" لست المخلص الذي انتظره أحفاد إسرائيل، ولم أكن يوما المسيح الذي انتظره أتباع يسوع، ولا أنا المهدي الذي انتظره المسلمون، بل كنت دوما وفقط، حسون. ولدتني أمي في قرن الشمس بأرض اليمن منذ ألفي سنة وسبعمائة عام. أنا حسون ابن صفية بنت حزقيال بن ميمون القداح. وأنا حسون بن عبدالله بن إسماعيل بن شمس القرشي."
تخيل -وأنا أعلم أنك لن تستطيع أن تتخيل أن يعيش إنسان 2700 سنة! ما الذي سيشاهده وكيف سينمو وهل ستظهر عليه علامات الكبر وهل سيتحمل الحياة كل هذا الوقت ووووو
"حسون" ولأن لكل أحد من اسمه نصيب فهو فعلا كالحسون يتنقل بين القرون بخفة كأنه يتنقل بين الأشجار.
ولد لأب مسلم وأم يهودية فأصبح ينتمي للدينين ولا يميز أحدهما عن الآخر!
حفظ القرآن وتعلم الدين وعاش بين المسلمين على أنه مسلم. وحفظ بعضاً من التوراة وعاش بين اليهود على أنه منهم. فمن هو حسون بالضبط وإلى ماذا ينتمي؟!
رواية صُنعت ببراعة وعلى نار هادئة. وتجربة ثانية مميزة مع الجيزاوي.
* تيه نفسي عظيم ((كل ما اريده ان اعرف نفسي)) همه ان يعرف فيما المسير وما الغاية ؟ خُلِقَ لوالدة يهودية و اب مسلم من خلال قصة حب جمعت الأبوين رغم التحديات الدينية والمجتمعية. الصراع هو البطل الحقيقي للرواية الصراع النفسي الذي كان يداهم حسُّون بإستمرار، صراع حول ماهو الاختيار الانسب عبادة رب اليهود ام عبادة رب المسلمين ام هو رب واحد لرسل و أمم مختلفة... صراع فيما يكون الأفضل، ان يعيش كيهودي؟ او كمسلم؟ و كلما مالت الكفة الى جهة منهم أحس بالذنب وبخيانته لأحد والديه.
عاش كيهودي سنوات من عمره و عاش كمسلم سنوات من عمره الذي لا ينضب، فالعمر بالنسبة له رقم..تزداد الارقام ولكن لا يبدو على هيئته عمره الحقيقي كأن يكون في الثمانينات من عمره لكن شكله لم يتجاوز الاربعين فلا يتغير شكل وجهه ولا تصيب السنوات بالجسد البلى و كذلك خصائصه النفسية والعقلية لم تشيخ. احب و عرف طعم الحب و عرف معنى الخوف والمطاردة و عرف الزهد و عرف المكر.
دائما ما يُترَك لوحده يكابد الحياة...كلما يتعلق بإنسان يأخذه منه الموت يقول حسُّون عن نفسه " لاحبيب هنا، ولا صاحبة، كما لا أُم لي ولا والد. حسّون المنبوذ سيبقى للأبد وحده جذع بلا جذور ولا ثمر. ينتصب فوق الأرض بلا غاية ولا نفع".
الجزء الثاني من الكتاب هو قراءة لما قد يكون عليه المستقبل. بعدما تجاوز قرن من العمر. حدث ما كان يخشاه وهو القبض عليه وجعله نموذج للأبحاث والتجارب الأوروبية و ينتقل من مركز الى اخر حين يعجز العلماء عن تفسير الظاهرة ينتقل من مركز ابحاث بلد اوروبية ما الى مركز ابحاث دولة أوروبية اخرى. وهذا الاهتمام الشديد به نتج عن ان ثلثي العالم اصابه الشيخوخه خصوصا الغرب، فكان البحث عن كيفية عدم تغير الجسد واصابة العقل بالنسيان ضرورة . قرر المجلس الاوروبي من صنع نسل لحسّون تحسبا ان مات قبل ان يصل العلم الى ماهية قدرته في الحفاظ على شبابه رغم تقدم العمر فجاؤا ببويضات وخصبوها بنطف حسّون. ارادوا معرفة ان كان نسل حسّون يحافظ على شبابه ايضا... وضعت الاناث الحاملات لنطف حسّون حملهن.. كبر النسل و ماتو و فشلت التجارب. و روث العلماء اجيال اخرى من العلماء تتعاقب على الرجل و تفشل تجاربهم على مدار ٨ قرون. مجلس العلم المتكفل بدراسة حسّون غايته امداد الحياة لاطول فترة ممكنة واثبات عدم وجود الاله و تفوق العلم على الدين بل جعلوا من العلم دينا و من العلماء رهباناً لهذا الدين الذي يرى الاديان الاخرى كعدو له.
بعد ٨ قرون حبيس مركز الابحاث نال حريته و انطوت صفحة العلم والعلماء بسبب بعض الاحداث التي يسردها الكتاب والتي لا اود حرقها عليكم.
يحكي حسون بعد ذلك غربته التي لا انجلاء لها. ينقله الدهر من ارض الى ارض فيحكي حال الأرض التي يعيش فيها بعد انقضاء العلم و تحول العالم الى حطام والى بدائية مرة اخرى
عاش حسّون الى ان لم يعد كائن حي الا هو.. عاش الى ان أَفَلَ العالم.
كتاب رائع ادماني، لا تكاد تتركه الى ان تتحرى عودتك لإكمال الرواية. لغة سلسة و معرفة عميقة بأحاديث آخر الزمان التي استخدمها الكاتب في الجزء الاخير من الكاتب و جعلك ترى احداث اخر الزمان من خلال حسّون وما اصابه من كرب...
خير ما يُرزق به الكاتب فكرة، ثم براعة التوريط.. يُناط الأمر بعدها بجهده وموهبته وبحثه وإدارته للسرد. ثم تتوج كل ذلك اللغة، فتصقل العمل إيجاباً أو سلباً. مهارة الحكي فطرة، لكن النحت والكشط والتهذيب، مهارات تكتسب بالمران والدربة. تلك هي عتبات النص في رأيي. ماذا لو توقف الموت عن حصد النفوس؟ امتدت أزمة الخلود منذ عهد الإغريق حتى ساراماجو، ماذا لو لم يمت الناس، عموم الناس؟ أما الجيزاوي فيقدم حالة واحد من آحاد الناس، كل من حوله يتلاشى وهو باق. يغفل عنه الموت فيبحث هو عنه. أسطورة لو وقعت في يد كاتب هاو لملأ حياة البطل بالخوارق، لكنه قدم لنا الخلود كمحنة، خلع عن بطله أي شكل من أشكال الإعجاز. بقي في بطن أمه عامين وسبعة أشهر، ثم أتت به قومها تحمله فلم يجعله معجزة تنطق. تاه في الصحراء، لكنه لم يعد حاملاً عصا موسى، آوى إلى الكهف خمسة عشر عاماً، لكنه لم يتلق وحياً. هو لا يريد أن يجعله معجزة تسحر الخلق.. بل مأساة تؤرق قلب صاحبها. يهرب باستمرار حتى لا يُكشف سره. يجوب العالم كله بحثاً عن إجابة. يموت من أحبهم بين يديه. تذوب ذكراهم أمام عينيه، تمتد به القرون دون أن تهرم ملامحه. يعيش ألفين وسبعمائة سنة، مفارقة مشابهة لفترة البقاء في بطن الأم. كل من حوله يتقاسم الفناء، لكن يد الموت لا تمسّه. تبكي معه فراق الأحبة وتتمنى له الخلاص، تتورط معه في حيرته. ما قيمة البقاء بعد رحيل الرفاق؟ كل النفوس تستوفى أجلها، أما هو، فأجله بلا نهاية. علاقات من جديد، وجوه تتجدد. ما قصد الرب من إبقائه في عالم يخضع للتغيير باستمرار؟ وهل يُسأل الرب عن مقصده يا "حسون"؟ أسئلة كثيرة ستبقى بلا أجوبة. ستمتلئ رأسك بالحكايات والتفاصيل المليئة بالشجن والفكر والغواية. ستتمنى لو حظي البطل بنعمة الموت. يختلط الخاص بالعام في أطر إنسانية وفلسفية وعلمية، يتطرق الكاتب لأحوال العلم والتاريخ وعلاقات الدول. تنفرط الحكايات أحياناً ويطول أمدها لكنك ستبقى منتظراً.. ماذا بعد؟ ألفان وسبعمائة عام.. حياة يصعب تخيلها، فما بالك برصد أحداثها! انتابني الحزن حين مات "غلام"، لكنه قدم لي الموت كنقطة وصول حتمية لكل عائش.. فمن عاش مات، غضبت أنا ولم يغضب "حسون"؛ لأن حسون يرى الموت نعمة يحسد الكلب عليها.فالموت غاية كل حي. خلع القداسة عن البطل الخالد، بساطة الفانين أكثر متعة من خلود بلا فائدة. البطل يعشق ويفسق، يذنب ويتوب، يبتعد ويثوب.. إنها قصة الإنسان في نهاية الأمر. فهو يحيك المؤامرات ويشتهي النساء ويعارض الرب، يسائله في غضب عن سبب خلوده، خاصة وهو بلا معجزة، اللهم إلا وجهاً لا يشيخ وجسداً لا يبلى، وحباً بلا حدود للضعفاء والمساكين. حار العلماء والفقهاء في تفسير حالته، آوته أحبار اليهود ورهبان النصارى ومتصوفو الإسلام فاتسع قلبه للأديان كلها. لم يعش له ابن ولم يهنأ بزوجة إلا قليلاً. شخصية الأم "اليهودية" شامخة والأب العظيم "مسلم"، والراهب "المسيحي" الأخير رائع. لم يخل الأمر من شخصيات على النقيض في جميع الملل. كتب الجيزاوي من مسافة محايدة من الأديان الثلاثة، ولم يتطرق إلى مواطن خلافية في ذكاء يحسب له. على مستوى السرد، لجأ الكاتب للضمير الأكثر راحة في الحكي، الضمير الأول، The first person narration ، أكثر طرق الروي قدرة على تحقيق المصداقية، السارد بنفسه يقصّ حكاياته، ما أتاح له التجول بين أزمنته بأريحية، وتبرير نجاحاته وإخفاقاته. طول العمر أدّى به إلى الوصول إلى الأدب التنبؤي. وضع أفكاره حول صيرورة العالم ومآلات الأمم، تنبأ بعودة البشر إلى حال أسوأ من إنسان الكهف، سواد الكراهية والقتل من أجل لا شيء. بطلنا صاحب نظرة تشاؤمية عطفاً على سوء ما رآه. في معتقدي، أن صدق النبوءات وتوقع المصائر يُعد تأطيراً لفكر الكاتب، لكنه يختصم من الرواية. يختبئ "حسون" في الجبل، يأوي إلى جبل يعصمه.. كأنه يعود إلى رحم الأرض هروباً من العالم. يكتشف السر الذي يمكنه به أن يحيا، لن تبلغ راحة قلبك إلا بـ"كسر الجناحين".. فماذا عن السر الذي يمكنه به أن يموت؟ لا أحد يجيبه. لغة النص مبهرة، زهرة فاحت بعد ريّها بتمهل، مصقولة ومنحوتة، والتدقيق دقيق (لولا هنات بسيطة لا يخلو منها نص). أعرف أن المؤلف استغرق أربع سنوات في كتابة الرواية، الجهد واضح والمفردات موافقة للأزمنة المتباينة، والرواية "متعوب عليها"، تقرأ فتعرف أن دراسات وأبحاثاً أجهدت القاص، وأن أطناناً من الهوامش سبقت كلمة البدء. كما لا يمكنك أن تغفل جودة الغلاف إلى حد الإتقان. مبارك للصديق محمد الجيزاوي وشكراً على الرحلة التي صاحبنا فيها حسون وصفية وعثمانة وغلام وغلام. رحلة مضنية للكاتب والقارئ على السواء. طالت الرواية قليلاً، وهن الشغف حين ابتعدنا عن زمن الأحبة الأوائل، لكننا لم نستطع التوقف عن القراءة إلا بعد كلمة "تمت".
لم يكن حسون إلا صوتًا يردد بعض تصورات الجيزاوي عن أحداث النهايات، فلم نجد شخصية حسون تتطور مع السنين مع الخبرة الحياتية ومع القراءة والاطلاع وتعلم اللغات، دائمًا هو الأدنى في أي علاقة أو أي حوار، كأن عقله توقف عند عمر المراهقة، وما سرى على حسون سرى على العالم، فمئات السنين لم تشفع للجيزاوي أن يبين لنا صور التقدم المذهل والذي نراه في عصرنا الحالي والذي يشهد كل دقيقة تطورات عظيمة، لم أقتنع بحكمة خلوده فلمن يدون القصة وما هي القصة؟، فحسون شخص لا يملك رؤية ولا فلسفة ولا رغبة في التفاعل مع العالم وتطوراته، ولم يقترف ولو لمرة ذنب أن يتابع الأحداث على التلفزيون أو النت أو صفحات الجرائد ليعرف ما يدور حوله في العالم ليستطيع تسجيله، حتى المحاولات الضعيفة لإضفاء شيء من العمق والحلول لبعض المعضلات فكان تناولها سطحي وضعيف، فقط ملئت صفحات الرواية بقصص كثيرة عادية لم أعرف ماذا ستضيف للرواية غير مزيد من الصفحات، لكن ما أعجبني في الرواية هو التطور الرائع للغة الجيزاوي وذكائه في الحصول على فكرة جديدة، ورغم طول الرواية لم اشعر بالملل أعتقد أن هذه الرواية كان من الممكن أن تكون رواية عظيمة لو توفرت فيها بعض العناصر، مثل أن نرى بوضوح التطور في شخصية حسون الذي عاش 27 قرنًا وان نرى تطور العالم يومًا بعد يوم، ويكون هذا على حساب القصص الكثيرة الغير مفيدة، وأن نرى حكمة لخلوده أكثر إقناعًا أو فائدة
" لست المخلّص الذي انتظره أحفاد إسرائيل، ولم أكن يوما المسيح الذي انتظره أتباع يسوع، ولا أنا المهدي الذي انتظره المسلمون، بل كنت دوما وفقط، حسون. ولدتني أمي في قرن الشمس بأرض اليمن منذ ألفي سنة وسبعمائة عام. أنا حسون ابن صفية بنت حزقيال بن ميمون القداح. وأنا حسون بن عبدالله بن إسماعيل بن شمس القرشي."
ماذا بينك وبين الله يا جيزاوي حتى تكتب تحفة روائية كتلك؟
بين دفتي رواية لا تتعدى الثلاثمائة وثمانين صفحة يروي الجيزاوي على لسان حسون ألفي سنة وسبعمائة عام، حياة مليئة بالملاحم، بسرد ماتع ولغة قوية ومجهود أربع سنوات مثمرة، أعدّها من أقوى ما قرأت الفترة الماضية، نعيش حياة حسون المنقسمة بين أبيه المسلم وأمه اليهودية، الصراع بين رجال الدين ورجال العلم، كسر جناحي الدنيا والآخرة والحب المتبادل بين العبد وربه، وهل يستحق اليهود غضب الله عليهم؟
"من ردّ الرسول فقد أساء إلى من أرسله".
حقا استمتعت واستفدت، وصدقا أقول "لو أمهلني الوجود ولم يندثر" فسأقرأ هذه الرواية مرة أخرى...
كلنا يبحث عن الإلهام .. عن الكتاب الذي ينقلك إلى قارة فكرية مختلفة ومحفزة .. عن الكاتب الذي يثير ذهن القارئ ويقدح قدرته على التفكير والاستنارة ..
"الدم والحليب" .. من الأعمال الروائية ذات الأرضية المتسائلة والحاملة لنزعة التشكيك .. العمل الذي يدعوك لصياغة الأسئلة وتوليدها من رحم النص .. لا الذي يجيبك عنه بل ستجد أن اجابات اسئلتك متروكة لك وحدك ، عبئا واقع على كاهلك انت وحدك ولن يعينك أحد فى حمل هذا العبء .. ستتوالى الأسئلة متعمدة مستمرة لتجعل من القارئ متحفزا متحاورا لا ملقنا ..
ماذا لو تخطاك الموت! فانتازيا تحمل سخرية لاذعة .. حكاية خارقة ذات شاعرية كونية فخمة ومبهمة ..
صنع الكاتب شخصيته الرئيسية "حسون" وجعلها شخصية فاعلة لاستكناه الاسرار لعلها تتمكن من الظفر بالفهم لكل ما هو ملتبس ويحيط بحياتنا ووجودنا .. ادراك الوجود هو المحور الرئيسى الذي تنصب عليه التساؤلات التى تقض على الشخصية مضجعها فتجعلها نهبا للشكوك وفريسة للحيرة، لتنتقل الرؤى والأفكار إلى القارئ ويشعر بذاته أكثر ذكاء وأكثر حرية وأكثر اندهاشا عندما يرى الصراع بين الأضداد ويشعر بالفوضى وينتابه الاحساس بالشك والتذبذب والوقوع فى شرك الوهم .. ثم تتداعى الأسئلة عليك متدفقة لإعادة تشكيل الواقع المفكك وترميم حياتك وانقاذها من السقوط ..
تحكم الكاتب فى شخصياته بدقة وإحكام .. لم يفلت منه الزمام قط .. فى بعض الحقب الزمنية شعرت أن الكاتب يحاول أن يروى القصة لنفسه دون أن يفكر فى أى قارئ محتمل .. وفى أوقات زمنية أخرى رأيته يفكر بوقع ذلك المقطع أو تلك الحكاية على القارئ ليتيح له قوة الارتحال والسكن فى ثنايا الرواية ..
يدور السرد احيانا فى إطار صوفى محبب للنفس .. حالة من الحالات التى لا تكفى الكلمات لوصفها .. لكن ابداع الكاتب ولغته الرشيقة الغير متكلفة يأخذ القارئ لبعد خاص من المكان ومساحة مختلفة من الزمان .. والأشخاص يسيلون عبر الزمان والمكان .. كما يأخذك السرد بمتعة واتقان إلى الرؤى الدينية والعلم والدين وفلسفة الابتلاء والامتحان .. ولو كنت من نافذي الصبر فهذه الرواية ستعلمك كيف تكون صبورا فمن الإبداع أنه برغم طول الرواية فإن السرد يحاصرك بطرق غير متكررة .. ولن تجد خلطا أو تشعر بحيرة أثناء التنقل بين الأزمنة والأماكن والشخصيات .. ناهيك عن عدم الكشف عن النهاية أثناء الحكى مما يجعلك متلهفا متسائلا "ماذا بعد" .. بل كانت هناك ملحمة تنبؤية غير متوقعة جعلتنى ازداد إعجابا بعبقرية الكاتب فى تحقيق تضاد قلما يحدث وهو "خطة ورؤية وفكر منظم مع التشابك والتشعب" ..
رأيت الرواية بالأبيض والأسود .. واعتقد أن الألوان قد سلبت منها عمدا حيث تطغى الأجواء الداكنة .. بينما كانت النهاية متعددة الألوان فانظروا إلى هذا المقطع البديع على لسان البطل ..
"لو صفت الحياة من جديد، ورضيت السماء عن الارض فأوقفت زخها الأليم، ربما انزل الى الأرض وأبحث عن الناس، فلعله قد نجا منهم أحد، سأعلمهم كيف يتكلمون، وأرشدهم إلى الطريق الذي ضللت عنه، أزرع فيهم ما زرعه غلام فى قلبى، أعلمهم الوفاء والحب، سأحدثهم عن الله، الله الذي أحسه وأشعر به"
هى ملحمة ورحلة شاقة طويلة دون سأم أو ملل .. ثنائية الحياة والموت .. هى دعوة للتأمل والكشف عن سوءات النفس .. هى منجم للأسئلة .. رحلة ممتعة عبر قارات فكرية وجغرافية وتاريخية مزينة بلغة راقية سلسة دون تقعر أو تعقيد مما تشعر معه أن الشخصيات تنطق بالفعل .. رواية "الدم والحليب" تكشف كشفا حاذقا عما يدور فى الرؤوس وعما يكمن فى النفوس .. ستنتقل من عالم إلى آخر دون التقاط الأنفاس ..ستجعلك أكثر إدراكا واحساسا بكل ما حولك .. هى تجسيد ملحمي للحياة والحب والموت .. الرواية وحتى سطرها الأخير تستحق كل دقيقة مرت فى صحبتها ..
انتهت الملحمة الأدبية الانسانية في أقل من أربع وعشرين ساعة وتوقف العقل يلتقط أنفاسه بعد ركض طويل بين القضايا والآراء والمشاعر التي فجرها الموهوب البليغ محمد الجيزاوي.
في تحفته السابقة المارستان سأل أديبنا : ماذا لو أصبح الجنون وباء ؟ في تحفته الجديدة : ماذا لو قدر لبشري أن يحيا ألفي عام تتعاقب عليه عشرات الأجيال ويتغير شكل الكون وهو ثابت لا يشيخ ولا يشيب ؟ الشق الأكبر ماذا لو شرب هذا الأسطوري من الدم والحليب فعاش وجدانه وفكره بنصفين يهودي ومسلم ؟
الرواية تطرح أسئلة متنوعة متباينة حول الانسان والدين والحب والأمومة والعلم والزواج ودناءة النفس البشرية ونبلها وزهدها وطمعها. المدهش أنك لن تمل وسط هذه الدسامة ولن تشعر بفرض الكاتب لآرائه فهو يسوق لك أفكارا صوفية خالصة على لسان احد أبطاله وينقدها نقدا لاذعا بينا على لسان آخر. يعرض الصراع المفتعل بين العلم والدين ويستميت في الدفاع عن الطرفين على لسان أبطاله. يطرح فكرة الفتوحات الإسلامية على لسان احدهم ويسميها غزوا على لسان آخر.
الجيزاوي ليس واحدا ممن يدفعون بالملعقة المحملة بفكرهم ويدسها في فمك كرها. ربما وقع في هذا الفخ قليلا في تحفته "الخمر ما عادت تسكر " لكنه يكبر وينضج ويتعملق عملا بعد الآخر وينضو عن قلمه غبار الوعظ المباشر الذي اراه ينتقص من العمل الأدبي أكثر مما يمنحه.
أختم مراجعتي الطويلة المملة باقتباسين يستحقان التأمل من صفحات العمل البديع من رد الرسول فقد أساء إلى من أرسله
كنت النكرة الذي يبحث عن نظرة تقدير في عيون الغرباء، حتى لو كانت نظرة في عين رجل مربوط إلى عمود،ينتظر أن يحرق في الصباح لكنه أقر بوجودي. اعطيته الوعد بإنقاذ ابنته لأنه أعطاني قيمة
شكرا للجيزاوي وشكرا للمدقق اللغوي ومصمم الغلاف ودار عصير الكتب. عمل رائع وخمسة نجوم لا تردد فيها.
فكرة مميزة جدا لغة عظيمة سرد عالي الجودة لكن ترهل في الاحداث مما أضعف تركيزي للأسف لم اكمل الا ثلثين و مليت للمزيد من التفاصيل مراجعة مرئية للعمل ضمن قراءات الشهر
ماذا لو وجدت نفسك ولدت بدينين مختلفين وليس أي اختلاف انهم دينين متناحرين ابد الدهر ماذا لو وجدت أنك تكبر بدون أن تكبر ؟ أن يمر عليك العام كأنه يوم والعقد كأنه عام تري موت من أحببت وأنت لا تموت ابدا فكرة الرواية جميلة والأحداث ف�� البداية اسرتني لكن كان هناك ملل في بعض الأجزاء فلسفة واراء وتساؤلات البطل "حسون" كأنها نحن البشر اجزاء كثيرة وقفت عندها افكر خاصة الحوار عن عقبة بن نافع الرواية اخدت مني وقت كبير جدا في انهائها ليس بسبب الملل ولكن بسبب تشعب الافكار والتساؤلات هي قد تكون رواية الخلق والحياة والموت الصراع الأبدي بين الدين والعلم صراع الشهوات والرغبات والعفة والتصوف البطل عاش كل شيء وخاض كل الحروب الانسانية وخبر كل الأخلاق الانسانية بكل تنوعاتها وتضادها بشكل يجعلك تحبه احيانا وتكرهه احيانا وتشفق عليه احيانا اخري الصراع العربي العربي والعربي الاجنبي له نصيب في الرواية ولي تحفظات عليه نهاية الرواية غير متوقعة وان كانت منطقية الرواية ممتعة وان كانت ثقيلة ف الجيزاوي كاتب مبدع حقا انصح بقرائتها بتأني
أسأل قلبي ويسألُني : أنعبدهُ لنستعينَ به، أم نستعينُ به لنعبدهُ.؟ أيهما الغاية، وأيهما السبيل.؟ أعيته الإجابة، وأعياني البحث عن ذاتي داخل ذاته! أنا الذي خرج من رحم العتمة مولودًا لا يعرف شيئًا أنا حسّون ابن صفية بنت حزقيال بن ميمون القداح أنا حسّون بن عبدالله بن اسماعيل بن شمس القرشي أنا اليمني المسلم، اليهودي الفلسطيني، أنا البذرة التي حملتها أمي في احشائها لعامين وسبعة أشهر، أنا الذي جئت أجوب العالم واسكُن الصحراء وأحمل في قلبي رثاء كُل من حملني، وأحبني واصطفاني، أنا حسّون الذي لم تحبه أمه الإ لانه ابن حبيبها. - - - - - رواية ملحمية تاخذك في بحرها العميق في البحث عن ذاتك، وصراعات بين اليهودية والإسلام، انهيار الأمم والحضارات، اندثار الديانات السماوية، الصراع بين الدين والعلم.
اتجاة مختلف يجذبنا اليه الجيزاوي، يطرح بداخلنا أسئلة، ربما وجدنا بعض من أجوبتها، وربما نتوه ولا نجد أنفسنا.
380 صفحة، لن تمل منها ابدًا، انتهيت منها في يومين 💙
الحمد لله ان هذه الرواية هي أول ما قرأت ل محمد الجيزاوي حجبني عنه ظنين كلامهما أسوأ من أخيه..-وإن بعض الظن اثم-..اولهما خوفي من النزعة الفلسفية الناتجة عن الخلفية الدراسية للكاتب...وثانيهما بعض التعليقات الجريئة علي حسابه علي الفيسبوك والتي جعلتني اتصور ان اللغة التي قد تستعمل في كتاباته الروائية سوف تقع ايضا تحت هذا التاثير لكن الدم والحليب صالحتني علي محمد الجيزاوي الروائي المتفلسف ...والفيلسوف الحكاء...الفان وسبعمائة عام من الحكايات-ومن يعش ثمانين حولا لا ابا لك يسأم-.فما بالك بمن يعش أكثر من خمسة وعشرين قرنا ..لكن الجيزاوي تجاوز الزمان وسبح في كل المكان .. وطرح أسئلة كلية وتعمد الا يجيب عليها ..وساح في فضاء الهوية ...وجال في مجال الذات التائهة بين هويتين -لم يفاضل بينهما-..كان رومانسيا تقليديا ...احيانا وكان حداثيا تفكيكا احيانا اخري..سخر من فكرة الخلود وأظهر انها لا تثبت بحال امام لوعة الفقد..في لغة رشيقة نظيفة..تزداد حلاوة في بعض الايام الست كما في اليوم الثاني مثلا...انتصر للفهم العميق للدين وأدان العلم الذي لا قلب له ولكنه حمل بشدة علي الصراع القائم علي السفاسف من الامور في معسكر العلم وفي معسكر الدين سواءا بسواء..سبق تصوفه تسلفه دائما ...ونجح ببراعة في الوقوف علي مسافة متساوية من الاديان الثلاثة قدر المستطاع...نحت الشخصيات المختارة بعناية فائقة..فجعلنا نحب داود والتيجاني و الراهب و صفية وعثمانية وغلام...وجعلنا نكره باروخ وألفة وبلاتون...لقد فعل ذلك وهو محكم للسرد في معظم الأحيان القصة تم الإعداد لها بكل تأن وهي تستحق طول فترة الإعداد...٤ سنوات أعدك يا صديقي أن أقرأ الماريستان والخمر في أقرب فرصة ثم أعود لك للنقاش
أول ما بدأت قراءة الرواية كنت معجبة بقصة ام اليهودية و ابوه المسلم و حبهما لبعضهما بالرغم من اختلاف الدين و رفض عائلتيهما لزواجهما و ياحبذا لو كانت حكايتهما مفصلة اكثر. اعجبتني سلاسة اللغة و طرحه لبعض المواضيع من جهة الديانات و لكن القصة اصبحت فلسفية في بعض الاجزاء. حسون حكى قصته بتفاصيلها المملة و بعض التفاصيل الغير لازمة. الصراحة كنت انتظر ان تكون نهاية خارقة لكن خاب املي 🥹
هناك مقولة رائعة تقول" علينا أن نقرأ كثيرا ولكن في كتب قليلة" وهذه الرواية كانت لي أحد هذه الكتب القليلة.
لطبيعة مشاعرنا الغارقة في الفوضى والتي لا يمكن تقييدها بكلمات منمقة سأكتب كل مشاعري تجاه هذه الرواية بنفس الفوضى لكوني لا أحب الكلمات المزينة والمنمقة عندما تقرأ شيئا ويمس روحك الداخلية ويزلزل كيانك تكون ردة فعلك بنفس القدر.
في القراءة الأولى كنت مركزا على الصنعة الأدبية ومدى اتقان الكاتب للعمل أما في القراءة الثانية فكان تركيزي بشكل تلقائي على الجانب الإنساني في شخصيات الرواية وانسجمت كليا معها فرأيت بعيني مدي حزم صفية في حياتها وشعرت بقلبي مدي حبها لعبدالله زوجها في حياته وحتى بعد مماته ومدى حرصها على غيرته حتى وهو ميت، اقتربت أكثر من الشخصيات واضطرب قلبي كثيرا وكدت أبكي في لحظات الوداع التي يلقوها قبل الرحيل: قالها اسماعيل وقالتها صفية وأيضا سوار الوديعة ليلحقوا بالأحبة.
هنا لمس الكاتب وتماس في هذا العمل مع تقريبا كل المشاعر التي تجول بالنفس ولو سميت هذه الرواية "كل الأشياء" لحقت التسمية لكن حينما تتعمق في العمل تجد أن الجيزاوي هنا وضع المعايير لكل شئ تقريبا فكان كـ الحاوي الذي يمشي فوق الحبل بمنتهي الدقة لا يسقط ناحية اليمين أو اليسار حتى في اختيار الاسم كما سأبين. - الدين - الحب -التصوف- - الجنس - الهوية -الفلسفة- التاريخ - المستقبل -الجغرافيا -الرياضيات- العلم الحديث والسجال بينه وبين الدين - وغيرها الكثير من المحاور الاساسية في الحياة تجدها هنا في هذه العمل ويمكن بعد قراءة هذا العمل تصل الي كلمة واحدة "هذا هو الإنسان"
ستسمع عن نيتشه وديموقراط وجيوردانو برينو وجاليلي وكارداشيف ثم ارسطو وكانط ثم برتراند راسل وغيرهم ستبحر في مستقبل الأرض وترى كبسولات تدور في الفضاء وستري عتمة القمر وستري اليوجينا وأحلام الأوغاد محققة أمام عينيك. ستجد الصديق والخائن والحب والكره والوفاء والخيانة. ستري مادة خام للخير والشر والكبر والغرور والوداعة والصفاء.
من مفتاح العمل نستطيع استنباط فلسفة الكاتب في هذا العمل فيقول الجيزاوي "لو أمد الله في عمري سأدون الحكاية كلها سأكتب كل شئ " ونعم استطاع وفعلها بمنتهى الدقة والإحكام فحدثنا عن كل شئ تقريبا فمن المدهش أن يحدثك عن أبسط المشاعر الانسانية واعقدها بهذا العمق والجمال - في أي عمل أقرأه أركز علي خطين متوازيين، الصنعة الأدبية ومدي عقلانية وقبول الحكاية(القالب الذي يحوي العمل) ثم الفلسفة المتضمنة في ثنايا العمل فقد أبدع الكاتب في كلا الاتجاهين فتجد لغة رصينة تليق بالعمل وألفاظ فخمة ما جائت عبثا وإنما وٌضعت باتقان لتناسب موقعها كما جائت الألفاظ مناسبة لموقعها من اللغة والتاريخ كما كان العائق الكبير في استكشاف مستقبل الكون ورسم الصورة الكلية التي سيكون عليها الكون فنجح الكاتب وأبدع.
- لكن طالما العمل يحوي الكثير من المحاور والاتجاهات فلماذا تمحورت فكرته عن اليهودية والإسلام (الدم والحليب) كـ طرفين أساسيين في فكرة العمل؟ الحق أن الاجابة تكمن في العمل ذاته كما جاء في نهاية العمل لما أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها(العلماء) أنها قادرون عليها أتاها أمر الله، فالحق ألا مفر من المصير المحتوم مهما تقدمت البشرية و تعجرفت فالنهاية محتومة بيد الله ولا شئ آخر- كما لو استطعنا أن نميز أي من المحاور يكون صلب العمل فسيكون الدين هو المتصدر بلا شك لتأصل الدين في شخصية الانسان مطلقا وهذا ما ظهر جليا في العمل حتى لم تتوقف الحكاية علي الإسلام و اليهودية ففي نهاية العمل والتنازع الشديد بين الدين والعلم كان الدين
يعني المسيحية وحتى لما انتصر الدين على العلم في بلاد الغرب كان القسيس والراهب وليس الشيخ والحاخام وهذا جاء مناسبا في موضعه. -
- الأحلام والرؤى كا فكرة متكررة في الرواية فتجد حلم حسون وهو طفل في البئر ثم حلم الشيخ التيجاني الذي مكث اربعين سنة يبحث عن حسون، ولا عجب فلقد تماست فكرة الاحلام معي شخصيا بسبب متابعتي للكاتب فحلمت سنة 2018 أي قبل صدور الرواية بسنتين وكان مقتضى الحلم عند مكان قابلت فيه الكاتب بين مصر وفلسطين ما يشبه معبر رفح وقد حدث بالفعل ف الرواية عندما جاء حسون من فلسطين الي سيناء عن طريق احد الانفاق، والنقطة الثانية أن حلمت باسم الرواية قاله لي الكاتب وهو يحدثني في الحلم وكان من كلمتين اثنين فلما رأيت اسم الرواية تحققت الرؤيا فجاء الاسم كما رأيت في منامي
-
من أهم سمات الرواية تركيزها على طبيعة النفس البشرية في إلفها الغريب وتعودها على كل شئ تقريبا صالحا كان أو فاسدا، ففي كل منا حسون ولكل منا حسونه الخاص، ستجبرك شخصية حسون على أن تبحث بداخلك عن حسونك ستجد متلازمة الخير والشر، ستصدمك قاعدة كسر الجناحين في البداية ثم ستهدأ روحك وتستعذب الفكرة - هناك خيط شامل لا أعلم ماذا يسمونها أدبيا لكن لاحظته يتكرر كل فترة أن يذكرك الكاتب(حسون) كل حين ب "أنا حسون الراوي الذي يروك لك الرواية نعم أنا البطل، فهذا الخيط يعيدك مجددا للتخيل حسون جالس ف كهفه يكتب الرواية.
هناك لفظ جميل جاء في الرواية لم أفهمه ولما بحثت عنه سعدت به وهو "تٌجدٍف علي الرب" ومعناه تكفر بنعمته
- في حواره مع سوار عن الدينين المنتسب لهما وما الدين الحق فيقول لها"إن أقررت بأحدهما حق كات لزاما علي أن أكفر بالآخر, فأخون أحد والدي" وهنا نجح الكاتب في إعمال ثورة بداخلي وانتصبت أرد علي حسون قائلا الحمد لله علي نعمة الاسلام فقد وجهني كليا الي الله بدون واسطة حتى لو كان أبي أو أمي كما في قصة مصعب ابن عمير وغيره فالاساس أن يلجأ الانسان الي الله بعيدا عن أي انسان . فهذه تٌحسب للكاتب في خلق نص مزعج وحيوي يثير بداخلك الأسئلة وتتفاعل معه بكل جوارحك لا أن يمر عليك مرور الكرام .
آخر سطر في الرواية مربك جدا إذ أنه طالما اندثر الكون اختفت ملامحه فمن روى هذه الجملة!
في ستة ايام استوت وفِي ستة من أيام "حسون" انتهت قصة الحياة التي طالت لأكثر من ٢٥ قرنا من الزمان؛ سردها الكاتب "محمد الجيزاوي" في صفحات دون ان تشعر بروح الكاتب خلف كلماته وكذلك فعل "حسون"، فلا انت تعرف ان كان هو حسون الطائر ام الحمل الوديع ام الأسد الضال. اليهودي المسلم الذي جمع كل مانحمله نحن من أضاد. لم يكن آية الله التي ارسلها للمسلمين او اليهود، بل هو الآية التي ستشهد على عِظَم الكاتب الذي استطاع ان يسافر بنا من ارض اليمن إلى اسرائيل وتونس والغرب والمغرب لنشهد بدأ صراعات الحياة والأديان حتى زوالها؛ وما أدق وصفه للبلاد وطرقاتها حتى يخيل لك انك قد سكنتها او مررت بها.. الذي وضع الحيرة في عقلك ثم بعقلك أجابها، فها انت يهودي القلب تارة ومسلم المذهب تارة اخرى، وانت ايضا هو ملحد العلم الذي تجرع كأس الخمر فقتل على يد المسيح ذا الوجه الوديع.
"السلام هو ماسيقضي على دولة اليهود" اتمنى ان تصدق مقولتك فصدور الرواية في هذا التوقيت ومع فيض ترهات السلام المزعوم كان هذا الاقتباس هو الاقرب لقلبي وكاد ان يطمئنه لولا انني اكملت القراءة.
رسالتي الى الكاتب: جاء العنوان محيرا للفكر كما جاء الغلاف جاذبا للعين يفصح قليلا من التفاصيل عن اليهود والمسلمين بما لا يفضح الفكرة. كان السرد سلسا مستساغ بل وأكثر فلا تستطيع التوقف وترغمك كل صفحة على قراءة ما بعدها. في بعض الاحيان كان التكهن بالاحداث سهلا وأحيان اخرى تستفيق على دوي صفعة احدثها الكاتب في عقلك. وقعنا في فخ الهدف من عمر "حسون" الأبدي والمعجزة التي طال انتظارنا لها مع شخصه فكانت العبرة هي المعجزة. ورغم انها تشابهت في فكرة ما مع رواية "المارستان" السابقة "للجيزاوي" حيث الجنون بلا انقطاع وهنا الحياة بلا شيخوخة لكن الكاتب تفوق على نفسه بالمعنى الحرفي للكلمة. وتخطى الكاتب ايضا تفاصيل المشاهد الجنسية فجاءت موجزة لا تضير القارئ شيئا. اما اللغة والمفردات فكانت مثقلة تُسري العقل وتنقلك لحقبة كل زمان تسرده بسهولة ويسر؛ ومن المعلومات ما يستوقفك لتبحث عنه بنهم في محركات البحث ثم تعود وتستكمل التلذذ بالقراءة. لا اجزم انني كدت اصاب بقليل من الملل أثناء قراءة الجزء الذي كان يصف حياته بالغرب ام كان ذلك لنهمي بمعرفة ماسيحدث في اخر الزمان وبعد ثورة العلم فشعرت بأنني اريد لتلك الحقبة ان تنتهي رغم استمتاعي بالحوارات التي دارت على ألسنة العلماء. اما اختيار الاسماء فجاء معبرا عن دور او صفة امتازت بها الشخصيات.
شكرا لحروفك التي روتنا بكل كأس. "من أجل ذلك حي أنا يقول السيد الرب" سفر حزقيال ومن أجل الكتابة- محمد الجيزاوي- حي أنت.
قلم الجيزواى من الأقلام القليلة للغاية التى لها نمط خاص بها وخصوصية شديدة الإنتقاء ومفرادت خاصة بقلمه الجيزواى بجوار موهبته حريص على تطوير قلمه وأفكاره وأعتقد كقارىء متابع لقلم الجيزواى من مرحلة رواية الخمر ما عادت تسكر أحداً ومرورا بالمارستان ووصولا الى الدم والحليب ، فالجيزواى وصل الى منطقة دافئة فى موهبته وتعرف عليها أخيراً واعتقد أن الجيزواى أصبح فى حد ذاته " تيمة " يمكن ان نطلق عليها " تيمة الجيزواى " ، إستمتعت على مدار يومين بقراءة الدم والحليب لإن كتابات الجيزواى تحتاج لقراءة متأنية واجبة تليق بدماغ الجيزواى ، والجيزواى سواء فى المارستان أو فى الدم والحليب يذهب لنوعية خاصة من أفكاره ويرفض ان يستسهل ويكتب عن حواديت واقعية بسيطة ويكتفى بسردها ولكنه يجاهد فى رحلة للبحث عن الأفكار غير التقليدية والاسماء غير التقليدية والرؤى غير التقليدية ، الجيزواى فى الدم والحليب انتظر كثييرا ليخرج لنا بعمل قوى ما بين عتبة النص القيمة فى البداية وسرده المطول بلغته العذبة ثم حوارابطاله وهو الصوت المسموع فى العمل وتكاد تشعر ان الجيزواى يتحدث اليك ، وتبقى حبكة الرواية هى الاصعب فى فكرة خيالية وجديدة كليا وهنا تظهر مهاراته كروائى حقيقى ، وتبقى لغة الجيزواى هى افضل ما يميزه ولعل ريفيو الروائى الجميل هشام عيد حول الرواية يجعلنا فى موقف ضعيف عند الكتابة عن الجيزواى فلقد وفى وعبر عما بدواخلنا ، واتمنى من الجيزواى او من الدولة المصرية منح الجيزواى امثاله منح تفرغ فلو تفرغ هذا الرجل للكتابة بعيدا عن لقمة العيش سوف يخرج لنا روائع قيمة وليس رواية كل عامين او اربعة اعوام وكما قال عمنا نجيب محفوظ ان الوطيفة اخذت الكثير من وقته وكان يتمنى لو يستطيع ان يتفرغ للكتابة ولكن الظروف لم تكن مناسبة لذلك واعتقد امثال الجيزواى لو تفرغ للكتابة لأبدع وأبدع ، وإرث الجيزواى ككاتب شىء يدعو للفخر وما زال امامه الكثير من الإبداع ان شاء الله
This entire review has been hidden because of spoilers.
#الدم_والحليب #محمد_الجيزاوي "ذاك الضباب لي وحدي، أسير فيه أعمى حتى أبلغ الضياء أو أهلك دونه" أزمة خلود وملحمة طويلة للبشرية في حسون، في رحلة بحث عن موت لا عن حياة.. الكل يفنى وهو باق بتشتته بين قرآن وتوراة، الله ويهوه، بملامح لا تشيب وجسد لا يبلى وألفين وسبعمائة سنة يكتنزها الوجه في أربعين لا وحي ولانبوة، لا إعجاز ولاقداسة فقط ملامح لا تشيخ وجسد لا يبلى ومخلوق لا يصفعه الموت بقلب عرف الله، ابتغى فوصل "لن ترى لأنك تفتح عينيك، اغمض عينيك ترى" "هنا متاعك وهذا النابض دابتك، مهما ابتغيت الوصول بغيره لن تصل فأحسن علف الدابة تحملك، وعلفها الصفاء من هم الدنيا والآخرة" كلما استفقت صفعك الكاتب بأسئلته محركا قلبك وعقلك " أنعبده لنستعين به؟ أم نستعين به لنعبده؟ أيهما الغاية وأيهما السبيل!؟" فقط اكسر جناحي الدنيا والآخرة ثم اطلب حبيبك تصل موت يتلوه موت، جيل يتبع جيل، فقد يتلوه فقد ووحدة شنيعة تملأ مخلوقا يحسده الناس على خلوده ويبحث هو عن موته بأمنية واحدة فقط لو رآه من حوله، لو أحسوا بوجوده... كاتب موثوق منه وبه دائم السعي والتطوير، يبذل جهدا عظيما ليخرج نصا يسلب لبك وعقلك ودموعك جلسة طويلة تصرعني فيها الحمى وتحيطني أكواب الكافيين وحبوب البانادول وفقد حسون وتيهه وصراعات البشرية حتى تفنى وأنا أقول لا أغلق حتى أُكمل، لاأبرح حتى أبلغ...وأشهد الله أني قد بلغت.....
أولى قراءات العام رواية الدم والحليب - محمد الجيزاوي مبدئيا أنا بحب قلم الجيزاوي جدا ومن زمان شغوفة بقلمة وفلسفتة في الكاتبة بالطريقة والأسلوب والمعاني والفكر والفكرة. خلصت الرواية في سبع أيام وكنت بقرأ ع مهل بقدر الإمكان لاني كنت مستمعة جدا و خطفتني وأعمال قليلة اللي بشعر فيها بكل الكم الهائل من المشاعر والأفكار المتضاربة كانت هنا في الدم والحليب .. الفكرة مبهرة و اتصاغت بشكل متناغم جدا بفلسفة وموضوعية شديدة.. العمل ده كون كامل بعوالم مختلفة وأجيال وأزمنة، جَسد الصراعات بكل أشكالها وأنواعها، الأديان السماوية الثلاث، الحب والكره، الاختيار والاجبار، الصدق والكذب، العفة والشهوة، الامل واليأس، النور والظلمة، الرغبة والزهد.. الأسلوب كانت جميل جدا واللغة وكل حاجة حرفياً .. حسون المسكين ذو الألفين عام وسبعمائة يستحق قراءة قصته.. وخمسه نجوم لا تكفي.. .............. بقالي مدة طويلة مبكتبش ريفيوهات وبكتفي بالتقييم الا أني حابة أكتب عن الدم والحليب ولو حاجة بسيطة وخايفة احرقها لأنها تستحق انها تاخد قدرها الكافي.. وكل الامتتان والشكر للجيزواي اللي عمره أبدا ما خذلنا بقلمه وبعد الصبر على كل عمل جديد بيخرج بعمل مبهر وصادق لأقصى حد.. والصدق دائما ما يفوز..
توقعت من خلال العنوان أن تكون الرواية مختلفة عما قرأت ورغم بعض المشاهد التي أراها لا تخدم النص أو لاتزيد على جماله رونقًا إلا أن الكاتب كان مميزًا في التنقل بين الزمن من الماضي البدائي في أكثر الأماكن بدوية إلى الحاضر وما فيه من تطور ثم المستقبل كما يراه دون ملل الرواية دسمة لأنها تغوص بك في صراع لم تكن تتخيل أنك تخوضه الصراع الأبدي بين الخير الخير والشر بين ما أريد وما يجب أن أفعل بين ما تنجذب إليه روحي وما يجبرني العالم على الذهاب إليه هكذا كان حسون أبدع الكاتب في غزل تفاصيل هذا الصراع بين سرد دون إسهاب أو بتر كل منا لديه حسون داخله يريد أن يكون مثاليا نقيا جميلا ، لكن ما حوله من أحداث وضغوطات يجعلون منه شخصًا آخر قليلون من يصلون في آخر الرحلة دون تشوهات نفسية كثيرة قليلون فقط يكتشفون سر التعامل مع تلك الصراعات قليلون كحسون نصيحتي فقط لا تقرأها في ليلة واحدة اجعل لكل ليلة نصيب
لا شك عندي ان محمد الجيزاوي هو واحد من القلائل الموهوبين بين أبناء جيله إن لم يكن أكثرهم حظا في موهبته اللغوية و لكنه ليس كذلك في بناء قصصه ، أرى بكل وضوح تطوره و نضجه في كل عمل عن سابقه و لكنه لا يزال يحتاج ان يتطور أكثر في بناء قصصه و جعلها أكثر تشويقاً و إثارة حتى لا يمل منه قارئه الفكرة في هذه الرواية رائعة و أعطته مسا��ة كبيرة لسرد آرائه وأفكاره و لكني شعرت في منتصف الرواية بأنه قد تورط في استكمال الاحداث و تاهت منه حبكته فشعرت ببعض الملل من بطء الايقاع وكذلك لم ترق لي شهوانية " حسون " مع كل امرأة يجتمع بها بالرغم من تقدم عمره و ان كان لا يترك أثرا على جسده و لكني احسبه قد ترك حفراً في فكره و من ثم كنت اعتقد انه كان ينبغي ان يتصرف بحكمة اكبر ، و لكنه التقط طرف حبكته من جديد في نهاية الرواية و ختمها على أفضل ما يكون . دائما في إنتظار جديد الجيزاوي لأنه بالفعل قلمٌ يستحق أن يقرأ .
مع كل عمل يبدع الجيزاوى أكثر وأكثر فى هذه الرواية الرائعة الفلسفية الراقية فكرة وكتابة ومفردات ابحر بنا الكاتب ف رحلة حسون صاحب الاكثر من الفى عام رحلة مدتها لاتتجاوز 6 ايام ولكنها تحتوى على عمره كله الفان وسبعمائة عام لكن القدر وكلمة الله لن تمهله حتى اليوم السادس والاخير وسيقف حتى اليوم الخامس فقط وهو نهاية الخليقة ونهايته هو ايضا بعد رحلة عمره الغريبة والمتفردة خاصة وهو صاحب الديانتين وصاحب الكتابين رحلة شعرت بالمتعة الشديدة وانا ابحرها مع حسون وشخصياته التى التقاها ف رحلته بواسطة قلم الجيزاوى المبدع وف انتظار جديده دائما ...
الكتاب الاخير في السنة والاختيار الموفق والعلامة الكاملة والخمس نجوم المستحقة لقلم العزيز الجيزاوي فكرة ممتازة وصياغة أدبية رائعة ولغة عربية رائعة وتفاصيل لم اظنها تخطر على بال أحد وتصورات فريدة ل أزمنة لم أصل بخيالي إليها، عظيم قلمك يا جيزاوي سلمت يداك