في تلك المجموعة القصصية تتخذ الكاتبة "نهى الشاذلي" مسافة تصلح للكتابة، مسافة من العالم، تسمح بإعادة خلقه بكلماتٍ تنتظم جماليًا في أدب قصصي يقتحم الواقع اقتحامًا قد يتهمه الواقع بعدها بالخيانة. لكن قراءة تلك المجموعة القصصية ستجعلنا ندرك أن اتهام الواقع لتلك القصص بالخيانة ليس إلا تأكيدًا لصدقها وواقعيتها! وسنعلم أن مهمة الأدب هي تقشير طبقات الواقع الزائفة للوصول إلى جوهره الحقيقي، فالفن كذبة ندرك بها الحقيقة كما قال "بيكاسو". وفي الوقت نفسه؛ تجعلنا جماليات مجموعة "مسافة تصلح للخيانة"، الكاشفة للحقائق الواقعية- أكثر قدرة على تحمل قسوة الحقيقة، مما يجعلنا نتساءل بعد كل قصة: هل مهمة الأدب هي اتخاذ مسافة من الواقع تصلح لكتابة كاشفة لحقائقه أم أن كل كتابة أدبية هي خيانة للواقع تتخذ مسافة مناسبة منه لتعيننا على تحمل قسوة حقائقه؟
❞ أين تذهب أفكاري؟! تتبخر في الهواء عن كبرياء، تأبى أن تهبني نفسها؛ لأنني لم أعطِها جُلَّ تركيزي، ربما. واعية بنصف عقلٍ، والنصف الآخر هائم في العالم المُحيط. ❝
يأخذك هذا الكتاب في عوالم مختلفة. كلها ممتعة. وصادمة. وواقعية. لم تحاول الكاتبة تجميل الصورة، أو إخفاء بعضها. وإنّما رسمت لنا الصورة كما هي تراها.
في هذه المجموعة قصص قصيرة ولكنّها مؤثّرة. لن تنساها بسهولة بعد قراءتها. وستتعاطف معها بالحزن أحيانًا، وبالبكاء أحيانًا، وبالغضب أحيانًا، وبالصدمة أحيانًا.
ستعيش مع كلّ قصة في عالمِها المستقلّ. لا تكاد تتشابه أو تتداخل هذه العوالم.