وتلويتُ مع الريحِ، تلويتُ شراعا وعرفتُ الشمسَ في دمعةِ عينيك خداعا . آه يا صوتَ بلادي يا شراييني، التي مزقها نجمٌ وضاعا. إنني أقسمُ بالخبزِ ، الذي يحملُ موتي وبأيامي، التي تخطو مع الريحِ سراعا: إنّ في دمعةِ عينيكَ بشائر وأغاني ، آه يا صوتَ بلادي، آه لو أزرع في خديكَ قبلة دونَ أن تحملني خلفَ ستورٍٍ لا أراها أو تراني .
صدّقيني يا بلادي، إن في دمعةِ عينيكِ ضياعي، فإذا مزقتِ في الريحِ شراعي سأغنيكِ شراعاً لا يهاجرْ وإذا علمتني الصوتَ، ومزقتِ قناعي سأغنيكِ، كما غناك شاعرْ وإذا ألقيتِ ظلي مرةً دون وداعِ سأغنيك، لأني شاعرٌ أَقسمُ بالخبزِ الذي يجهلُ موتي وبأيامي التي تخطو مع الريحِ سراعا. يا بلادي يا شراييني، التي مزّقها نجمٌ وضاعا.
تباشير عام 1966
مهِّدْ العالمَ كي أزرع قلبي شجراً، يُثمر في الليلِ نجوماً تتوارى، …وعلي صدرك ألويه سوارا. مهِّدْ العالم لي خبزاً وسوّيه من الخمرِ جرارا ، لُفه من يبس التبغِ، القهِ في صدر أنثي، وردةً حمراءَ من قلبِ الصحاري. …إنه يعرفُ صوتي: بدمي الوحّلِ، به يا شجرَ الموتِ تجذّرتَ مرارا.
خُفُّ صحراءٍ علي وجهي ولي عشرون عامْ، ما عرفتُ الليلَ فيها جثثاً بيضاءَ كالخوفِ، رحالاً وخيامْ، وصحاري بثمارِ الدمعِ تغزوني، وآثارَ كلامْ. أيّ ليلٍ بي، على راحلتي أيقظني اليومَ، ونامْ.
عرّش الإكليلُ في رأسي، على ألواح طوفانٍ تخليتُ ـ ولي عشرون عامْ ـ عن نذورٍ، فوقَ جفنيَّ توّفاها الظلامْ. وحسرتُ السخطَ عن وجهي فما عدتُ صبياً، طرّزت أحلامه الأولى سياجاتُ الطفولة، حاملاً خطوي إلى أقبيةِ الموت وسامْ.
أحدُ أبرز الشعراء والكتاب العرب من الجيلِ الستيني. ولدَ في بغداد 1945، وتخرّج من جامعتها، وانصرفَ بعد عامٍ في التدريس إلى العملِ الحرّ ككاتب. هاجر إلى بيروت وأقامَ فيها 69 ـــــ 1972، ثم إلى لندن، منفاه الثاني، منذُ عام 1979 حتى اليوم. أصدر مجلةَ «اللحظة الشعرية» لبضعة سنوات، وواصل كتابةَ عموده الأسبوعي في الصحافة الثقافية طوالَ حياته، في الشأن الشعري، الموسيقي والفني. له أكثر من 22 مجموعة شعرية، منها مختاراتٌ صدرت في الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، والإيطالية. إلى جانب الشعر له أكثر من 18 كتاباً في حقل النقد الشعري، الموسيقي والقصة. وله معارض عدة كفنان تشكيلي