كتب المذكرات تجعلك تعايش الواقع والأحداث التاريخية عن قرب أكبر وذلك على حساب غلبة النظرة والتحليل الشخصي، وحال هذا الكتاب كذلك مع تضخم في النظرة والمعلومات الشخصية. يمكن إجمال الملاحظات عليه فيما يلي: ١- صياغة الكتاب على شكل أسئلة وأجوبة أفقدته شيئاً من الروح ووضعت حاجزاً بين القارئ والأحداث وأدت في كثير من الأحيان إلى الخروج عن السياق والترتيب التاريخي للوقائع. ٢- لا يمكن الوثوق أبداً فيما يرد من أرقام واحصائيات وربما لتقدم الدكتور في السن عند تسجيله لهذه المذكرات أثرٌ في ذلك، واللوم الأكبر يقع على المعد والمحرر في عدم مراجعة مثل هذه الأرقام المبالغ فيها. ومن الأمثلة على تلك المبالغات (ما ذكره الدكتور عن معركة تل النيرب سنة ١٩٦٢ وخسائر الصهاينة فيها حيث يذكر الكتاب أنها بلغت ٤٠٠ دبابة اسرائيلية وهذا رقم مبالغ فيه جداً وبالعودة للارشيف نجد أن الناطق العسكري السوري تحدث عن تدمير ٤ دبابات فقط!!!) وهذا ما يدفع للشك بكل الأرقام والروايات التي ذكرت. ٣- نلمس وجود بساطة في التحليلات لعدد من القضايا الكبرى (مثلاً: سبب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية أن فوزي القاوقجي كان عميلاً للإنجليز وهرب لهم أسرار المفاعلات ومواقع الأسلحة النووية الألمانية فقصفها الحلفاء وهزموا الألمان !!!) وكذلك تحليله لاستقلال سوريا وتضخيمه لدور السعودية لاحقاً. ٤- شهادة الدكتور بأقرانه لا يمكن أن يسلم بها وخاصة في ضوء النقاط السابقة. ٥- هذا لا يلغي أبداً جهود وفضل الدكتور الدواليبي في تاريخ سوريا المعاصر ويكفيه شرفاً أنه ما أراق دماً ولا تورط بظلم أو بطش أو اضطهاد ضد أي من مخالفيه بل على العكس كان دائما ضحية ظلم العسكر وانقلاباتهم.