لأن منهجية البحث الفقهي هي مركز صناعة الفقيه الذي من خلاله يتم إنتاج الرؤى الفقهية المبدعة. ولأن التفكير في هذه المنهجية ليس وليد الدراسات المنهجية المعاصرة، بل يتم التعررض له في عدد من نصوص التراث الإسلامي الأصيل. يقدم المؤلف قراءة جادة للمنتج المعاصر والتجربة الحديثة التي تبذلها هذه الأمم في هذا السياق الحضاري
الكتاب قمة في الانضباط البحثي، والأسلوب الأدبي، كان الكاتب ينتقل من كلامه إلى كلام الإمام ابن دقيق العيد بسلاسة وتناغم، جمع الكاتب بين أسلوب المعلم والباحث، والأديب والناقد، ونقل لنا كنوزًا من مؤلفات الإمام الأخرى، ولم يكتف بالكتاب موضع الدراسة.
فكرة إخراج مقدمة لكتاب فقهي، والعناية بها، واستلال الفوائد منها، فكرة حسنة ورائدة. وفي حالة هذا الكتاب المحور الأساس لهذه الفوائد: هو معالم منهج البحث الفقهي.
أهمية إخراج مقدمة شرح الجامع بين الأمهات للإمام ابن دقيق العيد تكمن في عدم وصول الكتاب إلينا، واستلال المؤلف لها من "طبقات الشافعية الكبرى" موفَقٌ مُسدَد. إضافة إلى روعة المقدمة من الناحيتين الأدبية والمنهجية.
كانت الدراسة النظرية لمعالم منهج ابن دقيق العيد في الكتاب، مرفقة بتطبيقات عملية أرشد إليها الكاتب في مظانها بأرقام صفحاتها وأجزائها، ولكنه هو نفسه طبق منهج ابن دقيق العيد عمليا في كتابه، والحقيقة أن معالم منهج ابن دقيق العيد الفقهي، تصلح أن تكون معالم منهج البحث الفقهي (دون إضافة له)، وهذا يدل على توفيق ورصانة علمية عند الإمام، وحسن اختيار عند الكاتب.
أرى - والله أعلم - أن أعظم من سيستفيد من هذا الكتاب: هم طلاب الدراسات العليا في تخصص الفقه ومن علاهم، وقسم الكتاب الثالث يستحق أن يكون مرجعًا إضافيًا أو مساندًا لمادة منهج البحث في الفقه في مرحلتي الماجستير و/أو الدكتوراه، خصوصًا أن الطبيعة التعليمية "التفهيمية" للكاتب ظهرت جلية واضحة في أنحاء البحث.
أما الملاحظات - والتي لا يخلو كتاب منها - فليس هناك الكثير، إلا أنني كنت في مواضع أتمنى لو اختصر فيها الكاتب، وفي مواضع أخرى أتمنى لو أبان وأسهب، وهذا قد لا يتعلق بالكاتب بقدر ما يتعلق بمزاج القارئ وميوله العلمية.
تنويه: شهادتي مجروحة في الكاتب، فهو صاحب فضل عليّ، وقد كان مشرفًا لي في مرحلة الماجستير؛ لذا لزم لقارئ هذا التعليق أخذ هذا التنويه في اعتباره.