What do you think?
Rate this book
تذوق الشعر
291 pages, Paperback
Published January 1, 2021
1 person is currently reading
20 people want to read
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 of 1 review
February 10, 2025
أقل ما يقال عنه : مبهر !
إن من النقد والتذوق لسحرا والله، ليست قراءة عادية للشعر وللتراث الأدبي: قراءة مستبصرة قراءة واعية، يتعامل مع النص علي أنه منفذ للشاعر وأغوار نفسه ودواخله ونفوس رجال الأمة الأفذاذ ومن ذلك لروح الأمة ومنها للروح والنفخة الالهية عامة.
"ولن نَصل إلى شيءٍ من ذلك كله حتى نبحث بالتذوق عن روح الأمة في أدبها، وفي شعرها. وقد نقل أبو عثمان الجاحظ عن سهل بن هارون قولَه: ((العقلُ رائدُ الرُّوحِ، والعِلمُ رائدُ العقلِ، والبيانُ تَرجُمانُ العِلمِ». فنحن هنا بإزاء أربعة أشياءَ: الرُّوحِ، والعقلِ، والعِلمِ، والبيانِ. فإذا كان هذا الإنسان يُنبئ عن نفسه بالعقل، والعقلُ ينبئ عن نفسه بالعلم، والعلمُ ينبئ عن نفسه بالبيان. فالروح عن أيِّ شيءٍ تُنْبِئ؟ إنها فيما يبدو لي تنبئ عن سر تلك النفخة من روح اللّٰه سبحانه.
ولعلَّك لاحظتَ أن البيانَ الإنساني هو الحامل لكل ما يدلّ على الروح والعقل والعلم. ومعنى هذا أننا في تذوقنا للبيان في أي صورة من صوره كان = إنما نبحث في بيان الرجل عن مبلغ علمِه، ونبحث في علمِه عن مبلغ عقلِه، ونبحث في عقلِه عن روحِه. وكذا الحال مع الأُمة: نبحث في بيانِ الأمة عن مبلغ علمِها، وفي علمِها عن مبلغ عقلِها، وفي عقلِها عن روحِها. فالتذوقُ الحقُّ بحثُ عن روح الإنسان التي هي سِرُّ وجوده الأعظمُ، ومنبعُ فضائله أو رذائله."
"إذا نحن تذوّقْنا الشعرَ العربي القديم على تلك الشريطة= تجلى لنا مِن وراء غَزَليّات العاشق، وحماسيّات البطل الشجاع، ومَدْح المادح، وفخر الفاخر، وهِجاء الهاجي= أشياءُ مما تعود إلى روح أُمة العرب، ومواضع تميُّزها أو نقصها، وإلى مبلغ سَعْي تلك النفوس في نُزوعها إلى الأفق الأعلى. ولن نبلغ ذلك كله أبدًا بأن نقول: تغزَّل فقال كذا، وافتخر بكذا... إلى آخر ما نقوله."
والمسألة أيضا ليست عملا ذهنيا للترويح والاجمام وفقط وإنما اعادة تركيب لصورة العربي وما يعني أن يكون عربيا مسلما من خلال أخص خصائصه وهي أدبه وكيف يعبر عن نفسه وداوخله من خلال أدبه المتصل بباقي جوانبه الحضارية:
"لا نستطيع أن نتذوق اليوم شعرَ العرب القدماء في أي عصر من عصوره - وكذا الحال عند غير العرب - بقراءة الشعر وحدَه، أو ما اتصل به من قريب؛ لأن الشِّعر في أي أُمّة هو شقيق فكرِها وعُلُومها، وابن حضارتها، وسعيها في الحياة. ولن يُفهَم الشِّعرُ أبدًا مقطوع الصلة عن أخيه وأبيه."
وبذلك المنهج يصبح الأدب ودراسته ودراسة الشعر إعادة تركيب للهوية وإعادة تركيب للمنهج المفضي للنهوض الحضاري.
"ولأجل هذا فرَّق أبو فهر رَحمَهُ اللَّهُ بين حضارةٍ تتذوق ما بين أيديها من العلم والأدب، وأخرى لا تتذوقهما حقِّ تذوقهما. فالأُولى تَستطعِم بمرة القريحة، وأصالة الطبع، وسلامة الفطرة= ما وصلَ إليها من علم أسلافها، وما نُقل إليها من علوم غيرها من الأمم، وتستقبل ذلك كله بالنظر، والتأمُّل، والانتخاب، والتخيُّر، والتوليد، والإنماء.
وتتجاوز ظاهرَ كلّ علم إلى بواطنِه، وتضمّ فروعَه إلى أصولِه، وتوّاً أَعجازَه على صدورِه، وتَنقلُه من الرواية إلى الدراية، ومن العلم به إلى العلم بمقتضاه، أما الحضارة الأخرى فقُصاراها أن تَمضُغ ما في يديها من العلم والأدب مضغًا كمضغِ الأَدْرَد، وتَحْكيه ألفاظًا، ولا تُحْيبهِ وجودًا حيّاء وتحل في الصدور أو الصحائف أسفارا، ولا تطيقُه نظرًا واعتبارا."
-ومن أجمل ما في الكتاب هو الاستفاضة في الحديث عن الملكة والقريحة والذوق وتوضيح أبعاده والإشكالات المتعلقة بالمفهوم وأزال الكثير والكثير من الغموض عندي، منها على سبيل المثال الحديث عن المنهج لدى الشيخ محمود شاكر وتقريبه للقارئ.
من أهم ما ميز الكتاب في رأيي هو النصف الثاني والتمثيل بقصيدة عمرو بن الأهتم (ألا طرقت أسماء ) فهو ليس حديث تنظيري عن النقد الأدبي ولكنه يأخذ بيدك(حتى كغير متخصص) لتذوق بعض ما يحكي عنه، وما صنعه في الشرح والكشف عن جوانب البيان في القصيدة سحر والله، من مفهوم الأزمنة الثلاثة وإعادة ترتيب الحدث علي وجهه الصحيح بل النفوذ للحظة تولد بدايات الشعر في نفس قائلها وما دفعه لقول ما قال ثم كيف رتب كلامه ليعبر عن نفسه في هذا الموضع، وكيف بنى هذا البناء المتناسق وسبكه كوحدة مترابطة يسلم أولها اخرها ويتمم اخرها أولها ليعالج هذا الحدث الأول.
من أهم الأدوات عظيمة الفائدة والتي تساعد في التذوق فيما بعد في رأيي :
١-محاولة كشف الحدث الرئيس من خلال مراجعة تطور القصيدة وأكبر مقاطعها وتسارع الحدث والالتفات في فصولها واستخدام الأزمنة الثلاث
٢-مراجعة كيفية بناء الصور والمشاهد
٣-التسلسل وكيف ينبني كل جزء عما قبله ويسلم لما بعده
٤-كيفية العطف والربط بين المقاطع
٥-كيف استخدم الشاعر الأفعال في القصيدة وما أزمانها ولماذا اختلفت من مقطع لاخر
٦-وأخيرا طول النظر والتركيز والتساؤل والصبر حتى تنضج النظرة والذوق
إن من النقد والتذوق لسحرا والله، ليست قراءة عادية للشعر وللتراث الأدبي: قراءة مستبصرة قراءة واعية، يتعامل مع النص علي أنه منفذ للشاعر وأغوار نفسه ودواخله ونفوس رجال الأمة الأفذاذ ومن ذلك لروح الأمة ومنها للروح والنفخة الالهية عامة.
"ولن نَصل إلى شيءٍ من ذلك كله حتى نبحث بالتذوق عن روح الأمة في أدبها، وفي شعرها. وقد نقل أبو عثمان الجاحظ عن سهل بن هارون قولَه: ((العقلُ رائدُ الرُّوحِ، والعِلمُ رائدُ العقلِ، والبيانُ تَرجُمانُ العِلمِ». فنحن هنا بإزاء أربعة أشياءَ: الرُّوحِ، والعقلِ، والعِلمِ، والبيانِ. فإذا كان هذا الإنسان يُنبئ عن نفسه بالعقل، والعقلُ ينبئ عن نفسه بالعلم، والعلمُ ينبئ عن نفسه بالبيان. فالروح عن أيِّ شيءٍ تُنْبِئ؟ إنها فيما يبدو لي تنبئ عن سر تلك النفخة من روح اللّٰه سبحانه.
ولعلَّك لاحظتَ أن البيانَ الإنساني هو الحامل لكل ما يدلّ على الروح والعقل والعلم. ومعنى هذا أننا في تذوقنا للبيان في أي صورة من صوره كان = إنما نبحث في بيان الرجل عن مبلغ علمِه، ونبحث في علمِه عن مبلغ عقلِه، ونبحث في عقلِه عن روحِه. وكذا الحال مع الأُمة: نبحث في بيانِ الأمة عن مبلغ علمِها، وفي علمِها عن مبلغ عقلِها، وفي عقلِها عن روحِها. فالتذوقُ الحقُّ بحثُ عن روح الإنسان التي هي سِرُّ وجوده الأعظمُ، ومنبعُ فضائله أو رذائله."
"إذا نحن تذوّقْنا الشعرَ العربي القديم على تلك الشريطة= تجلى لنا مِن وراء غَزَليّات العاشق، وحماسيّات البطل الشجاع، ومَدْح المادح، وفخر الفاخر، وهِجاء الهاجي= أشياءُ مما تعود إلى روح أُمة العرب، ومواضع تميُّزها أو نقصها، وإلى مبلغ سَعْي تلك النفوس في نُزوعها إلى الأفق الأعلى. ولن نبلغ ذلك كله أبدًا بأن نقول: تغزَّل فقال كذا، وافتخر بكذا... إلى آخر ما نقوله."
والمسألة أيضا ليست عملا ذهنيا للترويح والاجمام وفقط وإنما اعادة تركيب لصورة العربي وما يعني أن يكون عربيا مسلما من خلال أخص خصائصه وهي أدبه وكيف يعبر عن نفسه وداوخله من خلال أدبه المتصل بباقي جوانبه الحضارية:
"لا نستطيع أن نتذوق اليوم شعرَ العرب القدماء في أي عصر من عصوره - وكذا الحال عند غير العرب - بقراءة الشعر وحدَه، أو ما اتصل به من قريب؛ لأن الشِّعر في أي أُمّة هو شقيق فكرِها وعُلُومها، وابن حضارتها، وسعيها في الحياة. ولن يُفهَم الشِّعرُ أبدًا مقطوع الصلة عن أخيه وأبيه."
وبذلك المنهج يصبح الأدب ودراسته ودراسة الشعر إعادة تركيب للهوية وإعادة تركيب للمنهج المفضي للنهوض الحضاري.
"ولأجل هذا فرَّق أبو فهر رَحمَهُ اللَّهُ بين حضارةٍ تتذوق ما بين أيديها من العلم والأدب، وأخرى لا تتذوقهما حقِّ تذوقهما. فالأُولى تَستطعِم بمرة القريحة، وأصالة الطبع، وسلامة الفطرة= ما وصلَ إليها من علم أسلافها، وما نُقل إليها من علوم غيرها من الأمم، وتستقبل ذلك كله بالنظر، والتأمُّل، والانتخاب، والتخيُّر، والتوليد، والإنماء.
وتتجاوز ظاهرَ كلّ علم إلى بواطنِه، وتضمّ فروعَه إلى أصولِه، وتوّاً أَعجازَه على صدورِه، وتَنقلُه من الرواية إلى الدراية، ومن العلم به إلى العلم بمقتضاه، أما الحضارة الأخرى فقُصاراها أن تَمضُغ ما في يديها من العلم والأدب مضغًا كمضغِ الأَدْرَد، وتَحْكيه ألفاظًا، ولا تُحْيبهِ وجودًا حيّاء وتحل في الصدور أو الصحائف أسفارا، ولا تطيقُه نظرًا واعتبارا."
-ومن أجمل ما في الكتاب هو الاستفاضة في الحديث عن الملكة والقريحة والذوق وتوضيح أبعاده والإشكالات المتعلقة بالمفهوم وأزال الكثير والكثير من الغموض عندي، منها على سبيل المثال الحديث عن المنهج لدى الشيخ محمود شاكر وتقريبه للقارئ.
من أهم ما ميز الكتاب في رأيي هو النصف الثاني والتمثيل بقصيدة عمرو بن الأهتم (ألا طرقت أسماء ) فهو ليس حديث تنظيري عن النقد الأدبي ولكنه يأخذ بيدك(حتى كغير متخصص) لتذوق بعض ما يحكي عنه، وما صنعه في الشرح والكشف عن جوانب البيان في القصيدة سحر والله، من مفهوم الأزمنة الثلاثة وإعادة ترتيب الحدث علي وجهه الصحيح بل النفوذ للحظة تولد بدايات الشعر في نفس قائلها وما دفعه لقول ما قال ثم كيف رتب كلامه ليعبر عن نفسه في هذا الموضع، وكيف بنى هذا البناء المتناسق وسبكه كوحدة مترابطة يسلم أولها اخرها ويتمم اخرها أولها ليعالج هذا الحدث الأول.
من أهم الأدوات عظيمة الفائدة والتي تساعد في التذوق فيما بعد في رأيي :
١-محاولة كشف الحدث الرئيس من خلال مراجعة تطور القصيدة وأكبر مقاطعها وتسارع الحدث والالتفات في فصولها واستخدام الأزمنة الثلاث
٢-مراجعة كيفية بناء الصور والمشاهد
٣-التسلسل وكيف ينبني كل جزء عما قبله ويسلم لما بعده
٤-كيفية العطف والربط بين المقاطع
٥-كيف استخدم الشاعر الأفعال في القصيدة وما أزمانها ولماذا اختلفت من مقطع لاخر
٦-وأخيرا طول النظر والتركيز والتساؤل والصبر حتى تنضج النظرة والذوق
Displaying 1 of 1 review