كتيب يقع في ٨٤ص. كاتبه هو جار الله الزمخشري المعتزلي -يرحمه الله- صاحب تفسير (الكشاف) الشهير.
أوجز فيه الزمخشري الكلام في عقيدة المعتزلة وأصولهم الخمسة، هذا مع الكلام في الإلهيات والنبوات والسمعيات.
ومرة أخرى*، يرد على معظم ما شاغب به ملاحدة الغرب وأذنابهم مثقفجية العرب في كلمات وجيزة وقبل قرون من ولادتهم. مع ردود على الأشاعرة في قولهم بقدم الصفات مع قيامها بالذات، وعقيدتهم في القدر التي هي عند التحقيق جبر. واقض العجب من قوله غفر الله لنا وله عند رده على أقانيم النصارى: "وإن أرادوا بأقنوم الأب الذات، وأقنوم الابن العلم، وأقنوم الروح القدس الحياة، فجوابه جواب الأشعرية!!"
هذا مع الرد على الأشاعرة فيما ذكروه من أن لله كلامًا نفسيًا قديمًا، والحشوية في قولهم أن كلامه حروف وأصوات تتقدم وتتأخر ككلامنا، وردوده هذه تأصيلٌ لخلق القرآن. :)
بالإضافة إلى أصالة الحسن والقبح، واستحالة إدراك المولى بالأبصار، وغيره مما تميز به المعتزلة ووافقهم في بعضه الإمامية والزيدية والإباضية وخالفهم أهل السنة والجماعة.
كتاب وجيز في عقيدة المعتزلة، تطرق فيه الزمخشري بداية لمبحث إثبات حدوث العالم ووجود الصانع، ثم مبحث الصفات، ثم مباحث العدل، ثم ختم بالوعيد والوعيد، ثم النبوات. والمباحث المبنية على نظرية الحسن والقبح الذاتي هي التي أخذت الحيز الأكبر في الكتاب.
لم أكن شديد الارتياح لأسلوب الكتاب، طوال الكتاب كنت أسائل نفسي : هل كنت أتوقع استدلالات عقلية أكثر من الركون إلى : هذا حسن وذاك قبيح؟ لكنّي أرجع وأقول لنفسي : هذا مذهبهم، والحسن والقبح ذاتي عندهم، وأفعال الله تعالى راجعة إليها عندهم، لذلك - بطريقة ما - يُعتبر هذا استدلال عقلي، في بعض الأحيان أرى تقصيرا في الاستدلال ونقض سائر الاحتمالات التي قد ترد على الدليل، فأقول : هذا الكتاب وجيز، ومقام التفصيل لا يتناسب مع مقام الإيجاز، وحتى الآن لا أدري سبب عدم ارتياحي للكتاب.
من الأمور التي تعجّبتها : - قوله : "وما لا طريق إلى إثباته وجب نفيه"
- في مقام استدلاله على الوحدانية، اكتفى بهذا الإيجاز الذي يبدو لي غريبا :
- الاستدلال في تنزيه الله تعالى عن فعل القبيح أو الإخلال بالواجب عندهم كان بسيطا جدا رغم أن الأصل هذا مهم جدا، والفصول التي التالية لهذا الفصل مبنية على هذا الأصل.
أعني أنه من الواضح أن إرجاع وجوب الفعل لمجرد العلم بوجوبه هو ساقط بالمشاهدة؛ كما لو أن زيدا من الناس لم يترك النميمة مع علمه بقبحها، ولم يُصلّ مع علمه بوجوبها.
نقطتي هي : يبدو لي أن الأدلة التي استُخدمت في كثير من الأحيان كانت أبسط بكثير من الأصل الذي كان لأجله الاستدلال، ولعل هذا ما ضايقني في بعض الأحيان، ولعل رأيي يتغير في قراءة ثانية لهذا الكتاب.
نسخة ألكترونية لمكتبة مركز بدر العلمى والثقافى بصنعاء- تحقيق عباس حسين عيسى شرف الدين . ربما اسم المؤلف وموضوع التأليف وحدهما قادران على أجتذابك وأسرك لقراءة الكتاب,, الكتاب بشكل عام أشبه ب-منافيستو الأعتزال- او بأعلان المبادئ العامة للأعتزال الى جانب شرح الاصول الخمسة للقاضى عبدالجبار. كون الزمخشرى من رأيى أفضل من فسر كتاب الله تفسيرا بلاغيا بيانيا أجماليا فلا عجب ان ترى عبقريته فى أنتقاء ألفاظه وأنتخاب مصطلحاته وأيجازها على أتم نحو , يلخص لك الرجل -رحمه الله ورضى عنه- الأعتزال بقاعده خير الكلام ما قل ودل ,, كذا تستطيع أن تتلمس درجة حزمه وشدته العلمية الفنية على خصومه من المشبهة والمجسمة والمجبرة والمرجئة حتى على الأشاعرة بأقل قليل من الكلام وبأبلغ مثال عقلى او نقلى على سبيل المثال مما ذكره عند شرحه لفقرة (القديم) ص8 "ولا يصح ماتدعيه الأشعرية من أن تصور الكلام فى النفس دون تحققه باللسان هو الكلام على الحقيقة, فأن تصور البناء والكتابة لا يكون كتابة وبناء ولو كان كلاما لما قال العقلاء للساكت : ما لك لاتتكلم , وقول الناس : فى نفسى كلام كقولهم : فى نفسى سفر" . كذلك يرى تهافت مايعرف بنظرية (الكسب الأشعرية) عند المعتزلة ص11-12 من أن العبد لايقدر على ترك الكسب وبالتبعية القول بالجبر ! كذلك تفنيده لفرية الأشعرى قوله فى تعذيب أطفال المشركين الذى ذكره فى الأبانه ص33 "وقولنا فى أطفال المشركين:أن الله يؤجج لهم فى الأخرة نارا ثم يقول لهم : أقتحومها" ! نرى الرد على ذلك فى ص12 يقول الزمخشرى "وقول الحشوية فى تعذيب أطفال المشركين باطل, كما أن العقوبة من غير جرم ظلم, ولا يعاقبون على جرم آبائهم ولذلك لاحد عليهم ولارجم ولاقطع إذا زنى آباؤهم وسرقوا" كعادته وكتأصيله ينظر الزمخشرى ويرجع الأمر الى العدل الألهى وتنزيه الله عن نقيصه الظلم. ترى جليا قدرة الزمخشرى على تعريف ما أصطلح على تسميته (بالصفات او الأسماء) عن طريق تفسيرها ببعضها البعض , على سبيل المثال ص8 "ما العالم ؟ قلت : الذى يصح منه الفعل المحكم " " ما القادر؟ قلت الذى يصح ان يفعل او لا يفعل" ص9 "ما الحى ؟ قلت :الذى ان يعلم ويقدر" ص10 "ما الغنى ؟ قلت : الحى الذى ليس بمحتاج". تستطيع أيضا ان ترى فى بضع سطور بسيطة مدى ميل وقناعة السادة المعتزلة بالتوحيد الخالص الصافى وكذا تنزيه الله سبحانه وتعالى عن كل وأى نقيصة وترى الأطار العام الذى هو بمثابة النظارة او المنظار الذى ينظر به المعتزلة لاى اصل من اصولهم او تصوراتهم عن الذات الآلهية وما ينبثق منها من معتقدات : (ليس كمثله شيئ) و ( وما ربك بظلام للعبيد). أيضا فلسفة الثواب والعقاب والتكليف وإنفاذ الوعد والوعيد تحمل رسائل عبقرية بليغة من بين سطورها لن أبالغ إن أخبرتك انها ربما ستغير نظرتك عن الغاية من الحياة بل وربما تصورك عن الله سبحانه وتعالى ككل للأفضل بلاشك ! أيضا ترى جليا طريقة المعتزلة فى التعامل مع بعض المرويات وكيف يردون او يعيدون تأويل ما يتعارض مع نص القرآن او تصور العدل والتوحيد , مثال ص19 "وقصد بقوله : (شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى) أى التأبين" كذلك ص 23 "فقد روى ( أنا افصح العرب ) قلت : خبر واحد لايعلم صحته , وإن صح فما أراد إلا زيادة مقاربة" حاولت ان اكتب افضل الأقتباسات ولكن ضل سعيى وذهب سدى إذ ما حاولت ذلك فعلى أن انسخ الكتاب كله ! كتاب لا يقرأ لمرة واحدة وأنتهى الأمر ,,, هيهات لمن وهم ذلك فالكتاب رغم قله سطوره وقله كلماته يحتاج لشروحات موسوعيه ومصنفات عملاقه أو بلغة عصرنا رسائل كاملة للدكتوراة حتى تستطيع ان تعقب وتشرح او حتى تنقد-إن حاولت- !
لم يصلح لي كمقدمة في أصول المعتزلة، لكن جيد أنه ذكر بعض الاختلافات عند المعتزلة أنفسهم، والبعض الآخر بين المعتزلة وغيرها من الفرق حول قضايا معينة. وأخيرًا لم يكتب الشيخ في باب الإمامة.