يتضمن هذا الكتيب دراسة مقارنة بين مفكرين هما: ابن خلدون ومكيافللي، إذ إن مقارنة توصيفات الرجلين وتحاليلهما وأحكامهما، اللذين يفصل بينهما الزمان والبيئة والتراث والدين واللغة، ظهرت لنا ذات مدى محدود، حتى وإن كانت التشابهات كثيرة ومثيرة، وأنهما كانا في موضع مشترك كان يملي عليهما أحكاماً متشابهة عملياً حول الأفعال البشرية، دون أن يلزمهما مع ذلك على تبني المثال الاجتماعية السياسي ذاته.
وبما أن الأمر يتعلق بمفكرين أصيلين حقاً، قادرين على التنظير لممارستهما الفكرية، استطاع المؤلف أن يكتشف بسهولة أصل توافقهما، إذ تلاقيا على الرغم من تعارض مثالاتهما، لأنهما قررا رفض الطوباوية، وفصل الوجود عن واجب الوجود، واستعمال المنطق الصوري لتصنيف وتحليل أفعال الإنسان الغريزي.
الدكتور عبد الله العروي (م 1933م)، مفكر وروائي مغربي، من أنصار القطيعة المعرفية مع التراث "العربي/الإسلامي"، وضرورة تبني قيم الحداثة "الغربية" باعتبارها قيم إنسانية، يدافع عن التوجه التاريخي باعتباره معبرا عن "وحدة" و"تقدم" الإنسانية، وعن الماركسية في صورتها الفلسفية الحداثية. ولد الدكتور عبد الله العروي بمدينة أزمور. تابع تعليمه بالرباط ثم بجامعة السوربون وبمعهد الدراسات السياسية بباريس. حصل على شهادة العلوم السياسية سنة 1956 وعلى شهادة الدراسات العليا في التاريخ سنة 1958 ثم على شهادة التبريز في الإسلاميات عام 1963. وفي سنة 1976 قدم أطروحة بعنوان "الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية: 1830-1912" وذلك لنيل دكتوراه الدولة من السوربون. يشتغل حاليا أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
ابن خلدون و ميكافيلي مؤلف للكاتب عبد الله العروي يبدأ العروي كتابه بالتأكيد على أن ابن خلدون هو أعظم مفكر اجتماعي من ارسطو الى ميكافيلي ابتداء من هذا يبدأ الكاتب في عملية مقارنة بين الشخصيتين بالتأكيد على انهما رغم انتمائمهما لحضارتين مختلفتين الا ان طريقة حياتهما و تفكيرهما تتشابه بشكل فكلهما قلما خرج من موطنه الاصلي وكلهما كان له دور سياسي وكلهما عاش في عصر متموج بالأحداث وهناك تقاطع في عدة افكار خاصة منها نظرتهما لدين فميكافيلي لايرى في تحاليله السياسية في الدين سوى طريقة ممتازة لتربية الناس وتعليمهم ضبط غرائزهم وهي تقريبا نفس الفكرة عندابن خلدون عندما يتكلم ان البدو لاينالون سلطة سياسية الا اذا اتحدوا في نطاق حركة ذات اساس ديني لان الايمان الديني وحده قادر على اذهاب الغلطة والأنفة والتحاسد يرد العروي على "هاميلتون جيب " الذي حاول حصر ابن خلدون داخل قوقعة المذهبية السنية فيؤكد ان الارث الاغريقي والمتمثل في ارسطو خصوصا يجمع بين الفقيه المسلم والموظف الفلورنسي فجمع بينهم الرفض التام لليوتوبيا الافلاطونية التي تخلط الوجود بواجب الوجود ،العقل والفضيلة ،الواقع والفكرة......هذا الرفض يسميه العروي بالعقلنة الخلدونية الميكافيلية *
يتطرق العروي في هذا الكتيب لأبرز الرؤى الفكرية التي يلتقي فيها والرؤى التي يختلف حولها ابن خلدون و ميكيافيللي، وذلك باعتبارهما من اكثر مفكري العصر الوسيط تأثيرا في مجالات مختلفة. غير ان عدم تزامن فترتي حياتهما، واختلاف ثقافة كل منهما، وغياب اي تأثير لأحدهما في الاخر يجعل استيعاب هذا البحث الموجز امرا بالغ المشقة.
ومع ذلك، فهو يقدم صورة تقريبية عن الأفكار الاساسية التي كان كل منهما يدافع عنها.