تُشاركنا شوبان الجرأة والصراحة في التجربة الفنيّة والنسبية الأخلاقية لمعاصريها في تسعينيات القرن التاسع عشر. كاتبة ذات موهبةٍ وشعورِ مرهَف. عملتْ على قصصها لأجل السعة في التفكير. إذ أنّ يقظة امرأة ستكون بمثابة جواز سفرٍ لها، إلى زماننا وحتى زمن الأجيال القادمة مهما بلغتْ من آفاق.
رواية نسوية تتحدث عن معاناة امرأة مضطهدة متزوجة ولديها ولدان، تأتيها فجأة صحوة عقلية روحية في منتصف إجازة صيفية وتشعر انها تريد التحرر من كل حياتها العائلية وزوجها وحتى أطفالها باستقلال وتمرد على القيم الاجتماعية. وتبدأ بممارسة هوايات لم تكن تمارسها، علاقات عاطفية وتستقل بمنزل بعيدًا عن زوجها، والذي كان مصدوم من التغير المفاجئ. من أهم النقاط التي اوصلتها الرواية أن الحقبة التي نشرت فيها الرواية ١٨٩٩ كانت المرأة مضطهدة فعلًا ورأيها ومشاعرها ليست لها قيمة، لقد كانت البطلة إدنا ضائعة وغارقة اكثر من انها ثورية وهذا ما أعجبني اكثر في الرواية (التركيز على معاناة النساء الداخلية) وانها في هذا الضياع بفعل الاضطهاد وقمع الرأي الموجه لهم. بطلة الرواية كانت تشعر بهذا التشتت في كل اجزاء الرواية ولم تكن تعرف كيف تبدأ في التحرر من كل الضغوط الاجتماعية السائدة حينها. ومن بعض سلبيات الرواية اني شعرت بالملل من بعض الأحداث الطويلة والاستفزاز احياناً كثيرة بسبب التصرفات العشوائية والغير مسؤولة، والتي لا علاقة لها بالنضال النسوي.
على غرار (آنّا كرانينا) و(مدام بوفاري)، تأتي رواية (يقظة امرأة) لتخوض في مسألة الحب في ظروف اجتماعية تتهيأ في العالم الغربي لبزوغ الحركات النسوية واستحقاقاتهن في الحياة وتحديد المصير على الأصعدة الاقتصادية والنفسية والروحية. كُتبت الرواية أواخر القرن التاسع عشر لتعكس لنا بداية التوجهات التحررية المثيرة للجدل والمتطلبة للكثير من جرأة الطرح. وخاصة حين تتصارع تجربة الحب بين الرغبة في الاستجابة لأهواء النفس والتخاذل أمام الارتباط الزوجي والأمومة. في الروايات الثلاث المذكورة آنفاً تكون بطلة الرواية امرأة متزوجة، ومعتمدة اقتصادياً ومعيشياً على زوج بهُتت بينه وبينها الصلات، مما يُسقط الزوجة في فراغ مهول وضياع أكثر هولاً. الأمر الذي يقودها إلى كآبات سادرة وسلوكيات مرضية تشي بخلل نفسي وروحي. هذا المستوى من الهشاشة يهيؤها للاندفاع إلى أقرب هدف متاح للحب في محيطها كما حدث مع إدنا بطلة الرواية. وكما انتهت بطلة مدام بوفاري وآنا كارنينا إلى الانتحار والموت، تنتهي إدنا إلى اليأس ممن تحب وتُنهي حياتها بين أمواج البحر المتلاطمة. هذا بعد أن تمزقت إرادتها بين عاطفة الأمومة لطفليها، والرجل الذي تحب. بغض النظر عن ارتباط توجه الكاتبة بقضايا عصرها، يبدو للمتأمل بأن قضية الحب عند المرأة وقتئذ لم تخرج عن كونها مرضاً عصابياً، أو هرباً من فراغ! وخاصة أن بطلات القصص الثلاث ينتمين إلى الطبقات البرجوازية أو المرتاحة، حين الحياة الرخية والبروتوكولات الاجتماعية الرفيعة ومشاهد الرفاه. ولذا تقلص مفهوم الحب وتحدد في ذلك القالب الضيق، قالب المرض العُصابي والهرب من فراغ الحياة عند النساء. الأمر الذي أثار جدلاً اجتماعياً وثقافياً واسعاً عصرئذ.
The Awakening by: Kate Chopin
Like Anna Karenina and Madame Bovary, The Awakening of a Woman explores the issue of love in the social context of the rise of feminist movements in the Western world, their demands for life, and their determination on the economic, psychological, and spiritual levels. Written in the late nineteenth century, the novel reflects the beginnings of controversial, boldly articulated liberation movements, particularly when the experience of love conflicts between the desire to respond to one's whims and the indifference to marital bonds and motherhood. In the three aforementioned novels, the heroine is a married woman, economically and financially dependent on a husband whose relationship with her has faded. This plunges the wife into a terrifying void and even more horrific loss. This leads her to simmering depression and pathological behaviors that indicate a psychological and spiritual disorder. This level of fragility predisposes her to rush toward the nearest available target of love in her surroundings, as happened with Edna, the novel's heroine. Just as the heroines of Madame Bovary and Anna Karenina ended up committing suicide and dying, Edna despaired of her loved ones and ended her life amidst the turbulent waves of the sea. This was after her will was torn between her maternal affection for her two children and the man she loved. Regardless of the author's approach to the issues of her time, it seems to the observer that the issue of love for women at that time was nothing more than a neurotic illness, or an escape from emptiness! This is especially true since the heroines of the three stories belonged to the bourgeois or comfortable classes, a time of affluence, refined social protocols, and scenes of luxury. Therefore, the concept of love was reduced and confined to that narrow framework: that of neurotic illness and an escape from the emptiness of life for women. This sparked widespread social and cultural controversy at the time.
هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها لكيت شوبان، طالما رغبتُ في قراءة أعمالها التي كانت نتاج حياة مليئة بالصدمات والعقبات وهذا ما جعلها أيضًا تستكشف (المرأة عن قرب) وعن ما تطمح إليه في المجتمعات وتحديد دورها خصيصًا. تُعد هذه الرواية من أبرز الروايات في الأدب النسوي على نطاق واسع حيث تناولت الكثير من الأفكار التي توقظ المرأة وتحرك شعورها نحو حياة جديدة بخياراتها وإرادتها وحدها. اليقظة المزعومة في هذه الرواية ربما نجهل محركها ولكن دوافعها واضحة جدًا. أن تعيش المرأة وفق ما يعجب به الآخرين وليس ما تعجب به هي، أن تبتلع خياراتهم ورغباتهم، أن يرسموا لها الطريق مسبقًا وتُجبر أن تسير عليه.
الرواية للأسف نهايتها حزينة، لقد غمرت نفسها في الماء وسط البحر وظلت الفكرة مفتوحة فإما أن تكون انتحرت أو استطاعت النجاة بطريقة أو بأخرى ولكن في نظري النهاية تعبر عن اليأس وعدم قدرتها على تحقيق (اليقظة) بما تحمله الكلمة من معنى. قرأت سابقًا الكثير من الروايات ذات الأفكار النسوية واستمتعتُ بها. ولكن لازالت هناك بعض الأفكار الخارجة عن الدين والمنطق لا تروق لي، الأفكار التي تحدد أن المرأة يجب أن تتحدى الحياة وأن تتحكم بكل ما يُحيط بها ولا تأخذ في الحسبان لأي شيء. لا زلتُ أرغب في قراءة هذه الأفكار واستكشاف ما يمكن أن تقدمهُ هذه الأفكار من فائدة للنساء ولأي مدى تكون مُجدية لهن !