يشتمل هذا الكتاب أولا على مقالات في مذهب دارون في أصل الأنواع وتحولها. طبعت باللغة العربية أولا سنة ١٨٨٤تحت اسم شرح بخنر على مذهب دارون وقد أطلق عليه اسم فلسفة النشوء والإرتقاء لأنه لم يقتصر على النظر التقريري البسيط من حيث نشوء الأحياء وتسلسلها بعضها من بعض بل أطلقت نظريته على الطبيعة كلها من جماد و نبات و حيوان من حيث أصلها وتحولها ونسبة بعضها إلى بعض مبيناً أن هذا الكل المشهود مترابطا ترابطا لا ينفك في كل صوره وافعاله سواء في الطبيعة الصامتة أو في الأحياء النامية أو في الحيوان الأعجم او في الإنسان الناطق.
شبلي شميل هو طبيب لبناني، أكمل دراسة الطب في باريس واستقر في مصر حيث مارس مهنته، كان أول من أدخل الداروينيّه إلى العالم العربي له عدد من المؤلفات من بينها «فلسفة النشوء والارتقاء» وقد أطلق عليه هذا الاسم لأنه لم يقتصر على النظر التقريري البسيط من حيث نشوء الإحياء، بل أطلقت نظريته على الطبيعة كلها من حيث أصلها وتحولها، والكتاب صدر عام 1884. و«مجموعة مقالات» مما نشره في المقتطف والهلال، و«المعاطس» رسالة و«الحقيقة» و«المأساة الكبرى» رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة تتحدث عن القادة الذين يسعرون نار الحروب، بينما يدفع الشباب الثمن من دمهم في ساحة القتال هكذا كانت الحرب العالمية الأولى أصدر هو وسلامه موسى صحيفة أسبوعية اسمها المستقبل سنة 1914 لكنها أغلقت بعد ستة عشر عددًا لقه قصائد نشر في المقتطف ومجلة الأديب وله مراسلات شعرية متبادلة مع مي زيادة
لا اعتقد ان تفكيرى بعد قراءة هذا الكتاب لم يتغير فهذا الكتاب أحدث ثورة حين نشرها ان لم تجد صداها فى نفسك بعد قرائته فلا حاجة لك فى القراءة بعد الأن
ترددت كثيرا قبل قراءة نظرية دارون نتيجة واقعنا الفكرى المقموع منذ الميلاد و حتى لحظة التمرد التي لا تنتابنا الا بعد الكثير من الصدمات كانت صدمتى مضاعفة في رجال الدين و السياسة معا و تحطمت لدى معظم الصور و الإطارات المذهبة و الأفكار الجذابة و سعيت لكشف الحقيقة لنفسى بنفسى
كان هذا الكتاب ترشيح من صديق على أساس أنه كتاب من غير متخصص و في زمن كان الناس يحتاجون فيه لكثير من الشرح و التبرير و في مجتمع كثير السؤال صعب الإقناع
من الأكيد إنّ علم البيولوجي التطوّري قطع أشواطاً بعد هذه المرحلة وتطوّر كثيراً عن ما كتب دارون وشرح بخنر ودافع عنه شبلي شميل، لكنّ هذا في خطوطه العريضة لم ينتقض بتاتاً بل وبشكل ما تأكّد في أصوله ومجمله، لكن هذا ليس الدافع الأساسيّ الذي قد يجعلني أقترحُ عليك هذا الكتاب، في النسخة التي أعرض مقدمة طويلة في سبعةٍ وسبعين صفحة "مقدمتي الطبعتين الأولى والثانية" هي في نظري لربمّا أهمّ مما سيعقبها من شرح بخنر و مخطوطة "الحقيقة" التي كتبها الدكتور شبلي شميل رداً على ما كتبه معترضٌ على كتابه شرح بخنر في جريدة المحروسة ونشر بعضاً منها في ذات المجلّة. في هاتين المقدمتين، تاريخٌ لاستقبال الآراء المختلفة التي تهدد الكهنوت، وكيف كانت مصر ولو بدرجة ما أقلّ عنفاً وتشدداً عمّا سواها من الأقطار العربيّة، وسترى من ذلك في النقاش المنشور على المحروسة بجلاء في الفصل الأخير من الكتاب الذي نُشر بعضه في جريدة عامّة هي المحروسة دون أن يُقتَل الدكتور شبلي شميّل بل واحتفظ بعلاقة جيّدة مع من هم ضدّه ومن خالفوه كمحمد رشيد رضا والوسط الأدبي الذي كان جزءً منه في مصر، الدكتور شبلي شميل يكتب بجزالة أدبيّة ممتعة، وبثبات علميّ ناتجٍ عن دراسته وتخصصّه، والكتاب كما يمكنك أن تصنّفه الآن كتاريخ لنظرية دارون في أصل الأنواع، بتطورها السريع ومشاركات من عاصروه ومن لحقوه بعدها بسنواتٍ قليلة. لستُ ممن يتوقون إلى أزمنة مضت على الدوام، لكن لا يمكنني أن لا أشعر بحسرةٍ كلّما تذكرت اختفاء مثل هذا النوع من الإنتاج وقوّة الفكرة والطرح، ومساحات التقبُّلِ والنقاش والحدّ الأدنى من الاحترام المتبادل.