يتحدث الكتاب عن دخول الرأسمالية في مرحلة مميتة، نجم عنها ازمة إقتصادية كبرى وفي الوقت نفسه أزمة بيئية ذات أهمية تاريخية . ويبقى الخيار الوحيد من أجل إنقاذ الكوكب هو الخروج من الرأسمالية باعادة بناء مجتمع لا يكون فيه الأقتصاد حاكما بل أداة ، ويتفوق فيه التعاون على المنافسة، ويكون للصالح العام الأولوية على الربح. يشرح لنا المؤلف في قصة مبتكرة ،كيف غيرت الرأسمالية نظامها منذ عام 1980 ونجحت في فرض نموذجها الفردي على السلوك ،بالإضافة إلى تهميش المنطق الجمعي .وللخروج من ذلك يجب أولا التخلص من هذا الظرف السيكولوجي الذى وضعتنا الرأسمالية تحت وطأته.
من خلال 148 صفحة وثلاثة فصول ،تأتى بعنوان ،الرأسمالية :كشف حساب قبل الرحيل،عصاب الأسواق،سراب التنمية الخضراء،يبين هذا الكتاب خطر استمرار النظام الرأسمالى على البشرية بأسرها من خلال ثلاثة أنواع من المخاطر :مخاطر بيئية ناتجة عن الاستهلاك المفرط للطاقة ووموارد الطبيعة،ومخاطر اجتماعية ناتجة عن الاستهلاك المفرط للطاقة وموارد الطبيعة،ومخاطر اجتماعية ناتجة عن الاستهلاك الترفي ودخول منطق الربح إلى مناطق تتعلق بالعواطف والانجاب والعلاقات الاسرية،ومخاطر سياسية تتهدد الديمقراطية وحرية اختيار الناس للحياة التى يريدونها.كل هذه المخاطر تتكبدها البشرية بسبب رغبة كبار الرأسماليين في الكسب رغم أنف الجميع،حيث لم تكن مشكلة البشر مع الرأسمالية منذ ان ظهرت على مسرح الاقتصاد العالمي،أنها تؤدى للتفاوت الطبقى الرهيب فحسب وإنما لانها أيضًا تؤدى إلى إغتراب الإنسان .والاغتراب في نظر ماركس هو شعور الإنسان بانه فى انفصال عن ذاته وفي صراع معها،فلبقائه على قيد الحياة ورعاية أولاده يضطر لبيع قوة عمله مقابل أجر ،وينتج سلعًا لا يستطيع امتلاكها .وينشأ عن ذلك شعور بالتشيؤ وبأنه هو نفسه قد أصبح سلعة معروضة في الأسواق يسرى عليها قانون العرض والطلب
الرأسمالية زهرة عفنة هل تخيلت يوماً أكبر زهرة فى العالم قطرها متر كامل, تتفتح لمدة يوم أو يومين لكن تفوح منها رائحة اللحم العفن هكذا يشبه الكاتب هيرفى كيمف الرأسمالية, فيرى أن الرأسمالية كبيرة جداً وقوية جداً لكنها لن تمثل فى التاريخ الإنسانى أكثر من قرنين ونصف القرن. دعونا نرجع بالزمن قليلاً حوالى - 170 عام من اليوم - عندما أطلق كارل ماركس الفيلسوف الألمانى الشهير صيحته فى جموع العالم : أيا عمال العالم اتحدوا !! عندما أطلق ماركس هذه الصيحة كان يتنبأ بما ستؤؤل إليه أحوال العالم الاقتصادية اليوم وكان يتبأ أيضاً بثورة عالمية على النظام الرأسمالى وراهن ماركس على عمال العالم بأن نضالهم ضد استغلالهم وإفقارهم من قبل النظام الرأسمالى سيؤدى فى النهاية إلى انتزاع حقوقهم وانهيار الرأسمالية لكن نجحت المنظومة الرأسمالية خلال المائة عام المنصرمة فى تخفيف وطأة وحدة الصراع مع الطبقات العاملة برفع مستوى دخول العمال عن طريق النهب الاستعمارى - للدول الغنية بالمواد الخام – لضمان مستوى معيشى مقبول للعمال فى الدول المتقدمة. كانت دعوة ماركس إبان صعود الرأسمالية المتوحشة التى سادت القرن التاسع عشر, وفى النصف الثانى من القرن العشرين رأى عالم الاقتصاد الانجليزى كينز أن الفترات الخالية من الأزمات الرأسمالية هى الإستثناء فى حين أن القاعدة هى الأزمات الدائمة من ارتفاع للأسعار وزيادة معدلات التضخم وزيادة معدلات البطالة وتراجع معدلات النمو الاقتصادى وخلافه, واقترح لإصلاح الأمر تدخل الدولة لتقديم المعاشات و إعانات البطالة ليبدأ عصر ما يسمى بالدولة الراعية, لكن لم تفلح محاولة كينز فى التقليل من وطأة تبعات الرأسمالية على كاهل المواطنين بل زاد الأمر سوءاً نظراً لما قامت به الشركات الرأسمالية فى هذا القرن من عمليات تأجيج روح الإستهلاك وإشباع الرغبات والشهوات فى نفوس الناس من خلال وسائل الإعلام المختلفة. وفى ليلة سقوط جدار برلين 1989 صرح الرئيس الأمريكى جورج بوش بأن اليوم سينام الإنسان ملء جفونه فى جميع أرجاء الأرض دون أن يسأل نفسه أى نظام أتبع , فقد انتصرت الرأسمالية بصورة حاسمة , فها وقد انتصرت الرأسمالية فى معركتها الأخيرة هل انتهت مشاكل الإنسان فى كل مكان؟ الإجابة: لا وإليكم عرض مبسط وسريع لما قامت الرأسمالية بتصديره من مشاكل للبشرية: 1- الاقتراض : هى عملية استدانة من أجل الشراء فتراكم رؤوس الأموال لدى بعض أفراد المجتمع يجب أن يؤدى فى النهاية إلى أن الطرف الآخر سيكون بحاجة شديدة لها وسيكون مستعداً وقتها لتقبل أى شروط أو إجراءات تُفرض من صاحب رأس المال .. وإذا ضربنا مثالاً بالدول فإن البنك الدولى وصندوق النقد تمثلان أكبر جهتين مقرضتين فى العالم منوط بهما أيضاً حماية النظام الرأسمالى العالمى وحماية الاستثمار العالمى بما يؤدى لتضارب شديد بين ما قامت عليه هاتين المنظمتين من أهداف وبين مصالحها بحماية الرأسمالية, فتجد تدخل سافر من المنظمات المانحة للقروض على اختلاف جنسياتها وهوياتها فى الشئون الداخلية للبلاد المقترضة ليصل الأمر إلى ما وصلت إليه دولة كبيرة كمصر من تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن السلع الأساسية خلال مدة زمنية قصيرة فى دولة اعتاد أهلها توفر السلع الأساسية بأسعار زهيدة فى ظل مستويات دخول متدنية فتكون النتيجة معدلات تضخم تاريخية تقارب 35% وتضاعف الدين الخارجى ليصل لمستوى 80 مليار دولار. 2- نجحت الرأسمالية فى فرض نموذجها الفردى فى التصور وفى السلوك فأصبح الإنسان لا يفكر سوى بمصلحته الشخصية وما يعود عليه بالنفع الفردى وتحسن مستوى معيشة وزيادة دخل وقدرة شرائية أكبر وقدرة على إمتلاك أكبر قدر ممكن من السلع أو البضائع أو المنتجات. 3- تعميم الفساد كنتيجة لعدم التناسب بين مرتبات الموظفين والآثار المترتبة على قراراتهم وانتشار النزعة الفردانية وإعلاء المصلحة الفردية فى سبيل تحقيق شهوات ورغبات وقدرات على الشراء والامتلاك ولك أن تتخيل على سبيل المثال أن رئيس مجلس إدارة أحد الشركات الاستشارية التى تعمل بمجال الطاقة فى مصر تلقى رشوة قدرها 5 مليون دولار من أجل التلاعب فى العطاءات التنافسية المقدمة للحصول على عقود مشروعات الطاقة. 4- التفاوت الشديد والفروق بين طبقات المجتمع الواحد مما أدى لاغتراب الإنسان أى شعوره بالانفصال عن ذاته وأنه فى صراع شديد معها من أجل كسب المال حتى أصبح هو ذاته عُرضة لقانون العرض والطلب وإحساسه بالتشيؤ أى أنه أصبح سلعة تباع وتشترى. 5- الدفع الكلى تجاه معدلات نمو أعلى ولو على حساب البيئة : ويضرب الكاتب هنا مثال بصيد الأسماك الجائر على سواحل نامبيا التى تعتبر من أغنى الدول فى العالم بالثروة السمكية ولكن أدت عمليات الصيد الجائر للأسماك لانقراض أنواع معينة من الأسماك نتيجة لتغذى قناديل البحر عليها, وهذا يحيلنا إلى تحقيق نشرته الجارديان عن نزوح كميات كبيرة من قناديل البحر من البحر الأحمر تجاه البحر المتوسط على سواحل مصر إبان حفر قناة السويس الجديدة كنتيجة لتجاوز البحيرات المرة التى كانت تمثل الفاصل والحاجز بين جور أسماك البحر الأكثر ملوحة على البحر الأقل ملوحة. 6- فقدان الروابط الاجتماعية وتوغل وسائل الاتصال التكنولوجية كبديل للتواصل الاجتماعى الفعلى والحقيقى وكذلك تحويل الأفراد إلى جزر منعزلة لا تتحد على هدف واحد ولا تستطيع التضامن فيما بينها وأحيلكم هنا إلى الاقتباس التالى من حوار دار بعد ثلاثين عاماً من مظاهرة قام بها عمال أحد المصانع لإصلاح ماكينة كانت تمثل خطراً على حياتهم بعد قيامهم بمظاهرة ضد إدارة المصنع: 7- الدعارة والبورنوجرافى: أصبح الإنسان سلعة تباع وتشترى فى سوق الرأسمالية واصبح كل إنسان يبحث عن جمع أكبر قدر ممكن من المقتنيات حتى يثبت تفوقه على الآخرين وسادت روح الفردانية بين أفراد المجتمع وظهرت فى المقابل أسر وأفراد تمتلك قدراً كبيراً جداً من المال يمكنها من شراء كل المتع فكانت انتشار الدعارة والبورنوجرافى فى العالم كانتشار النار فى الهشيم والأرقام جد مفزعة فإجمالى استثمارات فى هذا المجال 6 مليار دولار عام 2000 ومن المفارقات أن دولاً كألمانيا استقدمت 40,000 داعرة فى العام 2006 وكذلك اليونان عام 2004 قامت باستقدام 20,000 داعرة وسمحت بثلاثين بيت دعارة جديد أثناء إقامة دورة الألعاب الأوليمبية. 8- قطاع الطاقة: حدث ولا حرج بداية من الإسراف المستمر والمتزايد فى استخدام الطاقة الغير متجددة مما يمثل إهداراً حقيقياً لحقوق الأجيال القادمة فإذ يباع برميل البترول بمبلغ وقدره 40 دولار زاد من الاعتماد على السيارات الخاصة وإهمال قطاعات النقل الجماعى واستخدام الوقود فى التدفئة وإنتاج الطاقة الكهربائية مما أدى لارتفاع نسب غاز ثانى أكسيد الكربون مما أدى بدوره لظاهرة يعانى منها العالم وستعانى منها الأجيال القادمة إلا إذا وضعت مجموعة من الحلول القابلة للتنفيذ على ارض الواقع لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وهى ظاهرة الاحتباس الحرارى. 9- الطاقة النووية: يمثل التوسع الكبير فى مجال توليد الطاقة الكهربية باستخدام الطاقة النووية خطراً كبيراً على البيئة المحيطة بهذه المحطات ويهدد الحياة على الكوكب بشكل عام إذا ما خرجت هذه المفاعلات عن السيطرة كما حدث فى المفاعل تشرنوبل فى العام 1986. قالوا عن الرأسمالية : الفيلسوفة حنا أرندت: المؤرخ الفرنسى الشهير فرنان بروديل: بقى أن أذكر أن هذا الكتاب من أفضل ما قرأت هذا العام وجهد كبير يشكر عليه المركز القومى للترجمة وترجمة حرفية استثنائية للمترجم أنور مغيث .. أرشح هذا الكتاب لجميع الأصدقاء. كمال صبرى 18 أكتوبر 2017
الكتاب فكرته واضحة الرأسمالية تدمر البيئة , فالنظر فيها للمدى القصير على حساب المدى البعيد . الكتاب حاول يظهر مدى وحشية الرأسمالية في أمثلة كثيرة بعديا عن البيئة لتكون منطلق انها يؤسس لنقده الشديد تجاه اضرار الرأسمالية للبيئة ولكن ما أخذته عليه هو مدى الاقلال من التطور العلمي الذي يستشهد بيه الضغمة الرأسمالية لأن تجد حلا للمشاكل البيئية لكن في نفس الوقت أرى أنه لا يجب أن نسمح بالاستهالاك المفرط للبية معلقا الأمال على العلم بشكل كلي . المخيف وهو الواضح للمتفحص للوضع الافريقي على سبيل المثال أن التغيرات المناخية يعايشه دول الجنوب أكثر من أوروبا وأن الأثر سيلحقهم ولكن متأخرا لكن التأثير الذي يشهد دول اوروبا هو الهجرات الجماعية للتجمعات السكانية الافريقية للشمال وهو ما سيزيد الضغط الاقتصادي والأمني على دول أوروبا التي هي ليست بمأمن عن التغيرات المناخية في الجنوب . بل وأن المعيشة المرتفعة لدول الشمال هيا ذات التأثير المباشر للتغيرات المناخية فلا يمكن أن نطلب من دول الجنوب أن يقلل استهالكه فهو قليل بالفعل بل ذو الوضع المعيشي الاستهلاكي في الشمال