إرادة الاعتقاد بقلم وليام جيمس ... كان للفرد الإنساني في فلسفة جيمس نصيبا وافرا، فينبعث التاريخ منه وتبدأ منه كل فلسفة، هو القوة الظاهرة التي ترفع الجماعة وتخفضها، وفعله هو الموجه للحياة «فلقد وضع الله كلا من الحياة والموت والخير والشر بين يديه، وقال له اختر الحياة دون الموت لتحيا أنت وذريتك». أكد جيمس على أهمية المفارقات الفردية ودورها في التطور الاجتماعي، وناقش نظاما أخلاقيا واحدا تفترضه فلسفة الأخلاق فوصل إلى منشأ الأحكام الخلقية ومنشأ الحسن والقبح، وكيفية تكوين العلاقة بين الأخلاق والدين، كما قدم جيمس العلاج النفسي للتشاؤم الذي يعاني منه كثيرون
::انطباع عام:: ++++++++++ "آمن بأن الحياة تستحق العيش؛ وسوف يساعدك إيمانك على تحقيق هذه الحقيقة."
1_ كانت قد أصابتني وعكة شك، ثم كان وليم جيمس هنا يقدم بعض الرؤى المختلفة عن طريقة الدفاع عن الإيمان أو هل يمكن الإيمان دون دليل نظري. بينما العلم يقطّع الوقائع نظريًا؛ فإن الدين يجمّع تلك الوقائع ويغلفها كلها تحت سلطة ماهية جامعة واحدة – وهذا ما يجعل نفسية الإنسان هادئة وقادرة على التعامل مع تحديات العالم من حوله.
2_ هذا الكتاب هو الجزء الأول من الكتاب الأصلي باللغة الإنجليزية المعنون: "إرادة الاعتقاد ومقالات أخرى في الفلسفة الشعبية." الصادر عام 1896 وهو عبارة عن عشر محاضرات ترجم منها المترجم خمس محاضرات في هذا الكتاب "إرادة الاعتقاد" وخمس أخرى في الجزء الثاني "العقل والدين" وأتبع ذلك بدراسة صغيرة عن فكر وليم جيمس.
3_ تعقيبي على الترجمة أنها سيئة، ولا أعلم كيف سمّى المترجم نفسه معرّبًا وهو يترجم نفي الاستقبال بهذه الطريقة المقيتة "سوف لا" حتى أنها كانت توترني أثناء القراءة وأشطبها في كل مرة وأكتب التصحيح "لن". أما عن الأخطاء المطبعية في هذا الكتاب فحدّث ولا حرج! لم أتعود على ذلك من دار آفاق، ماذا حدث؟ أخطأوا في اسم المترجم على غلاف الكتاب وجعلوه: "محمود حسب الله" بدلاً عن "محمود حب الله" ولمعالجة الخطأ المطبعي قاموا بوضع غلاف آخر "غلاف الحفظ من الأتربة" وفيه تصحيح اسم المترجم، هاها! ما هذا؟ كأن الكتاب معمول سلق بيض حرفيًا ونزل المطابع دون أي تدقيق حتى في الغلاف فما بالك بمحتوى الكتاب!
4_ لولا اطلاعي على النسخة الأصلية من الكتاب، لألقيت الكتاب من النافذة لعدم فهمي أي شيء منه، علاوة على خلفية معرفية عندي حول فلسفة جيمس الذرائعية وكذلك حول الإمبريقية الراديكالية. فما هي فلسفة جيمس؟ هي باختصار تمثل شخصية الفرد الأمريكي: هذا الفرد الذي يجمع بين منظومتين في السلوك: العملية البراجماتية الشديدة والحصول على النتائج الطيبة من أسرع طريق وأصوبها؛ وكذلك الإيمان الذي يبرر نفسه كونه نظام نفسي مفيد يساعد الفرد على مواجهة عراقيل الحياة. بالتالي، الدين يخدم تحسين حياة الفرد من حيث هي حياة عملية. فالدين عند جيمس هو الدين العملي الذي يقوم بوظائفه النفسية ذات الأثر النفعي، وليس هذا الدين اللاهوتي النظري الذي يناقش غوامض العوالم غير ممكنة الإثبات نظريًا. فكأنه يقول أننا محتاجين للإيمان لأن ذلك عمليًا مفيد لنا؛ لكي نستطيع مواجهة أكباد الحياة.
5_ إذن هما المنظومتان: الفردية؛ والعملية. الاعتقاد الفردي هو اعتقاد الشخصية الأمريكية هذا الفرد العملي المحب للحياة المؤمن الواثق، دون أي ميل نفسي نحو التنظير والتجريد المثالي الشديد بل هو ذلك الفاعل في الحياة وإيمانه يخدم أغراضه العملية مباشرة دون نظريات وسيطة. وهذا ما يسميه جيمس باسم: قانون الاعتقاد المبني على الرغبة: "إن الحكمة هي أن تعتقد، لأن الاعتقاد من الشروط الأساسية العاملة على تحقيق ما ترجو من غرض. فالاعتقاد يبرهن على نفسه: فاعتقد، وسوف تكون على حق؛ إذ سوف تجني بذلك نفسك، أو شك، وستكون على حق أيضًا، فسوف تهلك بذلك نفسك. وليس هناك من فرق بين الحالتين غير أن الاعتقاد يجلب لك الخير والنفع ويحقق ما أردت (...) وبهذا تصبح الحقيقة المستقبلة مشروطة بعقيدتي الآن فيها."
6_ وهكذا، باختصار، يتوّج جيمس تبريره الفلسفي للاعتقاد الإيماني بمراهنة باسكال؛ أن في كلا الحالتين سواء الشك أو الإيمان أو حتى اللاأدرية التي تعتبر ضرب من اللافعل الذي هو الفعل ذاته – توجد المخاطرة. ولا يوجد ضمان بأن مخاطرة الإيمان بما هو ممكن أن يكون وهمًا أكثر خطورة من مخاطرة عدم الإيمان بما هو غير ممكن إثباته بالدلائل. إلا أن النواتج العملية للمؤمن في حياته أكثر ثقة ووضوحًا وبالتالي يساعده إيمانه على تحمّل مآسي الحياة؛ على نفيض غير المؤمن الذي لا يجد منظومة شاملة يستند إليها وقت ضياعه في الحياة. *** ::في سطور:: ++++++++ "العقيدة تبرهن على نفسها."
1_ إرادة الاعتقاد – عنوان محاضرة ألقاها ويليام جيمس، ونُشرت لأول مرة في عام 1896، والتي تقدم أدلة دفاع في بعض الحالات عن تبني اعتقاد دون دليل مسبق على صحته. وعلى وجه الخصوص، يهتم جيمس في هذه المحاضرة بالدفاع عن عقلانية الإيمان الديني حتى في غياب أدلة عقلانية كافية على تلك الحقيقة الدينية. يقول جيمس في مقدمته: "جئتكم الليلة بشيء يشبه أن يكون موعظة دينية حول البرهنة على العقيدة لأحدثكم به، وأعني بذلك مقالاً يبرر الاعتقاد، ويبين أن لنا الحق في أن نعتقد في بعض الموضوعات الدينية، على الرغم من أنه قد لا يكون لنا من الأدلة المنطقية ما يكفي لإقناع قوانا العقلية."
2_ تدور حجة جيمس المركزية باختصار شديد حول فكرة مفادها أن الوصول إلى الدليل على ما إذا كانت معتقدات معينة صحيحة يعتمد بشكل حاسم على تبني هذه المعتقدات أولاً دون دليل. على سبيل المثال، يزعم جيمس أنه من المنطقي أن يكون لدى المرء إيمان غير مدعوم بقدرته على إنجاز المهام التي تتطلب الثقة أولاً في إنجازها. ومن المهم أن يشير جيمس إلى أن هذه هي الحال حتى في متابعة التحليل الاستقصائي العلمي. ويزعم جيمس بعد ذلك أنه مثلما نعتقد بأن الإيمان بقدرة المرء على إنجاز مهمة صعبة يجعله يقوم بإنجازها، فإن الإيمان الديني يمكن أن يكون عقلانيًا أيضًا حتى لو كان المرء يفتقر في ذلك الوقت إلى الأدلة على صحة معتقده الديني.
3_ تم إضافة فصول أخرى لمحاضرة إرادة الاعتقاد ليبلغ مجموع المحاضرات عشرة تحت عنوان: "إرادة الاعتقاد ومقالات أخرى في الفلسفة الشعبية." الصادر عام 1896. *** ::الكتاب:: +++++++ 1_ بعض نتائج البحوث النفسية: البقايا غير المصنفة، جمعية الأبحاث النفسية وتاريخها، نقل الفكر، عمل جورني، إحصاء الهلوسة، الوساطة الروحانية، "الذات الباطنية"، "العلم" وافتراضاته المضادة، الطابع العلمي لعمل السيد مايرز، النظرة الميكانيكية غير الشخصية للحياة مقابل النظرة الشخصية الرومانسية: "كل واحد منافي الحقيقة وحدة نفسية أكثر انبساطًا مما يعرف، فهو شخصية لا يمكن أن تعبر عن نفسها تعبيرًا كاملاً في أي ثوب مادي، وتظهر النفس من نفسها عن طريق الأعضاء، ولكن هناك شيئًا منها لا يعبر عنه الحس أبدًا، وكأنا ننتظر دائمًا قوة عضوية لتعبر عنه."
2_ عظماء الرجال وبيئتهم: تضامن الأسباب في العالم، العقل البشري يجرد من أجل التفسير، دورات مختلفة للعمل في الطبيعة، التمييز الدارويني بين الأسباب التي تنتج والأسباب التي تحافظ على التنوع، الأسباب الفسيولوجية تنتج الرجال العظماء، والبيئة فقط تتبنى أو تحافظ عليهم وعندما يتم تبني أفكارهم يصبحون مخمرات اجتماعية، انتقاد آراء كل من سبنسر وألين، اقتباسات من والاس وجريزانوفسكي، قوانين التاريخ، التطور العقلي، القياس بين الأفكار الأصلية والتنوعات العرضية لداروين، نقد آراء سبنسر: "عندما يندد كل من سبنبر وألين بتمجيد الأبطال، فإنهما لا يفكران إلا في حجم القيراط، أما أنا كممجد لهم، فإني أفكر في مكانه ووظيفته أيضًا."
3_ أهمية الأفراد قد تكون الاختلافات الصغيرة مهمة، الاختلافات الفردية مهمة لأنها أسباب التغيير الاجتماعي، تبرير تمجيد البطل: "إن المفارقة بين كل فرد وآخر لزهيدة جدًا، ولكنها على غاية من الأهمية."
4_ فلسفة الأخلاق والحياة الخلقية الفيلسوف الأخلاقي يفترض وجود نظام موحد، أصل الأحكام الأخلاقية، هل تنشأ المسرات والمآسي من الحكم العقلي؟ تنشأ الالتزامات بالمتطلبات، صراع المثل العليا والحل، استحالة وجود نظام أخلاقي تجريدي، المزاج السهل والمجهد، العلاقة بين الأخلاق والدين: "هناك دائمًا هوة بين المثالي والواقعي لا يمكن تجاوزها إلا بالتنازل عن جزء من المثالي: ولا نكاد نتصور حسنًا واقعيًا في العالم إلا وهو مزاحم لحسن آخر فيه، في كل ما يشغل من زمان ومكان، وكل غاية من الغايات تبدو معارضة لغاية أخرى." – "وسواء أوجد إله في تلك السماء الزرقاء المقوبة علينا أو لم يوجد فنحن في كلا الحالين نكوّن لنا جمهورية أخلاقية تحت تلك القبة، وأول تفكير ينشأ عن هذا هو أن للأخلاق مكانًا في عالم ليس فيه شعور أعلى من الشعور الإنساني، كما أن لها مكانًا في عالم يوجد فيه إله أيضًا. فيقدم دين الإنسانية أسسًا أخلاقية كما يفعل مذهب التأليه سواء بسواء."
5_ قيمة الحياة (أفضل الفصول) التفاؤل والتشاؤم كمزاجين، كيف نتصالح مع الحياة إذا كان المرء عازمًا على الانتحار؟ الكآبة الدينية وعلاجها، اضمحلال اللاهوت الطبيعي، الترياقات الغريزية للتشاؤم، الدين ينطوي على الإيمان بامتداد غير مرئي للعالم، الوضعية العلمية، الشك يحرك السلوك بقدر ما يفعل الإيمان، إنكار بعض العقائد أمر سخيف منطقيًا لأنها تجعل أهدافها حقيقية: "التشاؤم في جوهره مرض ديني نشأ عن مشكلة دينية لم تجد لها جوابًا دينيًا معقولاً." *** ::مشكلة الانتحار:: +++++++++++ 1_ يقول وليم جيمس: "الاحتكاك بالقواعد الذهنية المجردة والإكثار من الأسئلة مع الإقلال من المسؤولية العملية كما يؤدي الإفراط في مذاهب الإحساس، إلى حافة منحدر نهايته الدنيا هي التشاؤم وأحلام وخيالات مزعجة أو النظرة الانتحارية. إنها الملانخوليا الناشئة عن التفكير والتأمل ... التشاؤم في جوهره مرض ديني، ولا ينشأ في كيفيته إلا عن مشكلة دينية لم تجد لها جوابًا دينيًا معقولاً ... تناقض بين الطبيعة واللاهوت." وهكذا تكون النجاة الوحيدة هي الثقة في عالم آخر، وأن العالم الحالي وهمي وبكذا تنفعل غرائز حب الاستطلاع والجهاد والشرف مما يجعل الحياة تستحق على أسس طبيعية محضة.
2_ وصفة وليم جيمس للتخلص من التشاؤم هي حل من اثنين: أ_ إزالة الرغبة في شرح الحقائق الواقعية شرحًا دينيًا وتبقى تلك الحقائق بنفسها كما هي ونردد مع ماركوس أوريليوس قوله: "أيها العالم إنني أرغب في كل ما ترغب فيه." أي مواجهة الحوادث كجزئيات وليس كمظهر لواحد كلي كامل وأن نلبس لكل حالة لبوسها. ب_ اكتشاف حقائق أخرى مكملة تسمح للحقائق الواقعية الأولى أن تفهم فهمًا دينيًا أو أن توجد حقائق من هذا النوع. العالم المادي ليس إلا عالمًا ناقصًا ولنا أن نكمله بنظام آخر روحي خفي، ما دام افتراضه يحبب إلينا هذه الحياة ويجعلها مستحقة لأن يظل المرء منغمسًا فيها: "فيمكننا القول أن هذه الحياة تستحق العيش فيها؛ لأننا نحن الذين نكيفها ونشكلها، من وجهة النظر الخلقية، وقد حزمنا الرأي وصممنا العزم على أن نجعلها، من تلك الناحية، ويقدر المستطاع، ناجحة." *.*.*.*.*