هذا الكتاب الذي بين يديّ القارئ هو ترجمة أمينة جهد الطاقة للمراسلات التي جرت بين الكاتبين الشهيرين مكسيم جوركي وأنطوان تشيخوف نقلناها عن الترجمة الفرنسية.
والغاية من نقل هذه المكاتبات إلى قراء العربية هي التعريف بمكسيم جوركي ، فمؤلفاته التي تُرجمت كلها تقريبا إلى العربية قد أطلعتنا على أدبه ، وهذه المراسلات تُطلعنا على طرف من حياته.
ولئن كان جوركي قد كتب بإسهاب قصة تلك الحياة في مؤلفاته ، فإن قيمة هذه المكاتبات هي في أنها لم تُكتب لتُنشر ، أي أنها بعيدة كل البعد عن مقتضيات العمل الأدبي وهذا هو سر قيمتها ، ذلك لأنه مهما كانت صراحة الكاتب كبيرة في مؤلفاته ، عندما يكتب قصة حياته فإنه لابد من حدود تقف عندها هذه الصراحة ، وأقل ما يقتضيها هو فن الكتابة
Dramas, such as The Seagull (1896, revised 1898), and including "A Dreary Story" (1889) of Russian writer Anton Pavlovich Chekhov, also Chekov, concern the inability of humans to communicate.
Born (Антон Павлович Чехов) in the small southern seaport of Taganrog, the son of a grocer. His grandfather, a serf, bought his own freedom and that of his three sons in 1841. He also taught to read. A cloth merchant fathered Yevgenia Morozova, his mother.
"When I think back on my childhood," Chekhov recalled, "it all seems quite gloomy to me." Tyranny of his father, religious fanaticism, and long nights in the store, open from five in the morning till midnight, shadowed his early years. He attended a school for Greek boys in Taganrog from 1867 to 1868 and then Taganrog grammar school. Bankruptcy of his father compelled the family to move to Moscow. At the age of 16 years in 1876, independent Chekhov for some time alone in his native town supported through private tutoring.
In 1879, Chekhov left grammar school and entered the university medical school at Moscow. In the school, he began to publish hundreds of short comics to support his mother, sisters and brothers. Nicholas Leikin published him at this period and owned Oskolki (splinters), the journal of Saint Petersburg. His subjected silly social situations, marital problems, and farcical encounters among husbands, wives, mistresses, and lust; even after his marriage, Chekhov, the shy author, knew not much of whims of young women.
Nenunzhaya pobeda, first novel of Chekhov, set in 1882 in Hungary, parodied the novels of the popular Mór Jókai. People also mocked ideological optimism of Jókai as a politician.
Chekhov graduated in 1884 and practiced medicine. He worked from 1885 in Peterburskaia gazeta.
In 1886, Chekhov met H.S. Suvorin, who invited him, a regular contributor, to work for Novoe vremya, the daily paper of Saint Petersburg. He gained a wide fame before 1886. He authored The Shooting Party, his second full-length novel, later translated into English. Agatha Christie used its characters and atmosphere in later her mystery novel The Murder of Roger Ackroyd. First book of Chekhov in 1886 succeeded, and he gradually committed full time. The refusal of the author to join the ranks of social critics arose the wrath of liberal and radical intelligentsia, who criticized him for dealing with serious social and moral questions but avoiding giving answers. Such leaders as Leo Tolstoy and Nikolai Leskov, however, defended him. "I'm not a liberal, or a conservative, or a gradualist, or a monk, or an indifferentist. I should like to be a free artist and that's all..." Chekhov said in 1888.
The failure of The Wood Demon, play in 1889, and problems with novel made Chekhov to withdraw from literature for a period. In 1890, he traveled across Siberia to Sakhalin, remote prison island. He conducted a detailed census of ten thousand convicts and settlers, condemned to live on that harsh island. Chekhov expected to use the results of his research for his doctoral dissertation. Hard conditions on the island probably also weakened his own physical condition. From this journey came his famous travel book.
Chekhov practiced medicine until 1892. During these years, Chechov developed his concept of the dispassionate, non-judgmental author. He outlined his program in a letter to his brother Aleksandr: "1. Absence of lengthy verbiage of political-social-economic nature; 2. total objectivity; 3. truthful descriptions of persons and objects; 4. extreme brevity; 5. audacity and originality; flee the stereotype; 6. compassion." Because he objected that the paper conducted against Alfred Dreyfus, his friendship with Suvorin ended
احببت هذه الرسائل بين عملاقين من عمالقة الأدب الروسي.
فن كتابة الرسائل ممكن تتعلمه بعد قراءة هذه الرسائل :
قمة الأدب في المخاطبة التواضع الجم في طلب الرأي بكتاب او أقصوصة او مسرحية نقد رائع لاعمال بعضهما البعض التعرض لبعض الكتاب المعاصرين لهما وانتقاد أعمالهم وشخصياتهم.
حق بعضهم البعض على التأليف ونشر أعمالهم لبعض الصحف المعاصرة لهم.
الشهرة الكبيرة لكاتب مثل تشيخوف لم تنزع عنه تواضعه أو تمنعه من القراءة لكاتب شاب في تلك الفترة اسمه غوركي. تراسل الإثنان وأشاد كلا منهما بكتابات الآخر. غوركي يعترف بالأستاذية لتشيخوف. وتشيخوف يبدي حماسه الكبير لكتابات غوركي وينصحه بحب كي يطور من أسلوبه. هذا الكتاب يعطي دروساً في التواضع وكيفية تهذيب الكتابة. هذا الكتاب جدير بالقراءة
هذا الجيل حرم من متعة تبادل الرسائل الورقية تلك الهواية التي كنا نتسابق لها من خلال باب التعارف بمجلة ماجد، لها صدى خاص حتى بعد مرور السنين. ميزة الأدب الروسي أنك لا تكاد تبتعد عنه حتى تحن للرجوع إليه. هنا رسائل ممتعة تحكي عن نمط مراسلات بين اثنين من عمالقة الأدب الروسي جوركي وتشيخوف، يحكون عن كل شي حتى الخاصة منها، تنقلاتهم ، طلب اللقاء، تبادل الكتب، وأخرى عن تأثير الجو في إبداع الفنان ، يظهر هنا جوركي بصورة التلميذ المحب الوله بأستاذه تشيخيوف، يطلب منه النصح وإبداء الرأي في أقاصيصه، ويمتدح ويشيد بأعمال تشيخوف ومسرحياته، يحكي له عن مرضه (السل) وعن يأسه أحيانا (اني كالعادة أحيا حياة تافهة، وأحس بأني فاقد لتوازني بصورة تبعث على اليأس) في الرسائل لا أجد سكونا ومللا وإنما حركة حياة ممتعة.
كان هاجس قراءة هذه الرسائل يطاردني بشدة منذ اقتنيت هذا الكتاب، وهو ما يقارب العامين الآن، ثم وبعد حين ابحرت بهذه الرحلة الرائعة بمراسلات لعملاقين لا تخفى على العالم عظمتهم، علاقة أدب، حب، اطراء، اثراء.. الخ كل هذا العشق الأدبي الشخصي بين "أليكسي ماكسيموفيتش غوركي"و "آنطون بافلوفيتش تشيخوف" قد تجسد في بضعة رسائل لم تبلغ من العمر سوى الأربعة أعوام فقط. أربعة أعوام من حياة غوركي المثيرة أصبحت ذاتها الاربعه الاخيره من حياة تشيخوف، ليتبادلا خلالها كل الود والاحترام والآراء والنصائح، ليقدموا بالتالي دروس حصيفه لرواد الأدب، القراء قبل الكتّاب. تعرفت هنا على أجمل الجوانب من كِلا الشخصيتين غوركي وتشيخوف، ليس كما تجده في كتب المذكرات او المؤلفات الادبيه او الشخصيه، أنهيت قبل أيام رواية "الأم" لغوركي ويالجمالها الساحق المثير، ثم أحببت قراءة غوركي وبعد هذه المراسلات أصبحت في شوق اكثر لمؤلفاته الأخرى، أما العظيم تشيخوف فقد أنهيت له مسرحية "الجراده" ونصف مجموعة القصص القصيره في المجلد الأول وفي خضب انهائها رويداً، اسلوبه الساخر الآخاذ لا يكرر ولا يُنسخ ابداً، مزيج اسلوبهما هو ما كان هنا في جلالة هذه المراسلات.
مراسلات جميلة ورائعة، من أديبين كبيرين لونّا معا ألادب الروسي والعالمي بنتاج كبير ومتنوع، وهنا في هذا الكتاب الغريب يتراسلان على مدى ثلاث او اربع سنوات، عندما بدأ -على ما يبدو- غوركي الشاب حينها بالتراسل مع الطبيب تشيخوف الذي كان حينها مشهورا وصنع له اسما كبيرا في الوسط الأدبي حتى ظن تعجب غوركي عندما عرف ان تشيخوف يكبره بثمان سنوات فقط، ففي احدى رسائله يتسائل كيف لرجل في الأربعين من العمر ان يصنع ما صنعه تشيخوف ويقول له انه ظن تشيخوف اكبر بكثير من ذلك. من سخرية القدر ان يموت تشيخوف بمضاعفات مرض السل وهو في سن 44.
الاثنان رائعان، ومتواضعان، ويتكلمان بصراحة فضيعة، ويحاولان ان يبلغا بعضهما بعض كل ما يعتلي قلبيهما الحساسين من مشاعر وتفاعلات كبيرة وهما يعيشان في زمن صعب، تشيخوف الطبيب المشفق الطيب وهو يعالج الالوف من المرضى الفقراء، حاملا مرضا قاتلا مثل السل، يحاول ان يتنقل في روسيا على الدوام كي يجد موطنا اقل بردا وقسوة على رئتيه المريضتين، والاخر غوركي الي عانا ما عاناه مع السلطات القيصرية ورزح طويلا تحت الإقامة الجبرية اثناء محاوراته مع تشيخوف في زمن القيصر، وكذلك تواصلت تلك المعاناة حتى بعد الثورة وتم نفيه لسنوات طويلة خارج البلاد وهو الصديق لمهندس الثورة لينين، كل هذه المعطيات هي من المبكي المضحك في تناقضاتها.
كتاب جميل، الى انه كان بالأمكان ان يكون افضل لو احتوى على مقدمة افضل، وتعليقات وهوامش توضيحية -التي افتقر اليها- لتوضيح ظروف حياة الكبيرين واحوالهما اثناء التراسل، لكن على كل حال لا يستحق اقل من اربع نجمات....
هذه مجموعة من المكاتبات التي جرت بين عملاقين من عمالقة الأدب الروسي لم أكن أعلم عنهما قليلا أو كثيرا.
ولفرط ما وجدت من الغنى في مكاتباتهما، فها أنذا أعتقد أني أحببتهما أكثر مما لو كنت قد قرأت نتاجهما الأدبي كلا لوحده.
في الرسائل ما 'يشي' بطبائع الرجلين وذوقهما وخصائصهما فضلًا عن حالهما وقت الكتابة. وإن في هذا لفرصة عظيمة للاطلاع على الشخصيتين فوق فرصة التأريخ الصادق لما مرا به من الحوادث وما نزل بهما من الخطوب.
ستلاقيك بين ثنايا هذه المراسلات، أقوال لافتة، أورد منها ها هنا:
"هل تظن أني لا أحب أن أكون كما أنا، وأفضل على ذلك أن تكون لي في روحي شبه صمامات تحول دون انطلاق أجرأ أفكاري؟"
"سأعيش وحيدا وسأعمل. لقد قال أحد أبطال (هيدبرغ): العزلة بداية الحكمة. وأضاف آخر قائلا: وبداية الجنون. وإني لأؤمن بالرأي الأول"
"عجبا! لماذا يتفلسف الناس كثيرا ولا يحيون إلا قليلا وعلى نحو شديد السوء و الانحراف؟"
"إن الالتقاء برجل مؤمن صادق مدعاة للذة والغبطة. فالرجال الذين يضمون بين حنايا روحهم ربا حيا قليلون"
"لقد حل الزمن الذي تحتاج فيه إلى البطولة. إن الناس جميعا يريدون شيئا كثيرا خلابا، شيئا كما ترى، لا يشبه الحياة وإنما يتجاوزها، شيئا أفضل منها وأجمل"
"إن شيئا من الشمس يجري في دمائنا! إني أحب هذا التعبير: (الشمس في دمائنا). هكذا يجب أن يحيا المرء"
"إنها تتألم من مرض يصيب جمهرة النساء بسهولة: إنه عدم الانسجام بين الحلم والواقع"
" ثمة شيء آخر أيضا هو أني بدأت أشعر بمقدار حماقة الناس. إنهم بحاجة إلى الله كي تخف آلامهم في الحياة. ثم يجحدونه ويهزؤون من أولئك الذين يؤكدون وجوده"
أحببتها. على الرغم من بساطتها إلا أني لم أجرؤ على منحها أقل من أربع نجمات، تروق لي فكرة تطبعهما بأسلوبهما الأدبي حتى في مراسلاتهما - أي حياتهما العملية أيضا، فنلاحظ الإطالة الطاغية على رسائل " م. جوركي " والكياسة عند " أ. تشيخوف ". جزيل الشكر لمن جمع الرسائل في هذا الكتاب ووفر لنا سبيل التطفل على أدباء بعظمتهما.
المحبة أول ساعٍ للبريد ...قبسٌ من الصدق هو كل ما تريد لتنطلق ...فتُجري نهراً زمنيا ما بين اثنين ... عشيقين كانا أو كهاهنا صديقين ..ليكونا محض طفلين يبادل كلاهما الآخر بخاطره المكتوب من على الضفاف كزورقٍ من ورق...ونعم لم أجد بالمحتوى المُرسل هنا سوى الكفاف ليستهويني ...أعني ما الذي سيعنيني من أراءٍ نقدية لمسرحيات ورواياتٍ أدبية وبعض نبؤاتٍ لكُتاَّب واعدين مع عناوينٍ لقصصٍ قصار؟؟ ....فقط كان يكفيني منها بناؤها المجدول ببوحٍ أشبه بالشتات ...سطورٌ متتابعات من نقدٍ جاد وأدب ثم فجأةً يغزوها نِثارٌ من حزنٍ أو فرحٍ...أوحتى فتاتٌ من غضب...هكذا بدون تمهيد!!..وإني لمثل ذاك السرد المضطرب أجدني أحيانا أحوج ما أكون!..كأن أرقص من قمة الفرح المشيد ..ثم في لحظة أقول: وإني حزين! ..وأداعب صغيرتي في مرحٍ لساعات ثم أهتف فجأةً: والآن خائف! ..أو في غمار الصياح أتلو النكتة التي مرت ببالي ..فلا يبالي أحدٌ أن يطالبني في كل هذاعن السبب! ... بمثل ذلك كان لمكسيم جوركي حظا أوفر فيما كتب لأنطوان تشيخوف ...بينما ظل أسلوب الثاني محفوفاً بقدرٍ أكبر من الإنصات الوقور ...وبقيت أنا فيما بينهما من مراسلات امتدت على مدار خمس سنين ..أتمنى لو كسرت عن خاطري حصار السرد المفروض ولو مرة ..لأبوح في كل لحظة وحين بما شعرت فقط وبما أريد ..وإن تسبب ذلك في العجب.
كانت الرسالة الأولى من (مكسيم جوركي) الروائي الروسي الواعد دون سابق معرفة شخصية ل (أنطوان تشيخوف) الأكبر سنا وقدرا بذلك الحين ..بأسلوب مشبوب بالعاطفة المخلصة والإعجاب الأدبي ومصحوب بالاندفاع العفويّ الكفيل بتمييزك لباقي رسائله دون حاجة لمراجعة الإمضاء...حتى هنا ولم يكن الأمرغريبا عليّ...ولكن اللطيف فيها أنه ذيّل تلك الرسالة الأولى بقوله محدثا تشيخوف: "ملاحظة: قد تساورك الرغبة في أن تكتب إليّ!! اكتب فقط" ..فكتب تشيخوف!! ..هكذا بمنتهى البساطة !! غير أني ولأسباب الميل النفسي المبهم الأسباب ..اخترت ان تكون اقتبساتي هنا كلها لجوركي ..حيث يقول بمواطن متفرقة بلا مقدمات محدثا تشيخوف :
" لست أومن بلباقتي وموهبتي حتى لو رددته على مسمعي عشر مرات أو عشرين ، لقد قلت إني ذكي . ولقد ضحكت على ذلك كثيرا. إن هذا قد ملأني مسرة ومرارة ، إني بليد أحمق كالقاطرة ، لقد أُسلمت إلى نفسي منذ العاشرة من عمري ، ولم تتح لي الوسيلة كي أتعلم ، ولم أفعل شيئ آخر سوى أن ألتهم الحياة وأعمل، إن ضربات الحياة بعثت فيَّ الدفء ، إنها غذتني بالصالح والطالح ، إنها أخيرا قد نشرت فيَّ الحرارة وجعلتني أشرع في الحركة ، وها أنا منطلق بأقصى سرعة ، غير أنه ليست هناك خطوط حديدية تحتي لأسير عليها ، إن حساسيتي متألقة وقوية ..لكن انظر ، لست أدري : إن ثمة كارثة ستنزل بي ، وأظن أن استعمال التشبيه ليس بضائر ، إن الساعة التي سأواري فيها في الثرى ليست قريبة، ولئن حلت غدا فلست أبالي ، فليست بي خشية من شئ ولا بي تذمر، غير أن ثمة فترات تأخذني فيها الشفقة على نفسي وها أنا الآن في إحداها ، وما تحدثت عن هذه النفس إلا إلى مخلوق أضمر له الحب ، إني أطلق على هذا النوع من الحديث اسم (غسل الروح بدموع الصمت) ذلك لأن الكلام ضرب من العبث ، فالمرء يتكلم كي لا يقول شيئا، ولن يتفوه بما تبكي منه الروح، إني لا أتحدث إليك لأني أحبك فحسب بل لأني عالم بأنك رجل تكفيه كلمة واحدة كي ينشئ صورة ، ويؤلف جملا ويكتب قصة ، قصة رائعة تنبش أعماق الحياة وجوهرها كما تفعل أداة السبر بالأرض "
وفي موضع ناقم فيه على الناس يقول: " إننا نحب التوبة جميعا، ونحب أن نسمع توبة اﻵخرين، وليس على المرء إلا أن يصرخ: بلى لقد أخطأت ! لقد أخطأت ! ..إني أطلب التوبة !!..فهل أنتم قضاتي ؟ هل أنتم المكلفون بقذفي بالوحل ؟؟ إني أجهر بالاعتراف بخطيئتي أمام نفسي وليس أمامكم يا عبيد قداستكم .. ما أنتم غير نفوس زرية ، ما أنتم غير رعاديد مساكين ..ولئن كنتم لم تخطئوا فما ذلك إلا ﻷنكم تقضون حياتكم في ذعر من احتمال الوقوع في الخطأ...وعندما استوليتم على موضع صغير من الحياة وحظيتم بمقام خاص وتافه ، فما ذلك إلا لتعبدوا فيه فضائلكم لا لتكافحوا الرذيلة وتستأصلوها ..يا الله هذا ما كنت ﻷفعله !! لكنت مزقت قلبي دون شفقة ، لكني سأكون لطخت بدمي وجنات الكثيرين ..وأوقدت فيها جذوة لطخات دنيئة ، ﻷني لم أكن ﻷتغاضى عنهم .. فليس في أي بلاد أخرى مقدار ما في بلادنا من أشرار ..وأشرار تائبين "
اتخذت التظاهرات المعبرة عن موجة الغضب الشعبي اتجاه الحكومة الروسية آنذاك والممهدة لثورة فيما بعد قدراً لا بأس به من أحاديث جوركي الأخيرة ..وهو المتحمس لها بل والمشارك فيها بكتاباته التي تسببت له بالنفي تارة وبالعيش مراقبا تارة أخرى... بينما قوبلت ملاحظاته تلك بالصمت الحذر من قبل تشيخوف ..الأمر الذي أضاف عندي لرسائل جوركي قيمة أكبر ...يقول بأحد المقاطع شاكيا ومتنبئا بالثورة التي اندلعت بعد نبؤته تلك بثلاث سنين وتحديدا بعام 1905:
" ها أنا في (أرزاماس) عزيزي أنطوان ، أما السكان فيبدو أنهم يخافونني ، لقد قالوا عندما قدمت: كان حالنا حسن جدا ، إلا أن هذا لن يدوم ، فستنتشر البيانات وستحدث الثورات ، إن أحد لا يفد لمقابلتي باستناء أشخاص مختلفين من الفئة المتدنية وذلك خشية أن تعرضهم الزيارة للخطر، وإني لفرح بهذا ، إني أحيا لنفسي ...هنا يسود الهدوء والطمأنينة والهواء الرطب ، وفي جميع البساتين توجد البلابل التي تشدو ، أما الجواسيس فإنهم موجودون على مايبدو في بستاني أنا فقط ، إنهم يجلسون تحت نوافذ بيتي في ظلمة الليل ، ويحاولون أن يروا كيف أبذر الفتنة في روسيا كلها ، وعندما لا يرون شيئا فإنهم يطلقون السعال وينشرون الذعر في المنزل كله ...المجد والشرف لوزارة الداخلية !! إنها تلفت نحوي دون كلل اهتمام الشعب الروسي ..فلقد بدأوا يقرؤون مؤلفات جوركي من (أرزاماس) ..إنهم يقولون فيما بينهم وبين أنفسهم: يا الله !! يجب أن نقرأه ، وإلا فسينتهي به الأمر إلى أن يعرف أننا لم نقرأه فيعتبرنا همجا !..ثم يُقبل هؤلاء المساكين على شراء كتبي، اما أنا فهذا ينسجم مع مصلحتي!"
ويصف إحدى التظاهرات فيقول: " لن أنسى في حياتي هذه المعركة ! لقد دار القتال بصورة وحشية ضارية من قبل الطرفين ، كانوا يقبضون على النساء من شعورهن ويجلدونهن بسياطهم القوزاقية ، لقد جلدوا ظهر طالبة لا أعرفها كما تجلد وسادة من الوسائد حتى سال دمها ، وثمة طالبة أخرى شج رأسها ، وغيرها اقتلعت عينها ، ورغم أن المعركة كانت دامية إلا أن أحدا لا يعلم لمن كانت الغلبة ، إن الشرطة على وجه العموم تعاني الكثيب من المتاعب وآمل أن ينالها منها المزيد أيضا ، لقد اتخذت الحياة طابعا متوترا وثقيلا، ويعتقد المرء أنه يحس بأن ثمة وحشا مفزعا أسود قد جثم في مكان ما قريبا منه في ظلمة الحوادث ، يترقب ويتساءل من سيفترس؟؟..إن الطلاب يستدرون الإعجاب، إنهم أفضل الجميع في هذه الأيام التي نعيشها ، لأنهم يسيرون إلى النصر أو الموت دون وجل ، فهما سيان ولا أهمية لهما ، المهم هو النضال ، لأن النضال هو الحياة ، وإنهم ليحيون حياة رائعة"
كان طريفا أن تجد شكوى مرارة الوحدة من تشيخوف يقابلها تمنيّ العزلة مرارا من جوركي، والذي عبّر عن ذلك صراحة فقال: " لقد قال أحد أبطال (هيدبرغ) ( العزلة بداية الحكمة) ، وأضاف آخر : (وبداية الجنون) ..وإني لا أومن بالرأي الأول ، أود أن أكون في عزلة تامة ، عزلة كعزلتك ...وإني لأحسدك على الهدأة التي تنعم بها ، ويخيل إليَّ أن الحياة تعاملك كقديس من القديسين ، فلا تعكر عليك تلك العزلة" ..ثم يئن شاكيا بختام رسالته الأخيرة : " إني أحيا حياة مشتتة كثيرا . إني تَعب كرجلٍ هرم لا يتمتع بصحة حسنة ، وأحس بالألم في رأسي و في صدري .إن عليّ مع ذلك أن أعمل ويعوزني الوقت ... أنا أحلم دائما باستئجار مركب والذهاب إلى عرض المحيط واصطياد الأسماك في العزلة"..وبينما تقول السيرة: (إن جوركي مات ميتة مجهولة) ...يقول المترجم: أنه حزنا على ابنه المتوفى انتحر وبه لحق !..وأقول بلا اكتراث لكل ما كتبت أنا ولكل ما كُتب هنا ولكل ما سبق : لعله أخيرا ومن بعد أعوام الإقامة الجبرية قد ذهب فعلا إلى حيث حلم ..من يدري؟؟ لعله الآن في عرض المحيط يصطاد السمك.
نفتقد نافذةً عريضةً نُطلّ منها على أدب الرسائل في مخزوننا العربي . هذه المراسلات الرائعة بين هرمين من أهرام الأدب الروسي والعالمي على حدٍّ سواء فيها من الجمال الكثير بكلّ تفاصيلها وخصوصيتها وتشعبّها على كلّ المجالات السياسية والحياتية.
مجموعة رسائل لعملاقين من الادب الروسي، تنبع الروح المحبه بينها ويتخللها صداقة حميمة وعلاقة وطيدة، تحمل الرسائل كل الحب والتقدير والاحترام المتبادل بين قلمان من رواد الإبداع الأدبي،نلاحظ و نستنتج ان تشيخوف صاحب فضل علي جوركي فهو من ساعده و مد له يد العون علي نشر اول اقاصيص جوركي، وايضاً هو من اقترح عليه ان يكتب دراما، ونلاحظ ايضاً ولع وحب جوركي للاقصوصة التشيخوفية،وكيف ينقد كلا منهما عمل الاخر ويبدي اعجابه، من العسير استخلاص هذه الرسائل العظيمة في بعض الاسطر، عندما انتهيت من قراءتها غمرتني بهجه و متعه لا توصف، فأنا ممنون للغاية لاني في يوم من الايام قرأت تلك الرسائل التي سطرت علي يد نجمين في سماء الادب العالمي.
مغرم بالأدب الروسيّ عامّة، و أحب القراءة في أدب المراسلات. إن الذي يميّز الأدب الروسي هو الدفء الذي يُشعر القارئ به، بحيث لا تكاد تبتعد عنه حتى تحنّ للعودة إلى أحضانه.
في هذا الكتاب رسائل بين اثنين من أعمدة الأدب الروسي (غوركي و تشيخوف). يكتب الواحد منهم للآخر عن كل شيء، حتى أدق تفاصيله الخاصة. غوركي يتمتع بطابع رومانتيكي في كتاباته، يهوى التفاصيل، و يظهر ذلك جليًّا في رسائله هنا. شعرت كم هو مرهَق لكمّ التفاصيل التي يريد أن يقبض عليها و يصفها، هو ليس ثرثارًا بقدر ما يمتلك ذهنًا شغوفًا. أحببت رسائله برغم ما اتسمت به من سوداوية《إني كالعادة أحيا حياةً تافهة، و أحس بأني فاقدٌ لتوازني بصورة تبعث على اليأس》. يظهر أيضًا -غوركي- بمظهر التلميذ المفتون بمعلمه -تشيخوف- يطلب منه النصح في كتاباته و يثني بلهفة على أعماله و مسرحياته.
بالمقابل أيضًا نرى تشيخوف بالهيئة التي نستشعرها من خلال أدبه؛ تشيخوف الهادئ الكيّس، الناقد الأصيل، يقدّم النّصح بسخاء و ينبّه غوركي إلى تقنيات الكتابة التي تغيب عنه.
مراسلات تفيض بالمحبّة و الصداقة الحميمة، فيها الكثير من الجمال بكل تفاصيلها و تشعّبها. و جزء من الفضل يُنسب هنا إلى الترجمة البديعة التي لفّت هذه الرسائل بلغة حساسة تلامس القلب.
من أعظم تصنيفات الأدب بالنسبة لي هي أدب المراسلات سواء كانت بين شخصيات أدبيه أو رموز سياسية.
المراسلات هنا مختلفة كثيراً .. فهي تُعتبر دروس من ملعم الى تلميذ وهما تشيخوف وجوركي بالترتيب.
في هذه المراسلات يستغل جوركي وجود شخصيه عظيمه مثل تشيخوف في تعلم كيفية كتابة القصة القصيرة وما أدهشني وأثار إعجابي هوا كم الأحترام المتبادل بين شخص ناشئ في وقتها "جوركي" ومعلم مثل تشيخوف والذي أعتبر من أعظم ما كتبوا القصص القصيرة. أنصح كل كاتب ناشئ بقراءة هذه المراسلات والإستفاده بالقيم المت��ادله بين الأطراف المتفاعلين فيها.
للأسف وِلدنا في عصر إندثار وموت المراسلات وصارت كل مراسلاتنا إلكترونية إلا من حكمت عليه الظروف بالسجن بين أربعة جدران وفرضت عليه الظروف الإبداع في كتابة المراسلات الى أهله وأصدقاءة.
لما كل هذا الصخب يارفاق ؟ الحرارة عشرة درجات تحت الصفر ، الكالينكا في الخلفية ، تمضي الأم لتعبر بستان الكرز رافعة يديها للنورس الذي يسقط تحت منضدة تشيخوف و غوركي ليحدث جلبة لا توقف سيل الرسائل بينهما .....
ان قصة نفس مهما تكون صغيرة قد تكون اعظم من قصة البشرية بأسرها ...
مجموعة من رسائل الكاتبين الكبار ، تجعلنا نُلقي الضوء علي علاقة انسانية تماما خالية من الرياء والنفاق بل قائمة علي الحب والاحترام فقط ..
لم تكتب لكي تنشر، تعليق المترجم على هذه الرسائل. ونظرًا لأن الصديقان هما من أبرز كتاب روسيا وأحدهم يلقب بالملك في فن كتابة القصص القصيرة. نشرت هذه الرسائل التي بدأت عام 1898 وانتهت حسب الكتاب 1903. لن نستفيد نحن القراء من هذا الكتاب شيئاً. مجرّد رسائل متبادلة حول كيفية قضاء كل منهما حياته، وتعليق على أحد المسرحيات أو كتاب. وبعض النصائح القليلة من تشيخوف إلى غوركي عن كيفية كتابة القصة .
من اجمل ما قرأت! ولكن هناك بعض الملل أصابني من رسائل غوركي حين يطيل المديح واستخدام نفس العبارات والالفاظ حتي حين نصحه تشيخوف بالكياسة، لازال يطيل في رسائله ولم يتعلم!
راقتني بعض الرسائل، ولكن أشدّ ما كان يدفعني لمواصلة تتبع الحديث، هو فضولي حول كيفية تحول العلاقة بين هذين الأديبين من علاقة تقدير تلميذ لأستاذه، إلى علاقة صداقة حقيقية ومستمرة.
أرى أن الانسياب البطيء في اتخاذ العلاقة شكلاً مميزاً، هو أمرٌ مميز بحد ذاته، يروقني الحذر البدائي، والتحفظ في الحديث عن الهفوات، وأعتقد أن هذا ما جعل نقد تشيخوف، نقداً مقبولاً للكثير من محاولات غوركي الأولى.
الرسائل تصف الأحداث الاعتيادية في حياتهما مع القليل من النصائح والمقترحات، وهذا ما أخذني إلى تخيّل ما بين تلك المراسلات من لقاءات وأحاديث صادقة وعميقة، وأكاد أجزمُ بأنها أهم بكثير من المراسلات الخطّية.
العلاقة الناشئة بين غوركي وتشيخوف، هي دليل صارخ على إمكانية التعثّر والتمسك بصداقة حقيقية في الواقع ، وأن الانسان يمكن أن يحب ويعظّم انساناً آخر، لا لشيء.. إلا لأنه يوّد أن يكون صديقه.
لدي مشكلة مع أدب الرسائل عموماً؛ وهي أني لا أحب العبث بخصوصية الآخرين وأتعجب من الأسباب التي قد تؤدي بأحد أطرافها إلى نشرها علناً! ورغم أن محتوى العمل الذي بين يدي لا يحتمل هذا الهامش العالي من الخصوصية إلا أن فكرة النشر بالعلن هي ذاتها عندي ! مرفوضة!.
الكتاب هو مراسلات بين عملاقي الأدب الروسي انطوان تشيخوف و مكسيم غوركي- تبادلا خلالها الحديث الفني عن أعمالهم وأعمال غيرهم خاصة المسرحية منها.
ماذا بعد القراءة ؟ رسالة صحيحة واحدة تكفي عن عدة خطابات، ومعنى صادق وحيد يكفي عن "معلقة " من المشاعر.
#أبجدية_فرح 3/5 📚🌷 #كتاب_الشهر ديسمبر #مراسلات_غوركي_وتشيخوف #مبادرة_كتاب_في_يد_قارئ #بين_دفتي_كتاب
مراسلات الكاتبين الروسيين العظيمين ماكسيم غوركي و انطون تشيكوف على مدي سنوات ، تظهر تطور الصداقة بين كاتب في في قمة مجده الأدبي (تشيخوف ) و كاتب مبتدئ و رحلة بداية شهرته و احترافه (غوركي ) ، رسائل في منتهى الصدق و الاحترام ، مفعمة بروح الصداقة الحقيقة
أجل لقد أنهيته للتو، وتالله إنه من أجمل الكتب التي قرأت والتي سأقرأ. عشت شتى المشاعر من خلال هذه الرسائل، فتارةً ينتابني الغم على حال غوركي، وتارةً يأخذني الافتتان بالطريقة التي يتبادل بها الكاتبان مكنونات نفسيهما، ويعبران بها عن أعمق مشاعرهما. سُعدت حقًا بهذه الفرصة التي مكنتني من معرفة شخصيةِ غوركي وتشيخوف عن كثب، والآن أجزم بأني سأقرأ ما خطته أقلامهما بنهمٍ أكبر، لأني بتُّ على علمٍ بالعقبات والمحاولات التي خاضاها حتى يبعثا لنا بتلك المؤلفات البديعة. أشكر هذه الترجمة الرصينة، وأقول بأن هذه ليست قراءتي الأخيرة🙏🏽.
قبل ما أقرأ هذه المُراسلات لم أكن أدري بصداقة تشيخوف و چوركي ، ومع توالي الرسائل عرفت قيمة وجود صديق ، يكفي أن تبوح له بكل ما في خاطرك ، هذه المُراسلات بها كل شئ ، نصائح ، حُزن ، شكوي ، مراجعات للقصص ، كلام تافهة ، وبها شعور صادق ونابع من القلب .
رسائل متبادَلة خلال (1898 - 1903). محتوى ينضح خلقاً رفيعاً، عقلية فذَّة، عاطفة شفافة؛ إيثار، تضامن، ودعم سخيّ غير مشروط. معالجة مواضيع: مؤشرات نضج موهبة الكتابة؛ أركان المسرحية والقصّة القصيرة؛ أسرار النقد الأدبي؛ وتحدِّيات النشر. استدعاء وقائع أفرزها المشهَد السياسي في البلاد آنذاك.
خلافا ل"تشيخوف"، غالبا ما يقع "غوركي" في فخِّ الإسهاب؛ فضلاً عن مغالاته، أحياناً، في تشكيل أو وصف انفعالاته السلبيّة والإيجابية. تباين، قد تمتد جذوره إلى نمط الحياة، منهج التربية، والمهنة... ؛ بصمتهم في بناء شخصية كل منهما، وصقل استراتيجيات نسج الأفكار، ترجمة العواطف، وإدارة المواقف.
لا شوائب في الترجمة. إنّما، من الأفضل، لو أرفق القائم عليها، توضيحا لمُلابسات عدد من الوقائع المشار إليها، سيما تلك ذات الطابع السياسي.
---
اقتباسات:-
"إن التحدث عن النقائص التي تشوب العبقريات هو كالحديث عن نقائص شجرة كبيرة تنبت في بستان. ذلك لأن جوهر المسألة في الحديث عن الشجرة، ليس في الشجرة ذاتها، ولكن في ذوق الناظر إليها". (17).
"إن الحياة لعبة شاقّة، إذا لم تكن ابتكاراً نفسانياً". (36).
"سيان النصر أو الموت، فلا أهمية لهما: المهم هو النضال، لأن النضال هو الحياة". (134)
---
عن "الرافدين" للنشر والتوزيع؛ صدرت سنة 2018 الطبعة الأولى من النسخة العربية؛ ترجمها عن الفرنسية "جلال فاروق الشريف". يقع الكتاب في 113 صفحة، تضم: مقدمة للمترجم؛ ملحقا للصور؛ ونبذة عن شخ��يات وأعمال أدبية وكيانات اعتبارية ثقافية، عرّج عليها، عبر المحتوى.