نورة، الشخصية الرئيسية للرواية وراوية أحداثها، عمياء. من خلال صور فوتوغرافية يتعرف عليها تطبيق إلكتروني ويشرح محتواها، تروي نورة تاريخ الصورة، وتبعاً لذلك تاريخ الأشخاص الظاهرين فيها. وعبر ذلك التاريخ الشخصي لأفراد عائلة نورة، سنرى تاريخ الخليج العربي عامة، وتاريخ دبي قبل اكتشاف النفط، والبحرين خلال المرحلة الأولى لاكتشافه بصفة خاصة، بعيون عمياء. سيتعرف القارئ شيئاً فشيئاً على عوالم المكفوفين، وعلى تاريخ بلد قبل وبعد اكتشاف النفط، وسيقوم، بكل يسر وسلاسة، بإجراء دراسة مقارنة دون أن يضطر للعودة إلى أي مرجع آخر سوى هذه الرواية.
ملمس الضوء هي رواية للكاتبة الإماراتية نادية النجار، والتي وصلت القائمة الطويلة لجائزة الرواية العربية البوكر للعام ٢٠٢٥، وتتناول قصة فتاة عمياء تُدعى نورة، تعيش حياتها وسط تحديات الإعاقة البصرية، لكنها تمتلك إحساسًا عميقًا بالعالم من حولها. من خلال حواسها الأخرى، ترى العالم بطريقة مختلفة، ليس من خلال البصر، بل عبر المشاعر والحدس واللمس.
تقع أحداث الرواية في خطين ، الحاضر والماضي. في الزمن الماضي، تتخذ من قراءة الصور وسيلة للحديث عما جرى في الماضي. وكأنها تستنطق الأحداث من خلال كشف ماهية الضوء في هذه الصور مستخدمة أحد برامج الذكاء الصناعي الذي يمكنها من قراءة الصور.
في الزمن الحاضر، يتجلى حضور الشخصية الرئيسية نورة المصابة بالعمى نتيجة لجين عمى متوارث يفقدها البصر منذ صغرها. حيث تعرض لنا الكاتبة محطات من حياتها وتعاطيها مع إعاقتها. يرتبط مسار حياتها بمسار الماضي من خلال شخصية علي الذي يهاجر من دبي إلى البحرين في رحلة للبحث عن الذات.
العمل بأسلوبه بشكل عام جميل، وأحببت كيف تم توظيف ثيمة الضوء للربط ما بين الماضي والحاضر وتاريخ منطقة الخليج في تلك الفترة وتأثرها بالأحداث العالمية خلال فترة الحرب العالمية الأولى. كما أحببت الطريقة الواقعية التي عرضت بها موضوع الإعاقة البصرية والتحديات التي واجهت نورة وكيف طورت أدواتها للتواصل مع محيطها بأقل قدر ممكن من الاعتماد على غيرها.
مشكلتي في هذا العمل تتمثل في:
أولاً: إيقاع العمل. لمنتصف الرواية تقريباً، كانت الرواية تسير في إيقاع بطيء للغاية، أدى لأن يشوبه حالة من الملل، خاصة وأن اللغة كانت بسيطة جداً. كنت سأعطي العمل نجمتين فقط، لكن في النصف الآخر، تحسن إيقاع العمل، وهذا ما جعلني أعطيها ثلاثة نجوم.
ثانياً: هناك مشكلة في تحرير النص فيما يتعلق بلغته ومنطقية الأحداث فيه. فمثلاً في صفحات عديدة مثل صفحة ١٥، ١٢٧، ٢٠٥ ومواقع أخرى، كانت تستخدم الكاتبة على لسان نورة كلمات من مثل "أتذكر آخر مرة رأيت فيها خالي سعيد" في الصفحة ١٢٩. برأيي كان جديراً بالمحرر والمدقق أن يقترحا صياغة أخرى للجملة لا تأخذ القارئ لمنطقة يعتقد فيها أنها كانت ترى. كان يمكن صياغة هذه الجملة مثلاً " أتذكر آخر مرة كان فيها خالي سعيد حاضراً"، خاصة وأن الكاتبة ذكرت بعبارة صريحة أن نورة أصيبت بالعمى في عمر صغير جداً ولا تتذكر أشكال الأشياء أو ألوانها.
كما أن هناك سقطة أخرى في التحرير تتحدث فيها نورة وتصف سجادة صلاة في طفولتها بطريقة "الفلاشباك" وهي عمياء، تصفها بدقة من حيث درجة لونها الأخضر وبزخرفتها بالتفصيل، وهذا يتعارض كلياً مع ما قدمته الكاتبة من أن نورة لم تكن تتذكر أي تفاصيل أو ملامح أو ألوان من فترة طفولتها عندما كانت قادرة على الإبصار.
ومن جانب آخر، الرواية كانت بحاجة لتدقيق أعمق، حيث كان هناك جملة من الأخطاء المطبعية وأخطاء متعلقة بتشكيل الحروف، فيكون المخاطب مذكر وبدلاً من استخدام الفتح آخر الكلمة، تم استخدام الكسرة.
عندما تكون الصور هي الرابط بين الماضي و الحاضر. تنقلنا نورة راوية الحكاية العمياء منذ طفولتها بسبب وراثي الى الماضي و تعود بنا الى الحاضر عبر صور و مذكرات لجدها و جدتها الكبرى بين البحرين و دبي. الوصف هو الحاضر في هذه الرواية لانه الحامل للأحداث و لانه مبني على المشاعر و على الاحاسيس . عمل مكتوب بلغة شفافة يغلب عليها الشجن و الحنين .
احب الكتب التي تأخذك للماضي السحيق ( اقصد بداية القرن الماضي، ولكن هذا يعتبر سحيقا ايضاً) وتتقافز بين هذا الوقت وذاك الوقت وأنت حاملا للخيط وتدور حول الزمن والحكايات لتربط الأحداث ولتعرف من أب من ومن جد من ومن احترق وهل هو ابن ذاك وووو. القصة شبكة عنكبوتية ستقع في شباكها وتخرج بكل حب. وهنا لا أتحدث عن الأحداث فقط بل عن الأمكنة ايضا فالقصة تنتقل من دبي الى البحرين إلى البصرة إلى دبي إلى عجمان وهكذا تكون رحلتك المكوكية لتتبع القصة. متى تكتشف السبب!
الراوي هو الذي يقرر مجرى الرواية. وهنا الراوي ( أو بالأحرى الراوية) كفيفة، ولكنها افضل منك ومني في التكنولوجيا وتعرف لغات وتعرف كيف تستخدم الهاتف للقراءة سواء كتبها أو الصور. تضع الماسح على الصورة فيقول لها الجهاز بأنها صورة لرجل واقف أمام شجرة. او امرأة ورجل وولدان ، وتكتب القصة بلسان هؤلاء الأشخاص الموجودين في الصور او بلسان الشخص الذي التقطها. وعلى فكرة تتوقف القصة في تقريبا نهاية عهد الكورونا.
ليست التكنولوجيا هي الحداثة التي استخدمت في القصة فقط، بل قد أُدخل الحب، والكلمات المختفلة لأنواع الأشجار. التمور ، وكذلك المعلومات عن بلدان الخليج وطريقتهم في الحياة، ومدارسهم والحروب التي حدثت فى العالم وتأثيرها على هذه البلدان .
لا ادري، اعتقد ان القصة قد دونت في صفحاتها القليلة الكثير من المعلومات والتي جاءت بسياق رائع بحيث انك تطلب المزيد وربما تتوقف وتذهب الى محركات البحث لتعرف اكثر عن هذه المعلومة أو تلك! لا بد ان أقول بأن القصة اعجبتني جدا واتمنى قصة أخرى sequel لنفس البطلة، لأني أريد ان أعرف إذا كانت ستتزوج؟
رواية لا تُبنى على منطق الحبكة التقليدية الصاخبة أو الصراعات الكبرى، بل تتسلل إلى القارئ كما يتسلل الضوء من نافذة في غرفة مغلقة: ببطء، بحذر، لكنها حين تدخل تفضح كل شيء بصمتها. هي رواية الحواس، والغياب، والتأملات العميقة في تفاصيل الحياة التي لا نتوقف عادةً عندها.
أسلوب نادية النجار لا يكتفي بأن يسرد، بل يتأمل، ويدعو القارئ ليفتح حواسه الخمس على أقصى طاقتها. لذلك لن يكون من السهل الحديث عن الحدث في الرواية، لأن الحدث الأهم هو ما يجري داخل الشخصيات، وفي الخلفيات النفسية، وفي العلاقات التي لا تُقال وإنما تُفهم عبر الصمت.
ما يلفت هو أن أغلب الشخصيات في الرواية تمشي على الحافة: حافة الشعور، حافة التذكر، حافة الحياة اليومية. لا أحد في مركز الضوء، الجميع في الأطراف، كأن نادية النجار تكتب عن أولئك الذين لا يُسلّط عليهم الضوء عادة.
الرواية تعتمد على اللازمنية في بعض مقاطعها، أي أن الحكاية لا تسير بزمن مستقيم، بل تذهب وتعود، تنتقل من لحظة إلى ذكرى، من حاضر إلى ظلّ قديم. هذا ما يمنحها بُعدًا أقرب إلى كتابة الذاكرة منه إلى كتابة الحكاية. السرد هنا لا يجاوب، بل يسأل. لا يشرح بل يلمّح.
كما أن الرواية تُبنى على لغة اللمس. كل شيء يوصف كأنه يُلمس، حتى الأفكار. هناك إحساس دائم بالجلد، بالدفء، بالبرودة، بالرطوبة. وكأنك تقرأ بحاسة اليد، لا بحاسة العقل _______________
مقارنة ملمس الضوء مع روايات عربية أخرى:
- مع“سقف الكفاية” لمحمد حسن علوان : تشابه الروايتان في اللغة الغنائية المتأملة، وفي تقديم بطل/بطلة يعيش انكسارًا داخليًا لا يُعلن عنه مباشرة، بل يُفهم من طريقة وصفه للعالم. في “سقف الكفاية”، البطل يسرد من قلب الجرح، يحلل علاقته بالحب والفقد بطريقة شبه فلسفية، وهذا نجده عند نادية النجار من خلال البطلة التي تلمس العالم وكأنها تمشي فوق هشيم الذكريات.
الفرق الأبرز أن علوان يغوص في الذكورية الرومانسية الشرقية، بينما النجار تقدّم أنثى تتأمل من موقع التجاوز لا الحنين. ليس الرجل محور الرواية، بل هي ـ نفسها ـ محور الضوء والظل.
- مع “بريد الليل” لهدى بركات: تتشابه الروايتان في الاعتماد على السرد الداخلي القائم على الاعترافات الصامتة، وعلى الشخصيات التي تتكلم من الهوامش، التي تكتب لا لتشرح بل لتبحث عن بقايا المعنى. "ملمس الضوء" يمكن اعتباره بمثابة خطاب طويل في دفتر مفتوح، تمامًا كما في "بريد الليل" حيث تتكلم الأرواح التي لم يُسمع صوتها من قبل.
________________
-كيف ترين موقع روايتك بين الروايات الخليجية الأخرى؟ وهل تشعرين أن هناك أسلوبًا سرديًا خليجيًا خاصًا بدأ يتشكّل؟
-لو قُرئت الرواية قراءة نسوية، هل تقبلين هذا التوصيف؟ أم أنها تتجاوز مفاهيم التصنيف الجندري لتقدم تجربة إنسانية مجردة؟
-أين تتقاطع ذاكرتك الشخصية مع ذاكرة البطلة؟ وهل الكتابة بالنسبة لك شكل من أشكال التلمّس أم المكاشفة؟
–حين أنهيتِ الرواية، ماذا شعرتِ؟ هل كنتِ قد تخلصتِ من شيء ما؟ هل تغيّر فيكِ شيء؟ وهل كانت الكتابة حاجة، رغبة، أم ضرورة لم يكن لكِ منها مفرّ؟
– هل تشبهك الرواية؟ هل فيها شيء من سيرتك، من صوتك الداخلي، من نسختك التي لا تُرى؟ أم أنها رواية لشخص ما تمنيتِ الكتابة عنه لأنه صامت منذ زمن؟
– "ملمس الضوء" عنوان يحمل غموضًا شفيفًا، يجمع بين المادي والروحي، بين ما يُرى وما لا يُمسك. ما الذي يعنيه "الضوء" بالنسبة إليكِ؟ أهو خلاص؟ افتضاح؟ ذكرى؟ أم استعارة لشيء أعمق وأصعب توصيفًا؟
إلى العزيزة نادية النَجّار، كنت أنت الطريق لألمس الضوء، لكي لا أشعر بخيبة الأمل تجاه بحثي عن ذاتي للا يمكن أن أصف مشاعري وأنا أضع الرواية في حقيبتي بحرص شديد، ألتقط لها صورا باستمرار مثل أم تصور وليدتها وتتعرف تفاصيلها لأول مرة، حملتها معي كما يحمل علي كاميرته، حزنت مع علي لفراق عبود، احترق شيء في داخلي مع احتراق بيوت الناس، في مواجهتهم للمستعمر والفقر والجهل كنت أشتهي حلوى أم سعيد، أشتهي الخبز بالسمسم الذي عجنته نورة بمساعدة آتي إيفيلين كنت خائفةً من الرواية جدا لأني أخاف من الصور النمطية عن المكفوفين، خفت أن تكون هذه إحداها لكن الرواية صدمتني إذ يصعب على كاتب مبصر خلق سارد أعمى لم تحمل نورة تلك الصورة النمطية، فقد كانت تتحرك وحدها وتعجن الخبز بالسمسم لكنها لا تستخدم العصا ولم تلجأ إليها إلا في تعليم مبصرات الجامعة كيفية استخدامها، كانت تشعر بالتناقض لأنها تشرح للآخر المبصر ما لم تقتنع به تشبهني نورة، تسكنني، أتذكرها كلما أجلستني زميلة في مقعد، كلما اشتهيت طعاما، عند المواقف المحرجة تفاصيل غيرها لن أتحدث عنها هنا لأن الرواية مدونة مشروع تخرجي، وأكتب عنها مقالا عسى أن يلمس الضوء هو الآخر لكن أيها السادة والسيدات ملمس الضوء يعني أن ما ترونه ببصركم نراه ببصيرتنا، ما تلمسه أعينكم نراه بأناملنا. إلى العزيزة نادية النَجّار، أدعو لك كل يوم وليلة سيدتي، أرجو أن أقرأ أعمالك الأخرى قريبا تحية، إلى نورتي الملهمة، إلى سيف الذي انكشفت حقيقته أخيرا، إلى النقي عبود الذي اختنق وكان صدره رحبا بكل شيء، إلى علي وخيباته المتكررة، إلى إيفيلين وإلى شخصيات الرواية فردا فردا العزيزة @ rola.albanna شكرا شكرا شكرا 🥺🥺🥺💓💓💓
This entire review has been hidden because of spoilers.
عنوان الرواية وفكرة ربط تاريخ عائلة الفتاة العمياء بواقعها الصعب و الحديث عن تجربة الفتاة الخليجية الشابة العمياء ، جعلني في شوق لقراءة العمل .. فأصبت بالخيبة
عن ماذا الرواية بالضبط ؟ تبدأ الرواية بشخصية نورة الراوية العمياء وهي تحكي عن حياتها كونها شابة في مقتبل العمر وتمر اسرتها بقرار الطلاق ، في البداية تأخذ المؤلفة وقتها في تجسيد تجربة نورة واعتمادها على الخادمة الفلبينية و صعوبة الاندماج مع المجتمع النسائي ، كنت أترقب من الرواية الخوض بشكل أعمق فكونها امرأة عمياء يطرح قضايا مختلفة منها فكرة الدراسة و الوظيفة و الجمال و الزواج و الإنجاب و الاعتماد على الذات ، ثم هناك تجربة العمى بنفسه فكيف ترى الكون حولها و تميز الشخوص و الاشياء، لكن المؤلفة لا تحكي عن نورة ! فبمجرد ظهور شخصية سيف ( ابن عمها و ابن ابن عمة أمها ) يطلب منها الصور التي إلتقطها جدهما علي ، فتتحول الرواية إلى حكاية تاريخية عن حياة الأجداد بين إمارة دبي و البحرين .. لماذا ؟ هناك بين العائلتين ( أبناء الجدة مريم و أبناء شقيقها الجد سالم ) مشكلة .. لكنها لا تمت للماضي بصلة! فحين نطلع على سبب غضب الخال سعيد و مقاطعته لا يمتد السبب إلى الماضي بل هو من آفات العصر الذي يحتاج إلى نظرة أعمق فتعاطي المخدرات بين الشباب المترف له أبعاد مختلفة عن تعاطي الفقير المعدم.. المؤلفة وضعته سبب و أنهت المشهد!
وضع شخصيات ذات ثقل إنساني دون التركيز على تجربتهم! لماذا وضعت المؤلفة شخصيات مميزة بظروفها دون أن تجسد معاناتها؟ لا يكفي وصف حاسة الشم عند نورة و التطبيق الرقمي الذي يصف لها الصور كتصوير لمعاناة العمياء! ولماذا جعلت إحدى الجدات امرأة شامية عمياء إذا لم تكن مستعدة للحديث عن انتقال امرأة من بيئة غنية ذات طقس معتدل وغطاء نباتي عالي و انفتاح ثقافي أكبر إلى بيئة بدائية ذات طقس صحراوي و فترة قلق ثقافي؟ ثم فوق هذا هي عمياء اساساً فكيف أحست خلال الرحلة و خلال استقرارها في البحرين؟ ولماذا جعلت سيف مصاباً بالبهق إذا لم تكن ترغب في تسرد معاناة الشاب الذي يتحول جلده إلى لونين؟ وكيف جعلت نورة تشعر بالخيانة لأن أحداً لم يخبرها بأن سيف أبهق!! ردة فعل لم تأخذها المؤلفة إلى مستوى يليق بنقاش عن حقوق الأعمى على غيره من المبصرين . المؤلفة للأسف تعامل الشخصيات كقطع ديكور للقصة التاريخية للجد علي ، فلا ننظر لهم نظرة إنسانية، وأم نورة أبسط مثال فالمؤلفة جعلتها تتطلق من زوجها لانهما معا ينجبان أطفال بمرض وراثي .. فراح الزوج و طلق و تزوج غيرها وعاش سعيدا بينما بقيت هي عند أمها مع طفلتها العمياء، هذه الشخصية لوحدها يمكن أن تخرج منها المؤلفة رواية كاملة لو نظرت لحالها نظرة إنسانية عن تجربة المرأة الموسومة بالعلة و العالة والتي يكسرها الزواج و تكسرها الأمومة، فما هي حكاية الجد التي بسببها تشتت تركيز المؤلفة وخلف ثغرات؟
الحكاية الكلاسيكية عن الزمن القديم هل شاهدت مسلسل تاريخي خليجي من قبل؟ حسنا هو ذات النموذج ، البطل الشاب الذي يفكر بتغير حاله من الفقر إلى الغنى ، البطل الشاب العامل الذي يحب ابنة التاجر ، الحضور الاستعماري البريطاني في المنطقة ، وشبح الموت والمرض الذي يلاحق الجميع .. المواضيع ذاتها الفقر و الطبقية و الاستعمار و المصير المحتوم. حرصت المؤلفة على ذكر أمور تاريخية كثيرة مثل حركة تحرير العبيد و أثر الحرب العالمية الثانية على البحرين لكنها لا تعتبر جديد في الحكاية التاريخية فحين ننسخ ذات الحبكة ونضيف معلومات أكثر أو نضيف تسامح ديني ونغيب جانب من الواقع وهو رفض المجتمع للإنجليز واعتبارهم كفاراً أجانب ، لا تصبح الحكاية إضافة للمكتبة العربية و الأدب الخليجي! .. ماذا لو كانت الصور من يد إحدى الجدات؟ ماذا لو كان الجد علي بحاراً هندياً؟ ماذا لو كان إبناً غير شرعي لضابط انجليزي؟ أو ببساطة لقيطاً؟ في الحديث عن مجتمع القرن العشرين في منطقة الخليج عموماً من السهل نقاش قضايا الإقتصاد و السياسة الصعوبة تكمن في فتح بطن الأعراف و التقاليد الإجتماعية و المعتقدات الدينية الممزوجة بالوعي العرفي حكاية الماضي بما فيها من قضايا تغيب في حكاية الحاضر ، فالمؤلفة لن تناقش المجتمع بذات الجرأة ولن تتطرق للسياسية ابداً ، بل يبدو أن شخصيات الحاضر كانت وسيلة للانتقال إلى شخصيات الماضي فحسب .. هذه ليست الرواية الأولى! وهذه الرواية مرشحة للبوكر! .. طامة.
رواية جميلة جداً بسرد أكثر من رائع. أحببت السرد المزدوج حيث طرحت الكاتبة حقبة من الماضي بالتزامن مع الحاضر بشكل ممتع، وكان التنقل بين الحقبتين سلسًا جداً، ونقطة ضعفي هي كل ما يتعلق بتاريخ الخليج وتأثرها بأحداث عالمية كالحرب العالمية وسنة الطبعة وسنة البطاقة وغيرها من الأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة.
والجميل هو طرح الكاتبة ليوميات نورة وتكيفها مع العمى بطريقة واقعية بعيدة كل البعد عن الصورة النمطية التي يتعاطى فيها (بعض) الكتّاب مع الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام، ومع المكفوفين بشكل خاص. حيث أدخلتنا نادية النجار إلى عالم المكفوفين عن طريق نورة وإدراكها لما حولها ووصفها لأشياء لا تراها وتكيفها مع عالمها باستخدام التكنولوجيا.
رواية جميلة جداً بكل مافيها من تفاصيل، وشكراً للكاتبة التي استطاعت أن تدخلنا إلى عالم له خصوصية كبيرة.
أبارك للكاتبة الإماراتية نادية النجار وصول روايتها ملمس الضوء إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية. هذا الوصول يُعد إنجازًا يُحسب لها، ويؤكد حضور صوت نسائي إماراتي في المشهد الروائي العربي.
لكن، وبكل احترام، تجربتي الشخصية مع الرواية كانت متفاوتة. شعرت أن العمل يفتقد إلى التركيز السردي والعمق التاريخي. فشخصية “نورة”، التي يُفترض أنها محور الرواية، ظهرت باهتة ومهمشة، دون تطور نفسي أو وجداني واضح، رغم أنها كانت تملك إمكانية روائية مثيرة للاهتمام كونها كفيفة وتبحث عن ماضيها. ومن التناقضات التي لفتتني، أن الرواية تصف “نورة” بأنها كفيفة، لكنها في عدة مواضع تتحدث وكأنها ترى صفحة ١٥،١٢٧،١٢٩،٢٠٥
الرواية تُوظف تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، لكن استخدامها جاء بطريقة عادية ومتوقعة. في زمن أصبحت فيه هذه الأدوات في متناول الجميع، لم أشعر أن هذا التوظيف أضاف بعدًا جديدًا للحكاية.
من جانب آخر، ما أضعف الرواية بالنسبة لي هو الخلل في تقديم التاريخ، وخاصة حين تحدثت الكاتبة عن فترة الثلاثينيات في الإمارات. هذه الحقبة كانت من أصعب الفترات التي عاشها أهل الخليج بعد انتهاء عصر الغوص الطبيعي بسبب ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني، وكانت الإمارات تحت هيمنة الاستعمار البريطاني. الرواية لم تتناول هذه الخلفيات بوضوح، بل صوّرت المرحلة بطريقة رومانسية غير واقعية، وكأن الناس كانوا يعيشون حياة عادية. مثلاً، الكاتبة تذكر أن النساء كن يتزينّ بانتظار عودة أزواجهن من البحر (صفحة ٨٠)، بينما في الحقيقة، كثير من الرجال لم يعودوا أصلًا، وبعضهم مات أو فقد صحته. والدي شخصيًا فقد بصره بسبب الغوص، وما زالت ذاكرتنا العائلية شاهدة على هذه المعاناة. لذلك، أرى أن العدالة التاريخية غائبة عن السرد، وهو ما يضعف صدقية الرواية.
كذلك، هناك تكرار واضح في المواضيع، مثل الإشارة المتكررة للحرب العالمية الثانية، وهتلر، وستالين، دون توظيف سردي فعّال. والفصول كانت أحيانًا تُعيد الفكرة ذاتها بصياغات مختلفة، مما أضعف الإيقاع.
الغلاف الخلفي يَعد القارئ بأنه سيتمكن من دراسة تاريخ المنطقة دون العودة لأي مرجع آخر، لكن هذا الوعد، في رأيي، غير دقيق. الرواية لا يمكن اعتمادها كمرجع تاريخي، لأنها تحتوي على انزلاقات وأخطاء زمنية وواقعية متعددة.
في الختام، ملمس الضوء عمل يحمل نوايا جميلة، ويطرح فكرة التوثيق من خلال الصورة والذاكرة، لكنه بحاجة إلى دقة تاريخية، وتماسك سردي، ووضوح في بناء الشخصيات ليكون رواية متكاملة.
تأخذنا هذه الرواية الآسِرة في رحلة عبر أجيالٍ خمسة، تكشِف فيها نورة، الشابة المكفوفة التي تعيش في زمننا هذا، تاريخ عائلتها وبعض الأسرار من خلال صور فوتوغرافية عتيقة.
الكتاب مبوّب بعناوين الحواسّ.. والفصول معنوَنة بكلمات جاذبة. تجذب القارئ المفارقات بين الماضي والحاضر: الماضي المرتحل بين دبي والبحرين في زمن اكتشاف النفط وفي أثناء الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على المنطقة، وإلى الشام حيث المفاجأة، وبين الحاضر المعاصر الذي نعيشه.
أحاكت الروائية نادية النجار روايتها بتمكُّن محترف، تربط الخيوط ببعضها وتحبكها في قصةٍ أخّاذة، إيقاع الإضاءات والمفاجآت لا يفتر خلالها. تنهي الكتاب فتتحيّن الفرصة لتبدأه مجدّداً.
أسلوب الكتابة سلِس واهتمام الكاتبة بتفاصيل المكان والزمان والحواسّ تشعرك بأنّك تعيش اللحظة مع كل شخصية في القص��، وبالأخصّ، ستقترب من عالم المكفوفين.
فقرة أعجبتني: "حدث أن سألتُكَ عن مذاق الهمبا ذلك الصيف في بيت العائلة الكبير، هل تذكر؟ وتفاجأت.بأنني عرفت أنك أكلت الهمبا، وأنا عمياء. إنها حاسة الشمّ يا سيف، الرائحة تعوّضني عن فقدٍ لم أختَره."
"أخاف أن نكون جميعا عميانا ندور في دوائر ابدية من اللا حياة"
ملمس الضوء، القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية ٢٠٢٥.
نورة فتاة كفيفة في الثلاثين من عمرها، فقدت بصرها منذ طفولتها بسبب طفرة وراثية خلقت شرخا عميقا بين والديها الأقرباء وانتهت بانفصالهما. ورغم أنها لم تبصر الضوء يوما، بقيت متعلقة بفكرته لأن اسمها يرتبط به، كأنها تبحث عن شيء لم تعرفه لكنها تدرك أهميته.
تعيش نورة مع أم مرهقة نفسيا وجد محب هو أقرب الأصدقاء إليها، بينما والدها منشغلا بحياته الجديدة. وفي وسط هذا التفكك العائلي، يعود قريبها سيف إلى حياتها، شاب شغوف بالتصوير يشجعها على اكتشاف ألبوم صور قديم يعود للعائلة من مقتنيات الجد. ومع برنامج للذكاء الاصطناعي يصف لها محتوى الصور، تجد نورة نافذة جديدة تطل بها على الماضي.
الألبوم يقدم لها فرصة للتعرف على جذور عائلتها، بدءا من والد جدها علي الذي كان محبا للتصوير، وتنتقل الرواية بنا بين الماضي و الحاضر مرورا بأحداث بين زمن الحرب العالمية الثانية الى فترة كورونا. هذا الانتقال بين الأزمنة يجعل الرواية دافئة وقريبة، ويمنحها طابعا حنينيا غنيا بالتفاصيل.
عنوان الرواية “ملمس الضوء” يعبر بدقة عن مضمونها فالضوء يمكن أن يلمسه الإنسان قبل أن يراه. وقصة نورة تقدم نموذجا بعيدا عن الصورة التقليدية للكفيف، فنرى العالم من منظورها بواقعية وإنسانية.
نورة خذلتها العائلة وخذلها الحب وخذلتها الظروف، لكنها عثرت في النهاية على بصيص ضوء يقودها للبدء من جديد، واختارت أن تكمل دراستها كخطوة أولى نحو حياة أوضح وأقرب لها.
ملاحظة: كان إيقاع الرواية في نصفها الأول بطيئا نوعا ما، مما جعلني أتوقف عن قراءتها ليومين وأبدأ برواية قصيرة قبل أن أعود إليها. لكن مع التقدم في الأحداث أصبح الإيقاع أسرع وأكثر إثارة. استمتعت بها كثيرا.
تأخذنا الرواية الى الأمارات من خلال سرد فتاة من المكفوفين تحاول معرفة ماضي اجدادها بمساعدة تطبيق قارئ للصور ، قُسمت الرواية الى عدة فصول تروي تفاصيل بسيطة عن تاريخ منطقة الخليج و الامارات قبل اكتشاف النفط رواية ماتعة خاصة و انها تضيف على القارئ تجربة جديدة و معلومات جديدة حول كيف لذوي القدرات الخاصة مثل المكفوفين القراءة و مواصلة شغفهم للمطالعة ، سرد نورة لكيفية تعرفها على الاشياء بدقة عالية من خلال حاسة اللمس او السمع تجعلك تُدرك ان فقدان حاسة سيُعوض بأخرى
ما استنقصته على السرد هو سرعته فقد انتهت الرواية دون ان اشعر بذلك العمق الذي كنت انتظره منها
رواية “ملمس الضوء” للكاتبة الإماراتية نادية النجار أثارت لديّ في البداية شعورًا بالتردد، إذ بدت رواية عادية لا توازي حجم التوقعات المرتبطة بوصولها إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر. لكن مع التوغل في الصفحات، بدأت تتكشف طبقات النص، وتتجلى قوة السرد في مزج الحاضر بالماضي بطريقة مشوقة تدفع القارئ إلى الفضول والارتقاب. من أبرز عناصر الجاذبية في الرواية كان وصف الكاتبة لحياة الإمارات قبل الطفرة الحديثة. لقد كتبت عن الماضي بلمسة واقعية حساسة، دون أن تغرق في التفاصيل الدقيقة التي قد تحول العمل إلى وثيقة تاريخية. وبرغم أنني تمنيت المزيد من التفاصيل، أدركت أن التوازن الذي اختارته الكاتبة هو ما جعل الرواية تحتفظ بهويتها الأدبية.
أما على مستوى المنظور السردي، فقد كان اختيار بطلة الرواية الكفيفة بمثابة بُعد إنساني عميق. قراءة الأدب من منظور شخص فاقد للبصر تفتح أمام القارئ أفقًا جديدًا، حيث تتشكل العوالم الحسية من خلال اللمس، والسمع، والرائحة، لا من خلال البصر. لقد كان من المثير اكتشاف كيف يُبنى التصور الذهني للأشياء من زوايا أخرى غير التي نألفها وموضوع فقدان البصر الولادي وكيف ينظر فاقدي البصر للاشياء من الامور التي تثير فضولي لاكتشافها ولكن مهما حاولت او حاول العلم لن يستطيعو والكاتبة في وصف للشخصية اعطت دليل على ذلك
رغم أن الرواية في مجملها قد تبدو بسيطة، فإنها تركت أثرًا داخليًا بعد الانتهاء منها. شعرت أنني كنت أعيش مع الشخصيات، وتسللت حياتهم اليومية الى عالمي احسست باشتياق لهم اردت معرفة اخبار عنهم اكثر استمع لقصص جد نورة ولن امل من الاستماع لحكايات الماضي بجيده وسيئه. العلاقات العائلية، تحوّلاتها، والتغيرات التي طرأت عليها، كُتبت بلغة صادقة، بعيدة عن المبالغات أو المسحات الخيالية التي نجدها أحيانًا في بعض الأعمال الأدبية.
بكلمات أخرى، “ملمس الضوء” ليست رواية صاخبة، لكنها رواية هادئة، دافئة، وواقعية، تترك أثراً ناعماً يشبه اسمها تماماً
يمكننا إدراك قوة وعمق قلم الكاتبة الإماراتية نادية النجار منذ بداياتها الروائية في "منفى الذاكرة" و"مدائن اللهفة"، لكنها بالتأكيد تقفز إلى مرحلة مختلفة تمامًا في جديدها، روايتها الصادرة مؤخرًا عن دار المتوسط "ملمس الضوء".
أعرف في أسلوب نادية تخففها من التعقيد، اهتمامها بالحواس والألوان، أنسنة الوجع من حولنا والدفء الذي تحبكه في تفاصيل سردها. في "ملمس الضوء" أراها تجيد صياغة الأحداث وتحريك الشخوص بمهارة أكبر وتمكن يجعل من هذا العمل الأدبي تجربة سردية حقيقية لا تُنسى وعمل توثيقي لحقبة الحرب العالمية الثانية في منطقة الخليج العربي خاصة دبي والبحرين.
تقع الأحداث في خطين متبادلين، الحاضر والماضي من خلال قراءة للصور. وكأنها إذ تبحث في الضوء، ملمسه، كينونته ووجوديته هي تكشف عن ذلك الضوء الذي جمد في هذه الصور .. فكانت الحكايات وصلة الوصل بيننا وبينهم.
الحاضر، بطلته نورة المصابة بجين عمى متوارث يفقدها البصر منذ صغرها وخط الماضي بعلي الذي يهاجر من دبي إلى البحرين في رحلة من تشظي الذات والبحث عنها .. ألا يذكركم هذا بشيء .. فعلًا، الضوء من جديد. كأن الشخصيات والأحداث تتناثر كالضوء .. تملؤنا ونتنفسها ولكن لا نلمسها، ليس بالشكل التقليدي المألوف على أي حال.
نسمع الرواية على لسان نورة تارة وثم أحداث الماضي على لسان جدها سالم ومجموعته القديمة من الصور (العكوس). توثق الرواية لحقبة مهمة من تاريخ البحرين وتأثرها بالخرب العالمية كما تتناول بعضًا من أحداث الجائحة العالمية (الكورونا) والحجر.
هذه رواية صيغت بجودة عالية، لغة متخففة من وزن التكلف، وأحداث تم البحث والتدقيق والإستغلال عليها بجد وعمق آسرين، تدخل إلى القلب ولا تخرج منه. هي رواية سيبقى صداها طويلًا. رواية أكاد أوقن أنها من روائع ما كتبته الأقلام الإماراتية
قليلة تلك الكتب التي أهتمّ بالجانب الوصفي فيها؛ فإن غلب الوصف فيها على القصة، تركتها مباشرة. ولكن لكل قاعدة استثناء، ورواية "ملمس الضوء" للأديبة الإماراتية نادية النجار هي هذا الاستثناء. تقدم الرواية حكاية أجيال مختلفة عاشت بين الإمارات والبحرين، ما جمعها هو الصورة، وما زاد الجدل فيها هو أن بطلة قصتنا كفيفة، فكيف تكونت علاقتها مع الصور. تتعرف بطلتنا نورة على تاريخ عائلتها من خلال مجموعة من الصور التي التقطها جدها الأكبر ، وكان المصور في تلك الفترة يطلق عليه اسم "العكاس" ولاسباب دينية او لربما تنبع من العادات والتقاليد، كانت الصورة حراما، والمصور من الأشخاص غير الساحب وجودهم. ولكن وبرغم ذلك، كانت الصورة بوابة لنتعرف ليس فقط الى حكاية الأجيال المتعاقبة، وانما ايضا عادات وتقاليد سكان الامارات والبحرين، وشكل المدن التي عاشوا فيها ورائحة ما حولهم من اكل وأسواق وأشجار وبحر وغيرها؛ وكأننا نحن نورة. جزء أحببته في الكتاب حين يفصح سيف لنفسه عن علاقة من حوله به ومنهم نورة مع إصابته بالبهاق، يكشف الكثير عن وجهات نظرنا تجاه الآخرين وكيف نراهم، وكيف نرى عيوبهم.
كتاب سهل القراءة وقصته ممتعة وتفاصيله جميلة وفي مكانها وانصح به جدا.
This entire review has been hidden because of spoilers.
راوية الاحداث عمياء تتميز الرواية بأسلوب شعري ومرهف، حيث تستخدم الكاتبة لغة بسيطة مؤثرة تنتقل بين الماضي والحاضر تعتمد في الكتابه على تطبيق إلكتروني يقرء لها الصورة وتاريخها وبها تتعرف على التاريخ الشخصي لأفراد عائلتها وبها نتعرف معها على تاريخ الخليج العربي والبحرين قبل اكتشاف النفط وبعده ( بعيون كفيفه ) ابهرني جداً اهتمام الكفيفة بالقراءة والذي اوصلها الى مصاف الكتابات التي تنافس في الجوائز العالمية والذي تعتمد فيه على الكتب المسموعه وتتعرف على االصور ايضاً بواسطة تطبيق وتقيس المسافات من حيث البعد والقرب اعتماداً على كثافة الرائحة .
خفقَ قلبي، لهَثت، استمعت إلى هدير محركٍ غريب يُرجِفني تتبعت الضّوء، كدت ألمسه، لكنّي عمياء، لأنّنا كلّنا عميان إن لم نجد في هذه الحياة دليلنا! من دبَي إلى المنامة مروراً بالبصرَة حتّى المشتى، وصفٌ بَديع وذكرٌ للتاريخ شيّق. نادية تغلّبت على نفسها، تحوّلها الأدبي جميل، وأنا في رحلة البحث عن الأدب الإماراتي، نادية أمسَكت بالشعلة، أو هكذا أزعم! إن كنت أفهم، ستصل إلى القائمة الطويلة في البوكر أو ربما أبعد. براڤو.
قررتُ أن أقرأ جميع الروايات المرشَّحة للقائمة القصيرة لعام 2025، وكان ختام هذه الرحلة مع رواية ملمَس الضوء. ترددت طويلًا بين أن أكتب عنها أو أترك أثرها في داخلي صامتًا، لكن جمال ما قرأت دفعني لكتابة هذا التقييم ، رواية تم صياغتها بشكل ساحر يلامس الروح مما دفعني لقرائتها في أقل من ٢٤ ساعة ، لم تكن كلمات تم سردها فقط ، كانت مشاهدو مشاعر ،.. شكراً للكاتبة نادية النجار على هذا الابداع و أعتذر لسطحية تعبيري ومراجعتي هذه .
"في ذلك اليوم على الميناء صارحتها أنني اكتشفت أخيراً الضوء وإن كان مختلفاً عما تراه. ربما شيء يخصنا .. تصوّرته شيئاً يأخذ بيدي .. يرشدني .. يدلّني على الطريق .. هذا هو ضوؤنا نحن .. نحن العميان."
📖 ملمس الضوء – ناديا النجار
⬅️الرواية تسير في خطّين زمنيين يلتقيان عند نورة، الفتاة الإماراتية الكفيفة. في الحاضر، نتابع يومياتها وندخل معها عالم غير المبصرين، حيث تتحوّل الحواس الأربعة الأخرى إلى وسيلة لاكتشاف تفاصيل الحياة، مدعومة بما أتاحته التكنولوجيا من أدوات تعيد صياغة علاقتهم بالعالم. 🕰أمّا الماضي فينهض من بين صور التقطها والد الجد، تعيدها للحياة برامج الذكاء الاصطناعي وحكايات الجد، فنجد أنفسنا في الإمارات والبحرين خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، حين كانت البحرين مركز استخراج اللؤلؤ ومقصد الغواصين الباحثين عن الرزق.
📝قسمت الكاتبة الرواية إلى أربعة أبواب، حمل كل منها اسم إحدى الحواس السليمة عند نورة، لتبرز كيف تنوب هذه الحواس عن البصر في إدراكها للأشياء. فارتبط الأب عندها برائحة العود، والجدة بمذاق الخبيصة التي كانت تحضّرها… وفي محاولة نورة لوصف الضوء، الشيء الذي لم تره يوماً، أعجبني قولها: "في أعماقي ضوء هادئ أريده بشدة، الواقع أنني لا أعرف ما الضوء بالتحديد، لكني كنت أدرك أنه شيء جميل، في تلك اللحظة شعرت أن أبي قد يكون الضوء." هنا يتحوّل احتياجها لوالدها إلى استعارة عن الضوء الذي تفتقده وتحتاجه.
🖋أسلوب ناديا النجار شعري، سلس، ولغتها جميلة وقوية بلا تكلّف. لكن رغم ذلك، وقعت في سقطات لافتة:
• ص15: "رأيتك آخر مرة في بيت العائلة الكبير"، وص129: "آخر مرة رأيت فيها خالي سعيد". كان الأنسب استخدام قابلت أو التقيت.
• ص205: "عندما رأيته آخر مرة، كان أمامي كأس الشوكولا…وإيفلين عن يميني ترتشف عصيرها المفضل في كأس من البلاستيك ولأول مرة لاحظت اهتزاز رجليه على الكرسي." هنا تتكرّر المشكلة: استعمال رأيته، ثم معرفة نوع الكأس، وأخيرًا ملاحظتها الاهتزاز… تفاصيل لا تتناسب مع فتاة كفيفة.
📌 مع ذلك، تبقى الرواية مختلفة بموضوعها الذي قلّما يطرق في الأدب العربي، إذ تتناول حياة ذوي الإعاقة بعيداً عن استدرار الشفقة، وتقدّمهم كأشخاص عاديين يعيشون بيننا، كما تمنح لمحة عن مرحلة تاريخية مهمة في الخليج العربي.
💡 وما أثّر بي أكثر هو الفكرة التي حاولت الكاتبة تمريرها على امتداد الرواية: أنّ المبصر ليس فقط من يرى.
"أكتشف أننا نعرف عن الأشخاص حولنا أقل بكثير مما نظن. يبدو أننا كلنا عميان كما قال سيف."
في رواية مملمس الضوء تأخذنا الكاتبه في رحله ممتده لمائة عام في تاريخ دبي والمنامه من الحرب العالميه الثانيه الي عزلة فيروس كرونا في القرن الواحد والعشرين وكأن التاريخ هو ابن الازمات .. تأخذك الكاتبه بهدوء وانسيابيه وبساطه ولغه سلسه مليئه بالشجن والذكريات دون ان تُفلت اي تفصيله حياتيه او نفسيه او اجتماعيه إلا و تسلط عليها الضوء .. تجعل القارئ يدور في دبي القديمه وحارتها ويشعر بعذابات الغواصين وضيق ذات يدهم ويري بيوتهم البسيطه من عروش النخيل ومأكلهم وملبسهم الابسط ثم تبحر به الي المنامه المدينه النابضه في ذلك الوقت من ١٠٠ عام مقارنة بمن حولها من مدن الخليج فنجد فيها المقهي والسينما والراديو والجرائد ومدرسة البنات التي كانت ظاهره في تلك الوقت ولا تكتفي الكاتبه بذلك بل تأخذنا الي البصره ومزارع تمورها ثم الي لبنان وجبالها واخضرار اشجارها وطيبة اهلها واختلاف طبائعهم ودياناتهم عن اهل الخليج لم اشعر كقارئ بعمي بطلة الروايه ..نوره .. فالصفحات مليئه بالضوء وليس ذلك الظلام المعروف عن حياة الكفيف .. الروايه كلها شجن .. شجن في كل ركن في كل كلمه شجن في الموسيقي في الالوان في الكلمات في الصور في الذكريات .. روايه دسمه بالتفاصيل والمعلومات تأتي في 240 صفحه ولكنها تضارع اكثر من 500 صفحه لروايات اخري كثيره ففيها تفاصيل طالت كل مناحي الحياة في هذه الرحله الممتده لمائة عام وبالرغم ان نوره التي تحدت اعاقتها بسبب التطبيقات الالكترونيه الحديثه وبالرغم من انها محرك بحث الروايه من الماضي الي الحاضر إلا ان علي ابو الجد سالم هو بطل الروايه من وجهة نظري ذلك الفتي الوسيم الطموح الذي اخذ القرار الصعب وترك بيئته ورحل الي بيئه جديده وتعلم التصوير وتعلم التجاره والأله الكاتبه حيث كانت كل من الكاميرا والأله الكاتبه في ذلك الوقت من الاشياء النادره ومن الشخصيات المميزه ايضا شخصية التاجر البحريني سالم أبو ناصر الذي ذهب الي المشتي في بلاد الشام ليغيير واقعه الحزين وليتعرف علي الآخر المختلف بل ويتزوج منه زوجه فائقة الجمال رغم فقدانها للبصر .. ماريا حنا .. الجده الكبري لنوره والتي اورثتها جينات العمي وجينات الجمال .. وفي خضم تلك التفاصيل الكثيره لاتنسي الكاتبه أن تعرفنا علي المشاكل الحديثه للعائلات وتخاصمها وضياع بعض الابناء رغم المنبت الجيد حتي المستشفيات قديما كتبت عنها وعن الارساليات التبشيريه في الخليج وطرقهم في ذلك .. روايه تستحق الفوز الذي نالته بالانضمام الي القائمه القصيره للبوكر 2025
لا أتذكر متى كانت آخر مرة قرأت فيها رواية اندمجت كل أحاسيسي معها، ففي الآونة الأخيرة كان ضجري من الروايات يتفاقم وقلّما أستطيع إنهاء واحدة.
أيقظت فيّ شعورًا كان غافيًا، وأعادت إليّ لحظات التأمل الحنونة التي افتقدتها في ظل صخب الأفكار السوداء، ودفعتني للامتنان على النعم. وإذا لم تكن للروايات فائدةٌ غير إيقاظ الشعور والإحساس فكفى بها فائدة.
كان التنقل بين الماضي والحاضر جميل، بين حياة نورا العمياء، وجدّ جدّها علي الذي عاش في زمن اكتشاف النفط والحرب العالمية الثانية، وكانت بوابة التنقل عجيبة إذ كانت الصور.
رغم بعض الملل خصوصًا في الورقات الإحدى عشر، وبعض الهفوات والتشتت السردي إلّا أنني أحببتها.
قبل كل شئ، هذه الرواية تمنيت لها الفوز في جائزة البوكر الأخيرة رغم الثلاث نجمات، الا أنه آن أوان حصاد قلم اماراتي للجائزة، خاصة وان الرواية افضل بكثير من روايات سبق لها الفوز بالبوكر .
نادية النجار في ملمس الضوء ابتكرت للبطلة الفتاة العمياء تحسس النور ، البصر وحتى البصيرة من خلال الحواس الأخرى المتبقية لديها ، محاولة رسم صور للحياة والبشر عبرها، في سردية متنقلة بين الازمنة والامكنة.
مأخذي على الرواية: ▪️ضيعت الروائية فكرتها المبتكرة عبر الدخول في عوالم وتفاصيل -برأيي- أفقد النص مركزية ملمس الضوء الذي نشدته ! ربما أرادت إضافة ثراء للقصة الأصيلة، فبدا الأمر وكأنها تكتب للمرة الأخيرة ، راغبة في ضخ كل مايعتمرها من افكار ومعرفة في سطور حكايتها.
بمعنى آخر: كان بامكانها استغلال فكرتها المبتكرة بشكل أفضل، وهي تمتلك القدرة على ذلك رغم ان هذه اول مصافحة لي مع قلمها ولن تكون الأخيرة.
▪️في أبواب الحواس تملكني في أكثر من موضع ، التشتت فيما ان اتتبع حاسة الشم ام التذوق مثلًا! ما أربكني صراحة، وجعلني أتساءل عن دور التحرير للمرة الألف في عالمنا العربي .
وعلى سيرة التحرير :) صفحة 45 مثلا امكن انقاص "أن" إلى العدم ربما! وكذلك "كان" صفحة 60 !!
فالنص باذخ للحق، وفي اعتقادي المتواضع، بعناية أمثل أمكنه التقاط الفوز باريحية تامة. أرجو ان تحظى الطبعات اللاحقة بمراجعة متفحصة من النجار ذاتها، فهي دون شك قلم إماراتي بهي آخر يمكن للقارئ العربي المتاجرة به ..
# رؤية الشيء ليست مقياسًا لمدى تأثرنا به، هنالك أشياء لا نراها، ولكننا نشعر بها، كالكراهية والحب، الحزن والسعادة
"وحدها الصور تشهد على تغيرنا و سطوة الزمن علينا… و تذكّر جيدا أن اللحظات التي تصورها لن تعود أبداً."
(مؤثرة، شاعرية، ملهمة) نشأت فتاة عمياء في منزل مفكك، بين أب بعيد وأم مُحطّمة، فوجدت العزاء في الكتب ودفء جدّها الحنون. وبينما يخوضان معًا رحلة عبر الزمن من خلال استعراض الصور القديمة، تبدأ برؤية ما هو أبعد من ظلامها. تنفتح أمامها آفاق جديدة كاشفة عن مشاعر لم تتخيلها من قبل. رواية مؤثرة و لكن العيب الوحيد كان بطء وتيرتها.
تسرد لنا الكاتبة قصة نورة الفتاة الكفيفة و كيف تعيش واقعها و تستكشف ماضي عائلتها و قصة العمى في العائلة من خلال صور والد جدها في مسارين متوازيين خلال الرواية ..
قصة نورة كانت جميلة و ممتعة و فيها الكثير من المشاعر الإنسانية أما قصة العائلة فكانت بطيئة في أحداثها ثم تسارعت فجأة مع نهاية الرواية ..
مراجعة الكتب و الروايات على تيكتوك و انستا reader_ahmed
الحياة تخذلنا أحياناً في الوفاء بوعودنا على الرغم منا كما تحتاج الصورة إلى الضوء تحتاج كذلك إلى الظلام التفكير مستحيل من دون صور الحرب مثل النار ما توقف الا بعد أن تحرق كل شيء رؤية الشيء ليست مقياساً لمدى تأثرنا به هناك أشياء لا نراها ولكننا نشعر بها كالكراهية والحب والحزن والسعادة الزمن ما ينسينا لكن يغير نظرتنا للأمور
ملمس الضوء هُنا شكل من أشكال الفقد، ولكنه فقدٌ مُختلف.. هُنا عملٌ أدبي رائع تدور أحداثه بين الماضي البعيد والحاضر فكان الربط بين الزمنين ربط ساحر وبديع جداً بسرد جميل وتفاصيل ثرية منحت الرواية عمقاً أجمل..
تدور أحداث الرواية بين الحاضر والماضي عن حياة نورة الكفيفة التي تنقلنا عبر صور جدها إلى الماضي حيث تروي لنا تاريخ الخليج في ذلك الوقت، بالتوفيق للكاتبة رغم وجود بعض الملاحظات: أحياناً كدت أنسى أن نورة كفيفة لفرط التفاصيل. وكذلك تداخلت العلاقات عندي في الأخير من جد من وهكذا.