طرح علمي أكاديمي يقدمه هذا المؤلف الفلسفي الجدير بالتقدير إذ يتناول بالسرد والمقارنة والتحليل نشأة الإعتزال تاريخيا وتطور استكالاته من العقائدي إلى الفلسفي ونزوحه من التنظير التجريدي (معتزلة البصرة) نحو الدعوة الأخلاقي العملية (معتزلة بغداد الأوائل) نحو الطموح السياسي ( وزيري المأمون ثمامة وابن أبي دوءاد) .. كما يخص بالدراسة نشأة مدرسة الإعتزال ببغداد عاصمة الخلافة العباسية بعد هارون الرشيد والتي جرت فيها أحداث وتحولات فكرية مهمة في تاريخ الإسلام؛ ولعل أهمها حركة الترجمة أوما يسمى تاريخيا بالمحنة أو محنة خلق القرءان، مع تفسير كل جوانب هذه الأخيرة التاريخية والعقدية والسياسية وتتبع تبلورها في الواقع الإسلامي على يد الخليفة المأمون ١٩٨ للهجرة وكيف تم طرح هذا المقال العقدي والسياسي وفرضه علر العام والخاص.. كتاب مهم جدا ومفيد من نواح عدة.
في كتاب عن تكوين العقل العربي رلما كان المؤلف هو المفكر المغربي (محمد عابد الجابري). ذكر المؤلف أن العقل العربي مشكلته أنه عبارة عن جزر مفككة ليس بينها رابط استفادة، بل الرابط الذي بينها هو العدء، فلم يستفد تيار من تيار فبقي كل تيار فكري بعيوبه منذ نشأته حتي يومنا هذا. لذلك فالعقل العربي تراثي غير عصري. في هذاا لكتاب يتحدث مؤلفه عن واحد من أهم تيارات الفكر العربي وهو التيار المعتزلي، والمعتزلة معروفون في التراث بأنهم أصحاب الرؤية العقلية في التعامل مع النص الديني، ولهم من الفضل الكبير في الدفاع عن الدين في عصر غلبت فيه الفلسفة كفكر ساد العالم في عصرهم، كما ان من محاسنهم أنهم أسسوا لحضارة العرب التي لا تزال آثارها باقية حتي اليوم/ لولاهم ما نشأت هذه الحضارة. لكن شاع عن المعتزلة دون هذه الأفكار أنهم السبب في محنة بن حنبل، وهو صحيح، كماأنهم كما يشاع عنهم أو كما يشيع عنهم أعداؤهم خالفوا أهل السنة والجماعة في بعض مسائل التوحيد. هذا الكتاب يعرض بصورة سريعة غير متعمقة لفكر المعتزلة، والكتاب وإن حاول ان يكون شاملا إلا أن هذه المحاولة كانت سبب عيبه، فالهوامش كثيرة جدا تكاد تصل لنصف حجم الكتاب، كذلك أسماء المفكرين المعتزلة وأساتذتهم وتلاميذهم ومؤلفاتهم وبعض تفاصيل حياتهم البعيدة عن فكرهم استولت علي جزء كبير من الكتاب. كذلك التشايه الواضح بين فكر كل قائد معتزلي جعل الكتاب يكرر ما قاله عن كل واحد مرة ومرة.. الكتاب عموما محاولة جيدة للتعرف علي هذا الفصيل الفكري العتيد صاحب اليد العالية في النهضة العربية قديما. لكن الكتاب ممل وغير كافي لموضوعه