قال لهم إنه ضائع، ولا يعرف أين هي أرضه، لكن خيولا تحت تلك الناحية من النجوم، تحب القصائد أكثر مما تحب الصهيل، سألوه عن شكلها، أخذ عودا من فتات الحطب، وخطّ في الطين نصف دائرة، وعلى حدها رسم مراكب ورجالا. قال: وأنا في طريقي مررت هناك، من البحر، وهذه الأمواج التي ترونها خيل.. والرجال عدْوها. صفقت النسوة حينها، أما الشبان فقد كانت الكلمات تبرق في أعينهم، وأحدهم قال: "لكنك لم ترسم الأشجار.. الأشجار أينها!" خفق قلب الغريب..
عبدالله ثابت شاعر وروائي سعودي. ولد في منطقة عسير في 6 مارس 1973م. يعد من المؤلفين الشباب الفاعلين في الساحة العربية والمحلية وذلك بعد صدور عمله الهام (الإرهابي20). والذي ترجم للغة للفرنسية والنرويجيه, أصدر عددا من الدواوين الشعرية مثل: الهتك النوبات حرام كتاب الوحشة وأصدر مؤخرًا. رواية وجه النائم"
يكتب زاوية أسبوعية بجريدة الوطن وهي أول زاوية تصدر بصحيفة ورقية وتعتمد على تزويد القراء بروابط لمواقع إلكترونية من أبرزها موقع اليوتيوب. شارك في العديد من الأمسيات الشعرية المحلية والعربية والدولية وفاز بالعديد من الجوائز المحليه والدولية.
إن كان هنالك كاتب قادر على إمتلاك أسرار اللغه رغم بساطة موضوعاته فسيكون "ثابت" بالنسبة ليّ, فحروفه قادمة من الحلم, وحديثه مُلهم ولذيذ ومنمق للدرجة التي تجد نفسك مرغماً على الجلوس بشكل متوازن مستقيم الظهر وأنت تقرأ له إحتراماً لرقة حرفه وكبريائه وحساسيته العاليه, "ثابت" جاء هنا مختلفاً عن كل الروايات وكتب شعر النثر التي كتبها وقرأتها له فيما سبق, جاء هنا بصيغة تحمل شكلاً سهل التداول, وبلغة سهله, ومفردات بسيطة, وبموضوعات قريبة للواقع منها للحلم وتأملاته, حيث إنغمس في تحليل قضايا كثيرة على هيئة خواطر ومقالات منفصلة, وترك للإلهام أن يلعب لعبته في النص, فأخذ من كل جزء من الذاكرة قبساً وأودعه داخل نصوصه المتفرقة.
أحب أن أقرأ لِـ "ثابت" لأنه يحمل في داخله تركيبة الشاعر في خلق نصوصه, فهو يبتدع تلك الطريقة في توصيف الواقع وكأنه جزء من لوحة لفنان عبقري ومجنون بفنه, فهو حينما يكتب.. يكتب لأنه يؤمن بأن الحياة لا تكتمل إلا بالكتابة, ولأنه حينما يكتب.. فهو يكتب عن تلك القضايا الكبرى كالموت والحياة والقلق وهاجس المرض والكِبَر والعيش بإنتظار أن تتحقق الأحلام عنوة, فهو مشغول بمعنى أن يكون الإنسان إنساناً, ومتعلق بفكرة أن يعيش العالم سلامهُ الأبدي, وأن تكبر الحياة دون أن يتعرض فيها أحد لمكروه, مما يدل على إنعكاس شخصيته المسالمه في طبيعتها على النص وتضاريسه, فهو يقدس الأمهات, ويؤمن بالرب على طريقته, ويعتقد أن الإنسان لا يكون إنساناً إلا إذا تجرد من كل ما يشوبه من عوالق الدهر والمعتقد وقوانين أصحاب السلطة, بالعموم كانت قراءة جميلة ومؤثرة.