أطياف من حياة مي. أطياف من مآسي مي. أو أطياف من رسائل غرامها وصداقتها بأدباء عصرها. كان حظ مي في الحياة قليل حقا، من أحبوها كانوا كثيرو الكلام قليلي الفعل، ربما هي لعنة لإمراه سبقت زمانها بقرن أو أكثر بكثير، أو تعلمت أكثر من اللازم، فلازمتها الوحدة، وحثها أدبها الرفيع على حسن الظن بالناس والأقربين، الذين زجوا بها في مصحة لسرقة أموالها-التى لم تكن ضخمة بالمناسبة- لتظل حبيسة وتضرب عن الطعام حتى تخرج منتظرة للموت العاجل، كأي عصفور حُرِمَ من الحرية فلم يتحمل القفص فمات كمدا وحزنا. وكما قال ابن الفارض: على نفسه فليبكِ من ضاع عُمره وليس له فيه نصيبٌ ولا سهمُ.
المؤلف هو ذاته الذي قرأت كتابه عن شوقي وحافظ، وأعجبت بفضوله الكبير واستغلاله الحسن لعمله في الصحافة في الاقتراب من أعلام عصره في الأدب، وأحسب إنه كان استغلالاً "لحد المضايقة!"، ولكن بما إنه هو الراوي لهذه المواقف فلا يقين هنا، وربما كانت صحبته مؤنسة فعلاً
وأعجبت بالكتاب كثيرًا، وجميع هذه الأطياف التي رواها شائقة وجميلة، وإن شابها التكرار في نواح منها، ولكنه أضاء لي - أخيرًا - ما كان بين «ميّ» و«وليّ الدين يكن»، وتحدث كذلك بشكل جميل عن ما بينها وبين «العقاد» وأحببت كثيرًا التفاصيل التي أوردها في ذلك الفصل، وكذلك ما بينها وبين «جبران» من رسائل غاية في الجمال تبودلت بينهما ودون ان يروْا بعضًا طوال حياتهما، وبينها وبين الكثير من أعلام عصرها كأمين الريحاني، ويعقوب صروف، وأنطوان الجميل، والرافعي، وإسماعيل صبري، وأحمد لطفي السيد
وأحسن المؤلف كثيرًا، وأعجبني صراحة هذا المشهد، عندما رأى وهو يحدثها في منزلها صورة لولي الدين يكن، أهداها إليها وكتب على صورته هذا البيت: كلُّ شيءٍ يا «ميّ» عندكِ غالٍ غيرُ إني وحدي لديكِ رخيصُ
فقال لها المؤلف إن البيت رقيق وإنه يدل على لوعة وأسى وشعور صادق غير إن روي «الصاد» صعب وثقيل
فما كدت أنتهي من هذه العبارة حتى لمعت عيناها الذكيتان، وأمسكت بريشتها في رقة وهي تهز رأسها وتعطف عنقها كعادتها في الحديث، وناولتني إياها في ابتسام ماكر، وتحد لطيف، وقالت: إن كنت تنتقد روي هذا البيت فإني أطلب منك أن تشطره الآن قبل أن تقوم من مكانك، ولن أسمح لك بالإنصراف المباح، ولو جلست هنا إلى الصباح، حتى تجعل الشطر شطرين والبيت بيتين
فأردت التخلص والاعتذار ولكنها أصرت وكان في إصرارها لطف وخفة وجمال فأثارت وجداني، وحرّكت شعوري، فما وسعني إلا أن اتناول منها القلم، وبعد دقائق ناولتها هذا التشطير:
كلُّ شيءٍ يا «ميّ» عندكِ غالٍ يتمنّاه في الحياةِ الحريصُ
قد غلا في حماكِ كلُّ أديبٍ غيرُ إني وحدي لديكِ رخيصُ
فلما قرأته انبسطت أساريرها، وطربت، وكانت تطرب للشعر وتحبّه
وابتسمت عندما قرأت آخر سطر من رسالة كتبها إليها أنطوان الجميل:
أستودعك الله يا بيبي على أمل لقائك بخيرٍ وعافية وقد أصبحت أنا لوتر بيبي
وكان ذلك عام 1928 تقريبًا، أي إننا قد أسأنا في حق جيلنا هذا!
◾اسم الكتاب : أطياف من حياة مي ◾اسم الكاتب : طاهر الطناحي ◾نوع الكتاب : سيرة ذاتية ◾اصدار عن دار سديم للنشر والتوزيع ◾عدد الصفحات : ٢٤٤ صفحة على أبجد ◾تصميم الغلاف : أحمد خلف ◾التقييم : ⭐⭐⭐
"أتمنى أن يأتي بعد موتي من يُنصفني، ويستخرج من كتاباتي الصغيرة المُتواضعة ما فيها من رُوح الإخلاص والصدق والحَميَّة، والتحمُّس لكل شيء حسن وصالح وجميل؛ لأنه كذلك، لا رغبةً في الانتفاع به." - مي زيادة
ينتقل الكاتب بين أطياف عديدة ينثُر من خلالها حكاية (مي) أو (ماري إلياس زيادة) الأديبة الشابة، الغائبة عن عالمنا، الحاضرة بأعمالها وسيرتها العذبة مثلها، وذلك من خلال فصلين كبيرين هما : ١- مي الأديبة الإنسانة : وفي هذا القسم يتناول الكاتب حياة الأديبة مي زيادة بعيداً عن الجانب العاطفي بها، فبدأها بالنكبات التي تتابعت على رأسها بداية من فقد الوالدين وحتى الديون التي لم تدرِ كيف تراكمت فوق رأسها بعد رحيل والدها، وحتى ايداعها بمستشفى العصفورية للأمراض العقلية برغم حالتها الصحية الجيدة ولكنه الطمع حين يسكن النفوس والقساوة حينما تتمكن من القلوب... (مي زيادة) الفتاة التي لاقت صفعات بقدر ما لاقت التقدير والاحترام، ليبدأ بعد ذلك الكاتب في الرجوع بالزمن بداية من الخطوات الأولى في مشوارها الادبي و وقوفها اول مرة امام جمهور لالقاء كلمة، اهتمامها بالقرآن الكريم لمعانيه ومفرداته التي لن تجدها فيما سواه، صالونها الأدبي الفريد وعلاقتها الطيبة بكل الكُتَّاب والأدباء وتقديرهم الكبير لها، نبوغها الفريد وكتاباتها العبقرية وحبها للشِعر رغم عدم اجادته. ٢- أدباء أحبُّوا مي : وهنا يتناول الكاتب الحياة الأكثر شُهرة لـ(مي زيادة) إذ كانت تُعرف بأنها محبوبة الكُتَّاب والأدباء، ولكن هذا الوصف فيه ظُلم مُجحِف وتقليص لـ(مي) واختزال مشوارها الادبي في مجرد جانب واحد من حياتها، برغم انه لم يكن جانباً وردياً كما يُشاع عنه... وهنا يتناول الكاتب حقيقة هذا الجانب من خلال رسائل متبادلة بين (مي) وغيرها من الأدباء الذين احبوها، بعض هذا الحب كان حباً أبوياً وبعضه كان حب صداقة وتقدير لنبوغها، والبعض كان حباً حقيقياً لم يُكتب له الاكتمال، وبناء على ذلك قدم الكاتب الرسائل المتبادلة بين (مي) وبعض الادباء الآخرين أمثال : عباس العقاد، أحمد لطفي السيد، وجبران خليل جبران وغيرهم من الادباء الذين أثَّروا وتأثَّروا بأديبة فذّة قلَّما يجود الزمن بمثلها من جديد.
◾رأيي في الكتاب : للوهلة الأولى جذبني الكتاب من غلافه المميز ومحتواه الهام، إذ أنني أحب كثيراً شخصية الاديبة (مي زيادة) وأميل للقراءة عنها، إذ أرى أن التاريخ لم يُنصِفها بالقدر الذي تستحق، فأديبة مثلها بما تمتلك من مقومات أدبية ومعالم نبوغ واضحة كان يجدر الاهتمام بتراثها الادبي الفريد أكثر من الاهتمام بحياتها العاطفية والتي تُنقل أيضا بصورة مُغايرة تماماً للواقع.... وبعد قراءتي لقصة حياتها في كتاب (مي زيادة أسطورة الحب والنبوغ) وددت ان أكرر التجربة من جديد مع هذا الكتاب، لقد قدم الكتاب أطياف من حياتها بصورة مختلفة وبأسلوب مميز إذ لم يهتم الكاتب كثيراً بالتسلسل الزمني للأحداث، وإنما كان يعرضها بصورة مختلفة ترضى فضول القارئ ولا تُشتِّته في نفس الوقت، وقد اعجبني كثيراً الفصل الأول من الكتاب وزاد من حبي لشخصية (مي زيادة) ولكن الفصل الثاني برغم أهميته وروعة فكرته الا انه أصابني بالملل إذ ان الفصل بأكلمه كان عبارة عن خطابات متبادلة بين (مي) وأدباء مختلفين وهو ما جعلني أشعر بالتشتُّت كثيراً خاصة مع غياب اسلوب الكاتب نفسه عن الساحة فشعرت ان الفصل الثاني مفصول عن الكتاب لاختلاف الأسلوب فيه وشذوذه عن باقي الكتاب، وبرغم ذلك هذا لا يمنع استمتاعي بالكتاب وبمحتواه.
◾الغلاف : غلاف بسيط ومُبهِر في آنٍ واحد، فهو مُعبَّر جداً عن الكتاب ومحتواه، ويمكن من خلاله استنباط عن أي شخصية يدور الكتاب.
◾اللغة : جاءت لغة الكتاب عربية فصحى قوية ومُعبرة جداً، حيث حرص الكاتب على ان تخرج لغة الكتاب بنفس قوة لغة الشخصية التي يتحدث عنها، فجاءت اللغة قوية فصيحة تمتاز بقوة التعبير وتنوع الألفاظ والعبارات علاوة على التشبيهات البديعة غير المتكلفة، وقد ظهرت قوة هذه اللغة في الفصل الأول من الكتاب بشدة، أما الفصل الثاني فكان الغالب عليه لغة الأدباء ورسائلهم للأديبة (مي زيادة) والتي نقلها الكاتب بنصَّها وكذلك رد الاديبة (مي) على كل رسالة.. لتصبح لغة الكتاب مُقسَّمة كذلك لقسمين، لغة خاصة بالكاتب وأخرى خاصة بالأدباء المذكورين في العمل.
◾الأسلوب : اعتمد الكاتب اسلوباً بسيطاً سلساً لا يتبع الأساليب المعروفة في تناول فن السيرة الذاتية، ولكن الأمر أشبه لاقتفاء أثر وتناول نقاط بعينها من حياة شخصية ليست مجهولة وبرغم ذلك فهي ليست معروفة أيضاً، فالجميع يتناول (مي زيادة) الجميلة التي احبها الأدباء وقلما تطرَّق أحد لـ(مي زيادة) الاديبة الفذَّة والانسانة الراقية.
◾اقتباسات من الكتاب : 📌"هكذا هي الحياة، وتلك هي طبيعتها المُعمِّرة المُدمِّرة، المُضحكة المُبكية، السارة المُحزنة، الباسمة الخادعة، الواهبة السالبة، المُسالمة المحاربة، الحُلوة المُرة، التي تُذيقنا نشوة خمرتها ثمَّ لا تلبث أن تغُصَّنا بمرارة كأسها وآلامها." 📌"وإذا أخلصت المرأة ضحَّت بروحها وقلبها ودمها في سبيل من تحب." 📌"إن للغُرَف أرواحًا لو تكلَّمت الجدران لكانت أفصح من هوجو وفولتير." 📌"إن أغرب الأشياء أقربها إلى الحقائق الثابتة، وفي الإرادة البشرية قوة اشتياق تُحوِّل السديم فينا إلى شموس!"
حسنا لقد انتهيت !! رغم صغر حجم الكتاب الا انه حقا ملحمة ادبية فكرية عاطفية مكتملة الجوانب ما بين أديبة نابغة فى عصرها وغالبية ادباء العصر كيف لكل هذا العدد من الادباء والمفكرين ان يقعوا فريسة لذكاء ونبوغ وثقافة هذه الفتاه ؟ حاولت تصور شخصيتها فى ظل الكتاب لكن مهما بعد خيالى لن تكتمل الصورة الجديرة بكل هذه الضجة وكأن الزمان وقتها قد خلى من جميع جنس النساء ولم يتبقى غير الأنسة مى ليعجب بها الجميع من الجانب الأدبى الكتاب رائع بطريقة عرضه وحكايته للاحداث ودخول الكاتب فى كل هذه التفاصيل لكنه غير كافى للمعرفة بجميع جوانب حياة الانسة مى احتاج لقراءة المزيد عنها لكنه سيظل رائع بما يحويه من رسائل متبادلة بين مى وادباء عصرها قمة فى التنميق الادبى الفنى وثراء اللغة وحلاوتها ورفعة الاسلوب و الذوق شكرا طاهر الطناحى شكرا للهلال :-)
هل تعرفون تلك الأوقات التي تنقضي برفقة أصدقاء نحب مجالستهم ونأنس بسماع أحاديثهم؟ هل اختبرتم شعور هذه الأوقات في النفس؟ هكذا قضيت معظم يوم العيد بصحبة مي والعقاد ورقة وعذوبة لطفي السيد وأنين جبران وتأوهاته وترحمت على باحثة البادية وعليهم أجمعين.
ماري إلياس زيادة والتي عُرفت فيما بعد بـ «مي زيادة» وُلِدت بالناصرة ١٨٩٥ لأسرة متعلمة من أب لبناني وأم فلسطينية. والتي عُرفت في مصر بصالونها الأدبي الشهير الذي كان يُعقد كل يوم ثلاثاء بمنزلها في حضرة الأدباء والعلماء من الغرب والشرق. يعرض طاهر الطناحي أجزاء من حياتها وكان قد تعرف عليها من مقالاتها ومنشوراتها وكانت زياراته لها عامرة بذكريات من حياتها وبعض آرائها والتزود من علمها وبلاغتها.
وتقص مي عليه مراحل تطورها وكيف استفادت من جمع الأدباء الذين أشادوا بموهبتها وقدموا إليها النُصح والإرشاد لتطويع هذه الموهبة في سبيل إثراء الأدب العربي.
ولم تصبني الصدمة عندما عرفت ما عانته مي الإنسانة قبل الأديبة من مصائب الموت ولوعة الوحدة والهجر في هذه الحياة الموحشة، وذلك لما لمسته في حياة كثير من الأدباء الكبار الذين جرعتهم الحياة علقماً فوجدوا في الكتابة سلواناً لأوجاعهم.
لكن الحياة تأخذ شيئاً وتترك آخر، فقد عُرفت ببراعتها الأدبية ونبوغها بين أساتذتها وزملائها الأدباء والذين حرصت على مراسلتهم حول كتاباتها وكذلك كتاباتهم، وكانت مي تحب الشعر وكان العقاد يهدي إليها أشعارًا نظمها أثناء مراسلاتهم العاطفية التي لم تستمر طويلاً والتي كانت واحدة من بين العلاقات التي كُتب لها أن تظل خالدة في سطور أدبية ومراسلات أظهرت عاطفة كبيرة لدى أدباء كجبران ولطفي السيد.
استمتعت باللغة وأعدت قراءة بعض الأجزاء لأتشرب معناها بكامل وجداني. أرى أنه من حظ مي أن هناك من حفظ بعض أثرها فهناك الكثير من الأديبات لم تتسن لم فُرصة أن تدوّن أشعارهن وكتاباتهن وأتمنى أن يوجد بعالمنا أديبات بارعات مثل مي وغيرها لينهضن بفكر النساء لأنهن أحوج إلى التنوير والتثقيف لا سيما وأن المرأة هي أساس المجتمعات.
ظهرت مي زيادة اوائل القرن الماضى و كانت الاغلبية العظمى من النساء فى مصر ملتزمات بالحجاب الكامل و عدم السفور وعدم مخالطة الرجال .. كانت مي شابة دون العشرين ..سافرة ، بيضاء الوجه .. تفيض جمالا و أنوثة.. بالغة الرقة .. ذات صوت حسن .. لها اطلاع واسع على الادب و من يجالسها لا يمل من وجهها الوضىء و صوتها الرخيم .. أمرأة بهذه الصفات من الطبيعى جدا أن يغرم بها كل هؤلاء الرجال .. ولى الدين يكن .. اسماعيل صبرى .. مصطفى صادق الرافعي.. عباس العقاد .. جبران خليل جبران .. احمد لطفى السيد .. لأن بعضهم ربما لم يرى وجه امرأة فى حياته غير امه و زوجته و محارمه .. فإذا به يستطيع كل أسبوع ان يرى هذه الحسناء مرة واحدة على الاقل فى صالونها الادبى..تضحك مع هذا .. و تتحدث مع هذا و تتبادل الرسائل مع ذاك .. بربك أليس من المتوقع ان يهيم بها كل هؤلاء الشيوخ و الشباب على السواء؟ و خاصة انها كانت لا تمكن أحدا من نفسها .. و فى نفس الوقت لا تمانع فى تبادل الرسائل مع أكثرهم و لا تمانع ان يكتبوا لها ما يشاءون من كلمات الحب و الغرام
يقول العقاد عن مي "وكنت أُغازلها، فتومئ إليَّ بأصبعها كالمُنذرة المُتوعدة، فإذا نظرتُ إلى عينيها لم أدرِ أتستزيدني أم تنهاني "
يا الله .. ما أسوأ ما يفعل العشق بالرجال؟ ! تخيل ان عملاقا كبيرا مثل مصطفى صادق الرافعي و كان يمتلك قلما أقوى من المدفع .. تخيل ان رجلا كهذا يذهب سرا إلى الشارع الذى تسكن فيه مي و يقف على الرصيف المقابل للبيت لعله يظفر برؤيتها و لو مرة .. كما حكى عنه محمد سعيد العريان ...
نعم كانت مى لديها اطلاع واسع على الادب و الشعر .. نعم .. لكنها لم تقدم شيئا ذا بال يفسر هذا المديح الذى كانت تحصل عليه من أكابر الأدباء و المفكرين فى عصرها..فقط حسن الوجه .. و دلال الصوت ..
حتى إذا مرت السنوات .. و أصبحت فى الأربعينات من العمر.. بدأ طابور المعجبين ينقص حتى اختفى تماما .أصبحت وحيدة لا معجبين .. لا زوج .. لا اولاد.. لا عائلة بعد وفاة والديها . فاصابها جنون دخلت بسببه المستشفى سنتين فى لبنان .. ثم عادت إلى القاهرة و ماتت فيها عن عمر ال ٤٩ سنة
طاهر الطناحى فى الكتاب يقول بأن دخولها المستشفى كان خطأ لأنها لم تكن تعانى من اى مشاكل نفسية.. و كلام طاهر يخالف ما رواه المقربون من مى كسلامه موسى وهو نصرانى مثلها .. روى بعض الأفعال التى شاهدها من مي أواخر عمرها تثبت انها عانت فعلا من الجنون
فى أواخر حياتها تعرف عليها طاهر و كان شابا مبتدءا فى جريدة المصور.. و كان يلتقي بها أسبوعيا فى منزلها فتقص عليه حكايات عن عشاقها الكثيرين الذين " كانوا " يرسلون لها رسائل الحب و الغرام بالآلاف.. و نقل بعضها طاهر فى هذا الكتاب .. و ركز على رسائل العقاد .. ثم جبران .. ثم رسائل احمد لطفى السيد
فى النهاية .. هذه النار التى اشعلتها مى .. نار السفور و الاختلاط.. كانت أول من اكتوى بها ..
قد يكون واحد من أجمل الكتب في مكتبتي المتواضعة، إصدار سبعيني وألفاظ عشرينية عفا عليها الزمن حقًا لكن برغم ذلك تصل إلى جوارحك دون عائق كأنك تعرفها حقّ المعرفة، والكتاب عبارة عن قصص وخطابات الآنسة (مي) التي روتها لمؤلف الكتاب (طاهر الطناحي) مع كبار الأدباء في فترة من تاريخ مصر الحديث في العشرينات والثلاثينات مع رواد الأدب آنذاك أمثال العقاد والمنفلوطي ولطفي السيد وخارج مصر حتى مثل جبران، لا يسعني إلا تذكر بعض أبيات الغزل الصادقة بكل ما أوتي مؤلفوها بمشاعر يكنونها ناحية الآنسة (مي).
كتاب فيه مقتطفات من الكاتبة التي عشقها الأدباء مي زيادة، التي بدأت حياتها المهنية بحماس وتلقت الإعجاب والإشادة لينتهي بها الحال بالعصفورية سبق وقام الكاتب واسيني الأعرج بنشر مذكرات مي بالعصفورية لكن بهذا الكتاب رأيت حياتها وعلاقاتها من منظور مختلف
الكاتب طاهر الطناحي صحفي رافق الكاتبة مي زيادة في أواخر حياتها فقد كان يتردد على منزلها يوم الاحد من كل الاسبوع وبسبب هذا القرب استطاع الكاتب جمع شذرات من حياة مي الكتاب يمكن تقسيمه لجزئين الأول الذي يتحدث عن حياة مي الانسانة ولو باقتضاء و لعل اكثر ما اثر بي في هذا الجزء ادخالها المصحة الأمراض النفسية والعقلية وهي معافاة لسنتين وهجران أصدقائها لها كل هذه المدة الجزء الثاني يتحدث عن الأدباء الذين أحبوا و صادقوا مي من خلال مجموعة رسائل ومواقف بين مي و عدة أدباء لعل أكثر ما رسخ معي علاقتها مع العقاد و جبران خليل جبران الكتاب جميل جدا لمن يحب مي و يحب التعرف على رسائلها ايضا نرقي نظرة عن أدب الرسائل في العشرية الأولى من القرن الماضي مستوى الفصاحة واللباقة أحببت شخصية مي المهتمة بأوضاع المراة الشقية و تحسد على كمية الاهتمام و الحب و التقدير من العديد من الكتاب وددت لو أن الكتاب كان أطول فهو فقط 112 صفحة مع تكرار طفيف في بعض الأحداث يجدر القول إن مصداقية جميع الأحداث و الرسائل على عهدة الكاتب
أرغب بكتاب إذا ما تناول مي نظر إليها من حيث هي مي، وأشاح عن عينيه مرآها من حيثُ هيامِ مَن هاموا بها. وددت لو أن الكتاب لم يذكر إلا مقالاتها وكتاباتها ورسائلها، ليبيّن أكثر وأكثر شخصيتها وهذه الفرادة التي تظهر من رقة كتابتها وظريف مداعباتها. وددت لو كل الصفحات عنها ومنها، من غير أن نهتم لما أرسل إليها فلان وفلان. كتاب ظريف حلو. شجّعني لقراءة ما كتبت مي؛ بل هذه هي الخطوة القادمة إن شاء الله.