من أهداف القراءة والكتابة حراثة العقل وتقليبه وتجديده، وإنقاذه من الترهل والموت البطيء وليس طمأنته إلى ما هو عليه، فإذا أصبحت القراءة قيدا جديدًا لذواتنا فعلينا أن نعاود النظر في غايتنا من القراءة ومما نقرؤه؛ لأن القراءة نافذة نحو الحياة والقوة والمعرفة والمتعة والعلاج، وليست وسيلة للركود ولا حبسا للفهم والعقل والسلوك.
هذا الكتاب سجل لرحلة المؤلف مع القراءة ومع الذات والآخرين، مع الكتابة والمحاورة، واقتباس من تجارب قدّاحي الهمم عبر العصور.
كاتب ومفكر وأحد أبز دعاة الإصلاح في الوطن العربي. نشأ وتلقى العلم في مدينة أبها بالسعودية, حيث درس في المعهد الشرعي بأبها. وفي الثلث الأخير من الثمانينيات ذهب إلى أميركا لمواصلة الدراسة, وحصل على شهادة الماجستير, ثم التحق بجامعة لندن ليحصل على الدكتوراة وكان بحثه حول الوقف في فترة تأريخية محددة من القرن الثامن عشر في الجزائر.
أسس ومجموعة من الدعاة والناشطين في مجال العمل الإسلامي (التجمع الإسلامي في أميركا الشمالية) واختير رئيساً له. وفي عام 2002م رجع إلى السعودية, حيث شغل منصب مستشار النشر والترجمة بمكتبة العبيكان, والآن يقيم في قطر. كان لإقامة الدكتور الأحمري في الغرب لسنوات عديدة, دور هام في الإطلاع على الفكر الغربي عن قرب, مما أهله لنقد الثقافة الغربية بناءً على معرفة وإحاطة بمكونات الفكر الغربي.
للدكتور الأحمري العديد من المقالات والدراسات المنشورة, وكذلك المشاركات الإعلامية في قنوات عربية مشهورة, كالجزيرة والعربية وغيرهما. كما يشرف الدكتور الأحمري على مجلة (العصر) الالكترونية الشهيرة. ويتسم فكر الدكتور الأحمري بالعمق, والإحاطة الدقيقة للموضوعات التي يطرحها , ويلتمس قارئ كتبه الاطلاع الواسع واللغة الرائعة لدى الدكتور الأحمري. ينادي الدكتور في جل ما يكتب, بضرورة تحرير الإنسان, وأن الحرية هي أولى خطوات تكوين الإنسان السوي, كما يدعو لمحاربة مظاهر الاستبداد بشتى أنواعه, سواء استبداد السلطة أو احتكار الفكر تحت أي مسمى كان. كما يتسم فكر الدكتور الأحمري كذلك, بالتحذير من المسخ الثقافي وأنه ليس سوى مقدمة لاستعمار الشعوب والأوطان, حيث يؤكد على ضرورة الحفاظ على الهوية للحفاظ على استقلالية الذات.
لا أدري لماذا قرأت هذا الكتاب وأنا أقول لنفسي بأنني لن أحبه وأنه سيكون ثقيلاً؟
ربما.. لأنني واجهت خيبات كثيرة مع كل من يعدونني بالحديث عن القراءة والكتب، ومن ثم يأتي حديثهم بلا تلك الشعلة المقدسة، يأتي مكرراً، مملاً، نتجرعه بلا حاجة وبلا متعة.
الكتب!! القراءة!! كيف لا يستطيع قارئ الكتابة عن موضوعه الأثير بالشغف الكافي، كيف لا يجعلك تنهي الكتاب وفي داخلك شهوة جامحة لالتهام أكبر قدر من الكتب!! كيف لا يجعلك تشعر بالندم على أوقاتك الضائعة!! كيف لا يجعلك تخرج من كتابه بقائمة من الكتب التي يجب الحصول عليها!!
الكثيرون كتبوا عن الكتب والقراءة ولكن بلا تلك الروح، لهذا وبعدما تجاوزت لغة الأحمري النصائحية، قررت الاستمتاع بأحاديثه النادرة عن قراءاته، وبأحاديثه عن القراء والمؤلفين، هناك وجدت متعتي، استمتعت بالكتاب أخيراً رغم أنه لم يقدم ما تمنيت أن يقدمه، ولكنه على الأقل قدم جانباً آخر ممتعاً ويستحق القراءة.
(في مديح القراءة) ...هذا أول ما يرد إليك وأنت تقرأ كتاب (مذكرات قارئ). وأنا أستخدم (تقرأ) هنا تجوّزا؛ إذ أن القارئ يدخل أثناء (صحبة) هذا الكتاب في (حال) من الوجد والعشق تتجاوز فعل القراءة إلى صفاء روحي ومعرفي وسمو بالعقل والقلب معاً. كيف تكتب عن عشق ملأ حياتك دهشة وسحرا، وكيف تكتب عن أستاذ لطالما تذكرت عند قراءته كلمة إمامنا الشافعي عند سماعه البيان فيتمنى أن لجوارحه أسماعاً تطرب له. وإن لأبي عمرو سطوة معرفة وبيان على قارئه تجعل من قراءته صحبة له لا لأوراق وحروف لا تعي بمن أمامها. يرحل أستاذنا برفيقه (كلمة قارئ قليلة) في هذا الكتاب عبر الأزمان والأماكن والعقول؛ فيريه عجائب القراءة والكتابة وكيف أضفت على العالم هذا من خيرها وشرها وجنونها وعبقريتها(وهل هذا سوى ذاك) ما يجعل هذه الحياة خلودا ومتعة حد الجنون . في الكتاب ما يضحك ويبكي، وفيه ما يجعلنا معاشر القراء نشمخ برؤوسنا ونقول للعالم : يا قراء العالم اتحدوا! لقد سلك أستاذنا بساكن كتابه(صدقوني أعدوا العدة لنقل أمتعتكم) مسلكا في القول وكأنك تحادث أبا عمرو ويحادثك، تناقشه وتعترض وتوافق وكأن الأستاذ أمامك (بقلمه وقراءته)؛ ففي الكتاب من أصناف القول وأنواع السفر ما يجعل من الرحلة معه سياحة إلى معاقل للنبوغ وعقول غيرت التاريخ. ومن أعجب ما في هذا الكتاب أن الأستاذ سلك في ذكر مصادره سلوكا يتواءم مع (فن القراءة)؛ فلا تنتقل عيناك إلى زحمة الهوامش ولا تنقطع متعتك بثقل الحواشي هنا وهناك. لن يجد القارئ هنا نصائح المعلمين أو توجيهات المنظرين، ولا كيف تقرأ الكتب؛ بل يضع أستاذنا تجربته ويدفع بك إلى أن تشق طريقك الخاص بك. وهذا الكتاب لا يقرأ مرة...لا يقرأ كسائر الكتب...بل تتوالى قراءته صحبة ونشوة واحتفالا بالقراءة هنا ستتعلم كيف تكون القراءة (فناً) فـ(مذكرات قارئ) يا سادتي ليس كتابا بل رفيق حياة
اغترف الحكمة والعلم من لسان عربي وعقل رومي وقلب فارسي ويد صينية فكما قال التوحيدي تفاضلت الامم في معارفها فنزلت الحكمة على عقول الروم وعلى السنة العرب وعلى قلوب الفرس وعلى ايدي الصينيين
رغم ان اسلوب الكاتب اقرب للاسلوب التقريري الصحفي ورغم عدم الترابط الزمني في السرد ورغم اعتماده على اقتباسات كثيره الا انه كتاب ثري وفيه اراء للكثير من الكتب ونصائح ووصايا ثمينة في عالم القراءة والكتابة كان السؤال الذي يتبادر الي في اثناء قراءته ترى حينما اسرد حكاياتي وايامي واوقاتي مع الكتب التي حظيت بقراءتها هل ستسعفني ذاكرتي مثل الاحمري واتذكر ما مررت به؟ لست ادري فاعرف ان ذاكرتي وتركيزي ضعيف ومع انها تخونني باحيان كثيرة الا انها ايضاً تفاجئني بقوتها في احيان اخر
مع هذا الكتاب اصبح بجعبتي اربعة قوائم تحتاج لثلاثين سنة لكي انهيها :(
مثل من يعلم من نفسه قوة في التبسط على هذه العلوم ويقصر عنها كمثل من يقف على النهر الاعظم فيترك الاغتراف منه ويفترق من الجداول والخلجان والنهر الاعظم هو الذي لا تكدره الدلاء ولا يغيضه الاستقاء ابن عربي
ويقول امرسون
على المرء ان يتعلم ويراقب ذلك النور الذي يعبر بخاطره ويومض في ذهنه من داخله اكثر من تتبعه لبروق سماوات الشعراء والحكماء ولكن الانسان يعرض عن بروق سمائه لانها له وهي فكرته ففي كل عمل عبقري نتعرف على افكار صددناها بعيداً لانها ولدت في اذهاننا ولكنها تعود لنا على السنة الاخرين محفوفة بجلال الاغتراب
إلا أن متعتها لا تتحقق إلا عند التفكير والحديث...وهي كما يقول الأحمري: ليست بالنسبة لي متعة، وإنما إحساسا بالواجب وتدريبا للمستقبل.
لا يروعك حجم الكتاب... فما ان تشرع في قراءته حتى تعجز عن تنحيته جانبا!
قيل قديما: شيئان يمنحانك أجنحة: الحب والقراءة... فما بالك بكتاب عن حب القراءة؟!
يتناول الكتاب معظم جوانب القراءة، ويحكي تجربة الأحمري مع هذا العالم
عيوب القراءة
الكتاب لا يتحدث فقط عن مزايا القراءة، وإن كانت لا تحصى، ولكن عن عيوبها ومساوئها أيضا...
فالعزلة من أجل العلم والمعرفة نقص في الفهم والتجربة، وكثير ممن يعتزلون الحياة اليومية يقومون بذلك لضعف فيهم وخوف من المواجهة.
وطول الصمت يفسد اللسان، فأحسن مران للعقل هو الحديث
وما أفضل من تلاقح الأفكار لتقويتها!
وحذار من القراءة الكثيرة إن لم يرافقها التفكير العميق، فالتفكير هو الذي يصنع معرفتنا، أما القراءة فجل ما تفعله هو توفير المعلومات في الدماغ.
نجوم الكتب
ليس هناك سمة محددة تميزهم...سوى عشق المعرفة
فمنهم من بدأ القراءة منذ نعومة أظفاره و باشر التأليف في سن مبكرة – كتب نعوم تشومسكي أول مقال له في العاشرة من عمره عن الحرب الأهلية في إسبانيا.
ومنهم من تأخر في طلب العلم والتأليف كأبي بكر الرازي الذي قرأ حتى عمي، وكتب حتى انخلع كتفه، وباولو كويهلو – مؤلف رواية الخيميائي الذي بدأ الكتابة في سن الأربعين.
منهم من يخفي أفكاره وينمقها ويحيطها بصبغة دينية كابن خلدون
ومنهم من يفجرها تفجيرا كفريدريك نيتشه الذي يقول عنه الأحمري: لم أجد من البشر من كتب بهذا العنف والوضوح والقوة.
ماذا اقرأ؟
نصيحة الأحمري... اقرأ كثيرا، ونوع مقروءاتك، واعتن بالمتميز من الكتب، ثم أعد قراءة أجودها.
وأعتقد أنها نصيحة وافية، فمهما قرأت سيبقى هناك من الكتب ما يستحق المعاودة والتكرار...وبالرغم من فرط حماستي في بعض الأحيان ورغبتي في زيادة عدد الكتب التي اقرأ، إلا أن إعادة قراءة المميز منها لمضغه وهضمه يستحق ذاك التأني والتروي.
لماذا اقرأ؟
اقرأ كي أنسى...لأنني حين أنسى أتحرر من سلطة المؤلف وقيود العقل وأنقل المعلومة إلى عالم اللاوعي حيث الإبداع والإلهام.
سئل أبو نواس عن إجادة الشعر فقال: احفظ ثلاثة آلاف بيت، ثم انسها، وبعد ذلك جرب الشعر...ومن قرأ كتاب خوراق اللاشعور للوردي سيفهم المقصود من ذلك.
ما ذكرت أعلاه هو مجرد مقتطفات من فقرات أعجبتني وتعليقي عليها، وإلا فهذا النوع من الكتب يصعب تلخيصه ويقتصر المرء على إعطاء تصور عام عنه
قرأت الكتاب 3 مرّات حتّى الآن ، وليس من عادتي أن أطبّق وصية العقاد التي تقول : اقرأ كتابا جيدا ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاث كتب جيدة.
عنّي أخالف وصية العقّاد تماما ، لكن هذا الكتاب أجبرني على ذلك لأنه في الواقع عدّة كتب في كتاب
هذا الكتاب به حميمية غريبة يجبرك على اختلاس النظر في كتب أخرى والبحث والتنقيب عن مناجم المفكرين ، والفلاسفة ، والروائيين ، والسياسيين
ستجد معه المتعة واللذة التي أوصى بها ألبرتو مانغويل قرّاءهُ فهو صالح للقراءة في جميع الأوقات ، حتّى تحت قيظ الظهيرة كما فعل ماركيز ذات يوم.
قد أكون مبالغا لكن أمين معلوف حدّثنا في روايته التائهون بأن : غالبا ما يدور الحديث عن سحر الكتب و لا يقال بما فيه الكفاي�� إن هذا السحر مزدوج؛ فهناك سحر قراءتها و هناك سحر الحديث عنها.
أنا تحدثت عن السحر المزدوج يا أمين .. ولكم أن تمارسوا قليلا من الشعوذة بصحبة الأحمري
هذا الكتاب هو الباب الموارب ، والنافذة الأولى لاقتحام عالم الكتب والقراءة
كتاب ثري وماتع، يبحر في محاور الزمان والمكان والفكر بسلاسة قد تفتقر أحيانا إلى بعض التنظيم، إلا أنها لا تنفك عن إمتاع القارئ بمتعة القراءة التي جعلت من موضوع الكتاب تجربة عملية. كان من حسن الحظ أن رافقني الكتاب في رحلات مماثلة لتجارب القراءة التي وصفها الكاتب/القارئ، كالقراءة في السفر وبين أحضان الطبيعة. ولعل هذه المعايشة قد لعبت دورا في ترك أثر صوفي للكتاب في نفسي. بقي أن أشير إلى اختلافي مع الكاتب في "انفتاحه" المبالغ فيه من وجهة نظري على الآخر، وفي حسن ظنه به، وإلى درجة قد توحي بالتمييع، وربما فقدان البوصلة.
لاأخفيكم بأنه أصابني نوع من الإحباط عندما قرأت المقدمة وعرفت بأن الكتاب عبارة عن نقولات من كتب قرأها المؤلف، لكن سرعان ما تحول هذا الإحباط إلى إعجاب بطريقة الأحمري في خلط هذه الكمية من الاقتباسات والنقولات مع تجاربه ورؤيته الخاصة واستطراداته اللطيفة -والمزعجة أحيانًا- بشكل سلس. يتفاوت مستوى بعض أجزاء ومقاطع الكتاب عن بعضها، وأحيانًا لم أعرف أين تنتهي كتابة المؤلف وتبدأ الكتابة المنقولة، ولكن في العموم كتاب جميل.
كتابٌ من أمتعِ ما كُتِبَ. إنني مولعٌ بهذه النوعية ِمنَ الكُتبِ، التي تتحدثُ عن القراءةِ وذكرياتِها، رحلاتِ السفرِ مع هذه الكائنات وبها، ولا يُحسِن صياغتَها إلا مدمنُها وعشيقُها ومن اختلط جلدُه ولحمُه وشحمُه وعظمُه بها، فهو يحيا بِها، وحين يأتي ذكرُها في اللسان ينطلق الحديثُ عنها، ويجرُّ إلى موضوعاتٍ مرتبطةٍ ومتعلقةٍ بها. وعلى الرُغمِ أنّ الحصولَ عليه كانَ متعذرًا إلا أنهَّ عندما وصلَ كانت فرحتي به غامرةٌ، فرحةٌ طفوليةٌ لم تعتريني في عالمِ الكتب إلا مرةً واحدةً حينما وجدتُ جوهرةَ المسيري: حواراتٍ. الحصولُ على هذا الكتابِ شبهته في تلكَ الليلةِ كأنني عثرتُ على كنزٍ وليسَ كأي كنز.
بعض الكتب ما أن نبدأ بقراءته حتى نستعجل انتهائه ليس ندماً على اقتنائه بل لكثير كلماته وكلامه ومذكرات قارئ للأحمري كان كذلك، وهذا الكتاب أقرب منه لنصائح او اقتباسات قارئ اقرب منها لمذكرات لولا كمية اقتباساته من الكتب المختلفة الشرقية منها والغربية - وكأنه يغيضني بقراءاته الكثيرة :D - ... الكتاب مقسم لخمس فصول .. الثلاث الفصول الاولى مهمة ولازمة لكل قارئ مطالعتها وهي عن القراءة وأسبابها وأشكالها والقرّاء بإيجابياتهم وسلبياتهم والكتابة وماهيتها والكتّاب وطقوسهم .. وباقي الكتاب يمكن الاستفادة منها كمراجع للكتب .
الكتاب ممتع، ولاحظت اختلاف الأسلوب من موضع لآخر، وتكرارا هنا وهناك.. لا يهم ، أكثر ما أعجبني لحظات التجرد المطلق التي يعيشها المؤلف في بعض الصفحات -وعبر عن ندمه على نشر هذا الكتاب وهو حي وبأنه يشعر بالحرج من بعض الآراء التي كتبها في الكتاب في لقائه المرفق- والتي يعبر فيها بصراحة عن رأيه في كتاب أو مؤلف أو بنصيحة تخالف سائد النصائح .. يروق لي جدا عندما يتجلى أبا عمرو في هذه المواضع
عبثا حاولت ان احب الكتاب ولم أستطع.. ورغم كل التقييمات الأخرى العاليه.. لم أشعر ان الكتاب فيه روح.. الأفكار متشعبه وغير منظمة كآنها قصصات جمعت في دفة كتاب. كذالك مما لم يعجبني اسلوب المؤلف الفوقي.. الكتاب ليس لي..
النّجمات الثّلاث التي استحقّها هذا الكتاب ولم يستحقّ أكثر كانت بسبب الملل الذي انتابني من قراءته، وجعله يأخذ منّي الوقت الطّويييل حتّى أنهيه وآتي على خاتمته.. لا أنكر وجود بعض الفوائد فيه وبعض عناوين الكتب التي شدّتني وجعلتني أسعى لانتقاء الكتاب والبحث عنه أو تحميله الكترونيّاً... ولكن الكتاب في الغالب لم يشدّني.. لم أعرف هل كان يتحدّث فيه عن حياته بشكل خاصّ، أم عن الكتب بشكل عام.. وأكثر ما أثار حنقي ما ورد في بعض فقراته ذم القراءة أو لنقل ذكر آثارها السّلبيّة على القارئ، لدرجة جعلتني أفكّر لوهلة أنّ الكاتب يحاول صرف القرّاء عن تلكم العادة واستبدالها بما هو أفيد وأنفع لهم.. ويؤسفني أن أقول أنّه لمّا انتقد بعض الكتب وذكر أسلوب كتّابها المسهِب المُمل، لم يلاحظ أنّ هذا قد اتّبعه في كتابه وجعلني أشعر بالملل والضّيق..
على كلٍّ هذا رأيي المتواضع بالكتاب، ولا أنكر - كما ذكرت- ما استفدته منه من أسماء كتب كانت قيّمة أو بعض الاقتباسات التي راقت لي
رسم لي أفق التوقع وعنوان الكتاب، أني سأجد مدائحَ وغزليّاتٍ للقراءة والكتب في كتاب الأحمري ( مذكرات قارئ)، كالتي تظاهرت حدّ الإسراف في كتابات آلبرتو مانغويل، ومللتها وضجرت منها واستهجنتها أيضًا - ومن المفارقة أن يكون هذا رأيي اليوم فيها بعد أن أُغرمت بتلك الغزليات حينٌ من الدهر- بيد أنّ المرء يصل بعد مسيرة من التعثّرات والتجارب إلى محصلة يقينية ( ليس في الدنيا شيءٌ محضٌ في ذاته، نفعًا أو مضرّة)
فالأحمري - مشكورًا- خالف ظنّي كأجمل ما تكون المخالفة وأحتاجه، فقد نذرتُ أيامًا طويلة للقراءة؛ علّها تفيء لي بيقين بارد، أو استبانة في سبيل، أو مغنمٍ مستلذّ العاقبة.. فجاءت قراءتي للكتاب في وقت اشتدت حاجتي إليه، ومن عجيب التوفيق أني قبل قراءته بزمن وجيز أفضيت لصديقة حالي الذي يتمادى بي كلما غرقت في القراءة، فيغيض معين الكتابة لدي، ويطفو بي الشك في لجج لا طاقة لي بها!.
ووجدتُِ أنّي تكبّدت واستيقظت على حقيقة مرّة متأخرة، أنَّ حياة الكتب ربما سلبتك فرصًا حقيقية في دنيا الواقع، فالغرق فيها هلاك ربما فاق هلاك من لم يعرف دنياها قطّ!
قد تغمطك قدراتك الإبداعيّة، وتحثو فوق موهبتك رمالًا من ورق، فتبقى معلّقًا تمنّي نفسك بالأكمل الذي لن يجيء، ما دمتَ تتوسّل شيئًا لا يتأتّى من صميم نفسك، ولا يتوقّد من جذوة روحك، ولا يتلهّب من فضل تأملك فيما أحاطك الله به من معينات على ذلك في التبصّر في أرجاء كونه الذي هو كتابه المنظور.
فتهالكتَ وذهبتْ نفسُكَ لأمرٍ موعود خُدعت فيه، تبذل فيه وله أزكى سنوات العمر.. فلو احتجت إلى الإبانة عن مكنون نفسك، ولم تستطع لخرسٍ جاثم، فلا تذهب نفسك عليك حسرات! فأنت الذي اعتدت الاستهلاك، ولم تعطِ نفسك نصيبها في حينه، فأفل نجم إنتاجك، وغربت شمسُ بيانك، فلم تعرف التوفيق بين المعاطاة مع واقعك، وبين تجنيد هذه الكتب في سبيل ذلك الواقع.
فخذ على قدر، وتغانم العمر.. واعلم أن الخير يكاد ينحصر في الينابيع من أمّات الكتب، دعها تتسرّب فيك، وتخالط أغوارك وتجاربك الحيّة ودفائن أفكارك، حتى تعيها وتفيض بها، وأعمل جهد ذهنك لاستنطاق مكنونها، دون التغيّب التام فيها عن واقعك.. ودعك من الغثاء الوبيل المحيط بنا، الغالب مما ينتج اليوم - إلا ما شاء الله- فهو آفة العمر والمعنى والبيان!
كنت طالعت في وقت سابق كتاب يوميات القراءة للكاتب البرتو مانغويل فوجدته ركيك العبارة قليل الفائدة بعيد المقصد عما كنت أطمح إليه بعيداً كل البعد عن روح القارئ العربي المسلم وعن وعيه و تراثه اﻷصيل . .
وتمنيت حينها من كل قلبي أن يتصدى أحد جهابذة القراءة اﻷفذاذ في عالمنا العربي لكتابة يومياته مع القراءة والكتب وأن يسرد لنا مواقف المعرفة وأوقات المثاقفة التي مر به وأن يجلي لنا صورة القراءة وتجلياتها بمعناها اﻷوسع واﻷشمل في عقلية وتفكير القارئ العربي المسلم .
.
لا أبالغ فقد كانت أمنيتي التي ألحت علي حيناً من الدهر حتى سمعت عن كتاب ( مذكرات قارئ ) للمفكر الدكتور محمد اﻷحمري . .
فبحثت عن الكتاب وطلبته من عدة مصادر وحتى هذه اللحظة وأنا أسعى ﻷن أوفره لعموم القراء خاصة بعد أن طالعته فوجدته يشفي الصدور ويشبع العقول ويثري كوامن الفكر ويقدح زنادها . .
وجدت فيه خبرة اﻷكاديمي ، وولع القارئ المتمرس ، ونهم الشاب المتطلع للمعرفة ، وحكمة الشيخ الوقور وإعتزاز المسلم بتراثه ، والعربي بأصالته . .
كتاب جمع فأوعى ولا غرابة فقد بدأ كتابته في ريعان الشباب ومكث فيه حيناً من الدهر ، صب فيه عصارة أربعين عاماً من تجارب القراءة ومسالكها .
ولا أبالغ إن قلت أن هذا الكتاب سيكون في الصدارة حيناً من الدهر حتى يأتي من يزيحهه من مكانه .. وهيهات .
لقد أشار الكاتب في مقدمته بما يوحي للقارئ أنه جاهد في كتابه ليكون في الصدارة بقوله : .
" وقد جاهدت أن يكون في هذا القول ما ينير العقل ويشف بالروح " .
" ولكني قصدت فائدة وذكرى لنفسي وللناس يوم أن أنسى الكثير أو قبل أن ينساني الناس " .
" ولقد تأخر الكتاب ولم أستطع إخراجه بسرعة ﻷني كلما نظرت فيه رأيت أن عيوبه لم تزل كبيرة " .
" وما تراه هنا فإنما هو من قبيل المعرفة ومتعتها وسبيل تحقيقها بروح متطلعة واتساع في التجربة وتنويع في المطالب وقصص لمن ارتاد دروب المعرفة والحصافة وأخبار سلاكها " .
هذا الكتاب تشد إليه الرحال في بابه ﻷنه عصارة تجربة .
" إن النص الجيد يبحث عن مكان في العين والقلب والذاكرة "
كم هو ممتع الحديث عن الذكريات خصوصاً إذا كانت عن الكتب والكُتّاب الذين أثروا حياتنا وغيروا نظرتنا لأنفسنا قبل العالم . يحكي لنا الأحمري كيف اقتحمت الكتب حياته وهو بعد صغير ، ولأن أحداً ماكان ليفهم شغفه وتنوع قراءاته فقد كان يلجأ إلى القراءة في السر بعيداً عن أحكام البيئة المحيطة وقناعاتها، نرافقه في سنوات دراسته وذكرياته مع أساتذته ، وهو يتحدث بجمال عن كل ما يختص بالقراءة والكتابة باعتبارهما توأمان .
لكن الأحمري ماكان ليجعلك تصل لهذه المتعة قبل أن تلعق الصبرا، فما أن بدأت القراءة حتى أصبت بصدمة وإحباط ، أولاً بسبب التقسيم ، وثانياً من الثقل الذي يرزح تحتها الربع الأول من الكتاب وهذا أحالني لذكرياتي مع كتابه "نبت الأرض" الذي هو أشبه بكتيب صغير ، إلا أنك تلاحظ اختلاف الأسلوب بين جزئيه كونه كتب على فترتين متباعدتين - والذي خرجت منه بحقيقة أن عليّ أن أتعرف على "بيجوفيتش" بنفسي دون وسيط - ، أمام هذه الصدمة فكرت أن أؤجل قراءته أو أصاحبه بكتاب آخر ، لكني لم أتوصل لتنفيذ ماعزمت عليه ، ولم أنتبه للسبب إلا عندما سجلت هذه الملاحظة على هامش الكتاب ( عندما ينسجم الكاتب ويستمتع بعمله فإن هذا سينعكس لامحالة على قارئه ) وكيف لا و ( الكلمات جنود الكاتب )
ما أريد قوله هو أن هذا الكتاب الذي كتب خلال فترة طويلة ، جميل وممتع بالفعل لكنه يحتاج إلى صبر على الأقل في البداية ، كما أن أكثر مالفتني في قراءات الكاتب حريتها وتنوعها وأنه امتنع في بعض الأماكن عن توجيه القارئ بتعليقاته ، وهي أكثر الأجزاء التي استمتعت بها ، لقد شوقني فعلاً لقراءة الكتب التي ذكرها وفتح لذهني أفكار ربما أتوجه لها في قراءاتي القادمة .
قبل قراءة الكتاب توقعته أن يكون ثقيلا مملا ربما بسبب تجارب سابقة مع كتب أخرى وربما بسبب كونه أول كتاب أقرأه للكاتب، ولم أقتنه إلا بسبب كونه يتحدث عن الكتب والقراءة.
ولكن خاب التوقع وما أجمل أن يخيب في هكذا مواقف لأجد نفسي في حالة من الألفة والود والصفاء بصحبة هذا الكتاب وحميمية غريبة لم أشعر بها من قبل .
يصحبك الأحمري في هذا الكتاب إلى عوالم الكتب في أزمنه وأمكنة مختلفة ويرينا عجائب الكتب والكتاب وكيف أضفت على هذا العالم من خيرها وشرها وجنونها
كما بين منافع القراءة وحذر منها في نفس الوقت لمن لم يمحصها ويخضعها للعقل والنقد والتفكير
يغلب على الكتاب الأسلوب التقريري ولكنه يتميز بالرصانة في عباراتة وعمق أفكارة وغزارة معلوماتة واقتباساته
الكتاب ممتع وجميل ويبحر بك في عالم الفكر بسلاسة ويكشف سعة اطلاع الكاتب وعقليته وسوف تخرج بقائمة من الكتب أوردها الكاتب وتأثر بها.
نجماتٌ ستٌ بلا منازع، هو من الكتب التي تعايشيها فتصيرمنك، و تجالسها فتسامرك، هو الكتاب الذي كنت أبحث عنه ...!!
في تجربة الكاتب الثرّة، كثيرٌ من الإجابات، و شذراتٌ من حكمة، و .....كتب !!!!!!
قضيت معه وقتاً أطول مما قضيت مع غيره، لكني و صدقاً لم أشعر بالزمن ينساب بين كلماته، كانت اللذة و المتعة و التجربة عالمي الممتع معه، ما وددت أن ينتهي قط ...!!!
يحتوي الكتاب الكثير من المعلومات القيمة عن القراءة ولكنه يغرق جدا في الاستطراد والتنقل من فكرة إلى أخرى دون معالجتها بشكل عميق ومسهب...بالرغم من ذلك، فإن الكتاب جدير بالقراءة لما يحتويه من مراجع هامة...
"غالبًا ما يدور الحديث عن سحر الكتب و لا يقال بما فيه الكفاية إن هذا السحر مزدوج؛ فهناك سحر قراءتها و هناك سحر الحديث عنها." تنطبق هذه المقولة الجميلة لـ(أمين معلوف) على هذا الكتاب الماتع جدًا.
ترددت كثيراً في كتابة ريفيو سريع عن الكتاب - خاصة لتباعد الأوقات التي قرأتها فيه - و لكن سأُلخّص ماجاء في الكتاب على لسان مؤلفه لإعطاء رؤية واضحة قبل الشروع فيه.
يقع الكتاب في 474 صفحة
ينقسم لخمسة فصول:
الفصل الأول: متعة القراءة الفصل الثاني: عين لا ترى إلا الكتب الفصل الثالث: معايشة النّمرة ( و بالمناسبة هذا عنوان لمذكرات جبرا إبراهيم جبرا ) و قد أوصى به و أشاد في غير موضع من الكتاب. الفصل الرابع: عبقريّ يستعد الفصل الخامس: بيت في مدينة الأدب
قال في مقدمته: " ماتراه هنا فإنما هو من قبيل المعرفة و متعتها, و سبيل تحقيقها بروح متطلعة و اتساع في التجربة, و تنويع في المطالب, وقصص لمن ارتاد دروب المعرفة و الحصافة و أخبار سلاكها, و هو يحقّق لك فكرة فيما تقرأ, و سيرة لمن فكر فيما رأى, و حسنات ذاقوها و مرارات مرّوا بها, و معينات أعانتهم على البقاء عليها و الصبر و الإنتاج. و قد طرقت هنا أبواب و مواهب عديدة, لعلّك من أهل شيء منها أو تجد نفسك في إحدى زواياها, أو يعينك إن كنت على جادّتها "
و عن الفصل الذي خصصه للحديث عن الكتابة ( من جميل مافي المذكرات ) قال: " و لأن القراءة و الكتابة توأمان, فقد تعرّصت لقضايا الكتابة, و الكتابة بعد المعرفة صيد للفكرة و صيد للوجدان. و قد يجملون الجانبين في المزاج, فالكتابة الجيّدة لها شروط وجود عديدة, و هي كبقيّة الفنون يحاولها كثيرون و يجيدها الأقلّون, و إن لم يكن صاحب الفكرة قادراً على صيدها و تسجيلها ثم التفكير فيها و صياغتها ذهبت منه. و كذا الشاعر إن لم يحبس لحظة الوجدان و يسجّلها, فلن يكون قادراً على أن يكون شاعراً. "
:
لم يلتزم الأحمري بقبود معيّنة أو بنسَق واحد في فصوله بل كانت تتفاوت في الحقيقة و لكنه أيضًا صرّح بذلك في مقدمة الكتاب بقوله: " فقليلاً ماتدخّلت في خذخ النصوص, و سبب هذا أنني أسوق أخبار الكتب و الكتّاب الذين صحبتهم و أعلّق مرة هنا و أخرى هناك؛ لأنني أريد من الكتاب أن يحقق متعة القراءة و يكون هادياً في عالم الكتب و يكشف معاناة القراءة و الكتابة. "
أما عن غاية الكتاب: " ... و غايته معرفة و تسلية و فكرة عمّا تحب أن تجده عند جمع من النابهين الذين سبَقوك في بحر المعرفة "
في آخر الكتاب أضاف مُلحقاً عنْوَنه بـ " ذاكرة لقارئ آخر " فيه توصيات بأسماء كتب ذكرها في ثنايا الكتاب .
:
قد تتكرّر عليك بعض الكتب أو أسماء الكتّاب و بالنسبة لي زادني هذا حرصاً على الاستزادة منهم أو البحث عن بعضهم أو حتى تقديم بعض الكتب على غيرها في قائمة القراءة للسنة الجديدة!
ميزة أخرى و هي أن الأحمري يربط الأمور بتسلسل قد يغفل عنها - بشكل طبيعي - من لم يعاصر مرحلة معينة أو لم يقرأ عنها و بذلك يعطيك مفاتيح لكاتب مرّة أو ملخّصاً عن منهجه أو طريقة مرةً أخرى.
ثمة نقطة جيدة جدًا في الكتاب لفتتني كثيراً و هي إيراده قول للذهبي أو للماوردي و من ثم مايُوافقه القول لكاتب أجنبي آخر وهذا الربط يُعطيك اتّساع في الرؤيَة و يٌقصِر لك مسافات لم تكن لتقطعها - أحياناً -
كيركجارد و شوبنهاور و توينبي و فرانكلين و ستيفن كنج و همنجواي و كازنتزاكي و هيكسلي و ماركيز و تريفيليان و تشينو أشيبي و أوسكار وايلد و الجاحظ و ابن القيّم و الذهبي و الشافعي و العروي و سيد قطب و زكي نجيب و محمود شاكر و إسماعيل الفاروقي و الرافعي .... الخ كلها أسماء في جٌبّة هذه المذكرات.
إضافةً لنصائح مهمّة جدًا - تأتي عفوية في مواضِع متفرقة في الكتاب - كاستبداد من نوع مختلف و قد ذكره ص 56: " ... فإذا ألفت صِنفاً تحكم فيك و لم تتحكم فيه. فاحذر سيطرة كاتب أو صنف عليك؛ لأنه يقطعك و يبعدك عما أنت بصدده. و لا بد أن تخرج لغير كاتبك أو كتبك المفضّلة لتشهد الدنيا خارجها ..."
و أخيرًا فالقراءة بيتٌ واسع قد تأخذ من الكتاب مالم آخذه منه. أخذت منه حاجتي بتدوين أسماء كتب و كتّاب أو حتى البحث عن موسوعة أو مؤسسة شدّتني. و بدورِك أيها القارئ ستحتاج لتدوين مايشدّك و تعتقد بأنك ستستفيد منه لاحقاً سواءً بكتابة أرقام الصفحات أو تذييل تعليقاتك عليه أو إضافاتك و اقتباساتك.
أمر أخير لفتني و هو تعريجه على النفس الإنسانيّةأيضًا. و سأدع هذا لك لتسْبِرَه!
:
ثمنه 14 دولار و لم أجده في السعودية و بالإمكان طلبه أون لاين.
ما أجمل مؤلفات ذات لمسة شخصية مميزة لكاتبها وما فيها مفيد وجديد لقارئها، مذكرات قارئ ليست كمذكرات تحكي عن سيرة صاحبها وتاريخه وليست فلسفة ولا رواية مثيرة أو فكر يراد ترويجه أو مشروع تجاري يسعى لتحقيقه بل هي كما قال مؤلفها: "أقرب لأن تكون معاناة المثقفين مع الكتب ومع الأفكار وشيء ما عن معاناتهم مع الكتابة"
فالكتاب خلاصة خبرات صاحبها كقارئ وكاتب مدرك وعارف أحوال وأهوال فرسان هذا المجال "فلا يذوق لذة المعرفة إلا من كابد الكتب".
ولكي لا تذهب المذكرات في طي النسيان قام صاحبها بنحتها على صفحات كتاب قائلا: "لا شيء يبق في الذاكرة إن لم يؤسس مكانا في العقل والوجدان"
مذكرات لا بد أن تحوز على اعجاب قارئها إذا لم تدخل "في القلب والعين والذاكرة"
وأخيرا إذا أردت معرفة محتوى الكتاب وأفكاره فتأمل أيها القارئ "مذكرات قارئ".
كتاب ماتع جدا، ورحلة زمنية طويلة بعُمر د.محمد سرد لنا فيها عشرات السنوات من قراءته للكتب، والتي تنوعت وتشكلت ما بين أدب وفلسفة وتاريخ وشريعة وسير ذاتية وغيرها؛ ليخرج لنا في النهاية بهذه الرحلة التي تستحق القراءة بقوة لكل من يحب قراءة رحلات الكُتاب والفلاسفة والمؤرخين والمثقفين بين دفتي الكتب ومعرفة عصارة خبراتهم في ذلك . الكتاب لابد وأن تستفيد منه، فلغة د.محمد جميلة وقوية، وتناوله للكتب ولكُتابها بعرض رأيه بالإضافة إلى نقد بعضها أعطى للكتاب روعة بصورة أكبر، بالإضافة إلى النصائح الموجودة في الكتاب لكل من يريد أن يصبح كاتبًا، وكل من يريد أن يصبح قارئًا، وكل من يريد أن يتعرف على نوعية مميزة من المؤلفات، وكيف استطاع مؤلفيها أن يضعوها بهذه القوة والروعة. ممتاز.
من أمتع الكتب وأكثرها فائدة، ولن يندم أحد على قراءته؛ ففيه تجارب كبار العلماء والمفكرين والعباقرة في العلم، والفكر، والقراءة، والكتابة قلما توجد مجتمعة في كتاب واحد.
و هو كتاب لا يصلح أن يكون كتاب ما قبل النوم .. بل هو كتاب الصباحات المتقدة .. لأنك وأنت تحمله بين يديك لن تفلت من أهوال الشوق وربما الهوس اللذان يطالعانك من بين سطور خطتها أنامل قارئ نهم .ستكون الأسير لا المتحكم بالدفة ولن تملك أن تدير دفة قلبك بل ستجده يرهف سمعه وبصره لكل كلمة حُمّلها الكتاب وسيهجر الكرى جفنك وأنت تسترسل في التخطيط لمستقبل ما ستقرأ.. ستجد نفسك محاصراً بأسماء لم تعرفها وعناوين لم تسمع بها وستتلقفك هناك غصص متتاليات .. ستتذوق مرارة الحسرة والأسى على ما انقضى من عمرك في غير القراءة .. ستتهم نفسك الاف المرات وتوبخها كيف تاهت عني تلك العناوين ؟! .. صدقني ستحاسب نفسك على كل تلك الساعات التي لم يغازل فيها طرفك بضع صفحات من كتاب .. وربما عضضت أصابعك ندماً تجربة عميقة تعكس سعة إطلاع وتحليق في سماء المعرفة ثم ذلك الإندفاع في إلتهام الكتب الذي لا يعرف قيوداً اديولوجية ولا نفسية .. قارئ في صورة منقب على الأسرار .. كتاب لن تعدم بين دفتيه أخبار الأولين وجنون العباقرة وهلوساتهم .. بين المجددين والسابقين . . سطور ضاربة بجذورها في صحارى الثقافة العربية بفتنتها وأخرى تنساب من بين دروب الثقافة الغربية في شبه لوحات فسيفسائية .. وأنت تجد بين هذا وذاك قوة فكرة وكلمة. ربما أصابني شيء من الملل في بعض المقاطع و أحياناً الحنق من بعض الإستطراد والقفز بين المواضيع دون سابق إنذار .. ولكني كنت ألوذ في كل مرة بالأسطر اللاحقة فأجد فيها بردا و- سلاماً وأحياناً أخرى يلذ الإستطراد حتى تمنيت لو يطول .. كذلك يسير بك الكاتب في مسالك وشّحَتها شلالات وعيون من تاريخ إلى فلسفة و فكر وأدب لذة للقارئين ،ويدفعك أن تتسور الشاهقات بجلد وجد ثم يدعوك أن لا تنسى نصيبك من هاته الكتب التي هي "دون مستوى فهمك" دون إفراط نظر فيها قد يتلوه قول لسان حالك : اني سقيم !! ..ثم ماذا ثم أكثر الفصول التي شدتني بل قل أبهاها الفصل الثالث: معايشة النّمرة :والمقصود بها الكتابة فصل ألهمني وأوقد في الحماس ، جعلني أنظر للكتابة من أكثر من زاوية .. اقتباسات وأحوال عجيبة لمن كتبوا على مر العصور ينقلها الكاتب. وانها لتشحذ الهمم وتُعرّف المتعالمين مقاماتهم وتحفظ لكل مبدع مكانه.. وأنت تودّع الكتاب في صفحاته الأخيرة ستخرج نهماً مُحمَّلاً بعناوين لا مفر لك من التهامها وربما خطة قراءة للمرحلة القادمة، ثم كثير من الدعاء أن يهبك الله عمراً آخر للقراءة .. عمراً للثأر تقتص فيه للقراءة وحدها وفي الكتاب بقية من أفكار وأحاسيس لا تحضرني كلها ويضيق عنها الوقت والجهد خاصة وأني لم أنوي كتابة مراجعة إلا بين الصفحات الأخيرة إذ خشيت أن يتوه مثل هذا الكتاب عن القراء فهذا عمر قارئ وذاكرته يقدمه لنا .. فهل من مطلع !!
لي مدة طويلة لم أستمتع بقراءة كتاب كهذا بطبعي أحب كتب السير فكيف إن كانت سيرة ممزوجة بأريج الكتب؟؟ من الممتع التجول في داخل عقل عاشق للكتب ملم بأغوارها مطلع على تجارب الآخرين فيها الكتاب ثري بالمعارف والثقافة والجميل أنه مكتوب بطريقة غير محددة مسبقًا،فكأنك في جولة سياحية تنتقل من بستان لآخر أعجبني فيه ذكره للكتب المؤثرة التي شكلت شخصيته وأعجبني أكثر أنه لم يقصر علمه على علوم الشرق فقط بل تعداه لعلوم الغرب وهي يقرأ بلغتهم أيضاً مما أعطى مصداقية أكبر للكاتب فهو ليس متطفل على موائدهم بل متذوق لها ينصح به ويُدرس وتعاد قراءته مرات عديدة
كتاب ماتع ممتع، عن (الكتاب)؛ منذ لحظات تكونه وكتابته إلى لحظات تلقيه واقتنائه وقراءته والتفاعل معه. رحلة جميلة يستلذ بها عشاق القراءة وهواة الثقافة والكتب. هو الأول في بابه عربياً، على نسق كتب مانغويل. وقد أجاد الكاتب في خلطه للثقافة الإنسانية شرقيها وغربيها ومزجها في بوتقة هذا الكتاب. أخذت على الكتاب تكراره لبعض النقاط خاصة في بابه الأول، وضعف تقسيمه وعنونته (تخطيطا وإخراجا). ومما أعجبني في الكتاب النقد الجميل والذكي لبعض الكتاب والكتب . أظن أن في جعبة الكاتب/ القاريء ما يصلح لإنتاج جزء ثاني أو ثالث من الكتاب وليكن بصورة أجمل وأكمل .