أساطير الأولين بين الخيال واليقين: روايات من تراث زهران وغامد «منطقة الباحة»

by محمد الزهراني

إن الحكايات الشعبية تعد جزءاً من تراث الأمم والشعوب، المملكة العربية السعودية عموماً، وبلاد زهران وغامد (الباحة) خصوصاً، غنية بهذا اللون من التراث، يحكيه الأجداد للأولاد والأحفاد، وهي وإن كان أغلبها يروى عن الخوف والتخويف والخيال الواسع والبعد عن الحقيقة في أحيان كثيرة، وهي بلا شك جوانب سلبية، إلا أنها تخلو من جوانب إيجابية ففيها تحذير من المخاطرة في ارتياد الأماكن غير الآمنة، ثم تنمية روح المقاومة والتصدي للأشياء الغريبة ومقاومتها كالجن والأشباح والسعالي ونمنم والدعوة للكرم وعفة النفس والتسامح وتجنب الظلم.
وقد تختلف الشعوب في تسمية هذه المخلوقات وتختلف أيضاً في صياغة الأحداث تبعاً لسعة الخيال وثقافة كل شعب من شعوب الأرض عربية أو غيرها.
وفي آخر هذا الكتاب 30 حكاية ضمن مرويات تحكى لحقبة من الزمن حافلة بالإثارة والحيوية وتلامس الإنسان وهي مصدر إلهام وخيال ومتعة.

134 pages, Paperback

Published January 1, 2012

About the author

شاعر وكاتب .
صدر له 8 كتب في الشعر والرواية والترجمة
----------
1- إنها تمطر وهذي قصيدتك ياحبيبتي
ترجمة شعر
----------
2- (الطائر الأزرق ( حكايا عالمية مترجمة
----------
3- حنين إلى روح أمي
(ديوان شعر)
-----------
4- سيرة المرأة جدل لاينتهي
(سرد حكائي )
---------
5- حب في قندهار
( رواية تاريخية ).
-------
6- ( كل النساء متشابهات ( رواية
------
7- لاشيء يستمر جميلاً
...........
8- (حزن البحر من يتبعه ( شعر عامي
https://www.instagram.com/alzhraniimo...

Reviews

[هيثم · Rating 2 out of 5]

"جاكم واحد ولا واحد إلا الله، قولوا: لا إله إلا الله، فيقول المستمعون: لا إله إلا الله محمد رسول الله"
وبهذه التقدمة اللطيفة يبدأ الحاكي حكايته التي غالباً ستكون حكاية فيها أحداث خارقة وكائنات عجيبة، فبذكر الله وتوحيده يتيهأ قلب المستمع لما قد يفجأه من عجيب القول ومنكر القصص من السحر والشرك وهول القدر.

الباحة، هذا اسمها حديثاً، وهي المدينة الوسطى في هذه المنطقة المتنوعة، بنسبة الكل إلى الجزء، وهي جغرافياً تنقسم إلى جبال السراة ومنخفضات تهامة، ومنثورة في هذين القسمين قُرى كثيرة عاش أهلها بالزراعة ورعي الماشية ألوفاً من السنين، فهم أقرب إلى المعيشة الحضرية من المعيشة البدوية، وإلى أهل المدر من أهل الوبر، أو لنقل أهل الحجر، فالبناء العمراني القديم في الباحة أساسه الحجارة لا الطين كما في نجد مثلاً.
وأهل الباحة جلّهم ينتسب إلى قبيلين كبيرين أزديين، عُرفا معاً في القديم بأزد شنوءة، وفي الحديث بزهران وغامد، ولا تُذكر زهران إلا ويتبع ذكرها غامد، ولا تُذكر غامد إلا ويتبع ذكرها زهران.

نظراً لندرة الجهود المبذولة من مثقفي وكتّاب وعلماء منطقتنا في توثيق تراثهم فإن هذا الكتاب على علّاته يعدّ عِلقاً نفيساً في هذا الباب.
صاحبه محمد بن زيّاد الزهراني(بتشديد ياء زياد) جمع طائفة من الأقاصيص المحكيّة والموروثة من الشفاه إلى الشفاه، وقد تحرّى الإيجاز الشديد في القصّ، مع التزام العربية الفصيحة المحلّاة بألفاظ لهجة القبيلين زهران وغامد(التي هي من أفصح اللهجات وأقربها لفصحى قريش لعزلة القبيلين الكريمين وللأواصر المنعقدة قديماً وحديثاً مع قريش نفسها)
أجل وكاد أن يفرض على نفسه التزام السجع، وليته ما فعل، فقد أفسد كثيراً من القصص بهذه الطريقة.

تُلحظ من القصص سيطرة الجنّ والكائنات العجيبة على المخيال الشعبي، وهم جن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، وكانوا {طرائقَ قِدَداً} ويُلحظ تأثير الرؤى والمنامات فيها، وتوخّي الرسالة الأخلاقية في معظمها، فلعل الواضعين لقصص الجن كانوا شعراء(وما أشد تأثيرهم في أجدادنا) والواضعين لقصص الوعظ كانوا علماء، أو "فقهاء" كما يعبر أهل المنطقة.

ما أشد ما ذُهلت لقراءة قصة "الطفل وأمه الغزالة" فإنها شديدة الشبه "بحي بن يقظان"، وذكرتْ بلاد الهند والسند مراراً، ولاحظت شبهاً بين قصص "الحيّالين" وقصص المقامات التي وضعها الهمذاني والحريري، وكذلك قصص الجن والسعالي والضباع والثعالب تشبه قليلاً ما في "ألف ليلة وليلة" وفي "كليلة ودمنة" من وجوه تقل وتكثر.
ألا يمكن أن نزعم بعد هذا أن المخيال الشعبي العربي-على اتساعه-كان مخيالاً واحداً فيما يرجوه ويخشاه وما يهدف إليه ويرغب عنه؟ ربما، ولكن بعد مزيد من الدرس والبحث.