ممالك وملوك، كهنة وحكماء، قصور ومعابد .. قبل اكثر من 2500 عام خاض شخص يدعى تور في أشهر قليلة صراع تخوضه البشرية في عصور طويلة ووجد نفسه فجأة وهو خادم المعبد البسيط في قلب صراع محموم يتعارك فيه الدين والجنس والسياسة ...
محمد برهان ، صحفي سوري ، يعمل كرئيس تنفيذي لقناة CNBC عربية عمل منتجاً في شركة قنوات دبي بين 2000-2003 ، وكاتب لعمود صحفي في صحيفة الخليج من2000-2003 ، وصحفياً في المركز الإعلامي لشرطة الشارقة 1998-2003 حاصل على بكالوريوس في الصحافة عام 1997م من جامعة دمشق . مقيم في دبي
قصة "كاهن الخطيئة" تعكس الصراع المعقد بين الدين والسلطة والجنس، كما تسلط الضوء على العلاقة بين الحاكم والمحكوم. إنها رواية تتناول الحروب باسم الدين، وتعرض شخصية تور الكاره لكل ما يتعلق بهذا الدين، مما يجعلها رواية جريئة في طرح أفكارها حول الدين. الكاتب استند إلى الماضي ليقدم احتجاجه على بعض الممارسات التي تُمارس باسم الدين، دون أن ينتقدها بشكل مباشر. فقد ركز على مفاهيم الطاعة المطلقة التي تمنع التفكير، وعندما بدأ تور في التفكير والتساؤل، تعرض للاضطهاد. كما طرحت الرواية تساؤلاً مهماً: هل تعاليم الدين هي ما نعيشه أم أنها مجرد تعليمات من حراس الدين؟ اللغة المستخدمة في الرواية جميلة وسلسة، تأخذ القارئ إلى عالم قديم، فتخرجه من واقعه المعاصر ليعيش في زمن بعيد مليء بالصراعات والمفاهيم الصارمة. الأفكار جريئة، لاسيما عندما يتحدث الكاتب عن الطاعة المطلقة والتقيد بالمفاهيم الدينية، من دون السماح لأي مساحة للتساؤل أو النقد.
الكاتب في هذه الرواية يبدو في حالة من التردد، حيث يتنقل بين وصف الفلسطينيين بالسارقين وبين وصف اليهود بالخيانة، ثم يعود ليؤكد أن ما يحدث هو "إرادة الرب" في تمكين اليهود من خيانة المصريين! وهو سؤال يطرحه القارئ: هل كان اليهود أعداء للفلسطينيين في تلك الحقبة؟ من بين الأفكار التي لفتت انتباهي، تلك التي تطرقت إلى جمع تور لأوراق البابيروس، وهو عمل شاق ومتعب، لكنه يعتبر ساذجًا بالنظر إلى من سيكتب عليه. إذ لا يُسجل الفضل لمن جمعها، بل يُرفع من شأن من كتب عليها، في نقد ضمني للظلم الاجتماعي الذي يغفل دور الأشخاص الذين يقومون بالأعمال الشاقة.
في بداية الرواية، وتحديدًا في الصفحة 49، نجد إشارات إلى الكلب المعروف بالوفاء الذي وقف ليحمي المرأة في برد شديد، ولكنه كان عرضة للرشوة من قبل الشيطان، في إشارة رمزية إلى الانحرافات التي قد تواجه حتى أسمى المبادئ.
أما عن الظلم الذي وقع على باتريسيا وأختها بسبب خيانة والدتهما، فإن الرواية لم تتناول مصير باتريسيا بوضوح في نهايتها، مما يعد من نقاط ضعفها. وكالعادة، يتفق السياسيون مع الكهنة لتحقيق مصالحهم، ما يجعل الرواية تقدم صورة دقيقة لمشاكل قديمة ما زالت قائمة حتى اليوم، وتنتظر الحلول.
هذه الرواية، بكل ما فيها من تساؤلات ومفارقات، تقدم صورة حيّة للواقع الذي لا يتغير، حيث يستمر الصراع بين الدين، والسلطة، والجنس، في وقت تظل فيه قضايا الحياة نفسها تنتظر إجابات قد لا تأتي أبدًا