داخل هذا الغلاف، انوجد بطريقة ما، كلام هو أكثر ما رغبت في قوله، وأقل ما رغبت أن يقرأه أحد .. وما أنا أكثر ثقة فيه من كل ما سواه، وما أنا أقل استعدادا لتبريره من كل ما سواه ..
المجموعة متوفرة في الدار الأهلية، عمَّان - الأردن ..
في محراب الشعر تسجد اللغة والبيان .. كيف للمعنى أن يسافر فينا ! وحواف القلب ترتجف إذا ما قلبها وهج الكلام .. لتستفيق فينا كل الأشياء التي مضت .. يكفيني من حواف أن يقول : "إني أنا لما أحب وحين اكره حين أفرح حين أحزن لم اكن يوما سواي فلا تحبي واحدا مني .. أحبيني جميعا أو دعيني "
كنت أرى الله في الوقت يجمع شملي علي يكونني من تصاويرِ ماضٍ وأحلام آتٍ وآنٍ فتي ولا أتبعثرُ في الدهر لا أتساقطُ قطراتِ ماءٍ على ضفتي جرةِ العمر
----
لن يغفر للضوء لن يغفر لهُ أولئك الذين لم يُظلِم خارجهم فجأة ويمنحهم إطلالة مؤقتة على داخلهم .. لن يغفر لهُ أولئك الذين انتهكوا أعينهم بفائض الصور ولم يروا الفراغ المُطلق أو الامتلاء المُطلق .. لن يغفر لهُ أولئك الذين يمشون في كل اتجاه إلا نحو أنفسهم
لا أزعمُ أني فهمته كلّه، والحقّ أنّ اللغة الشاعرية التي كتب بها لغة عالية، والصور الشعرية مبتكرة ومميزة. أكثر قصيدة استمتعتُ بها هي القصيدة التي خاطب بها والدته [ حفظها الله ]
في تقييم الشعر الحر معضلات كثيرة، في مقدمتها أنه ذاتي بالأساس، تماما كأساس ظهور الشعر الحر تمردا على الموضوع والمعنى الواضح حد الإختفاء في أشعار القدامى.. فنظرتي للشعر الحر أنه انفعال ذاتي عميق يعبر عن حالة شعورية فريدة من عينها ينبع المعنى جميلا وصادما بعد تطواف وعناء... بعد ذلك يأتي دور أمل دنقل، فيا ويله من يكتب شعرا حرا بعده في نظري، فكأنما اصطدامي بأمل دنقل أقامني على هرمه العالي أنظر إلى كل من حوله- حتى وإن طاله وتجاوزه - على أنه دونه وفيه منه شيء وأشياء...
وهنا معضلة أخرى، وهي مقابلة دكتور همام الذي أحبه وأتابعه وأقدر نظراته الفكرية ورؤيته للواقع الاسلامي العربي، بل وأستمتع بقالاته الفكرية وحسه الفلسفي المؤمن الجميل، ولكن حسبي من "حوافه" ملامسات ونظرات ألقيها إليه على عجل وفي إيجاز، معتذرا بتأرجحه بين قلم الشاعر والفيلسوف:
فمن "على مرمى هواه" أشعر بالمعاني حين تبدأ في التجلي قبيل مغادرة البدايات البريئة، وقد شاركته "رسالته اللا أخيرة" فقد مررت بها زمنا حين ثقلت يدي وتقاعس الحبر ولم أدر كيف أكتب بالسواد على السواد، وخبرت جدوى راحل نحو الحبيب حين يعود بنصف الحب، وكدت أبكي - حقيقة لا مجازا - في رائعته "عاشقين قديمين" التي تتنافس - من على مرمى هويته - على الاستحواذ علىّ بجمالها ومشاعرها مع القصديتين " بيان من إخوة يوسف" و "فلسطين فلسطين عمان..وأطلال نبوة" وبالقطع رسالته إلى صديقنا أمل دنقل... رأيت مطاردة المعنى بشغف الحفر في الأعماق ومغادرة السطح كما يتجلى في "السير ثوب من كلام" و "وتر مفرد" ... ومن "على مرمى هاويته" يظهر قلق الاقتراب من المعنى ومجاهدة الذات في "بصيرة" وفي "مشيه" مع الشمس و"غفران" الضوء، ورغبته منها في أن تلقي في وجهه السؤال دون خوف من قشرة اعتداده أو عطفا على نواته الهشة...
نعم يا سيدي كما ذكرتَ، حاولتُ أن أشهر ذكاء أحدّ من سكين، وخبرة أطول من حياة نملة دؤوبة،وحسا مرهفا كوجه بحيرة، حاولت أن أعري القصيد، ولكن ليس لأنبش أظفار السؤال الصدئة، بل لأهرب معك إلى الحب والجمال والمرأة، والضحكة، وإلى الله!
للكتابة مراوغات كثيرة وأبواب عديدة منها مايُكتب للجمهور ومنها للنُخبِ منهم , وأغمضها ذلك الذي يكتبه الكاتب لنفسه فلا يشعر هذه الكتابة حينها سواهُ ولا يتلقّاها غيره ويكونُ هو الكاتب والجمهور بنفس الوقت اللهم إلّا قارئٌ بصيرْ يتقمّصُ بعضَ روحِ الكاتبْ . وفي هذه الكتابات لا تُدركُ اللغة بقواعد العقل وظاهر القول بل بما يمرّ منها في طيّات الفؤادِ والحسِّ والمعاني .. على كلّ ليس كلّ الديوان من هذا النوع فهو مقسّمٌ إلى ثلاثة أجزاء على مرمى هوى , على مرمى هويّة , وعلى مرمى هاوية ! وهذا الأخير الذي تكلمتُ عنه ..
عاشقينِ قديمين التقينا , وانمّحتْ عن شفتينا قُبَلْ , فاستعادت لونها الورديّ من بعدِ احتراقْ . ويدانا ضيّعتْ عفويّة الخطوِ .. تناستْ كيفَ سهواً تتنادى لعِناقْ , وغدونا ياحبيبي حذرينْ , وتعلّمنا مُداراة التهابِ الجُرحِ , همسَ الرّوحِ , زلّاتِ اللسانْ . كانَ في المقعدِ حُبُّ جالسٌ مابيننا , فسحةٌ كُنّا حجزناها لهُ , أوخداعاً لعيونِ الناسِ أو خوفاً من الأنفاسِ أن تُفشي لهيباً كامناً خلفَ الدُّخانْ , فسحةُ الحبِّ التي مابيننا حلّ فيها اليومَ شالٌ وحقيبة , وأراها اتّسعتْ .. هل فراغُ المقعدِ استقوى علينا , أم تلاشت جذوةُ الأنفاسْ .. فاخترنا الأمان .
~رجاءات~ أصغِ السمع أيها الكون تنازل عن كبرياءِ ضجيجك هّدى تلك النجمةَ المسرعة _لماذا تُسرع وهي تجري منذ الأزل؟_ قدّم للبركان الهائج لفافةَ تبغ مُرِ النهرَ أن يستريح قليلا ويشرب أخبر الريح أن تلتقطَ أنفاسها أمنح الرّصاصة جزءاً من الثانية _ربما تعكس إتجاهها_ اسكب ماءً بارداًعلى ذاك الفراش المشتعلِ ألقِم آدم تفاحة أخرى -ولتكن هذه المرة بحجم فمه_ رتّب لعقارب الساعة موعدا مع طبيب _من لا يدركه التّعبُ لا بذّأنه يعاني_
.. لن تفعلَ ولأنك لن تفعل ستظل رجاءاتي العالية تواري صوتيَ المختنق ..وارتباكيَ الخجل
داخل أروقة هذا الديوان تدخل في رحلة مطاردة مع ذاتك ، تلاحقُها بين القصائد وخلف الحروف .. يمارسُ كاتبَهُ دور الفيلسوف والشاعر فيعطي مفاهيماً لأشياء نزعنا منها ذلك وظننا أنها غير مهمة ، يعيد خلق الوجود في كل عبارة يعطي نظرة جديدة ينزع المعاني عن أشياء ثم يعيدها لها بعد أن تجثوَ على ركبتيها أمام بليغِ عباراته المفعمة بالمعاني .. دخلت إلى الديوان كارهاً الشعر الحُر وخرجت منه وقد غيرتُ موقفي !! يوجدُ شعر حر جيد ومميز وهذا منه .. اقرأوه كتاب مميز
لو اقتصر الديوان على قصيدة "فلسطين وعمان..وأطلال نبوة" لكفاه.. :) هذه القصيدة جعلتني أتوقف كثيرا، ولم تسمح لي بالتقدم في القراءة مدة أشهر، فكنت كلما فتحته أعدت قراءتها.. وأغلقته مندهشة! :)
ربما لم يكن همام يحيى مصيبا جدا عندما قرر نشر كتاب في "أكثر ما رغب في قوله، وأقل ما رغب أن يقرأه أحد" فيه مقاطع جميلة .. ولكن أكثر منها ما معناه ليس سوى في بطن الشاعر!