"في صباحٍ عاديٍّ، استيقظ جريجور سامسا ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرةٍ ضخمة. لكنّ المفارقة الحقيقية ليست في تحوّله الجسدي، بل في كيف يُعامله العالم كـ "مسخ" بينما يُصرّ هو على التمسّك بإنسانيته الضائعة. بين جدران غرفته الضيقة، يصبح جسده الغريب مرآةً لعائلةٍ تتحوّل هي الأخرى من الحبّ إلى الاشمئزاز، ومن الرحمة إلى القسوة. هل المسخ الحقيقي هو من فقد هيئته البشرية، أم من فقد إنسانيته وهو يحملُ هيئة الإنسان؟
رواية كافكا الخالدة تطرح أسئلةً وجوديةً قاسيةً عن الاغتراب، العزلة، وقسوة الروتين، في عالمٍ يرفض كلَّ ما هو غير مألوف. تُرى هل سينجح جريجور في العودة إلى عالم البشر؟
Franz Kafka فرانز كافكا (3 يوليو 1883 - 3 يونيو 1924) كاتب تشيكي يهودي كتب بالألمانية، رائد الكتابة الكابوسية. يعد أحد أفضل أدباء الألمانية في فن الرواية والقصة القصيرة.
تعلم كافكا الكيمياءوالحقوق والادب في الجامعة الألمانية في براغ (1901). ولد لعائلة يهودية متحررة، وخلال حياته تقرب من اليهودية. تعلم العبرية لدى معلمة خصوصية. عمل موظفا في شركة تأمين حوادث العمل. امضى وقت فراغه في الكتابة الادبية التي راى بها هدف وجوهر حياته. القليل من كتاباته نشرت خلال حياته، معظمها - يشمل رواياته العظمى (الحكم) و(الغائب) التي لم ينهها- نشرت بعد موته، على يد صديقه المقرب ماكس برود، الذي لم يستجب لطلب كافكا بإبادة كل كتاباته.
حياته كانت مليئة بالحزن والمعاناة، بما في ذلك علاقته بوالده. فكافكا كان مثقفا حساسا وقع تحت حكم والد مستبد وقوي، عنه، هكذا قال، كتبت كل إنتاجاته. فكتب رسالته الطويلة تحت عنوان (رسالة لأب). الامر يبرز بصورة خاصة في كتابه (الحكم) حيث يقبل الشاب حكم الموت الذي اصدره عليه والده ويغرق. كان كافكا نباتيا واشمأز من أكل اللحوم، وهنالك من يربطون هذا بمهنة جده الذي كان جزارا. عرف كافكا على انه شخص يصعب عليه اتمام الامور، وهو الامر الذي ميز كتابته حيث كان يجد صعوبة في انهاء إنتاجاته.
جدير بالذكر كذلك أن كتابات كافكا قد تعرضت فيما بعد للحرق على يد هتلر، وتعرضت مؤلفات كافكا لموقفين متناقضين من الدول الشيوعية في القرن الماضي، بدأت بالمنع والمصادرة وانتهت بالترحيب والدعم.
من مؤلفاته: المحاكمة، القلعة، المفقود، رسالة إلى الوالد، الانمساخ، الحكم، الوقاد، بنات أوى والعرب
العنوان الأصلي للرواية بالألمانية هو Die Verwandlung ومعناه الحرفي: "التحوُّل". لكن الترجمة العربية الأشهر جاءت بعنوان "المسخ"، وده اختيار موفق لأنه بينقل بدقة الحالة اللي عاشها البطل بعد تحوله—مش مجرد تغير، بل تشويه كامل للهوية والكينونة. الرواية دي مش مجرد قصة عن شاب اسمه جريجور سامسا صحى من النوم لقى نفسه متحول لحشرة. لأ، ده تشريح وجودي لإنسان بيذوب كل يوم تحت ضغط العمل، والأسرة، والواجب، لحد ما يفقد ملامحه الإنسانية ويبقى عبء، حتى على أقرب الناس ليه. كافكا هنا مش بيحكي قصة "خيال علمي"، هو بيحكي اللي بيحصل لنا كلنا من غير ما نتغير فعليًا لحشرات. متعود أتعامل مع الأحمال الـ dead loads والـ live loads لكن كافكا هنا قدملي نوع جديد من الأحمال: الحِمل الوجودي، الحِمل النفسي، الحِمل الناتج عن اللاجدوى. الرواية كلها كأنها snapshot لمرحلة الانهيار النهائي لعلاقة الإنسان بنفسه وباللي حواليه. جريجور كان العمود الفقري للأسرة، حرفيًا. أول ما انهار، الكل بان على حقيقته. كأن كافكا بيقولي: "لو كنت شايل الدنيا على كتافك، متفتكرش إن حد هيشيلك لو وقعت."
"وتوقف غريغور، وأجال بصره حواليه. وبدا له أن نواياه الحسنة قد اتضحت" ___________________
الرواية من اولى الروايات الي احس فيها بطاقة كبيرة من الحزن بالطريقة دي .. كإنه بسمع صوت حزين من خلال كلمات قدامي علشان توصلي رسالة بمقدار حجم الالم الي هينتج عنه استغناء الناس عن شخص كان مُقدم ومُعطي ومُضحي ليهم فبداية الرواية بيتسرد نمط عادي من تغيير فسيولوچي وقُصد إنه يتسرد بالطريقة دي علشان يوضح إنه مش شيء كبير ولا شيء غريب إنه يحصل علي الرغم من استحالته بس خلاني اُحاكي النمط دا بنمط وهن وضعف الجسد او المرض او الاصابة الي بتسبب عجز / تغيير / تحول حتى لشيء تاني وبداية الالم من معاملة الي حوليك ليك بعد التغيير دا الي مكنش ليك لا حول ولا قوة بإنه يحصلك .. لانه انت مازال انت حتى لو كان فيه مؤشرات بتدل عكس دا الرواية خلتني اتخيل حجم الالم الي بيشفوه الناس الي حصلها 'تحول' في حياتها وكانت نتيجة عنه معاملة مؤلمة جدا حتى لو بنظرة منهم استمتعت بالقراءة ♡.
دائما ما أشبه كتابات كافكا وكأنني أمسكت سلك كهرباء مكشوف، أريد أن أتركه ولكني لا استطيع! وكانت هذه الرواية القصيرة هي أول عهدي بكافكا، والتي جعلتني التهم كل أعماله فيما بعد.