يعد هذا الكتاب سفرا هاما في دراسة التاريخ الأمريكي( طبع منه قرابة مليوني نسخة), ليس بحجمه المكون من جزءين كبيرين, يغطيان تاريخ الولايات المتحدة منذ انطلاق حركة الكشوف الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر وحتي ثمانينات القرن العشرين, وليس أيضا بقدر الجهد الموسوعي المبذول فيه والذي تنوء بكتابته العصبة أوليا القوة من الباحثين والمؤرخين, وإنما الأهم من هذا وذاك هو أن هذا الكتاب, الذي ترجمه شعبان مكاوي وصدر عن المجلس الأعلي للثقافة عام2005, يخالف المألوف والمعروف عن التاريخ الأمريكي, إذ يقدم المؤلف والمؤرخ الأمريكي هوارد زن, الذي رحل عن عالمنا في27 يناير الماضي عن عمر يناهز87 عاما, رؤية مغايرة/ موازية تكشف وتعري الوجه الآخر لتاريخ الولايات المتحدة كما صاغته وباعته الرواية الرسمية الأمريكية.
Howard Zinn was an American historian, playwright, philosopher, socialist intellectual and World War II veteran. He was chair of the history and social sciences department at Spelman College, and a political science professor at Boston University. Zinn wrote more than 20 books, including his best-selling and influential A People's History of the United States in 1980. In 2007, he published a version of it for younger readers, A Young People's History of the United States.
Zinn described himself as "something of an anarchist, something of a socialist. Maybe a democratic socialist." He wrote extensively about the civil rights movement, the anti-war movement and labor history of the United States. His memoir, You Can't Be Neutral on a Moving Train (Beacon Press, 1994), was also the title of a 2004 documentary about Zinn's life and work. Zinn died of a heart attack in 2010, at the age of 87.
يبدأ المؤلف كتابه بإيضاح وتأصيل لفكرة أن الكاتب - أى كاتب - للتاريخ ليس محايداً فلا وجود من الاساس للكتابة المحايدة فالافكار القيمة دائماً منحازة لا وسطية فيها و لا تأرجح. وعليه فالكاتب منحاز للمهمشين والمقهورين والمظلومين عبر التاريخ الامريكى ويبين عبر التاريخ كيف تكونت الافكار الامريكية من استعباد الهنود الحمر وقتلهم وقمع ثوراتهم وسلبهم كل حقوقهم مروراً بالزنوج الافارقة الذين تم استقدامهم للعمل بالزراعة وخدمة البيض وغيرها من الاعمال الحقيرة ليجدوا انفسهم وقد اصبحوا عبيداً لا حقوق لهم ولا رواتب ويعيشون تحت وطأة ظلم وقهر السيد الابيض الذى يملك الارض ومن عليها وانتهاءاً بتوحش الشركات الرأسمالية وسيطرتها على العالم من شرقه الى غربه وشماله الى جنوبه فهى التى تضع السياسات الامريكية وهى التى تحدد المصالح التى يتوجب مراعاتها حيث اعتبر دخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الاولى عملاً نبيلاً دفاعاً عن بريطانيا العظمى الحليفة والصديقة المستحدثة فى حين كان دخول الولايات المتحدة الحرب فى سبيل ازدياد ثراء شركات الاسلحة والذخائر التى ارتفعت معدلات نموها الى ٥٠٠ ٪ إبان الحرب العالمية الاولى التى أجبر السود والبيض لاول مرة على الحرب كتفاً بكتف فى سبيل الرأسمالية وانتهاءاً بالحرب العالمية الثانية والتى بسطت بعدها امريكا نفوذهاعلى بعدها كقوة وحيدة يتحكم نظامها الاقتصادى بكل النظم الاقتصادية بالعالم . يذكر ان حكومة الولايات المتحدة قامت بالتسوية بين السود والبيض فى الرواتب والمميزات اثناء الحرب العالمية الثانية وذلك لاستقطاب اكبر قدر منهم فى ساحات القتال . دائماً ما كانت الولايات المتحدة من خلال حكوماتها ورؤسائها المتعاقبين تقف فى وجه كل حركة ثورية للمساواة بين البشر وومساعدة الشعوب على التحرر من قيود الرأسمالية والسير قدماً نحو التعظيم من قيمة الانسان والعنصر البشرى فى العمليات الصناعية والزراعية الى ان وصل الامر لحد اعلان الحرب على فيتنام والتسبب فى فيضان دماء لم يتوقف الا بعدها بعشر سنوات فى سبيل الوقوف فى وجه الاشتراكية .
لا أعتقد بآنه قد كُتب كتاب عن تاريخ أمريكا الحقيقي بمثل ماكتبه هوارد زن في هذا الكتاب، هذا الكتاب المكون من جزأين يحتوي على التاريخ الحقيقي والغير مكتوب للولايات المتحدة الأمريكية وللأسف يعيب هذا الكتاب تخصيصه لعدد قليل من الصفحات عن غزو أفغانستان وغزو العراق في 2003 وهي تعتبر مادة دسمة ومناسبة لما يتناوله الكاتب في هذا الكتاب
من المفهوم ضمنيا وأنت بتقرأ كتاب لأي حد بيناقش موضوع معين, الكاتب بيكون ليه وجهة نظر بيدافع عنها ومنحاز ليها أثناء مناقشته للموضوع وبيكون غير محايد ولا موضوعي وبنعديها, الحلو هنا إن في نهاية الكتاب الراجل قالها صراحة وقال إنه كان بيضخّم أحداث ومواقف عشان يقدر يكبر رؤيته للموضوع ويوصلها لينا كاملة. شكرا يا أستاذ هاورد عالكتاب الجميل ده, من الكتب اللي بتدخلها غير م بتخرج منها تماما.
وسط الحرب العالمية الاولى ، لم تكن امريكا قد اشتركت في الحرب بعد، وكان الرئيس الامريكي ويلسون قد وعد بأن تظل امريكا على الحياد في الحرب . لكن في نيسان عام ١٩١٧أعلن الالمان ان غواصاتهم ستغرق اي سفن تحمل المؤن الى أعدائهم ، عندئذ اعلن ويلسون ان عليه ان يقف بجانب حق الامريكيين في ان يسافروا على متن السفن التحارية في مناطق الحرب . عندما دخلت امريكا الحرب كان الاثرياء هم من تولوا المسؤولية المباشرة للاقتصاد ، كانت الرأسمالية الامريكية في حاجة الى منافسة دولية وحرباً تستمر لفترة . انتهت الحرب في ١٩١٨ وكان قد مات فيها ٥٠ ألف جندي امريكياً وسرعان ما انتاب الجميع شعور بالمرارة واليأس . مع بداية العشرينات بدا الموقف وكأنه تحت السيطرة فقد تم القضاء على "اتحاد عمال العالم" وتفكك الحزب الاشتراكي ، وأوقف المضربون بالقوة . وضع الكونجرس نهاية لتدفق المهاجرين ، كما حدت من المهاجرين السلاف واللاتين واليهود ، اتسم وصف العشرينات بفترة الرخاء والازدهار ففي هذا العصر ، عصر موسيقى الجاز ، وانخفضت البطالة ، ارتفع المعدل العام لأجور العمال . واستطاعت النساء ان يحصلن على حق التصويت في عام ١٩٢٠ . وبعد الحرب ومع صحوة الحزب الاشتراكي تم تنظيم الحزب الشيوعي ، ومرة اخرى لعب الشيوعيون دوراً قيادياً في الاضراب الضخم لعمال النسيج عام ١٩٢٩ ، نتج انهيار البورصة والذي كان بداية الازمة الاقتصادية في اميركا عن المضار الضخمة التي أدت الى انهيار الاقتصاد بأكمله ، فأغلق اكثر من ٥٠٠٠مصرف . ان الحرب العالمية الثانية كانت الاكثر شعبية بين الحروب التي خاضتها امريكا حيث لم يشترك بهذه النسبة العالية من الامريكيين في حرب من قبل. ان الذي ادخل امريكا الحرب العالمية الثانية كان هجوم اليابانيين على القاعدة البحرية الامريكية في بيرل هاربر عام ١٩٤١ . وقبل انتهاء الحرب كانت الادارة الامريكية تضع الخطوط الرئيسية لنظام اقتصادي عالمي جديد يقوم على شراكة بين الحكومة والشركات الكبرى . في اثناء المرب انشأت كل من انجلترا وامريكا "صندوق النقد الدولي " وكان ل امريكا النسبة الاكبر في رأس المال وكان لها الهيمنة الكبرى . ان جيش الولايات المتحدة في تلك الحرب كان يقوم على الفصل العنصري كان يتم وضع الجنود السود في قاع السفينة تجاورهم غرفة المحركات ، بل ان هيئة الصليب الاحمر بموافقة الحكومة الامريكية كانت تقوم بفصل الدم المتبرع به من السود والبيض . جاءت ثورة الامريكيين السود في الخمسينات والستينيات في الشمال والجنوب . دعا السود في مونتجمري الى اجتماع جماهيري ولقد أرست الاسلوب والمزاج اللذين ستتخذهما حركة الغضب والاحتجاج التي ستكتسح الجنوب الامريكي ، ودلك بالاجتماعات الروحية في الكنيسة والترانيم المسيحية .السود لم يستطيعوا الدخول في "التحالف الديمقراطي " بسهولة ولا سيما مع استمرار انفجار القنابل في كنائسهم علاوة على ان قوانين الحقوق المدنية لم تغير من احوالهم الاساسية ، كان النظام يعمل على قدم وساق في اواخر الستينات واوائل السبعينات من اجل احتواء احتمالية الانفجار المرعبة للانتفاضات السوداء . لم يعد السود يمنعون في الجنوب من الذهاب الى المطاعم او الفنادق بسبب لونهم وصاروا يستطيعون الذهاب الى الجامعات ولا سيما مدارس الطب والحقوق . في الفترة ما بين عام ١٩٦٤ الى عام ١٩٧٢ ، قامت أغنى وأقوى دولة في التاريخ ببذل اكبر جهد عسكري ، لكي تهزم حركة ثورية قومية في بلد زراعي صغير وفشلت . عندما حارب امريكا في فيتنام ، كانت تمثل التكنولوجيا الحديثة المنظمة في مقابل البشر المنظمين ، وانتصر البشر . في اوائل عام ١٩٦٩ بدأت وحشية الحرب تمس ضمير كثير من الامريكيين . وبالنسبة لأمريكيين آخرين ، كانت المشكلة ان الولايات المتحدة الامريكية كانت غير قادرة على الانتصار في الحرب ، في حين كان اربعون الف جندي امريكي قد ماتوا في فيتنام حتى ذلك الوقت وكان هناك حوال ربع مليون مصاب . بدأت الصحف والمجلات النسائية في الظهور على المستوى المحلي والمستوى القومي على السواء ، وفي عام ١٩٦٧ وبعدتضامن الجماعات النسائية، وقع الرئيس جونسون على أمر تنفيذي يحظر التمييز الجنسي في الوظائف الفيدرالية . في الستينات والسبعينات ، كان هناك ثورة عامة ضد طريقة العيش القمعية والصناعية ، كذلك مر السلوك الجنسي بتغيرات مذهلة ، فلم يعد هناك سرية بشأن الجنس في مرحلة ما قبل الزواج ، ولم يعد هناك تكتم حول المثلية الجنسية ، بل بدأ المثليين والمثليات في التنظيم من اجل محاربة التمييز الذي يتعرضون له . وكان اهم شيء يتعلق بالملبس في التغيير الثقافي الذي حدث في الستينات وهو الاتجاه نحو اللارسمية . وارتدى الشباب والشابات ملابس متشابهة سواء كانت ملابس الجينز ، وارتدت النساء من كافة الاعمار البنطلونات . في مطلع السبعينات ، بدا واضحاً ان النظام يفقد السيطرة وظهر عدم قدرته على الاحتفاظ بولاء الشعب وثقته ، ومما لا شك فيه ان هذا الاحساس الوطني بالعداء للحكومة ظهر من بعد حرب فيتنام .
حظى كارتر بتأييد شعبي بمعنى انه قد جذب مختلف شرائح المجتمع الامريكي الذين شعروا بأنهم محاصرون من ذوي النفوذ والثروات . وبغض النظر عن براعة كارتر في السياسة الخارجية فقد كانت الشركات الامريكية تمارس انشطتها في جميع الانحاء بشكل لم يسبق له مثيل وكانت هذه الشركات بوصفها تكتلات اقتصادية تمثل ثالث اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي . وكان هذا يشبه الوضع الاستعماري القديم حيث أصبحت اماكن الثروات الطبيعية فريسة للدول القوية التي تستمد قوتها من هذه الثروات المنهوبة . قدم بوش الاب نفسه على أنه رئيس بيئي وأشار بفخر الى توقيعه على قانون "من اجل هواء نظيف" عام ١٩٩٠ ولكن هذا القانون ضعف بعد سنتين نتيجة لإصدار قانون جديد من هيئة حماية البيئة يسمح لرجال الصناعة بأن يطلقوا مواد ملوثة في الجو . كان من بين اهداف إدارتي بوش وريجان الاساسية الاحتفاظ بمؤسسة عسكرية ضخمة والحصول على معدلات ارباح لشركات البترول . ومع نهاية سنوات ريجان ازدادت الفجوة بين الفقراء والاغنياء في امريكا بشكل كبير . كانت اوضاع الطبقات الدنيا تزداد سوءاً ، كانت فئات السود والنساء والشباب وذوي الاصول اللاتينية تتكبد خسائر كبيرة . ونتيجة للفقر انتشر التفكك الاسري والعنف العائلي وجرائم الشوارع والمخدرات . كانت سياسة كلينتون تنتهج النهج التقليدي للحزبين الديمقراطي والجمهوري الذي يؤكد الإبقاء على ��لاقات ودودة مع أية حكومات طالما كانت في السلطة وتساعد الادارة الاميركية في صفقات تجارية عالية الربح مهما كان سجل هذه الحكومات فيما يتعلق بحقوق الانسان .
تتناول فصول الجزء الثاني أحداث أكثر معاصرة للقارىء قد يكون اطلع على أكثرها وعلى خلفية بكامل جوانبها وخاصة الأحداث التي تخص عالمنا العربي، ومع ذلك تظل ملاحظات وتعليقات زن قيمة وممتعة. يغطى هذا الجزء الأحداث الممتدة من الحرب العالمية الأولى وحتى حرب بوش على الأرهاب مرورا بالحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام. أهم فصل في هذا الجزء هو المعنون بـ الثورة القادمة لحراس النظام والذي يعبر عن تنبؤ من قبل زن لما يراه مستقبل للولايات المتحدة. التذييل في نهاية الكتاب يلخص فلسفته بالكامل وهي أهم ما في الكتاب والتي يعتبر كامل الكتاب تطبيق لها. كم أتمنى أن يقرأ أحد تاريخنا كما قرأ زن تاريخ الولايات المتحدة من جانب الشعب والمواطن الفرد.
الكتاب : التاريخ الشعبي للولايات المتحدة ( الجزء الثاني) الكاتب : هوارد زن عدد الصفحات : ٤٤٣ التقييم النهائي :****
** الشعوب لا تكرهنا لأننا نمارس الديمقراطية او لأننا نقدر الحرية أو نلتزم بحقوق الإنسان.. انهم يكرهوننا لأن حكومتنا تنكر هذة الأشياء علي شعوب العالم الثالث التي تنهب شركاتنا المتعددة الجنسيات مواردها الطبيعية... هذة الكراهية التي بذرنا بذورها عادت إلينا تطاردنا كالاشباح في شكل الإرهاب**
اصنام الحرية....
** ياإلهي سأذهب اليوم للحرب كي أحارب كي اموت ولست اعرف لماذا ياإلهي دلني علي السبب ياإلهي سوف أحارب فأنا لا أخشى الألمانيين او اليابانيين إن خوفي هنا في أمريكا **
اعطني خبزا ولا تعطني سلاحا... اعطني فأس لاكسر تلك الاصنام التي صنعتوها لنا تحت مسمى الحريات والقانون... لا فرق بين ابيض واسود وهندي وصيني و لاتيني في الظلم والاستبداد لديكم...
** فعبارة تاريخ شعبي تعد بما لا يستطيع شخص واحد ان يقوم به.. كما أن هذا النوع من التاريخ يعتبر الأصعب في الإمساك به... ورغم كل الحدود والقيود فأنا اسميه كذلك... إنه تاريخ لا يحترم الحكومات لكنه يجل كثيرا الحركات التي قام بها الشعب في سبيل المقاومة **
يعترف هوارد في الجزء الثاني من كتابه انه ليس محايدا وان التاريخ نفسه مهما حاولت ان تنقله مثلما حدث ستظل منحازا بشكل ما الي كفة ما... وهنا هوارد قد اختار ان ينحاز الي المجتمع الأمريكي بكل فئاته ويكمل هوارد رحلته هنا بأحداث الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وتدخل الولايات المتحدة في كوبا و الفلبين ومرورا بكارثة قنبلة هيروشيما ثم الحرب في فيتنام والحرب الباردة بين النظام الأمريكي وبين النظام الشيوعي المتمثل في الاتحاد السوفيتي وقتها... ثم الحوادث السياسية الشهيرة التي صدمت المجتمع الأمريكي في قادته وسياساتهم ( فضيحة ووترجيت) و مغامرات كلينتون السرية مع مونيكا... أفغانستان... حرب الكويت... العراق... صدام حسين... فترة الستينات والسبعينات والتحولات الجذرية التي حدثت للمجتمع الأمريكي.... ليتوقف الكاتب عند أحداث ١١ سبتمبر الإرهابية وكيف استطاع النظام ان يستفيد من هذا الحادث للاستمرار في ممارسة سياساته في العراق وغيرها من دول العالم الثالث بمباركة شعبه الذي بدا يشعر بالخوف بعد هذا الحادث المفجع...
** ولكن مع كل هذا التحكم والاغراءات والامتيازات والخديعة والتضليل علي مدى تاريخ البلاد لم تستطع الدولة ان تحمي نفسها من الثورات **
من وجهة نظري ان ذلك الجزء كان يستحق مساحة اكبر للحديث وذكر العديد من التفاصيل التي كانت ستجعل هوارد زن يخرج عن موضوع كتابه الأساسي... تلك الذاكرة المجتمعية الجماعية التي نجح هوارد في نقلها بكل تطواراتها وتحولاتها وصداماتها مع الانظمة السياسية ودفاعهم حتي عن حقوق ودماء تلوثت ببها ايدي قادتهم في دول العالم الثالث وخاصة في العراق... المجتمع الأمريكي ليس بسوء النظام السياسي ومازال هذا المجتمع يملك فرصة كبيرة ان يصلح نظامه السياسي بيده وهذا ما ذكره هوارد في كتابه ان كل الحركات السياسية التي كانت مناهضة للنظام استطاع النظام قمعها سواء بالعنف او بالمال او بنظرية فرق تسد ولكنه مؤمن انه سوف يأتي اليوم الذي سوف ينقلب فيه المجتمع الأمريكي علي حكومته وسياساتها باحثا عن العدالة الاجتماعية...
** في عالم لا يوجد فيه عدو يجب علي المخابرات الأمريكية وهيئاتها واقمارها الصناعية التي تكلفت بلايين الدولارات وتلالا من الوثائق ان تظل في عقول الامريكيين بشكل ما **
هذا الكتاب مهم جداً خاصة للقراء العرب، اولا: لانه يعلم المرء ان الحدث التاريخي يجب النظر اليه من عدة جهات وليس من جهة واحدة، كما انه يلفت النظر الى المصادر الاخرى التي نستطيع من خلالها تقييم الحدث، ثانيا: لانه يوسع ادراك القاريء لكثير من الامور التي دأبت وسائل الاعلام على اختزالها في احكام محددة ك"جنة الراسمالية" و"رسالة الرجل الأبيض" ويعطي القاريء المجال لنقد هذه الأحكام المسبقة، ثالثا: يساعد الكتاب في معالجة المهزومين نفسيا امام حضارة الغرب ويوضح تبعات هذه الحضارة على الكثيرين، يعيب الكتاب تركيزه الشديد على الصراع الطبقي وإظهاره هذا الصراع وكأنه المحرك الأساسي للتاريخ كله، كما ان الكتاب به دعوة غير صريحة للاناركية او الاشتراكية الثورية.
أنا عندي قناعة قد تبدو بديهية للبعض إلا وهي أن كل شخص بيكون لديه العديد من التحيزات والمعتقدات سواء كان قارئ أو كاتب للتاريخ علشان كده بشوف أنه افضل طريقة لتكوين وجهة نظر ما متماسكة تمسك بالصورة العامة هى قراءة مختلف وجهات النظر والكتابات التاريخية ذو المناهج المختلفة التي تؤرخ لفترة ما. هاورد زين هنا فى كتابه بيعرض لوجهة نظر (كتابة نقدية بالأحرى) أخرى غير المتسيدة أو الرسمية عن الولايات المتحدة الأمريكية.
*ملحوظة أخيرة وهي أن فى الكتاب فيه إهداء جميل جميل من المترجم والباحث شعبان مكاوي، اللي للأسف توفى؛ ربنا يرحمه ويرحم الدكتورة رضوى عاشور اللي أتكلمت عنه فى كتابها "أثقل من رضوى".
في هذا الجزء الثاني يستكمل هوارد زن وحشية الولايات المتحدة الامريكية وكيف تختلق الأعذار لتبرر للعالم حربها ضد الارهاب ،، أرهقتني كثيرا الحرب على فيتنام كم كانت أحداث موجعة