ما من شك في أن اللغة التركية العثمانية إحدى اللغات الإسلامية المهمة التي أسهمت جنباً إلى جنب مع الفارسية والعربية في تشكيل الثقافة الإسلامية وصياغتها؛ إذ تمثل رافداً مهماً من روافد حضارتنا وتراثنا الإسلامى فلا يمكن أن ندرس تاريخنا بمعزل عن الوثائق التركية التي كُتبت إبان الحكم العثمانى، وما أكثر هذه الوثائق التي يمكن أن تكون عاملاً مهماً في الكشف عن حقائق علمية وتاريخية. ولعل من المهم الإشارة إلى أن العمل في مجال اللغة العثمانية يتطلب جهداً جهيداً؛ وماذاك إلا لأن العثمانية تشتمل على ثلاث لغات هي الفارسية والعربية إلى جانب التركية. كما أنها تعج بالألفاظ الفارسية التي لا بد من الإلمام بها لمن أراد تعلم العثمانية، هذا بالإضافة إلى أن بعض الألفاظ العربية التي دخلت التركية أخذت دلالات أخرى، بما يقتضي حتمية معرفة هذه الدلالات. وقد جاءت فكرة عمل هذا الكتاب منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ ظلت هذه الفكرة تشغلني حتى منيت نفسي بأن أقوم بهذا العمل الشاق، إذ تمثل الكتابة في مجال القواعد صعوبة كبيرة؛ نظراً لأن هذا الكتاب ليس المحاولة الأولى في هذا الإطار، بل سبقها الكثير من الكتب التي جمعها وأعدها أساتذتنا وزملاؤنا، وكانت مرجعاً مهماً أفدت منه. وقد حرصت على أن أتبع منهجاً جديداً في هذا الكتاب يرتكز على الوقوف أمام كل قاعدة بالشرح والتفصيل من خلال شواهد وأمثلة كثيرة؛ حتى تثبت القاعدة، كما كان مبلغ حرصي أن تصطبغ الأمثلة بالصبغة العثمانية، وفي هذا الإطار استعنت بأمهات كتب القواعد التركية العثمانية للإتيان بهذه الشواهد، كما أنني توقفت أمام الجزئيات المستخلصة من القاعدة بالشرح والتفصيل. وهدفت من هذا المنهج أن يكون الكتاب مفيداً لطلاب مرحلة الليسانس وكذا لطلاب الدراسات العليا الذين يعتمدون على المراجع المكتوبة باللغة التركية العثمانية.