أحتاجُ أن أتنفّسَ بالبطءِ الذي يفرّقُ شفة عن الأخرى كي تقولَ: أحبّكِ بالسّرعةِ التي تنكمشُ فيها متضائلًا ظهركَ قِبالة خيبتي وخيبتي مفتونةٌ بعرضِ المسافةِ على كتفيك.
مرّة أخرى، أهديتُني مجموعة كبيرة من إصدارات دار مسعى، الإصدارات التي تُغريني بِلوحها الفنية المتصدرة لأغلفتها الفاتِنة، الإصدارات الخفيفة على القلب التي أشعرُ بها وهي تقول: خُذيني بِحُبٍّ يا فاطِمة، خُذي بيدي، أعِدّي ليَ القلب كي يستريح..
لذا، أجدني بِرفقة إصدارات لا عِلمَ لي بكاتبها أو موضوعها، آخذُ بيدها لأكتشفَ شيئاً ولأفاجئَ نفسي بمكنونها، بطيبِ رفقتها أو العكس من ذلك. ، بالأمس، و قبل أن أغفو، اخترت سُميّة وأردتُ أن أُلقي نظرة على المشهد الذي أشارت إليه بـ "أكملوا عني هذا المشهد"، سميّة التي لم أسمع بها من قبل، وهذا المشهد الذي يُعدّ باكورة أعمالها والأقل جاذبية من بين المجموعة التي بين يديّ. إلا أنني أحببتُ رفقتها اللطيفة وحديثها الخفيف، المحسوس والملموس. أكملتُ الذي بدأت بعد أن استيقظتُ كـ عادتي بعد منتصفِ الليل، وأكتبُ الآن على الموسيقى التي أشارت إليها في مدونةٍ لها، والتي وجدتها صدفةً أيضاً قبل قليل A Shimmer of Leaves - Bernward Koch http://www.youtube.com/watch?v=YR9ww8... . وأقولُ على لسانها: "سعيدة بتفتّح مزاجي على رغبةٍ وأخرى رغم تعبي" ، -أحببتُ رفقتها في المشهد -الذي بدأتهُ سلفاً وأشارت لنا بإكماله وفجر هذا اليوم، وبالإشارة الموسيقية التي تتخفف من ثقل الحياة، أحببتها أكثر. ، ممتنة للصُدفِ التي تأتينا بـ فراشاتٍ ملوّنة كـ هي
لسمية كاميرا خاصة تضعك مرة أمام انسيابية في حديث ذاتي شجِن لكن سرعان ما تنقلب الصورة واستحواذ الحب التام عليها يقلل من بريقها تقول مرة وتفتح حواسّك على ذاكرة بصور ملوّنة، لكنها تتبدل بعد ذلك إلى حاضر يبهت شيئا فشيئا إن لها القدرة على السرقة وهذا أمر مفروغ منه، لكن كيف لا تجعلنا نلتفت في بعض الأحيان إلى برودة ما أو خفوت؟ ذلك يكون حين تحدد سمية مسارها وقت النص تتجرد من عاطفة ما لتكتب عنها لا أن تكون متلبسة بها حتى تتنبه لكل ما تقوله وفي هذيان في ذات الوقت أي أن تهذي عن الحالة دون الوقوع فيها .
ذلك كان يجب أن يكون مبهرا لو تمّ على أكمل وجه ويحسب لسمية أنها كتبت هذا النص دون وضوح للتقطع أو اللهاث .
أتعرف ؟ دعنا ننتهي من كل هذا الآن .. أن لا تلمحني في ياقة قميصه .. و لا أنتبه إليكَ في حناء كفيها .. دعني ألوّح .. مكان الكف المقطوعة ، بقصيدةٍ .. بسربِ حمام أزرق ، بأشباحٍ عتيقة بلحنٍ فيروزي ، بشيء مكتمل مثل هذه الهاوية
متوجسٌ من الإصدارات الأولى.. قلقٌ جداً -وهذه الـ "جداً" كبيرة بحجم حوتٍ أزرق- من الخطوة الأولى.. وهذا ما يجعلني على نطاق شخصي أعلّق الكثير من المشاريع على حبال النضج والتيقن من اختمارها بشكل جيد، إلى حد أنها لا تبلغ ولادتها
هنا أيضاً قلقٌ يراودني وأنا أتصفح "أكملوا عني هذا المشهد" وليد سمية جميلي الأول، الذي تشرف على مخاضه مسعى للنشر والتوزيع، تحت مظلة صندوق علي الصافي للإبداع الشعري.. وإن لم أوّد أن أكون طوباوياً في انطباعي حول تجربة جميلي، سأقول: ناضجة للحد الذي يكفي أن يكون وليدها سليماً، لا خديجاً
سمية التي تطلب منا أن نكمل عنها هذا المشهد، هي في الوقت نفسه تتعمد بذكاء أن ترسم لنا الصورة ناقصة في نصوصها، تتركها مفتوحة على مصراعيها أمام مخيلتنا لنكملها على حسب ما نشتهي، لنكون جزء من النص نفسه: "الموسيقى البيضاء ترسمُ بقلبي أطفالاً عُراة الأقدام يتقافزُ فقدهم على وترٍ شدّ من السماء معطفه
لا أشبهُ شيئا، هذا المساء.. لستُ" كقفلة لهذا الجزء من النص أنت أمام أن تنتهي بـ "المساء"، لكنك تجد نقطتين وكلمة "لستُ".. بالنسبة لي أجد أن هذه "قفلة" بمثابة "فتحٍ" جديد أمام القارئ وأن النص لم ينتهِ بعد، وأن صدى الكلمات اللامكتوبة يتردد بداخلك، والتي بدورها تكمّل النص، لنكمل مشهد سمية
أحببتُ هذا التداخل في النصوص، باعتباره نص واحد، مرّقم بإعداد بدلاً من عنوان لكل جزء، وإن كان على نحو خجول فتعود سمية لعنونة نصوصها، ولكن هذا التداخل حسّسني نوعاً ما بأن النص وحدة واحدة، وأني أمام تفجّر لصور متعددة لا مترابطة ومتداخلة في نفس الوقت، أقوم بإكمال صورة ما، وعلى طريقة "البازل" أو أشبه بقطع "الليغو" أقوم بتركيب الصورة على الصورة ليكتمل المشهد
الأفكار المجردة في هذا الكتاب جداً لطيفة. كان من الممكن إستشعار شخصية الكاتبة من خلال الجمل المستعارة والمجازية التي هي بنفسها فريدة وتعكس انطباع مميز.
عن طفلة الأرجوحة التي جرحها الحب فأدمى قلبها شِعراً لا يهدأ. عن انسياب الحروف، من مفاتيح آلتها الوترية/الشعرية، سمية جميلي فنانة ترسم السيناريو بحسها الشعري.