تأخر إبداع المسلمين في فن التصوير كثيرًا؛ لاختلاف الفقهاء حول تحريم الإسلام للتصوير، نظرًا لما به من تجسيد قد يشبه الأصنام، التي سعى الإسلام للتخلص منها. إلا أن الفنان المسلم لم يقف مكتوف الأيدي؛ فسعى للخروج من هذا المأزق عبر التجريد، فكان له ما أراد، حيث انطلق يرسم بريشته الزخارف النباتية والأشكال الخرافية، بل أبدع فنًّا جديدًا لم يعرفه العالم من قبل، عرفته أوروبا باسمه العربي «أرابيسك». وقد تعددت مدارس التصوير الإسلامي، وكان لكل مدرسة منها خصائصها المميزة، وتنوعت موضوعات التصوير وسياقاته فكان منها: شرح محتوى الكُتب بالرسوم والخرائط، وتزيينها باللوحات، وتصوير الأمراء وأسرهم. واشتهر الفن الإسلامي بعدد من الفنانين أمثال «بهزاد»؛ الذي كان أول من استخدم الإمضاء أسفل لوحاته.
لد زكي بن محمد بن حسن المصري ، بمدينة الخرطوم عام 1908م، ونشأ في القاهرة وتعلم بها، ثم تخصص في الآثار الإسلامية، وقد حصل على شهادة الآثار الإسلامية من مدرسة اللوفر في عام 1934م، ونال بعدها شهادة الدكتوراه في الآداب من جامعة باريس. وقد أتقن العديد من اللغات، منها: الإنجليزية والألمانية، والفرنسية، والفارسية. عُيِّن زكي حسن أمينًا لدار الآثار العربية بالقاهرة عقب عودته من باريسعام 1935م واستمر بالعمل بها حتى عام 1939م. وقد ألَّف في تلك الفترة عدة كتب في علم الآثار فضلًا عن كتابته لدليل محتويات دار الآثار العربية. وقد انتقل زكي حسن بعدها للعمل كأستاذ للآثار والفنون الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة، كما عمل مدرسًا للتاريخ والآثار في جامعة بغداد. وكان ضِمْنَ أعضاء مجامع ومجالس علمية متعددة. قام زكي حسن بعدة رحلات علمية زار فيها معظم البلاد الأوروبية، كما مثَّل مصر في كثير من المؤتمرات العلمية. وقد ألف زكي في العديد من الموضوعات، مثل: التاريخ، والآثار، وأدب الرحلات. كما ترجم عددًا من الكتب الأجنبية إلى العربية، وكتب أكثر من خمسين مقالًا في مجالات مختلفة. ومن كتبه: «التصوير في الإسلام»، «كنوز الفاطميين»، «الفن الإسلامي في مصر»، «الصين وفنون الإسلام»، «التصوير عند العرب»
لقي تقدير الهيئات العلمية وتعترف العديد من المؤسسات العلمية بفضله في تكوين مدرسة فكرية ناقدة في التاريخ والفكر الإنساني. وتم تكريمة من قِبل عدد من الجامعات، مثل جامعة اشبيلية في أسبانيا، وجامعة لشبونة بالبرتغال ومركز الإدريسي للدراسات المغربية الأندلسية بالمغرب وأسبانيا.
توفي زكي محمد حسن في بغداد عام 1957م، ودفن في القاهرة.
رحلة إلى ماضي الفن رفقة هذا الكتاب كانت جميلة ومختصرة وشديدة التركيز على عنوان ومحور الكتاب، فقد عز نظير مثل هذا التركيز في ظل النوعية المتواضعة من الإنتاج العلمي المكتوب باللغة العربية. لاحظت أن الكتاب غير موجه للبيع أو التربح التجاري، وهو سيف ذو حدين، نفع القراء، ولكنه أصاب محتوى الكتاب من حيث لا يدري الكاتب، إذ يُعاب على الكتاب مجموعة من النقاط الهامة التي سأوردها في استعراضي لما قرأت وما رأيت. وإذا كنت سأفتتح تقيمي فإنني أفضل أن أبدأ من النقاط الإيجابية في هذا الكتاب: - يعد التقسيم الزمني والجغرافي غاية في النجاح، بل هو الميزة الأبرز في هذا الكتاب، فمن اففتاحية الكتاب عن صدر الإسلام ورأي الفقه والعقيدة في مسألة التصوير، إلى المدرسة العراقية بدايةً، ومروراً بالمدارس الفارسية والهندية وانتهاءً بالتركية، حاز العمل على ما يلفت الانتباه ويؤشر على سعة اطلاع المؤلف. - ربط الأحداث التاريخية بالتطور الفني كان أمراً ملفتاً أيضاً، ومما راق لي في هذا الكتاب تسليط الضوء على دور السلاطين وولاة الأمور في تطور الفن ودعم الفنانين - أتى المؤلف بأشياء جديدة لربما يصعب على القارئ لتاريخ الفن في الحضارة الإسلامية الاطلاع عليها في مصدر واحد، فسيرة بهزاد وسلطان محمد ورضا عباسي وغيرهم من الفنانين لا تجد صداها في كتب التاريخ - تجنب المؤلف وضع رأيه الشخصي، فكان حيادياً إلى درجة تدل على أكاديمية ومهنية وحرفية عز نظيرها في العالم العربي والإسلامي المليئ بالتحيز والتعصب أما ما وجدته نقاطاً تحسب على الكتاب والكاتب فهي كالآتي: - غياب المنهجية العلمية في توثيق المعلومات والمصادر، فيغيب مصادر المعلومات ويحضر السرد التاريخي، صحيحٌ أنني لم أجد معلومات خاطئة، إلا أن المادة التاريخية والأحداث والسير تستوجب أقل حدود المنهجية في توثيق المعلومات عدى عن مسألة تسمية المتاحف التي تتواجد فيها المخطوطات - يعيب على الكاتب عدم توجهه للنشر التجاري في مسألة مهمة وهي الإخراج الفني للكتاب، إذ يعاني المحتوى من كمية لا بأس بها من الأخطاء النحوية - يحشر الكاتب جميع صور المخطوطات في الصفحات الأخيرة من الكتاب، علماً أن الكاتب شاهد بعينيه الكثير من المخطوطات التي أوردها في مادة الكتاب، وبالتالي فإن المواد التوضيحية القليلة جعلت من المحتوى معارف نظرية، ويترك الكاتب هنا قراء الكتاب يتخيلون شكل المخطوطات بدلاً من أن يقوم بإدراجها بين النصوص أو على أقل تقدير وضعها في ملحق في نهاية الكتاب والاكتفاء بإدارج ترقيم لها وإدارج هذا الترقيم في محتوى الكتاب - يبدو أن تركيز الكاتب في النصوص جعله ينساق خلف محور المادة، لا بأس لو أن الكاتب استفاض أكثر في الجانب التاريخي المرتبط بالأحداث - موهبة الكاتب البلاغية تحتاج إلى الكثير من التحسينات - من أكبر عيوب الكتاب أن الكاتب يستعمل الأسلوب الصحفي كما لو أنه ينشر في صحيفة محلية أو مجلة مصورة، فتجده يشير إلى مقالات سابقة من إعداده دون إدارج التوثيق كاملاً، فكيف سيقوم القارء بالبحث؟ - الصور المدرجة جاءت بالأبيض والأسود، وهو عيب كبير في زمن التكنولوجيا والمسح الضوئي عالي الدقة إجمالاً يحتاج الكتاب إلى التحسين والتوسع في طبعة جديدة يتم التوجه فيها نحو دار نشر راقية تُعنى بتحسين جودة الكتاب. وفي معرض البحث في تاريخ الفن وخصوصاً الفارسي الإسلامي، أضع بين أيديكم كتاباً مكملاً لمادة الكتاب وهو كتاب: Persophilia: Persian Culture on the Global Scene by Dr. Hamid Dabashi
قليل الصور، أحال بعضها لأرشفتها لكنها غير متاحة في أرشيف المخطوطات التي راجعت. في مقدمته عرض وجيزاً عن حكم الصورة في الشرع مستشهداً بتضعيف الأحاديث الواردة في الباب وبمن شككوا في نسبتة الأحاديث عموماً للنبي صلى الله عليه وسلم بدعوى تأخر تدوينها وانتهى بذلك كما يزعم بكراهتها، وهذه جناية على المدونة الفقهية والحديثية سواء بسواء. لم يذكر أي شيء عن الصورة بأشكالها في صدر الإسلام وقبل البعثة النبويّة في الجاهلية مما يجعل الخط الزمني للبحث منقطعاً عن مشربه "في الإسلام"، ولا يعدو إلا أن يكون نتاج تعارف حضارات "مسلمة" مع غيرها وتأثرها بها أو نقل فنونها لديار المسلمين.
كما كنت أفضل لو أن المخطوطات التي أردف قد نقلت بألوانها وبجودة أعلى لمعاينتها.
اعتقدت في البداية ان هذا هو اعادة انتاج للنسخة الاصلية التي ظهرت في الثلاثينات و تضم كم كبير من اللوحات و لكن الامر ليس كذلك .. هذا الكتاب بمثابة مقدمة للكتاب الاصلي الذي صدر في الماضي