من أين يبدأ «الرّوع وأين ينتهي؟ هل ينتصب فزاعة في الحقل ترعب الآخرين وتطردهم بقوّة الوهم؟ أم ينتصب في ذواتنا المحجوبة عنا فيحدّد سلوكنا ويوجّه مصائرنا؟ وما مصير ضحية «الروع»؟ هل تعيش العمر في سجن أوهامها؟ أم تستيقظ من سباتها يومًا لتُصبح فزّاعةً تزرع الرعب في النفوس وتتلذذ بسطوة الخيال؟
يقودنا زهران القاسمي في روايته الجديدة إلى أرض الخوف أي إلى أكثر المناطق ظلمة في باطن النفس البشرية، فنتابع حكاية الفزاعة مع بطله «محجان» ونحن نظنّه الشخصيّة المحورية في الرواية، حتى إذا ذهبنا فيها أشواطًا لم نجد بطلًا غير الخوف. فلا طفولة إلا طفولته ولا شباب غير شبابه، فإذا كبر واكتمل استوى فزاعة في الحقل ترى، لكنها في الباطن لا ترى.
رواية تدور حول الرعب بنكهة عمانية . محجان بطل الحكاية مزارع في قرية عمانية يصنع "روعا" فزاعة حقل و يحملها مسؤولية حماية مزرعته من كل كائن حي يريد بها السوء و لتكن حاملة لروحه المشروخة و لرعبه الخاص و حتى لكراهيته فيقدم لها قرابين لتحقق له طلبه و لتتحول الى كابوس مقيم لا يرضى الا بتوحد محجان بها ليصبحا واحدا و ليتحولا الى أسطورة مرعبة تكشف الجانب المظلم من الإنسان. العمل مكتوب بلغة سلسة منفتحة على اللهجة المحلية التي أصبحت محددا للبعد الجغرافي الذي يتحرك فيه الكاتب.
القراءة الثانية للكاتب العماني "زهران القاسمي" بعد روايته "تغريبة القافر" التي فازت بجائز البوكر العربية لعام 2023، مع روايته الأحدث "الروع"، التي تُعد بمثابة تأكيداً على موهبة الكاتب المختلفة، التي تنقلنا إلى عمان، ونعيش فترات زمنية مختلفة، ولن يُمكنك بعد قرائتين للكاتب أن تتجاهل الخصائص المميزة لنصوصه، منها مثلاً أنك تشعر أنه ينقل عمان إليك، فالشروحات المتضمنة لألفاظ وأحداث وأفعال من البيئة العمانية الاجتماعية والثقافية، تجعلك تتفهم أبعاد الأحداث بشكل أوسع، ولا تكون تائهاً، ربما التيه عموماً يكون بسبب الأحداث التي يمر بها بطل الرواية، ولكن، ليس سببها اختلاف ثقافي أو زمني.
من الخصائص المميزة أيضاً أن النصوص تحمل دلالات ورمزيات عديدة، يُمكنك أن تلاحظها وتفك شفراتها، ويُمكنك أن تتقدم دون حلها، ولن تتأثر كثيراً، فدائماً ما تكون الأحداث غنية، مليئة بالتفاصيل، ومدهشة، وتدفعك للتساؤل عن الإنسان ووجوده، ولكن يُمكن القول أن الرمزيات التي يُمثلها محجان وروعه أكثر كثافة وتعقيداً من التي مثلها سالم بن عبدالله بن جميل في "تغريبة القافر"، فالأحداث تتقافز بين التيه والدهشة والغموض، حتى تأتي النهاية لتؤكد على أن الرواية أعمق وأكبر مما تبدو، وهنا تختلف الدلالات من قارئ لأخر، ففي أوقات أجد الرواية تدور عن الخبل والجنون الذي يمس المرء، وأحياناً أجدها تتحدث عن الخوف وما يفعله بالإنسان، فـ"محجان" رغم طوله الفارع يُمكنك أن ترى خوفه، وإنعزاله عن مجتمعه، فهل مسه الجنون من الوحدة؟ أم الوحدة جعلته خائفاً ومرتاباً؟ هذه أسئلة لا تنتظر أن تجد إجاباتها بسهولة.
بالإضافة بالطبع إلى أسلوب "زهران القاسمي" نفسه الذي تشعر بسلاسته وشعريته، هناك خليط من الكلمات العمانية التي تصف بيئة وجغرافية الأحداث، ولكنك تفهمها بسهولة وعادية من سياق الأحداث، ناهيك عن الدلالات الضمنية للنهاية التي انتشرت طوال الأحداث ولكنك لن تراها بوضوح إلا عند النهاية، مما يؤكد أن هذا العمل لا يُقرأ مرة واحدة، فبعد دهشة المرة الأولى، نحتاج إلى قراءة ثانية لمزيد من الفهم والتأكد واليقين.
أراد أن يخيف الحيوانات والطيور ليبعدها عن مزرعته، وصنع "الرّوع" او الفزاعة، فصارت مرآة لخوفه من الماضي ومما قد يعيشه لاحقا. رواية جميلة للكاتب العماني زهران القاسمي، تدرس مفهوم الخوف في نفسنا البشرية، تجعلنا نواجه او نستسلم له
يمتلك زهران القاسمي قدرة عالية على تطويع البيئة الموحشة، الصعبة، والحديث عنها بتفاصيل جديدة كل مرة، هذه المرة، ينهض "الخوف" كـ فكرة مركزية للنص، ولكنه لا يتخلى عن رصد وتصوير عالم البيئة العمانية وثراءه، . رواية متميزة، تأخرت عليها كثيرًا . تكمن براعة الروائي في قدرته على الإلمام بتفاصيل عالمه، ومهارته في استعادة تفاصيله من جديد، مع كل عمل وكل رواية، وإذا كان حصول الروائي إلى جائزة كبيرة يمنحه المزيد من المقروئية والجماهيرية، ويوسّع من دائرة التعرف عليه وقراءة وتناول أعماله، فإن ذلك سيجعل من الطبيعي ترقب عمله القادم، وكان غلب على ظني أن "زهران القاسمي" بعد حصوله على جائزة الرواية العربية عام 2023 سيكتب في عالم مختلف عن العالم الذي أخلص له وبرع في وصف عرضه وتفاصيله عالم البيئة العمانية، وكنت قد أفردت له مقالاً هنا منذ عامين بعنوان (الكتابة عن الطبيعة التي تعبر عن الإنسانية)
ولكن القاسمي بمهارة واقتدار أخذ على عاتقه هم التعبير عن هذا المجتمع وهذه البيئة وتلك الطبيعة، وأفرادها الذين يتشبثون بها ويعبرون عنها بطريقتهم أيضًا، سواء في صراعهم معها أةو مواجهتهم لمشكلاتها، أو كيف يكون "الخوف" منها أيضًا محركًا لحياتهم ومؤثرًا على عالمهم.
من هنا يأتي عالم بطل رواية "الروع" الصادرة مطلع هذا العام، محجان، ذلك القروي البسيط الذي تمكّن أخيرًا من مواجهة حيوانات البريّة وطيورها حتى يتمكن من الحفاظ على أرضه ومزرعته، ولم يكن كل ذلك إلا بأنه استطاع أخيرًا أن يصنع بنفسه "الروع" تلك الفزّاعة التي أعدها من خشب مخصوص حتى تكون قادرة على أن تخيف الطيور وتصد الحيوانات عن حقله مصدر رزقه الوحيد.
(خُيّلَ إليه برهةً أنّ عينَي الرّوع تدوران في محجرَيهما، وأنّه رأى صورتَه في مقلتَيهما الشديدَتي السواد حين لمعتَا فجأةً. وبدَا له أنّه أحسَّ بوخزٍ في صدره، يشبهُ ما اعتراه حين وقف أمامَ المغارة، أو ما كان يعتريه حين يصادفُ في طريقه بعضَ من خَافهم في طفولته، أو حين يمشي وحيدًا بين السككِ المعتمة ويمرّ بالبيوتِ الطينيّة. أغمضَ عينَيه. ثمّ فتحهُما ليتأكّدَ ممّا رأى. لكنّه كادَ يضحكُ من تخيّلاته بصوتٍ مسموع. لم يجد أمامَه سوى ثقبينَ غائرَين في كرةٍ من القشّ. لذلك عاتبَ نفسَه، إذ كيفَ له أنْ يسخرَ في ساعةٍ يحسُنُ به أن يكون فيها جادًّا. فزجَرَ نفسَه وعادَ إلى حزمِه وجِدّه.)
لا يقتصر الأمر على وصف تلك الحالة والموقف منها فحسب، بل يأخذنا السارد بين ماضي بطل الرواية وحاضره، علوعلاقته بأسرته وأهل قريته، ومع كل تركيز على وصف محجان، وأبعاد شخصيته وعالمه، يجد القارئ نفسه شيئًا فشيئًا أمام نفسه، فالحكاية ليست مجرد الرجل البسيط الخائف في عراء البادية، بل إنها تتحول لتكون حكايتنا جميعًا إذ لدينا قدرًا من تلك المخاوف، ولنا مع الماضي والحاضر قصص وحكايات تتعلق بذلك الخوف الذي لا نقوى كثيرًا على مواجهته.
تتحوّل الرواية بسلاسة من تفاصيل حكاية محجان، إلى تفاصيل علاقة الناس في ذلك العالم بالخوف، وكيف يمكن مواجهته، وكيف يشكّل حياتهم، وتأتي براعة السرد في وصف الحالة، كما يبرع فيها القاسمي، وصفًا شاعريًا، ينقلنا إلى حالة بطله وعالمه مباشرة، في كل موقف يمر به أو مشاعر يتلبسها:
(( ظلّ محجان زمنًا طوي يخافُ الأماكنَ المعتمة، والظلالَ القاتمة، والبيوتَ الطينيّةَ المهجورة، والبقعَ الضيّقةَ بين الجبال، والملابسَ السودَ التي يلبسُها العجائز، وحقولَ النخل المكتظّة، وكهوفَ الجبال التي ظلَّ يراها عيونًا تراقبُه لتجتذبه نحوَها. لكنّ أكثرَ ما كان يخيفه مخزنُ البيتِ، وهو في الأصل غرفةٌ من الطينِ ظلّتْ كذلك حتّى وقتٍ قريب، تتكدّسُ فيها الأغراضُ أكوامًا، بعضُ أفرشةٍ قديمة، وأوانٍ معدنيةٌ، وسحَّاراتٍ، أجربَةُ التمر وخروسُ الفَخّارِ الكبيرة، خُيّلَ إليه أنّ شيئًا مّا يندسُّ في بطنِها وقد يِخرج رأسَه في أيِّ لحظة. . على موقع الرواية https://alriwaya.net/post/reviews/alr...
مراجعة لكتاب : #الرّوع اسم المؤلف : #زهران_القاسمي دار النشر : #مسكيلياني نوع : تصنيف ' الكتاب :#رواية عدد الصفحات : 154 __ النبذة : من أين يبدأ الرّوع وأين ينتهي؟ هل ينتصب فزاعة في الحقل تُرعب الآخرين و تطردهم بقوة الوهم؟ أم ينتصب في ذواتنا المحجوبة عنا فيُحدد سلوكنا و يوجه ضمائرنا؟ و ما مصير ضحية"الرّوع" هل تعيش العمر في سجن أوهامها؟ أم تستيقظ من سُباتها يوماً لتصبح فزاعة تزرع الرعب في النفوس و تتلذذ بسطوة الخيال؟
اقتباس الكتاب : "يحتاج كل شخص إلى وخزة حتى يصحو"
الرأي الشخصي : يأخذنا زهران القاسمي في روايته "الرّوع" الى داخل النفس البشرية و ما قد تعانيه من تراكمات نتيجة للاوهام و الخرافات و ينتهي بها المطاف الى الخوف والجزع والتهيؤات التي لا يأتي من ورائها سوى المزيد من الخوف لتجدها في النهاية داخل سجن كبير لا تستطيع التحرر منه لانه أحكم سيطرته عليها فأصبحت أسيرة للخوف ولا شي سوى الخوف. اسلوب سردي رائع و مشوق كعادة استاذ زهران و ادخال الامثلة العمانية الشعبية بين الحوارات اضاف نكهة جميلة للرواية.
I like this book. I liked the story and the way it was told. I liked the implications, the ideas, the simple critiques, the themes, and atmosphere of the book. I also enjoyed the way they are delivered to the reader. I did feel that the writing was lacking a bit compared to the previous book I read of the author but overall this is a great book.
منذ أولى الصفحات كان كل سطر كان يذكرني بمسرحية بجماليون لتوفيق الحكيم، بجماليون الذي نحت تمثالاً من الكمال، فأحبه ، وتمنى أن تدب الحياة فيه.
كما هو الحال في (الروع) ، محجان الذي صنع روعا بيديه فخرجت من كونها قشا وخشبا جامدا إلى كائن يتجاوز السيطرة، ويخلق الخوف.
كلاهما خلق كائنا" وافتتن به، لكن منبع الافتتان يختلف، افتتن بجماليون بقدرة الجمال والحُب، بينما افتتن محجان بقدرة الخوف والرعب ✨
أفكر أيضا كيف أن كليهما صارا مملوكين لما صنعا :
بجمالي��ن عشق تمثاله فصار حبيس خياله.
محجان صنع فزاعته فصار مملوكًا لوهمها وفزعها.
عن أسلوب السرد:
منذ الصفحات الأولى أغلقت الكتاب وقلت لا یا زهران لا نعود إلى أساليب السرد الملتوية تلك، تجاوزها الأدب منذ مدة! قلت اصبري لعله يحبكها بطريقة أجمل.
لكن كان ما فکرت به: يعطيك ومضة من النهاية في البداية، نوعًا من التشويق الباهت.
أما ما بين البدء والنهاية، فقد اعتمد القاسمي نمط سرد متأنٍ، كأنه يكتب الرواية بالسرعة نفسها التي تتمدد بها الفزّاعة في وعي القرية.
لا يهرول، لا يلجأ إلى الإثارة، بل يمنح التفاصيل صمتا وتأملاً .
ورغم أن السرد البطيء يخدم أجواء التوتر والغموض، فإنني شخصيا وقعت في شرك الرتابة، لاسيما في الثلث الأول من الرواية.
ماذا عن الروع وتغريبة القافر؟
بعد تغريبة القافر زهران أمام تحدٍ صعب، أن يوفر لقرائه تجربة اللذة ذاتها التي عاشوها هناك
عن رأيي الشخصي، عرفت أنني سأفضل تغريبة القافر، لأسباب فهمتها عند إغلاق دفة الكتاب🙂.
في تغريبة القافر أراد أن يحكي القاسمي لنا قصة إنسان وسط الطبيعة.
وفي الروع أراد أن يحكي قصة فكرة وسط ناسها.
في تغريبة القافر: نتابع سردا متسلسلا عذبا ومنطقيا لبطل حكايته واضحة، وتحولاته، وارتحاله، وتفاعله مع الفقد والماء والموت.
في الروع: نتابع كيف تتضخم فكرة "الروع" داخل الناس، وتنزوي شخصية محجان أمامها.
هذا السبب الأول، ما فيني
بارض ألاحق الأفكار🤣
السبب الثاني:
محجان!
كل ما يجب أن يقوله في نفسه لا نعرفه كل ما نعرفه عنه يأتي من خلال الأحداث، لا نعرف كيف يفكر وماذا سيصنع ولماذا فعل هذا، الأمر متروك للمتلقي، هذي طريقة سرد ذكية قد تروق لكثيرين، لكنني أفضل تكوين الشخصيات على طريقة دستويفسكي، حيث تتعرى دواخل الشخصيات أمام القارئ✨
الروع هو ثاني قراءاتي ل زهران القاسمي بعد تغريبة القافر، ولكني استمتعت هنا أكتر، الفكرة عجبتني والأسلوب وحبيت محجان وعلاقته بأرضه والروع وارتباطه بالخوف وانه دا مجرد اوهام احنا بنشعر نفسنا بيها بنخاف من حاجة هي مجرد وهم ودا من غير حرق بس كمجمل كانت تجربة لطيفة..
بكى عجزَه وضعفَه وخسارتَه. بكى زراعتَه، وتعبه. وبكى بحرقةٍ روعَه، وحياته، وحالتَه التي وصلَ إليها. بكى لحظةَ سمع فيها ذلك الرجل الذي مرَّ به وأدخل في رأسه فكرةَ إعمار المكان.بكى الأرض الخراب، وبكى خرابَ نفسه.*
تقرأ "الروع" وكأنك تتلصص على عقل يغلي بصمت، عقل رجل بسيط يُدعى محجان… صنع فزّاعة لحراسة مزرعته، لكنها تحوّلت إلى شيء أكبر من خشبٍ وقش.. تحوّلت إلى كائن يسكنه.. إلى "الروع" نفسه..
الرواية تسير بتسلسل زهران الدقيق في الحبكة بينما يغوص محجان نحو قاعه الخاص.. لا يخاف الناس، بل يخاف ما يعتمل في داخله.. الروع الذي صنعه بيديه ليحمي محصوله، صار رمزًا دائماً للخوف، للحقد، للخذلان… وكل من حوله بدا وكأنهم امتداد لذلك الرعب..
وفي لحظة يأس موجعة، يكتب القاسمي على لسانه: "لا شيء يقتل النفس مثل الغيظ، الغيظ الذي يوغل في داخل الإنسان، فلا يرى من الحياة إلا كراهية من أوصلوه إلى تلك المرحلة القاسية..."
"الروع" ليست مجرد فزّاعة، بل استعارة لكل ما دفنّاه في دواخلنا وظننا أننا تجاوزناه.. هي مرآة لواقع هشّ، تصنعه نظرات الآخرين، ووساوس النفس، وضجيجٌ داخلي لا يرحم..
كل مشهد في الرواية، رغم بساطته، يشعرك بأنك تقف على حافة شيءٍ غامض... تُنهي الرواية وأنت لا تخرج منها كما دخلت… لأن "الروع" ليس حكاية محجان وحده، بل سؤالٌ مراوغ لكل ما نخفيه نحن أيضًا خلف فزّاعاتنا الخاصة!
"آخر إصدارات الكاتب العماني المبدع روايه قصيرة ممتعه لها طابع مخيف بعض الشيء، تحاكي واقع حدث أو قد يحدث، تنقلنا إلى جبال عُمان وفي المزارع المخفية حيث يختبئ الروع، أعجبتني الرمزيه التي استخدمت في الرواية وكيف ارتبط البطل بالروع كناية عن مخاوفه التي صنعها بيده، وعاش وتعمق بالوهم الذي سيطر عليه وتحكم بسلوكه وتفكيره"
رواية الروع لزهران القاسمي في ظاهرها رواية لربما تكون مستوحاة من القصص الشعبية لعُمان لكنها رواية توغل في أنفسنا البشرية في مخاوفنا كيف ننتزعها أم هي تنتزع سكوننا وطمأنينتنا الروع الذي نصنعه لكي يحرس آمالنا فإذا به يصبح أكبر مخاوفنا وهواجسنا (محجان) بطوله الفارع وقامته اللافتة كان يخفي داخله مخاوفه التي تنامت معه منذ طفولته رغم وجهه المستكين الذي يوحي بعدم المبالاة الخوف الذي جعله يصنع (الروع) ليحافظ على بستانه ليصبح أكبر مخاوفه هل نحن من نصنع مخاوفنا ؟ أم أن مخاوفنا هي من ترسم شخصياتنا بحدودها المتذبذبة مابين الجنون والعقل ؟ فالروع الذي تضخم حتى تلاشى محجان أمامه فحمله عقده وأحقاده وهواجس حاضره وماضيه ليرمي بظلاله على مستقبله بسرد يسير بهدوء تتمناه لو يهرول للنهاية لكنه يمشي بصمت مريب يتناسب مع الخوف الذي سكن محجان رغم أنه صنيع يده .
القصة بسيطة جدا برأيي و ممكن يكون لها جانب تاريخي في موروثهم و لكن الأكيد كتبت بلغة جيدة جدا. ممكن تكون مثل الحكايات اللي تروى للأطفال من جداتهم، و لكن بلغة معقدة أكثر.
في دائرة من الشك وشيء من الهذيان تبدأ الرواية وفي ثلاث دوائر متقاطعة. تتفرع أحداثها بين إجمال وتفصيل يميّز الرواية بأسلوب سردي رائع بداية من دائرة الحدث الغريب عن شيء من الحلم وجاثوم ورؤى ضبابية لا توحي بمعنى محدد ولكنها تفسر الكثير وانتهت إلى الروع.
الدائرة الأولى تفصيل، الروع وتكوينه كيف صنع ولما وأدواته والصعوبات ورحلة محجان في البحث عن ما يناسب الروع ليكتمل، مشاهد مفصلة تتدخل في رحلة بناء عصيبة وتضع أول خط في تكوين الدائرة الصغيرة.
الدائرة الثانية إجمال، عن الحياة حياة محجان واسمه وزوجته حارته ووظيفته كيف عاش وكيف اختار، وكيف كان يقرر قرارته، التي بدأ لأجلها رحلته في إحياء المزرعة، ومدى نجاحاته التي عاشها ولاحقها بحرص ليصل لمبتغاه الذي لم يحدده قط، وإذا وضعنا في وسط الأحداث ماذا بعد؟ لكانت حالة محجان التي آلت إليها في الدائرة الثالثة بين الإجمال والتفصيل لن تكون متوقعة.
الدائرة الثالثة إجمال وتفصيل، مجموعة صعوبات حاول محجان مرارًا حلها، هل تكفي الروّع وماذا أصابها بعد ما كانت كافية إلى أي مدى يصل رعبها ولأي حدٍ من الممكن أن تبعد كل ما يضر؟ وهذا إجمال. أما التفصيل الذي تابع خط السرد هنا كان محجان وصراعه مع أهل القرية وهو صراع قام على الفكر والعاطفة على فكرة أن ماذا لو كان مشركًا، وعن عاطفة قادها الظن من طرفهم، وهو قاده الغضب أو بكلمات أخرى العشق والعاشق مجنون، وهكذا أكد هو ظن أهل القرية به، أنه جن جنونه وشك آخر تبعه جدل عن الروع ومحجان وهل هما نفس الشخص؟ وهكذا انتهت الرواية.
أدهشتني اللغة التي كانت العامل الفارق في تفصيل المشهد وملامسته لخيال القارئ بشكل متقن فمن دهليز داخل المنزل إلى شكل المنزل وسط الحارة، والسرد الذي أُتقن بشكل متوازن ينتقل من حالة عامة إلى حالة خاصة مفصلة تدخلك وتعيدك لعدة نقاط مرت ونقاط لاحقة.
لغة جميلة سلسة.. احببت الأمثال العمانية.. في البداية لم افهم مغزى الروع (الفزاعة) الا في منتصف الرواية.. يتحدث عن الخوف الكامن فينا ان كنا سنواجه مخاوفنا ام سنجعله�� تتحكم فينا..
منذ قراءتي لـ (تغريبة القافر) وأنا أنتظر عملا روائيا جديدا للقاسمي، لأني متيقنة بأنه قادر على إصدار روايات عميقة، مؤثرة، منبثقة من الممرات الجبلية، والمزارع المختبئة، وشخصيات القرى الهادئة ظاهريا والملئية بالحكايات والأساطير.
سنعيش في هذه الرواية حياة "محجان" سائق الحافلة، المستمتع بحياة كسولة ساكنة، يقضيها بين أصحابه وحافلة يقودها كل صباح لإيصال صغار القرية إلى المدرسة الحكومية. حتى تشتعل روحه ذات صباح بعد تعليق مُرًّ من أحد شيوخ القرية، فيقرر إعادة الحياة إلى أرض والده وتحويلها إلى مزرعة يتعجب منها أهل القرية.
تلك المزرعة التي سيقضي فيها وقت الفجر قبل صعوده حافلته، ويعود إليها حتى غروب الشمس، هناك حيث تزدهر الحياة وتنمو الثمار، يقرر "محجان" وضع روع – فزاعة - ، لحمايتها من الحيوانات والناس التي تسرق ثماره.
ستنتقل في الرواية بين الحاضر والماضي.، بين محجان الطفل الصغير الذي بكى بشدة ذات ظهيرة خوفا من ظله الذي يتبعه، والرجل الذي سقط وسط أهل القرية خوفا من وهم فاجأه.
ترى هل جَسَّد محجان خوفه حين صنع (الروع)؟ وكيف أثر ذلك الهيكل الخشبي على حياة محجان وأهل القرية؟
زهران القاسمي كاتب يتميز بلغته المكثفة بالمعاني والصور، وأسلوب وصفي جميل.
“الروع” رواية قصيرة لكن ثقيلة في وقعها. تجعلنا نفكر: كم من الناس يعيشون ألمًا نفسيًا حقيقيًا، لكن يتم إسكاتهم بحكايات المسّ والعين؟ وكم من الأرواح انطفأت لأننا لم نفتح باب الفهم، بل أغلقناه بالخرافة والخوف؟
اللغة في “الروع” مكثفة، شاعرية، مفعمة بالصور الحسية التي تجعل القارئ يشعر بالخوف، بالاختناق، وبالصمت القروي. زهران القاسمي كعادته يُظهر قدرة بارعة في تطويع البيئة المحلية لتخدم بعدًا نفسيًا عميقًا.
ثاني قراءة لي لزهران القاسمي ، والكاتب مبدع في صياغة وسرد أحداث المجتمع العماني القديم ، بتمسكه بعاداته ، ثقافته ، وحتى المستجدات في بدايات تطوره وادخال المدارس . الكتاب وضح صيغة الخوف بعدة صيغ ، ابتداءً من الطفولة ، فترة المراهقة، الشباب وحتى فترك البطل الحالية ، جسد الخوف في كل شيء . زيادة على ذلك الرواية سردت قصة البطل في نظم المجتمع الجبلي الزراعي ، بلغة جدًا جميلة لولا بعض النقاط الي نقصت من مستوى الكتاب . ٣.٥/٥
يغوص زهران القاسمي بنصه الجديد الي باطن النفس البشريه و اكثرها ظلمه حيث الخوف الذي يلجم البشر في طريقهم لاعمار الارض. كلا منا لديه فزاعته التي لربما خلقها بنفسه و التي عليه كسرها حتي يتحرر. لغة زهران القاسمي قوية و رائعه علي الدوام.