فلسفة اللغة موضوع قديم، ولكنه جاء مع مطلع القرن العشرين واحتل مكان الصدارة بين موضوعات الفلسفة، ثم زادت العناية به في النصف الثاني من هذا القرن زيادة كادت أن تحول الفلسفة برمتها إلى فلسفة للغة، إذ ينظر كثير من الفلاسفة المعاصرين إلى فلسفة اللغة باعتبارها الفرع الفلسفي الوحيد الذي يستحق الاهتمام هذه الأيام؛ ولا يكاد هؤلاء الفلاسفة يحفلون بمشكلات الميتافزيقا أو الأنطولوجيا أو القيم، وإنما يعنون العناية كلها بالمشكلات الفلسفية والمنطقية المتعلقة باللغة؛ وتزخر فلسفة اللغة بفلسفات عديدة، بيد أن إحداها التي تجئ من سواها في الطليعة هي فلسفة الفيلسوف والمنطقى الامريكي ويلارد فان أورمان كواين، ولفلسفة كواين جوانب متعددة اهمها اللغة والمنطق والرياضيات والابستمولوجيا، ولقد اخترنا فلسفة اللغة والمنطق على أساس أنهما بمثابة حجر الزاوية في فلسفته، وترتبط بهما الجوانب الأخرى بروابط وثيقة؛ وفي محاولة لتوضيح هذن الجانبين قسمنا الدراسة إلى خمسة فصول وهي : (الفصل الأول: نقد ثنائية التحليلي- التركيبي، الفصل الثاني: النظرية التجريبية- السلوكية في تعلم اللغة وجذور الإشارة، الفصل الثالث: مشكلة المعنى، الفصل الرابع: اللاتحديد في الترجمة، الفصل الخامس: في فلسفة المنطق)، يسبقها مدخل وتلحقها خاتمة.
review الكتاب بيعرض فى معظم انحائه فلسفه كواين بخصوص طبيعه اللغه و مفهوم المعنى وفلسفه المنطق.
فى الفصل الاول من الكتاب مناقشه لنقض كواين للتفرقه بين العبارات التحليليه و العبارات التركيبيه عن الوضعيين المناطقه و ان كواين رفض هذه التفرقه لانها تفترض مسبقا ان مفهوم "المعنى" مُحدد وواضح فى حين ان الحال هو العكس وان معنى المعنى غير دقيق وغير حاسم. ويوضح توجه كواين لتفسير المعنى من الناحيه السلوكيه وهناك ايضا عرض لنظريه فتنغشتين المتاخره فى العاب اللغه و اعتبار معنى الجمله باعتبارها استعمال.
هناك ايضا فصل فى الكتاب - الفصل الاخير - يهتم بفلسفه المنطق خصوصا الجزء المتعلق باستعمال "القضايا" وليس "العبارات" فى المنطق المعاصر و كيف ان كواين يرفض مفهوم القضايا باعتباره انه غير ضرورى ولان كواين اسمى يذهب المذاهب الواقعيه - الواقعيه بمعنى وجه النظر القائله بالوجود الحقيقي للمفاهيم الكليه مثل الخير و الجمال الخ ، مثل النزعه الافلاطونيه للمثل - ويطرح كواين بديل للقضايا هو مفهومه حول الجمل الثابته ثم هناك مناقشه لاطروحه كواين حول هذه الجمل الثابته و الصعوبات التى تلاقيها.
اما الفصل الثانى فهو يعرض لوجه نظر كواين فى كيفيه تعلم اللغه و كيف ان كواين ينحو منحى سلوكى فى تفسير تعلم اللغه و رفض نظريه المعانى العقليه (اى وجه النظر القائله ان معنى عباره معينه هى الافكار التى تعبر عنها فى عقولنا ) ولعل هذا كان من الفصول التى لم ترق لي كثيرا نظرا لارتباطها بعلم النفس اكثر من ارتباطه بالفلسفه .
الفصل الثالث يعرض لمشكله المعنى ، او البحث حول طبيعه مفهوم المعنى واعتراضات كوين فى هذا المجال على نظريه المعانى العقليه التى اشرت اليها اعلاه ثم هناك الفصل الرابع - قبل الاخير- يتحدث عن مشكله اللاتحديد فى الترجمه و التى تعنى بشكل مختصر انه عندما يكون هناك لدينا لغتين معينتين فلا توجد ترجمه قاطعه بين هذه اللغات ، اى انه لا توجد ترجمات نهائيه بين اللغات المختلفه و على كل حال فانا لم اقرا هذا الفصل و انما تصفحته تصفح عام فلم افهم الموضوع بشكل كبير وان كنت ساعود الى هذا الفصل فيما بعد.
لدى عده تعليقات على اسلوب المؤلف فى الكتابه ...
- المؤلف يستعمل مصطلحات غريبه و سيئه فى بعض الجوانب ، فمثلا مفهوم "الماصدق" و "المفهوميه" المؤلف يقصد به التفرقه فى المنطق بين ال extension and concept فمثلا "الاعداد الزوجيه" مفهوم لانه يعير عن خاصيه تمتاز بها بعض الكائنات ، لكن الاعداد صفر ، 2 ، 4 ، 6 ، الخ فهى الامتداد ( extension ) الخاص بمفهوم الاعداد الزوجيه. ولا ادري لماذا تتم ترجمه مفهوم الامتداد الخاص بالمفهوم الى كلمه الماصدق. بل ان المؤلف لم يرهق نفسه لحظه لتبيان معنى هذا المفهوم للقارئ و انما استعمله باعتبار ان القارئ ملم بالمفهوم! ورغم انى اعلم المفهوم باللغه الانجليزيه فلم ادرك المعنى المقصود من المؤلف الا بعد بعض جهد.
كذلك الكتاب فى الفصل الاول او الثانى - لا اتذكر - حينما يناقش نقض كواين للتفرقه بين العبارات التحليليه والتركيبيه و وتحديدا فى حديثه حول اللغات الاصطناعيه و راى كارناب يستخدم بعض مصطلحات المنطق الرياضى بدون تنبيه للقارئ او شرح معانيها ، بل رغم اننى اعرف كل ما ذكره الكاتب ودرسته دراسه جيده الا ان طريقه عرضه لم تجعلنى انتبه الى مقصده انه يشير هنا لبعض الامور فالمنطق الرياضى ولم افهم ما يتكلم عنه حتى خطر فى بالى انه ربما يقصد هذه الامور فى المنطق ، فمال حال من ليس له درايه بالمنطق الرياضى؟ كيف يفهم هذه النواحى فى حين ان الكاتب يتعمد عدم الايضاح والالتباس؟
عدا ذلك ، الكتاب فى مجمله جيد و ان كان يمكن ان يكون افضل ، عن طريق استعمال مصطلحات اوضح و افضل و شرح معانى بعض المصطلحات و الكلمات بشكل افضل ، مع حذف بعض التكرار فى بعض النواحى. المؤلف كاتب غير موهوب فى اسلوبه وان كان هذا لا يعنى بالضروره انه كاتب سيئ.
يُنصح بقراءته للمهتمين بفلسفه اللغه والعلم و المهتمين بالمنطق .