فن السيرة

by إحسان عباس

كنتُ وما أزالُ أؤمن بأنّ الحديث في السيرة، والسيرة الذاتية، يتناول جانباً من الأدب العربيّ عامراً بالحياة، نابضاً بالقوَّة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيار الفكر العربي والنفسية العربية، لأنَّه صورة للتجربة الصادقة الحيّة التي أخذنا نتلمّس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، فنجدها واضحة في الفهم النفسي والاجتماعي عند الجاحظ وأبي حيان وابن خلدون، ونلقاها في رحلة ابن جبير وأحسن التقاسيم وصورة الأرض، ونستقربها في سخرية المازني والشدياق وثورة جبران والمعاري، فإذا جئت اليوم أعرض سيرة صلاح الدين لابن شداد، أو سيرة ابن طولون للبلوي، أو الصراع الروحي في المنقذ من الضلال، أو الصلابة في نفسية ابن خلدون، أو الشجاعة المؤمنة بمصيرها في مذكرات أسامه، فإنما أحاول أن أنفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، وأضع مفهوما أوسع لمهمة الأدب، ذلك لأن الأشخاص الذينيصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل، أما أولئك الذين يذهبون بنا في شعاب من الصنعة "الرسمية" فإنهم يستنزفون جهودنا على غير طائل، وينقلون تفاهة الماضي الذي عاشوا فيه إلى حاضرنا الذي نرجوه لما هو أجدى.
***
وإني أعلم أن الاتجاه في الحياة المعاصرة ، أخذ يتشكل نحو الجماعة بخطى سريعة، وهذا يقلل من تقديس الأبطال، ويخمل دور الفرد في الحياة، ويغير مفهومات الناس عن قيمة ذلك الدور، ومن ثم تقل الرغبة في السير عامة ولكننا نسيء إلى روح الجماعة إذا اعتقدنا أن التجربة الفريدة لا قيمة لها، فقد تزول عبادة الأبطال من النفوس، وقد يفقد الفرد معنى التفرد الأناني، ولكن شيئا واحداً لا يزول هو هذه التجارب الحية، وطريقة التعبير عنها، وكل ما سيحدث أن المفهومات الجماعية ستنعكسُ على تلك التجارب وتصبغها بلون جديد.

200 pages, Paperback

First published January 1, 1996

About the author

إحسان عباس ناقد ومحقق وأديب وشاعر، ولد في فلسطين في قرية عين غزال في حيفا سنة 1920م. انهى فيها المرحلة الابتدائية ثم حصل على الاعدادية في صفد، ونال منحة إلى الكلية العربية في القدس، ثم عمل في التدريس سنوات، التحق بعدها بجامعة القاهرة عام 1948م حيث نال البكالوريوس في الادب العربي فالماجستير ثم الدكتوراة.
كان غزير الإنتاج تأليفا وتحقيقا وترجمة من لغة إلى لغة؛ فقد ألف ما يزيد 25 مؤلفا بين النقد الأدبي والسيرة والتاريخ، وحقق ما يقارب 52 كتابا من أمهات كتب التراث، وله 12 ترجمة من عيون الادب والنقد والتاريخ. كان مقلا في شعر لظروفه الخاصة كونه معلما وأستاذا جامعيا، وقد أخذه البحث الجاد والإنتاج النقدي الغزير من ساحة الشعر والتفرغ له.
أرسى إحسان عباس الكثير من التقاليد في حقول البحث والمعرفة؛ إذ كان عقلا منفتحا مستقلا، ولم يركن إلى منهج من المناهج الناجزة المعرفة، وانما كان موسوعيا في معرفته المناهج النقدية؛ يستفيد منها في سبك منهجه الخاص المميز.
من دراساته كتاب الحسن البصري، وفن الشعر، وفن السيرة الذي كتبه قبل البدء بكتابة سيرته الذاتية (غربة الراعي)، وكتاب تاريخ النقد الادبي عند العرب، وملامح يونانية في الادب الغربي، واتجاهات الشعر العربي المعاصر وغيرها.
توفي في عمان عام 1 أغسطس 2003م وكان عمره 83 عاما.

Reviews

[مازن حسين · Rating 4 out of 5]

الكتاب طبع في لبنان ويقع في 177صفحة من القطع المتوسط ينتهي النص عند 151وباقي الكتاب أسماء المراجع والأعلام
ويتكون من ثلاثة مقالات ذات الحجم الكبير ومحورها الرئيسي هو نقد السيرة الذاتية فبدأ الكتاب بالسيرة النبوية وأسهب فأحسان
فيها ,ثم تطرق لبعض السير النادرة أوالتي لم تطبع_وكما هو معروف عن المحقق الكبير إحسان عباس أنه كان يمتلك مجموعة
كبيرة من المخطوطات العربية والكتب النادرة_ ثم أنتقل إلي ذكر السيرة في الغرب وأهم أمثلة لكاتبي السير في الغرب وإن كان
مرجعه في بعض الاحيان هو مراجع أجنبية, ثم أخير أخذ في نقد السير المعاصر_في وقته_ وهي ذائعة الصيت في الوطن العربي
مثل:عبقريات العقاد والأيام.....الخ وأخيرا لا نستطيع ان نقول انه وصل اللي الغاية من نقد السيرة الذاتية، ولكن من المؤاكد انه مهد
الطريق في نقد لون من أهم الوان الأدب, يكاد يكون الأمتع بينهم
والكتاب بصورة عامة يضيف للقارئ رؤية نقدية في أدب السيرة الذاتية

[امتياز · Rating 3 out of 5]

أول مرة اقرأ للكاتب الفلسطيني إحسان عباس وإن شاء الله لن تكون الأخيرة.
الكتاب جيد لمن يحب كتب السيرة، استفدت من المعلومات الواردة في الكتاب والاطلاع على شذرات من كتب السير وأعجبني إتيانه الذكر على كتابي حياتي لأحمد أمين والأيام لطه حسين.

كانت تجربة جميلة

[نادية أحمد · Rating 3 out of 5]

يتناول الدكتور إحسان عباس في بادئ كتابه
١) تاريخ السير عند المسلمين
معزياً أنّ القدرة على الإحساس بالتاريخ هو مجال تباين الأمم والجماعات
واستدلّ على ذلك ب اشبنجلر الذي أثبت هذه الميّزة للمصريين القدماء
ونافياً إيّاها من أمم تحرق جثث رجالها ولا تعنى بتسجيل أعمالهم
لدرجة بعد مرور ٦٠ عاماً على وفاة أحد عظمائهم
لم يستطيعوا التحقق إن كان شخصية تاريخية أم خرافية
كما اليونان والرومان

وهذا كلام صحيح بدليل وجود ظاهرة " الميثولوجيا " لدى الحضارتين بكثرة

لأنهم ركزوا على صنع تماثيل لعظمائهم بدل أن يدونوا سيرهم الذاتية!
وهم نفسهم العظماء لم يدونوا تجاربهم

وعلى النقيض نجد الجماعة التي تعيش ماضيها ومستقبلها
وتدور حياتها على التخليد والتأبيد
وتسجل سير رجالها على الجدران وفي أوراق البردي
وتتخذ تماثيلها من حجارة شديدة الصلابة كالبازلت والجرانيت
فإنّ احساسها بالتاريخ عميق ودقيق.

وفي الوقت نفسه ينكر الأستاذ كولنجوود اعتبار السير الذاتية
جزء من التاريخ! معللاً ذلك بكون السير الذاتية
محصورة بأحداث بيولوجية واقعة بين ولادة الشخص إلى وفاته
وهذا يعكس كونها صورة للوجود الحيواني الجسماني
حيث يرتبط بالعواطف الانسانية وليس بالتاريخ
بينما توينبي يضع اعترافات القديس
اوغسطين وروسو على المحك
متخذاً من تأثيره العميق على الكنيسة المسيحية وأفكار روسو
ذريعة كونها الأثر الذي نقل العالم الحديث إلى عالم أحدث
وحيوات هؤلاء الناس هامة في نظر الآخرين لما كان لهم
من ميزة تاريخية وميزة فردية.

إذاً لا نستطيع بمكان أن نفصل الحياة الشخصية عن السير الذاتية وبالتالي عن التاريخ.

أمّا عند الحديث عن المسلمين وسيرهم
فحتماً القرآن الكريم هو ما عمّق الإحساس التاريخي عند العرب

وعندما تناولوا سيرة الرسول عليه أفضل الصلوات
تقيّدوا بعاملين كبيرين هما:
_ أن سيرته جزء من السنة، فهي والحديث مصدران هامان
من مصادر التشريع
_ ورث المسلمين نظرة الجاهلية إلى التاريخ وهي قائمة على
الحرب وشؤون القتال ولذلك اهتم كُتّاب السير قبل كل شيء
بمغازي الرسول وتصوير الدور الحربي الذي أدى إلى
انتصار المسلمين في النهاية .

ثمّ تحدّث الكاتب عن دخول اتجاهات جديدة في العالم الاسلامي
ومنها التصوّف وبالتالي تم رفع الغاية الخُلقية إلى الصدارة
وأصبحت الفضيلة تقترن بالزهد
فأصبح جانب من السير يتناول مجموعة حكم وأمثال
والأعمال الفاضلة التي تصدر عن أحد الناس كما
سيرة عمر بن عبدالعزيز
وسيرة الحسن البصري لابن الجوزي


٢) نحو السيرة الفنية
ظلّ أكثر السير في العالم الإسلامي مجموعة من الأخبار المأثورة
ليس فيها وحدة البناء ولا الإحساس بالتطور الزمني
لكنها في العصر الحديث تأثرت بالثقافة الغربية
وتحدّث عن الجرح والتعديل
وأسوأ مراحل تاريخ السيرة الغربية هو يوم تسلمها رجال الدين
فتحولوا بها إلى ابراز كرامات القديسين وخوارق أعمالهم
٣) الدرجة الفنية في السيرة
يتحدّث عن نقص البناء الكامل أو الهيكل الواضح
في السيرة التاريخية

أهم ما يلحظه الكاتب في السيرة، النمو والتطوّر والتغير
في الشخصية مع مراحل التقدم في السن
لذلك عليه أن يلحظ بدقة تأثير الأحداث في الخارج والداخل
على نفسية صاحبها
فليس أبو حيان التوحيدي الذي كان يطوف البلاد على قدميه
في زي صوفي، هو نفس أبي حيان الذي كان يطوف بين مجالس الفلسفة ببغداد
حيث من واجب الكاتب أن ينمي عند القارئ مقدار الشعور
بهذا الفرق، في طريقة إيحائية لبقة بارعة.

٤) السير الذاتية/ نظرة عامة

٥) السيرة الذاتية في الأدب العربي
(الأيام) في السير الذاتية الحديثة لها مكانة لا تتطاول إليها
أي سيرة أخرى في أدبنا العربي
لأنه كتاب فني أدبي ولو تحوّلت عناصره بعض التحوّل
لأصبح قصة كما فعل توفيق الحكيم في " عودة الروح "
والعقّاد في قصة " سارة "
لأنّ فيها شيء قليل من العناصر الذاتية والترجمة الشخصية


_ اللغة سهلة الفهم
_ تسلسل رائع في الطرح
_ تناوله للسير الذاتية يغلب عليه طابع التمحيص والتدقيق
_ مدعّم كتابه بالعديد من المراجع والمصادر
_ يعطي ملامح متعددة عن السير الذاتية خاصة
لمن يقرأ عنها للمرة الأولى

٢٠٠ صفحة
نشر عام ١٩٩٦ عن دار الشروق/الأردن

نادية أحمد
٤ جولاي ٢٠١٧

[مارية · Rating 4 out of 5]

كتاب يتحدث عن السير عموما وتصنيفها كأحد الفنون الأدبية التي تنقل لنا شخصية الكاتب أو الناقل ما إذا كانت سيرة غيرية، هذا إلى جانب الحياة التاريخية والاجتماعية التي تختلف نسبة اتضاحها من سيرة لأخرى.
يحاول إحسان عباس تحليل السير وتاريخها وطرق اتجاهها بدءا من نزول القرآن الكريم الذي كان أول مؤثر في نقل القصص وانتهاء إلى أحدث السير وأكثرها اهتماما في العصر الحديث، والمؤثرات والاتجاهات التي اختلفت من فترة لأخرى.. مقارنا أيضا بسير الأفرنجة ونقل بعضا من سيرهم.
لأول مرة اقرأ له.. أعجبني تحليله، إلا أن كثير مما جاء به ذكره من عنوانين للسير لم أعرفها.

[عبدُالعزيز · Rating 2 out of 5]

تأمّلات مُرسَلة كيفما اتّفق ومطوّلة لغرض ملء الصفحات فيما يبدو ليس غير. يذكّرني بالعقّاد في مقالاته الطويلة: تحذّق وفذلكة قد تكون جميلة إذا نظرت إلى الأسلوب ولكنها تغدو مملة إذا بحثت عن مادّة في الموضوع.

[Faisal Kooheji · Rating 2 out of 5]

تناول الكتاب تاريخ كتابة السيرة والتراجم في معظم صفحاته. الكتاب يكرر المعلومات في صفحاته عدة مرات فلو حُذف التكرار لربما صغر حجم الكتاب إلى نصف حجمه الحالي