سيرة امرأة وسيرة مدينة: كلاهما يُهتك ويُغتصب من أهله.
رواية في الحب والفقدان، ونهاية لرحلة التيه التي عاشها عبد الجليل الغزال سجين السجن الصحراوي.
هدى، التي أصيبت بالعماء بعد اغتصابها،تروي وتسجّل وقائع ما عاشتهوسمعته في عتمتها، وما شاهدته حين عاد الضوء إلى عينيها بعد ليلةٍ من العشق جمعتها مع عبد الجليل الغزال قبل اختطافه وسجنه.
وتروي عن بيروت في زمن الحروب، عن حيٍّ وبيت في ”وادي أبو جميل“،مخزن أسرار أهل ومدينة وبلاد، عن أختها اليهودية وعن الحب الذي صنع أعجوبةً بعد سنوات من العتمة والموت.
بين الضوء والعتمة تزاول هدى سرد وقائع أيامها، ويتابع عبد الجليل مسعاه نحو البلاد التي تلتهمها الحرائق وكأنها مصابة بلعنة الخراب الأبدي، فيضم مصيره لشتاتٍجديد على أمل الخلاص والوصول إلى البيت...
تتابع هذه الرواية مسارات ومصائر بلادوتغوص في العمق لتروي عن الخراب والاستبداد والظلم عبر مسارات شخصيات كانت ضحية وشاهدة تسعى إلى الانعتاق والحرية.
أحمد علي الزين روائي لبناني و صحافي. أحد أبرز الكتاب و الإعلاميين في العالم العربي. منذ أواخز السبعينات بدأ في بيروت عمله في الصحافة الثقافية و عرف في كتابة المقالة في أكثر من صحيفة يومية و دورية عربية. كتب للإذاعة و التلفزيون و أنجز العديد من البرامج الدرامية و الثقافية و السياسية و له إطلالات مسرحية كاتبا و ممثلا و كذلك في الموسيقى. أما في الرواية فله العديد من الأعمال بدءًا من الطيون، روايته الأولى، إلى خربة النواح و معبر الندم و حافة النسيان و صحبة الطير.
زمنان بعيدان وحبيبان ينفصلان وحروب واغتصاب للأرض والكرامة والإنسانية.. من وادي أبو جميل والحرب الأهلية اللبنانية في سردية هدى وقصتها مع العائلة والشرف والحب والحرب والميليشيات واغتصاب الجسد والمدينة إلى وادي سليمان وسردية عبد الجليل الغزال حبيب هدى الذي اختطفته الميليشيات من بين يديها ورحلته في بلاد مزقتها الحرب وانعدمت فيها الإنسانية.. كتاب ممتاز صيغ بلغة متقنة وجميلة أنصح بقرائته
أخيرًا، بعد ثلاثة أشهر من القراءة ، انتهيت من قراءة ثلاثية عبد الجليل الغزال وتابعت رحلة عبد الجليل حتى النهاية. كان هذا الكتاب مستنزفًا لعواطفي وحزينًا ومفجعًا، ربما أكثر من الكتاب الأول والثاني لتواجد شخصية هدى وسردها لبعض التفاصيل المؤلمة قبل اختطاف عبد الجليل. وهذا ما كان غائباً من الكتابين السابقين من السلسلة. كان السرد حزينًا للغاية ولكنه واقعي جداً. وأظهر واقع الحياة والأشخاص الذين عانوا من الصدمات المتكررة والوفيات أثناء الحروب والصراعات والسجون واشتياقهم إلى حياة أقل حزناً وألماً وكآبة. انتهيت من الكتاب مع وجود الكثير من الأسئلة في رأسي دون أجوبة حول شخصيات أخرى مثل شخصية هدى. تمنيت لو كنت أعرف ما حل يها بعد كل هذه السنوات. تمنيت أن يكون هناك بعض الأمل في لم شمل هدى وعبد الجليل بعد سنين طويلة من العذاب. لكن إذا اختار المؤلف أن يسلك هذا الطريق ، فأعتقد أنه سيدمر بناء هذه الرواية ولن تكون له هذه النهاية الحزينة والمرضية والواقعية. لأنه في الواقع ، لا نحصل على كل ما نأمله، ولا يتم دائمًا تحقيق العدالة في الحياة الدنيا. ومع ذلك، فإن الشيء الوحيد الذي أتمنى أن يدرجه المؤلف في الكتاب هو وجود عدد أكثر من الفصول حول هدى بعد أن تم اختطاف عبد الجليل. شعرت بالفضول لمعرفة ما حدث لها بعد اختطاف عبد الجليل، لكنني أعتقد أن تضمين هذه التفاصيل سيجعل الكتاب أكثر إيلامًا، وسينتهي بي الأمر بمزيد من الحزن والاكتئاب. الشيء الوحيد الذي منعني من إعطاء هذا الكتاب الخمس نجوم (التي يستحقها) هو كيفية وصف المؤلف هدى جسديًا وعلاقتها مع عبد الجليل. أنا فقط لا أحب كيف يصف بعض المؤلفين النساء في كتاباتهم. لم تكن الأوصاف في هذا الكتاب مهينة ومسيئة مقارنة لما قرأت لكتّاب آخرين، لكنني شعرت بعدم الارتياح إلى حد ما. على أي حال ، لا أصدق أن هذه الرحلة قد انتهت بالنسبة لعبد الجليل كشخصية ولي كقارئة ، لأنني أصبحت مرتبطة بالشخصية وأحداثها بالرغم من كل الألم والسوداوية. وقد جعلني السرد الجميل والشاعري وإبداع الكاتب أن أعيش كل التفاصيل في رحلته المرهقة والمروعة.
أحمد علي الزين روائي و إعلامي لبناني. معدّ و مقدّم البرنامج الثقافي "روافد" على قناة "العربية". و حسب ما ورد في مدونته فبريد الغروب هي الجزء الثالث وقد لا يكون الأخير في ثلاثية عبد الجليل غزال. تستمر ملحمة التيه و الشتات و تأخذنا لنقطة البداية لبيروت في زمن الحروب, و لعتمة هدى التي تنتهي بعد ليلة عشق مع عبد الجليل غزال الذي تبدأ عتمته بعد اختطافه و سجنه. مسارات مختلفة جمعتها مصائر متشابهة تبحث عن الخلاص في بلاد استبد بها الظلم و عمها الخراب. تظهر البيئة الفلاحية الرعوية التي ترعرع فيها في روايته, الجبال, القرى, الوديان روائح الأعشاب و الخوخ, صهيل الخيل و كل ما يرتبط بابن القرية و الجبل. يكتب بتأمل و يسبر غور الكلمة حتى يظهر لها اكثر من معنى. رواية كُتبت بأدوات فنية ناضجة عميقة و عذبة في نفس الوقت. يكتب بإنصاف حتى الشخصيات الأقل حضورًا نرتبط بها و كانّا نعرفها حين يفتح جراحها على مصراعيها فنرافقها منذ قطرة الدم الأولى إلى محطة الوصول الأخيرة. و رغم الخراب و الحروب و رائحة الموت تتجلى شاعرية المكان حين تطفو الذكريات كزبد البحر, لكن سرعان ما تتبدد هذه الرغوة بسبب طلقة أو صرخة أو رائحة شياط. حين أكتب مراجعة لأي من أعمال أحمد علي الزين لا أستطيع أن أكتب بحيادية لأني اقرأ له مذ كان يكتب في مجلة زهرة الخليج و مازلت أحتفظ بمقالاته التي جمعتها على مدى السنين.