, 2024
هي رواية متكاملة متقنة، سيرة عذبة مسبوكة في إطار روائي ساحر، ولغة جليلة بنت زمن وعصر الأحداث فعلا، كأنك دخلت بوابة زمنية ورافقت الغزالي في رحلته الفريدة،
لا والله، رواية رايقة فعلا، رحلة ثرية وممتعة وفي نفس الوقت بتجذبك لمساحات اشتباك مختلفة.
اقرأوها حيث ثقفتموها طبعا.
لا والله، رواية رايقة فعلا، رحلة ثرية وممتعة وفي نفس الوقت بتجذبك لمساحات اشتباك مختلفة.
اقرأوها حيث ثقفتموها طبعا.
July 24, 2025
الغزالي واحد من أكثر العقول عبقرية على الإطلاق.
كل كلمة بقرأها له بتكيفني، بحس إن دماغي بتزهر وتعمَر
بحس إني بستخدم مخدرات حلال وتأثيرها دائم
دماغه متكلفة بدرجة مرعبة، وفاهم الإنسان بعمق.
والرواية دي المفروض عنه، عن الشخصية اللي مافيش منها دي، وهي رواية مكتوبة حلو جدا ولكنها مش عن الغزالي قد ما هي عن عصره.
جهلي بحياة الغزالي ما قلش بعد ما خلصت الرواية، مش حاسس إني اتعرفت عليه أو قرّبت منه أكتر أو حتى بقى مألوف بالنسبالي.
دي حتى مش رحلته، بل لمحات من حياته لا تشبع نهمي لشخص في تميز الغزالي، اللي هو casually كده: حجة الإسلام.
كل كلمة بقرأها له بتكيفني، بحس إن دماغي بتزهر وتعمَر
بحس إني بستخدم مخدرات حلال وتأثيرها دائم
دماغه متكلفة بدرجة مرعبة، وفاهم الإنسان بعمق.
والرواية دي المفروض عنه، عن الشخصية اللي مافيش منها دي، وهي رواية مكتوبة حلو جدا ولكنها مش عن الغزالي قد ما هي عن عصره.
جهلي بحياة الغزالي ما قلش بعد ما خلصت الرواية، مش حاسس إني اتعرفت عليه أو قرّبت منه أكتر أو حتى بقى مألوف بالنسبالي.
دي حتى مش رحلته، بل لمحات من حياته لا تشبع نهمي لشخص في تميز الغزالي، اللي هو casually كده: حجة الإسلام.
January 23, 2025
رواية تستند على سيرة الغزالي عبر مراحل عمرية مختلفة عرفت تقلبات سياسية و اجتماعية لمجتمعه و كذلك تقلبات النفسية و نضجه الفكري.
September 22, 2025
اقول اي ولا اي؟
عن جمال الوصف ولا عبقرية الغزالي
عن دقة حواسه و عُمق عينيه
عن الشخص الي حواليه
عن حسرة القدس و وجع القلب وما اشبه الليلة بالبارحة!
عن قلب ورع يعد الانفاس خشية من الله؟
عن الباطنية الإسماعيلية المشوهيين
عن الحكام زمان كانو بيصومو و بيجاهدو و بينصفو الضعيف!
يا الله احنا بعدنا... بعدنا اوي....
الكتاب مذهل و تقراه مرة و اتنين وعشرة لعل النفس تطمح تبقى زي العمالقة دول
والسلام على شيخ العلماء حجة الإسلام دانشمند...
كلاكيت تاني مرة😄
انا كنت بقرا بشكل دايم أحياء علوم الدين ف الكلية و كنت بحب و بستغرب درجة السمو والعفو والزهد الي كان فيه و لما قريت الرواية و بخاصة بدايتها استغربت انو دا نفس الشخص الي كتبها
كان فعلا لازم الرحلة الروحية دي ليطلع الي النور السلسلة دي
شخصية عملاقة و لغة جزِلة قوية فصيحة رقيقة
القدس ووجع القلب عليها! الباطنية و انا فعليا مكنتش اعرف عنهم شي و اد اي كانو خطر ولا زالوا
كتاب مهم.. مهم لقراية كتب الغزالي
مهم لتاريخ الحروب الصليبية
مهم لتاريخ المِلل و الأحزاب
ممكن يكون كلامي متبعتر بس فعليا تجربة ثرية جدا وممتعة فوق الوصف🌟🌟🌟
عن جمال الوصف ولا عبقرية الغزالي
عن دقة حواسه و عُمق عينيه
عن الشخص الي حواليه
عن حسرة القدس و وجع القلب وما اشبه الليلة بالبارحة!
عن قلب ورع يعد الانفاس خشية من الله؟
عن الباطنية الإسماعيلية المشوهيين
عن الحكام زمان كانو بيصومو و بيجاهدو و بينصفو الضعيف!
يا الله احنا بعدنا... بعدنا اوي....
الكتاب مذهل و تقراه مرة و اتنين وعشرة لعل النفس تطمح تبقى زي العمالقة دول
والسلام على شيخ العلماء حجة الإسلام دانشمند...
كلاكيت تاني مرة😄
انا كنت بقرا بشكل دايم أحياء علوم الدين ف الكلية و كنت بحب و بستغرب درجة السمو والعفو والزهد الي كان فيه و لما قريت الرواية و بخاصة بدايتها استغربت انو دا نفس الشخص الي كتبها
كان فعلا لازم الرحلة الروحية دي ليطلع الي النور السلسلة دي
شخصية عملاقة و لغة جزِلة قوية فصيحة رقيقة
القدس ووجع القلب عليها! الباطنية و انا فعليا مكنتش اعرف عنهم شي و اد اي كانو خطر ولا زالوا
كتاب مهم.. مهم لقراية كتب الغزالي
مهم لتاريخ الحروب الصليبية
مهم لتاريخ المِلل و الأحزاب
ممكن يكون كلامي متبعتر بس فعليا تجربة ثرية جدا وممتعة فوق الوصف🌟🌟🌟
January 20, 2025
مراجعة رواية #دانشمند للكاتب #احمد_فال_ولد_الدين 📝 :
المرشحة
#القائمة_الطويلة_لجائزة_البوكر_العربية_2025
عمل ،فخم ،بارع،متقن ويدلّ كسابقه من اعمال الروائي على بحث ونبش معمقّين في التّاريخ والحقبة الزمنيّة المعنيّة بكلّ ظواهرها من سياسة وإقتصادية وإجتماعية ودينية.
كُتِبت"دانشمند"بكل سلاسة و بلغة عربيّة ساحرة وغاية في الجمال.
نجح الكاتب في جعل بنائه السّردي يجمع ما بين الدقّة والإلمام الواسع في التّاريخ والتفنّن في إطلاق العنان لخياله الادبيّ.جعل القارئ ينتقل ويتنقّل إلى قلب الاحداث والاجواء والتّفاصيل التّي عاشتها الشخصيّة الرئيسيّة.
📝رواية تاريخيّة عظيمة تروي لنا سيرة احد أبرز الشخصيّات التاريخيّة لكنها رواية لا تخلو من ابعاد فلسفية ،وجوديّة،سياسية وإجتماعية.
"دانشمند" إنّما هي إلاّ مفردة فارسية تعني"العالِم" باللغة العربية. وهي تشير إلى شخص ذي مستوى راق ورفيع من العلم والفكر و الذي يمتلك معرفة واسعة وعميقة في مجال معين، وبالتّحديد في مجالات العلوم أو الفلسفة أو الأدب.
وبالتّالي فإنّ العنوان كالعادة مُختار بذكاء ليجلب القارئ كما هو الشّأن بالرواية التّي سبقتها "الحدقي".
📝دانشمند الرواية هو أحد اعظم العلماء والفلاسفة والفقهاء وخاصّة المتصوّفة في تاريخ الإسلام والعمل إنّما هو سيرة الإمام الغزالي الملقّب ب'حجّة الإسلام'، هو سيرة أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي الطوسّي ،هي العالم الصوفيّ،شيخ الشافعيةوالاشاعرة،النيسابوري.
نسج الكاتب الموريتاني رواية تدمج بين الواقع والتخيل.فقدّم لنا شخصية "الإمام الغزالي" وجعلها حية تتنفس في إطار زمني محكم.وصف لنا الشخصيّة بكلّ جوانبها وتفاعلاتها مع محيطها فاضفى على الرّواية طابعا إستثنائيا ومؤثّرا.
سنعيش معه مراحل حياته وأهمّ محطاتّها، رحلة طويلة ودرب حافل وحياة مشحونة بالتقلّبات تجعلّك منبهرا بمسيرة هذا الرّجل العظيم الذّي خُلّد إسمُه في التّاريخ،لكن الرواية لا تتوقّف عند الإمام الغزالي بل هي ثريّة في جوانب أخرى حيث تدرسُ العديد من قضايا ذلك العصر(القرن الخامس هجري)وتَبسطُها لنا لتجعلك لا إراديّا كقارئ تقارن بين الحاضر والماضي.ففال ولد الدين نبش بطريقة ذكيّة في مسائل عميقةووجوديّة لا زالت موجودة بزمننا.
رحلة عظيمة سيجعلنا الكاتب نرحلها مع الإمام الغزالي من خراسان إلى نيسابور ،إلى بغداد،إلى الشام ،إلى دمشق وإلى بلاد المقدس.
📝صبيّ من أسرة فارسيّة،يتيم الاب،يعيش مع والدته المحبّة واخيه الوحيد في الطابران بخراسان.طفل ذكيّ ،نابغة،قويّ الذّاكرة،حديد الفهم ،متفوّق على اترابه
تمكّن من الفوز في مسابقة جعلته يلتحق بالمدرسة النظاميّة النيسابوريّة حيث تلقّى تعليمه و تحصّل على علوم جمّة.تتلمذ على يد أبو المعالي الجويني وأبي علي الفارمذي وحضر مجالس هذين السّيخين الحكيمين.
عاصر نظام الملك ،ذلك الوزير الفذّ الذي كان حينها في عقده الثامن وكان من المقربيّن إليه إذ أنّ النظام كان سببا في إرساله إلى بغداد لربّما ينهي بتعليمه وحكمته في النظاميّة الحروب الشّرسة والداميّة التّي تشنّها الباطنيّة.فقد سعت دولة السلطان المشرق والمغرب ملكشاه ،سلطان السلجوقيّة إلى دحر الباطنيّة والروميّة والشّيعة.
نتعرّف على محيطه الضيّق وكان من اهم اصدقائه النّبهاني. نجد شخصيّات اخرى أثّرت في حياته كعلي الشيرازي وعبيد الموسوس ،الشيخ الهمذاني وهو شيخ الحنفيّة والمعتزلة،الشيخ الرميلي بالقدس وعائشة الشيرازية وغيرهم.عاصر السلاجقة والحروب الصليبيّة وغيرها من الفتن
رجل مميّز بعرفانه وقوّة حجّته وقوّة بصيرته وفلسفته وإجتهاده.رجل من اهل الجدل والمنطق والفقه.
نتعرّف على فلسفته ورؤيته للامور والمسائل الفقهيّة والدينيّة ولنظرته للمذاهب،نعيش معه تساؤلاته الوجوديّة وإجتهاداته في التفاسير وتمكنّه من الحجج والبراهين.
وقد كانت أقوى المقاطع في الرواية تلك المناظرات بين الشّيوخ وكيفيّة الدفاع عن حججهم.
نشهد على إنشغال الغزالي تدريجيا بأسئلة وجودية على اسس المنطق والاصول،على خلق الكون وخالقه،على الازلية،على قدم العالم وحداثته،على سبب خلق الكون،عن النبوة،على الحواس،بحثه في كتب افلاطون واروسطو وإبن سينا والفرابي..
نشهد التحديات الروحية والفكرية التي عاشها،
الدوافع التي قادت للإبتعاد عن الحياة الدنيوية،إمتحان نفسه على الصمود، والتفرغ للبحث عن الحقيقة وإدراك اليقين ومن ثمة واعتزاله الحياة العامة ليعيش في وحدة ويتفرغ للعبادة والتأمل وبالتّالي للتصوفّ.
نتعرّف على مؤلفاته و كتبه العديدة في الفقه والفلسفة والتصوف وخاصّة في إحياء علوم الدين والدعوة.
رحلة شاقة وطويلة بين الشكٌ واليقين.
📝الرّواية تنقل لنا بدقّة تلك الصّراعات الدينيّة والعقائديّة والطائفيّة وصراعات المذاهب والمِلل والفرق ،صراعات بين الشافعيّة والحنفيّة في جميع المسائل كالأوقاف والثّروات والمساجد والقرب من السّلاطين،صراعات بين الباطنيّة والشيعة،بين الفرنجة الصليبيين والمسلمين
إنتشار الإلحاد ورواج التّاويلات في الدّين وفي القرآن وإنقسام اهل السنّة بين شافعيّة وحنفيّة ومالكيّة واشعريّة وكراميّة وباطنيّة،مجالس الإسماعليّة ودعاة الإسماعيليّة.إذ تنقل لنا الرواية تغلغل وإنتشار الباطنيّة التّي يقودها حسن الصبّاح.
اصبح لكلّ طائفة إمام وجماعة في زاوية من زوايا المسجد وأصبح الناس لا يصلّون في مسجد واحد.
ينقل لنا مشهد جماعة الصوفيّة ومجالسهم وقواعدهم وأفكارهم في التعكّف والعزلة والعقاب و الإبتعاد عن مشاغل الدّنيا كالزّهو والشّهوة والنّسوة والاكل الكثير والمال واللباس الجيّد ...
📝 الصّراعات السياسيّة وتفكك الخلافةوتعدّد الولايات وحاكميها، سيطرة ملوك الطوائف
تذخّل النساء في السيّاسة كشخصيّة 'تركان خاتون'زوجة ملكشاه وتاثيرها في الحكم.
يصوّر لنا الدسائس السياسية والمؤامرات والفتن والتشبث بالحكم والكراسي وصراع الإخوة من اجل الحكم، حب المجد والقوّة، الجشع والطمع في النّفوذ.
نشهد على حضارات مختلفة من فرس وعرب واعراب وعباسيين وفاطميبن وأتراك وفرنجة...
📝الرواية لا تخلو من موضيع اخرى كالحبّ والصّداقة،الوفاء،الولاء،الخيانة،الغدر،الحسد والتسابق لنيل المناصب ورضا اصحاب السٌلطة.
📝البناء السردي وتقسيم الفصول كان متقنا وقد إستعمل فال الدين اللغة الفارسيّة مما اضفى جمالا على الرّواية ونقل لنا اجواءا جميلة لبيئة ذلك العصر بتفاصيله فغدى القارئ يحوم مستمتعا في كلّ تلك الاماكن ببناءاتها وأسواقها ومساجدها وديارها وطرقها.
إضافة إلى تلك الرموز والشخصيات التاريخية التي يستهل فصول روايته بإقتباسات منهم كإبن خلدون،جلال الدين الرومي،ابو بكر العربي،أبو نواس...
احببت جدّا في الرواية رحلة الإمام الغزالي وتأملاّته في بيت المقدس وكيف أنّ نهاية الرواية كانت حسب رأيي رسالة عن هذا المكان المقدّس الذّي يبقى رمزا في تاريخنا .
بدى لي أيضا ذكر الكاتب أبو بكر العربي كتلميذ الغزالي يرمز لتواصل هذا الرّمز وفكره عبر الزّمن.
📝يبدو انّ الكاتب الموريتاني نقل لنا العديد من الرّسائل المشفّرة في مسائل عدّة.بالتمعّن فإنّ سيرة الغزالي ،هي سيرة الإنسان والفرد وسيرتنا نحن في البحث عن أنفسنا وهويّتنا،سيرتنا في البحث عن معنى الحياة ومعنى الوجود،عن الحياة والموت ،سيرة الإنسان في وقوفه على عبثيّة الحياة ومغزاها.
📝رواية عن سيرة الامم وتاريخها وتكوينها،عن الصّراعات الأزليّة بين البشر،عن شرور الإنسان،عن الخير والشرّ،عن كلّ ما يمثّلنا .
📝رواية تحتفي بالفلسفة والعلم والإجتهاد ،فالعلم هو الوسيلة وهو السبيل الارقى للنّهوض بالامم وبامّتنا.
في نهاية المطاف التّاريخ يعيد نفسه ما لم يسعى الفرد للإجتهاد وطلب العلم وجعله يرقى به نحو الافضل.
عمل عظيم ورائع واعيد الإشارة إلى اللغة العذبة والراقية.عمل لن انفكّ عن ترشيحه ومتاكّدة من وصوله إلى القائمة القصيرة للبوكر.
#Mauritanie
#novel #l #littérature #literature
#lecture #lecteur #bookstagram #booknerd #booklover #bookish #explore
#قراءة #كتاب #مطالعة #دراسة
#إكسبلور #موريتانيا
-
المرشحة
#القائمة_الطويلة_لجائزة_البوكر_العربية_2025
عمل ،فخم ،بارع،متقن ويدلّ كسابقه من اعمال الروائي على بحث ونبش معمقّين في التّاريخ والحقبة الزمنيّة المعنيّة بكلّ ظواهرها من سياسة وإقتصادية وإجتماعية ودينية.
كُتِبت"دانشمند"بكل سلاسة و بلغة عربيّة ساحرة وغاية في الجمال.
نجح الكاتب في جعل بنائه السّردي يجمع ما بين الدقّة والإلمام الواسع في التّاريخ والتفنّن في إطلاق العنان لخياله الادبيّ.جعل القارئ ينتقل ويتنقّل إلى قلب الاحداث والاجواء والتّفاصيل التّي عاشتها الشخصيّة الرئيسيّة.
📝رواية تاريخيّة عظيمة تروي لنا سيرة احد أبرز الشخصيّات التاريخيّة لكنها رواية لا تخلو من ابعاد فلسفية ،وجوديّة،سياسية وإجتماعية.
"دانشمند" إنّما هي إلاّ مفردة فارسية تعني"العالِم" باللغة العربية. وهي تشير إلى شخص ذي مستوى راق ورفيع من العلم والفكر و الذي يمتلك معرفة واسعة وعميقة في مجال معين، وبالتّحديد في مجالات العلوم أو الفلسفة أو الأدب.
وبالتّالي فإنّ العنوان كالعادة مُختار بذكاء ليجلب القارئ كما هو الشّأن بالرواية التّي سبقتها "الحدقي".
📝دانشمند الرواية هو أحد اعظم العلماء والفلاسفة والفقهاء وخاصّة المتصوّفة في تاريخ الإسلام والعمل إنّما هو سيرة الإمام الغزالي الملقّب ب'حجّة الإسلام'، هو سيرة أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي الطوسّي ،هي العالم الصوفيّ،شيخ الشافعيةوالاشاعرة،النيسابوري.
نسج الكاتب الموريتاني رواية تدمج بين الواقع والتخيل.فقدّم لنا شخصية "الإمام الغزالي" وجعلها حية تتنفس في إطار زمني محكم.وصف لنا الشخصيّة بكلّ جوانبها وتفاعلاتها مع محيطها فاضفى على الرّواية طابعا إستثنائيا ومؤثّرا.
سنعيش معه مراحل حياته وأهمّ محطاتّها، رحلة طويلة ودرب حافل وحياة مشحونة بالتقلّبات تجعلّك منبهرا بمسيرة هذا الرّجل العظيم الذّي خُلّد إسمُه في التّاريخ،لكن الرواية لا تتوقّف عند الإمام الغزالي بل هي ثريّة في جوانب أخرى حيث تدرسُ العديد من قضايا ذلك العصر(القرن الخامس هجري)وتَبسطُها لنا لتجعلك لا إراديّا كقارئ تقارن بين الحاضر والماضي.ففال ولد الدين نبش بطريقة ذكيّة في مسائل عميقةووجوديّة لا زالت موجودة بزمننا.
رحلة عظيمة سيجعلنا الكاتب نرحلها مع الإمام الغزالي من خراسان إلى نيسابور ،إلى بغداد،إلى الشام ،إلى دمشق وإلى بلاد المقدس.
📝صبيّ من أسرة فارسيّة،يتيم الاب،يعيش مع والدته المحبّة واخيه الوحيد في الطابران بخراسان.طفل ذكيّ ،نابغة،قويّ الذّاكرة،حديد الفهم ،متفوّق على اترابه
تمكّن من الفوز في مسابقة جعلته يلتحق بالمدرسة النظاميّة النيسابوريّة حيث تلقّى تعليمه و تحصّل على علوم جمّة.تتلمذ على يد أبو المعالي الجويني وأبي علي الفارمذي وحضر مجالس هذين السّيخين الحكيمين.
عاصر نظام الملك ،ذلك الوزير الفذّ الذي كان حينها في عقده الثامن وكان من المقربيّن إليه إذ أنّ النظام كان سببا في إرساله إلى بغداد لربّما ينهي بتعليمه وحكمته في النظاميّة الحروب الشّرسة والداميّة التّي تشنّها الباطنيّة.فقد سعت دولة السلطان المشرق والمغرب ملكشاه ،سلطان السلجوقيّة إلى دحر الباطنيّة والروميّة والشّيعة.
نتعرّف على محيطه الضيّق وكان من اهم اصدقائه النّبهاني. نجد شخصيّات اخرى أثّرت في حياته كعلي الشيرازي وعبيد الموسوس ،الشيخ الهمذاني وهو شيخ الحنفيّة والمعتزلة،الشيخ الرميلي بالقدس وعائشة الشيرازية وغيرهم.عاصر السلاجقة والحروب الصليبيّة وغيرها من الفتن
رجل مميّز بعرفانه وقوّة حجّته وقوّة بصيرته وفلسفته وإجتهاده.رجل من اهل الجدل والمنطق والفقه.
نتعرّف على فلسفته ورؤيته للامور والمسائل الفقهيّة والدينيّة ولنظرته للمذاهب،نعيش معه تساؤلاته الوجوديّة وإجتهاداته في التفاسير وتمكنّه من الحجج والبراهين.
وقد كانت أقوى المقاطع في الرواية تلك المناظرات بين الشّيوخ وكيفيّة الدفاع عن حججهم.
نشهد على إنشغال الغزالي تدريجيا بأسئلة وجودية على اسس المنطق والاصول،على خلق الكون وخالقه،على الازلية،على قدم العالم وحداثته،على سبب خلق الكون،عن النبوة،على الحواس،بحثه في كتب افلاطون واروسطو وإبن سينا والفرابي..
نشهد التحديات الروحية والفكرية التي عاشها،
الدوافع التي قادت للإبتعاد عن الحياة الدنيوية،إمتحان نفسه على الصمود، والتفرغ للبحث عن الحقيقة وإدراك اليقين ومن ثمة واعتزاله الحياة العامة ليعيش في وحدة ويتفرغ للعبادة والتأمل وبالتّالي للتصوفّ.
نتعرّف على مؤلفاته و كتبه العديدة في الفقه والفلسفة والتصوف وخاصّة في إحياء علوم الدين والدعوة.
رحلة شاقة وطويلة بين الشكٌ واليقين.
📝الرّواية تنقل لنا بدقّة تلك الصّراعات الدينيّة والعقائديّة والطائفيّة وصراعات المذاهب والمِلل والفرق ،صراعات بين الشافعيّة والحنفيّة في جميع المسائل كالأوقاف والثّروات والمساجد والقرب من السّلاطين،صراعات بين الباطنيّة والشيعة،بين الفرنجة الصليبيين والمسلمين
إنتشار الإلحاد ورواج التّاويلات في الدّين وفي القرآن وإنقسام اهل السنّة بين شافعيّة وحنفيّة ومالكيّة واشعريّة وكراميّة وباطنيّة،مجالس الإسماعليّة ودعاة الإسماعيليّة.إذ تنقل لنا الرواية تغلغل وإنتشار الباطنيّة التّي يقودها حسن الصبّاح.
اصبح لكلّ طائفة إمام وجماعة في زاوية من زوايا المسجد وأصبح الناس لا يصلّون في مسجد واحد.
ينقل لنا مشهد جماعة الصوفيّة ومجالسهم وقواعدهم وأفكارهم في التعكّف والعزلة والعقاب و الإبتعاد عن مشاغل الدّنيا كالزّهو والشّهوة والنّسوة والاكل الكثير والمال واللباس الجيّد ...
📝 الصّراعات السياسيّة وتفكك الخلافةوتعدّد الولايات وحاكميها، سيطرة ملوك الطوائف
تذخّل النساء في السيّاسة كشخصيّة 'تركان خاتون'زوجة ملكشاه وتاثيرها في الحكم.
يصوّر لنا الدسائس السياسية والمؤامرات والفتن والتشبث بالحكم والكراسي وصراع الإخوة من اجل الحكم، حب المجد والقوّة، الجشع والطمع في النّفوذ.
نشهد على حضارات مختلفة من فرس وعرب واعراب وعباسيين وفاطميبن وأتراك وفرنجة...
📝الرواية لا تخلو من موضيع اخرى كالحبّ والصّداقة،الوفاء،الولاء،الخيانة،الغدر،الحسد والتسابق لنيل المناصب ورضا اصحاب السٌلطة.
📝البناء السردي وتقسيم الفصول كان متقنا وقد إستعمل فال الدين اللغة الفارسيّة مما اضفى جمالا على الرّواية ونقل لنا اجواءا جميلة لبيئة ذلك العصر بتفاصيله فغدى القارئ يحوم مستمتعا في كلّ تلك الاماكن ببناءاتها وأسواقها ومساجدها وديارها وطرقها.
إضافة إلى تلك الرموز والشخصيات التاريخية التي يستهل فصول روايته بإقتباسات منهم كإبن خلدون،جلال الدين الرومي،ابو بكر العربي،أبو نواس...
احببت جدّا في الرواية رحلة الإمام الغزالي وتأملاّته في بيت المقدس وكيف أنّ نهاية الرواية كانت حسب رأيي رسالة عن هذا المكان المقدّس الذّي يبقى رمزا في تاريخنا .
بدى لي أيضا ذكر الكاتب أبو بكر العربي كتلميذ الغزالي يرمز لتواصل هذا الرّمز وفكره عبر الزّمن.
📝يبدو انّ الكاتب الموريتاني نقل لنا العديد من الرّسائل المشفّرة في مسائل عدّة.بالتمعّن فإنّ سيرة الغزالي ،هي سيرة الإنسان والفرد وسيرتنا نحن في البحث عن أنفسنا وهويّتنا،سيرتنا في البحث عن معنى الحياة ومعنى الوجود،عن الحياة والموت ،سيرة الإنسان في وقوفه على عبثيّة الحياة ومغزاها.
📝رواية عن سيرة الامم وتاريخها وتكوينها،عن الصّراعات الأزليّة بين البشر،عن شرور الإنسان،عن الخير والشرّ،عن كلّ ما يمثّلنا .
📝رواية تحتفي بالفلسفة والعلم والإجتهاد ،فالعلم هو الوسيلة وهو السبيل الارقى للنّهوض بالامم وبامّتنا.
في نهاية المطاف التّاريخ يعيد نفسه ما لم يسعى الفرد للإجتهاد وطلب العلم وجعله يرقى به نحو الافضل.
عمل عظيم ورائع واعيد الإشارة إلى اللغة العذبة والراقية.عمل لن انفكّ عن ترشيحه ومتاكّدة من وصوله إلى القائمة القصيرة للبوكر.
#Mauritanie
#novel #l #littérature #literature
#lecture #lecteur #bookstagram #booknerd #booklover #bookish #explore
#قراءة #كتاب #مطالعة #دراسة
#إكسبلور #موريتانيا
-
Read
September 8, 2025انتهيت لتوى من رواية دانشمند البالغه 636 صفحه ، بعد اقبال بنهم شديد عليها ، فأنهيتها فى ثلاثة أيام أو أربع على أقصى تقدير .
وقد أصابني فتور وخمول تجاه القراءه فقد تركتها منذ وقت بعيد ، وحين أصاب بمثل هذه الحاله لا أعود بنهم إلى القراءه إلا عن طريق التعرض لعمل عظيم ، وهى بالفعل كذلك .
أما عن الرواية فهى عن الإمام محمد الغزالى " أبو حامد" حجة الإسلام الذى عرفته من قبل بكتاب الإحياء ولم أقرأه ولم أقتنيه بعد !
ولكن أصابني الذهول عن سيرة هذا الرجل الحجة من يومه ، وتقلب أحواله ، وكيف حصل على كل شئ من الدنيا فحصل العلم والجاه والمال والمنزله العاليه عن الخليفه والأمراء.، حتى أنه كان يتوسط بينهم ، عقل لا يضاهيه عقل ، فى علم الكلام والفلسفه ، ولكن أين قلبه من هذا !!
قلب تائه وعقل سديد ، ولكن يصبح العقل الرشيد الحجة هذا مشتت وممزق وشاكك أصلا فى الدين ، وهو حجة الدين وشارح علومه ومبين أصوله ، حتى يصيبه التعب فيقرر أن يهاجر إلى الله ، وتبدأ رحله جديده فى حياته يهتم فيها بإحياء قلبه ويهتم بإحياء القلوب التى ماتت وانشغلت عن الله ، حتى بالعلم !
يهاجر ويشد على نفسه ، وبعد أن كان هذا الرجل الذى يلبس أفخر الثياب ويضع أطيب العطر ، يتخفف من كل أعباء الدنيا وكل ما يتعلق بها ، وكل ما له هوى بها حتى الكتب والورق ، فى رحلة طويلة من تأديب النفس وتربيتها ، ثم العوده للتدريس ولكن فى إحياء القلوب وإعمالها ، ويشرع فى تأليف كتاب إحياء علوم الدين وشرحه فى كل بلد وطأها ، فقد كانت البيئه وقتها صراع مذهبي شديد بين المذاهب يصل أنهم يتقاتلون !
اما عن الروايه وأسلوبها ، فلم أتخيل يوما أن تأسرنى سيره ذاتيه بمثل هذا وأن تشدني ، فلا أستطيع الفكاك منها ، وأريد أن أنهيها ولا أتركها حتى انهيها فكانت فصولها بمثابة الحلقات توصل بعضها بعضا فلا تستطيع أن تنهي فصلا حتى تجد نفسك افتتحت الآخر ، ولم تغفل الروايه الأحداث السياسيه والتاريخيه فى ذلك الوقت ويكأن تعيش تلك الفتره بكل أخبارها ولكن بمصاحبة الإمام ..
هامش
فى آخر الروايه ظهرت أحداث دخول الصليبين بيت المقدس وكيف قتلوا الأطفال والنساء وكيف سالت دماء طاهره محتميه بالمسجد داخل المسجد !
وشعرت بغصه وألم شديدين كأنى أعيش الأحداث ولكنى تذكرت غزه اليوم وكيف يموتون كل يوم بالقصف وان لم يكن بالقصف ورصاص الصهاينه فبالجوع فتألمت ألما على ألمى ، وعلى حالنا وأنه من المفترض اننا أمة واحده " وأن أمتكم هذه أمة واحده" ولكنى أراها ممزقه مشتته منصرف كل واحد لنفسه ومنصرف عن نصرة الدين ونصرة إخوته ، وفواألماه !
هامش
لا حرمنا الله من القراءة ولا من حب القراءة ، ولا من البعد والغيبه عنها .
وقد أصابني فتور وخمول تجاه القراءه فقد تركتها منذ وقت بعيد ، وحين أصاب بمثل هذه الحاله لا أعود بنهم إلى القراءه إلا عن طريق التعرض لعمل عظيم ، وهى بالفعل كذلك .
أما عن الرواية فهى عن الإمام محمد الغزالى " أبو حامد" حجة الإسلام الذى عرفته من قبل بكتاب الإحياء ولم أقرأه ولم أقتنيه بعد !
ولكن أصابني الذهول عن سيرة هذا الرجل الحجة من يومه ، وتقلب أحواله ، وكيف حصل على كل شئ من الدنيا فحصل العلم والجاه والمال والمنزله العاليه عن الخليفه والأمراء.، حتى أنه كان يتوسط بينهم ، عقل لا يضاهيه عقل ، فى علم الكلام والفلسفه ، ولكن أين قلبه من هذا !!
قلب تائه وعقل سديد ، ولكن يصبح العقل الرشيد الحجة هذا مشتت وممزق وشاكك أصلا فى الدين ، وهو حجة الدين وشارح علومه ومبين أصوله ، حتى يصيبه التعب فيقرر أن يهاجر إلى الله ، وتبدأ رحله جديده فى حياته يهتم فيها بإحياء قلبه ويهتم بإحياء القلوب التى ماتت وانشغلت عن الله ، حتى بالعلم !
يهاجر ويشد على نفسه ، وبعد أن كان هذا الرجل الذى يلبس أفخر الثياب ويضع أطيب العطر ، يتخفف من كل أعباء الدنيا وكل ما يتعلق بها ، وكل ما له هوى بها حتى الكتب والورق ، فى رحلة طويلة من تأديب النفس وتربيتها ، ثم العوده للتدريس ولكن فى إحياء القلوب وإعمالها ، ويشرع فى تأليف كتاب إحياء علوم الدين وشرحه فى كل بلد وطأها ، فقد كانت البيئه وقتها صراع مذهبي شديد بين المذاهب يصل أنهم يتقاتلون !
اما عن الروايه وأسلوبها ، فلم أتخيل يوما أن تأسرنى سيره ذاتيه بمثل هذا وأن تشدني ، فلا أستطيع الفكاك منها ، وأريد أن أنهيها ولا أتركها حتى انهيها فكانت فصولها بمثابة الحلقات توصل بعضها بعضا فلا تستطيع أن تنهي فصلا حتى تجد نفسك افتتحت الآخر ، ولم تغفل الروايه الأحداث السياسيه والتاريخيه فى ذلك الوقت ويكأن تعيش تلك الفتره بكل أخبارها ولكن بمصاحبة الإمام ..
هامش
فى آخر الروايه ظهرت أحداث دخول الصليبين بيت المقدس وكيف قتلوا الأطفال والنساء وكيف سالت دماء طاهره محتميه بالمسجد داخل المسجد !
وشعرت بغصه وألم شديدين كأنى أعيش الأحداث ولكنى تذكرت غزه اليوم وكيف يموتون كل يوم بالقصف وان لم يكن بالقصف ورصاص الصهاينه فبالجوع فتألمت ألما على ألمى ، وعلى حالنا وأنه من المفترض اننا أمة واحده " وأن أمتكم هذه أمة واحده" ولكنى أراها ممزقه مشتته منصرف كل واحد لنفسه ومنصرف عن نصرة الدين ونصرة إخوته ، وفواألماه !
هامش
لا حرمنا الله من القراءة ولا من حب القراءة ، ولا من البعد والغيبه عنها .
May 1, 2025
فلنعتذر لأحمد فال ولد الدين الذي لم تسعفه كغيره... صداقاته وشبكة علاقاته وتزلفاته للفوز بالبوكر هذا العام. فهو كاتب يكتب لغرض الكتابة وليس إرضاءً وإذلالًا لنفسه لغرض الشهرة والمادة.
هنيئًا لك عزيزي عدم الفوز، فهذا وسام فوز من نوع آخر.
هنيئًا لك عزيزي عدم الفوز، فهذا وسام فوز من نوع آخر.
September 1, 2025
في قلب القرن الخامس الهجري في مدينة طوس بخراسان يولد محمد الغزالي في بيت فقير لأب صوفي يعمل في غزل الصوف، ومنذ صغره بدا عليه حب المعرفة فحرص والده على أن يودعه وأخاه في رعاية رجل صالح ليتكفل بتعليمهما، وهكذا تبدأ الرحلة الأولى للغزالي في طريق العلم.
ينتقل الفتى النابه إلى نيسابور وهناك يتتلمذ على يد إمام الحرمين الجويني أحد أعلام علم الكلام فيتشرب منه الفقه والأصول والمنطق، ومع مرور الوقت يبرز الغزالي ويذيع صيته كأحد ألمع طلابه حتى يصبح مرجع في علوم الدين والعقل معا، إلا أن هذه العلوم التي ينهل منها لم تشف ظمأه للحقيقة بل زادت من قلقه الداخلي وأسئلته الوجودية.
بعد وفاة الجويني تتجه أنظار السياسة إلى الغزالي فيدعوه نظام الملك وزير السلاجقة الشهير إلى بلاطه ويقربه منه وهناك يجد الغزالي نفسه في قلب السلطة، ويعين لاحقا أستاذ في المدرسة النظامية ببغداد أهم مؤسسة تعليمية في العالم الإسلامي آنذاك.
وسط هذه الشهرة والعظمة يبدأ الغزالي يعاني من أزمة داخلية حادة يشك في نياته هل هو حقًا يطلب العلم لله ؟ أم أن المجد والظهور قد أفسد قلبه؟ كما يبدأ في التشكيك في قدرة العقل وحده على الوصول إلى اليقين، فيتنازعه الشك وا��خوف ويصاب بانهيار نفسي وجسدي فيفقد صوته ويقف عاجز أمام الطلاب، ثم يعلن فجأة قراره بالتخلي عن التدريس وترك الدنيا.
يتظاهر الغزالي بالذهاب إلى الحج و يتجه نحو دمشق، وهناك يدخل في عزلة روحية في الجامع الأموي ويقضي وقته بين العبادة والتأمل والتطهر من أمراض النفس ثم يواصل رحلته إلى القدس، ومن هناك يؤدي مناسك الحج أخيرا ثم يعود إلى طوس حيث يعتزل الناس ويؤسس زاويته الخاصة للتعليم الروحي.
خلال هذه السنوات يتحول الغزالي من فقيه مناظر إلى صوفي متأمل، ويصل إلى قناعة عميقة بأن اليقين لا ينال بالجدل والمنطق فقط، بل بصفاء القلب وتجربة الروح، ويكتب في هذه المرحلة أعظم مؤلفاته، وعلى رأسها إحياء علوم الدين والمنقذ من الضلال اللذين يلخصان تحوله العميق من عقلانية باردة إلى إيمان حي نابض بالتجربة.
تصوّر الرواية هذه التحولات من الداخل وتغوص في صراعات الغزالي النفسية، وتجسدها بلغة شاعرية وعميقة، كما تنقل الرواية الأجواء السياسية التي كان يعيش فيها من مؤامرات السلاجقة إلى الصراع مع الباطنية والفلاسفة خصوصا نقده العنيف لفكر ابن سينا والفارابي.
في النهاية لا يعود الغزالي إلى الأضواء كما كان لكنه يعود إلى ذاته، وقد وجد السلام الذي افتقده طويلا، فلم يعد يسعى لإرضاء السلطة، بل لإرضاء الله، وفي زاويته بطوس يمضي أيامه الأخيرة مع طلاب صادقين يبحثون معه عن النور.
ينتقل الفتى النابه إلى نيسابور وهناك يتتلمذ على يد إمام الحرمين الجويني أحد أعلام علم الكلام فيتشرب منه الفقه والأصول والمنطق، ومع مرور الوقت يبرز الغزالي ويذيع صيته كأحد ألمع طلابه حتى يصبح مرجع في علوم الدين والعقل معا، إلا أن هذه العلوم التي ينهل منها لم تشف ظمأه للحقيقة بل زادت من قلقه الداخلي وأسئلته الوجودية.
بعد وفاة الجويني تتجه أنظار السياسة إلى الغزالي فيدعوه نظام الملك وزير السلاجقة الشهير إلى بلاطه ويقربه منه وهناك يجد الغزالي نفسه في قلب السلطة، ويعين لاحقا أستاذ في المدرسة النظامية ببغداد أهم مؤسسة تعليمية في العالم الإسلامي آنذاك.
وسط هذه الشهرة والعظمة يبدأ الغزالي يعاني من أزمة داخلية حادة يشك في نياته هل هو حقًا يطلب العلم لله ؟ أم أن المجد والظهور قد أفسد قلبه؟ كما يبدأ في التشكيك في قدرة العقل وحده على الوصول إلى اليقين، فيتنازعه الشك وا��خوف ويصاب بانهيار نفسي وجسدي فيفقد صوته ويقف عاجز أمام الطلاب، ثم يعلن فجأة قراره بالتخلي عن التدريس وترك الدنيا.
يتظاهر الغزالي بالذهاب إلى الحج و يتجه نحو دمشق، وهناك يدخل في عزلة روحية في الجامع الأموي ويقضي وقته بين العبادة والتأمل والتطهر من أمراض النفس ثم يواصل رحلته إلى القدس، ومن هناك يؤدي مناسك الحج أخيرا ثم يعود إلى طوس حيث يعتزل الناس ويؤسس زاويته الخاصة للتعليم الروحي.
خلال هذه السنوات يتحول الغزالي من فقيه مناظر إلى صوفي متأمل، ويصل إلى قناعة عميقة بأن اليقين لا ينال بالجدل والمنطق فقط، بل بصفاء القلب وتجربة الروح، ويكتب في هذه المرحلة أعظم مؤلفاته، وعلى رأسها إحياء علوم الدين والمنقذ من الضلال اللذين يلخصان تحوله العميق من عقلانية باردة إلى إيمان حي نابض بالتجربة.
تصوّر الرواية هذه التحولات من الداخل وتغوص في صراعات الغزالي النفسية، وتجسدها بلغة شاعرية وعميقة، كما تنقل الرواية الأجواء السياسية التي كان يعيش فيها من مؤامرات السلاجقة إلى الصراع مع الباطنية والفلاسفة خصوصا نقده العنيف لفكر ابن سينا والفارابي.
في النهاية لا يعود الغزالي إلى الأضواء كما كان لكنه يعود إلى ذاته، وقد وجد السلام الذي افتقده طويلا، فلم يعد يسعى لإرضاء السلطة، بل لإرضاء الله، وفي زاويته بطوس يمضي أيامه الأخيرة مع طلاب صادقين يبحثون معه عن النور.
This entire review has been hidden because of spoilers.
October 13, 2025
⭐️⭐️ ونصف
دانشمند" هي رواية تاريخية من الأدب الموريتاني للكاتب "أحمد فال الدين"، مستوحاة من سيرة الإمام الغزالي.
تصحبنا الرواية في رحلة فكرية و روحية، تنقلنا إلى عالم الغزالي بعد أن عصفت به أزمة شك عميقة جعلته يتأرجح بين العقل والروح، وبين البحث عن الحقيقة والمسلمات التي شبّ عليها.
شدتني اللغة السلسلة للرواية، فقد استمتعت بجمال أسلوب الكاتب وقدرته على تطويع الكلمات.
كما لامستني الصفحات الأخيرة بعمق و أثرت بي بالغ التأثير، خاصة عند حديث الكاتب عن الحروب الصليبية وسقوط القدس، تلك الصفحات جعلتني أذرف الدموع، فالتاريخ يعيد نفسه مرارًا وتكرارا 🥺🥺.
لكن مع الأسف، شعرت أن الرواية أطول مما ينبغي، حتى بدت أحيانًا أقرب إلى كتاب ديني مطوّل أكثر من كونها رواية أدبية.
كنت أتوقع رحلة روحانية شبيهة بتجربتي مع رواية موت صغير التي أحببتها كثيرًا، لكن هذه المرة غلبني الملل وأكملت القراءة بصعوبة (لا احتمل الملل في الروايات 🙄🙄).
كذلك، لم تلامسني شخصية الغزالي كما صُوِّرت في النص، ولم ترق لي افكاره (خصوصا فيما يتعلق بالمرأة 😒😒).
ومن الجدير بالذكر أن الكاتب تناول موضوع الحشاشين، وهو موضوع أصبح مستهلكاً في الأدب العربي بشكل لافت حسب رأيي.
رغم أني أتفهم حضوره في الرواية بحكم الحقبة الزمنية، لكنني تمنيت لو كان هناك تنويع أكبر في المواضيع، بعيدًا عن استهلاك القوالب ذاتها.
في النهاية، دانشمند رواية طموحة على المستوى الفكري والفلسفي، لكنها لم تحقق لي المتعة التي كنت أرجوها. استمتعت بلغتها وأجوائها التاريخية، لكن الإطالة وتكرار الطرح جعلا التجربة أقل مما توقعت.
دانشمند" هي رواية تاريخية من الأدب الموريتاني للكاتب "أحمد فال الدين"، مستوحاة من سيرة الإمام الغزالي.
تصحبنا الرواية في رحلة فكرية و روحية، تنقلنا إلى عالم الغزالي بعد أن عصفت به أزمة شك عميقة جعلته يتأرجح بين العقل والروح، وبين البحث عن الحقيقة والمسلمات التي شبّ عليها.
شدتني اللغة السلسلة للرواية، فقد استمتعت بجمال أسلوب الكاتب وقدرته على تطويع الكلمات.
كما لامستني الصفحات الأخيرة بعمق و أثرت بي بالغ التأثير، خاصة عند حديث الكاتب عن الحروب الصليبية وسقوط القدس، تلك الصفحات جعلتني أذرف الدموع، فالتاريخ يعيد نفسه مرارًا وتكرارا 🥺🥺.
لكن مع الأسف، شعرت أن الرواية أطول مما ينبغي، حتى بدت أحيانًا أقرب إلى كتاب ديني مطوّل أكثر من كونها رواية أدبية.
كنت أتوقع رحلة روحانية شبيهة بتجربتي مع رواية موت صغير التي أحببتها كثيرًا، لكن هذه المرة غلبني الملل وأكملت القراءة بصعوبة (لا احتمل الملل في الروايات 🙄🙄).
كذلك، لم تلامسني شخصية الغزالي كما صُوِّرت في النص، ولم ترق لي افكاره (خصوصا فيما يتعلق بالمرأة 😒😒).
ومن الجدير بالذكر أن الكاتب تناول موضوع الحشاشين، وهو موضوع أصبح مستهلكاً في الأدب العربي بشكل لافت حسب رأيي.
رغم أني أتفهم حضوره في الرواية بحكم الحقبة الزمنية، لكنني تمنيت لو كان هناك تنويع أكبر في المواضيع، بعيدًا عن استهلاك القوالب ذاتها.
في النهاية، دانشمند رواية طموحة على المستوى الفكري والفلسفي، لكنها لم تحقق لي المتعة التي كنت أرجوها. استمتعت بلغتها وأجوائها التاريخية، لكن الإطالة وتكرار الطرح جعلا التجربة أقل مما توقعت.
March 10, 2025
قرأت دانشمند قبل أن تترشح وقلت في نفسي هذه رواية تستحق البوكر أو كتارا، ثم فوجئت بها بعد شهور بالقائمة الطويلة للبوكر، وقلت لمن حولي سترونها في القائمة القصيرة، ثمَّ ها هي تترشح لها، والآن حان دور المراهنة بها على البوكر نفسه! أهنئ الكاتب منذ الآن
February 20, 2025
انطباعاتي اتجاه هذا الكتاب مختلفة و متضاربة، لا أعرف كيف أعبر عنها لذا سأكتبها في نقط متفرقة:
٠ نجح الكاتب نجاحا مبهراً في تقريب تاريخ صراعات الحكم السلجوقي و الخلافة العباسية، الطوائف الباطنية و الغزوات الصليبية فجعله شهيا أمام المتلقي، و بسّطه و عرضه بطريقه منظمة فاستنزل تاريخ هذه الحقبة من عليائه ليكون خبزا متاحا لعامة الناس.
٠ برع الكاتب في إيهامنا بواقعية الأحداث مرتكزا على وصف المكان بأدق تفاصيله (وصفا لا يخلو من تكرار كثير🙃) مستعينا بعامل الحواس شما و ذوقا فتجد نفسك تتجول في أزقة نيسابور و طوس و بغداد و دمشق تأكل أكلهم و تلبس لباسهم و تستنشق عبير الروائح المختلطة المنبعثة من الأزقة و البيوت.
٠ الأحداث كثيرة و متسارعه و مختصرة اختصارا عادلا إذ يضعك الكاتب في الصورة دون أن تحس أنه يستغلك كقارئ لاستعراض موسوعته التاريخية، فينجح بذلك في شد انتباهك دون أن تشعر بالملل.
٠ يرسم الكاتب بدقة الخطوط العريضة لحياة الغزالي انطلاقا من طفولته، دراسته ثم علو مقامه عند السلاطين و تدريسه بالنظامية، تليها مرحلة السفسطة و جحد العلوم و المسلّمات، ثم فترة الخوف من بطلان العمل مما دفعه إلى المحاسبة الدقيقه للنفس على النية قبل الفعل من خلال اعتزاله و رحلته الصوفية ثم عودته لأهله و تدريسه بنيسابور.
٠ تطرق الكاتب للعديد من دقائق الأمور التي كانت شائعة في عصر الغزالي كالرق و الانقسامات المذهبية و تملق العلماء للسلاطين و استغلال السلاطين لنفوذ العلماء على قلوب المؤمنين…و الكثير من المواضيع القابلة للإسقاط على عصرنا الحالي.
٠ آخذت على فال الدين أنه لم يفدني بشيء في مراحل ارتقاء الإمام الغزالي من أزمة الشك إلى عين اليقين بفضل رحلته الصوفية، و لكني بعد إتمامي اليوم كتاب "المنقذ من الظلال" أدركت أن الغزالي نفسه لم يشرح لنا هذا (سأكتب عنه مراجعة)
٠ يعرض الكاتب مقاطع مختصرة و مبتورة لبعض مناظرات و دروس الغزالي، لا تنفع سوى في تأثيت النص فلا تجيب على سؤال و لا يُستخلص منها حكمة، فتجد عبارات وصف الأمكنة و تتبع تفاصيل الحياة اليومية و الحوارات الثانوية مهيمنةً على الصفحات ٦٠٠ للرواية أكثر من الحوارات العلمية و الفلسفية. ربما تأثر الكاتب بمنطق حجة الإسلام نفسه إذ يرى أنه لا داعي للعامة في الخوض أو نقاش أمور تخص العلماء: "لو اشتغل العامي بالمعاصي البدنية ربما كان أسلم له من أن يخوض في البحث عن معرفة الله تعالى، فإن ذلك عاقبته الفسق، و هذا عاقبته الشرك" الغزالي ، * كتاب إلجام العوام عن علم الكلام ص ٦٩، و يشير إليه أيضا بصفة متناقضة جدا
٠ اللغة بسيطة و سلسلة يتخللها إسراف في تكرار بعض العبارات الغير ضرورية، فتكاد لا تخلو صفحة من الصفحات من جملة “ التفت فإذا” : بديك يصيح أو حمار ينهق أو ناقة تجتر أو حصان يصهل أو عصفور يزقزق أو كلب ينبح أو حمامه و يمامة ترفرف أو قرد يلعب، أو قطة الغزالي تموء، أو عواء ذئب أو شحيج بغل أو نأمة سبع أو خشخشة حشرات، أو أسد في غيضة و ذئب في فلاة.. المهم كل الحيوانات موجوده بالكتاب إلا الفيل و الديناصور كي لا أفتري على الكاتب كذباً😆🫣
٠ طبعا لا يستدل الكاتب بأي مرجع أو مقتطف تاريخي و لا يوجد أي هامش للشرح أو التدليل هو أصلا لم يكلف نفسه حتى عناء ترجمة حوارات بالفارسية ، ناهيك عن معنى عنوان الرواية😌
٠ و أخيراً و ليس آخرا، ما أرفضه تماما و لا أستصيغه هو سطوة المتخيل على التاريخ في هذا النوع من الكتب، متحججا برخصة أدبية اسمها "الرواية التاريخية الخيالية"، لا أدري من رخّصها و بأي حق منطقي او فلسفي، فنجد الكاتب غير مُلزم سوى باحترام بنية ثلاثية الأركان من زمان و مكان و إنسان (سأكتب ما فهمت منها في بوست ثاني ) مُشكِّلا بذلك هيكلا عظمياً تاريخيا و الباقي فيُكنزه خيال الكاتب شحما و لحما كما يريد ( كما قال أحمد فال الدين في إحدى نقاشاته على يوتيب) دون أن يكون للقارئ الأهبل المسكين ، حق مطالبته بأي إتباث أو مرجع أو حتى علامة أو شيفرة رمزية يدلنا بها الكاتب على الحد الفاصل بين التاريخي الموثق و المتخيل المتوهم🙃.
أذكر على سبيل المثال لا الحصر حكاية موت الغزالي مسموماً في الرواية، في حين لم يذكر ذلك أحد من عصره، فيقول الكاتب في إحدى نقاشاته على اليوتيب حين سُئل عن هذه القصة “من المعروف أنه مات ميتة طبيعية لكن منطق التاريخ يقول القادة كانوا يقتلون بالخناجر و العلماء كانوا يقتلون بالسم “ و لكون الغزالي كان قد كتب كتاب فضائح الباطنية فرجح أن يكون قتل مسموما من طرف أتباع حسن الصبّاح ، و رغم انعدام أي دليل أو رواية عن هذا، يُسمِّمه لنا الكاتب بعد حوالي ٤ قرون من موته بدعم من هيكل الرواية التخيلية التاريخية فيقول “رجحت هذا لحاجة فنية لإثراء الرواية” 😁
أنصح بقرائتها، و لكني أنصح كذلك القارئ أن لا يقول حين ينتهي من الكتاب ببراءة الحماس:” لقد قرأت عن الإمام الغزالي و عصره”
و لكن فليقل: “لقد قرأت ما كتبه أحمد فال الدين عن الإمام الغزالي و
عصره”
٠ نجح الكاتب نجاحا مبهراً في تقريب تاريخ صراعات الحكم السلجوقي و الخلافة العباسية، الطوائف الباطنية و الغزوات الصليبية فجعله شهيا أمام المتلقي، و بسّطه و عرضه بطريقه منظمة فاستنزل تاريخ هذه الحقبة من عليائه ليكون خبزا متاحا لعامة الناس.
٠ برع الكاتب في إيهامنا بواقعية الأحداث مرتكزا على وصف المكان بأدق تفاصيله (وصفا لا يخلو من تكرار كثير🙃) مستعينا بعامل الحواس شما و ذوقا فتجد نفسك تتجول في أزقة نيسابور و طوس و بغداد و دمشق تأكل أكلهم و تلبس لباسهم و تستنشق عبير الروائح المختلطة المنبعثة من الأزقة و البيوت.
٠ الأحداث كثيرة و متسارعه و مختصرة اختصارا عادلا إذ يضعك الكاتب في الصورة دون أن تحس أنه يستغلك كقارئ لاستعراض موسوعته التاريخية، فينجح بذلك في شد انتباهك دون أن تشعر بالملل.
٠ يرسم الكاتب بدقة الخطوط العريضة لحياة الغزالي انطلاقا من طفولته، دراسته ثم علو مقامه عند السلاطين و تدريسه بالنظامية، تليها مرحلة السفسطة و جحد العلوم و المسلّمات، ثم فترة الخوف من بطلان العمل مما دفعه إلى المحاسبة الدقيقه للنفس على النية قبل الفعل من خلال اعتزاله و رحلته الصوفية ثم عودته لأهله و تدريسه بنيسابور.
٠ تطرق الكاتب للعديد من دقائق الأمور التي كانت شائعة في عصر الغزالي كالرق و الانقسامات المذهبية و تملق العلماء للسلاطين و استغلال السلاطين لنفوذ العلماء على قلوب المؤمنين…و الكثير من المواضيع القابلة للإسقاط على عصرنا الحالي.
٠ آخذت على فال الدين أنه لم يفدني بشيء في مراحل ارتقاء الإمام الغزالي من أزمة الشك إلى عين اليقين بفضل رحلته الصوفية، و لكني بعد إتمامي اليوم كتاب "المنقذ من الظلال" أدركت أن الغزالي نفسه لم يشرح لنا هذا (سأكتب عنه مراجعة)
٠ يعرض الكاتب مقاطع مختصرة و مبتورة لبعض مناظرات و دروس الغزالي، لا تنفع سوى في تأثيت النص فلا تجيب على سؤال و لا يُستخلص منها حكمة، فتجد عبارات وصف الأمكنة و تتبع تفاصيل الحياة اليومية و الحوارات الثانوية مهيمنةً على الصفحات ٦٠٠ للرواية أكثر من الحوارات العلمية و الفلسفية. ربما تأثر الكاتب بمنطق حجة الإسلام نفسه إذ يرى أنه لا داعي للعامة في الخوض أو نقاش أمور تخص العلماء: "لو اشتغل العامي بالمعاصي البدنية ربما كان أسلم له من أن يخوض في البحث عن معرفة الله تعالى، فإن ذلك عاقبته الفسق، و هذا عاقبته الشرك" الغزالي ، * كتاب إلجام العوام عن علم الكلام ص ٦٩، و يشير إليه أيضا بصفة متناقضة جدا
٠ اللغة بسيطة و سلسلة يتخللها إسراف في تكرار بعض العبارات الغير ضرورية، فتكاد لا تخلو صفحة من الصفحات من جملة “ التفت فإذا” : بديك يصيح أو حمار ينهق أو ناقة تجتر أو حصان يصهل أو عصفور يزقزق أو كلب ينبح أو حمامه و يمامة ترفرف أو قرد يلعب، أو قطة الغزالي تموء، أو عواء ذئب أو شحيج بغل أو نأمة سبع أو خشخشة حشرات، أو أسد في غيضة و ذئب في فلاة.. المهم كل الحيوانات موجوده بالكتاب إلا الفيل و الديناصور كي لا أفتري على الكاتب كذباً😆🫣
٠ طبعا لا يستدل الكاتب بأي مرجع أو مقتطف تاريخي و لا يوجد أي هامش للشرح أو التدليل هو أصلا لم يكلف نفسه حتى عناء ترجمة حوارات بالفارسية ، ناهيك عن معنى عنوان الرواية😌
٠ و أخيراً و ليس آخرا، ما أرفضه تماما و لا أستصيغه هو سطوة المتخيل على التاريخ في هذا النوع من الكتب، متحججا برخصة أدبية اسمها "الرواية التاريخية الخيالية"، لا أدري من رخّصها و بأي حق منطقي او فلسفي، فنجد الكاتب غير مُلزم سوى باحترام بنية ثلاثية الأركان من زمان و مكان و إنسان (سأكتب ما فهمت منها في بوست ثاني ) مُشكِّلا بذلك هيكلا عظمياً تاريخيا و الباقي فيُكنزه خيال الكاتب شحما و لحما كما يريد ( كما قال أحمد فال الدين في إحدى نقاشاته على يوتيب) دون أن يكون للقارئ الأهبل المسكين ، حق مطالبته بأي إتباث أو مرجع أو حتى علامة أو شيفرة رمزية يدلنا بها الكاتب على الحد الفاصل بين التاريخي الموثق و المتخيل المتوهم🙃.
أذكر على سبيل المثال لا الحصر حكاية موت الغزالي مسموماً في الرواية، في حين لم يذكر ذلك أحد من عصره، فيقول الكاتب في إحدى نقاشاته على اليوتيب حين سُئل عن هذه القصة “من المعروف أنه مات ميتة طبيعية لكن منطق التاريخ يقول القادة كانوا يقتلون بالخناجر و العلماء كانوا يقتلون بالسم “ و لكون الغزالي كان قد كتب كتاب فضائح الباطنية فرجح أن يكون قتل مسموما من طرف أتباع حسن الصبّاح ، و رغم انعدام أي دليل أو رواية عن هذا، يُسمِّمه لنا الكاتب بعد حوالي ٤ قرون من موته بدعم من هيكل الرواية التخيلية التاريخية فيقول “رجحت هذا لحاجة فنية لإثراء الرواية” 😁
أنصح بقرائتها، و لكني أنصح كذلك القارئ أن لا يقول حين ينتهي من الكتاب ببراءة الحماس:” لقد قرأت عن الإمام الغزالي و عصره”
و لكن فليقل: “لقد قرأت ما كتبه أحمد فال الدين عن الإمام الغزالي و
عصره”
August 19, 2025
4.5 ⭐
غدا الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر ٢٠٢٥
رجائي أن تكون من نصيب دانشمند وأستاذ أحمد ( لأسباب غير موضوعية😁👀)
لن أثني عليها.. فقد طارت بها الركبان، وهي أهل لهذا 🤍
جزاك الله خيرا أستاذ أحمد على ما كتبت وأبدعت.
يعيبها شيء واحد جوهريٌّ في نظري الضحل:
الإطالة والإطناب الغير المبرر.. إطنابٌ في غير موضع لا يخدم البنية الروائية ولا يصقلها.
وإلا فهي تستحق الخمس نجمات مع مرتبة الشرف.
23.4.2025
غدا الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر ٢٠٢٥
رجائي أن تكون من نصيب دانشمند وأستاذ أحمد ( لأسباب غير موضوعية😁👀)
لن أثني عليها.. فقد طارت بها الركبان، وهي أهل لهذا 🤍
جزاك الله خيرا أستاذ أحمد على ما كتبت وأبدعت.
يعيبها شيء واحد جوهريٌّ في نظري الضحل:
الإطالة والإطناب الغير المبرر.. إطنابٌ في غير موضع لا يخدم البنية الروائية ولا يصقلها.
وإلا فهي تستحق الخمس نجمات مع مرتبة الشرف.
23.4.2025
May 23, 2025
4.5/5 ⭐️⭐️⭐️⭐️🌟
"مسارقة الطبع مُشاهدٌ من اخلاق الناس و أعمالهم، فهو داءٌ دفينٌ قِلما يتنبه اليه العقلاء، فالفساد يصير هيناً على الطبعِ بكثرة المشاهدة و انما الوازعُ عن الفساد شِدةُ وقعه في القلب فإذا صار مستصغراً بطول المشاهدة اوشك ان تنحلّ القوة الوازعة و يذعن الطبعُ للميلِ اليه الى ما دونه"
"مسارقة الطبع مُشاهدٌ من اخلاق الناس و أعمالهم، فهو داءٌ دفينٌ قِلما يتنبه اليه العقلاء، فالفساد يصير هيناً على الطبعِ بكثرة المشاهدة و انما الوازعُ عن الفساد شِدةُ وقعه في القلب فإذا صار مستصغراً بطول المشاهدة اوشك ان تنحلّ القوة الوازعة و يذعن الطبعُ للميلِ اليه الى ما دونه"
November 24, 2025
رشحت للبوكر العربي ولم تفز ولكنها فازت عندي متى سازهد في الدنيا يا دانشمند شكرا احمد فال الدين شكرا ستوري تل والراوي عبدالجي محمد
November 17, 2024
سيرة أبي حامد قدس الله سره هي إحدى السير التي لا يُمل من تكرارها وحكايتها على الناس؛ لما حصل فيها من تغيرات جذرية لشخصه وعصره.
قد تكون هذه أكثر الروايات في الأدب الصوفي اعتدالاً وبعداً عما قد يكون منكراً عند الصوفية نفسهم، فضلاً عما هو منكر عند عوام الناس. وهذا مما يندر في زمن غلب عليه طابع الشطح والخروج عن الطريق السليم للقوم، بحجة أن السياق القصصي يجب أن يسفر عن نموِّ الشخصية أو تغيرٍ كبيرٍ في حياتها؛ فنرى الكاتب يحيد عن المسار الصحيح المستقيم للسادة الصوفية. وهو حر التصرف في ذلك؛ لأنه يريد خلق سياق درامي، أو ربط القارئ بالشخصية، أو صنع تعاطف معها، إلى آخر ما هنالك من حجج الكتاب ومؤلفي الروايات.
وأقول: إن ارتبطت الرواية بشخصية معروفة الطريق والمنهج وسيرتها مخدومة ومؤرخة -لا سيما في كتب التراث المنقولة لنا- فلا لازم من ذلك إلا لضعفٍ في الكتابةِ أراد معه المؤلف انتشار الروايةِ باستفزاز من هم يعرفون تلك الشخصية حق المعرفة من كتب السير والتراجم.
عموماً هذا مما يشكر الكاتب عليه لتجنبه إياه، وإن كانت سيرة الغزالي وحدها كافية لعدم الحاجة لذلك. لكن خروجه برواية جميلةٍ معتمداً على قلمه بعيداً عن الخلط المتعمد في التاريخ مما يؤكد علو كعب هذه الرواية على غيرها.
سلمت أنامل ابن فال الدين على هذا السفر العظيم فقد أمتع بلغة جزلة وثرية بالمفردات التي غدا بعضها غريباً تماماً في زماننا. لم أعد أحصي المرات التي برع فيها الكاتب في وصف مشاعر الغزالي وتصوير المشاهد والمناظرات والمدن تصويراً بديعاً. ومما يزيد هذه الرواية جلالاً في قراءتها؛ احتمال موافقتها لنفس القارئ في كثير من الأحيان إن كان قد مر بنفس الشكوك التي عصفت بالغزالي في نيته و صدق إرادته. فمما يعظم أهمية ما نقرأه أحياناً هو مطابقته لحالنا.
كانت الاقتباسات في بداية الفصول جميلة أحياناً وتوظيف النقل من تراث الغزالي وكتب نظام الملك كذلك كان مدمجاً بعناية في خضَم الأحداث. أخيراً، مما كان يزعجني منذ الصفحات الأولى للرواية وأنا ألمح التاريخ بداية الفصل هو جزوعي من اللحظة التي ستقع فيها عيناي على الرقم 505 هـ .
رحم الله حجة الإسلام وقدس سره
قد تكون هذه أكثر الروايات في الأدب الصوفي اعتدالاً وبعداً عما قد يكون منكراً عند الصوفية نفسهم، فضلاً عما هو منكر عند عوام الناس. وهذا مما يندر في زمن غلب عليه طابع الشطح والخروج عن الطريق السليم للقوم، بحجة أن السياق القصصي يجب أن يسفر عن نموِّ الشخصية أو تغيرٍ كبيرٍ في حياتها؛ فنرى الكاتب يحيد عن المسار الصحيح المستقيم للسادة الصوفية. وهو حر التصرف في ذلك؛ لأنه يريد خلق سياق درامي، أو ربط القارئ بالشخصية، أو صنع تعاطف معها، إلى آخر ما هنالك من حجج الكتاب ومؤلفي الروايات.
وأقول: إن ارتبطت الرواية بشخصية معروفة الطريق والمنهج وسيرتها مخدومة ومؤرخة -لا سيما في كتب التراث المنقولة لنا- فلا لازم من ذلك إلا لضعفٍ في الكتابةِ أراد معه المؤلف انتشار الروايةِ باستفزاز من هم يعرفون تلك الشخصية حق المعرفة من كتب السير والتراجم.
عموماً هذا مما يشكر الكاتب عليه لتجنبه إياه، وإن كانت سيرة الغزالي وحدها كافية لعدم الحاجة لذلك. لكن خروجه برواية جميلةٍ معتمداً على قلمه بعيداً عن الخلط المتعمد في التاريخ مما يؤكد علو كعب هذه الرواية على غيرها.
سلمت أنامل ابن فال الدين على هذا السفر العظيم فقد أمتع بلغة جزلة وثرية بالمفردات التي غدا بعضها غريباً تماماً في زماننا. لم أعد أحصي المرات التي برع فيها الكاتب في وصف مشاعر الغزالي وتصوير المشاهد والمناظرات والمدن تصويراً بديعاً. ومما يزيد هذه الرواية جلالاً في قراءتها؛ احتمال موافقتها لنفس القارئ في كثير من الأحيان إن كان قد مر بنفس الشكوك التي عصفت بالغزالي في نيته و صدق إرادته. فمما يعظم أهمية ما نقرأه أحياناً هو مطابقته لحالنا.
كانت الاقتباسات في بداية الفصول جميلة أحياناً وتوظيف النقل من تراث الغزالي وكتب نظام الملك كذلك كان مدمجاً بعناية في خضَم الأحداث. أخيراً، مما كان يزعجني منذ الصفحات الأولى للرواية وأنا ألمح التاريخ بداية الفصل هو جزوعي من اللحظة التي ستقع فيها عيناي على الرقم 505 هـ .
رحم الله حجة الإسلام وقدس سره
August 30, 2025
يا الله على الجمال، على اللغة، على السرد
أجمل رواية لهذه السنة بدون منازع، ولا أعتقد أنه سيأتي ما ينازعها
الروايات التاريخية من أحب الأنواع إلي، ولي مع الإمام أبي حامد ذكريات كثيرة، وهذه التحفة الأدبية جمعت بينهما..
كنت أنوي قراءة كتاب حجر الأرض للأستاذ أحمد فال الدين منذ أشهر، لكن الأقدار جعلت دانشمند أولى قراءاتي، وهي من ترشيح الصديقة إيمان بعد خيبة أملي من صلاة القلق التي حصلت على البوكر
هل أنا متفاجئة لعدم حصول دانشمند على الجائزة؟ طبعا لا، فالعالم أصبح يسير منكسا على رأسه
أستاذ أحمد، هنيئا لك هذه الرواية، حُقّ لك أن تفخر بها وتباهي بها الأقران، رغم أنف البوكر وأهله
ربيع الأنوار 1447
أجمل رواية لهذه السنة بدون منازع، ولا أعتقد أنه سيأتي ما ينازعها
الروايات التاريخية من أحب الأنواع إلي، ولي مع الإمام أبي حامد ذكريات كثيرة، وهذه التحفة الأدبية جمعت بينهما..
كنت أنوي قراءة كتاب حجر الأرض للأستاذ أحمد فال الدين منذ أشهر، لكن الأقدار جعلت دانشمند أولى قراءاتي، وهي من ترشيح الصديقة إيمان بعد خيبة أملي من صلاة القلق التي حصلت على البوكر
هل أنا متفاجئة لعدم حصول دانشمند على الجائزة؟ طبعا لا، فالعالم أصبح يسير منكسا على رأسه
أستاذ أحمد، هنيئا لك هذه الرواية، حُقّ لك أن تفخر بها وتباهي بها الأقران، رغم أنف البوكر وأهله
ربيع الأنوار 1447
March 8, 2025
يتتبع احمد فال الدين ببراعة و بلغة اخاذه قادرا علي الحفاظ علي قارئه طيلة رحلة طويلة دون ملل او اطالة رغم كبر حجم الرواية التي تعدت ٦٠٠ صفحة يتتبع خلالها سيرة حجة الاسلام الشيخ ابو حامد الغزالي منذ النشاة و حتي رحيله مرورا ما بين رحلات الترحال لمحاربة النفس و محاولة تهذيبها والابتعاد عن الجاه و السلطة و ما بين مواجهة التطرف. كل ذلك في اطار تاريخي رائع يرسم تاريخ هذه المرحلة من تنازع السلاطين الاتراك و ضعف الخلفاء المسلمين و دخول الصليبين ارض العرب. بدعوي استرداد الارض المقدسة.
الرواية في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.
الرواية في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.
November 27, 2025
تدور الرواية عن عالم العلماء الإمام الغزالي ، قصة حياته وما هو معروف من تحوله عن الإفتاء وعلم الكلام ومناقشة الفلاسفة إلى التصوف ، وحتى وفاته/قتله على يد الباطنية.
الرواية رائعة وإن كانت شديدة الطول وعابها تكرار بعض الموضوعات خاصةً التاريخية منها بدون الإشارة إلى مصادر.
الرواية رائعة وإن كانت شديدة الطول وعابها تكرار بعض الموضوعات خاصةً التاريخية منها بدون الإشارة إلى مصادر.
August 10, 2024
#قراءة_2024 (26)
دانشمند، أحمد فال الدين، 636 صفحة.
.............
هكذا تُكتب الرواية التاريخية وإلّا بلاش.
تحكي هذه الرواية الجميلة سيرة الإمام الغزالي -رحمه الله- منذ طفولته حتى وفاته، وسياحته في البلاد بحثًا عن الحقيقة والنفس، وتقلبه بين المذاهب وعلم الكلام والتصوف، والشك الذي لازمه طيلة الرواية، وقربه من سلاطين السلاجقة في مقتبل عمره، وتدريسه في النظامية التي بناها الوزير السلجوقي الشهير "نظام الملك" للتقريب بين الناس ونزع الخلافات بين الحنفية والشافعية.
ما يميز الرواية حقاً لغة المؤلف الفصيحة، وبراعته في استخدام الألفاظ، فالكلمات تنساب بين يديه مثل الماء الجاري، والشعر الذي أورده بين ثنايا النص يبعث الهمة في الإنسان، ومطابق لواقع الحال، وهذا يدل على أن المؤلف -حفظه الله- درس تراث الغزالي وهضمه جيداً، فمن يكتب هذه الرواية بهذه الرصانة والصفحات التي تجاوزت ٦٠٠ ؛ لابد من اطلاعه على مؤلفات الغزالي الإفادة منها.
ركز المؤلف كثيرا على الصراع النفسي عند شخصيات الرواية، وعالجه بطريقة جميلة، مثل صراع ملكشاه مع نفسه لسحب مكانة نظام الملك، وصراع تركان خاتون لتعيين ابنها، وصراع عبيد الموسوس الباطني وصراع الغزالي ... إلخ.
كانت كلمات الغزالي في الرواية موزونة تدل على عقلية فريدة وذهن وقاد، ولا أعلم هل هذا كلام الغزالي من كتبه أم كلام المؤلف، فكان هدف الغزالي هو نبذ الخلاف والتقريب بين المذاهب، والعودة إلى الوسطية وتعليم الناس دينهم وترك الجدل والجدال.
أظهرت الرواية موقف حكام المسلمين من قضايا عصرهم ونزاعهم فيما بينهم، وتقاعسهم عن مواجهة الحملات الصليبية، وتسلط الباطنية في البلاد وقتلهم نظام الملك وابنه ومشايخ الصوفية والغزالي أخيرا. فكان هدفهم واضحا منذ البداية، ومنظمين في تحقيقه بخلاف المسلمين قلوبهم شتى بين الصراعات على الحكم والجدال في الدين فأصابهم ما أصابهم من ضعف وهوان وقتل وتشريد، وكان المؤلف يمدح من مات شهيدا ويذم من قتل خائنا بسلاح العدو مثل جوهر/ جرار اللعين.
لا أدري سبب "الشك" الذي لازم الغزالي على طول الرواية، فعندما كان قريب من الحكام وصاحب حظوة كان يشك في قلة العطاء، وعندما ترك التدريس وانقطع للعبادة في الخانقاه كان يشك في عدم قبول العمل، ودائما ما يتهم نفسه والأمر الواحد يؤوله لعدة أمور، فإذا أراد التكلم يقول رياء وإذا سكت يقول كتمان علم، وإذا رد يقول حظ نفس، لا أدري هل كان الغزالي هكذا ؟
والتصوف الذي وصل إليه الغزالي في نهاية حياته ومعالجة القلوب = جميل ومحمود لكنه لا يطلب منه ترك تعليم الناس وترك قضايا الأمة فالعلم الذي لا يخدم الناس وينصح لهم ويخدم الدين أولا= علم مذموم. وإجابة الغزالي أو المؤلف عن سؤال الدرويش صفحة ٦١١- ٦١٣ بديعة وموزونة.
في الحقيقة، من أجمل الروايات التي قرأتها وسوف أقرأ بقية أعمال الكاتب في وقت آخر، فأسلوبه رائع ولغته فصيحة ملهمة، ونصائحه جميلة بين السطور، فلن يخرج القارئ من هذه الرواية كما دخل أبدا، ولا شك ستؤثر فيه، وفي نظرته للحياة.
د. محمد عبد العاطي محمد
القاهرة المحروسة ، ١٠ أغسطس ٢٠٢٤م.
دانشمند، أحمد فال الدين، 636 صفحة.
.............
هكذا تُكتب الرواية التاريخية وإلّا بلاش.
تحكي هذه الرواية الجميلة سيرة الإمام الغزالي -رحمه الله- منذ طفولته حتى وفاته، وسياحته في البلاد بحثًا عن الحقيقة والنفس، وتقلبه بين المذاهب وعلم الكلام والتصوف، والشك الذي لازمه طيلة الرواية، وقربه من سلاطين السلاجقة في مقتبل عمره، وتدريسه في النظامية التي بناها الوزير السلجوقي الشهير "نظام الملك" للتقريب بين الناس ونزع الخلافات بين الحنفية والشافعية.
ما يميز الرواية حقاً لغة المؤلف الفصيحة، وبراعته في استخدام الألفاظ، فالكلمات تنساب بين يديه مثل الماء الجاري، والشعر الذي أورده بين ثنايا النص يبعث الهمة في الإنسان، ومطابق لواقع الحال، وهذا يدل على أن المؤلف -حفظه الله- درس تراث الغزالي وهضمه جيداً، فمن يكتب هذه الرواية بهذه الرصانة والصفحات التي تجاوزت ٦٠٠ ؛ لابد من اطلاعه على مؤلفات الغزالي الإفادة منها.
ركز المؤلف كثيرا على الصراع النفسي عند شخصيات الرواية، وعالجه بطريقة جميلة، مثل صراع ملكشاه مع نفسه لسحب مكانة نظام الملك، وصراع تركان خاتون لتعيين ابنها، وصراع عبيد الموسوس الباطني وصراع الغزالي ... إلخ.
كانت كلمات الغزالي في الرواية موزونة تدل على عقلية فريدة وذهن وقاد، ولا أعلم هل هذا كلام الغزالي من كتبه أم كلام المؤلف، فكان هدف الغزالي هو نبذ الخلاف والتقريب بين المذاهب، والعودة إلى الوسطية وتعليم الناس دينهم وترك الجدل والجدال.
أظهرت الرواية موقف حكام المسلمين من قضايا عصرهم ونزاعهم فيما بينهم، وتقاعسهم عن مواجهة الحملات الصليبية، وتسلط الباطنية في البلاد وقتلهم نظام الملك وابنه ومشايخ الصوفية والغزالي أخيرا. فكان هدفهم واضحا منذ البداية، ومنظمين في تحقيقه بخلاف المسلمين قلوبهم شتى بين الصراعات على الحكم والجدال في الدين فأصابهم ما أصابهم من ضعف وهوان وقتل وتشريد، وكان المؤلف يمدح من مات شهيدا ويذم من قتل خائنا بسلاح العدو مثل جوهر/ جرار اللعين.
لا أدري سبب "الشك" الذي لازم الغزالي على طول الرواية، فعندما كان قريب من الحكام وصاحب حظوة كان يشك في قلة العطاء، وعندما ترك التدريس وانقطع للعبادة في الخانقاه كان يشك في عدم قبول العمل، ودائما ما يتهم نفسه والأمر الواحد يؤوله لعدة أمور، فإذا أراد التكلم يقول رياء وإذا سكت يقول كتمان علم، وإذا رد يقول حظ نفس، لا أدري هل كان الغزالي هكذا ؟
والتصوف الذي وصل إليه الغزالي في نهاية حياته ومعالجة القلوب = جميل ومحمود لكنه لا يطلب منه ترك تعليم الناس وترك قضايا الأمة فالعلم الذي لا يخدم الناس وينصح لهم ويخدم الدين أولا= علم مذموم. وإجابة الغزالي أو المؤلف عن سؤال الدرويش صفحة ٦١١- ٦١٣ بديعة وموزونة.
في الحقيقة، من أجمل الروايات التي قرأتها وسوف أقرأ بقية أعمال الكاتب في وقت آخر، فأسلوبه رائع ولغته فصيحة ملهمة، ونصائحه جميلة بين السطور، فلن يخرج القارئ من هذه الرواية كما دخل أبدا، ولا شك ستؤثر فيه، وفي نظرته للحياة.
د. محمد عبد العاطي محمد
القاهرة المحروسة ، ١٠ أغسطس ٢٠٢٤م.
May 30, 2025
كقارئ من خلفية صوفية، كانت تجربتي مع هذا الكتاب مميزة وعميقة على مستوى الروح والفكر. شعرت أن الكاتب أحمد فال الدين لم يقدّم مجرد سيرة عن الإمام الغزالي، بل رسم لوحة حيّة لتقلّبات النفس البشرية، وأضاء بأسلوب سردي جميل وتجربة وصفية حساسة مسارات التحوّل الداخلي التي يمرّ بها السالك في طريقه إلى الله.
شدّتني في الكتاب فكرتان أساسيتان أثّرتا بي بشكل خاص:
أولاً، فكرة النفس، وكيف أن الجاه والعلم والسلطة قد تُغيّر في نفسية الإنسان دون أن يشعر، فتدفعه إلى الصراع من أجل الهيبة والمكانة، حتى وإن كان ظاهرُه التديّن. أضاء الكاتب هذه النقطة من خلال حديثه عن النية، وكيف تتحوّل إلى ميدان اختبار بين ما هو لله وما هو للذات. شعرت أن هذا التناول قريب جداً من تجاربي الصوفية وتربيتي الروحية، حيث تُعد النية حجر الأساس في صدق السير.
أما الفكرة الثانية، فكانت حول الفتن، وخصوصاً تلك التي نشأت في ذلك العصر، حيث لم تكن المشكلة محصورة في التباين بين الفرق، بل في انشغال المذاهب الأربعة والطوائف بمسائل الجدل والانقسام، على حساب التعمق في جوهر الدين وتذوق حقيقته. وكم أحتاج هذا التذكير اليوم، وسط كثرة الأصوات والآراء، بأن السبيل الأصدق هو سبيل السكينة والرجوع إلى الله بعيداً عن الضجيج.
الكتاب في مجمله كان جميلاً ومؤثراً، ووجدت فيه الكثير مما يُلهم كل باحث صادق عن طريق التصوف. إنه من الكتب التي لا تكتفي بعرض الفكر، بل توقظ في القارئ حنيناً إلى الصفاء والصدق والبساطة التي تشكّل روح الدين.
شدّتني في الكتاب فكرتان أساسيتان أثّرتا بي بشكل خاص:
أولاً، فكرة النفس، وكيف أن الجاه والعلم والسلطة قد تُغيّر في نفسية الإنسان دون أن يشعر، فتدفعه إلى الصراع من أجل الهيبة والمكانة، حتى وإن كان ظاهرُه التديّن. أضاء الكاتب هذه النقطة من خلال حديثه عن النية، وكيف تتحوّل إلى ميدان اختبار بين ما هو لله وما هو للذات. شعرت أن هذا التناول قريب جداً من تجاربي الصوفية وتربيتي الروحية، حيث تُعد النية حجر الأساس في صدق السير.
أما الفكرة الثانية، فكانت حول الفتن، وخصوصاً تلك التي نشأت في ذلك العصر، حيث لم تكن المشكلة محصورة في التباين بين الفرق، بل في انشغال المذاهب الأربعة والطوائف بمسائل الجدل والانقسام، على حساب التعمق في جوهر الدين وتذوق حقيقته. وكم أحتاج هذا التذكير اليوم، وسط كثرة الأصوات والآراء، بأن السبيل الأصدق هو سبيل السكينة والرجوع إلى الله بعيداً عن الضجيج.
الكتاب في مجمله كان جميلاً ومؤثراً، ووجدت فيه الكثير مما يُلهم كل باحث صادق عن طريق التصوف. إنه من الكتب التي لا تكتفي بعرض الفكر، بل توقظ في القارئ حنيناً إلى الصفاء والصدق والبساطة التي تشكّل روح الدين.
September 8, 2025
(1) الوقفة الأولى: توطئة
يعد الإمام أبو حامد الغزالي أحد أقطاب الأمة الذين يشار إليهم بالبنان، حيث تفتقت مواهبه باكرا، وأظهر من علامات النبوغ ما جعله يتولى أمور التدريس والفتيا والتأليف في نيسابور، و من ثم بغداد التي تولى أمر المدرسة النظامية فيها بعناية وتدبير من وزير الدولة نظام الملك، الذي كان يكنّ لأبي حامد الغزالي كل محبة وتقدير لمكانته العلمية.
عاش الإمام في فترة كثرت فيها الفتن والنزاعات المذهبية والسياسية، سواء في المشرق أو حتى في المغرب العربي إذ نعلم الآن، بأن أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين استعان برأي الإمام في توطيد أركان الدولة المرابطية، ناهيك عن دوره الكبير في دعم الخلافة العباسية ووحدة الصف الإسلامي في مواجهة أعدائها من الطامعين في زوالها. وجد الغزالي نفسه أمام مهمة كبيرة نصرة لمبادئه وأفكاره التي كانت متماهية مع توجهات الدولة آنذاك، وهكذا انبرى للباطنية والفلاسفة والمتكلمين من أصحاب المذاهب الأخرى، يؤلف التواليف الكثيرة للرد عليهم، والحط ��ن قدرهم، حتى دارت الدوائر ولله الأمر من قبل ومن بعد.
لكي نستطيع الحكم على حياة الإمام، علينا أن نتتبع كل تلك التغيرات التي ألمت به، وأثرت على أفكاره وتوجهاته، فرغم إنكار الإمام على الفلاسفة ونشر كتاب تهافت الفلاسفة، إلا أن الفلسفة ظلت تسكنه أو في استعارة لمقولة تلميذه أبو بكر بن العربي: "شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيأهم فما استطاع"، كما أن مرحلة التصوف والعزلة التي عاشها لفترة ليست بالقصيرة، وقد هجر كل شيء يتعلق بالدنيا من مجالسة أهل السلطان، والرد على الخصوم، والتمتع بملذات الحياة الفانية، كلها سوف يكون لها أثر كبير على عقلية الرجل وطريقة تفكيره، والتي نجدها في كتاب المنقذ من الضلال وإحياء علوم الدين التي نشرت بعد العزلة التي مر بها دانِشمَند.
تتبنى السردية التقليدية وجهة نظر قاسية اتجاه الإمام الغزالي، وتتهمه في كونه سبب تأخر الأمة عن النهوض بالعلوم، وتولي سلطة العرفان (الصوفي) ونبذها للبرهان، وهي السردية التي يؤيدها محمد عابد الجابري في مشروع بنية العقل العربي، إلا أن هناك سردية بديلة تقول بإن الإمام الغزالي لم يكن سوى عالم مجتهد في وسط بحر متلاطم من عوالم الأفكار والعقائد، ولا يمكن ادعاء تحمله أعباء تأخر الأمة والتأثير سلبيا على تقدم العقل العربي بأي حال من الأحوال، كما أن هناك أدلة علمية وعملية تستدعي إعادة النظر في صحة هذه الفرضية، لوجود عشرات الإنجازات العلمية في مجالات الفلك والطب والرياضيات وغيرها، بدأت منذ عصر الغزالي واستمرت لعدة قرون بعد وفاته.
#يتبع
(2) الوقفة الثانية: عن المؤلف
مؤلف رواية دانشمند هو الأديب أحمد فال الدين، فتى شنقيط، صاحب الصوت الإعلامي المميز، الذي تتبدى من خلاله فخامة الفصحى وإمكانياتها العجيبة. هو متعدد المواهب إذن، وإن كانت صورته الإعلامية بقيت هي الأبرز في أذهان محبيه، وربما تسللت متقافزة بوعي أو بدون وعي في إنتاجاته الأدبية الأولى، ولعل أهم عمل قرأته لابن فال الدين وجعلني أكتشف مواهبه الإبداعية رواية الحدقي، والتي كانت شبه سيرة أيضا لشيخنا أبي عثمان الجاحظ، الذي يحبه المؤلف كثيرا (احتفى به في حلقة من أسمار وأفكار على اليوتيوب)، تميزت تلك الرواية بأسلوب مقابلة بين زمنين وعالمين بين زمن الجاحظ في القرن الثاني والثالث الهجري وبين شخصية عصرية إعلامية تعيش عصرنا هذا في الدوحة، ولا أنسى حينها كيف جعلتني تلك الرواية أبحث عن حقيقة ذلك المشهد الذي رسمه المؤلف لحضور الجاحظ في جنازة الخليل بن أحمد الفراهيدي والتقاء عيونه ب ( ابنة الفراهيدي) والتي تركت أثرا في قلب أبي عثمان، لقد بذلت جهدي حينها دون فائدة بحثا وراء شيء مفقود، لم أجد إليه سبيلا.
يتميز المؤلف بحس مرهف، وقلم مطواع، ومعجم عربي واسع يساعده في شد القارئ نحو لغة العصر الذي تتحرك شخصيات المؤلف حوله، وإن كان أحيانا يزين حواراته بعض اللوازم الكلامية التي يكررها كثيرا في حياته المهنية مثل كلمة (شوف) وكلمة (عجيب) وغيرهما.
لعلني أتجرأ على القول بأن تمرس المؤلف في الاشتغال الأدبي والتاريخي، وقدرته على القراءة النقدية للأحداث، يكاد يغطي على بعض هفوات شخصية الراوي التي يتمنطق بها في رواية مثل دانشمند أو حتى رواية الحدقي التي أشرت إليها سابقا. لذا تجده يتنقل معك بين الفصول، مراوحا بين الحدث الروائي ومقابله التاريخي، ومزاوجا بينهما أحيانا كثيرة، تاركا في ذهن القارئ، أسئلة مفتوحة دائما إلى النهاية.
كان آخر عمل قرأته للمؤلف كتاب تحت عنوان حجر الأرض، حول أفغانستان البلد والشعب والحضارة والتحرير من المحتل الغاشم، وهناك أيضا برزت مواهب ود فال الدين في القدرة على تطويع الأدب ومهارات السرد في حكاية ما لا يمكن أن يحكى بأسلوب التقارير الإعلامية الجامدة دون روح!.
أما رواية دانشمند فهي تحفة فنية ينبغي أن نحتفي بها في المنشور اللاحق..
#يتبع
(3) الوقفة الأخيرة: الرواية
يتلذذ القارئ الساذج (الذي أمثله هنا) في عيش مغامرة الغرق في تفاصيل أحداث رواية (دانشمند) الشائقة، بكل ما تمثله كثافة اللغة، وتفاوت إيقاع الرواية اختزالا وتفصيلا، سرعةً وبطئاً، وكأنك تشعر بكل نقلة على رقعة الشطرنج من فصل إلى آخر. كما يبدو الراوي مسكون بالقصة التاريخية التي لا تنقصها الشخصيات الفاعلة في المشهد، أو حتى الأبعاد الزمانية والمكانية المترابطة إلى حد التشابك والتداخل أحيانا، وكأن الأحداث تعود في دائرة مغلقة تبدأ من الطابران عندما كان الغزالي يتهادى في أول يوم مدرسة له، وصولا إلى طابران آخر الزمان، والإمام يودع الدنيا متأملا حال نفسه، وأهله، وكتبه، وما ترك من علم وأثر.
ما يميز الرواية تلك اللغة العالية، المليئة بمفردات قاموسية تدل على ثيمة عصرها، بل واختلاف مشارب شخصياتها، إذ تسمع أنين مريض في بيت، أو تجذبك كلمة فارسية أو تركية يطلقها طالب في الخانقاه، أو بائع في السوق، أو سجين يحاول الدفاع عن براءته في حضرة الشرط. هي أصوات صاخبة أراد المؤلف التأكيد من خلالها على تنوع البيئة الثقافية التي يعيش الإمام في ظلالها، ويطرح تساؤلا حول مدى تأثير بيئة كتلك على سعة أو ضيق فكر الشيخ، واختياراته المتعددة في مواجهة الاختلاف أو تقبله حينا، وتجاهله أو الهروب بعيدا طلبا للنجاة أحيانا أخرى.
وهل يملك عالم العلماء -في أي زمان ومكان- فسحة التخلي عن هموم الأمة واعتزال أحوالها ومآلاتها خوف من السقوط في براثن النفاق والشقاق وأمراض القلوب؟!
من وجهة نظر شخصية، فإن الرواية زاوجت بين البعد الفني الإبداعي في السرد، وبين البعد التاريخي الموضوعي، دون أن يخل ذلك بجماليات الرواية وتسلسل أحداثها، رغم تعدد الحبكات، وتنوع أصواتها، ومن هنا تجد أحيانا صوت الراوي قادما من الخارج بكل وضوح ليصف حدثا تاريخيا، وفي أحيانا أخرى يعود الصوت إلى شخصيات الرواية من جديد، وهي ميزة تعدد المصادر التاريخية التي يتكئ عليها المؤلف، وإن كان أحيانا يترك لنفسه المجال واسعا في إنشاء جملا اعتراضية طويلة نسبيا؛ لبيان قول، أو شرح درس، أو إلقاء خطبة قصيرة.
يبقى دانشمند شخصية فريدة في تاريخنا الإسلامي، ورغم كل تلك التحولات التي مرت بها، إلا أن الاقتراب من ملامحها الإنسانية، تجعلنا أكثر قدرة على إعادة قراءتها وتقبلها دون أحكام مسبقة، ولعل رواية كهذه تساعدنا على تجاوز صعوبة المهمة: "أمسك الستارة، وأعادها ثم ابتعد عن النافذة،وجلس. وظل غارقا في أسئلته وهواجسه حتى انتهى إلى سمعه أذان الفجر...
-إلهي! طال التردي في أودية العطش... وكلّت رجل العقل الضعيفة من السرى.. ولا هادي إلا أنت! إلهي، انظر إليّ بعين الرحمة ووجهني إلى طريق الحق!".
#انتهى
يعد الإمام أبو حامد الغزالي أحد أقطاب الأمة الذين يشار إليهم بالبنان، حيث تفتقت مواهبه باكرا، وأظهر من علامات النبوغ ما جعله يتولى أمور التدريس والفتيا والتأليف في نيسابور، و من ثم بغداد التي تولى أمر المدرسة النظامية فيها بعناية وتدبير من وزير الدولة نظام الملك، الذي كان يكنّ لأبي حامد الغزالي كل محبة وتقدير لمكانته العلمية.
عاش الإمام في فترة كثرت فيها الفتن والنزاعات المذهبية والسياسية، سواء في المشرق أو حتى في المغرب العربي إذ نعلم الآن، بأن أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين استعان برأي الإمام في توطيد أركان الدولة المرابطية، ناهيك عن دوره الكبير في دعم الخلافة العباسية ووحدة الصف الإسلامي في مواجهة أعدائها من الطامعين في زوالها. وجد الغزالي نفسه أمام مهمة كبيرة نصرة لمبادئه وأفكاره التي كانت متماهية مع توجهات الدولة آنذاك، وهكذا انبرى للباطنية والفلاسفة والمتكلمين من أصحاب المذاهب الأخرى، يؤلف التواليف الكثيرة للرد عليهم، والحط ��ن قدرهم، حتى دارت الدوائر ولله الأمر من قبل ومن بعد.
لكي نستطيع الحكم على حياة الإمام، علينا أن نتتبع كل تلك التغيرات التي ألمت به، وأثرت على أفكاره وتوجهاته، فرغم إنكار الإمام على الفلاسفة ونشر كتاب تهافت الفلاسفة، إلا أن الفلسفة ظلت تسكنه أو في استعارة لمقولة تلميذه أبو بكر بن العربي: "شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيأهم فما استطاع"، كما أن مرحلة التصوف والعزلة التي عاشها لفترة ليست بالقصيرة، وقد هجر كل شيء يتعلق بالدنيا من مجالسة أهل السلطان، والرد على الخصوم، والتمتع بملذات الحياة الفانية، كلها سوف يكون لها أثر كبير على عقلية الرجل وطريقة تفكيره، والتي نجدها في كتاب المنقذ من الضلال وإحياء علوم الدين التي نشرت بعد العزلة التي مر بها دانِشمَند.
تتبنى السردية التقليدية وجهة نظر قاسية اتجاه الإمام الغزالي، وتتهمه في كونه سبب تأخر الأمة عن النهوض بالعلوم، وتولي سلطة العرفان (الصوفي) ونبذها للبرهان، وهي السردية التي يؤيدها محمد عابد الجابري في مشروع بنية العقل العربي، إلا أن هناك سردية بديلة تقول بإن الإمام الغزالي لم يكن سوى عالم مجتهد في وسط بحر متلاطم من عوالم الأفكار والعقائد، ولا يمكن ادعاء تحمله أعباء تأخر الأمة والتأثير سلبيا على تقدم العقل العربي بأي حال من الأحوال، كما أن هناك أدلة علمية وعملية تستدعي إعادة النظر في صحة هذه الفرضية، لوجود عشرات الإنجازات العلمية في مجالات الفلك والطب والرياضيات وغيرها، بدأت منذ عصر الغزالي واستمرت لعدة قرون بعد وفاته.
#يتبع
(2) الوقفة الثانية: عن المؤلف
مؤلف رواية دانشمند هو الأديب أحمد فال الدين، فتى شنقيط، صاحب الصوت الإعلامي المميز، الذي تتبدى من خلاله فخامة الفصحى وإمكانياتها العجيبة. هو متعدد المواهب إذن، وإن كانت صورته الإعلامية بقيت هي الأبرز في أذهان محبيه، وربما تسللت متقافزة بوعي أو بدون وعي في إنتاجاته الأدبية الأولى، ولعل أهم عمل قرأته لابن فال الدين وجعلني أكتشف مواهبه الإبداعية رواية الحدقي، والتي كانت شبه سيرة أيضا لشيخنا أبي عثمان الجاحظ، الذي يحبه المؤلف كثيرا (احتفى به في حلقة من أسمار وأفكار على اليوتيوب)، تميزت تلك الرواية بأسلوب مقابلة بين زمنين وعالمين بين زمن الجاحظ في القرن الثاني والثالث الهجري وبين شخصية عصرية إعلامية تعيش عصرنا هذا في الدوحة، ولا أنسى حينها كيف جعلتني تلك الرواية أبحث عن حقيقة ذلك المشهد الذي رسمه المؤلف لحضور الجاحظ في جنازة الخليل بن أحمد الفراهيدي والتقاء عيونه ب ( ابنة الفراهيدي) والتي تركت أثرا في قلب أبي عثمان، لقد بذلت جهدي حينها دون فائدة بحثا وراء شيء مفقود، لم أجد إليه سبيلا.
يتميز المؤلف بحس مرهف، وقلم مطواع، ومعجم عربي واسع يساعده في شد القارئ نحو لغة العصر الذي تتحرك شخصيات المؤلف حوله، وإن كان أحيانا يزين حواراته بعض اللوازم الكلامية التي يكررها كثيرا في حياته المهنية مثل كلمة (شوف) وكلمة (عجيب) وغيرهما.
لعلني أتجرأ على القول بأن تمرس المؤلف في الاشتغال الأدبي والتاريخي، وقدرته على القراءة النقدية للأحداث، يكاد يغطي على بعض هفوات شخصية الراوي التي يتمنطق بها في رواية مثل دانشمند أو حتى رواية الحدقي التي أشرت إليها سابقا. لذا تجده يتنقل معك بين الفصول، مراوحا بين الحدث الروائي ومقابله التاريخي، ومزاوجا بينهما أحيانا كثيرة، تاركا في ذهن القارئ، أسئلة مفتوحة دائما إلى النهاية.
كان آخر عمل قرأته للمؤلف كتاب تحت عنوان حجر الأرض، حول أفغانستان البلد والشعب والحضارة والتحرير من المحتل الغاشم، وهناك أيضا برزت مواهب ود فال الدين في القدرة على تطويع الأدب ومهارات السرد في حكاية ما لا يمكن أن يحكى بأسلوب التقارير الإعلامية الجامدة دون روح!.
أما رواية دانشمند فهي تحفة فنية ينبغي أن نحتفي بها في المنشور اللاحق..
#يتبع
(3) الوقفة الأخيرة: الرواية
يتلذذ القارئ الساذج (الذي أمثله هنا) في عيش مغامرة الغرق في تفاصيل أحداث رواية (دانشمند) الشائقة، بكل ما تمثله كثافة اللغة، وتفاوت إيقاع الرواية اختزالا وتفصيلا، سرعةً وبطئاً، وكأنك تشعر بكل نقلة على رقعة الشطرنج من فصل إلى آخر. كما يبدو الراوي مسكون بالقصة التاريخية التي لا تنقصها الشخصيات الفاعلة في المشهد، أو حتى الأبعاد الزمانية والمكانية المترابطة إلى حد التشابك والتداخل أحيانا، وكأن الأحداث تعود في دائرة مغلقة تبدأ من الطابران عندما كان الغزالي يتهادى في أول يوم مدرسة له، وصولا إلى طابران آخر الزمان، والإمام يودع الدنيا متأملا حال نفسه، وأهله، وكتبه، وما ترك من علم وأثر.
ما يميز الرواية تلك اللغة العالية، المليئة بمفردات قاموسية تدل على ثيمة عصرها، بل واختلاف مشارب شخصياتها، إذ تسمع أنين مريض في بيت، أو تجذبك كلمة فارسية أو تركية يطلقها طالب في الخانقاه، أو بائع في السوق، أو سجين يحاول الدفاع عن براءته في حضرة الشرط. هي أصوات صاخبة أراد المؤلف التأكيد من خلالها على تنوع البيئة الثقافية التي يعيش الإمام في ظلالها، ويطرح تساؤلا حول مدى تأثير بيئة كتلك على سعة أو ضيق فكر الشيخ، واختياراته المتعددة في مواجهة الاختلاف أو تقبله حينا، وتجاهله أو الهروب بعيدا طلبا للنجاة أحيانا أخرى.
وهل يملك عالم العلماء -في أي زمان ومكان- فسحة التخلي عن هموم الأمة واعتزال أحوالها ومآلاتها خوف من السقوط في براثن النفاق والشقاق وأمراض القلوب؟!
من وجهة نظر شخصية، فإن الرواية زاوجت بين البعد الفني الإبداعي في السرد، وبين البعد التاريخي الموضوعي، دون أن يخل ذلك بجماليات الرواية وتسلسل أحداثها، رغم تعدد الحبكات، وتنوع أصواتها، ومن هنا تجد أحيانا صوت الراوي قادما من الخارج بكل وضوح ليصف حدثا تاريخيا، وفي أحيانا أخرى يعود الصوت إلى شخصيات الرواية من جديد، وهي ميزة تعدد المصادر التاريخية التي يتكئ عليها المؤلف، وإن كان أحيانا يترك لنفسه المجال واسعا في إنشاء جملا اعتراضية طويلة نسبيا؛ لبيان قول، أو شرح درس، أو إلقاء خطبة قصيرة.
يبقى دانشمند شخصية فريدة في تاريخنا الإسلامي، ورغم كل تلك التحولات التي مرت بها، إلا أن الاقتراب من ملامحها الإنسانية، تجعلنا أكثر قدرة على إعادة قراءتها وتقبلها دون أحكام مسبقة، ولعل رواية كهذه تساعدنا على تجاوز صعوبة المهمة: "أمسك الستارة، وأعادها ثم ابتعد عن النافذة،وجلس. وظل غارقا في أسئلته وهواجسه حتى انتهى إلى سمعه أذان الفجر...
-إلهي! طال التردي في أودية العطش... وكلّت رجل العقل الضعيفة من السرى.. ولا هادي إلا أنت! إلهي، انظر إليّ بعين الرحمة ووجهني إلى طريق الحق!".
#انتهى
October 21, 2025
دانشمند تعني بالفارسية عالم العلماء .. الرواية هي سيرة ذاتية للإمام ابي حامد الغزالي تستعرض حياته من طفولته وتعليمه على يد كبار الفقهاء .. عاش الغزالي في زمن الفتن السياسية و المذهبية.. اي في زمن حسن الصباح و الحروب الصليبية
لغة الرواية : لغة عربية رشيقة و قوية..وصفت بأنها رواية تقرأ كعمل أدبي وتدرس كبحث معرفي.
اهم كتب الغزالي: إحياء علوم الدين يجمع بين الفقه والتصوف والأخلاق
لغة الرواية : لغة عربية رشيقة و قوية..وصفت بأنها رواية تقرأ كعمل أدبي وتدرس كبحث معرفي.
اهم كتب الغزالي: إحياء علوم الدين يجمع بين الفقه والتصوف والأخلاق
April 23, 2025
انتهيت من رواية #دانشمند للكاتب #أحمد_فال_الدين
هي عمل أدبي ضخم (636 صفحة) يتناول سيرة الإمام أبي حامد الغزالي، أحد أبرز علماء الإسلام، في قالب روائي يجمع بين التاريخ والخيال.
و السرد الأدبي التأملي و الفلسفة بأسلوب توثيقي عميق يعكس اهتمام الكاتب بشخصية الإمام أبوحامد الغزالي من الناحية المعرفية
“دانشمند” هي رواية ذات طابع فلسفي عميق و رحلة في النفس و الذات و تقلباتها ، تدور أحداثها حول شخصية مركزية تُدعى دانشمند (وهي كلمة فارسية تعني “العالِم” أو “الفيلسوف”)، يعيش صراعًا داخليًا بين العقل والإيمان، ويمر بمراحل من الشك والبحث عن الحقيقة في عالم مضطرب بين الشرق والغرب، بين الدين والفكر، وبين العلم والروح.
تسرد الرواية حياة الغزالي منذ طفولته الفقيرة، مرورًا بمراحل دراسته وصعوده إلى قرب السلطة، ثم تحوله الروحي والفكري ورحلته في البحث عن الحقيقة والتصوف، مع رصد دقيق للأحداث السياسية والاجتماعية لعصره.
من أبرز المحاور ذلك الصراع النفسي و الفلسفي من خلال المواقف الحياتية والتجارب الفكرية التي مرّ بها الغزالي و التي تمحورت حول الحياة و دور الدين و العلم
كذلك تتناول الرواية بعضا من النقد الثقافي والديني حيث تتطرق الرواية بطريقة غير مباشرة الى ضعف المؤسسات الدينية حين تُفقد روحها، كما تسائل سطوة الغرب على الفكر، دون أن تقع في فخ التبجيل أو الشيطنة لأي طرف.
لغة الرواية فخمة فصيحة وجزلة، مليئة بالتشبيهات والصور الأدبية، وتُظهر إلمام الكاتب العميق بتراث الغزالي والبيئة التاريخية التي عاش فيها
أظهر الكاتب براعة في رسم الشخصيات التاريخية وتحريكها ضمن الأحداث، مع وصف دقيق للمكان والزمان حتى يشعر القارئ أنه يعيش في تلك الحقبة
البطل دانشمند يمثل “العقل الباحث”، وهناك شخصيات أخرى تعكس تنوع الاتجاهات: الديني التقليدي، الليبرالي، الغربي، المتصوف، وغيرهم، ما يمنح الرواية بُعدًا حواريًا غنيًا.
تغطي الرواية قضايا فكرية وفلسفية وصوفية، وتطرح أسئلة حول علاقة العالم بالسلطة، وجهاد النفس، وأزمات الشك واليقين، دون تقديس الشخصيات بل تظهرهم بنوازعهم البشرية
تميزت الرواية بتصوير الحياة اليومية في مدن مثل بغداد ونيسابور ودمشق والقدس، وإحياء تفاصيل الأسواق والمكتبات وأجواء العلم.
الرواية لا تروج لفكر محدد بقدر ما تطرح الأسئلة وتترك الباب مفتوحًا للتأمل، ولكنها تميل إلى تعظيم التوازن بين العقل والإيمان.
🛑من جهة أخرى و برأي الشخصي : كانت هناك بعض الإطالة في التفاصيل، وكثرة المقاطع التي لا تخدم الحبكة، واستخدام كلمات فارسية أو غريبة دون شرح، ما جعلها مرهقة للبعض و بلا داعٍ أحيانًا.
🛑لم تنجح في خلق عمق إنساني روحي حقيقي لشخصية الغزالي، و بعض الأجزاء التاريخية جاءت جافة وسطحية أحيانًا، رغم غنى المادة الأصلية فجاءت جافة روحيا
“دانشمند” عمل روائي تاريخي طموح، يليق بالباحثين عن رواية عميقة تجمع بين الفكر والتاريخ واللغة الرفيعة. لكنها قد تكون مرهقة أو معقدة للقارئ المبتدئ، وتثير جدلاً حول أسلوب السرد وكثافة التفاصيل. ينصح بها لمحبي الروايات التاريخية والفكرية، والمهتمين بسير العلماء والتصوف الإسلام
و تجربة أدبية تستحق القراءة لمن يهتم بالفكر والفلسفة والهوية.
⭐️⭐️⭐️⭐️
هي عمل أدبي ضخم (636 صفحة) يتناول سيرة الإمام أبي حامد الغزالي، أحد أبرز علماء الإسلام، في قالب روائي يجمع بين التاريخ والخيال.
و السرد الأدبي التأملي و الفلسفة بأسلوب توثيقي عميق يعكس اهتمام الكاتب بشخصية الإمام أبوحامد الغزالي من الناحية المعرفية
“دانشمند” هي رواية ذات طابع فلسفي عميق و رحلة في النفس و الذات و تقلباتها ، تدور أحداثها حول شخصية مركزية تُدعى دانشمند (وهي كلمة فارسية تعني “العالِم” أو “الفيلسوف”)، يعيش صراعًا داخليًا بين العقل والإيمان، ويمر بمراحل من الشك والبحث عن الحقيقة في عالم مضطرب بين الشرق والغرب، بين الدين والفكر، وبين العلم والروح.
تسرد الرواية حياة الغزالي منذ طفولته الفقيرة، مرورًا بمراحل دراسته وصعوده إلى قرب السلطة، ثم تحوله الروحي والفكري ورحلته في البحث عن الحقيقة والتصوف، مع رصد دقيق للأحداث السياسية والاجتماعية لعصره.
من أبرز المحاور ذلك الصراع النفسي و الفلسفي من خلال المواقف الحياتية والتجارب الفكرية التي مرّ بها الغزالي و التي تمحورت حول الحياة و دور الدين و العلم
كذلك تتناول الرواية بعضا من النقد الثقافي والديني حيث تتطرق الرواية بطريقة غير مباشرة الى ضعف المؤسسات الدينية حين تُفقد روحها، كما تسائل سطوة الغرب على الفكر، دون أن تقع في فخ التبجيل أو الشيطنة لأي طرف.
لغة الرواية فخمة فصيحة وجزلة، مليئة بالتشبيهات والصور الأدبية، وتُظهر إلمام الكاتب العميق بتراث الغزالي والبيئة التاريخية التي عاش فيها
أظهر الكاتب براعة في رسم الشخصيات التاريخية وتحريكها ضمن الأحداث، مع وصف دقيق للمكان والزمان حتى يشعر القارئ أنه يعيش في تلك الحقبة
البطل دانشمند يمثل “العقل الباحث”، وهناك شخصيات أخرى تعكس تنوع الاتجاهات: الديني التقليدي، الليبرالي، الغربي، المتصوف، وغيرهم، ما يمنح الرواية بُعدًا حواريًا غنيًا.
تغطي الرواية قضايا فكرية وفلسفية وصوفية، وتطرح أسئلة حول علاقة العالم بالسلطة، وجهاد النفس، وأزمات الشك واليقين، دون تقديس الشخصيات بل تظهرهم بنوازعهم البشرية
تميزت الرواية بتصوير الحياة اليومية في مدن مثل بغداد ونيسابور ودمشق والقدس، وإحياء تفاصيل الأسواق والمكتبات وأجواء العلم.
الرواية لا تروج لفكر محدد بقدر ما تطرح الأسئلة وتترك الباب مفتوحًا للتأمل، ولكنها تميل إلى تعظيم التوازن بين العقل والإيمان.
🛑من جهة أخرى و برأي الشخصي : كانت هناك بعض الإطالة في التفاصيل، وكثرة المقاطع التي لا تخدم الحبكة، واستخدام كلمات فارسية أو غريبة دون شرح، ما جعلها مرهقة للبعض و بلا داعٍ أحيانًا.
🛑لم تنجح في خلق عمق إنساني روحي حقيقي لشخصية الغزالي، و بعض الأجزاء التاريخية جاءت جافة وسطحية أحيانًا، رغم غنى المادة الأصلية فجاءت جافة روحيا
“دانشمند” عمل روائي تاريخي طموح، يليق بالباحثين عن رواية عميقة تجمع بين الفكر والتاريخ واللغة الرفيعة. لكنها قد تكون مرهقة أو معقدة للقارئ المبتدئ، وتثير جدلاً حول أسلوب السرد وكثافة التفاصيل. ينصح بها لمحبي الروايات التاريخية والفكرية، والمهتمين بسير العلماء والتصوف الإسلام
و تجربة أدبية تستحق القراءة لمن يهتم بالفكر والفلسفة والهوية.
⭐️⭐️⭐️⭐️
Displaying 1 - 30 of 144 reviews