Jump to ratings and reviews
Rate this book

إلا جدتك، كانت تغني

Rate this book
كلُّ الجَدَّات كنَّ يُصلِّين، إلَّا جدَّتكَ كانت تغنِّي.
أعرف هذا عنكَ، وهذا ما تصف به أنتَ نفسكَ دائماً، غناءُ جدَّتكَ كان بوصلتكَ ولعنتكَ، شاهين، وهذا هو اسمكَ الأوَّل والأخير، فلا أب لكَ، ولكَ أمٌّ تخلَّت عنكَ في الواقع قبل الذاكرة.
أقلِّب وحدي الدفاتر القديمة وألبومات الصور المهترئة في بيت صغير من ثمانينيات الزمن، وأفتَّش عن أوَّل مَن سكن هذه الخرابة اليوم، المنزل بالأمس، هذا الهيكل العظمي الوحيد الذي لم يعد يكشف إلَّا عن ساحة مرصوفة ببلاط الكاشي المهترئ، أتخيَّل أن كلَّ نقطة عليه، تعود لشخص معيَّن سكنه، كلّ نقطة هي بصمة، اسم. كنَّا آخر قاطنيه، قبل أن يتحوَّل إلى منزل ورثة آخر، جثَّة محنَّطة من تلك البيوت التي لم يحسم الأبناء أمرها بعد أن مات الأب، ليبقى مهجوراً وخالياً، حياةٌ معلَّقة، تجاوزنها ولم تتجاوزنا، ولكي نمعن في تعذيب الجسد المتفكِّك لهذا المنزل، فإننا نعود بين آن وآخر، لنفتِّش عن شيء ما تركناه عَنْوَة، لنُوهِمَهُ بأننا قد نعود يوماً، لنستكمل حياتنا معاً.

256 pages, Paperback

First published January 1, 2025

2 people are currently reading
25 people want to read

About the author

صالحة عبيد حسن

10 books119 followers
تجربة من الإمارات .. تكتب عن التفاصيل الصغيرة قصص قصيرة .. غالبا استخدم القودريدز لأجل الكتب التي شكلت بالنسبة لي وعيا فارقا .. لذلك فأنا كسولة هنا نوعا ما ..

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
9 (45%)
4 stars
4 (20%)
3 stars
3 (15%)
2 stars
1 (5%)
1 star
3 (15%)
Displaying 1 - 9 of 9 reviews
Profile Image for Eman.
344 reviews104 followers
April 22, 2025
في رواية" إلا جدتك كانت تغني "تُطرحُ فكرة وعينا بحضور الغائبين أو بعبارة أخرى خلودهم في الذاكرة، التوق للخلود كرغبة وجودية أصيلة تلح علينا تبرز معالها من خلال سلسلة من حكاياتٍ تتقاطعُ جميعها في مجال واحد هو علاقة الإنسان بالمكان ورغبته في الخلود، كل الشخصيات المحورية في الرواية حملت بداخلها جذوة القلق الذي كان يحرضها على ترك أثرٍ ما تَخلُدُ به، فتناسلت الحكايات من جيلٍ إلى جيل منحدرة ًمن رحم الحكاية الأم: حكاية الجدة التي كانت تغني.
تمهدُ صالحة عبيد لروايتها بعبارة لبورخس تُبرز مفهوماً جوهرياً تنهض عليه الرواية : ( الموسيقى ذلك الشكل الغريب للزمن ) وهو بالضبط ما فعلتهُ الكاتبة في روايتها حيث كانت الموسيقى هي الإطار الذي قدمت لنا من خلاله تصوراً عن دبي منذ السبعينات وحتى الألفية وهو تصور قائم كلياً على الذاكرة الغنائية للمدينة وعلى الصوت وتحولاته بداية من النهمة الصوت الأكثر رسوخاً في ذاكرة دبي لإرتباطه بحياةٍ كان للبحر فيها سطوة كبرى كمحور تدور حوله التجارة و العمل وحياة كثير من العوائل قبل أن يتراجع دوره إثرَ مزاحمة الحوائط الإسمنتيّة له وتحوله إلى خلفية تاريخيّة للمدينة مروراً بالغناء الشعبي في الأعراس بنماذجه المختلفة ثم الأغاني المحلية فنمرعلى مراحل تطور الأغنية الإماراتية وأبرز الأصوات التي شكّلت ذاكرة الفن الإماراتي .حيث رصدت الكاتبة عبر السرد امتزاجَ الموسيقى بالحياة من خلال مراحل التطور الغنائي ومواكبته للتحولات المجتمعية في دبي .
ولأن الأغنية هي الأقدر على الخلود فقد كانت الوسيلة التي من خلالها تُبَثُّ الحياة مجدداً في جسد الذكريات؛ إذ تتوفرُ في الصوت إمكانيةُ الاسترجاع والتكرار وتجدد الحدوث على الدوام مما يُبقي الذكريات حيّةً متجددة. فمتى يَصدُرُ الصوت تنبعث الذاكرة.. الصوتُ خالدٌ.. يحضر فتحضر الذكرى. ومن هنا فالرواية ليست إلا فعلَ إحياءٍ لذاكرة المكان من خلال تتبعِ حكايات ساكنيه التي صدحوا بها في حياتهم وبقيتْ عالقة في تفاصيل ِالأمكنة بعد رحيلهم.
تبدأ الرواية في بيت من بيوت الثمانينات الميلادية في دبي ، حيث تعود الحفيدة للبيت القديم مستودع الذكريات لتبحث فيه عن صورة لوالدتها .و لكن البحث يقودها لاكتشاف ذاكرة أكبر وأعمق من حدود الصورة حين تستشعر حضوراً أثيرياً يربطها بصوت شاهين الغائب الحاضر وتبدأ بينها وبين صوته علاقة تمتد لتكشف ماضي ذلك البيت ،تنساق خلف الصوت من أجل استحضار ذاكرة المكان وتعود بالقارئ لجذور الحكاية وهنا تتوطد علاقتها أكثر بالمنزل القديم وقصصه ويصبح المكان بما يضخّهُ من ذكريات إرثاً لا تريدُ له أن يندثر وذاكرة ًخاصة بها يتداخل فيها أكثر من ماضٍ و أكثر من صوت تنتمي له وينتمي لها ، لذلك يدفعها الشغف والفضول لتمضي في تتبعِ أجزاء حكاية شاهين التي تبدأ من دبي وتقودها إلى جدة وبودابست. ومن هنا أُتيحَ للكاتبة أن تتعمق في طرح الجوانب الفلسفية العميقة التي تجمع بين الذاكرة والمكان والصوت وتنويعاتها التي تربط بين ذاكرة الإنسان الخاصة وبين الأمكنة التي تُبعثِرُهُ مُأَرقاً وساعياً في فسحة العمر القصير أن يترك وراءه شاهداً ينقذه من الفناء. فكان شاهين هو الصوت / الأثر الذي يتردد من عمق ذاكرة المكان ذلك أن صوته هو وسيلة حضوره الدائم المتجدد ما يضمن خلوده في الذاكرة، عن هذا التجسد للغائب من خلال استرجاع الأثر ( الصوت) ، إنه ذاتُ المبدأ المُكَوِّن لشخصية شاهين منذ طفولته واستمر حتى بعد موته بتجسّده ذاكرةً لا تتجلى إلا من خلال الصوت الذي يروي الحكاية.

والحقيقة أن الرواية لا تحتفي فقط بالموسيقى بل تذهب الكاتبة عميقاً في رصد مآلات حاسة السمع بأبعادها الواسعة وتأثير الصوت على الروح و الجسد من ذلك التراتيل و التلاوة على مقامات مختلفة و الطواف كفعل جسدي يسير على إيقاع الذِكر والتسبيح بل وحتى الموسيقى الكونية في الطبيعة ، فكل ما يُسمَعُ ويلامس الروح ينتجُ عنه ردُّ فعلٍ جسديٍ يعكس ذلك الشعور ،من هنا تأتي استجابة الجسد لأثر الإيقاع في الروح ، وهو ما جسدته الشخصيات في الرواية لاسيما شاهين أكثرالشخصيات تشبعاً بالإرث الفني لعائلته ، العائلة الممتزجة بالنغم والإيقاع والتي اختلفت عن غيرها من شخصيات المجتمع لكونها شخصيات مُرهفة وقلقة وحساسة ، تخضع لرهافة النغم وتستجيب له روحياً وجسدياً : ( المرونة التي تحرَكَ بها جسده جعلتني أشعرُ بأنني أستطيع أن أرى روحه صافية خلابة لا يحدها تصلّب الجسد وماديته) نرى بذلك أن الخفة التي يفرضها الغناء على الروح تجعلها تسمو على القيد بل وتتخطاه في أغلب الأحيان، سواء أكان قيد المجتمع أم الجسد الذي يتخفف و يتحرر من ثقله وماديته بالتمايل و الرقص وكلاهما -الغناء والرقص- مما ينكره المجتمع رغم انصياعه الفطري له، لذلك كانت الجدة عذيجة -تماماً كما يشير لها عنوان الرواية- استثناءً عن محيطها ( إلا جدتك كانت تغني)، فالرواية إذاً احتفاءٌ بسلسلة من الشخصيات التي شَكَّلَتْ استثناءً عن السائد والمألوف في محيطها على توالي الأجيال ، فمروان كان مختلفاً حين فضّل العمل كنوخذة في زمن هُجرت فيه تلك المهنة وكان مختلفاً حتى في رحلته إلى الحج التي خرج إليها منجذباً للصوت والإيقاع وعاد منها بمخزونٍ موسيقيٍ كبير، وزليخة كانت استثناءً بزواجها وهي "ابنة الطقاقة " من ابن عائلة العابر الوجيه والتاجر الذي وجد فيها اختلافاً يجذبه في حين بقيت هي في أعين المجتمع نكرة و مرفوضة ، ونورة أيضاً مثّلت استثناء كونها تعرف الكتابة في مجتمع يعمه الجهل وبنظرتها العميقة لما وراء الوجوه و الأشياء حولها لاسيما إدراكها العميق لفكرة العمر و الموت ما أسبغ عليها سمة الغموض ، وتتجلى الفكرة بتركيز أكبر في شخصية شاهين الذي تشربت روحه هذا الإرث الفني وراكم العذوبة في صوته منذ نشأ في كنف جدته شغوفاً بالغناء والرقص في وسط يعتبر ذلك عاراً ونقيصه وإساءة لتاريخ عائلته العريقة.
وقد مثّل إنكار قيمة الموسيقى والغناء موطن الصراع الرئيسي في الرواية إذ أن المُغنّية كما جاء على لسان زليخة: ( ضرورية ووضيعة في الوقت ذاته ..فالجميع يريد المغنية في الأفراح ولا أحد يذكرها فيما عدا ذلك، هي دائماً مقصية وبعيدة وفي الأسفل..)، تلك المكانة التي خلقت ارتباكاً وقلقاً امتد عبر أجيال .الأمر الذي يعكس تناقضاً صريحاً بين ما جُبلت عليه الروح من أَنسٍ بالنغم وبين المكانة الاجتماعية الوضيعة التي يُدرج ضمنها من يمارس الغناء .لذلك نُبذت عذيجة و سلالتها التي يسري في عروقها حب الطار و المزمار كلعنة كان لابد من تبديدها ، وبالرغم من أن الغناء كمظهر اجتماعي مرتبط بالأفراح كان مقبولاً إلا أنه اقْتُرِنَ دائماً بالخزي حتى بداخل عائلة عذيجة نفسها و التي تحرجت ابنتها زليخة من هويتها وكانت تأمل أن تبتُرَ هي تلك السلسلة وألا يسري الولع باللحن في عروق ابنها شاهين ، ذلك الحرج هو تحديداً ما دفع بشاهين إلى أحضانِ جدته أكثر فأكثر فشُغِفَ بالموسيقى وخلف جدته في الغناء حتى ذاع صيته، بل وسمح لنفسه بأن يعبّر عن ذلك الولع بجسده الأمر الذي حشد ضده مزيداً من الكُره وتعاظُم شعورِعائلته الممتدة بالعار، عندها يبلغ الصراع في الرواية مداه حين يلجأ ابن عم شاهين لمحاولة إسكاته برصاصة لإنهاء تلك الحكاية للأبد، في مشهدٍ صاحَبَهُ توترٌ دراميٌ عالٍ يكشفَ عن خلل مجتمعي في تعريف مفهوم العار وما يصاحب الموسيقى وأجوائها من رفض وخزي إلا أن الصوت يجد سبيله للعودة رغم رحيل شاهين الذي كان موته صاخباً ومُدوّياً تماماً كحضوره فاستمر الصدى الذي تركه خلفه بالتردد والأثر بالبقاء شاخصاً في وجه الغياب.وهكذا نجد أنه إبتداءً من الجدة عذيجة لمروان وشاهين، وانتهاء بالفتاة الساردة للرواية، كان الكل يهيم باحثاً عن مساره الخاص في هذا الكون وعن سبيله للخلود في ذاكرة الأيام وما فعلته الرواية هو أن منحت أولئك الهامشيين صوتاً وذاكرة .
​لم تبتعد صالحة عبيد عن مجال الحواس هذه المرة أيضاً، فبعد روايتها "دائرة التوابل" التي كانت حاسة الشم فيها محوراً تلتف حوله خيوط السرد، تخوض بنا في رواية" إلا جدتك كانت تغني " نطاق الصوت والاستماع بكل تنويعاته، ولا يمكن لرواية بُنِيَتْ على مفهوم مُركّب وحيوي كهذا أن تأتي رتيبة أو خافتة، فكان أن منحتْ السرد إيقاعه الخاص فبدأ أول ما بدأ هادئاً يتناسب ومقامَ الحنين للماضي، ثم أخذت وتيرته في التسارع والاضطراب كلما تعمقنا أكثر، وكلما اقتربنا من صلب الحكاية اشتدّ وتكثف حتى بلغ ذروته في الفصول الأخيرة منها فغدت أكثر إيجازاً و تكثيفاً و وارتفعت فيها شِعريّة اللغة كما غلب عليها الطابع الدرامي حتى ليكادُ النص يجاري النص مسرحي في دراميته .
هذا التماهي بين مبنى الرواية ومضمونها كان ملائماً تماماً لطبيعة الموضوع، فتعدد مظاهر الصوت وكذا تعدد الرواة والأماكن والرؤى جعل السرد في أغلب مواضعه أشبه بجوقة من الشخصيات التي تصدح بين سطور الحكاية لتعلن عن حضورها المتأرجح بين الواقع والافتراض وبين الخلود والفناء. ويمكننا أن نجمل القول في أن الغناء كما قدمته الرواية لم يكن نغماً سارياً فحسب ولا وقعاً عابراً على السمع، بل هو حضور فعلي متجذر في المكان والزمان، إنه الجسر الذي عبره تمر الشخصيات إلى فضاء الوجود وتضمن خلودها في الذاكرة.

Profile Image for ALI.
7 reviews1 follower
Read
August 9, 2025
بعد عودة شغفي للقراءة وانهاء رواية فئران امي حصة .. والبكاؤون وخرائط التيه.. وجدت ان إلا جدتك كانت تغني .. رواية بطيئة مملة وبلا وجهة.. تقرأ ولا تعرف إلى أين متجه بالتحديد .. لا توجد حبكة.. ولا شخصيات على اقل تقدير ان تتعاطف معها
Profile Image for Amal Dawas.
66 reviews70 followers
August 16, 2025
شهر قد تقولون ولكن روايات صالحة هكذا معي لا اريد ان اتركها لا انسى الأحداث لذا عندما أعود للإتمام ارى السحر لماذا لم تعد ترى شاهين حتى انا أردت سماعه اتمنى ان احضر المناقشة في مكتبة محمد بن راشد تاريخ 30-08 07:30
Profile Image for Sara Slim.
111 reviews41 followers
September 8, 2025
ترى الكاتبة الأمريكية أنانييس نن، "أن الموسيقى لا تسمح لأجسادنا بالموت، لأن كل أمنية، كل خيال يتنفّس وي��حرّك كما لو كنّا في مكان ميلادنا الأول "ثم تشرح أكثر تصوراتها عن الموسيقى بقولها: "في المحيط. النغمات تسافر وتطير أبعد كثيرًا من الكلمات. لا توجد طريقة أخرى للوصول إلى الأبديّة".
خلقت عبارة" نن" في نفسي جملة من التساؤلات عن ماهية الموسيقى وما يمكن أن تضفيه لحياة البشر، وهل يمكن أن تمنح صبغة الأبدية على الأمكنة التي انطلقت منها، وهل بإمكانها أن ترصد التحولات التي طرأت على تلك الأمكنة، والسؤال الأهم هل من شأن الذاكرة أن تروي التاريخ انطلاقا من الموسيقى ذاتها؟
ولعلي وجدت إجابة لهذه الأسئلة وغيرها في رواية "إلاّ جدتك، كانت تغني" أحدث أعمال الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، التي عرفت من خلال هذا النص السردي_ الذي يشكل في حد ذاته قطعة موسيقية _كيف تجمع شتى الطبوع الغنائية التي تميزت بها منطقة الخليج إذ استعرضت سيرة "النهمة " وأشكالها بدءا باليامال إلى الخطفة وصولا إلى الحدادي. كما استعرضت سير النهامين في الإمارات وكيف يمكن أن تكون "حكاياتهم المتناقلة هي خيطهم الذي يصل" بتعبير الرواية.
كما وثقت جزءا من تاريخ الإمارات من خلال التوثيق لتاريخ الموسيقى عن طريق استحضار ذاكرة المكان فهي تعتبر أن: "للأشياء ذاكرتها عن ناسها، لكنها لا تملك الصوت لتستطيع أن تسرد علينا ذلك"
ومن خلال التوثيق لذاكرة المكان نستحضر ذكريات من مروا عليه لأن: "التاريخ مجرد ذاكرة" بتعبير الرواية، إذ نسجت الكاتبة من الذاكرة قصص سردتها روائيا دون أن تفلت السرد أو تضيع منها خيوط الحكاية الأولى، حكاية الجدة عذيجة التي تعرفها الرواية على أنها هي الموسيقى، الجدة التي كانت تغني في مجتمع يرى في كل من يمتهن الغناء والرقص خارجا عن حدود الأدب والحشمة، و بالتناقض ذاته يتفاعلون مع الغناء حين يحضر في الأفراح بكثير من البهجة. هذا التناقض تناولته الرواية بشيء من العمق الأدبي واللغة الجميلة التي تميز كتابات صالحة عبيد وهي التي عودتنا بفتنة مطاردة التفاصيل التي منها تبعث بحكاياتها، حكايات لها أصل في الواقع وشراكة مع الخيال الذي يعرف كيف يرفع الستار عن شخصيات الهامش حين يخلدهم، وحين يحفظ صورهم، ويحافظ على أفكارهم وأصواتهم وكل ما كانوا يؤمنون به، وحين يعيد عبر الأدب بعث حكاياتهم من جديد.
في عبارة وردت على لسان مروان (إحدى شخصيات الرواية) يجيب فيها عن سؤال طرح عليه: "الشقاء هو حريتي" فبقدر ما تحمل إجابته الكثير من العمق بقدر ما تفسر جوهر الحرية وأن الإنسان يختار في نهاية المطاف حريته وإن كلفته غاليا، ذلك أنها ما يمنحه صوته، ، وهذا النص قائم على سحر الصوت و قوته في أن يخلد صاحبه،تتساءل الرواية هل تمتلك الأصوات وجهات نظرها الخاصة؟ و وعودة لمروان فإنه ليس شخصية جامدة، تتفاعل مع الأشياء من زاويتها الضيقة، بل منفتحة على العالم بكل ما يحمله من اختلاف ، ولعله السبب الذي جعله متحررا من كل الأفكار التي قد يتخذها المجتمع سبيلا لتقييد نظرتنا للفن، إذ إن ملاحظاته العابرة تفسر عمق رؤيته، فخلال متابعته لجملة التغيرات التي طرأت على مدينته وكيف غيرتها الحداثة يتساءل: "هل يجب أن يتحوّل الماضي لقطع إكسسوار متناثرة، لكي تستمر المدن بالنمو، أم أن المدينة التي تفقد ذاكرتها بالتدريج هي ما تحدث فيها مثل هذه الأمور؟".
ونجد على الجانب الآخر شاهين وما أصبحت عليه الموسيقى في أيامه، وفخره بإنجازاته التي لم تخرج عن مسار جدته، لكن بشكل مختلف، فالجدة عذيجة رفضت أي إضافات على العود والطيران.
من خلال حكاية شاهين، نتبع حكاية الفنان الذي يعيش الفن بكل جوارحه ضمن فئة من المجتمع تنكر قيمة الفنان، بل لا تعترف به من الأساس. هذا التوتر الذي وجد شاهين نفسه فيه لم يزده إلاّ إصرارا على أن يواصل في طريقه، ولكن القيود التي تخنق الفن لها دائماً يد في محو الجمال، لذا كانت نهايته على يد ابن عمه خالد، لكن في المقابل بذرة الموسيقى التي تركها انعتقت من كل شيء، فلا أحد بإمكانه الانتصار على الفن إلاّ الفن ذاته يقول: "الموسيقى والأغنية، كلَّما غنّاها شخص مختلف، بصوته الجميل الخاص، فإنه يجد جزءا من روحه كان مفقودا، قطعة تأتي لتملأ الخواء" ويواصل: "نولد كخواء تام، وعاماً بعد آخر ينجو البعض منه، بأن يجدوا قطعاً تملأ الفراغ فيما يعيش البعض الآخر، في خواء مريح، لا يهمهم فيه أن تكون لهم أي فرادة أو صوت." لعل البعض يبقى بذلك الخواء حتى نهاية العمر دون أن يكتشف القطعة الناقصة منه أو يفكر حتى في البحث عنها لأنه لا يعرف بوجودها في الأساس، لذا يحاول وفق قانونه الخاص أن يقتلعها من غيره بشتى السبل، وهنا تتحدث الرواية عن النبذ الذي تشعرنا به العائلة أو ربما المحيط القريب منا لمجرد أننا نفكر بطريقة مختلفة أو ربما لأننا نحلل الأمور من زاويتنا الخاصة، كما أنها تبحث في الموسيقى كخلطة سحرية تمنح البشر وصفة الخلود، ألم تقل الرواية: "تبدى للموسيقى حتى تمنح راحتك الأبدية" وتؤمن بأنها: "القدر المشترك" لمن عرف كيف يعثر على الطريق إليها.
تمتلك إحدى شخصيات رواية "إلاّ جدتك، كانت تغني" فلسفتها الخاصة فيما يتعلق بالأحلام، إذ تعتبر أن"الأحلام رسائل الأرواح"،و هي عبارة تحمل من العمق ما يجعلنا نتساءل عن جدوى الأحلام، و كيف يمكن أن تمتلك تلك المقدرة العجيبة في جعلنا نفكر فيما لا نستطيع فهمه ولا حتى تفسيره،فالروح بتعبير لويز غلوك:" صامتة وإذا تحدثت فإنها تتحدث في الأحلام"، والحلم كما تعرفه الرواية هو رسالة قد نفهم مضامينها أو لربما سنمضي عمرا كاملاً في محاولة فك ألغازها. و أحياناً تتداخل الأحلام التي لا نمتلك السبيل إلى تفسيرها مع تلك التي نسعى من ورائها إلى تحقيق طموحاتنا.
هكذا تعبر الرواية عن الحلم، إنه ذلك الشيء الذي تمتزج فيه أحلامنا الشخصية بأحلامنا الأخرى في واقع نحاول أن نسير فيه بقوة الحلم، لأن من لا يحلم يصاب بالعجز باكرا وتتوارى الحياة بعيدا عنه دون أن يتمكن من ترك أثره الحقيقي،أثر كالذي تركه شاهين ومروان والجدة عذيجة وموزة.
تقف الرواية عند حدود التناقض عند بعض من يبتهج لسماع الموسيقى و وفي الوقت ذاته يرى فيها عارا لا يمكن السكوت عنه عند الرجال و النساء على حد السواء انطلاقا من عذيجة جدة شاهين، هذه الشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث كونها شكلت نقطة تحول في مجتمع يكاد ينبذ الفن، و إلى جانب الجدة عذيجة نتابع شخصية موزة وعلاقتها بالموسيقى، إذ وصفت الرواية الأغنية بأنها: جسد "موزة" وحضورها بالنسبة إلي وصدقيني، كان جسداً حقيقياً، الجسد ذاته الذي صارت الأغنية ذاتها وسيلة تعبيره الأولى عن نفسه، وقد كان جسداً حقيقياً من لحم ودم." في حين عبرت الرواية عن الرقص بأنه: "أول تعريف للإنسان عن فهمه لجسده" إذن، الرقص هو الآخر موسيقى نابعة من الجسد،إذ:"يولد البعض وأجسادهم هي الموسيقى نفسها" بتعبير الرواية.
من يقرأ نصوص صالحة عبيد الروائية ينتبه إلى نقطتين مهمتين تسيران بالتوازي ذاته في كتاباتها، أولاً مسار الرواية بوصفها فنا قائما بذاته ولا يمكن ابتذالها و كتابة كل ما نعتقد أنه سرد تحت غطائها، هذا الفن لا يحتمل إلاّ الفن ذاته بنفس الدرجة من الاتزان واستخدام الأدوات الأدبية التي يقتضيها الأدب الجيد، و المسار الثاني هو الانتصار للقصة المحلية بوصفها النقطة الأساس التي ينطلق منها كل ما نسميه لاحقا أدبا عالميا، ذلك أن الأدب العالمي هو في المحصلة أدب محلي عرف كيف يحكي حكايته بما يتوافق و المعايير الفنية والجمالية ، وهذا ما نجحت فيه صالحة عبيد حين استحضرت بيئتها الأصلية وما يميزها و حولت ذلك إلى رواية تقرأ الماضي انطلاقا من الحاضر ذاته،و كأنها بالكتابة تنتصر للصورة الغائبة عن الأذهان في الفن الخليجي نهاية السبعينات و بداية الألفنيات، هذا الاستحضار تخليد للتراث و الموسيقى الخليجية، وانتصار للفن الذي يسعى دائماً لأن يقول كلمته.
سارة سليم
رابط المقال:
https://www.alquds.co.uk/%d8%a5%d9%84...
Profile Image for iljowder Abdulla Khalid.
291 reviews69 followers
March 4, 2025
رواية عن أصحاب الأعمار القصيرة الذين يعيشون طويلاً … الذين يعيشون أبداً
——————————

لكل قارئ ذاكرة وجدانية ترسخ فيها كتب معدودة تبقى في ضميره لا تغادره وهي عصية على النسيان وكيف تنسى مثل هذه الرواية فمع كل نغم سنسمعه بعد الآن. ومع كل راقص نراه بعد اليوم سنقول شاهين.

شاهين ذلك الباحث عن رقصة الجسد. لم يكن شخصاً بقدر ما كان ماهية ملغزة تتداخل فيها مفاهيم الموت والحياة وتذوب فيها معاني الألم والذاكرة والحضور والغياب هو ماهية جديدة مفارقة للجسد … ماهية الانسان الحقيقية ككائن موسيقي وراقص.

—————

تبدأ الرواية بثيمة المكان القديم والوقت الآزف والحنين لما كان والأسترجاع المكثف بما يوحي للقارئ - على عكس الحقيقة- بأن الرواية تعِد قارئها بتقديم حالة مستعصية من النوستالجيا أو أزمة حنين مستفحلة. إلا أن الرواية هي رحلة تصاعدية تسمو على الإجتماعي المعاش إلى الأفق الأعلى نحو الموسيقى

—————

يقال بأن قوة الإنسان هو قدرته على العلو على من المشخص إلى التجريد وذلك التجريد له طبقات ثلاث للتعبير عن نفسه :
الأدب وهي الأدنى ومن ثم الرسم واعلاها او ارقاها شأنناً الموسيقي باعتبارها لغة الكون التي تقول م ما عجزت القواميس عن ابتكاره من كلمات. إلا ان الكاتبة صالحة عبيد قد خرقت هذه التراتبية فعزفت لغة الكون نفسها من خلال الكلمات.

ترتكز الرواية على شخصيتين منفصلتين، مروان الذي رحل سريعاً والذي اكتشفنا في ما بعد أنه شخصية حقيقية أعادت خلقها وسردها بعذوبة فائقة الكاتبة صالحة عبيد، وشخصية شاهين.

في الفصول التي تتضمن حوارات الراوية مع شاهين يجد القارئ حواراً متسامياً مليء بالتساؤلات واللايقين هو يشك بأنه مازال حياً وهي تشك بأنه ميت. استخدمت الكاتبة ضمير الخاطب في سردها لحكاية شاهين وبذلك أذابت الخط الفاصل بين الحياة والموت وعززت جمالية النص اذ جعلت الميت البعيد اللاموجود هو الأقرب وهو الحقيقي هو الوجود.

رواية بديعة للغاية.
4 reviews1 follower
February 21, 2025
تأتي صالحة بالجديد دوماً، هذا العمل ذو ثيمة مميّزة، تحكي الرواية قصة فن 'الطار' الخليجي الذي يكاد يندثر بعد ما كان رائجاً في حفلات الأعراس في الثمانينيات والتسعينيات، وأسرار الموسيقى بشكل ��ام.
القصة تعرض لنا حياة رجلين افتُتنوا بالموسيقى، وتقاطع حيواتهم عن طريق الأرواح. حفلات الزار، سلالة منبوذة، بيت مهجور، خلاف على ترِكة … تعيّش الرواية القارئ في أماكن مختلفة وأزمنة وتشدّه.
Profile Image for منيرة المهندي..
627 reviews
May 23, 2025
يأتي الصوت في الرواية كذاكرة حيّة وحنين قديم،
وتغدو كل أغنية تُروى، وكل صوت يُستعاد،
محاولة لمقاومة النسيان من حناجر الجدّات،
ولجعل الهامشي مسموعًا بعد طول صمت.

لكن رغم جمال الفكرة، هناك شيء في سرد صالحة لا يصلني؛ شيء يُبطئ الإيقاع أو يُفقد النصّ حرارته. وكأن الحكاية تغني، لكن الصوت لا يخترق!
Profile Image for Monira AL Dasher.
49 reviews5 followers
December 21, 2025
رواية : إلا جدتك كانت تغني
الكاتبه : صالحه عبيد
روايه مربكه للقارئ تأخذ منه مجهود ليجمع ويستوعب خيوطها هي ليست قطع من الباذل لكل قطعه مكان توضع فيه لتكتمل الصوره هي قطع من المرايا المتشظيه ليس من السهل تجميعها .. صوت الروايه وراويها العليم بلا اسم حائر في نقل السرد مما يحير معه القارئ .. الجده عديجه صاحبة فرقة شعبيه للاعراس هل هي راعية الزار التي احبها تاجر العبيد من عائلة العابر العريقه وهل هي ام زليخه التي ايضا تزوجت من عائلة العابر وانجبت شاهين ام ان راعية الزار غابت مع اتباعها عند البوابه الجديده محل التقاء العالمين عالم الانس والجن .. والتي عاشت علي الساحل ذو الرمال البيضاء مع ابنتها التي نعتت بالجِنيه و التي تزوجت ايضا من بيت العابر هل هذه الصفحات من 207 الي 223 تخص الجده صاحبة الروايه .. هل البيت الذي تدور فيه احداث البحث عن صورة الام هو بيت عديجه وشاهين ام بيت نوره ومروان هل هو بيت الزار ام البيت الذي يراد بيعه .. بين شاهين ومروان سنين بسيطه فلقد التقت نوره وزليخه في عُرس كان شاهين سبعة اعوام ومروان عامين .. اي ان احداث الروايه ليست بين الماضي والحاضر وهل راوية الروايه هي اخت مروان وهل البيت بالشارقه ام بدبي هروب راعية الزار وابنتها زوجة العابر كان وقت حريق دبي وذلك من زمن بعيد .. فكم جده بالروايه واي جده هي المقصوده .. هي رواية الهَل واللماذا .. لماذا احداث تخيليه ندعمها ونعضضها بأسماء لاماكن واشخاص حقيقيين كحادثة الرصاصه في فندق شيراتون الشارقه بالاسم البين والمكان البين واسم صانع الاعواد بمكه واسماء مطربيين حقيقيين ومعروفين هذا التمازج بين الخيال والواقع اربك القارئ ؟ .. هل هو مكان واحد ضايع فيه الزمان .. مكان يجمع الانس والجان يجمع الموسيقي والرقص يجمع الفقد والدموع والاحزان .. خلال الرحله هناك تبوهات فتحت ونوقشت كتجارة العبيد وأسرهم و النظره الدونيه للطقاقات والارتباط بالزواج منهن واختباء ممارسة العزف وصناعة الاعواد بمكه وكزواج الخليجيات من الاجانب واختفاء معالم الامكنه وتغيُرها بسبب الحداثه والتحديث .. الروايه تأخذ ثلاث نجوم لماورد فيها من معلومات كثيره عن الموسيقي وصناعة الاعواد وانواعها وعن زيارة مكه وبودابست ولندن .. لغه الروايه جيده رغم الاخطاء الاملائيه ومجهود واضح من الكاتبه في جمع هذا الكم من المعلومات .. لآخر صفحه من الروايه هناك معلومه للقارئ ليبحث عنها
Profile Image for Amina.
71 reviews2 followers
February 19, 2025
رواية إلا جدتك كانت تغني للكاتبة صالحة عبيد
عمل إبداعي تناولت فيه الكاتبة روح الموسيقى بأسلوب إبداعي
في الرواية صراع بين الروح والجسد والذاكرة .
Displaying 1 - 9 of 9 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.