يضم الكتاب مجموعة قصص من التاريخ القديم عن أحد مشاهير الصوفية الكبارالحسين بن منصور الحلاج والذي اختلف في أمره السابقون فجماهير العلماء والفقهاء وحتى الصوفية. يروي الكتاب قصة دخول الحلاج الى بغداد وذياع صيته ووصوله لوزير المقتدر بالله الخليفة العباسي ووخصوصاً ادعائه النبو، فقيض عليه فأنكر ما نسب إليه فوضعوه في السجن فترة ثم صلبوه صلب تشهير، وعلى هذا يطرح الكتاب إشكالية هامة في وقت كانت تمثل شخصية الحلاج الروح المتمردة الثائرة التي لم تستطع الصمت بعد أن أهلت عليها إشراقات الملأ الأعلى.
كنت في البداية مترددة نوعا ما وأقرأ على مضض . لكن ومع التقدم بدأت أحب الموضوع والفكرة .. ما استنتجته من خلال هذا العمل أن الحلاج كان عابدا لا عالما .. والتعبد وحده دون بحث يوصل الإنسان إلى ما وصل إليه الحلاج .. بالإضافة لأنه حاول اقناع الناس بمذهبه ومعتقداته وإذ بصدفة غريبة جعلت الجاهلين يرونه صاحب كرامات .. فاستغل هذا وقام بغيرها .. بل إنه تعلم السيمياء وبعض الخدع فيذيع صيته ويكون له أتباع .
كانت له أفكار غريبة شاذة جاء بها من جده المجوسي ومن شيطانه : كفكرة أن الشيطان مظلوم لأنه رفض السجود لغير الله (السجود لآدم عليه السلام) - الحلول وأن الله يحل في عباده فيصبح هو هو - من لم يستطع الحج يبني له بيتا مربعا في داره ويمارس مناسك الحج أيام الحج وتكتب له حجة كاملة - صيام ثلاثة أيام بلياليها والافطار على خل وملح يغني العبد من صوم رمضان
والغريب أنه كان يصوم الدهر ، وحج ثلاث مرات وينفد فكرة الحلول .. أي أنه كان يقول بما لا يفعل _________________________________ صحيح أن هناك من شهد الزور ضد الجلاح لكن هذا لا ينفي أن هناك من شهد حقا وهم أتباعه .. إذ صرحوا بأنه ينادي بالحلول وهذا كفر لا سبيل لانكاره .. بالإضافة لرأي الفقهاء في المحكمة التي دامت سنتين .. فهم وجدوه فقير الناحية الفقهية واللغوية ولا يجيد إلا اللف والدوران وتنميق الكلام .
باختصار : الحلاج عابد ضال بجهله، وجد تربة خصبة متمثلة في عامة الناس الراكضين وراء المال والصحة جراء الأزمة السياسية والاقتصادية التي مرت بها العراق آناء حياته .. خدعهم .. لكن طريقة اعدامه والتنكيل به بعيدة عن الشريعة وهي ما جعلته أيقونة عوض طمر اسمه للأبد
غريبٌ هذا الحلّاج ! مليءٌ بالتناقضات ! أيّ صوفيّة هذه التي تترنّح بصاحبها بين الكفر والإيمان - مع أنّهما لا يجتمعان - ؟! تارةً يدّعي عبوديّته لله تعالى، وتارةً يدّعي الألوهيّة والعياذ بالله ! هل هي مجرّد تهم لفّقت له لقتل روحه الثوريّة والمحافظة على المناصب ؟ أم أنّ روحه فعلاً خبيثة ؟ لكن ما سرّ هذا الثبات على مبادئه - إن كانت روحه خبيثة - ؟! كلّ تلك التساؤلات - وأكثر - تدور في رأسي ولم أجد لها جواباً شافياً ! قصّة مليئة بالغموض، ولكنًها رائعة و مشوّقة !
هل كان الحلاج شخصية متمردة وثائرة في زمنها، أم كان محتالاً لعب بعقول أتباعه؟ . في هذه الرواية التي تحكي وقائع محاكمة الحلاج حتى صلبه تشهيراً به، يأخذنا الكاتب عبر قصة الحلاج وكيف ذا عصيته وكيف آل به الحال إلى المحكمة ومن ثم تنكر أصحابه له ليصل به الأمر للصلب. . رواية تضعك أمام تفكير عميق حول الصوفية، أصلها، أسسها، من أين أتت وأين وصلت، تجعل القارئ يفكر فيما وراء اللغة والأشعار الصوفية، وما هو الغير معروف عنها والذي يجهله العديد من الأشخاص. . رواية كُتبت بأسلوب أدبي ولغوي مميز، دمج فيها الكاتب بين الحقائق التاريخية والأسلوب الأدبي الروائي ببراعة، ونجح فيها في شد انتباهي لقراءة المزيد حول أصل الصوفية، أصولها، أسرارها، وخباياها الغير معروفة للجميع.
الحلاج، من أهم الشخصيات الصوفية الاسلامية. تاريخه ومحاكمته دعوتان لإعادة النظر بطريقة التعامل مع الرأي الآخر. لقد كان الحلاج ينطق بروح الديانة ويتخلى عن قشورها. اعتقد ان الحلاج يستحق المزيد من الدراسة، كما كان من الممكن أن يتضمن هذا الكتاب شرحا اوسع للظروف التاريخية والدينية التي احاطت بالحلاج لا سيما علاقته بالقرامطة.
قرأت مأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور،تلك المسرحية الدرامية الدامية دفعتني للبحث عن الوقائع التفصيلية لمأساة الحلاج.. ضم هذا الكتاب الوقائع التاريخية التي عاصرها الحسين بن منصور.. كانت ومازالت هذه الشخصية مليئة بالتناقضات .